على الطريق ...

الريحُ يؤنسني
حينَ يشتدُّ السكونُ حولي
يداعبني ..
وأسمعُ فيه أنينَ
أيامي
فيحاكي أنشودةَ الرحيلِ
في روحي

أستجرُّ أحلامي
واحداً واحداً

تمر حولي الليالي
ولا أدري كم مضى
في العمرِ منها

في الشوارعِ المنسيةِ
يمشونَ

ألحظُ الكلَّ ولا يلحظني
أحدْ

يلاحقهم ظلِّي ولوني
يمرُّ القطارُ أمامي
فأنسى إلى أينَ أذهبُ
تماثلتِ المحطاتُ هنا
منذُ وصلتُ
لكني أذكرُ أني نسيتُ
منذُ زمانٍ محطةَ عمري
وزرتُ الأماكنَ التي ما قصدتُ
فتاةٌ تمرُّ وأخرى تغني
فأبقى هنا
وأعرفُ أني مازلتُ أهذي
منذُ ولدتُ
فهذا الصباحُ جميلٌ هنا
وما غيرَ لحظةِ عشقٍ
أردتُ

على ضفةِ هذا الرصيفِ
شريدٌ
ينبشُ الذكرياتْ
وحيدٌ
مثلي أنا
قميءٌ .. قميءٌ
كتاريخِنا نحنُ
قميءٌ

ريــاحُ الفــرح

نرتحلُ الآن نحوَ صبحِ
انبثاقِ روحي من جديدْ
وسنعرفُ بعدَ قليلٍ
كيف نعاني الحبَّ ..
عبثتِ .. عبثتِ
بضعَ ليالٍ بقلبي
وتراءى لي الحلمُ
آلافاً من المرات
وسمعتُ الصوتَ
ذاتَ الصوتِ
يردد كلماتٍ عابقاتٍ
من بعيدْ

سنعرفُ الآن حبيبةَ روحي
سرَّ الهوى
فاكتفي بقلبي وروحي الأسيرة
ولا تطلبي مني المزيدْ

مزيجُ العذوبةِ والبربرية
يعانقُ هذا الصباحْ
وروحَ الرياحْ
ونارَ الوقيدْ

وحزنُ الطريقِ يشمرُ
قربي عن ساعديه
فكوني .. وكوني
- لنحمي البقية -
انبثاقاً عتيا
لتعصفَ كلُّ رياحِ الفرح
لترميه عنفاً
إذا كانَ عيدْ

أعدك (f)بأن أقرأ ما تكتب على مهل وأنا أعهدك شاعرا مجيدا ومحبوبا.
لقد كنت أعاني مشكلة هذا الصيف في النت ولكن بعد الآن أرجو ألا تعترضني أية مشاكل .
أرجو أن تكون بخير دائما
محبتي ومودتي(f)
محمد الدرة

عزيزي محمد الدرة؛
شرفٌ عظيمٌ لي - لو تعلمون- أن تشرفني في هذا الموضوع.
وأرجو أن تحوز إعجابك بعض محاولاتي الشعرية.

وتقبل محبتي وتحياتي الحارة.

(f)

الفرح الآتي

"Viens, grandeur .. poses tes ailes
sur l'horrible douleur
et voles ..."


امرقْ عظيماً فوق اجتياحاتِ الألمْ
ترنّحْ بينَ حنايا الأملِ
اقترفْ الفرحَ الآتي
اجنحْ للرغبةِ
ترنحْ ..

اصرخْ شادياً أغنيةَ الحزنِ
ضجيجٌ .. ضجيجٌ
نراوحُ ههنا
بينَ الجموعِ الرتيبة
نعلنُ الفرحْ ..
صرخةَ النصرِ
نحنُ هنا سننتصرُ ..
يعاودُ البؤسُ سخريته
نسارعُ للسكرِ ..
نركضُ .. نهوي
نتضاحكُ قليلاً سخريةً
ثم نعاودُ الهربَ بوجهٍ يتقلصُ ألماً
نبحثُ عن مساحةٍ للضحكِ ..
للشهوةِ ..
نعاجلُها قبلَ حلولِ الحزنِ
ونمسكُ سلاحنا
ونتأهبُ للدفاعِ عما تبقى فينا
من إنسانْ

عجبــاً!

أرأيتِ إلى حسنِ الليلِ
يناورُ جسدي
وعواصمُ هذا الفتحِ
محاصرةٌ .. تدمي
وهروبٌ قبلَ دخولِ
القصرِ
نحوَ الصحراءِ
يرافقني

-----

أعلمتِ أني بقلبي
وضعتُ نجومَ الليلِ
وأبعثرُ منها اللونَ الباهي
حينَ يحينُ الوقتُ
عجباً!
أتعترفينَ بصبحٍ
يتسمَّرُ خجلاً
ولستِ تبالينَ بحبي ...

عند الغروب ...

إلى الشهيد "أبو علي مصطفى"*

عندَ الغروبِ
تنحني العصافيرُ
تتلاطمُ الأمواجُ
تلاحقني لتحضنني
لتحملني لترميني
أأشفقتَ يا بحرُ
أم رامتْ حناياكَ انتحاراً
في بحرِ أحزاني

في مثلِ هذا الغروبِ ..
يضيقُ البحرُ بالشمسِ

بمثلِ هذي الشمسِ
تنتحب الضلوعُ
ويبكي البحرُ

أيتها السماء فرجِّي
رجِّي ولا تبقي عليَّ غطاء
شمسُ الشموسِ تغيبتْ
وانفجرَ في قلبي السؤالُ
ولا جوابْ

عند هذا الغروبِ ..
يقفُ الشريفُ
ويحكي قصصَ الرجالِ

اروِ لي ظمأي
عن أمسياتِ بيروتَ
وليالي عمانَ الأخيرة
وشهيدةٍ ما ساومتْ
احكِ لي عن حبّه
لعشيقة الثوارِ
والشهداءْ

يتكسرُ الموجُ
في حضنِ الرجالِ
إذا استهاونوا بها
يا سيدي ما أعذبك
أجْمِلْ به .. أَجْمِلْ
هذا هو العيدُ
فلا تبكِ
اسمعُ ههنا خطوكَ
في القلبِ حبٌّ لا يموتْ
في البالِ ذكرى لن تغيبْ
عيدي أتى
ستأتي الآنَ
أنا أعرفك
كالشمسِ في صبحٍ جديدْ



* الأمين العام السابق للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والذي اغتالته آلة القمع الصهيونية في فلسطين في 27/08/2001
سيرة الشهيد:
http://www.pflp.net/rmooz.php?action=ViewR...rid=02301008522

قبيل الرحيل

وبعدُ ..
فوجهكُ كانَ غريباً هذا المساءْ
وبعدُ ..
فقد واجهتني العواصفُ كلها كي أستديرَ
كي أتراجعَ نحو الوراءْ
فهل ساورتكِ الشكوكُ بأني سأرحلُ عنكِ؟
وكيف الرؤى تنيركُ دوماً نحوَ السماءْ

لا تقتليني بصمتكِ هذا
حاوريني
قولي بأني كنتُ غبياً
ككتلةِ ثلجٍ باردةٍ دونَ وفاءْ

فهذا الصباحُ
ككلِّ صباحٍ بهذا الشتاءْ
سيحملُ معه بعضَ الجليدِ
وبعضَ الرجاءْ
سأرجعُ يوماً لأمسحَ حزني
ببعضِ القبل
وبعضِ الدموعِ
فإني أصيرُ جميلاً كطفلٍ
عند البكاءْ

موسم الصقيع

أن أشربَ المحال
أن أصنعَ النجوم
أن أربحَ الرهان

فليمحي الصدأ
قررت أن أقاومَ
أنا الآنَ ...
قررتُ أن أكون

ترحمي على الرمال
وسامحيني ...
أهدتني السماء المطر
وانتفض الشجر
موسمُ الصقيعِ صارخٌ
يحاصرُ العنب
ومصنعُ الخمور لن يزولَ
لموسمٍ بلى
نبيذنا سيلمسُ الشفاهَ
إن كلا أم بلى

يا سيدي المحتارَ من أبد
لا تعلنِ السماءْ
فالشمس إن أمالت رأسها
سيطلع القمرْ

مرسيليا
الأحد 11/09/1994

(f)

لو تعشقيني هكذا

لو تعلمين ما فعلت بي السنينْ
لو تسمعين صوتي المطرز بالأنينْ
لو أنك ترينْ ..
لو ترقصين كالجنون
لو تعزفين لحني المدفون
لو يرحلونْ ..
لو أنني أموت في المحالْ
لو يدفنوني في الرمالْ
كفانيَ ارتحالْ ..
مواسم التعب تبلعها الشموس
وينفني القمرْ ..
تمّحي الأسماء حين نكون
ونصبحُ البشرْ ..
رأيتك تبدينَ .. لمحتكِ هناكَ
تعششين ..
لا تلعبينَ .. لكنك تخربين عمداً
ثورةَ المطرْ ..
توقفي عن أن تكوني دميةً
تدغدغك أصابع القدر ..
لترميكِ هناك مرةً جديدة
بعدَ الضجر ..

لا نعرف الأسماءَ .. فليكن
نجهلُ الضحكَ في الحزن
لكننا نملك مفاتيح الضياءْ

فلا تحزني .. واعشقيني
كربكِ اعشقيني
واصعدي على سطح داركم
كلي خبزها البائتَ
وانتظريني ..



مرسيليا
10/09/1994