اقتباس: ابن العرب كتب/كتبت
ألا ترى أن الكاثوليكية أقرب إلى القصد الإلهي (لو وُجِد) منها الروتستانتية والإنجيلية وغيرها من الفرق؟!
ألا ترى أن الكاثوليكية أصدق في التعامل مع الكتاب المقدس من أختها الأرثوذكسية التي تشبه إلى حد كبير "حركات التطرف الإسلامية" لو صحت المقارنة؟!
أعتقد أن لهم كلهم محاسنهم و سيئاتهم.
يعني يسوع ثار على الطبقية الدينية و على السلطوية الدينية و على الطقوس الفارغة لدى اليهود، و نادى الى المساواة و العلاقة الشخصية المباشرة في الدين و الانفتاح.
فماذا كانت النتيجة؟ قامت الكنيسة الكاثوليكية بخلق طبقية دينية أسوأ بألف مرة من التي كانت لدى اليهود، و سلطوية كنسية كانت تقتل و تحرق الناس و الان تتحكم بضمائرهم و تسيّر الساسة في دول العالم و تهددهم بإسقاط عضويتهم من الكنيسة، و أيضا تنشر الطقوس الدينية المكررة و المملة. في هذا أجد أن الكنيسة الكاثوليكية خرجت عن "روح" الرسالة اليسوعية.
فجاءت البروتستانتية لتصحح ما وقعت فيه الكاثوليكية من أخطاء، فألغت الطبقية و السلطوية و الطقوس الفارغة المملة، و لكنها أوجدت في المقابل التمسك الحرفي بالنصوص "المنزلة" مع أن يسوع نفسه ثار على الحرف و النصوص الجامدة و نادى الى اعادة تفسيرها و ايجاد "روح" النصوص لجعلها تعطي الانسان الحرية بدل أن تكون قيودا حديدية تكبّله.
سمعت مرة قسيس بروتستانتي يخطب في الكنيسة، "افتحوا الانجيل الى الاية _:_ و انظروا الى الجزء الثاني.. الان قارنوا هذا بكتاب الملوك الثاني الاية _:_ و انظروا الى العبارة كذا، الان نعود الى الاية _:_ من رومية..."
فضحكت عليه في سري لأنه حول النصوص الانجيلية الى برنامج كمبيوتر لكل حرف و لفظة فيه تأثير ثابت و جامد و كابت و واضح له علاقة بكل شيء. و هو بذلك تحول الى فريسي يمكن القول له، "من قساوة قلوبكم وُضعت لكم هذه النصوص." فكيف نقبل بفكرة أن هذه "نصوص منزلة" بحرفيتها و نرفض التقاليد، مع ان هذه النصوص نفسها كانت في الماضي عبارة عن تقاليد يتناقلها الناس؟ فمتى صارت نصوصا "منزلة" جامدة أزلية لا متغيرة؟؟
لكن في نفس الوقت هناك أمور كثيرة في بعض المصادر الكاثوليكية و البروتستانتية التي تُحمد عليها. مثلا قضية أن الكاثوليكية باتت تقبل بالكثير من الدراسات الحديثة و استنتاجاتها للنصوص و الميثولوجيا الدينية.
أما تشبيهك للارثوذكسية بالحركات الاسلامية المتطرفة فيبدو أنك لا تعرف شيئا عن بعض الجماعات المسيحية في اميركا. صديقي القسيس رجل ملتح يحمل الكتب المقدسة السميكة اينما ذهب، يتمسك بالنصوص بحرفيتها و يرفض كل الطوائف المسيحية جملة و تفصيلا معتبرا ان مصيرها كلها الجحيم و بئس المصير (و منها الكاثوليكية و الارثوذكسية). هو أيضا كلفني يؤمن أن اللـه حدد من قبل بدء العالم مصير الجميع، و اختار البعض مسبقا قبل تأسيس العالم ليكونوا في ملكوته، بينما البقية الى النار.
و دارت بيننا حوارات، يعني بعيد عن السامعين لا أتمناها لعدوي. :D
اقتباس:وأخيراً: هل تعتقد أن ترددك على الكنائس غير الكاثوليكية كان أحد أهم الأسباب التي دفعتك إلى الإلحاد أو اللادينية؟!
يعني يا ابن العرب لو أردت لوم احدى الكنائس، فلا تلم الا الكاثوليكية منها فأنا تربيت فيها أساسا و نشأت بها أصلا، فإذا كنت تركتها في النهاية الى الالحاد فلا يُلام أحد غيرها و لا يوبَّخ سواها. :)
لكن ليست هي السبب. صدقني أني حاولت جاهدا ايجاد إطار معقول للتمسك بمسيحيتي، و لكني و بعد إطلاعي على الفلسفة و العلم و تاريخ المسيحية، الاتجاه الوحيد الصادق لي كان تركها.
الأقاصيص الغير قابلة للتصديق يرفضها عقلي، و هو أمر لا أستطيع التهرب منه حتى لو أردت.