{myadvertisements[zone_3]}
بهجت
الحرية قدرنا.
المشاركات: 7,099
الانضمام: Mar 2002
|
العلم , الدين , اليقين و أزمة الحضارة الإسلامية
عزيزي وليد .
تحية طيبة .:97:
أتابع بكل تقدير هذا الموضوع .
هذه المداخلة أعددتها لمناقشة قضية تطوير الفقه الإسلامي لمواجهة تحديات العصر ، و أجد هذه المداخلة ملائمة بشكل كبير لما تثيره في مداخلتك الأخيرة .
اقتباس:أعطى من لا يملك وعدا لمن لا يستحق ..بالجنة .
(المتفقهين و رعاياهم في الجماعات المسلحة )
أرى أنه من الشاذ أن يطالب البعض بالتطبيق الفوري للشريعة الإسلامية دون أن تكون هناك شريعة إسلامية ملائمة للعصر ، أو حتى فكر تشريعي إسلامي واضح متفق عليه .رغم هذا لابد أن نتوقف عند آراء بعض الفقهاء من يقرون بقصور الفقه الإسلامي ،و لكنهم يرون أنه من الممكن بل الضروري تطوير الشريعة و إخراجها من الاغتراب ،و إعادة تأهيلها للقرن ال 21 . يعكس هذا الرأي التزاما قويا بالدين و رغبة في الحداثة معا ، انطلاقا من فكرة أنه لا يمكن أن نتطور إلا بتطوير العقيدة الإسلامية ذاتها حيث أنها المكون الثقافي الأعمق في تكوين الأمة الإسلامية / العربية . و هذا يدفعني مباشرة لصياغة السؤال المحوري التالي :" هل يمكن عمليا تحديث الفقه الإسلامي ،وهل يمكن أن يكون ذلك بتناول موضوعاته من خلال رؤية عصرية خارج مرجعية النص ؟" .
و لمزيد من الوضوح هل يمكن الاعتماد على المبادئ العامة المتعارف عليها ( لتحصيل المصالح و دفع المفاسد ) أو - نظرية النفعية العامة كما يذهب الفكر الفلسفي- في تطوير الفقه الإسلامي حتى ولو لم ترتبط تلك المبادئ بوحي أو تعتمد على تشريع سابق ؟. أم أن هذا الهدف يستحيل تحقيقه ،و يصبح من المحتم علينا إما الرضوخ للفقه الإسلامي التقليدي و الاصطدام بالعالم و التخاصم مع العصر ، أو فصل التشريع القانوني عن الفقه الإسلامي كلية ؟ .
أؤكد أنه يجب تناول الموضوع بأعلى قدر من المسؤولية ففي الإجابة على هذا السؤال تحديدا يتخبط الفكر التشريعي الإسلامي المعاصر و يضطرب اضطرابا شديدا، وفيه أيضا تتصارع العواطف و الأفكار و يحسم المستقبل .
من الجدير بالملاحظة أن التشريع الإسلامي يقر بأن التغيير ناموس طبيعي ،و أن التشريع لابد أن يلاحق هذا التغيير ، و لكنه يغفل أن يكون لهذا التغيير وجود بعد وفاة النبي ، و يزعم الفقهاء أن الله قد أجرى كل التغييرات خلال 23 سنة هي عمر الرسالة ، فخلال تلك الفترة جرى نسخ الأحكام و تبديلها على الدوام بما يلائم المستجدات ،و يزعمون أنه في الخاتمة بلغت البشرية نهاية المستجدات ،و لا حاجة بعد ذلك إلى تشريع جديد ، و أن الشريعة صالحة لكل زمان و مكان و ملائمة لأي حالة من حالات الإنسان . وهم بهذا يرون أن المستجدات خلال تلك ال 23 سنة احتاجت كل هذا النسخ و التبديل بينما لا حاجة لأي تشريع جديد بعد ذلك ، ولكننا نجد على النقيض من ذلك أن كل المستجدات خلال تلك ال 23 عام لا تعادل 1/ مليون من المستجدات بعد الرسالة إلى اليوم !.
استقرت عقيدة الفقهاء على أن النص الديني قراءنا كان أو سنة هو ((إفصاح من الخالق عن مراده لهذا العالم ،وما يبتغيه منه )) ،وهكذا واجههم السؤال الحتمي : كيف يتناقض هذا العالم مع النص الذي هو المعبر عن رغبة الله و إرادته دون أن يكون هذا العالم فاسدا ؟.إن الإجابة المنطقية كانت أنه لابد من تغيير العالم ليلائم ما يريده الله في شرعه ، ولم يكن ذلك أقل من محاولة صنع إنسان على قدر الرداء ، و صياغة واقع على قدر النص . ولأن هذا محال فإن الواقع الجديد ألح دوما على التشريع إلحاحا ، فلم يجد التشريع الإسلامي - و في ظل مفهوم عقائدي للتشريع - سوى أن يلجا إلى التأويل المتعسف ، ووضع قيود التطبيق ، ثم الاجتهاد بإيجاد رابطة افتراضية بين الحدث المستجد و حدث تراثي نظير له يقع تحت مظلة التشريع ، ومن ثم القياس عليه عبورا إلى مرحلة الاستحسان أو المصلحة و الإجماع ،وغيرها من مصادر التشريع المقبولة فقهيا !.
أدت هذه الرؤية القاصرة إلى انفصال الفقه عن الواقع ،و ذلك بالطبع لم يأت بغتة ،و لكنه نتاج تراكمات طويلة كان خلالها النص جامد بقدسية مرجعيته ، و الواقع متغير دائما بقانون تطوره ،و ذلك هو جوهر المشكلة التي ألزم المسلمون بها أنفسهم لزوما لما لا يلزم ، كيف للفقه القائم على الثبات أن يواجه الواقع بالتحدي لطبيعته دائمة التغير؟ ، وفقا لهذا الطرح فالبدائل محدودة ، فإما أن ينصاع الواقع لجمود الفقه و نسقه ليدخل حظيرة الشرع وهذا عين المحال ، أو يظل الواقع على تمرده فتوصد دونه أبواب الإرادة الإلهية ليدلف مباشرة إلى حظيرة الشرك من باب الضلال.
يفرز هذا العصر واقعا مشفرا بالرموز الرياضية ، ويطرح تحديا غير مسبوق على الفقه الجزائي الإسلامي ،فهناك سيل من الوقائع التي لم يرد في شأنها نص من قرآن أو سنة ،و لم تخطر ببال الفقهاء ، وأصبح مطلوبا الآن استحداث أحكاما لها . إن الإنسان لم يعد مهددا بسرقة رحله بل العبث بشفرته الوراثية ليصبح قردا ،و لم تعد المرأة في حاجة لرجل كي تنجب ، فهي تستنسخ لو شاءت أو عند الضرورة لو أبت ، و الأرحام صارت تؤجر بالدولارات ، و الفقراء يباعون بالتجزئة كقطع غيار ، هناك اليوم من يسرقون البنوك و ينشرون الأوبئة و الغازات القاتلة و النظائر المشعة ، هناك حكام يسرقون أعمار شعوبهم ، هناك قضايا من عينة الاستنساخ ، و الأغذية المعدلة وراثيا و الإجهاض ، هذا العالم لن يسمع منا لو سألناه التوقف عن التغير لأننا قفلنا باب الاجتهاد منذ 1100 عام . بالرغم من صعوبة التحدي ،فالأمر ليس مرسلا بلا قيود ،فهناك اتفاق غير مكتوب بين الفقهاء أن تعتمد الأحكام على مبادئ و أصول أرشدت إليها الشريعة ،و ألا تناقض نصا أو دليلا من الأدلة التفصيلية ( السياسة الشرعية و الفقه الإسلامي – عبد الرحمن تاج ) ،ولا يخرج عن هذا الرأي سوى عدد نادر من المجتهدين الثوريين أو ما يمكن أن نطلق عليهم المعتزلة الجدد ،وهم لا يشكلون تيارا فعالا على الساحة الإسلامية ،ولا تدعمهم أي هيئة دينية أو سلطة رسمية أو جماهيرية كاسحة .
هذا الرأي السابق كما هو واضح أملاه الخوف من الغرق في بحر الأفكار القانونية الوضعية ، و لكنه بالقطع يكبل الاجتهاد تكبيلا و لا يعدو أن يكون التفافا حول القضية ، فهذه السياسة الشرعية بقيودها تلك لا تخرج عن الفقه المعروف سواء في المنهج أو الأسس ، وهي بالتالي تبحث عن الإجابة في أصل بات عاجزا عن احتواء عصر جديد لا يعرف عنه شيئا . إن الاجتهاد الفقهي يبحث دائما عن حل خلال النص ذاته ، و سبيله في هذا إعادة قراءة النص ، ومحاولة استنطاقه لاستيلاد دلالات جديدة ، حتى في حالة الغياب الكامل للرابطة بين الواقعة و النص المقاس عليه .أي أنه يقرأ الواقع خلال النص ، بينما المطلوب هو نص يقرأ الواقع .
و كما رأينا فالتطور أصبح ملحا ،و لكن التطور الوحيد الذي يمكن أن يقبله الفقهاء إسلاميا يصرون أن يكون من خلال نص ، غافلين أن هذا النص لو كان صالحا ما كانت هناك حاجة أصلا لتطويره . إن التطوير الفعال الوحيد هو التطوير من خارج النص بالاعتماد على المبادئ العامة المتعارف عليها ( لتحصيل المصالح و دفع المفاسد ) .، و لكن ذلك لم يدر بخلد الفقهاء لأنه يعني أن تكون المرجعية هي القيم و المبادئ المنتجة في العالم الخارجي المدان فقهيا ، وذلك شيء يستحيل تصوره لمن ينظر إلى النص الديني من خلال الشاخص وراءه ( الله – الرسول ) و ليس من خلال تاريخيته ، و أولئك الرافضين لمرجعية خارجية ذات جذور علمانية هم ( جمهور الفقهاء ) ، و هؤلاء كما نعلم و بحكم ثقافتهم (( يفكرون بالنص ولا يفكرون في النص ! )) كما يقول المفكر الأستاذ رشاد سلام .
إن من يتحدثون عن تحديث الفقه ( فقه المستجدات ) ، يبنون اجتهاداتهم على نفس القواعد القديمة بالاعتماد على علوم التفسير و السنة و اللغة ، منصرفين تماما عن الأسس العلمية للقانون ( وضع قواعد النظرية – صياغة القواعد القانونية ) ،و بهذا يفارقون الروح العلمية التي هي من مقتضيات بناء منظومة تشريعية قابلة للتكيف و النمو .بهذا أرى أن عملية تطوير الفقه الإسلامي التي يعتقد البعض أنها ممكنة لن تكون أبدا مثمرة ، و أنها جهد ضائع .
أرى أن المتشددين الذين يرفضون تجميل الإسلام بما ليس فيه أكثر مصداقية ممن يجملونه بما يناقضه مع حسن نواياهم ،فإن فكرة مثل قطع اليد بمعنى منع السبب في السرقة عن طريق توفير لقمة العيش للفقراء ،وهي التي ذهب إليها الفقيه الدستوري عبد العزيز فهمي باشا واضع دستور 1923 الليبرالي في مصر ، أرى أنها و نظائرها تخريج غير موفق ، فالمسلمون في عهد النبوة و الخلافة قطعوا الأيدي ، و فعل العرب مثل ذلك في جاهليتهم ( قطع الوليد بن المغيرة اليد للسرقة ) ، و بالتالي فإن مثل هذه الفكرة الطوباوية التي ذهب إليها عبد العزيز فهمي قد تصلح كأساس لمذهب اشتراكي و ليس لمذهب إسلامي .
من يقول أن (الله عز و جل أعطانا الحدود العليا حتى لا نتجاوزها .... أما ما دونها فهذا تقرره المجتمعات كل مجتمع حسب ما يناسبه....) هذا التخريج أوافق عليه ، ولكن هل يوافق عليه من يتنادون بقطع الأيدي !، إني أرى كل الأحكام تاريخية مرتبطة بالسبب ، و ليست مطلقة بعموم اللفظ ،وهذا يفسر النسخ ، فالله لا يغير رأيه ، بل يلهم النبي بالحكم وفقا للحالة ، ولأنه لا وحي لدينا الآن ، فقد حان أن نشرع لعصرنا بما يلائمه . أما السادية التي تدفعنا للبحث عن عقوبات جسدية قبلية عنيفة لتطبيقها باسم الله ، فتلك وحشية لا أستطيع قبولها، ولن أقبل من أجلها رشوة السماء . ولكنني في جانب آخر لا أزعم أني فقيها ولا أشرع للمسلمين ، وأما الفقهاء الذين يشرعون لهم فيرفضون كل ما سبق ،و لهذا لا نملك بدورنا سوى رفض تطبيق الشريعة الإسلامية التي يعرضونها علينا معبأة في صندوق تغطيه الدماء .
|
|
06-20-2006, 08:59 PM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
نبيل حاجي نائف
عضو متقدم
المشاركات: 620
الانضمام: Mar 2006
|
العلم , الدين , اليقين و أزمة الحضارة الإسلامية
مرحبا بالأخ وليد
لي ملاحظة وهي أن الإنبهار بالمنظومة الإجتماعية الأخلاقية الغربية بقيمها البراقة و الجاذبة . كان محدوداً جداً وشمل المتنورين الموضوعيين .
أما الأغلبية فهي ظلت على إيمانها بأنها هي التي تملك الحقيقة وهي التي لديها الأخلاق والقيم العليا الصحيح , وأرجعت أسباب التخلف إلى سوء التطبيق فقط .
وكانت تظهر انحطاط أخلاق الغرب بذكر المساوئ ( مثل الزواج المثلي وغيره ) , وإهمال الميزات الكبيرة الكثيرة .
فهم تجاهلوا المنظومة الأخلاقية الغربية في القيم العليا التي تنشدها مثل الحق والعدل و الحرية , وكذلك منظومة الإجراءات و التشريعات التي إنتهجها الغرب لتصل به لهذه النتيجة القريبة واقعيا من بلوغ تلك الأهداف و تحققها على مستوى المجتمع و الأفراد
ولو كانت الأغلبية أمنت بأن الغرب يملك المنظومة الاجتماعية والأخلاقية الأفضال , لكانت سعت بطريق مباشر أو غير مباشر , في تقليده ومحاكاته , فالإنسان بغريزته يقلد الذي يعتبره الأفضل أو الأقوى .
ولكنها هي واثقة , أنها هي التي على حق في كل ما تتبناه من معارف وقيم أخلاقية واجتماعية , والآخر على خطاء .
لذلك إنني أرى أننا وضعنا شبه ميؤس منه , ولن نتجاوز محنتنا خلال زمن قصير , فالأمور سيئة أكثر مما نتصور .
مع تحياتي ومودتي
|
|
06-28-2006, 03:42 PM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
Waleed
عضو رائد
المشاركات: 959
الانضمام: May 2005
|
العلم , الدين , اليقين و أزمة الحضارة الإسلامية
اقتباس: نبيل حاجي نائف كتب/كتبت
لي ملاحظة وهي أن الإنبهار بالمنظومة الإجتماعية الأخلاقية الغربية بقيمها البراقة و الجاذبة . كان محدوداً جداً وشمل المتنورين الموضوعيين .
أما الأغلبية فهي ظلت على إيمانها بأنها هي التي تملك الحقيقة وهي التي لديها الأخلاق والقيم العليا الصحيح , وأرجعت أسباب التخلف إلى سوء التطبيق فقط .
السيد المحترم / نبيل
تحياتي ,,
كما هي طبيعة الأمور في التطور الفكري للمجتمعات فالبداية تكون دائما من الصفوة المتنورين. ثم تنتشر مع الوقت - و شروط أخرى -لتصبح ضمن ما نسميه الوعي أو العقل الجمعي.
و يمكننا تتبع كتابات أوائل التنويريين مثل الطهطاوي في مصر كمثال لكي نرى مدى إنبهار تلك الصفوة - ليس فقط بالتطور المعرفي / التقني - بل و بالمنظومة القانونية و الأخلاقية أيضا.
بالضبط كما يمكننا تتبع وسائل إعلامنا الحالي أو أحاديث الآحاد اليومية على مستوى العامة لكي نتتبع نفس الخطاب. لكن و للعجب جنبا لجنب مع خطاب آخر مضاد 180 درجة.
فنحن نتشدق و نطالب بالديموقراطية مثلا - و نضرب الأمثال بالغرب - و نطالب بالشريعة. و نتحدث عن الحريات و حقوق الإنسان - و نحسد الغرب عليها - و نطالب بتطبيق الحدود. كما نتباكى على حالنا التعليمي / العلمي - نسبة للغرب و الشرق الأصى - ثم نروج للخرافات و بول الحيوان و نرهب و نقتل من يرتكب حماقة التفكير الحر ... إلى آخر ما تعلمه من حال أمراضنا العقلية.
و المشكلة بدأت و مازالت عند الصفوة - فالتنويريين الأوائل - أخذوا على عواتقهم محاولات تحاشي الصدام بين المعرفة الجديدة التي يبشرون بها و بين خلفيات مجتمعاتهم - و هذا بعد إيقانهم بحتمية الصدام - و بغرض تمرير تلك المعرفة الجديدة التي يحملونها إستخدموا ما ظنوا أنه الأنسب من آليات التوفيق و الإنتقاء سواء على مستوى العلوم أو المنظومة الأخلاقية. و تماشى معهم رجال الدين بآلياتهم التوفيقية الجاهزة سلفا - أي أن التلفيق جاء شراكة مصلحة لكلا الطرفين و النتيجة هي ما نراه و نسمعه الآن - و الضحية هي الكل.
ظن التنويريون الأوائل أن عملية التنوير من الممكن أن تمر إنتقائية و بدون مشاكل - فمن الناحية المعرفية بشروا ببعض العلوم - أو بالأحرى تقنياتها - التي لا تتعارض شكلا مع خلفياتنا و قرروا إستئصال ما يتعارض بسفور معها. و قد ساعدهم على تمرير ذلك من الناحية الأخرى عدوهم اللدود - رجال الدين - الذين أدركوا أيضا قوة الفكر الوافد الجديد - و شحذوا ما بجعبتهم من آليات التوفيق التاريخية لمحاولة إحتواء هذا الوافد و التماشي معه - حالة إدراكهم إستحالة إقصائه النهائي.
و من ناحية المنظومة الأخلاقية الإجتماعية - إنتقوا بعضا من منظومة القوانين و القيم و الإجراءات الغربية البراقة كمنتج نهائي محاولين تطبيقه مباشرة - ناسين أو متناسين - أن هذه المنظومة المتكاملة التي يقتطعون منها هي نتيجة - و ليست هدف - نتيجة لتبني منظومة فكرية معرفية مخالفة تماما لخلفياتنا.
و بدلا من أن يسير التطور الفكري للمجتمع الإسلامي كما في طبيعة الأمور (كما بدأنا حديثنا) - لم يمر العقل الجمعي بأهم مرحلة في هذا التطور ألا و هي تغيير الخلفية المعرفية - البنى الفكرية - و التي لزم لها الصدق في تعرية الصدام الفكري الطبيعي بين خلفيتين مصطدمتين بالضرورة - و ليس التدليس.
فأصبحت مجتمعاتنا كالرجل الكبير زمنيا / متخلف عقليا - لم يمر بالمراحل المناسبة في تطوره.
و هكذا تكون أكبر طبق سلاطة فكرية في التاريخ. و سأحاول في المداخلات القادمة دراسة و تحليل هذه الحالة المرضية - و التي مهدت لها بالأسئلة باللون الأحمر بآخر مداخلة.
اقتباس:ولو كانت الأغلبية أمنت بأن الغرب يملك المنظومة الاجتماعية والأخلاقية الأفضال , لكانت سعت بطريق مباشر أو غير مباشر , في تقليده ومحاكاته , فالإنسان بغريزته يقلد الذي يعتبره الأفضل أو الأقوى .
ولكنها هي واثقة , أنها هي التي على حق في كل ما تتبناه من معارف وقيم أخلاقية واجتماعية , والآخر على خطاء .
معك و لكن في الحالة الطبيعية لتطور المجتمعات كنتيجة لم نصل لها بعد و ربما لن نصل نهائيا. الآن يا سيدي الفاضل تؤمن الأغلبية بأن منظومة الغرب هي الأفضل - بل و تسعى لبعضها (الديموقراطية مثلا أو حقوق الإنسان أو العقد الإجتماعي .. إلخ) - جنبا لجنب مع إيمانها بأنها على الحق كله - فالعقل العربي مريض بالفصام. يجتذبه يقينان متناقضان لكي يبقى معلقا في وضع إتزان غير مستقر. فالقانون الطبيعي للتطور ساري سواء سعينا للأفضل و الأقوى - أو إنقرضنا تاركين الأفضل للبقاء.
اقتباس:لذلك إنني أرى أننا وضعنا شبه ميؤس منه , ولن نتجاوز محنتنا خلال زمن قصير , فالأمور سيئة أكثر مما نتصور .
نعم و للأسف.
فلا أعتقد بحلول سحرية على مستوى الأجيال الحالية نهائيا - هذا حال البقاء المادي لنا - بعد فوضى عارمة قد تأكل الأخضر و اليابس.
الأمر جد خطير - يهدد وجودنا و بقاءنا - و ليكن عزاءنا أن ما نقوله قد يساهم بطريقة ما في تغيير حياة ذرياتنا و لو حتى البعيدة للأفضل و من يدري ما قد تأتي به الرياح غدا؟
لك كل إحترامي ,,
|
|
06-29-2006, 10:12 PM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
نبيل حاجي نائف
عضو متقدم
المشاركات: 620
الانضمام: Mar 2006
|
العلم , الدين , اليقين و أزمة الحضارة الإسلامية
أخي وليد لقد قلت :
لم يكن نجاح الغرب في تمثل منظومة أخلاقية / إجتماعية / قانونية متسقة و مؤثرة راجع أبدا لتمثل مجموعة القيم الأخلاقية العليا مثل (الحق - العدل - الحرية - حقوق الإنسان .. إلخ) - فهذه القيم العليا كانت أبدا شعارات رفعها الغرب على مر تاريخه و أقربه الحقبة المسيحية.
أي أن هذه القيم الأخلاقية العليا كانت هدفا إفتراضيا على الدوام - ليس للغرب وحده بل و تقريبا كافة الحضارات. و الحكم على مجتمع ما بالنجاح يأتي في قدرته النسبية على تفعيل هذه القيم على أرض الواقع. أي المنظومة الإجرائية لهذا المجتمع و التي تضمن تفعيل هذه القيم بقدر الإمكان و بأكبر قدر ممكن.
نجاح الغرب إذا كان مع منظومته الأخلاقية / الإجرائية / القانونية الجديدة - و التي ولدت و ولد معها مصطلحات لقيم أخلاقية جديدة لم تكن متداولة و لا تعتبر من القيم الأخلاقية العليا - بل هي قيم أخلاقية إجرائية تهدف لضمان الوصول للقيم الأخلاقية الأعلى بعد فشل المنظومات الدينية الأخلاقية في الوصول لها.
و من أمثلة تلك المصطلحات الجديدة (الديموقراطية - الليبرالية - حرية التعبير - الحرية الفردية - حقوق الإنسان - الدستور - العقد الإجتماعي .. إلخ).
و هنا يجب ملاحظة أن بعض هذه المصطلحات ليست بجديدة و قد تم إستخدامها على مر التاريخ - الغربي على الأقل - لكن ما تغير هو مدلولات الألفاظ و بشكل كامل - فديموقراطية الرومان - ليس بالتأكيد ما نقصده الآن بنفس المصطلح. و حقوق الإنسان ليست هي بالتأكيد حقوق الإنسان الذي يرضخ للحكم الديني و الدستور ليس هو الكتاب المقدس.
أي أن النجاح الغربي أتى مع مولد تلك المنظومة الإجرائية الجديدة و معها قيمها الأخلاقية الجديدة أيضا - و ليس في تمثل القيم الأخلاقية العليا و الثابتة أصلا.
كان أحد الأخطاء التاريخية للأديان هو تثبيت المنظومة الإجرائية بوصفها تعليمات الإله. غير عالمة - و لا حرج في ذلك نسبة لبيئة ظهور الأديان - غير عالمة بكم التغيير الذي يمكن أن يطرأ على المجتمعات من جهة - و الأهم من ذلك - مغلقة كافة الطرق لتلافي أي خطأ إجرائي في تلك المنظومة. أي مغلقة الطريق للتحسين و التطور ( تحت بند: هل يحتاج الإله لأي تعديل أو تحسين أو تطور؟).
كان نجاح المنظومة الأخلاقية الإجرائية الغربية في كونها منظومة متحركة - غير ثابتة و غير مقدسة - وضعها الإنسان و ليس الله - و لصالح الإنسان و ليس الله. و بالتالي فهي تمتلك خاصية ذاتية هائلة العبقرية على بساطتها و بداهتها - و هي القابلية للتجريب و التكذيب و التعديل - أي المرونة الكافية في طريقها الصعب لتمثل القيم الأخلاقية العليا لصالح أكبر قدر ممكن من البشر.
لقد تغير إذا جوهر المنظومة الإجرائية الأخلاقية تماما لصالح الحركة و ليس الثبات - فيما هو مناف و مضاد لطبيعة منظوماتنا الأخلاقية تماما.
ويمكن أن نضيف أن من أهم أسباب نجاح الغرب
الغنى الاقتصادي الناتج عن وفرة الإنتاج الزراعي الذي أدى إلى نشاط التجارة والتبادلات بكافة أشكالها .
فهذا كان الدافع والمحرك الأساسي لإنتاج منظومات معرفية وأخلاقية ( تنظيمية وقيمية ) متطورة وفعالة تحقق النمو والازدهار , وتجاري الأوضاع المزدهرة .
أي حدثت تفاعلات وتطورات وتم اصطفاء الأنسب لهذه الأوضاع .
وبالمقابل كانت غالبية المجتمعات العربية فقيرة الإنتاج الاقتصادي , نعم كان لدى الإمبراطورية العثمانية وفرة وازدهار اقتصادي كبير , وإذا دققنا في منظومته الأخلاقية والإجرائية فإننا نجد أنه قد رافقه أيضاً تقدم للمنظومة الإجرائية والأخلاقية .
وأنت تعلم أخي وليد , أن الذي أحدث القفزة الكبيرة في تقدم المنظومة الإجرائية والأخلاقية ( التعاملات والتبادلات بكافة أشكالها ) لدى الغرب , هو حدوث الثورة الصناعية بالإضافة إلى الاستعمار هو الذي ولد الوفرة واتساع التبادلات ( التجارية والثقافية . . . ) كمياً ونوعياً , ونشوء الرأسمالية التي هي من أهم أسباب تقدم الغرب .
إن أي نمو وازدهار لأي بنية مهما كانت ( فيزيائية أم حية أم اجتماعية أم فكرية . . . ) يلزمه توفر العناصر والقوى ( البنيات التحتية ) الأساسية اللازمة لذلك .
ربما أنا استبقت الأمور , وأنت سوف تذكر ذلك .
مع تحياتي ومودتي
|
|
07-08-2006, 07:45 AM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
نبيل حاجي نائف
عضو متقدم
المشاركات: 620
الانضمام: Mar 2006
|
العلم , الدين , اليقين و أزمة الحضارة الإسلامية
أخي وليد
ونحن إذا دققنا في كافة الحضارات العريقة مثل حضارة الفراعنة وحضارات ما بين النهرين , السومرية , والبابلية ...., وحضارة الصين , والهند, والحضارة الرومانية وغيرها من الحضارات .
نرى أن كافة هذه الحضارات كانت قد طورت منظوماتها الأخلاقية / الإجرائية / والقانونية .
فتشريعات حمورابي أنتجتها حضارة ما بين النهرين .
والديانات التوحيدية أنتجتها أو ساهمت في إنتاجها الحضارة الفرعونية .
وأنتجت الحضارة الصينية تعاليم كونفوشيوس .
والحضارة الرومانية أنتجت القوانين الرومانية وأسس الديمقراطية , والحضارة اليونانية أنتجت هذا الفكر العظيم .
فكافة الحضارات العريقة أنتجت منظومات فكرية وتشريعية وأخلاقية وإجرائية متطورة تلائمها وتساعدها .
فهناك جدل أو تبادل تأثير ( تغذية عكسية ) يحدث بين الواقع المادي بكافة مستوياته من جهة , والفكر والثقافة من جهة أخرى , يؤدي إلى تطور الاثنين معاً . أي تطور الواقع المادي والاجتماعي وتطور الفكر والمنظومات التشريعية والأخلاقية والإجرائية معاً .
|
|
07-08-2006, 11:55 AM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
|