اقتباس: Grendizer كتب/كتبت
وقال الزميل غالي ان حرف "من" في الاية: (وان من اهل الكتاب الا ليؤمنن به قبل موته) تفيد البعض، يعني بعض أهل الكتاب. والاية فيها قسم "إلا ليؤمنن". فالذي يأخذها في انها تفيد البعض، فلا بد ان يعتقد بأن الله يقسم قسما معظما بأن "بعص" أهل الكتاب آمنوا به! فما الغريب والخبر العجيب في ذلك. أكيد كم واحد سيؤمن بأي رسول أو مشعوذ أو دجال. والآية على هذا الاساس لا معنى لها. والذي يقول بأن "من" في الاية تفيد البعض، لابد ان يفسر الايات التالية بأنها تفيد البعض أيضا:
الأخ الكريم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،
كان لا بد لي أن أقدم لك رداً يشمل كل احتمالات تفسير هذه الآية التي أشرت إليها. فهناك عدة أوجه يمكن لهذه الآية أن تحملها، لكن إذا ما نظرنا بشكل دقيق لهذه الآية فسوف نصل بإذن الله إلى تفسيرها الصحيح.
أولاً يجب التأكيد على أن نص الآية يفيد الحصر والتوكيد وذلك لاستخدام أداة الحصر "إلا" وبسبب نون التوكيد الثقيلة في "ليؤمنن". وهذا يعني اشتراك كل المحصورين حتما في الإيمان في أمر قبل حدوث وفاة أحد.
وقد يكون الإرباك الحاصل في تفسير هذه الآية لظن البعض أن صيغة الآية تفيد الاستقبال ولا تفيد الحال بسبب اقترانها بنون التوكيد الثقيلة. ولكن هذا ليس صحيحا، حيث إن الصيغة تفيد الحال أو الحاضر أيضا، ولا يمكن حصرها لتفيد الاستقبال فقط. وهذه هي الصفة العامة للفعل المضارع الذي يفيد الحال والاستقبال عموما.
حتى نصل للتفسير الصحيح لا بد من الانتباه إلى المفاتيح الهامة التالية: الأول
الاسم المضمر . هذه المفاتيح ستكشف وجوه التفسير ومن ثم نرى ما هو مقبول منها وما هو غير مقبول.
الاحتمال الأول:
بفرض ما يلي:
الاسم المضمر هو "أحد"
الهاء الثانية تعود على المسيح
الهاء الثالثة تعود على المسيح أيضا
وبالتالي يكون المعنى أن كل واحد من أهل الكتاب سيؤمن بالمسيح قبل موته، وهذا هو الوجه الذي قالت به معظم التفاسير التقليدية وظنت أن هذا الحدث سيحدث عند نزوله من السماء!
ولكن بفرض صحة حادثة النزول من السماء جدلا وهناك عدد من الأدلة التي تثبت أن اليهود والنصارى سيبقون إلى يوم القيامة، ولا حاجة لنا للخوض فيها الآن، حيث من السهل استخراجها من القرآن الكريم.
لذا فإن هذا الوجه غير مقبول لتناقضه مع حقيقة بقاء اليهود والنصارى إلى يقوم القيامة بنص القرآن، ولأنه مبني على خيال انتهاء اليهودية والنصرانية وإيمان كل أفرادها بنزول المسيح أو بعودته.
الاحتمال الثاني:
الاسم المضمر هو "أحد"
الهاء الثانية تعود على المسيح
والثالثة تعود على الكتابي
وهكذا يكون المعنى أن كل واحد من أهل الكتاب سوف يؤمن بالمسيح قبل موت
الكتابي
والبعض قالوا إن الحقيقة سوف تكشف للكتابي فيؤمن بالمسيح حقا قبل أن يموت وهذا عندما يكون الكتابي في النزع الأخير.
ولكن القرآن في بعض المواضع قد بين أنه لا إيمان في تلك المرحلة حتى لو أقر الإنسان بالحقيقة. كما أنها لو كشفت له فهذا ليس إيمانا على كل حال بل هو شهادة الحق ورؤيته التي لا تعتبر إيمانا إيضا.
وهكذا فأن هذا الوجه بكل احتمالاته غير مقبول أيضا.
الاحتمال الثالث:
الاسم المضمر هو "أحد"
الهاء الثانية تعود على الرسول صلى الله عليه وسلم
الثالثة تعود على الكتابي
وهذا الوجه لا يختلف كثيرا عن الوجه الثاني. وهو من الوجوه التقليدية للتفسير. وهو غير مقبول أيضا.
الاحتمال الرابع:
الاسم المضمر هو "أحد"
الهاء الثانية تعود على
أمر القتل والصلب
الثالثة تعود على الكتابي
يدعم هذا الوجه أنه قد ورد في الآيات السابقة "وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم" أي شبه لهم القتل والصلب. ثم تتابع الآيات وتقول: "وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك منه" وهنا يجوز القول أن الضمائر تعود على المسيح وعلى أمر القتل والصلب أيضا، ثم تتابع الآيات استخدام تلك الضمائر حتى تدخل هذه الآية التي تتحدث عن أمر القتل والصلب حصرا على ما يبدو، وهو الأمر الذي يؤمن به كل أهل الكتاب من يهود ونصارى. فالآية تقول أن كل أهل الكتاب يؤمنون بمسألة القتل والصلب إلى أن يموتوا فيعرفوا الحقيقة بعدها. وهذا الأمر يحصرهم جميعا ولا يخرج عنه فرد واحد منهم. وفي الحقيقة هذه
هي المسألة التي يجتمع فيها اليهود والنصارى قاطبة وهي جزء من إيمانهم. فكل اليهود يؤمنون أن المسيح المدعي في زعمهم قد قتل وصلب، وكذلك النصارى يقولون أنه قتل وصلب أيضا وإن كان ذلك لفداء البشرية من الخطيئة المزعومة!
ويدعم أن الضمير في "موته" يعود على الكتابي أن الكلمة وردت في قراءة تفسيرية "موتهم" (وهي لا تعتبر قرآنا وإنما هي توجيه للتفسير نتيجة لمعرفة محددة للمقصود من كلمه).
أي أن كل أهل الكتاب سيطلعون على الحقيقة بعد موتهم، أما قبل الموت فهم يظنون أن المسيح قد قتل وصلب.وهذا هو الوجه الصحيح على ما أرى والذي
يتواءم مع السياق ومع صيغ الأفعال والضمائر بشكل متكامل.
هذا وهنالك وجوه أخرى تقوم على اعتبار الاسم المضمر يعود على "فرقة" أو "فئة" أو "طائفة" وهذا لكي تصلح الآية للدلالة على الاستقبال أيضا والخروج من إشكالية حصر جميع أهل الكتاب سواء جميعهم في كل الأوقات أو جميع المعاصرين. ولكني لا أرى صحة هذه الوجوه. فهي ستواجه مشكلات متعددة تجعلها أبعد عن القبول. ويمكن أن يتدبر فيها من رغب بذلك، ولكن لا حاجة لمناقشتها هنا لتجنب الإطالة.
سلام