عن نفسي، درجت على كتابة "شؤون" كما تراها، ولكني لم أنتبه لجواز كتابتها على هذا الشكل عندما استرجعت القواعد. عموماً، القاعدة "الواسعة" تعطي اللغة مجالاً أكبر وتقلل من الأخطاء.
تقول:
اقتباس:الصواب: تكتب على نبرة وليس على ياء، وقد كتبت هنا مفردة بعد ياء، وصوابها: فُقِئَ ومُلِئَ.
الكتاب الذي أمامي يقول ما جاء في كلامي أعلاه، أي أن الهمزة المتطرفة تكتب على ياء إذا كان ما قبلها مكسوراً. (المصدر: المنجد في الإعراب والبلاغة والإملاء - تطبيقات وقاعدات، محمد خير الحلواني وبدر الدين الحاضري، الطبعة الرابعة، مكتبة دار الشرق، شارع سوريا - بيروت، صفحة 301).
رغم هذا فأنا معك في "تصويبك". فلم نعهد في الهمزة أن تكتب على الياء بل على "كرسي الياء"(النبرة) في جميع المواضع الأخرى التي تكتب بها على هذا النحو.
أعتقد إذاً بأن المصدر الذي نقلت عنه هذه القاعدة تداركه الصواب (f).
لوجيكال
أعتقد مثلك بأن هناك ضرورة ملحة في "تبسيط قواعد اللغة العربية"، ولكن السؤال الصعب هو: كيف؟
التبسيط يعني القضاء على بعض "الأنواع من الشواذات" وإلحاقه "قسراً" بالقاعدة العامة. ولكن لهذا ضرره على جمالية اللغة وتفرعها وغناها. هذا أيضاً سوف يطال "البيان والتبيين" ويقلص من "نجاعة التعبير". نستطيع مثلاً أن نلغي رفع الأسماء الخمسة بالواو ونصبها بالألف وجرها بالياء، ونضع الواو في آخرها حرفاً ثابتاً (كما نفعل في عاميتنا). ونستطيع أن نحذف "المثنى" نهائياً ونستعمل المفرد والجمع فقط، ونستطيع أن نوحّد تصريف المخاطب للأنثى والذكر فلا نحفل بالفتح والكسر (كما هو الحال في اللغات الأوروبية) ونستطيع أخيراً أن نوحد جمع المذكر السالم بانتخاب الياء والنون دائماً حتى لو كانت الكلمة مرفوعة، نحو: قام "المعلمين".
المشكلة أن هذا جميعه "يفقر" اللغة ويذهب ببعض رونقها. ونحن حقاً لن نلمس هذا كثيراً في "العلوم"، ولكننا سوف نلمسه ونحس بنقصه في "الآداب". فهذا التنوع الكبير في القواعد والاستثناءات يعطي اللغة رونقاً خاصاً ويزيد أجراسها وقرع كلماتها، وهذا جميعه يعطي أصحابها مجالاً إبداعياً أكبر. هكذا نكون يسرنا الطريق على المبتدئين وضيقناه على المبدعين والمتخصصين.
المشكلة الثانية هي أن التعديلات قد تضيق مجال اللغة وقدرتها على التعبير. فلو ذهبنا إلى توحيد الفعل التابع لضمير المخاطب في المذكر و المؤنث (كما هو الحال في الانجليزية والفرنسية مثلاً)، فإننا نكون قد حرمنا السامع من تمييز "جنس" اثنين يخاطبان بعضهما البعض. وبهذانكون قد خطونا خطوة مضرة بجوهر اللغة وأساسها ومحض وجودها، أعني كونها وسيلة تتوخى الدقة في التعبير عن نفس الانسان وحاجاته. هذا ولك أن تتخيل كيف سيكون الحال عندما يخاطب العربي حبيبته بفعل لا تعرف منه إن كانت الحبيبة ذكراً أم أنثى :).
المشكلة الثالثة هي أننا نخاطر بشطر "تراثنا" اللغوي إلى شطرين كبيرين. فتصير هناك "لغة قديمة" و"لغة حديثة معدلة". هذا بحد ذاته سوف يؤدي إلى مشكلتين كبيرتين: أولهما الانبتات عن الجذور وقطع الحبل شيئاً فشيئاً مع جميع التراث العربي القديم، بما يحويه هذا التراث من كنوز ونفائس معرفية متنوعة.
ثاني هذه المشاكل هي "خصوصية اللغة العربية" بالنسبة للمسلمين الذين يشكلون الأغلبية العظمى من العرب. فالعربية بشكلها الحالي هي "لغة مقدسة" و"لغة أهل الجنة" و"لغة كتاب الله"، والمساس بها يعني مساساً بهذا كله. أما إذا أضفت إلى هذا أن الحفاظ على "العربية القرشية" هي حفاظ على "الدين والقرآن" كما كان القرآن محافظاً على "العربية" حتى اليوم، فلن نجد في العالم العربي والإسلامي بضعة نفر يتصدون إلى مثل هذه المحاولات، ناهيك عن تطبيقها.
أعتقد بأن الحل لا يأتي عن طريق نزع القواعد وضم الشواذات إلى القاعدة الرئيسية، ولكن عن طريق آخر. ما هو هذا الطريق؟
لا أدري بالضبط، ولكني أعتقد بأن على نحويينا أن يعيدوا النظر في لغتهم من منطلق مستقل عن "نحو مدرسة البصرة" الذي اشتقه الشيوخ الكبار المتقدمين وبلوره ورتبه وأضاف إليه "سيبويه" في كتابه.
أعتقد بأن علينا إمعان النظر من جديد في "نهج العامل والمعمول" الذي فرشت عليه "مدرسة البصرة" قواعدها. ومحاولة إيجاد "منطق آخر" سار عليه العرب - على السليقة - في لغتهم.
ولكن، هل هذا "المنطق الآخر" موجود فعلاً؟ لا أدري ...
أخيراً، لو بقي الحال على ما هو عليه الآن، فأنا أعتقد بغلبة اللهجات العامية شيئاً فشيئاً على اللغة العربية الفصيحة، وأفول في لغة الضاد يشابه ما حدث "للغة اللاتينية" في أوروبا.
آه ... الألف المقصورة
أنا لا أرى إلا بعض الموانع اليسيرة أمام توحيد "الألفين" مثل اختلاط المعاني في القراءة والكتابة : على وعلا، كسرى وكسرا، بلى وبلا.
ولكني حقاً، لم أفكر بالموضوع كما يجب. ولربما كانت هناك موانع أخرى أعظم خطراً لا اراها الآن.
واسلموا لي
العلماني