قصدت في يوم صديقتي المقربة أشكو إليها ما تخالج في تفكيري من أفكار سوداء و وساوس قديمة جديدة، ذهبت أشكو لها ولهي و انغماس أفكاري في سواد عيون محبوبتي لعلي أجد في كلامها ما يعزيني و يزيد اصطباري، للأسف لم أجد منها غير السؤال الذي سددت آذاني خوفا من سماعه مرة أخرى بعد أن أرهقني كل من حولي بطرحه، باتت تسألني إن كنت فعلا هائما في بحور الحب و راحت توهمني أنها مرحلة ليس إلا، و إلى آخر الحديث الذي طال بيننا و استعرت بطوله نار حيرتي و اشتد به زمهرير احتقاري لنفسي.
قفلت عائدا إلى بيتي لعلي أجد الجواب مكتوبا بين صفحات دفاتري و بين جنبات ذكرياتي، أمسكت قلمي و بدأت أطرح السؤال تلو الآخر و كل ما في يأتي بجواب يكاد يقتلني!. كنت قد كتبت ليلتها:
[CENTER]التفت يوما إلى جسدي متسائلا...
نظرت إلى العين في المرآة سائلا:
لماذا سمحت للحب بالتسلل من خلالك؟!!
لماذا ما أغمضت الجفون حينما أحسست السهام تخترقك؟!!
لماذا جعلت الدموع تنهمر على خدودي ... كأنها الشتاء ينهمر من سمائك؟!!
لماذا غسلت وسادتي بأنهار فاقت كل احتمالك؟!!
بكت العين قائلة مع كل دمعة نزلت:
سمحت للحب بالتسلل لألين به شدة قلبك القاسي!!!
ما أغمضت الجفون يومها لأسمح لسهام الحب تذيقك إحساسي!!!
أمطرت الخدود دمعا لأغسل بهذا الدمع آلامي!!!
غسلت الوسادات بماء أعاد لي بنزوله هيبتي و احترامي!!!
فسألت اللسان قائلا:
لماذا ما عرفت يوما أن تقول أمامها كلمة واحدة؟!!
لماذا ما اعترضت يوما على بكاء العين بكلمة واحدة؟!!
لماذا صدقت بكاء العين و صرت تنوح مع كل دمعة؟!!
لماذا فككت اللجام الذي ألجمتك و قد رضيت به دون أن تقول كلمة؟!!
صرخ اللسان:
سكتُّ لعين ما تركت للكلام من مجال
ما اعترضتُ على بكاء العين...
لأني شربت بالدمع مرّ علقم حطّم ما في النفس من آمال
صرختُ مع العين لأني علمتُ كم كُنتَ أنت دجّال
كذبت علي طول العمر قائلا
لن أجعل للحب في قلبي أي مجال
لن أسمح لأي فتاة أن تصيبني بسهامها
لن أسمح أن تجعلني بها مشغول البال
سألت كل ما في الجسد من جوارح و أوهام، و ما تبقى لي غير القلب أسأله عن سر هذا الوله و هذا الغرام. قال القلب بهدوء و اطمئنان:
اسمعني أصفها لك، ثم كن أنت الحكم بعدما تسمع البرهان
برهان سحر رماني في الحب و العشق و الهيام
شعرها
كأنه الحرير المنسل كخيط ماء
كأنه موج البحر يتهادى كلما لامسته نسمات الهواء
أسود سواد الليل المنير
بانعكاس الضوء على صفحة الماء
كثيف يتوه فيه العقل و يضيع
كظلمة بحر بلغت به الأعماق حد عدم الانتهاء
بحر لا أول له و لا آخر
بحر يعلم الله كم إنسان كان مصيره فيه الفناء
عيناها
آهٍ، و آهٌ و ألف آه
ما سحرني بحبها غير عيونها السوداء
ما سحق فؤادي بعشقها غير انسياب العيون السمراء
بعينيها كنت أبدأ كلامي، و بهما كان الانتهاء
فمها
كأنه رسم بريشة فنان
عجز عن وصفه أي لسان
و يال أسفي
ما لقيت من لسانها غير الطعان
سكاكين تقطع قلبي يأبى الاستسلام
روحها
طفل صغير يأبى أن يكبر و الانصياع
لقانون دهر ما سبب لغيره غير الضياع
كأنها وردة جورية تأبى الانغلاق على نفسها و الامتناع
عن منح الرحيق إذا ما خان غيرها و باع
يقولون: يخطئ المرء أحيانا أو يصيب
أقول
هي أجمل خطأ أخطأته في حياتي كلها
حبها أحلى حفرة وقعتها
هي أكثر إثارة من أكبر مغامرة خضتها
هي أكثر اشتعالا من أكبر نار في حياتي أشعلتها
فو الله لو كنت عن الخطأ معصوما
لأوقعت نفسي ألف مرة و أحببتها
لأنها ببساطة
هي المرأة الكاملة
هي النص الذي لم يكتب مثله بعد
و بقية النساء هوامش
هي الجسد المدروس
نقطةً نقطة
و خطاً خطا
و زاويةً زاوية
و بقية الأجساد
محاولات معمارية متواضعة[/CENTER]
و كالعادة، أقفلت الدفتر على آخر ما حبسته في داخله من أوهام، ثم سارعت أبكي و أحضن وسادتي و أغرقها ليلة أخرى معي في الأحلام. و كالعادة أيضا، رأيتها في الأحلام و لكن هذه المرة مع نفس الفتاة التي كنت قد تحدثت إليها قبل ساعات! تذمرت و غضبت، كيف تتجرأ و تلحق بمحبوبتي حتى في المنام؟ لكن بعد برهة، و بعد حديث قد طال بينهما و أنا أناظر من البعيد التفتت إلي محبوبتي و قد ارتسمت على وجهها تلك الابتسامة القاتلة، ثم بدأت بالمشي نحوي و في عيونها أرى كلاما سيقال، ففزعت و اقشعرت فرائسي لأنني ظننت أنني علمت ما قد يقال، كأن الله أوحى لي بأنني سأسمع سما زعافا علقما، فهربت من حلمي و فتحت عيوني على منظر زجاج النافذة من فوقي و قد اختلط عليه الغبار بالمطر المتساقط بغزارة، فما كان من عيوني إلا أن رحبت بقدوم المطر، كالعادة.
يتبع (f)
10-01-2005, 08:09 PM
{myadvertisements[zone_3]}
كمبيوترجي
أحن إلى أمي
المشاركات: 5,154
الانضمام: Jan 2005
مرت الليالي و الأيام، و خطت بي الدنيا بعيدا عن حبها؛ أو كما ظننت؛ إلى أن أتى ذلك اليوم الذي لا زلت أذكره و لا زال تاريخه محفورا في مخيلتي (28 أيلول من عام 2003) حيث كنت أسير وحيدا ذاهبا إلى محاضرتي، فوقعت عيني عليها تسير مختالة كعادتها، و الغريب أنني لم أشعر بانقباض القلب و لم أشعر بتلك القشعريرة المريضة التي كانت تساورني من قبل فظننت أن حبها قد هجر قلبي إلى غير رجعة. كبرت و هللت في داخلي، و غمرتني فرحة لم أعهدها منذ سنة بأسرها؛ لكن و لدى العودة إلى غرفتي الكئيبة بدأ انقباض القلب بالازدياد، و اقشعر الفؤاد كما لم يفعل من قبل أبدا، فعدت و نفضت الغبار عن دفتري و بدأ القلم يكتب كالأيام الخوالي:
[CENTER]كنت عندما أراها
أحس بالقلب يحث المسير
إلى عينيها ينقاد كالأسير
أحس بالعين باتت تلاحقها
فصارت حيثما سارت تسير
أحس اللسان بات مشلولا
يقول: ويحك، جعلتني لحبها أسير!!!
كنت إذا رأيتها
غيرها لا أرى
سوى صوتها لا أسمع
فأبكي في الأعماق و أصرخ
إسمعيني! فإني بك مولع
كنت إذا رأيتها أكتفي من الحياة
حتى دعوت الله يسعفني بالممات
كنت إذا رأيتها قلت آهٍ
فأحسستها ألف آهٍ صاحت بآهات
كنت إذا رأيتها
كأن الروح هجرت الجسد و صاحت
مسكين هذا الجسد من الحب مات!!!
أحببتها
و لو علمت أن الحب هكذا بالنفس يفعل
لكرهتها طول عمري
و لم أوجد في للحب في قلبي أي أمل
أحببتها إلى حد الهلوسة
أحببتها
إلى أن نطقت اسمها مع النَّفَس
حتى صارت في عقلي كالوسوسة
كنت أحمل في قلبي كل ما يسمى أمل
أحببتها
و هي التي جعلتني أشعر بالفشل
من حبها شعرت بالملل
من حياة صارت بلا أمل
أحببتها و لم أدرِ بعدها ما العمل
أحببتها
و شعرت بأن دفتر مصيري
دفتر آلامي و بكائي قد اكتمل
أحببتها
و كرهتني!!!
أقولها
بلغ عشقي لها أبعد الحدود
أقولها: شكراً
علمتني معنى الحب بلا حدود
بلغتُ حبا لم يبلغه أحد في الوجود
بلغت حدود اللا محدود
و لكني نسيت حبك
و ستبقى ذكراك محفورة
في دفتر الخلود!!!
شكراً...[/CENTER]
بعد تلك الترنيمة الأخيرة، قررت أن أهجر الماضي بكل ذكرياته مشرقها و الغارق منها في الظلام، فبدأت تمزيق الدفاتر الواحد تلو الآخر حتى وصلت إلى دفتر آلامي العزيز، تصفحته للمرة الأخيرة ثم أشعلت لفافة تبغ صدف أنها الأخيرة أيضا و بدأت بحرق الدفتر شيئا فشيئا بجمر تلك اللفافة؛ كنت أنظر من خلال كل ثقب تحدثه فأرى من خلاله ذكرى أليمة؛ توالت الذكريات تتلو بعضها بعضا إلى أن وصلت إلى ما أسميته يوما "وصيتي"، أبحرت في ذاكرتي قليلا إلى أن وصلت إلى آخر بيت يقول:
[CENTER]حبيبتي لما اذكريني فإني
يوما ما نسيتك، و لا حتى الموت أنساني[/CENTER]
تذكرت عندها ما دفعني إلى كتابة ذلك الكلام، كانت ليلة عاصفة هوجاء من ليالي الشتاء القاتم تكالبت فيها الآلام على قلبي حتى وصلت حد النعاس من الإنهاك النفسي الحاد، فارتميت على وسادتي و غرقت في سبات عميق أحسست خلاله أن الروح غادرت الجسد و بدأت تتجول في الحي الذي تقطن فيه محبوبتي، ثم فجأة أراني أسير بجانبها لكنها لا تراني، بدأت أصيح في وجهها مستغلا جهلها بوجودي، فأطلقت من الكلام ما يشفي غليلي و يطفئ نار حقدي على قلبها القاسي، لكن دون إجابة منها فلم تكن تسمعني في ذلك الحين، و فجأة انتقل الحلم إلى غرفة مظلمة حالكة الظلمة، نظرت من حولي و أمعنت النظر فإذا بي و قد اجتمع كل من أعرفهم من حولي و هم يبكون فبدأت بالسؤال عما جرى و ما سبب ذلك الإجهاش في البكاء لكن دون مجيب، تمعنت أكثر فوجدتني مستلقيا بلا حراك فحاولت القيام من مكاني و لكن دون فائدة ترجى، أيقنت حينها أنني ميت و ما هي إلا روحي تتجول في أرجاء المكان تناظر من هم حولي و لا تعي ما حل بالجسد النحيل الذي اعتادت سكناه و ألفت تلوثه، و ما هي إلا هنيهة أفقت من النوم فزعا أكاد أبكي لما أحسسته من دنو الأجل، و بسرعة البرق ركضت إلى دفتري ألهث من التعب و أمسكت القلم مقررا كتابة وصيتي، و ما كان من القلم إلا أن وجه كامل الوصية خطابا إليها إلى أن وصلت مقطعا أحسست فيه بظلمي لها:
[CENTER]حبيبتي إن التراب غطاني فزغردي
فقد زال من الخليقة من كان يوجعكِ
مات من كان لخيال قدمك عابدا
و مات معي ما كان بالشفقة يشعركِ
لكن لا تفرحي لموتي كثيرا فإنه
بموتي تخلدت أشعاري و كلماتي
بموتي تخلد حب الزمان كله
و تخلدت في دفتر الذكريات آهاتي
بموتي ستبكي سماء الدنيا مرددةً
ما جال فيها من ابتهالاتي[/CENTER]
أنهيت القصيدة بالبيت المذكور أول هذه الذكرى، و أقفلت الدفتر ثم عدتُ إلى النوم.
يتبع (f)
10-07-2005, 09:59 PM
{myadvertisements[zone_3]}
كمبيوترجي
أحن إلى أمي
المشاركات: 5,154
الانضمام: Jan 2005
بعد تلك الليلة، حثت الأيام الخطى من جديد، و أنا أسلي النفس بالنسيان و أعزيها بما قد يسوقه لي القدر. مرت الساعات تحث المسير، فتوالت الأيام و الشهور حتى انقشعت غمامة الحب المكسور في داخلي، و أطلت الشمس من بعد غياب أكثر من طويل فتحولت حياتي إلى مجراها السابق و عادت الأماني و الأحلام و الأهداف تطل من تحت الرماد الذي حولتها إليه بنار العشق و الغرام. صرت أعمل جاهدا للحاق بما فاتني من العمل، محاولا إنجاز أضعاف ما أقدر عليه، عملت ليلا نهارا لا ألقي بالا لتعب أو إجهاد، أهملت كل من هم حولي من أصدقاء، حتى الأهل ما عادوا يحسون بوجودي لكثرة انغماسي في تحقيق مخططاتي، تحركت عجلة الزمن بي و أنا أعمل و أكد إلى أن أتى ذلك اليوم الذي سمعت فيه أبي يتفاخر بابن له حقق ما عجز عنه أبناء جيله ففرحت أعظم فرح و ابتهجت حتى الثمالة و عندها قررت الإبطاء قليلا في المسير لأسترق نظرة على ما آلت إليه الأحوال و أستعيد بعضا من ريعان الشباب الذي طالما افتقدته، فوجدت نفسي وحيدا بلا أصدقاء، وجدت الأصحاب تحولوا و انشغلوا عني بأصحاب غيري، إلا ثلة قليلة ممن تذكروا تلك الأيام الخوالي استقبلوني استقبال العائد من سفر طويل جدا، و تلقتني أحضانهم كما لم أحلم به قط فقررت أن أكتفي بهم، و بدأت مذ ذلك اليوم أبني صداقات جديدة حتى غدوت من أكثر الشباب شهرة في الجامعة و من أعظمهم شأنا في الجد و الهزل، و شعرت بأنني ألفت الانتباه أينما توجهت و كيفما تحولت فأحسست حينها بالفرق بيني و بين ذلك الشاب الذي أضناه الحب و الوهم.
في يوم من الأيام أتاني صديق يدعوني إلى الخروج مع "شلته" من الفتيات و الشبان للترحيب بقريبة إحدى الفتيات التي رجعت مؤخرا من رحلة خارج الوطن استمرت طوال الصيف فما كان مني إلا القبول لأنني لم أخض تجربة "الشلة" من قبل في حياتي. ذهبنا و نحن في أبهى حلة و أجمل هندام كأن الواحد فينا يسعى لإيجاد شريكة حياته؛ رغم أنني لم أعتد على هكذا أمر إلا أنني رضيت فلا ضير من لبس الجميل و التأنق؛ و صلنا إلى المقهى حيث كان الملتقى مع الشلة و بدأت أتعرف عليهم كلما وصل منهم شخص جديد إلى أن ألفوني و ألفتهم بدوري، ثم جاءت صاحبة الشأن و الاهتمام، فعلمت حينها أن الأقدار تأبى أن يحل السلام و تحن السكينة لقلبي، قد يظن البعض أن القصد هنا هو أن الفتاة كانت محبوبتي لكنها لم تكن، كانت فتاة أخرى لأول مرة ألتقيها لكنها امتلكت ما جعل قلبي يهيج حنينا لفتاة حسبتني نسيتها، كانت العينان السوداويان المرسومتان بدقة في وجه تلك الفتاة غير المتناسق للأسف. المهم أننا تعارفنا كما يليق و اختلط الكل ببعضهم هذا يحدث محبوبته، و تلك تناظر حبيبها بخجل، إلا أنا و تلك الفتاة فقد كنا الوحيدين الأعزبين –إن صح التعبير- في تلك الجلسة و قد علمت مسبقا أنها لم تكن محط إعجاب الجميع ممن يعرفونها بسبب علة معينة في شخصيتها و قد لاحظت ذلك من خلال حديثي المطول معها عما يدور هنا و هناك، لكن الشيء الوحيد الذي شدني إلى التحديق بها على غير عادتي مع الفتيات هو تلك العيون.
مر من الوقت ساعتان مضتا كسرعة البرق كلهما كلام و ضحك و مزاح شبابي رائع، حتى أتى الوقت الذي بدأ فيه الجميع بالتململ و التحضر للعودة إلى المنزل، و في طريقنا للخروج أتت تلك الفتاة و أمسكت يدي بكل لطف ثم اقتربت من أذني بكل هدوء و قالت: "أحبك"!!!. كان لتلك الكلمة وقع كالصاعقة علي، أحسست بالدنيا و قد انغلقت أمامي لشدة هول الكلمة التي كنت قد يئست من سماعي لها أبدا. كان لتلك الكلمة أعمق الأثر في قلبي و وجداني، لا لأنني لم أشعر بأكثر من الصداقة بيني و بين تلك الفتاة، بل لأنني أحسست بالغباء و الضعف المدقع الذي كنت قد عشته ما ينيف على السنة و نصف السنة أحب فتاة لم تحبني، رغم اكتشافي أن الحب لدى المرأة لا يتطلب تولده أكثر من مجرد ساعات و هو ما أنفقت شهورا محاولا الخروج به دون جدوى.
هه!!! كم شعرت بالحيرة و الضعف يومها، وقفت أمام المرآة فلم أرَ إلا نفسي و أنا كنت أناظرها من قبل فأرى أكثر من ذلك بكثير، فهرعت إلى دفتري فوجدت صفحاته كأنها ابيضت، تحولت الكلمات إلى ضباب آسر من الأحلام القاسية و اضمحلت الأحبار بين سطور النسيان الصعب، شعرت بنبض قلبي على غير العادة حتى أنني سمعته بأذني دون الاستعانة بسماعة طبية. أطرقت لساعات أتذكر أياما و ليالي و ألوح لها مودعا و هي تغادر ذهني إلى غير رجعة، لم يكن باليد حيلة فقد أحسست بخيانة الدهر و تذوقت سخرية القدر في كل نفس كنت أتنفسه حتى تلك اللحظة.
إلى هنا تنتهي قصة الألم، و من هنا أيضا بدأت قصة النهاية التي بدأها الشاب بما قد تكون آخر كلماته المحزونة، حيث كتب فيها:
تلك كانت آخر الكلمات التي نقشها في دفتر آلامه الذي اعتلته طبقات الغبار يوما بعد يوم.
بعد تلك النهاية قرر الشاب المسكين المضي في حياته غير آمل في إيجاد الحب الضائع من جديد، فانصرف إلى العمل يوما بعد يوم. مضت الأيام و تخرج هو من الجامعة، و بدأ الصراع في معترك الحياة كغيره حتى سطع نجمه و علا شأنه بين الناس لما حصله من العلم و الشهرة، إلى أن أتى ذلك اليوم الذي شفق فيه القدر عليه فقرر أن يريحه من عناء السفر وحيدا، قد يظن البعض أن صاحبنا وجد محبوبته أخيرا لكن و للأسف لن تكون تلك النهاية الكلاسيكية التي يتمناها الجميع، كانت النهاية رصاصة أطلقها ذلك الشاب الكهل على قلبه، رصاصة المسدس الذي وضع حدا لألم دام طويلا بلا علم من أحد. وجد ميتا و الدم يخضب خدوده كأنها الدموع تنهال مسرعة من عينيه كالمطر، و وجدت إلى جانبه قصاصة ورق كانت رسالته الأخيرة للدنيا، و إليك قارئي أنقل الرسالة الأخيرة كما هي:
" لا أزال أذكر البداية الجديدة التي وضعتها لنفسي مع بداية المرحلة الدراسية الجديدة المسماة <<الجامعة>>....
قررت أن أسلك طرقا ما سلكها أحد قبلي و لن يسلكها بعدي أحد إلا من كان مجنونا أو مغامرا. لكني فشلت لفترة طويلة في ركوب أمواج بحر عاتية أسميتها <الحياة>. تحولت لفترة طويلة إلى هاو يحاول تعلم التخيل، كيف؟ أن أتخيل الأمواج كأنها كفوف الراحة التي ستحملني إلى حلمي الجميل الذي يسطع بين النجوم...
أعميت العيون، و أتلفت أحلامي بكوابيس ظلت تلاحقني طوال سنة كاملة بلا توقف. و أرهقت أقدامي بالركض وراء أوهام لا وجود لها، وراء أحلام جميلة ليتها تحققت!!! نسيت معنى الطموح، معنى العمل، معنى اليقين و اندفعت أبني قصورا من ذهب في أعالي سماء لا وجود لها...
و في لحظة حقيقة ...
حطمت بيدي كل قصر بنيته، و دمرت بدموعي عماد سماوات جعلتها فضائي الذي تطير فيه أحلامي، هكذا و بلا سابق إنذار...
و ها هو "أنا" الآن يعود يبني قصورا جديدة، لكنها الآن من فولاذ قاس، من حديد صلب لا يلين إلا أمام الحقيقة. إنما أمنيتي هذه اللحظة أن أجد من يساندني لبناء إمبراطوريتي التي طالما حلمت بها...
ليلة أخرى من الليالي الطوال التي أقضيها وحيدا، لا مؤنس لوحدتي غير قلمي، لا خليل لقلبي غير فؤادي المكسور، و لا ضماد لجراحي غير خرقة بالية أسميتها "كبرياء"...
لقد سمحت فيما مضى لمشاعري أن تكون سيدة كل موقف اتخذته، سمحت لها أن تكون محركا لقانون قدري!!! لكن "أنا" الحاضر مختلف، قررت أن أجعل العقل محركا لكل ما يسمى أقدار، جعلته قانونا يجمع تحت جناحيه فتات القلب و الفؤاد و الروح، جعلته مفتاحا للماضي و دليلا يقودني إلى مستقبل وضعت له كل تخيل سمحت لنفسي أن تصنعه، و سأوظف لتحقيقه كل ما أمكن من أساليب القسوة و الأنانية التي طالما ابتعدت عنها...
أعلم أن أسلوبا جديدا مغايرا قد يكون بداية لنهاية جديدة لا أعلم ماهيتها، إنما أؤمن بشيء واحد قد يتحقق، ألا و هو "أنا"!!!
تلك هي الظروف، هي التي تخلق المعجزات، هي التي تحطم الآمال، هي التي تدهن الأحلام بالسواد، لكنها أيضا هي التي تبني أحلاما أقسى منها، هي التي تصنع في داخلنا آمالا حقيقية، لا أفلاما من صنع حالمين...
ما عاد أمام "أنا" الآن سوى البكاء، ما عاد أمامه الآن سوى أن ينتحب لأي حال آلت إليه نفسه.....
[CENTER]هذي هي الدنيا كلها ألم ... تبكي الرجال كما أبكت دموع آلاميا
هذي هي الدنيا كل أحلامها وهم ... تمحي العظام، أحرقت بستان أحلاميا
هذي هي الدنيا بكاء و همهمة ... أنبتت حقيقة وسط بستان أوهاميا [/CENTER]"
تلك كانت آخر كلمات المغدور. لماذا مغدور؟ أقول لأن المجرم كان الحب.
النهاية...
:wr:
10-11-2005, 12:13 AM
{myadvertisements[zone_3]}
كمبيوترجي
أحن إلى أمي
المشاركات: 5,154
الانضمام: Jan 2005
من ينابيع الحب العذري أجلب لكم شذرات لقيس بن الملوح....
[CENTER]فوالله لا أدري علام هجرتني == وأي أمورِ فيكِ ياليلى أركـــــب
أأقطع حبل الوصل فالموت دونه == وأشرب كأساً علقماً ليس يــشـرب؟
فلو كان لي قلبان عشت بواحدا == وأبقيت قلباً في هواكِ يـعــــــذب
كعصفورة في يد طفل يهينها == تقاسي عذاب الموت والطفل يـلعــب
فلا الطفل ذو عقلِ يرق لحالها == ولا الطير مطلوق الجناح فـيـذهـــب[/CENTER]
من سيرته و ما عرف عنه أنقله لكم...
"أنة المجنون .. قيس أبن الملوح من بني عامر بن صعصعة .
لقد أختلف الرواة في جنونة ، منهم من قال أنة مجنون ، ومنهم من قال غير ذلك ..
قال الأصمعي : لم يكن مجنوناَ ، وأنما كانت به لوثة . وقيل أن فتى من بني أمية ، قد وضع حديثة وشعرة ، ونسبة ألية .
عموماً ... ألجميع منا ، يعرف قصتة مع عشيقتة ( ليلى العامرية ) ، منذ أن كانوا صغاراً يرعيان مواشي أهلهما ، فلم يزالا كذلك حتى كبرا ، فحجبت عنة ، وتزوجت غيرة ، رغماً عنها ، فقال ما قال من الأشعار فيها .
- مما قال في ليلى :
[CENTER]أطعتة وعصيت الناس كلهم .... في أمره وهواه وهو يعصيني
[/CENTER]
- مما قال في ليلى :
[CENTER]لقد ثبتت في القلب منكِ محبةُ .... كما ثبتت في الراحتين الأصابع
لقد ثبتت في القلب منكِ محبةُ .... كما ثبتت في الراحتين الأصابع
[/CENTER]
- مما قال في ليلى :
[CENTER]أراني إذا صليت يممت نحوها .... بوجهي وأن المصـلي ورائـــــيا
وما بي أشراك ولكن حبهـــــا .... كعود الشجا أعيا الطبيب المداويا [/CENTER]
سأل أبو المجنون أي -الملوح- رجلاً أن يبلغ قيس أن ليلى تشتمة .. فأعرض قيس عن الرجل وقال:
[CENTER]حلال لليلى شتمنا وأنتقاصنا .... هنيئاً ومغفوراً لليلى ذنوبها
[/CENTER]
سئل المجنون ، ذات مرة زوج ليلى .. (الثقفي) ، وهو جالس يصطلي : قال
[CENTER]بربك هل ضممت أليك ليلى .... قبيل الصبح أو قبلت فاها
وهل رفت عليك قرون ليلى .... رفيف الأ قحوانة في نداها [/CENTER]
- قيل أن سبب جنونة بيت شعر قالة وهو :
[CENTER]قضاها لغيري وأبتلآني بحبها .... فهَلا بشىءِ غير ليلى أبتلا نيا
[/CENTER]
- قيل أن الملوح حج بقيس ، ليسأل الله أن يعافية مما بة ، ويبغضها الية ، فلما صاروا بمنى سمع صائحاً في الليل يصيح : يا ليلى .. فصرخ قيس صرخةً ، ظنوا أن نفسة قد تلفت وقال :
[CENTER]وداعٍ دعا إذ نحن بالخيف من منى .... فهيج أطراب الفؤاد وما يدري دعا بأسم ليلى ضلَل الله سعـــية .... وليلى بأرض عنه نازحةٍ قفرِ [/CENTER]
فتعلق بأستار الكعبة وقال : اللهم زدني بليلى حباً ، وكلفاً ، ولا تنسي ذكرها أبداً .
( الخلاصة ) ...
حسبكم ، فوالله ، أن هذا المجنون ، لمن يوزن بعقلا ئنا اليوم "
فعلا، من يوزن بعقله من عقلاء يومنا؟!!!
تحياتي الوردية (f)
10-14-2005, 10:52 PM
{myadvertisements[zone_3]}
كمبيوترجي
أحن إلى أمي
المشاركات: 5,154
الانضمام: Jan 2005
من ينابيع الحب العذري أجلب لكم شذرات لقيس بن الملوح....
[CENTER]فوالله لا أدري علام هجرتني == وأي أمورِ فيكِ ياليلى أركـــــب
أأقطع حبل الوصل فالموت دونه == وأشرب كأساً علقماً ليس يــشـرب؟
فلو كان لي قلبان عشت بواحدا == وأبقيت قلباً في هواكِ يـعــــــذب
كعصفورة في يد طفل يهينها == تقاسي عذاب الموت والطفل يـلعــب
فلا الطفل ذو عقلِ يرق لحالها == ولا الطير مطلوق الجناح فـيـذهـــب[/CENTER]
من سيرته و ما عرف عنه أنقله لكم...
"أنة المجنون .. قيس أبن الملوح من بني عامر بن صعصعة .
لقد أختلف الرواة في جنونة ، منهم من قال أنة مجنون ، ومنهم من قال غير ذلك ..
قال الأصمعي : لم يكن مجنوناَ ، وأنما كانت به لوثة . وقيل أن فتى من بني أمية ، قد وضع حديثة وشعرة ، ونسبة ألية .
عموماً ... ألجميع منا ، يعرف قصتة مع عشيقتة ( ليلى العامرية ) ، منذ أن كانوا صغاراً يرعيان مواشي أهلهما ، فلم يزالا كذلك حتى كبرا ، فحجبت عنة ، وتزوجت غيرة ، رغماً عنها ، فقال ما قال من الأشعار فيها .
- مما قال في ليلى :
[CENTER]أطعتة وعصيت الناس كلهم .... في أمره وهواه وهو يعصيني
[/CENTER]
- مما قال في ليلى :
[CENTER]لقد ثبتت في القلب منكِ محبةُ .... كما ثبتت في الراحتين الأصابع
لقد ثبتت في القلب منكِ محبةُ .... كما ثبتت في الراحتين الأصابع
[/CENTER]
- مما قال في ليلى :
[CENTER]أراني إذا صليت يممت نحوها .... بوجهي وأن المصـلي ورائـــــيا
وما بي أشراك ولكن حبهـــــا .... كعود الشجا أعيا الطبيب المداويا [/CENTER]
سأل أبو المجنون أي -الملوح- رجلاً أن يبلغ قيس أن ليلى تشتمة .. فأعرض قيس عن الرجل وقال:
[CENTER]حلال لليلى شتمنا وأنتقاصنا .... هنيئاً ومغفوراً لليلى ذنوبها
[/CENTER]
سئل المجنون ، ذات مرة زوج ليلى .. (الثقفي) ، وهو جالس يصطلي : قال
[CENTER]بربك هل ضممت أليك ليلى .... قبيل الصبح أو قبلت فاها
وهل رفت عليك قرون ليلى .... رفيف الأ قحوانة في نداها [/CENTER]
- قيل أن سبب جنونة بيت شعر قالة وهو :
[CENTER]قضاها لغيري وأبتلآني بحبها .... فهَلا بشىءِ غير ليلى أبتلا نيا
[/CENTER]
- قيل أن الملوح حج بقيس ، ليسأل الله أن يعافية مما بة ، ويبغضها الية ، فلما صاروا بمنى سمع صائحاً في الليل يصيح : يا ليلى .. فصرخ قيس صرخةً ، ظنوا أن نفسة قد تلفت وقال :
[CENTER]وداعٍ دعا إذ نحن بالخيف من منى .... فهيج أطراب الفؤاد وما يدري دعا بأسم ليلى ضلَل الله سعـــية .... وليلى بأرض عنه نازحةٍ قفرِ [/CENTER]
فتعلق بأستار الكعبة وقال : اللهم زدني بليلى حباً ، وكلفاً ، ولا تنسي ذكرها أبداً .
( الخلاصة ) ...
حسبكم ، فوالله ، أن هذا المجنون ، لمن يوزن بعقلا ئنا اليوم "
و الله لا يسعدني مرور شخص أكثر من مرورك بكتاباتي المتواضعة :saint:
جمـيـل بـثيـنة
يكاد يكون جميل بن معمر أشهر ذوي الصبابة والعشق من شعراء عذرة ، بل مقدماً عليهم جميعاً في رأي ابن سلام صاحب طبقات الشعراء .
وهو جميل بن معمر بن الحارث بن ظبيان العذري وينتهي نسبه إلى قضاعة .وكانت أسرته على جانب مرموق من الجاه والثروة وكان هو غض الشباب وسيم الطلعة فنشأ موفور العيش يتيه بقومه وينعم بالرخاء ويزهو بشبابه ، وكان شأنه في حداثته شأن سائر أبناء البادية يسرح بأغنام قومه ويأتي بها مواضع الكلأ وقد لقي بثينة لأول مرة في بعض تلك المراتع . وكان كثيـّر عزة يعترف لجميل بثينة بالشاعرية ويقدمه على نفسه ، ويتخذه إماماً له ...
أما كيف وقع جميل بحب بثينة فكتب الأدب تورد لذلك خبراً طريفاً يؤكد أن العشق العارم أحياناً قد ينبثق من الشحناء . جاء في الأغاني : - كان جميل ينسُب بأم الجسير ، وكان أول ما علق بثينة أنه أقبل يوماً بإبله حتى أوردها وادياً يقال له بغيض ، فاضطجع وأرسل إبله مصعده ، وأهل بثينة بذنب الوادي ، فأقبلت بثينة وجارية لها واردتين الماء ، فمرتا على فِصال له بُروك فعرّمتهن – أي نفرتهن – وهي إذ ذاك جويرية صغيرة ، فسبها جميل ، فافترت عليه ، فمُلح إليه سبابُها فقال:-
[CENTER]وأول ما قادَ المودة بينـنا --- بوادي بغيضٍ يا بثينَ سبابُ
وقُلنا لها قولاً فجاءت بمثله --- لكـلِّ كلامٍ يا بثينَ جوابُ[/CENTER]
غير أن التقاليد البدوية وكيد العاذلين حاصرت هذين المتحابين اللذين بات الهوى شغلهما ، فراح قوم بثينة يمنعونها من لقاء جميل ومانعوا في زواجها منه بعد أن ذكرها في شعره وردد أسمها على لسانه ، فأضرم ذلك جذوة هواه وألهب شاعريته . ثم أن أهله أرغموه على الارتحال ، فذهب إلى مصر ولبث هناك حتى مات . وقد نعى نفسه لبثينة حين أرسل لها بأبيات :
لعلك مغرم بالعذريين هؤلاء الشاعراء الذين حرموا من حبيباتهنّ بسبب التشبيب بهن.
واليوم هل سيعامل من يتشبب بفتاة ما فعل به أجدادنا الأقدمون.
أعجبني ما بدأته عن جميل بثينة:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
غير أن التقاليد البدوية وكيد العاذلين حاصرت هذين المتحابين اللذين بات الهوى شغلهما ، فراح قوم بثينة يمنعونها من لقاء جميل ومانعوا في زواجها منه بعد أن ذكرها في شعره وردد أسمها على لسانه ، فأضرم ذلك جذوة هواه وألهب شاعريته . ثم أن أهله أرغموه على الارتحال ، فذهب إلى مصر ولبث هناك حتى مات . وقد نعى نفسه لبثينة حين أرسل لها بأبيات :
تنهيدة قوية تسكن بين أضلعي
أحتاج أن أخرجها ولكن لا يسعني ذلك
صرخة تصم أذني ولا يسمعها أحد
ما كل هذا الألم الذي لا يبرح مكانه في جسدي
وهذه الدموع الحارقة التي تلذ ع مقلتي
ما كل هذه الجروح التي تشكل سواراً نارياً يخنقني
وحين أحاول الهروب منه يمنعني ويحاول حرقي
أصرخ وأنادي: لا .. ابتعد عني
لا أريد أن أحرق بنار عذابك
أو حتى أن أسمع صوت بكائك
فأنا لا أحب أن أغرد ككنار حزين أو بلبل جريح
لا أريد أن أحيا في قبر أو حتى أن أضع إكليل على ضريح