تحياتي العزيز مستر كامل، ومعذرة على التأخر. فقد كنت أيضاً أنتظر تدخل آخرين، ويظهر بأنه لم يفكر أحد بالتدخل حتى الآن. فلنباشر موضوعنا إذاً:
اقتباس: مستر كامل كتب/كتبت
فيسوع يدعو الى التمسك بالناموس مدى الحياة ,وبولس يقول أن الناموس لعنة , يسوع اختتن ومن المفترض أن يكون قدوة للمسيحيين الحقيقيين , ويأتى بعده بولس ليلغى الختان
لا لم يدعُ يسوع إلى التمسك بالناموس (شريعة موسى) مدى الحياة، لكنه أظهر دوره الوقتي وأسباب فرضه على أمة إسرائيل قديماً. فمثلاً عندما قال: "السبت انما جعل لاجل الانسان لا الانسان لاجل السبت" (مرقس 2 : 27) كان يحاول التشديد على أهمية فهم معناه لا على أخذه فقط بشكل أعمى كمجرد "شريعة" وفرائض بدون فهم. لقد فرض الله الناموس بكل ما يرافقه من أحكام وطقوس ليس لأنه يستلذ بوضع الفرائض، بل كان يهدف منه تطبيقاً بشكل أوسع على شعبه. وشدد لهم على أهمية حفظه بسبب أهمية ما كان سيأتي في ما بعد تطبيقاً له. دعنا نأخذ كلمات الرسول بولس بهذا الخصوص:
اقتباس:"10: 1 لان الناموس اذ له ظِـلّ – عبرانيين 10 : 1.
http://st-takla.org/pub_newtest/58_heb.html
[QUOTE]"2: 17 التي هي ظِـلّ – كولوسي 2 : 17.
http://st-takla.org/pub_newtest/51_kolos.html
لا شك بأن الرسول بولس فهم الهدف من الناموس نتيجة عمل الروح القدس فيه. لقد رأى التطبيق الفعلي والهدف الحقيقي منه. فقد شبهه بـ "ظِـلّ"؟
حسناً، فإن كنت بعيداً عن الجسم الحقيقي؛ فعليك أن تتبع ظله كي تصل إليه؛ دون أن تحيد عنه يميناً أو يساراً؛ وإلاّ ضعت. هذا كان دور الناموس. لم يكن هو الهدف بعينه بنظر الله لعباده. لقد كان مجرد إشارة وقتية (طريقاً وقتياً) للسير عليها إلى أن يصلوا إلى الجسم الحقيقي الذي هو المسيح. فبعد الوصول إلى المسيح؛ لا حاجة في ما بعد أن يتمسكوا بالظل ويتبعوه. ولذلك كان يسوع يشير إلى هذه النقطة بالذات عندما قال:
[QUOTE]"16: 16 كان الناموس والانبياء الى يوحنا ومن ذلك الوقت يبشر بملكوت الله وكل واحد يغتصب نفسه اليه
16: 17 ولكن زوال السماء والارض ايسر من ان تسقط نقطة واحدة من الناموس"
– لوقا 16 : 16 و 17.
http://st-takla.org/pub_newtest/42_luk.html
فحفظ الناموس وفرائضه كان سينتهي بيوحنا المعمدان الذي مهد الطريق لـ "
الحقيقة" (الجسم الحقيقي). ولذلك بعد يوحنا كان على الناس أن يغيّروا وجهة نظرهم من الناموس. فمن الآن فصاعداً من المفروض بهم أن ينظروا إلى يسوع المسيح بدلاً من حفظ الناموس. وكلمات يسوع أيدت الفكرة تماماً إذ أوضح بأنه هو المقصود بكل فرائض الناموس، إذ قال في ما يختص بأحد فرائضه مثلاً:
اقتباس:"12: 8 فان ابن الانسان هو رب السبت ايضا"
– متى 12 : 8.
http://st-takla.org/pub_newtest/40_matt.html
يعني بكلمات أخرى، يسوع المسيح هو الهدف الحقيقي للسبت ولفرائض الناموس الأخرى.
ولدينا دليلاً واضحاً آخر على انتهاء دور الناموس بمجيء الجسم الحقيقي (المسيح). فعند موته حدثت ظاهرة جديرة بالإهتمام لا يفهمها كل من يقرأها. لقد انشق حجاب الهيكل:
اقتباس:"27: 51 و اذا حجاب الهيكل قد انشق – متى 27 : 51.
http://st-takla.org/pub_newtest/40_matt.html
ماذا تعني هذه الظاهرة الغريبة؟
حسناً، لم تكن مجرد حادثة نتجت من الزلزلة أو صدفة. فشكل الهيكل بحسب ما فرضه الله كان يتكون من قسمين يفصل بينهما هذا الحجاب. القسم الأول حيث يخدم الكهنة، وهو القسم الأكبر ويسمى "القدس". والقسم الأصغر الذي يليه والحاوي عادة تابوت العهد (أو حضور يهوه الله) الذي يسمى "قدس الأقداس". هذا القسم الثاني لا يدخل إليه أحد إطلاقاً ولا حتى أن ينظر إلى ما في داخله وإلاّ سيموت بصعقة إلهية. لكن يوجد استثناء واحد فقط وهو دخول رئيس الكهنة وحده إليه مرة واحدة فقط على مدار السنة ليقوم برش الدم هناك. الدم الذي يرمز إلى دم المسيح الذي كان سيقدم من أجل البشرية. فهل تتخيل ما يمكن أن يحدث إن زال هذا الحجاب؟ حسناً، فالرؤية والدخول إلى القسم الثاني صار من الآن فصاعداً ممكناً. الأمر الذي يعني بأن الهدف الأساسي من الناموس قد تمّ بموت المسيح وسكب دمه. لقد انتهى دوره:
[QUOTE]"9: 6 ثم اذ صارت هذه مهياة هكذا يدخل الكهنة الى المسكن الاول كل حين صانعين الخدمة
9: 7 واما الى الثاني فرئيس الكهنة فقط مرة في السنة ليس بلا دم يقدمه عن نفسه وعن جهالات الشعب
9: 8 معلنا الروح القدس بهذا ان طريق الاقداس لم يظهر بعد ما دام المسكن الاول له اقامة
9: 9 الذي هو رمز للوقت الحاضر الذي فيه تقدم قرابين وذبائح لا يمكن من جهة الضمير ان تكمل الذي يخدم
9: 10 وهي قائمة باطعمة واشربة وغسلات مختلفة وفرائض جسدية فقط موضوعة الى وقت الاصلاح
9: 11 واما المسيح وهو قد جاء رئيس كهنة للخيرات العتيدة فبالمسكن الاعظم والاكمل غير المصنوع بيد اي الذي ليس من هذه الخليقة
9: 12 وليس بدم تيوس وعجول بل بدم نفسه دخل مرة واحدة الى الاقداس فوجد فداء ابديا"
- عبرانيين 9 : 6 – 12.
http://st-takla.org/pub_newtest/58_heb.html
ولذلك لا حاجة في ما بعد إلى بناء هياكل وممارسة الكهنوت أو الطقوس فيها، الأمر الذي يخالفه بنـّاؤو الكنائس وصفّ الكهنوت المدعين المسيحية بشكل صريح. فالكهنوت صار من الآن فصاعداً كهنوتاً سماوياً لا أرضياً. وإصرارنا على الإحتفاظ به يدل على رفضنا الكهنوت الحقيقي السماوي، لأن الكهنوت الأرضي اليهودي كان مجرد رمز (ظِـلّ) وقتي:
اقتباس:"4: 10 اتحفظون اياما و شهورا و اوقاتا و سنين
4: 11 اخاف عليكم ان اكون قد تعبت فيكم عبثا"
– غلاطية 4 : 10 و 11.
http://st-takla.org/pub_newtest/48_galat.html
إذاً نجد بأن الرسول بولس لم يكن هو الذي قرر شق حجاب الهيكل أو إبطال الناموس. لقد حدثت هذه الأمور قبل اهتدائه. وتعليم المسيح ذاته بأنه هو الهدف الذي أشار إليه الناموس؛ حدث أيضاً قبل اهتداء بولس. كل ما في الأمر هو أن بولس حاول أن يشرح هذه الأمور ويوضح معناها لشعب يهودي لا يزال متصلباً ومستصعباً التنازل عن فرائض الناموس وطقوسه.
الآن إن أتينا إلى النقطة الثانية، أي موضوع الختان. فالختان وُجـِد وفـُرض أولاً على ابرهيم (يعني قبل الناموس بما يقارب الـ 400 سنة. وقد أعاد الله فرضه على أمة إسرائيل في الناموس. إلاّ أن هذا أصبح أمراً خيارياً على المسيحيين، لا فرضاً. وذلك دون تدخل بولس إطلاقاً. لقد جرى استخدام بطرس من أجل تلك المهمة. وأظن بأنك تعلم بأن اليهود كانوا عادة يتجنبون الإحتكاك بالشعوب الغير المختونة (الأمميين) لئلا يتنجسوا (طقسياً). وبقيت هذه الحالة حتى سنة 36 ميلادية، أي 3 سنوات بعد صعود المسيح إلى السماء. ماذا حدث آنذاك؟
كان مجتمع أتباع المسيح حتى ذلك الحين يتكون فقط من اليهود ذوي الخلفيات المتمسكة بأقوال الناموس وفرائضه وطقوسه. لكن الآن سيتغير الأمر! وهذا الجدار الذي وضعه الناموس بينهم وبين الشعوب الأممية صار يجب هدمه. ولا شك بأن الأمر لم يكن سهلاً على هذا المجتمع الجديد أن يزيله من ذهنه. الأمر نجده في أعمال الرسل الإصحاح 10 كله والإصحاح 11 : 1 – 18.
http://st-takla.org/pub_newtest/44_acts.html
أريد أن أشدد هنا فقط على بعض الأعداد:
اقتباس:"10: 28 فقال لهم انتم تعلمون كيف هو محرم على رجل يهودي ان يلتصق باحد اجنبي او ياتي اليه واما انا فقد اراني الله ان لا اقول عن انسان ما انه دنس او نجس
10: 44 فبينما بطرس يتكلم بهذه الامور حل الروح القدس على جميع الذين كانوا يسمعون الكلمة
10: 45 فاندهش المؤمنون الذين من اهل الختان كل من جاء مع بطرس لان موهبة الروح القدس قد انسكبت على الامم ايضا
10: 46 لانهم كانوا يسمعونهم يتكلمون بالسنة و يعظمون الله حينئذ اجاب بطرس
10: 47 اترى يستطيع احد ان يمنع الماء حتى لا يعتمد هؤلاء الذين قبلوا الروح القدس كما نحن ايضا
10: 48 وامر ان يعتمدوا باسم الرب حينئذ سالوه ان يمكث اياما
11: 17 فان كان الله قد اعطاهم الموهبة كما لنا ايضا بالسوية مؤمنين بالرب يسوع المسيح فمن انا اقادر ان امنع الله"
إذاً من هنا نلاحظ بأنه لا بطرس ولا بولس من هدم جدار الختان وفرْضه. لقد كان الله ذاته من عمل ذلك. لكنه
استخدم بطرس (وليس بولس). وكل ما كان على المسيحيين فعله هو العمل من الآن فصاعداً على إبقاء هذا الجدار مـُزالاً. ودعني أذكـّرك أخي مستر كامل (ولو خرجنا قليلاً عن النقطة) بحادثة تأنيب بولس لبطرس بعد فترة من قبول الأمميين إلى المسيحية، والتي بدأها بطرس ذاته، نجده هو أيضاً لا يزال يشعر بالحرج من احتكاكه بالإخوة من أصل أممي (غير يهودي). الأمر الذي تطلب تدخل بولس لتقويمه ولنفض الفكرة أخيراً من الأساس:
اقتباس:"2: 11 و لكن لما اتى بطرس الى انطاكية قاومته مواجهة لانه كان ملوما
2: 12 لانه قبلما اتى قوم من عند يعقوب كان ياكل مع الامم و لكن لما اتوا كان يؤخر و يفرز نفسه خائفا من الذين هم من الختان
2: 13 و راءى معه باقي اليهود ايضا حتى ان برنابا ايضا انقاد الى ريائهم
2: 14 لكن لما رايت انهم لا يسلكون باستقامة حسب حق الانجيل قلت لبطرس قدام الجميع ان كنت و انت يهودي تعيش امميا لا يهوديا فلماذا تلزم الامم ان يتهودوا"
- غلاطية 2 : 11 – 14.
http://st-takla.org/pub_newtest/48_galat.html