يتحدث الجميع في هرج و مرج عن حرب طائفية في العراق ! بعضهم يحملها للطرف الشيعي و البعض الآخر للطرف السني في العراق ، وهناك البعض ممن يحملها لاطراف سنية او شيعية خارج العراق . لكن الكثيرين يحملونها للطرف الامريكي و يعزون ذلك الى ان المحتل الامريكي هو المسؤول الاول و الاخير عن كل ما يجري ضمن سلطته في العراق . لكن أليس هناك طرف ، يمكننا وصفه بانه الاكثر استفادة من فوضى عراقية شاملة تحرق الاخضر و اليابس و تعيد العراق سنينا اخرى الى الوراء ! طرف له مكاسب سياسية يعمل على تحقيقها منذ سنوات و ليس هذه الايام فقط ! طرف يصعد في زلزلة الامور في العراق ليربح مزيدا من النقاط ضد خصمه الذي يسيطر على العراق ؟!!!

لنقرا الاحداث بطريقة تختلف قليلا عما نراها في الاعلام الرسمي و لنستنتج ما يناسب طريقتنا في التفكير عبر هذه الملاحظات البسيطة :

1. بعد الاحداث الطائفية الاخيرة اظهرت الطبقة السياسية العراقية بمجملها رغبتها في تسريع العملية السياسية، واقترحوا تسريع العملية وتوقيع ميثاق وطني بين مختلف مكونات المجتمع العراقي. كان للجميع قناعة واضحة و تصميم على ان العراق بعيد جدا عن الحرب الاهلية.

2. واستنكر عدد من علماء الدين في السعودية في بيان مشترك تلك العملية الإجرامية الفظيعة على مرقدي الإمامين الهادي والعسكري في مدينة سامراء. كما أشادوا بموقف المرجع الديني آية الله السيد علي السيستاني الداعي لتجنب التعرض للمساجد والمقامات السنية في العراق، مشيرين إلى أن فتوى السيد جاءت في وقتها المناسب لتجنب الوقوع في الفتنة الطائفية.

اذا علماء السنة و سياسييها لا يتهمون علماء الشيعة سرا و لا علنا باثارة الفتنة الطائفية !!


و سمعنا إبراهيم الجعفري، رئيس الوزراء العراقي، في مؤتمره الصحفي عندما قال ان "حوالي عشرة أشخاص شاركوا في الاعتداء من بين عشرات آخرين كانوا يرتدون زي مغاوير الشرطة العراقية تشير الى اختراقهم لأجهزة الأمن ... وانه يستطيع أن يعلن هذا من دون حساسيات سياسية." فمن هم الذين يخترقون قوات الأمن العراقية غير البعثيين العراقيين؟

و كلنا يعلم بقضية تورط مسؤولين و عناصر من الحكومة في قتل الكثيرين من السنة ( كما كانت تدعي هيئة علماء المسلمين مدعية بان لديها الادلة على ذلك ) و ذلك قبل الاحداث الاخيرة باسابيع .

اذا فهناك عناصر و مسؤولين حكوميين ( ومعهم احزاب و منظمات شيعية أخرى ) معروفين بتواطئهم مع الايراني في اثارة الفتن و الفوضى في العراق كي تتحمل الحكومة الامريكية المسؤولية عما يجري هناك ، وهو ما نسميه عملية عض أصابع بين امريكا و ايران و التي تجلت في اكثر من مناسبة و اهمها قضية التخصيب النووي و توالياته !

أنصار مقتدى الصدر استغلوا الوضع المشتعل لصالحهم ، و لصالح ايران ( التي كانت و ما فتئت تساعد الصدر و تدعمه بالمال و الرجال و المكاتب و الاعلام الداخل العراقي و الايراني كي يكون راس حربة ضد الامريكيين ) فنزل ما يسمى بـ"جيش المهدي" رافعين صور سيدهم كمناسبة دعائية و قاموا بالاعتداء على مساجد أهل السنة والقتل العشوائي للأبرياء السنة. وهذا يصب تماماً في خدمة النظام الايراني والزرقاويين لأن الغاية هي واحدة وهي خلق فوضى عارمة وزعزعة الأمن .

ومقتدى الصدر هو أحد الأدوات لتحقيق هذه الهدف الدنيء. فمقتدى الصدر ليس مسئولاً رسمياً ولا هو برجل دين كبير بلغ درجة الإجتهاد، فهو لم يتجاوز بعد الثانية والثلاثين سنة من العمر، ولم يكن له حظ واسع في العلوم الدينية، كما إنه معروف بجهله في الثقافة العامة والأمور السياسية من خلال تصريحاته المثيرة للسخرية، مثل أنه على استعداد للدفاع عن إيران وسوريا وأية دولة من دول الجوار...الخ، ووفق جميع المقاييس فمقتدى الصدر لا يستحق هذه الحفاوة من قبل كبار مسئولي دول الجوار. فيا ترى لماذا هذا الاستقبال الحافل لرئيس عصابة لها دور بنشر الفوضى في عراق ما بعد صدام؟
من هنا نفهم أن الغرض من هذا الاستقبال هو تشجيع هكذا إنسان على الإمعان في غيه ومواصلة عمله في زعزعة الأمن والاستقرار في العراق،


نرى إيران وسوريا تذرفان دموع التماسيح على الشعب العراقي علناً، ولكن في السر والعلن يعملان على إفشال المشروع الديمقراطي في العراق بحجة دعم مقاومة الشعب العراقي ضد الاحتلال الأجنبي. فالدولتان فتحتا حدودهما لتسلل الإرهابيين إلى العراق. كذلك الحملة الدعائية ضد تحرير العراق، وما تقوم به إيران ضد القوات البريطانية في البصرة.



و نرى من خلال المعالجة الامريكية لمشكلة التخصيب النووي الايراني كيف تبعث تحذيرات واشنطن ووعيدها بعدم استبعاد إمكانية القيام بعمل عسكري ضد إيران على الاعتقاد بأن الأمر لا يتعلق فقط بضغوط يمارسها "المحافظون الجدد" على إدارة بوش من أجل التحرك، وإنما قد يكون مؤشراً على أن مثل هذا العمل العسكري يجري التحضير له حالياً وبات احتمالاً وارداً. ولا شك أن المحللين الاستراتيجيين والمسؤولين الحكوميين السابقين، "المحافظين" و"الليبراليين" قد وصفوا العواقب الوخيمة التي ستنتج عن مثل هذا الهجوم، ورد إيران المحتمل عسكرياً واقتصادياً، و هنا نجد بان الورقة العراقية بيد ايران تكاد تعادل في قوتها الورقة الامريكية ، و شاهدنا الاحداث الاخيرة كيف كان وقعها على الامريكيين !



3.القلق الامريکي المتزايد من جراء تفاقم الوضع الامني في العراق بعد العملية الارهابية الاخيرة في سامراء، يؤکد حقيقة کون واشنطن من أکثر الاطراف تضررا من جراء ذلك لان الولايات المتحدة تعاني قبل تلك الاحداث من الغرق في الطين العراقي فكيف بعد تلك الفوضى و التصعيد في تعكير الامن و القتل ! و زيادة التكلفة الامريكية في الضحايا و الاموال التي بالكاد يحصل عليها بوش من الكونغرس !

و نرى بعد الاحداث الاخيرة كيف ان ساترفيلد القائم بالأعمال الأمريكي في بغداد شددعلى ضرورة نزع أسلحة الميليشيات المسلحة كافة في العراق، لكنه اعتبر أن إنجاز المهمة يحتاج الى وقت الى حين اكتمال إنشاء قوات أمن عراقية موحدة. وأشار الى أهمية أن تكون تشكيلات وزارتي الداخلية والدفاع من الأطياف كافة، وإقصاء كل من له صلة بالميليشيات أو موالاتها.


4. التظاهرات الحاشدة التي"تسيرها"طهران في الشوارع کي تسلط الضوء على الدور الامريکي"السلبي" و "المشبوه" في المنطقة و العراق ليس الا ذرا للرماد في العيون . فطهران كانت و ما زالت بالتعاون مع حليفتها سوريا تعملان على نشر الفوضى في العراق كي تزيدان في المتاعب الامريكية و افشال سياسة بوش في العراق و يعرف العراقيون قبل غيرهم ان المتسللين القتلة كانوا يعبرون الحدود السورية بسيارات معدة للتفخيخ و التفجير لصالح نظام صدام الذي كان و ما زال يدفع للقيادة في دمشق مصروف جيبة كي يسمح ولو بغض النظر عن تلك العصابات المضللة المتسللة باسم القومية و الدين و الوطنية لتقتل العراقيين الشيعة كونهم المسيطرين على الحكومة بالتعاون مع المحتل الامريكي .

5. قبل الاحداث الدموية الاخيرة من تفجيرات و قتل ، و کونهما ( سوريا و ايران ) من أکثر الدول تأثيرا في الشأن العراقي کذلک کونهما أکثر الدول إستفادة من تداعيات إحتقان الوضع في العراق. كنا وما زلنا الاعلامين السوري و الايراني يؤکدان ليل نهار على التخبط الامريکي في العراق و عدم وجود آفاق أي إنفراج بصدد مستقبل التواجد الامريکي في العراق،

و هذا ما يؤكد ان لهما اصابع خفية عملت و ما زالت تعمل يوميا على ان يجعلوا العراق ضحية لمخططاتهم الجهنمية الرامية لإشعال حرب أهلية. و بذلك يبقى العراق ضعيفا لا يؤثر في النظام السوري كما لو اصبح عراقا جديدا، تنويريا ، يؤمن بالحريات و يمتد تأثيره على أبعد حدود العالم العربي ! مشاركا اعلاميا و سياسيا في سياسة علمانية ، تحررية ، تنويرية و ديموقراطية و مسقطا الانظمة الشمولية، التسلطية من حول العراق قبل غيرها !

اذا فالفتنة العراقية ليس لها جذور متوهجة في المجتمع العراقي كما ولم يحدث ما يبرر تلك اللفحة الساخنة التي هبت فجاة على العراقيين بل كانت من ضمن مخطط ايراني مقصود و معد ردا على ما تحيكه امريكا ضد ايران . و كل ما يجري من فتن في العراق و لبنان و فلسطين ليس الا نتيجة لما يعده التحالف الايراني السوري ضد المحور الامريكي الاوروبي !



مع التحية (f)

(f)


دعواتك الساخنة
وتصفيقك الحاد.

وهل تريد أمريكا أكثر من ذلك
هذا هدفها غير المعلن؟؟


محبتي ومودتي(f)
محمد الدرة

شكرا لمرورك عزيزي محمد !

(f)

العراق: اعتقال 10 في تفجيرات سامراء بينهم 4 من حراس المرقد


البصرة: داخل جاسم لندن: «الشرق الاوسط»
أعلن موفق الربيعي مستشار الأمن القومي العراقي لشبكة «سي. إن. إن» الاميركية أمس انه تم توقيف عشرة أشخاص مشتبه فيهم في اطار التحقيق في تفجير المقام الشيعي في سامراء الاربعاء، بينهم أربعة حراس للمسجد المذهب.
وأضاف ان المشتبه فيهم الستة الآخرين كانوا في مدينة سامراء بعدما أقاموا لتوهم في منزل ويخضعون حاليا للاستجواب. وتابع ان هذه الخيوط بالغة الاهمية بالنسبة الى التحقيق، مضيفا ان معلومات اضافية ستعلن قريبا جدا. وتعرض مرقد الإمامين الهادي والعسكري في مدينة سامراء شمال بغداد لتدمير جزئي بعد تفجير قبته صباح الاربعاء. وقال الربيعي ان العراقيين «اثبتوا انهم تجاوزوا هذا الاختبار، وأظهروا مجددا للقاعدة والعالم انهم لن ينجروا أبدا الى حرب أهلية». وتابع ان تنظيم القاعدة يسعى الى «إحداث انقسام بين السنة والشيعة في العراق، ويحاول ذلك منذ عامين ونصف العام لكنها أخفق».

انتهى الخبر / عن الشرق الاوسط



سترينا نتائج التحقيق من الذي مول اولئك المجرمين و دفعهم لاشعال شرارة الحرب الاهلية :

(f)[quote] Awarfie كتب/كتبت


العراق: اعتقال 10 في تفجيرات سامراء بينهم 4 من حراس المرقد





سترينا نتائج التحقيق من الذي مول اولئك المجرمين و دفعهم لاشعال شرارة الحرب الاهلية :




أورفاي (f)

هل تشك للحظة من يمكن أن يكون موّل أولئك المجرمين يا صديقي...
وهل في العراق غيرهم يسعون لهذه الفتنة التي ستطيل مكوثهم...
وهل تعتقد أنه يجرؤ أحدٌ على التقدم عليهم لتمويل وتشجيع وافتعال الحروب الطائفية الداخلية سواء في العراق أو في لبنان أو سورية غيرهم ..
هل هناك غير ( بوش وزبانيته من الأمريكان المجرمين الإرهابيين )
أعتقد أنّك ... أو بدون أن أعتقد ؟

محبتي أورفاي (f)ومودتي
محمد الدرة(f)

اقتباس:
--------------------------------------------------
هل تشك للحظة من يمكن أن يكون موّل أولئك المجرمين يا صديقي...
وهل في العراق غيرهم يسعون لهذه الفتنة التي ستطيل مكوثهم...
--------------------------------------------------


انه النظام الايراني ، دون أي شك بذلك ، فهو المستفيد الاكبر من تاجيج الكراهية ضد الامريكيين المتواجدين في العراق على مقربة من حدودهم و الذين يضعفون الدور الايراني و يحدون من تخوله الى قوة اقليمية لها " a finger in every pie "

كما كانت في الماضي .

اما الامريكيين فهم يبحثون عن أية وسيلة ممكنة للخروج من العراق و باسهل طريق عل الا يكون في خروجهم خسارة استراتيجية او اعلامية . بينما ان الايرانيين يحاولون تعطيل ذلك المنحى بأي اسلوب ممكن بدءا من زراعة العراقيل حتى اشاعة الفوضى و تاجيج المشاعر الدينية المناهضة للامريكيين!


تحياتي (f)

إذن أورفاي(f)

أقول لإيران..
أحييكِ... أحييكِ ... يا إيران رغم أن شكّك ليس بمكانه..
ولكن إذا كان ما تسعى له إيران كما حللتَ وكتبتَ أنا أحيي إيران
لعلها تعطي أمريكا ومن يشدّ بأذيالهم ليبقوا درسا
بأنّ:

دخول الحمام مش زي الخروج منه

تعطيهم درسا بأن الاعتداء على الشعوب واحتلال أراضي الغير بالباطل والكذب ليس أمرا مقبولا...

أمّا أنا فأرى غير ما رأيت...
إنها أمريكا نفسها تضع العراقيل أمام خروجها من العراق لكي تبقى علة في جسد أمتنا وقد أثبتت بعض التحقيقات ذلك..

محبتي ومودتي(f)
محمد الدرة

الحقبة الإيرانية والمُتاح الآن
حازم صاغيّة الحياة - 04/03/06//

الذين توهّموا، بعد انهيار الاستبداد العراقي، أن بوّابة الديموقراطية فُتحت في المنطقة على مصراعيها، فاجأتهم إيران. ذك أن الاستبداد الإيراني كان يفتتح، في تلك اللحظة، فصلاً جديداً بانتخاب محمود أحمدي نجاد رئيساً. فالحدث هذا «جدّد» الثورة الخمينيّة بالمعنى الذي «جدّدت» فيه «الثورة الثقافيّة» في الصين ثورة ماو تسي تونغ الأولى التي انتصرت في 1949.

هكذا يجوز القول إن منطقة الشرق الأوسط تعيش في اللحظة الوسيطة بين انهيار غير مكتمل ألمّ بالاستبداد العراقي، تولّى الاحترابُ الأهلي بعده وظيفةَ التعطيل التي كان يؤديّها نظام صدّام، وبداية نشطة للاستبداد الإيراني. ذاك أن الحقبة التي يفتتحها الأخير تملك من المواصفات الخطرة ما لا يملكه غيرها: ففضلاً عن صلة التحالف مع النظام السوري وحركات «حماس» (الحاكمة) و»الجهاد الإسلامي» و»حزب الله» (المعطّل للحكم)، وعن صلات مذهبية واثنية تمتد من أفغانستان الى الخليج، مروراً بالعراق طبعاً، هناك ما بات يوصف بـ «الملف النووي» مصحوباً بعمق التأثير في شرايين الاقتصاد الدولي. وهو ما يعني أن أية ضربة أميركية حمقاء لإيران ستكون ضربة لمصالح دول شبه عظمى، كالصين والهند واليابان، تتزوّد جميعاً بالنفط الإيراني. وإذا صحّ، وهو غير مؤكد، أن زيارة جورج بوش الأخيرة الى الهند قد ترضي نيودلهي بضمّها الى الشرعية النووية، وقد تؤدي، تالياً، الى توسيع المسافة التي تفصلها عن إيران، فهذا ما سيترك أثراً معاكساً تماماً على الصين المتخوّفة من التقارب الأميركي-الهندي بما قد يدفعها الى تعزيز التحامها بطهران.

صحيح أن المحور الذي تتزعّمه إيران لا يملك برنامجاً للمنطقة يطاول حاجاتها الفعلية، اقتصاداً وسياسةً وتعليماً، فيما يقتصر «برنامجه» على امتلاك طاقة التعطيل وإثارة الفوضى. بيد أن ما يضيف قوة الى قوة اندفاعة طهران أن طلب المنطقة للفوضى لا يقلّ، إن لم يزد، على طلبها الانتظام في المعاصرة. ومن هنا بدا الانتقال طبيعياً، بل آلياً، من تفسّخ الحقبة العراقية لما بعد صدّام الى ابتداء الحقبة الإيرانية مرموزاً اليها بنجادي.

وهذا، بدوره، يوجب، بين ما يوجبه، نقد مرحلة التوقعات الأميركية الكبرى بالديموقراطيّة وما انطوت عليه من سذاجة «كونية» بدأت تخلي مكانها لخبث وسينيكيّة «قوميين». ذاك أن بعض الذين أطنبوا في تبشيرنا بديموقراطيّة تعمّ الشرق الأوسط، بدأوا يبشّروننا بحرب أهليّة تنجو الولايات المتحدة من لهبها، مصحوبة بضربات عسكرية توجّه إلى إيران.

والحال أن الأضرار الهائلة والواسعة النطاق التي قد تنجرّ عن «سياسة» جديدة كهذه، تلحّ في طلب الهدنة التي تعكس اللحظة الراهنة، لحظة التوازن بين الحماقة الديموقراطية وقواها وبين الخرابيّة العدمية وقواها.

فقد دللت منطقة الشرق الأوسط، في العراق خصوصاً ولكنْ أيضاً في لبنان وسورية وفلسطين رغم التفاوت في أشكال التعبير، على حدود احتمالها التغيير. وها هي اليوم مدعوّة لمكابدة الحقبة الإيرانية الصاعدة مثلما كابدت حقبة صدّام من قبل. وفي الغضون هذه، لا يستطيع «الغرب» أن يفعل أكثر من الضغط للحفاظ على المكاسب المتحققة حيث توجد، أنظمةً سياسيةً وعلاقاتٍ اقتصاديةً وقيماً ثقافية، فلا تجتاحها البربرية. وفي موقع الصدارة من توجّه كهذا، التعلّم مما حصل في العراق وبذل بعض الجهد الفعلي لإيجاد تسوية ما للنزاع الفلسطيني - الإسرائيلي.

هذا أقصى المتاح الآن.

لا تموتو من اجل الفطائس - حسن حاتم المذكور

[04-03-2006]
من استمع الى مقابلة وزير الداخلية بتاريخ 28/02/2006 على قناة العراقية يستنتج ’ ان كل ما يحدث في العراق من تفخيخ وقتل وخطف واغتصاب وذبح على الهوية وتهجير وافقار وتدمير البنية الحياتية للناس ثم تفجير الأضرحة واماكن العبادة والأستهتار بمشاعر العراقيين وعقائدهم ومقدساتهم ’ كل هذا وكثير غيره يحدث ويبرر ويتواصل من اجل انجاح النموذج المستورد للعملية السياسية الراهنة .

واشار الوزير : على ان وسائل القتل والتدمير كانت تستورد من الخارج بنسبة 90% ’ اما الآن فجميعها اصبحت صناعة محلية بتمويل خارجي هائل ’ وقدم مثالين احدهما جامع للعبادة والآخر بيت لآحد السياسيين الفاعلين داخل العملية السياسية ’ ورداً على سؤال ’ لماذا لا تتخذوا الأجراءات الحازمة... ؟ .

اجاب الوزير : لا نستطيع حفاظاً على نجاح العملية السياسية ’ ورداً على سؤال حول انقاذ اخته التي كانت مختطفة وعدم انقاذ حياة الصحفية الأمريكية ’ اجاب : كان بأمكاننا ذلك لو ترك الأمر لنا والسفير الأمريكي كان على علم بذلك وكذلك الجهات الأمريكية وقد نشرت تصريحاتي في الأعلام الأمريكي داخل امريكا ’ والأمريكان يعرفون تماماً اين هي ونحن نعرف ايضاً لكن انقاذها الأن قد يشكل فضيحة تؤثر سلباً على نجاح العملية السياسية ’ كان يقصد ’ انها في بيوت من يشتركون في عملية تشكيل حكومة الوحدة الوطنية .

ولمح الوزير: اننا نعرف اين هم البعثيين والتكفيريين والأرهابيين وبأمكاننا ان نتخذ الأجراءات الرادعة لكن ... وتوقف الوزير عن اكمال ما يريد قوله .

مقدم البرنامج تساءل : والناس يا سيادة الوزير ... مصير الناس ... ؟ .

اجاب الوزير : اوعدونا انهم سيوقفون تلك الأعمال ( طبعاً بعد فرض شروطهم ) .

الوزير كشف عن القسم الأهم من الحقيقة رغم تحفظة الشديد .

ان دم وارواح العراقيين وامنهم واستقرارهم وحاضرهم ومستقبلهم وطموحاتهم قد استبيحت وهدرت من اجل العملية السياسية ’ ومن اجلها ايضاً هذا الموت اليومي والتدمير المادي والمعنوي والروحي والنفسي ’ ولو سألنا الوزير والرئيس والمسؤول الآخر والناطق بأسم والممثل لتلك الطائفة او تلك القومية والفئة الحزبية او الحاصل على ثقة واصوات الأنسان العراقي ’ اذا سألناهم: اذا كانت تلك الفاجعة المروعة والكارثة المخيفة التي حصدت وتحصد ارواح ودماء وامن واستقرار وحاضر ومستقبل المواطن العراقي من اجل العملية السياسية ’ فمن اجل من ستكون العملية السياسية ذاتها ... ؟ .

ان لم تقولوها صريحة فسنقولها لكم ’ صح ان موت الناس ومآساتهم من اجل انجاح العملية السياسية’ لكن العملية السياسية بكاملها من اجلكم ايها السادة السياسيين ’ نزيف الدماء والأرواح والثروات من اجلكم ايضاً ايها المنتخبين ’ جعلتم ثقة الناس واصواتهم وصبرهم ومعاناتهم جسراً للعبور الى جناح الفرهود في بزار العملية السياسية’ مضحكة مخزية محزنة اساليبكم ومناوراتكم وتحالفاتكم وعداواتكم وخداعكم لبعضكم ’ اصبحت ضريبتكم باهضة ليس بأستطاعة الناس مواصلة دفعها ’ كان تاريخكم غير صريح ونواياكم غير واضحة ومفرداتكم المرفوعة والمنصوبة والمجرورة فارغة من الصدق وحسن الطوية . كذباً وتمويهاً تختلفون وتتصارعون وتتراشقون في الدم العراقي المستباح وتسجلون نقاطاً ضد بعضكم على طاولة القضية العراقية ثم تتوافقون في النهاية على القسمة والحصة وبضمنكم البعث وكل يقول للآخر ( عوافـــي ) .

خطبكم ’ احاديثكم ’ تصريحاتكم وبلآغة مفرداتكم اصبحت ( ضرطة في سوق صفافير ) العملية السياسية بالنسبة للمواطن العراقي ’ ومن قفز وسوف يقفز الى دائرة الفرهود في المنطقة الخضراء لا صلة له بضحايا حلبجة والأنفال والدجيل والكرد الفيلية وعرب الأهوار وعموم شهداء المقابر الجماعية وأيتامهم واراملهم ’ ولا صلة له كذلك بشهداء تفجيرات المفخخات والأحزمة الناسفة والموت اليومي .

ما اغربكم وما اغرب قسوتكم وابتذال تبعيتكم وسذاجتكم ايضاً ’ تتوهمون انكم تجيدون ادواركم في خداع الناس ’ والناس على قناعة راسخة على ان منطقتكم الخضراء اصبحت طريقاً موحلاً الى مزابل التاريخ’ واقول لكم يا رموز العملية السياسية التي اصبحت معيبة لا تشرف احداً ’ ان العراق ما مات يوماً .. ولن يموت ’ وان الخيرين من ابناءه الذين تواصلون اجتثاثهم يواصلون هم ايضاً بناء ذاتهم واستعادة ارادتهم وردود فعلهم معرفة وفكراً وسياسة وتنظيماً وبديلاً ’ ومن مآساة ومعاناة اهلهم سيستمدون الجراءة والقدرة على قلب قذارات قدر اللعبة على رأس من يطبخها ويتوقف الموت من اجل فطائس لا تستحق الا اللعنة .

ــ لتسقط الأزمنة التي تفرخ بيننا اكثر من صدام حسين تفاهة وحقارة وقسوة وثقافة للغدر والفرهود .

ــ لتسقط العملية السياسية عاهرة تتوضى وتتجمل وتشرب من الدم العراقي وترقص عليه .

ــ لتسقط الديموقراطية التي تكذب وتلتف على نفسها وتتقيء على وجه قضيتنا مفردات من وحل الضمائر الفاسدة .

ــ لتسقط القطارات والدبابات والصواريخ الذكية وقذارات حمولتها التي جعلت مآساة العراق ومعانات العراقيين قدراً متواصلاً .

ــ عاش العراق والمجد للحزن والدموع والتضحية من اجل اهله .. وليسقط الموت من اجل الفطائس .

لنرى كيف يفهم توماس فريدمان المسألة كما في مقاله التالي :



بين الضياع والوجود: عراق بريمر ورامسفيلد .. أم عراق العراقيين؟


منذ بداية حرب العراق كان واضحا ان «الانتصار» يعتمد على الإجابة على سؤال رئيسي وهو: هل كان العراق على النحو الذي عرفنا بسبب طبيعة صدام حسين، ام ان صدام حسين كان على النحو الذي عرفنا لأن طبيعة العراق كانت تتطلب ذلك؟ أي ان دولة مثل العراق، تتكون من شيعة وسنة وأكراد، لا يمكن السيطرة عليها إلا بقبضة حديدية.
للإجابة على هذا السؤال الكبير كان على الولايات المتحدة توفير حد أدنى من الأمن لكل العراقيين كي يشعروا بقدر كاف من الارتياح، يسمح لهم بالتفكير على نحو يمكنهم من تجاوز الهويات العشائرية او الدينية. لم تفعل الولايات المتحدة ذلك، والسبب هو قرار الرئيس جورج بوش بالتعامل مع العراق اعتمادا على «نهج رامسفيلد» القائم على أساس استخدام قوات كافية لتحقيق المهمة، بدلا من اتباع «نهج كولن باول» القائم على اساس استخدام قوة هائلة وكافية لتحقيق الانتصار، وليس لإسقاط النظام العراقي السابق فحسب.

عدم توفر قوة عسكرية اميركية هائلة أدى الى نهب المباني الحكومية ومستودعات الأسلحة والذخيرة، وعدم ضبط الحدود منعا لتسلل المقاتلين من خارج العراق، ومن ثم انتشار حالة انعدام الأمن، وهذه ادت بدورها الى دفع العراقيين الى اللجوء والاعتماد على الولاءات العشائرية والميليشيات، بدلا عن الثقة بجيش وشرطة العراق. ويمكن القول بصورة عامة ان الناس يعرفون جيدا الجهات التي يمكن ان توفر لهم الحماية في حالات الأزمة، واختار الكثير من العراقيين اللجوء الى الميليشيات المحلية.

صحيح ان الولايات المتحدة اصبحت الآن افضل أداء فيما يتعلق بتدريب الجيش العراقي، كما ان العراق شهد انتخابات وطنية عامة. إلا ان الفشل في توفير الأمن خلال فترة ما بعد الغزو يعني ان الولايات المتحدة تحاول بناء المؤسسات الوطنية، في مواجهة تنافس المتمردين وإرهابيي شبكة «القاعدة» وفرق الموت الشيعية والميليشيات الطائفية التي ملأت الفراغ الأمني.

ما كان يجب ان يحدث ذلك في الأساس. فريق الرئيس بوش ظل يعلن مكررا ان هناك قوات عسكرية اميركية كافية في العراق، وانه ليس هناك طلب للمزيد من القوات. هذا بالتأكيد حديث غير صحيح مطلقا. إذ ان بول بريمر، الذي ترأس الإدارة الاميركية المدنية في العرق سابقا، كشف في كتابه الذي صدر حديثا تحت عنوان «عام في العراق» انه ظل يطلب باستمرار إرسال مزيد من القوات الاميركية للعراق، إلا ان الجهات المعنية في واشنطن تجاهلت طلباته.

واعترف بريمر في كتابه بأن انتشار قوات التحالف كان ضعيفا، وكشف ايضا انه ابلغ كوندوليزا رايس عام 2003 بأن «لدى التحالف نصف عدد القوات المطلوبة فعلا، وان ذلك ينذر بتدهور الأوضاع بالنسبة للولايات المتحدة في العراق». وصف بريمر الوضع عام 2004 قائلا: «ابلغت كوندوليزا رايس في 18 مايو (آيار) 2004 بأنني اعتزم ارسال رسالة خاصة جدا الى دونالد رامسفيلد تتلخص في ان التحالف في حاجة الى المزيد من القوات. بعثت برسالتي بعد ظهر ذلك اليوم وأشرت في معرضها الى ان تدهور الوضع الأمني منذ ابريل (نيسان) اكد بوضوح ـ لشخصي على الأقل ـ اننا كنا نحاول تغطية الكثير من الجبهات اعتمادا على موارد محدودة للغاية، إلا انني لم اتلق ردا من رامسفيلد».

ونسبة لأن الولايات المتحدة لم تنشر عددا كافيا من القوات، فإنها لا تستطيع منفردة بسط الأمن والنظام في العراق، بل يمكن القول ان لا سبيل لها الى ذلك. اما الجيش العراقي فلن تكون لديه إرادة كافية في ظل عدم وجود إجماع سياسي واسع مهما كان مستوى تدريبه. ويبقى الأمل الأخير في الخروج من الوضع الراهن في توحد القيادة العراقية الجديدة، وتجاوز خلافاتها، ونجاحها في تشكيل حكومة وحدة وطنية حقيقية، وحث اتباعها على دعم هذا التوجه.

هذا هو وقت اتخاذ القرار الحاسم حول مستقبل العراق. هناك الآن حكومة عراقية منتخبة على اساس دستور عراقي. فإما ان يتوحد القادة العراقيون ويشكلوا حكومة وحدة وطنية، وينقذوا العراق، وإلا فإنهم سيتسببون في تقسيم البلاد. كان واجبنا ان نساعدهم على اتخاذ القرار المناسب في وضع آمن ومستقر، وليس في ظل الاضطراب والتوتر. ولكننا فشلنا في هذه المهمة.

العراقيون هم الذين سيحددون للاميركيين الآن ما إذا كان عليهم المغادرة او البقاء في العراق. غالبية الاميركيين ظلت تتفهم باستمرار قيمة وأهمية السعي لإقامة حكومة ديمقراطية في قلب العالم الاسلامي. وهذا هو السبب في عدم وجود حركة واسعة مناوئة للحرب هناك. يجب على الاميركيين التمسك بموقفهم تجاه العراق، وسيفعلون ذلك إذا شعروا بأن العراقيين يسيرون في طريق بناء حكومة فاعلة ومستقرة، ولكن لا يجب عليهم رعاية حرب اهلية في العراق. اما اذا شعروا بأن ذلك هو ما يحدث بالفعل، فلن يكون هناك سبب يكسب الحرب تأييدا في الشارع الاميركي.



توماس فريدمان الإثنين 6 مارس / نيويورك تايمز نقلا عن ايلاف .