استحضاري لنموذج الثورة الفرنسية ليس إلا لوضع البعض أمام مرآة تعكس نفاقهم القبيح ؛ فهم ليسوا ضد "الإرهاب" وضد "الدموية" وضد "الهمجية" من ناحية "المبدأ" ؛ فيما لو صحّ اتفاقنا المبدئي على تعريف الإصطلاحات السابقة ؛ ولكن هم مع توظيف انتقائي لها ؛ مع استخدام مغرض لقيم معينة لا يتظاهرون بالإيمان بها إلا إذا خدمت أهدافهم.
الثورة الفرنسية كانت ثورة "إرهابية" بالفعل ؛ ابتدأت بعمل "مسلح" ضد سجن لاباستيل ؛ وانتهجت سياسة "قطع الرؤوس" كعقاب جماعي ضد أعدائها ؛ لم ترحم مخالفا ؛ الثوار الفرنسيس قتلوا بالشبهة ؛ في سجلها عدد كبير من القتلى لم تبلغه ثورة أخرى إلا نادرا .. ماكسميليان روبسبير القائد الفرنسي الثائر قتل في 6 اسابيع ما يفوق 6000 مواطن فرنسي ؛ أي بمعدل 1000 فرنسي كل أسبوع ؛ هذا لم تفعله "داعش" العراقية ؛ لكن فعلته "داعش" الفرنسية ؛ وبالبطع فالمصابين بالفصام لن يقولوا عن ثورة الدواعش الفرنسيس "ثورة إرهابية" أو "دموية" لأنها تقاطعت مع أهدافهم العلمانية ؛ لهذا السبب بحث أحدهم في رد سابق أعلاه عن مبررات ومعاذير حمقاء وساذجة من قبيل أن الثورة الفرنسية " كانت أول ثورة عرفها العالم على الاطلاق، ما لبثت ان تطورت و استفادت من اخطائها " وكأن الثورة الفرنسية كانت بحاجة إلى اختبار ما إن كان قطع الرؤوس يُعد عملا همجي أم لا ؟؟ يا للسخف الذي ينم عن الطرافة إلى حد الحماقة ؛ فضلا عن الجهل ؛ لأن الثورة الفرنسية لم تكن الأولى وقد سبقتها ثورات عديدة ..
لقد تلازمت الثورة الفرنسية بالـ"مقصلة" فمحركات البحث عن كلمة "مقصلة" تؤدي حتما إلى استدعاء واستحضار الثورة الفرنسية التي تخصصت وتفننت في قطع الرؤوس ؛ ولكن لا أحد يصف الثورة الفرنسية بالإرهاب والهمجية. ؟؟ شيزوفرينيا ؟؟؟؟
ثم يبدو التبرير أكثر حمقا في قول أحدهم " اما اليوم فقطع الرؤوس و الايدي يجري بعد ان عرف العالم حقوق الانسان تحت شعار اعادة الزمن ١٤٠٠ سنة الى الخلف الى عصر التلف الطالح! " ؛ إذن فالأمر لا ينصب على قطع الرؤوس كوسيلة عقاب ؛ بل كغاية لتحقيق هدف ؛ فمناقشة الوسيلة شيء ثانوي بالمقارنة مع الهدف ؛ فالإعتراض إذن ليس على الفعل بحد ذاته ؛ بل عن نتيجته ؛ فإذا كان قطع الرؤوس يؤدي إلى دولة دينية إسلامية فهو "إرهاب" و"همجية" ؛ وإن كان يؤدي إلى دولة "علمانية" ( أو ربما دولة "مسيحية" متدينة أو دولة "شيعية" - فالأقلويون بعضهم أولياء بعض ) حينها يغدو الفعل مجرد "أخطاء" مغمورة في حسنات ثورة العلمانية ؛ وليس أسلوبا همجيا ولا حاجة ؛ أخطاء فقط ؛

؛ بمعنى لا مانع من قتل الناس وقطع رؤوسهم وجزها والطواف بها في الشوارع إذا كانت يحقق الأهداف العلمانية ؛ و قتل الناس وقطع رؤوسهم وجزها والطواف بها في الشوارع ليس إرهابا إذا كان يخدم القيم العلمانية. وبالطبع هذا ليس إرهابا علمانيا ولا شيء .. هذا تنوير وانفتاح وسلوك حضاري .. أليس هو ذاته نفس منهق الهيمنة الأمريكية في العطف على الصهيونية وتبرير جرائمها ؟ بدعوى أن اسرائيل دولة "ديمقراطية" فتية بحاجة إلى رعاية وسط شرق أوسط متخلف ومتوحش ؟
هذا مناط مرادهم..
لنعد قليلا إلى الوراء : أهالي "كتر مايا" اللبنانية وحين فجعوا في الحادثة الشهيرة التي أودت بعجوزين وطفلتين ورغم وجود سلطة حاكمة وقاضية لم ينتظروا ، أقاموا القصاص بأنفسهم فقتلوا ذلك "المصري" شر قتلة.
فكيف إذا كان القاضي والحكم هو شبيح يقتل ويغتصب ويقطع الآذان ويبقر البطون ويقصف بالكيماوي وغاز الأعصاب والبراميل المتفجرة ؛ مالمطلوب إزاء كائن متحول مهدد للبشرية بهذه الصورة ؟
يتحدث البعض عن "همجية" قطع رؤوس الشبيحة وكأن الحرب في الأصل هي فعل رومانسي ؛ أو كأن القتل بالأساس هو فعل رومانسي.
قد يكون "الذبح" همجيا ؛ فماذا عن قطع الأعضاء التناسلية على يد الكائنات المتحولة المرتزقة لدى ابن بائع الجولان ؟
واطفال تموت بالبراميل المتفجرة وغاز الاعصاب ؟
الآن فقط فهمنا معنى أن تلام الضحية !!
إذا كان الحالة هكذا فلمَ العويل على جز رأس حيوان متحوّل ؟ لمَ يخسر المقاتل رصاصة على كائن متحول ؟ فليدخرها ليقتل بها "آدميا" يستحق الموت باحترام ؛ اما الكائنات المتحولة قتلة الأطفال فالتخلص منها على طريقة الثورة الفرنسية سيكون اكثر ملاءمة.. أما الشبيح فهو بحاجة إلى قتل أكثر إيلاما ..هل سأكون أكثر نبلا من الثوار الفرنسيس قاطفي الرؤوس ؟

أرباب المقاصل ؟ المتحضرين ؟ المتنورين ؟ بدكن تفهمونا أنكن أكثر حضارة من الفرنسيس ؟
في النهاية زميلي أوبسرفر باسم "الله-محبة" أهديك المقطع لنصراني يحرق ويشوي ثم يأكل لحم مسلم ؛ هذا ليس من الحروب الصليبية في قرون مضت ؛ بل فقط منذ أسابيع ؛ ولأن "الله محبة" فهذا ليس عملا همجيا ولا دمويا .. ولا شي ... لأن الضحية "مسلم"