اقتباس: إبراهيم كتب/كتبت
ستي مسلمة:
إنْ لم أكن مخطئا، فموضوعك هذا مفتوح للرد على اعتراضي في عبارة "و هم صاغرون". إن كان الأمر كذلك، فمرحبا. (f)
حضرتك تقولين:
اقتباس:ومن الواضح لمن تدبر آيات القرآن، وربط بعضها ببعض: أن هذه الآيات نزلت بعد غزوة تبوك، التي أراد النبي صلى الله عليه وسلم فيها مواجهة الروم، والذين قد واجههم المسلمون من قبل في معركة مؤتة، واستشهد فيها القواد الثلاثة الذين عينهم النبي صلى الله عليه وسلم على التوالي: زيد بن حارثه، وجعفر بن أبي طالب، وعبد الله بن رواحة.
حتى و إنْ كانت هذه الأيات مرتبطة بغزوة تبوك إلا أنه بحسب علمي الإسلام صالح لكل زمان و مكان و الآية هذه قابلة للتطبيق في زمننا الحاضر و ليس مفعولها باطل.
من جهة الآيات التي تكرمتي بإيرادها من الكتاب المقدس، فهي تثبت لي شيء بسيط و هو أن الإرهاب موجود في القرآن و سبقه الكتاب المقدس، و كما نقول بمصر: "زيادة الخير خيرين" أو كما تقول جدتي: مالستك إلا لسيده.
المبدأ يا ست مسلمة ليس هو أني أورد هذه العبارة للتقليل من شأن الإسلام لا سمح الله و لكن لأني في قرارة نفسي عندي كرامة الإنسان أقدس من الله شخصيا.
ألو؟
حد سامعني؟
هذه هي طريقة تفكيري و تحياتي لك.
(f)
سامعينك جيداً يا أستاذ إبراهيم
وسامعين غيرك ممن يرددون "وهم صاغرون" بمناسبة وبدون مناسبة
كما ترى فهي خاصة بمن اعتدى ويعتدي (لأنه صالح لكل زمان ومكان) على المسلمين بخلاف ما أوردت من نصوص كتابك الذي يستند إلى كفر الطرف الآخر فقط ليذوقا الويلات على أيدي أباع دين المحبة
وبما أنك مسلم ثابت فهلا تكرمت وأوردت لنا الوصايا التي كان نبي الله ومن تبعه من أولياء أمور المسلمين يوصون بها قادة الجند قبل التوجه إلى البلاد الأخرى لنشر الإسلام ؟
لا أعتقد أنك ستفعل
وقبل ذلك أذكرك بالحديث النبوي الشريف:-
" من آذى ذميا فأنا خصمه ، ومن كنت خصمه خصمته يوم القيامة "
وهذا الجزء من حديث نبوي الشريف:-
"ستوصوا بالقبط خيرًا."
وهذه هي وصايا الرسول - صلوات الله وسلامه عليه - ووصايا الخلفاء الراشدين من بعده لقادة جيوشهم الذاهبين إلى نشر الإسلام :-
لا تـقـتـلوا شيخاً ولا امرأة ولا صبياً
ولا عابداً في محرابه
ولا راهباً في صومعـته
ولا شاباً ما دام لا يحمل السلاح
ولا تقطعوا شجرةً
ولا تعفروا - تردموا - بئرا
ولا تجهزوا على جريح ولا تمثلوا بقتيل .
لقد كانوا يعرضون أرواحهم للخطر أمام عدو لا يرحم ومع هذا تقال لهم هذه التعليمات ذات الطابع الأخلاقي النبيل فهل يقال بعـدها أنه دين نشره صاحبه بالسيف ؟
يقول (د. جوستاف ليبون) في كتابه (حضارة العرب) : (إن القارئ سيجد في معالجتي للغزوات العربية والسبب وراء انتصارات العرب - سيجد أن القوة لم تكن مطلقاً عاملاً مساعداً في انتشار التعاليم القرآنية ، وأن العرب قد تركوا أولئك الذين غزوا بلادهم أحراراً في ممارسة عقائدهم الدينية ، وإذا حدث أن اعتنقت بعض الشعوب المسيحية الإسلام ، واتخذت اللغة العربية لغة لها ، فإن ذلك يمكن عزوه أساساً إلى ما أبداه العرب من عدالة لم يعتدها هؤلاء غير المسلمين ، كما أن ذلك يُعزى إلى التسامح واللين اللذين يتسم الإسلام بهما ، وهما غير معروفيْن في الأديان الأخرى) .
وفي موضع آخر من الكتاب يضيف (د. ليبون) قائلاً : (لقد كان من الممكن أن تتسبب الفتوح العربية الأولى في عدم وضوح قدرتهم على الحكم في الأمور ، وتجعلهم يرتكبون نفس أعمال القهر التي يرتكبها الغزاة عادة ، ومن هنا يسيئون معاملة الشعوب الخاضعة لهم ، وإجبارهم على اعتناق الدين الذي يودون نشره في كل أرجاء الأرض ، وإذا كانوا فعلوا ذلك فإن كل الأمم التي ما زالت ليست تحت سيطرتهم ربما قد انقلبت عليهم مثلما ألمّ بالصليبيين في غزوهم لسوريا بعد ذلك . ولكن الخلفاء الأوائل كانوا يتحلون ببراعة كبيرة في تصريف أمور الدولة ، لم يكن ذلك متاحاً لغيرهم من دعاة الأديان الجديدة ، هؤلاء الخلفاء قد أدركوا أن القوانين والأديان لا يمكن فرضها بالقوة ، ومن هنا فقد كانوا يتحلون بقدر كبير من العطف في طريقة تعاملهم مع شعوب سورية ومصر وأسبانيا ، وكل قطر آخر أخضعوه لسيطرتهم ، وتركوا لهم حرية ممارسة قوانينهم وتشريعاتهم ودياناتهم ، ولم يفرضوا سوى قدر قليل من الجزية في مقابل حمايتهم ، والحفاظ على السلام بينهم ، وإحقاقاً للحق فإن الأمم لم تعرف قط غزاة رحماءَ ومتسامحين مثل العرب) .
ويمضي قدماً في الإيضاح قائلاً : (إن رحمة وتسامح الغزاة كانا سببين من ضمن أسباب انتشار الفتوحات ، ودخول الأمم في دينهم ، وانتهاج نظمهم ولغتهم ، والتي ضربت بجذورها في الأرض ، وقاومت كل أنواع الهجوم ، وظلت موجودة حتى بعد اختفاء سيطرة العرب على المسرح العالمي ، على الرغم من أن المؤرخين ينفون هذه الحقيقة ، إن مصر هي أكبر دليل على ذلك ، فقد اعتنقت دين العرب ، وظلت عليه ، في حين لم يستطع الغزاة السابقون مثل الفرس واليونانيين والبيزنطيين التخلص من الحضارة الفرعونية القديمة ، وفرض ما جاءوا به).
ثم يضيف في موضع آخر : (إن قليلاً من العلماء الأوروبيين غير المتحيزين المطّلعين على تاريخ العرب يؤكدون مثل هذا التسامح ، فيقول (روبرتسون) في كتابه (السيرة الذاتية لشارليكين) : إن المسلمين وحدهم كانوا هم أول مَن جمع بين الجهاد والتسامح مع أتباع الأديان الأخرى ، ممن أخضعوهم لسيطرتهم ، تاركين لهم إقامة الشعائر الدينية) .
ويقول (مايكل ميكادو) في كتابه (تاريخ الصليبيين) : (إن الإسلام يدعو إلى الجهاد ، وبجانب ذلك فهناك التسامح مع أتباع أديان أخرى ، فقد أعفى الإسلام البطريركيات والقساوسة ومن يخدمهم من الالتزام بدفع الضرائب ، كما حظر الإسلام - وعلى وجه التحديد - قتل القساوسة لأدائهم مناسك العبادة ، فعمر بن الخطاب لم يؤذِ المسيحيين عندما دخل القدس غازياً ، ولكن الصليبيين عندما دخلوا القدس أعملوا الذبح والقتل في المسلمين ، وأحرقوا اليهود) .
ورغم كيد الحاقدين الذين يحرفون معاني النصوص يقول الكونت (دي كاستري) في كتابه (الإسلام : انطباعات ودراسات) :
(بعد أن آمن العرب بالقرآن ، وتلقوا النور من خلال الدين الحق ، ظهروا ومعهم ما هو جديد ليقدمونه لشعوب الأرض ، وهو التوافق والمعاملة المبنية على أساس حرية التفكير والاعتقاد ، إن الآيات القرآنية قد جاءت الواحدة تلو الأخرى تدعو للمعاملة الحسنة ، وهذه الآيات جاءت بعد الآيات التي كانت تحمل تحذيرات للقبائل الخارجة عن الدين ، لقد كانت تلك هي رسالة (الرسول) إلى قومه ، وبعد اعتناق العرب للإسلام حذا الخلفاء حذوه ، وهو ما يجعلني أقول مع (روبرتسون) إن شعب (محمد) كان الوحيد الذي جمع بين الرفق بالآخرين ، والسعادة بنشر دينهم .
لقد كانت تلك هي الخاصية التي مكنت العرب من المُضي قدماً في فتوحاتهم ، وهو سبب وجيه ، لقد حلّق القرآن بتعاليمه على القوات المنتصرة ، التي غزت سورية وانتقلت كالصاعقة إلى شمال إفريقية ، ومن البحر الأحمر إلى المحيط الأطلنطي بلا أثر لطغيان ، ما عدا تلك الأمور التي لم هناك بد من تفاديها في الحرب ، كما لم يقم العرب بذبح أية أمة رفضت الإسلام ..).
(إن انتشار الإسلام والخضوع لسلطته يبدو أنه قد حدث لسبب آخر في قارة آسيا وشمال إفريقية ، فقد جاء ذلك نتيجة للحكم الاستبدادي للقسطنطينية ، التي كانت تمارس الطغيان المطلق ، وعدم عدالة الحكام التي فاقت قدرة الناس على التحمل) .
(إن الإسلام لم يتم فرضه مطلقاً بقوة السيف أو بأية قوة ، ولكنه دخل قلوب الناس من بوابتي الاشتياق والإرادة الحرة ، وذلك بفضل ما في القرآن من إثارة وتلقائية تأخذ بألباب الناس) .
إن كثيراً من المؤرخين يقرون أن انتشار الإسلام وسط المسيحيين الذين ينتمون للكنائس الشرقية يمكن عزوه أساساً إلى شعور أولئك المسيحيين بعدم الرضا عن المغالطات العقائدية التي دخلت للعقيدة المسيحية من الروح الهيلينية .
ويمكن عزوه ذلك أيضاً إلى وفرة النقاط الحميدة التي وجدها المسيحيون الشرقيون في الإسلام ، وقدرته على إنقاذهم من الفوضى التي كانوا يعانون منها . فيقول (كايتاني) -على سبيل المثال - : (إن الشرق الذي كان يفضل الآراء السهلة الواضحة ، كان يعاني من الناحية الدينية من العواقب السيئة لدخول الثقافة الهيلينية على المسيحية ، والتي تسببت في تحويل تعاليم المسيح إلى عقيدة مليئة بتعاليم معقدة ، وشكوك ، وعندما جاءت أخيراً أخبار من الصحراء عن الاكتشاف الجديد ، فإن أولئك المسيحيين الشرقيين - الذين عانوا من التمزق بسبب الشقاقات الداخلية - قد شعروا بالضياع ، فاهتزت الأسس الدينية داخلهم ، وبسبب تلك الشكوك فإن كهنة الكنيسة قد شعروا باليأس ، فالمسيحية بعد ذلك لم تكن قادرة على الوقوف أمام دعاوى الدين الجديد ، الذي اقتلع بضربة قوية كل الشكوك التافهة ، وقدم صفات إيجابية وجميلة ، بالإضافة إلى مبادئه غير المشكوك فيها والسهلة الواضحة ؛ ولذلك فقد تخلى الشرق عن المسيح ، وألقى بنفسه في أحضان نبي العرب
والحمد لله على نعمة الاسلام