شكله الموضوع بيخوّف من أوله
شديدة اللهجة يا خوليو !!!
طيب شوي شوي عليّ كوني ختيار ع حفة قبري
سأبدأ بحلقتك الأولى .
في البداية أشكرك لأنك فتحت هذا الموضوع ، الذي سيساعدني أكثر في فهم هذا الإله الغائب الذي أتكلم عنه كثيراً ، و الذي تنمو فكرته و تتضح أكثر مع كل مداخلة أكتبها عنه ارتجالاً دون أي تحضيرات .
اقتباس:حقيقة .. أعجبتني الفكرة حينها .. باعتبارها فكرة ميتافيزيقيّة لطيفة .. ربّما تشكّل مستقبلاً بديلاً مناسباً لمن لا يستطيع الحياة دون الميتافيزيقا .. وشكّلت بالنسبة لي .. قفزة على التسلسل العلمي الذي ربّما "ولسود الحظ" لن يقدّم لنا حلولاً لتساؤلاتنا أثناء حياتنا على الأرض .. فلما لا نتّخذ هذه الفكرة كسند داعم لنا في انتقاد اللاهوت الديني .. خصوصاً وأنّها تضعنا بموضع "قوّة" أثناء النقاش مع أي ملحد .. (فهي تقدّم بدائل تقذفها بوجه المؤمن) ..!!
أي أنّها كانت بالنسبة لي .. بديل "تكتيكي" .. أكثر منه ذاتي .. يقنعني
نعم و لو أن خاصية البحث شغالة ، لأحلتك على أول مداخلة أذكر فيها الإله الغائب و قد سميته يومها مازحاً "بالمطنش" أو اللامبالي ثم المستقيل ، و أخيراً الغائب .
و في تلك المداخلة قلت أن هذا الإله هو بديل لمن لا يستوي معهم الوجود دون الإيمان بإله خلق الكون .
فبدل أن أمحو كل الأديان و أترك الإنسان الغارق إلى أذنيه في الميتافيزيقا و الغيبيات و أوقل له أنني لا أدري و أنك يجب أن تؤمن باللاأدرية إلى أن يحل العلم مشكلة الوجود ، فأنا أقدّم له بديلاً ميتافيزيقياً إيجابياً في نظري ، و يحل المشاكل التي تحتويها الأديان من تعصب و حب و كره في الله و غيره .
اللاأدرية كما تعلم يا عزيزي جربها الناس منذ ثلاثة قرون تقريباً ، و أعتقد أن المسألة أصبحت "لن أدري" أنسب من "لا أدري" على أمل أن أدري ذات يوم ، فكما تعرف أن مشكلة الله كلها ليس لها علاقة بالعقل و لا بالعلم ، فلن نحلها ذات يوم بطريقة عقلية (على الأغلب) . و كلامي هذا لا يمنع أن ينشأ علم بآفاق جديدة قد نفهم من خلالها كيف جاءت هذه الدنيا ، و لكن إلى أن يأتي هذا اليوم ، فليس من السهل أن تترك الناس هكذا يرددون "لا أدري لا أدري" ، و إن كنت أعتبر نفسي لا أدري على الحقيقة ، فأنا لا أعرف أن كان هناك غله غائب في النهاية و لا يمكن أن أعرف ، لأن اسمه و فكرته تتنافى مع إمكانية التواصل معه ذات يوم لأنه لن يصبح غائباً عندها ، لذلك اخترت هذا الاسم ، ليبقى الإله الغائب مجرد احتمال ذهني (جدلي) لا يمكن إثباته ، لأنه حل ميتافيزيقي فيجب أن يبقى ضمن عالم الميتافيزيقا ، و أي تواصل معه سيخرجه من عالم الميتافيزيقا و يدخله في عالم العلم و المعلومات ، و عندها ستختلف الرؤيا جميعها .
نعم أنا لا أدري إن كان هناك إله غائب أم لا ، لكني أقترحه كبديل للآلهة التقليدية ، التي زاد عمر أكثرها فتيّةً على الألف عام ، و لم تحل مشكلة الوجود بل عقّدته و حرّكت العالم جموعاً و حشوداً لقمع بعضهم البعض .
لذلك فأنا لا أضع الإله الغائب كبديل للعقل ، بل هو بديل للاعقلانية الموجودة ، بديل لا عقلاني لا يمكن أن يتعارض مع واقع الحياة ، فهو يتوافق مع مجازر الصرب في البوسنة مثلما يتوافق مع مجازر المسلمين في بني قريظة ، و هذا يمكن التفصيل فيه لاحقاً .
اقتباس:لكنني لاحظت في الفترة الأخيرة .. أنّ إيمانك بهذه الفكرة يزداد تدريجياً .. بل صرت تجهد في كلّ موضوع في التفريق بين "اللاديني" .. وبين "الملحد" .. وتهمس كلّما "طق الكوس بالجرّة" .. يا قوم لست منكم .. !!
ليست القضية أني من هؤلاء أو أولئك ، ليس هذا ما يهمني ، بقدر ما يهمني أن أختصر على محاوري حوار عمره آلاف السنين و لم يصل إلى نتيجة و لن يصل ، و هو "إثبات وجود الله" .
أنظر إلى مواضيع الكثير من زملائنا المؤمنين في النادي ، استشهادي المستقبل على سبيل المثال ، يرهق نفسه و يرهقنا في معادلات رياضية لا أول لها و لا آخر لإثبات أن الله موجود ، و أنا أرى أن هذا الحوار خلاص ، يكفيه ، لقد كتبنا فيه و كتب فيه من هم أفضل منّا على مدى مئات السنين و لم يصلوا لشيء ، لا هؤلاء أثبتوا أن الله غير موجود ، و لا أولئك أثبتوا أن الله موجود ، فاختصاراً لهذا النقاش الذي لن يصل إلى نتيجة حاسمة ، أركّز في حواراتي الأخيرة على لا دينيتي ، حتى نخرج من هذه القوقعة الصغيرة (موجود ولا مش موجود) لندخل إلى آفاق أبعد ، و هي
تأثير الدين في حياة الإنسان .
فأنا ليس لي مشكلة مع الله إن كان موجوداً أو غير موجود ، لكن لي مشكلة مع من يؤمن بالإله الفلاني و كيف ينعكس هذا الإيمان على سلوكه معي ، و هذا ما يجب أن نناقشه ، و نسعى إلى تغييره ، كل حسب فهمه .
لذلك سعيت كثيراً لإيجاد بديل ، فالمشكلة الدائمة التي تواجهك مع أي إنسان تناقشه في الدين ، يقول لك "أنتم فقط تسعون إلى الهدم و الخراب ، بل تسعون إلى الفوضى و تريدونها شريعة غاب ، فما هو البديل عن الله " ، و هو لا يتصور وجود بديل عن الله الذي يؤمن فيه ، فمن هنا نشأت فكرة الإله الغائب ، و سعيت جاهداً للتركيز عليها و بثّها بين الزملاء ، على الأقل في هذا المنتدى .
و أنا لم أكتب شيئاً عنها في أي مكان آخر ، لأن الفكرة لا تزال طور البحث ، ربما يأتي يوم تجد في السوق كتاباً اسمه "الإله الغائب" للشهيد الختيار :D
طبعاً إن اعترف أحد بشهادتي ساعتها .
و سبب آخر هو أني لا أعرف صراحة إن كان هناك من كتب في هذا الموضوع من المفكرين و الفلاسفة ، يعني مش حلوة أطبع كتاب يحكوا لي يا عمي انت خبرك قديم ، الفيلسوف الفلاني طرح هذه الأفكار منذ ألف سنة . لذلك أبقي على الموضوع هنا في النادي و أستفز الزملاء لمناقشته - من كثر ما بجيب سيرته - فنغني الموضوع بأبحاث أعمق و نعرف أكثر .
أما باق يالكلام عن المادة و العقل و غيره فأنا لا أخالفك فيه يا عزيزي ، فالمسألة كما قلتُ كثيراً كثيراً ، هي حل ميتافيزيقي لا عقلاني لمشكلة ميتافيزيقية لا عقلانية ، المشكلة الميتافيزيقية هي وجود سبب أولا ليس له سبب سابق عليه ، هذه هي حجر الزاوية في بناء الإله الغائب .
اقتباس:لما تحكم على "فشل العقل" مسبقاً .. !! .. أنا لا أستغرب ذلك من العقليّات الدينيّة التي تضرب على وتر محدوديّة المنطق العقلي بالمادّة .. لكنني أستغرب هذا القفز على البعد التاريخي من شخص بمثل وعي الختيار .. وعلميّة الختيار ..
يا عزيزي لا تندب على الختيار وعقل الختيار لأنه اختار هذا الحل الميتافيزيقي ، فكما قلت لك هو حل ربما مرحلي ، حل مرهون بما سيجيبني عليه العلم مستقبلاً ، فإن فسّر العلم ذات يوم كيف يمكن أن يكون هناك سبب أول ليس له سبب سابق عليه بدأ الكون ، عندها سنطوي هذه الصفحة ، و لن يكون صعباً على من اقتنع بالإله الغائب أن يركنه جانباً لأنه لم يتشبع خياله بصور عن جنة و نار و عذاب و ملائكة و غيره . هذا العالم الموازي لعالمنا الضخم جداً بتفاصيله ، و الذي يصعب جداً جداً أن تنزعه من عقول الناس انتزاعاً هكذا .
نحن بحاجة إلى مرحلة وسطية يا عزيزي ، فالإله الغائب هو مرحلة وسطية بين غيبيات الأديان و واقعية العلم ، يمكن من خلاله الخروج من الأولى و الدخول في الثانية بسهولة أكبر من تحطيم كل هذا العالم الموازي ثم إخبارك الناس بأنك "لا تدري" .
ستكلّمني عن الأمانة في اللاأدرية و ما إلى ذلك ؟؟
أرجو أن نوفّر على نفسنا هذا الحوار .
اقتباس:أستغرب تفضيل حلول لا عقليّة .. على حلول عقليّة (ربّما ليست مطروحة الآن تماماً .. لكنّ سنين حياتنا لا تشكّل شيئاً من تاريخ حياة العقل الذي قد يستمرّ طويلاً) ..
ليست المسألة تفضيلاً بقدر ما هي ترجيح ، فأنت كما ترى لا يوجد حلولاً عقلية واضحة ، و كما أرى لا يمكن أن يترك الناس عالمهم الغيبي الموازي لعالمنا بهذه السهولة ، لذلك رجحت الإله الغائب على الحلول العقلية الغير واضحة حتى هذه للحظة .
و إلى أن تصبح واضحة ، فلا مشكلة لدي مع الإله الغائب ، لأنه حسب هذه المنظومة التي أقول بها ، لا يتناقض مع العلم ، و بالمقابل هو لا يغضب عليّ إن تركته ، لأن تركي له هو نتيجة لتسلسل سببي خاضع لقانون المادي الذي هو من خلقه و ضمن وجوده .
نقطة أخيرة :
لماذا نختار ميتافيزيقية الإله الغائب دوناً عن ميتافيزيقية الأديان الأخرى ، ببساطة لأن هذا الإله الغائب (كما أعرفه حتى هذه اللحظة) لا يحمل في داخله متناقضات مع نفسه ، و لا مع الواقع ، بينما الأديان الأخرى تحمل في نفسها تناقضات شديدة تشبه الشروخ في أطلالها التي يمكن أن تسقط بسهولة إن ضربتَ عليها ببعض الجهد .
أعطيك مثالاً :
يقولون مثلاً في أحد الأديان أن الله رحيم و حكيم .
طيب لو كان الله رحيماً و حكيماً ، فلماذا يجعل من مرض الإيدز (و الذي يرى المتدينين أنه وسيلة يعاقب الله فيها الشاذين و الفسقة الممارسين للرذيلة) ، لماذا يجعله مرضاً يصيب الأطفال؟
و يصيب ملايين الناس من خلال الدم الملوّث ؟؟
لماذا لم يقصر نقل العدوى على الممارسة الجنسية حتى نقول أنه عقوبة لمن يسعون إلى الرذيلة ؟؟
أنظر إلى ملايين الأطفال في أفريقيا و الدول الفقيرة الذين نُقِل إليهم المرض عن طريق الأم التي نُقِل لها المرض عن طريق التلوث ؟؟؟ أو الاغتصاب مثلاً ؟؟!!!
أليس هذا يناقض الحكمة و الرحمة التي تفترضها هذه الأفكار في الله ؟؟
هذا هو المعيار الذي يمكنك أن تستخدمه لترجح ميتافيزيقية عن أخرى .
هل هي منسجمة مع نفسها و مع الواقع و العلم و الأخلاق و غيره ، أم هي مناقضة له متصادمة معه ؟؟؟
تحياتي لك
و في انتظار مداخلتك اللاحقة