(02-16-2012, 11:19 AM)بهجت كتب: هناك قضية أخرى لا تقل أهمية، وتلك أنه عندما تكون حرب بالذات هي “آخر الحروب” في حياة وطن، فإن الروابط تتأثر بين أي مؤسسة جيش وبين جموع شبابها .
أنت وربما غيرك يقول لي إن “آخر الحروب” تنطبق - في الحالة المصرية - على “إسرائيل” فقط، وهنا يثور سؤال . . أي تهديد، هناك حول مصر يمكن أن يدعوها إلى حمل السلاح؟!، والجواب أن “إسرائيل” وحدها مصدر أي تهديد محتمل .
والرد أنه ليس حول مصر تهديد محتمل يقتضي حرباً مسلحة غير “إسرائيل”، لأن محيطها من كل النواحي في الشرق والغرب والجنوب محيط عربي، وليس عليه، ويصعب في أي مستقبل أن يكون عليه مصدر لتهديد محتمل، والواقع أن التهديد المحتمل الوحيد “إسرائيلي”، فإذا كان ذلك محظوراً، إذن فنحن أمام وضع شديد الغرابة!
ويُقال لي مرات إن العقيدة القتالية المعهود بها إلى القيادة العسكرية المصرية لاتزال تعتبر أن الشرق مصدر التهديد أي “إسرائيل” .
لكن المشكلة التي تطرأ هنا أن أي معادلة سياسية ليست مجرد مقولة، وإنما كل شرط في السياسة الدولية له ضمانات تؤكد مفعوله، بمعنى أن الذين وضعوا هذا الشرط، وفروا له من الضمانات ما يجعله ملزماً .
فالسلاح الآن عندنا أمريكي بالدرجة الأولى، وأي سلاح أمريكي في مصر لا يُقدم لها إلا وفق قانون أمريكي معروف ومشهور، مؤداه أن “إسرائيل” يجب أن يكون لها تفوق كامل على كل الجيوش العربية مجتمعة، وهذا يقتضي أن لا يجيء إلى مصر مسمار واحد أمريكي لا توافق عليه “إسرائيل”، وهو خلل في الموازين يصعب القبول بأحكامه، لأن ذلك هو الختم النهائي الذي تتحقق “إسرائيل” به من أن حريتها في العمل مكفولة، وذلك ما يسمونه في واشنطن استراتيجية التفوق النوعي ل”إسرائيل” Qualitative advantage وبمقتضاه فإن “إسرائيل” لابد أن تتأكد على أن ما لديها يجعلها أقوى من محيطها كله مجتمعاً .
ويُقال لنا أحيانا إن تحت التصرف سلاح غير أمريكي، وهذا ليس دقيقاً، لأن التسليح الحديث نظم رئيسية، وليس مجرد إضافات هامشية على تلك النظم .
إلى جانب ذلك فهناك من سنة 1974 ترتيبات على الأرض في “سيناء” تجعلها معرضة للانكشاف، خصوصاً أن الحضور العسكري فيها محدود، والحركة نحوها مقيدة .
من المفارقات أن “آخر الحروب” ينطبق على مصر، وليس على “إسرائيل”، فمنذ حكاية “آخر الحروب” شنت “إسرائيل” حروباً على “لبنان”، وعلى “غزة”، وهي تجهز نفسها الآن لحرب مع “إيران” بدأت مقدماتها إلكترونياً باغتيال علماء المشروع النووي الإيراني، وبما يجري الآن في الإقليم على طرق الاقتراب من “إيران”!! لأن “إسرائيل” يجب أن تحتفظ وحدها بالسلاح النووي تحتكره في الإقليم وحدها .
أنا حابب أعلق على الجزئية دى حيث أنى مهتم بمتابعة الشأن العسكرى المصرى وأفهم فيه الى حد ما ....
مقولة أن حرب أكتوبر هى أخر الحروب بين مصر وأسرائيل أعتقد أنها ليست أكثر من " مجاملة " أطلقها السادات لشركاء السلام الجدد لا أكثر ولا أقل , لكن عمليا وعلى الأرض فمصر تعلم أن التهديد الحقيقى وعدوها الرئيسى هو فى ناحية الشرق , ويتم تسليح الجيش وتمركز القوات بناء على هذا اليقين , فالقوة الضاربة المصرية المتمثلة فى الجيشين الثانى والثالث تتمركز ناحية الشرق من بورسعيد شمالا وحتى السويس جنوبا .
وصحيح أن معظم التسليح المصرى حاليا هو تسليح أمريكى , وصحيح أن السلاح الاسرائيلى متفوق نوعيا على نظيره المصرى , لكن ذلك لا يكفل لأسرائيل حرية العمل , هم والأمريكان يعتقدون ذلك لكن هذا ليس صحيحا , فعلى سبيل المثال وفى حرب أكتوبر كان السلاح الاسرائيلى يتفوق نوعيا على السلاح المصرى , فكانت لدى أسرائيل طائرات فانتوم F4 وكذلك طائرات A 4 سكاى هوك وميراج الثالثة الفرنسية , وكانت كل تلك الطائرات تتفوق على طائرات ميج 21 المصرية بجيل كامل , ومع ذلك أستطاعت طائرات ميج 21 المصرية المسلحة بصاروخين ومداها لا يتجاوز 1100 كيلو متر أسقاط طائرات الفانتوم المسلحة بــ 8 صواريخ ومداها يتجاوز 2600 كيلو متر .
فى تصريح للفريق رضا حافظ قائد القوات الجوية قال أن العبرة ليست باقتناء أو شراء أسلحة جديدة ولكن بالقدرة علي تنفيذ مهام القوات الجوية بكفاءة عالية وهناك مبدأ مهم من مبادئ الحرب لابد من مراعاته وهو الاقتصاد في القوة طالما نملك القوة الجوية التي تمكننا من تنفيذ المهام التي تقع علي عاتق القوات الجوية , وأن تسليح القوات الجوية يبني طبقاً لعدة عوامل منها مسرح العمليات المحتملة والقدرة الاقتصادية للدولة والأهداف المراد تحقيقها من العمليات , كذلك فسبب ثورة الاتصالات ووفرة المعلومات لم تعد هناك أسرارا عسكرية , أصبح معروف ما تملكة كل دولة من معدات وأسلحة , لكن العبرة بالكفاءة البشرية والتدريب الجيد والخطط والأهداف الموضوعة .
بالنسبة للدبابات مثلا ورغم وجود دبابات امريكية حديثة مثل الدبابة M1A1 و M1A2 أبرامز , ألا أن هناك أكثر من 1000 دبابة من نوع رمسيس الثانى المعدلة من T55 الروسية وذلك T55 و T62 وتم أبرام عقد من أحدى الشركات الأوكرانية منذ فترة لتطوير تلك الدبابات عن طريق تغيير المحرك بمحرك ذو كفاءة أعلى 80 حصان وتركيب ملقم ذاتى وزيادة التدريع مع تغيير المدفع بأخر من عيار 125 مم وكذلك تطوير أجهزة التصويب وتركيب أجهزة أطفاء ألى , وفى أحد أجتماعات المشير طنطاوى بالقادة والضباط طالبهم بالحفاظ على تلك الدبابات الروسية " زى عنيهم ".
والأسطول البحرى المصرى أكبر من الأسطول البحرى الأسرائيلى ثلاث مرات , وكانت مصر فى التسعينات قد طلبت من الولايات المتحدة تزويدها بصواريخ هاربون البحرية والتى يمكن أطلاقها من السفن والطائرات أيضا ( سطح - سطح و جو - سطح)الا أن أسرائيل أعترضت على تلك الصفقة تحت زعم أن مصر ستوجه تلك الصواريخ بالتأكيد ضد أسرائيل وليس ضد ليبيا , ورغم الأعتراضات الاسرائيلية الا أن الصفقة قد تمت .
خلاصة القول أن كلام هيكل فى تلك الجزئية فيه أتهام مبطن بالخيانة والعمالة للسادات ومبارك ولقادة الجيش المصرى على خلاف الواقع , الناس دى فاهمة شغلها كويس فى ظل ما فرضه الواقع الأقليمى والعالمى من متغيرات فى موازين القوى وما تستطيع الخزينة المصرية تحمله من تكاليف التسليح , ومايقال أنه تحت التصرف سلاح غير أمريكى فهو كلام حقيقى لأن مصادر السلاح المصرى متنوعة , وكنت قد قرأت منذ فترة بعد زيارة الرئيس السابق لروسيا وتفقده لمصانع طائرات الميج عن أبرام صفقة مع الروس لشراء 40 طائرة ميج29 والتى تتفوق على الـ F16 فى مهام القتال الجوى لكن قدراتها فى الهجوم الأرضى محدودة مقارنة بالـ F 16 , وأن تسليم تلك الطائرات سيتم فى 2014 .
يعنى أنا لا أعتقد أن هيكل ماشاء الله بيفهم فى كل حاجة حتى فى الجيوش والتسليح والأقتصاد وسياسة مصر الخارجية ,, ألخ ,, يعنى على سبيل المثال فأن عدم تحرك مصر تجاه الهجوم الاسرائيلى على لبنان وغزة عدة مرات مردوده الى التعثر الأقتصادى المصرى وليس الى تحييدها عسكريا بنص أتفاقية كامب ديفيد , الأتفاقية يمكن ألغائها كنتيجة طبيعية لبعض المناوشات البسيطة كالتى حدثت فى سيناء وأدت الى مقتل ستة جنود مصريين وبعدها تمت مهاجمة السفارة الاأسرائيلية بالقاهرة , حادث كهذا كان يمكن البناء عليه وتصعيده الى حالة حرب وأظهار اسرائيل أمام العالم بمظهر المعتدى والغير ملتزم بالأتفاقية , لكن ما يمنع مصر هو الوضع الأقتصادى السىء الذى لا يسمح بخوض حروب لعقدين قادمين على الأقل .