- حكاية بيت صديقتي -
ملحق 2 :)
الآن كلانا متفتحتين و متحضرتين و الموضوع بعيد عن كونه خدعة اقترحتُ بأن تكون التعويذة ( رقية البيت ) من أجل طيب الخاطر '' من مبدأ ليطمئن قلبي ''. و افقت صديقتي ثم استدارت و واجهت السيدة الروحانية و طلبت منها أن تباشر عملها '' باشري, و لم لا?!!.. لن أخسر شيئاً .. من يدري .. ?!!''
بعد شهر, اكتشفت صديقتي أن زوجها على علاقة غرامية بسيدة, أيضا عرفت أنه كان يجلب عشيقته إلى بيتهما عندما كانت صديقتي مسافرة خارج البلاد أو حينما تضطر صديقتي أن تعمل ساعات طويلة لدرجة أنه كان يرد على مكالماتها عند إتصالها للإطمئنان .
إنها صديقتي, إنها هي من إُنتُهِك حرمته جنسياً على الصعيد الروحي.!!!!!!!!!!
تتفهم الطبيعة البشرية جرائم العاطفة التي تحدث وليدة او لحظة إندلاع حمى الولع و الهيجان و المبررة عندما يمسك شخص من يحبه محاولا كسر الرابطة ما بينهما بنزوة عاطفية غير مبررة.
في بعض الدول, كفرنسا مثلاً و حتى كندا ان الجرائم العاطفية يتم تفهم دوافعها إلى حد ما, و يتم تخفيضها من القتل العمد إلى القتل من دون سابق إصرار و ترصد ....
ان قتل الروح تؤدي إلى تدمير عدد لا يحصى من الحيوات على كافة المستويات, الجسدية, الفكرية, العاطفية, و الهولوكوست الروحاني للقلب. تجاهلت صديقتي لسنوات طويلة مشاكلها الزوجية, و أعني هنا معاناتها و تفادي زوجها للنزاع الزوجي من خلال الصمت. في المحصلة, وجدتُ أن صمتهم الشخصي الانعزالي أدى إلى دق أسفين اللامبالاة بينهما, لدرجة انه لم يفكر للحظة واحدة في زوجته كأنسانة بأحاسيس. لم يخطر بباله انه كان ينتهك حرمتها عندما كان يدعو إمرأة أخرى للبيت. كان يحاول ان يكون عمليا '' براكتيكال ''.
[CENTER]الآن هذه اللامبالاة ولدت العداء
إنخرطت صديقتي في بكاء مرير و طويل, أحسست كأن دموعها شكلت جدول من القهر, الألم و المرارة. بعد جهد جهيد استعادت نفسها, أجمعت قواها و بدأت بالكلام.
'' في بعض الأحيان نتزوج من الأجل السبب الخطأ, و نقنع أنفسنا بأن نبقى فيه أيضا لأجل سبب أسوأ ''.
كنت استمع لها, أردتها أن تلقي حمولتها. تلقي تلك الأثقال التي سببتها لامبالاة زوج, أنانيته و ماديته كانت السبب في تلك المرارة.
تابعت صديقتي بصوت متحشرج. '' نبقى في الزواج لأننا لطيفات, نبقى من أجل الأطفال و الأولاد. نبقى لأننا نعتقد بأنه ليس في وسعنا الهجر و غير قادرين على حساب الكلفة النفسية في البقاء. نبقى لأننا نضع ولائنا للآخرين قبل ولائنا لذواتنا الحقيقية.''
تنهدت. الأزمة التي وضعها فيها زوجها بدت واضحة من خلال تقاسيم وجهها. باهتة اللون, من دون مكياج, عيونها تبدو ساهمة كأنها تحدق في البعيد, بل واجمة بعد ان كانت مشرقة ضاحكة.
وضعت يدي على يديها تشجعياً على إفراغ جعبتها المثقلة بالآهات و الحسرات.
'' نبقى لأننا بالأصل طيبات, فاضلات, محتشمات و لطيفات. النساء الجيدات لا تتخلى عن الزواج بسهولة, لأننا متجانسات روحياً بشكل كافي للذهاب لحفلات العشاء و التواجد لنشاطات الاولاد و مدارسهم, و في حال حصول مرض لأهله, و في عطلات الأسبوع للترفيه, و نافعات للجنس.. لكل شئ .''.
كانت تستخدم ضمير المخاطبات, و لما لا ? جرحها عميق, و مأساتها أكبر, فتحولت الصيغة الكلامية لتأخذ طابع الشمول في أحاديثها و لذلك كانت تعمم.
ناولتها القهوة, التي احضرتها من المقهى القريب من مقعدنا الخشبي المطل على البحيرة . ارتشفت رشفة مرتجفة .... و تابعت في حديثها و أنا مصغية لكل حرف و كلمة تقولها هذه الصديقة '' نبقى لأننا نخاف حتى ان نؤمن بوجود الحب الحقيقي, نبقى لأننا نظن لوهلات بأننا لن نجد الحب في حياتنا ابداً, و هل تعلمين ماذا? ...تسألني السؤال المحير الذي طالما سألته لنفسي مراراً و تكراراً, هي الخبيرة بشأن الحياة الزوجية و متطلباتها لم تجد الحب فيها. تأتي لتسألني انا العديمة الخبرة... اوف ماهذا الأرباك ..
سألتها: ماذا.. أخبريني ?!!''
'' إن جئت للحق, انه غلطتي, كان يجب ان لا أبقى في وقت كان يجب ان اهجر, ان اترك , كنت انكر على نفسي ذلك على كل الاصعدة النفسية , الروحانية و الجنسية و الفكرية الابداعية ''.
'' كان يجب ان افهم ذلك عندما سألته مرة '' هل تؤمن بتؤمة الروح ?'' قال عندها '' لا .. أؤمن التوافق و الراحة بالحياة العائلية''!!! .. ''
تابعت كلامها و هي موجهة نظرها للأفق, محدقة بأفق البحيرة في ذلك الخط الفاصل بين مادة الحياة ( الماء ) ومادة الروح ( السماء ).
قلت لنفسي '' كانت فكرة جيدة, مجيئنا لهذا المكان'', لعل هذا المطرح قادر على التقاط الشحنات السلبية التي تتناقل و تتذبذب داخل روحها المضطربة, الإضطراب كان واضح في طريقة حملها لقدح القهوة الورقي.
تابعت '' اخذت مني سبعة عشر سنة للوقوف بشجاعة و طرح هذا السؤال, اخدت مني سنة بأكملها لتصديق ما سمعته كجواب منه .. فما بالك عن نزوته ...?!!!'' ..
'' ما رأيك .. ماذا تظنين اني فاعلة, ماذا سأفعل? كيف سأخرج من ورطتي كيف سأصدق تلك النزوة .. هل سيعود بيتي كما كان ..?.. ماذا سأفعل...? ''
'' آه .. ''' مرة أخرى تسألني, انا العديمة الخبرة. لدي خبرة في الإستماع للآخرين, و قد اكون جيدة في مجال التخفيف عن آلام الآخرين لكن لست بتلك الحكمة التي تؤهلني لأعطائها النصح الناجع لحالتها. ..
لكني سأحاول جهدي, اقصى إمكانية لدي للتخفيف من مرارتها و وجعها. وجع إمرأة غير مدركة لما حدث, غير مستوعبة للأحداث التي وقعت بسبب لامبالاة و عدم أكتراث مكللة بالأنانية المفرطة. ..
وجهتُ نظري لنفس الأفق, حدقتُ في تلك السدرة النارية اللون, و بدأتُ الكلام ....
(f)
يتبع ... لاحقاً بالفصل الأخير .. لنسدل الستارة على هذه الحكاية..
( :music: )
|