تعظيم سلام لجماعة الإخوان التي تلقت من الضربات البوليسية الباطشة ما يكفي لإبادة شعب بأكمله.
تعظيم سلام لكل عناصر الجماعة الذين اقتحموا متاريس وخنادق ودهاليز الحكومة على كل أعمالها ابتداءً بهبش المال العام، ومرورًا بتهريب الأموال من وإلى مصر المحروسة في (عز الضهر وعلى عينك يا تاجر واللي يعرف أبويا يروح يقوله).
تعظيم سلام لكل مرشح فاز بأصوات الناس وفوزه على إعلام النظام وأجهزته الأمنية العاتية.. أليست هذه بطولة؟.
وإذا كان اليسار المصري- الذي أنتمي إليه- قد حصد من هذه الانتخابات خيبةَ الأمل فقط لا غير، فعليه أن يعترف بخيبته إذا كان يريد الاستمرار، وإلا ففي المُتحف المصري مكان يتسع لكل من يسقط في الطريق عاجزًا عن السير في موكب الحياة.
الكل يعرف أن اليسار في الشارع المصري منذ عصر النهضة كان فصيلاً وطنيًا متقدمًا، قدم لهذا الوطن الكثيرَ ودفع الكثيرَ وتعرض أنبلُ كوادره للاعتقال والتعذيب لدرجة القتل، كما حدث مع شُهدي عطية الشافعي ولويس إسحق، إلى آخر الكوكبة الغالية من شهداء مصر المحروسة.
ولكن العصفَ الجماعي بتنظيم الإخوان الذي بلغ مداه بإعدام عالم الأدب الأستاذ سيد قطب، هذا العصف الهمجي لا يدانيه ولا يوازيه فعلٌ آخر، ومع كل هذا صمد تنظيمُ الإخوان وتعلم من تجاربه وتجارب الآخرين دون عُقَدٍ نفسية أو جمودٍ فكري غبي.
وكانت مسرحيةُ الانتخابات هي المحك الحقيقي لممارسات الإخوان الذكية، وعند الامتحان يُكرم المرء أو يُهان، وأعتقد أن حصول الإخوان على ما يناهز الثمانين مقعدًا من خلال انتخابات مزورة أحيانًا ومفروضة أحياناً بـ(السنج والشوم والمطاوي) هو منتهى التكريم والنجاح التنظيمي.
وعلى اليسار الوطني أن يدرس هذا الأمر لكي يتعلم ممن سبقوه على طريق النجاح.
وللخائفين من وصول الإخوان للسلطة في مصر أقول: ماذا يخيفكم من سلطةٍ أتى بها الناس إلى الحكم؟. ألسنا نزعم دائمًا أننا طليعة الشعب المصري، وأننا المدافعون دائمًا عن مصالحه وعن حريته ومصدر رزقه و.. و.. إلى آخر هذا الحنجوري الذي ساقنا إلى سجون ومعتقلات صلاح نصر وحمزة البسيوني وإسماعيل همت وغيرهم من زبانية القمع والتعذيب الذين تفوقوا على النازي والصهاينة في سحْل كرامة الإنسان قبل جسده.
يا أيها الخائفون انزلوا الشارع إذا أردتم الحماية من خوفكم المريض، انزلوا الشارع وتعلموا من الناس، وحذار أن تتقمصوا دور القائد أو المعلم.
كفانا أستذة لأن الانتخابات الأخيرة علمتنا أننا مجرد تلاميذ ما زال أمامنا الكثير حتى نتعلم، ماذا وإلا فنحن جميعاً إلى مزابل التاريخ مع الخونة والحكام العرب.. ألا هل بلغت؟ اللهم اشهد.
----------
* نقلا عن جريدة المصري اليوم بتاريخ 15/12/2005