أكرر : أتفق مع معظم ما قاله ليلين وأختلف معه في بعض النقاط ..
مرتي عم تمنعني ادخل الانترنت كتير هالأيام وأنا رجل شرقي مطيع لأولي الأمر .. لذلك سأكتفي بإعادة نشر هذا المقال الذي أعتقد أنه - تقريبا - يمشي في مسار قريب ريثما أجد فرصة أخرى للهروب من الاستعمار الزوجي :
وماذا بعد مزارع شبعا ؟!
صبيحة انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان كتبت في مكان آخر أن سوريا ستهدي مزارع شبعا لحزب الله وليس للإبن الضال لبنان الذي لا تعترف بسيادته أصلا ولا تزال تدعي حقها التاريخي على أجزاء من البقاع ناهيك عن لبنان كله لولا الحيا والخجل ... وقتها كان الصديق العزيز " رافض " على رأس المستنكرين وصديق آخر استجرني إلى نقاش أطول من هذا بكثير ، ووقتها " استشهدت " على صحة (( إدعائي )) بأن الفيصل في الأمر هو مقدرة الجيش اللبناني على المناطق المحررة .. وقد كان ، فلا اسرائيل اعترفت بأحقية لبنان على شبعا ، ولا الجيش اللبناني استطاع فرض سيطرته على الأجزاء المحررة ، لتبقى بندقية المقاومة رهن الإعتقال إلى أجل غير مسمى .
طبعا لست أدعي مقدرة على اسكتشاف الغيب وقراءة الطالع السياسي ، فالأوراق على الطاولة واللاعبون معروفون وكل شئ مكشوف ومعلوم لمن يريد أن يعرف ، أو لمن يقرأ السياسة السورية ولو بسوء نية .. لا بالحقيقة ، بحسن تقدير لطبيعتها .
وبسوء النية ، وبسوء الظن الذي هو من حسن الفطن أحيانا بل غالبا ، فكيف يمكن قراءة الموقف السوري في هذا الصدد ؟
سيصعب جدا قراءة الأمر بحسن نية غير متوافرة أصلا إلا إذا انطلقنا من منطلقات " شعاراتية " قومية من أن سوريا قدمت للبنان " هدية " على سبيل التعويض لبعض الأخطاء التي ارتكبها بعض الجنود السوريين بحق مواطنين لبنانيين ، وحتى هذه لا تصح ، فمزارع شبعا تحت الإحتلال ولبنان ليس فرنسا ديجول الذي نادى بكويبك حرة ، لا بل حتى ديجول العظيم ذاته " بعزق " هيبته في كندا عندما نادى بهذا الشعار وطرد من أراضيها ..
كيف يمكن قراءة الموقف وتلك حالة ليس فيها قولان ؟!
1- سوريا ورطت لبنان مع إسرائيل :
هذا افتراض مستحيل غاية الإستحالة ليس لأن لبنان قادرة على أكل اسرائيل بدون ملح ، بل لأن أمرا من هذا سوف لن يحدث من الأساس وسوف لن تتحرك الجيوش اللبنانية المظفرة لاستعادة الهبة السورية لها في شبعا .
ومن ناحية : فدولة لبنان ليست في معرض قبول هكذا هدية أساسا وهي تعرف أن تبعات قبولها كارثية على بلد ضعيف ممزق طائفيا كلبنان .
قد يقول قائل أن سوريا قصدت ابقاء الترابط بين المسارين السوري واللبناني وهذا قول مقبول .. لكن حتى هذه فيها قولان : فلبنان مرتبطة بالمسار السوري طائعة أو مرغمة و القاء عظمة كتلك لا يؤخر ولا يقدم ... طبعا نتحدث عن دولة لبنان مفترضين أنها صاحبة السيادة الكاملة فعلا على قراراتها الداخلية والخارجية وليست بيد الإستخبارات السورية .
2- سوريا تتهرب من المواجهة مع اسرائيل وتتهرب من استحقاقات داخلية تطالبها بالتحرير :
حتى هذه لا يجوز فيها قولان إذ ما الجديد في الأمر ؟ فالجولان بكبره محتل وسوريا لم تحرك ساكنا على جبهته مع اسرائيل ولم تتوقف يوما عند نداءات الشارع السوري في هذا الصدد ، ومزرعة شبعا سوف لن تكون عند القيادة السورية أعز وأكرم من هضبة غنية اقتصاديا واستراتيجيا بذات الوقت .
اذا ما الفائدة من هذا كله ؟
سيبقى الإحتمال الأهم والأقرب للمنطقية .. حزب الله .
يبدو والله أعلم أن سوريا ورطت حزب الله داخليا بمزارع شبعا الذي أعجبته اللعبة هو الآخر وفرح بهذا التوريط مؤكدا بإصرار على لبنانية مزارع شبعا وانساقت خلفه الحكومة اللبنانية التي لا تملك خيارات أخرى ، لتبقى بندقية المقاومة مرتهنة ربما ليس لأجل مسمى ، وليس ليهش بها الحزب على إسرائيل بقدر ما له بها مآرب أخرى .
قبل ذلك كله ، ماذا لو افترضنا أن لبناد دولة ذات سيادة ، فكيف كانت ستتعامل مع هذا الإمتحان الخطير الذي يبقيها في المواجهة مع اسرائيل وبغض النظر تماما عن حزب الله ، بل سنتفرض أنه غير موجود على الأرض من الأساس .
الموقف اللبناني (( الحقيقي )) عبرت عنه المعارضة اللبنانية صاحبة الهامش الأكبر في المناورة والذي - بتقديري - كانت ستعبر عنه قوى السلطة اللبنانية ذاتها لو كانت في صف المعارضة : شبعا أرض سورية وليست لبنانية ولسنا بحاجة لهكذا جرح نازف .. وبالتالي لم نعد بحاجة لبندقية حزب الله .
بدون اتهامات مسبقة وتخوين وتبطيح وتفخيخ .. ألا يحق للمعارضة اللبنانية بأطيافها السياسية والطائفية أن تنظر بخوف لهذه البندقية التي لا يريدها جنبلاط - كما يقول - أن ترتد إلى الداخل ؟
ربما سوف لن ترتد ، وحتى كلام جنبلاط في موسكو حول هذا الموضوع لا يمكن تأويله على هذا المحمل بالتحديد بقدر ما نقرأه كتحذير أو تخويف لأطراف أخرى أو تجييش للشارع اللبناني ضد حزب الله الذي بات " عزفا منفردا " في مواجهة تكتل معارض غير مسبوق ، وربما جنبلاط الذي ظهر بدور الناصح الأمين للحزب من أن أي استدارة بالندقية للخلف ستفقده رصيده الشعبي الذي جمعه من سنوات المقاومة وأنه يريده قوة سياسية لا عسكرية .. وربما .. وربما .. لكن مع ذلك كله : ماذا تفعل البندقية في يد الحزب بعد ان انتهى عرس التحرير ، ولماذا على الحزب أن يواصل " الطنطنة " بلبنانية شبعا وهو يعرف ، وسوريا تعرف واسرائيل تعرف ، وأمريكا تعرف أن شبعا ليست أكثر من " مسمار جحا " سوري في الجدار اللبناني يحميه حزب الله ببنادقه ؟؟!!
ببالغ سوء النية التي لا تتناقض مع عدم أخلاقية السياسة وقذارتها ، فإن (( إبقاء )) البندقية على كتف الحزب بعد سنوات التحرير لا يمكن قراءته بتسطيح وسذاجة وشعارات وطنية وقومية هي بالأساس شعارات ، ولا يمكن إلا أن نقرأه " بقذارة " وسوء نية يبدو أن عناصرها متوافرة على الأرض فعلا .
حزب الله الآن في مواجهة الشارع اللبناني خاصة بعد الإنسحاب السوري الذي بدأ بالفعل ..
سيبدو من العبث الإدعاء أن الشارع السياسي اللبناني المتقلب المزاج ، المتقلب التحالفات سيبقى على ما هو عليه حتى بموقفه المتعاطف من حزب الله .. فالحزب خسر في وقت عصيب دعم الحريري المباشر له عندما التحق بصفوف المعارضة ولو مرحليا ، وها هو يخسر تعاطف المعارضة الأعلى سقفا من الحريري كجنبلاط ناهيك عن مناوئي الحزب الطبيعيين كالتيار العوني .. هذا إذا ما أغفلنا العامل الدولي تماما .
بسوء نية أيضا .. فإن الحزب يدفع الشارع إلى المواجهة مستفيدا من خروج القوات السورية التي يمكن أن تكون ضامنا لعدم حدوث هزة أهلية جديدة ، وإصرار الحزب على مواقفه و استجدائه على مزارع شبعا على هذا النحو ، سوف لن يمكن التعامل معه بحسن نية لم تعد موجودة أساسا بعد اغتيال الحريري ، وسيصبح من (( المحتمل )) القول أنه لأمر ما جدع قصير أنفه .
بعيدا عن " إيماءات " جنبلاط في هذا الصدد والتي يمكن قراءتها في سياقها الصحيح كونها تأتي من طرف معارض يسعى لاستغلال أي ورقة مهما كانت ضعيفة لصالحه ، لكن بحيادية مفرطة فإن وليد جنلاط يبدو حتى اللحظة أنه يسعى لخروج سوري مشرف من لبنان في إطار سياسي مقبول وبراجماتي عكس حزب الله الذي - يبدو - أنه يسعى لخروج مذل ومهين لسوريا وأن ينزع من يدها أي ورقة يمكن لها تضغط بها على أي طرف لبناني خاصة وأن مطالب القرار 1559 من سوريا في هذا الصدد واضحة ولا تتوقف عند الإنسحاب من لبنان بقدر ما تمس الحزب مباشرة والتي تتمثل بالتوقف عن دعمه ونزع السلاح من يده ، وما مسيرات ساحة النجمة إلا فصل (( أخير )) من فصول توريط حزب الله لسوريا وتجييش الشارع الموالي للحزب ضد بقية الأطراف المعارضة .
أيضا ، فمن التسطيح قراءة مسيرة الحزب على أنها دعم لبقاء سوري كان آيل للسقوط قبل اغتيال الحرير ، وصار ساقطا حتما وفعلا بعد الإغتيال .. وبطيعة الحال فإن أمريكا وفرنسا ليست بوارد إعادة النظر في القرار تحت تأثير تلك المظاهرات وهي حقيقة يعرفها الحزب جيدا ، ويعرفها كل ممتبع لهذا الملف .
سوريا منتهية حكما وخروجها - حتى قبل الجريمة - كان مسألة وقت لا أكثر وهي حقيقة لا أعتقد أن حسن نصر الله لم يكن واعٍ لها ، وعليه فإنه لم يكن ليراهن على حدوث معجزة في هذا الصدد تبقي القوات السورية .. وسيبقى الرهان الوحيد في يده بعد أن تسقط " ذريعة " شبعا هي المواجهة خاصة إذا ما قرأنا كلام عمر كرامي من أنه سوريا وحدها هي القادر على سحب سلاح حزب الله .. وهو استحقاق لا يريد الحزب أن يقف أمامه خاصة في مواجة الحليف (( الزائل )) سوريا فيما لو قرت سوريا فعلا نزع سلاحه .
الإنسحاب السوري بات وشيك الإنتهاء وسيأخذ معه بطاريات الصواريخ التي ما استخدمت يوما ، ومراكز الاستخبارات التي كانت أكثر نشاطا وحيوية من فنادق بيروت في سنوات الحب التي سبقت سنوات الحرب .. وبالتالي سينتهي إلى الأبد ارتباطا سوريا لبنانيا كان خلال عقود يتأرجح بين القبول والرفض ..
كان يمكن على سوريا أن تلتف حول هكذا انسحاب مذل ومهين وقطيعة قد تكون نهائية بين " شعب في وطنين " لو قدمت تنازلات .. أو لنقل لو " تفاهمت " مع الأطراف المعارضة وعلى رأسها وليد جنبلاط الذي يبدو - حتى اللحظة - متمسكا بالجوار السوري على أسس قومية كما كان كمال جنبلاط ذاته ، والذي قدم لسوريا عرضا كان من الغباء المطبق أن ترفضه خاصة في ظروف كتلك بدل أن يخسر آخر موطئ قدم له في لبنان لصالح حزب الله الذي بادر بالتخلص من العبئ السوري قبل أن يتخلص السوري منه مراهنا بمهارة على " الوطن الأم " إيران وعلى مشروعها في لبنان وعلى نجاح التيار الشيعي في العراق ، وعلى ملالي البيت الأبيض الذين .
قد نشهد مفاجأة تقلب الأمور رأسا على عقب وتبقي بارقة أمل في أن يخرج النظام السوري من لبنان بكرامة وليس بمذلة .. وهو في أن (( يرضخ )) النظام للمنطق ولطبيعة المتغيرات وأن يرمم علاقاته بالشعبين السوري واللبناني ويعيد التواصل مع الأطياف (( الوطنية )) من المعارضة اللبنانية والتي يبدو أن جنبلاط أحدها رغم كل ما يقال عنه ، فإن " مطالبه " هي الأقرب إلى المنطق .. وموقفه من (( سوريا )) الأقرب إلى حفظ وجه الإدارة السورية التي أهدرتها العنتريات الفارغة ، وسياسة الأمر الواقع ، وطبيعة المرحلة الراهنة ، والبندقية التي تنتقل من كتف إلى كتف ..
على النظام السوري أن يقدر أن الواقع الطائفي اللبناني " نسخة مصغرة " عن الواقع الطائفي في سوريا ، ومسرحية تحريك البدو ضد الدروز في سوريا من قبل النظام قبل أعوام و مع أولى بوادر تمرد جنبلاط لم تعد تجدي الآن وأن أي نزف طائفي في لبنان سينتقل حتما إلى سوريا بالأبرامز والأباتشي هذه المرة وليس بالكلاشن والكاتيوشا .
http://www.nadyelfikr.net/viewthread.php?t...=27547&pid=#pid
(f)
بحث
قائمة الأعضاء
التقويم
وثائق المساعدة
