الزميل ماركيز تحياتي،
لا أتوقع إيصالك إلى حالة الإقتناع من جوابي. فأنا إنسان مثلك بمشاعر وأحاسيس واستنكار لأعمال الحروب والإجرام والإرهاب. ولذلك، انا طبعاً لا أسَرّ برؤية أو قراءة تفظيع كهذا في كتاب مـُعتبَر كلمة الله للبشر.
إنما لا شك بأنك توافق أيضاً معي بأن الحياة على وجه الأرض تتطلب ممارسة العدل. وللوصول إلى ذلك، يمكن أن يعني الأمر اتخاذ قرارات القتل والإعدام في بعض الحالات.
ممارسة العدل واتخاذ قرار القتل والإعدام هو عادة من حق الله وحده. لقد عمل ذلك في عدة مناسبات في التاريخ. كجلب الطوفان، وحرق سدوم وعمورة وغير ذلك. ولا ننسَ بأن الأمر شمل قتل حتى الأطفال الأبرياء في تلك المناسبات. فلا مكان هنالك للشفقة والأحاسيس البشرية المتطرفة عندما يتعلق قصد الله ومشيئته بالأمر.
في معظم الأمثلة التي ذكرتها يا عزيزي، كان الأمر يتعلق بقصد الله في إزالة شعوب تلك المناطق، كي يحل مكانهم شعب آخر لا أرض له ولا مكان. لقد كان تنفيذاً لحكم الله العادل والمتأني الذي سبق بدء التنفيذ بحوالي 400 سنة:
"15: 16 وفي الجيل الرابع يرجعون الى ههنا
لان ذنب الاموريين ليس الى الان كاملا" – تكوين 15 : 16.
http://st-takla.org/pub_oldtest/01_gen.html
إنما هذه المرة - كي ينفذ ذلك الحكم، كانت مشيئته أن يستخدم الذراع البشرية. لكن استخدام تلك الذراع البشرية كان شرطياً. فكان يجب أن يسير بحسب مشيئته وفي وقته هو، لا بحسب رؤيتهم البشرية للأمر. لاحظ هنا أحد الأمثلة على استخدامهم تلك الإمكانية دون النظر إلى مشيئة الله لأخذها بعين الإعتبار:
"14: 41 فقال موسى لماذا تتجاوزون قول الرب فهذا لا ينجح
14: 42
لا تصعدوا لان الرب ليس في وسطكم لئلا تنهزموا امام اعدائكم
14: 43 لان العمالقة و الكنعانيين هناك قدامكم تسقطون بالسيف انكم قد ارتددتم عن الرب فالرب لا يكون معكم
14: 44
لكنهم تجبروا و صعدوا الى راس الجبل و اما تابوت عهد الرب و موسى فلم يبرحا من وسط المحلة
14: 45 فنزل العمالقة و الكنعانيون الساكنون في ذلك الجبل
و ضربوهم و كسروهم الى حرمة" - عدد 14 41 - 45.
http://st-takla.org/pub_oldtest/04_numer.html
إذاً علينا أن نأخذ عدة عوامل بعين الإعتبار:
- حكم الله المسبَق على سكان تلك الأرض
- جلب شعب بلا مكان ولا أرض مكانهم
- استخدام الذراع البشرية لتنفيذ الحكم، ولكن بشرط الإلتزام بالمشيئة الإلهية لفعل ذلك
- قيامهم بمحاربة تلك الشعوب لم يكن بهدف نشر الدين وفرضه على سكان الأراضي وتوسيعه. لقد كان بهدف السكن، لا بهدف التوسع والإستيلاء على الشعوب المجاورة لتكوين امبراطورية أو سلطة عالمية.
الواقع كنت قد عالجت تقريباً نفس النقطة في مكان آخر. ولذلك يمكنك العودة إلى المداخلة 51 من الرابط التالي من أجل بعض التفاصيل:
http://www.nadyelfikr.net/viewthread.php?t...40312#pid340312
وهنا - كي أرضي قليلاً الآنسة هاجر وأضع وردة أمام أنفها الذي حشرته مكاني للإجابة على الموضوع، :97: أجد من الضروري التنويه بأن إجراءات قتالية كتلك انتهت بعد المسيح. فالله توقف عن التعامل مع اليهود كشعب خاص له. وكل وعوده لآبائهم كان قد أتمّها بأمانة، وانتهى الأمر. ولذلك بدأ يتعامل مع كل البشر بلا تمييز من الآن فصاعداً. لا تمييز لشعب على شعب. لقد وصل وقت التعامل مع البشر على أساس روحي. يعني صار يجمع لنفسه أمة روحية، لا أمة جسدية. وهذه الأمة الروحية غير مرتبطة بنسل أحد أو بشعب ما أو بجنسية معينة. إنها أمة تروج صفات السلام والمحبة بين أعضائها، وللأخ الإنسان أياً كان. تمثلاً بالقائد (يسوع المسيح) الذي مات من أجل البشرية جمعاء. وتمثلاً بالله الذي "يشرق شمسه على الاشرار والصالحين ويمطر على الابرار والظالمين" (متى 5 : 45).