هل أنت يا علمانى ملكى أكثر من الملك ؟!
أين أنت من فلاسفو الملاحدة راسل من قبله دوركايم وليفى برول وأوجست كونت الذين أنكروا الأخلاق واعتبروها مجرد وسيلة لتحقيق الأغراض من قبل الحكام وأصحاب النفوذ ؟
أعتقد أنك تحقق إلى حد بعيد افتراضية التناقض بين الغريزة الخلقية لدى الملحد ككائن أخلاقى وبين النظرية الإلحادية .
http://nadyelfikr.net/viewthread.php?fid=2...id=43563&page=4
أما فيما يتعلق بالإسلام وأنه نقيض الأخلاق فكلام باطل ليس له أى أساس من الصحة ولا وجود له إلا فى أذهان الحاقدين ومن لا معرفة له بعلم الأخلاق وموقف الإسلام من الأخلاق ودوره فيها :
[SIZE=4][COLOR=Blue]فى البداية كان الهدف من تأسيس علم للأخلاق هو وضع الضوابط والمعايير التى يسير بمقتضاها الإنسان فى حياته فتنتظم سيرته مع ربه ومع أفراد جنسه والكون من حوله وقد صيغت منذ فجر التاريخ نماذج لنظريات أخلاقية تأثرت بمجتمعاتها أكثر مما أثرت فيها ثم تطورت فى العصر الحديث واشتملت على مذاهب أكثر تعقيدًا وإن لم ترق بالإنسانية إلى ما كانت تصبو إليه بل لعلها قد تأخرت من هذا المنظور عن سابقتها ولقد تجاذبتها المناهج السائدة بعيدًا عن المقصد الذى وضع لأجله هذا العلم .
ولقد وجدنا المدارس الفقهية تضع القواعد العامة والضوابط التى تحكم حياة الناس فى معاملاتهم وعلاقاتهم معتمدة فى ذلك على القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة وما اجتمعت عليه الأمة وعبرت عن تلك الضوابط والمعايير بعبارات دينية كالحلال والحرام وما يجوز وما لا يجوز بحيث يمتزج المعنى الأخلاقى بالأمر الدينى ذى الأبعاد العقائدية الإلزامية وبحيث يشمل ذلك كل الأفراد بلا استثناء ويشمل حياتهم اليومية .
ثم وجدنا ذلك قد أتى فى إطار منهج عملى متكامل لم يكتف بالنموذج النظرى الذى ألفناه فى النتاج الفلسفى ، كما وجدناه يتميز إلى جانب ذلك بالواقعية والشمول والروح الاجتماعية مما يشكل نموذجا عمليًا لحياة أخلاقية واقعية شاملة تهدف إلى صلاح الدنيا من أجل صلاح الآخرة .
أولاً الجانب النظرى:
وسوف أتناول فيه باختصار شديد - أرانى مدفوعًا إليه- ولن يكون مخلاً إن شاء الله تعالى الحديث عن دوافع الفعل الأخلاقى أو مصادر الإلزام ، والغاية الأخلاقية ، والقيمة الأخلاقية.
1- دوافع الفعل الأخلاقى :
إن عناية الفقه الإسلامى بدوافع الفعل الأخلاقى إنما تنبع من أهمية معرفة ذلك فى خطاب النفوس وتوجيهها إلى انتهاج منهج أخلاقى ، لكن الذى يلفت الانتباه أن النظرة الفقهية إلى النفس البشرية تميزت بالشمول والواقعية :
فهو يخاطب دوافع الإيمان والذى يتمثل فى توحيد القلوب لله تعالى وإخلاصها له بحيث يكون المرأ مع الله تعالى بلا خلق ومع الخلق بلا نفس ومع النفس بلا هوى وهو ما يتضح من ربط الأوامر والنواهى بالإيمان بالله تعالى وأما ما يتقوى به ذلك من فطرة سليمة وعقل مستنير فيناسبه توضيح ما فى هذه الأوامر والنواهى من علل مطردة تتفق مع ما يراه العقل وتطمئن إليه الفطرة .
ومن ناحية أخرى فإنه لما كان كل عمل إنسانى أصله المحبة والإرادة والمقصود منه الفوز بالمراد المحبوب سواء كان ذلك طاعة الله تعالى والانقياد لأمره أو الفوز بالجنة أو حتى نيل حظوظ الدنيا حتى صار ذلك اعم الدوافع وأشملها .. فقد خوطب المكلفون بذلك فى كل عمل حتى إن العمل إذا تجرد من الحظ بالمقصد الأول كالعبادات والولايات العامة كان لصاحبه من الحظ بالمقصد الثانى من جعله عمدة فى الدين وفى إقامة الشهادة ومن توقير المكلفين وقيامهم بحظوظه ... ما يفوق ما كان من الأعمال مراعيًا للحظ بالمقصد الأول حتى يعلم المكلف ان التجرد من الحظوظ فى الشرع لا يجرد صاحبها منها إذا كان ممتثلاً لأمر الله تعالى .
لكن من الناس من تعوذهم الفطنة ، ومنهم جهال لا يسمعون ولا يعقلون ما فى أور الله تعالى من الخير فكانت مهمة الفقه أن يبين لهؤلاء ويرشدهم .
غير أن من هؤلاء من لا يفتقر إلى هداية البيان فحسب ولا يزعه إلا عصى الجماعة دون أن يخرجه ذلك عن صفة الإيمان وأهلية الخطاب ، بل إن له حظًا من الإيمان والفطرة السليمة كما أن لكل مؤمن نصيب من اتباع الغرائز.
وقد نظر الفقه الإسلام إلى هذه الدوافع على أنها مختلطة وممتزجة وغير مجردة فالعقل هو مناط التكليف ، والإيمان شرط الامتثال ، ولا يعمل الإنسان إلا بحظ ولا ينتهى إلا إذا أيقن بما يجره عليه التمادى من الآلام فى الآخرة أو فى الدنيا أعظم من لذة قد تكون فى المخالفة .
إن نظرة الفقه للإنسان ككائن أخلاقى تميزت بالشمول والواثعية ونأت عن المثالية والتجرد الذى ادعاه المثاليون والذى جعل من ( الأخلاق ) علمًا مجردًا عن الواقع
2-الغاية الأخلاقية
تباينت أقوال الفلاسفة وعلماء الأخلاق فى الغاية من السلوك الأخلاقى غير أنها تدور حول جلب المصالح ودفع المفاسد عن الإنسان أو عن النوع الإنسانى.
وباستقراء الشريعة قد تبين أنها قد وضعت وفق مصالح العباد ، وهو ما لا ينازع فيه منكرو التعليل من المتكلمين والقائلون به بمعنى الأمارة أو العلامة ؛ فالأحكام العادية تدور مع مصالح العباد وجودًا وعدمًا ، والشىء الواحد قد يمنع فى حال لا تكون فيه مصلحة للعبد فإن وجدت فيه المصلحة جاز ، والإذن دائر معها حيث دارت ، بل إن النصوص الدالة على ذلك أكثر من أن تحصى :
فمن العام قوله تعالى (( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين )) ومن الخاص قوله تعالى (( إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر )).
وقد يمكن مراعاة ذلك أيضًا فى سائر العبادات كما ذهب الأحناف ، كما أن ذلك التصور قد أدى بالمالكية إلى القول بالمصالح المرسلة والاستحسان الذى قال عنه المالكية إنه تسعة أعشار العلم .
فتكاليف الشريعة ترجع عند الفقهاء إلى حفظ مقاصدها فى الخلق ، وقد قسم الفقهاء مقاصد الشريعة إلى أصلية وتابعة :
أما الأصلية فلا تعدو ثلاثة أقسام : أن تكون ضرورية ، أو حاجية ، أو تحسينية .
فالضرورية ما لا بد منه لقيام مصالح الدين والدنيا ، والحفظ لها يكون بأمرين :
إقامة أركانها ؛ ولهذا شرعت الأحكام فى باب العبادات لحفظ الدين من جانب الوجود ، وفى باب العادات لحفظ النفس والعقل ، وفى باب المعاملات لحفظ النسل والمال ... ثم من جانب ما يدرأ اختلالها ؛ ولهذا شرعت الأحكام فى باب الجنايات لحفظ الجميع من جهة العدم .
وأما الحاجيات فهى ما يفتقر إليه فى التوسعة ورفع الضيق المؤدى فى الغالب غلى الحرج وإن لم يبلغ مبلغ الفساد فى الضروريات ؛ ولهذا شرعت الرخص فى العبادات والمعاملات .
وأما التحسينات فمعناها الأخذ بما يليق من محاسن العادات وتجنب الأحوال المدنسات ويجمعها قسم مكارم الأخلاق .
وهذه جملة المصالح الأصلية التى تقصد الشريعة إلى حفظها ودفع ما يضادها وشرعت لأجلها الأحكام التكليفية وهى إما عينية أو كفائية :
فعينية من جهة ما أمر به المكلف من حفظ نفسه ونسله وماله وعقله ودينه ، وكفائية من حيث توجيه الطلب للملف بأن يقوم بها على العموم فى جميع المكلفين وغيرهم لتستقيم الأحوال العامة والتى لا تقوم الخاصة إلا بها لتستقيم الأحوال والتى لا تقوم الخاصة إلا بها ، فهو مأمور بإقامة الوجود فى نفسه وغيره ومأمور بخلافة الله فى عباده على حسب قدرته ، ولا يجوز ترك شىء من ذلك لأن فى تركه فساد للعالم .
وأما المقاصد التابعة فهى التى روعى فيها حظ المكلف من تحصيل مقتضى ما جبل عليه من نيل شهوات واستمتاع بلذات وسد خلات .
وتشترك الغاية الأخلاقية فى الشريعة الإسلامية مع الغاية الأخلاقية فى الفكر الفلسفى عامة فى أمور كما تختص بأمور أخرى :
فأما ما تشترك به فهو أنها غايات مطلقة ، وأنها كلية وعامة وأبدية :
فهى ( مطلقة )وإن كانت مصالح الإنسان الدنيوية على غير ذلك فهى لا تتمحض وكذلك المفاسد إلا أن المعتبر شرعًأ ما غلب من الطرفين فإن كانت المصلحة غالبة كانت هى متعلق الخطاب فإن تبعها مفسدة او مشقة فليست بمقصودة ، وكذلك المفسدة يكون منعها على اتم وجه إن كانت هى الغالبة ، فالمصالح والمفاسد لا تتمحض فى هذه الدار لكن نقصود الشرع بالأمر والنهى ما غلب منها خالصًا غير مشوب .
وقد أرجع الفقهاء هذه القاعدة إلى منع التكليف بما بما لا يطاق فى شريعة الإسلام .
( وهى كلية )لأن فى ذلك كمال النظاموالذى يأبى أن ينخرم ما وضع له وهو المصالح ، فالأمر فى المصالح مطرد شرعًا ولا يتخلف من باب إلى باب ولا يختص به محل وفاق دون محل خلاف ، وإن خصص فعلى وجه كلى كذلك ، وإن تخاف فى بعض الجزئيات كما فى القصاص فإن إهمال ذلك الجزئى هو عين اعتبار الكلى ثم غن ذلك قد وقع لعارض هو الجناية وهو بذلك غير قادح فى الكلى .
(وهى عامة) يدخل تحتها كل مكلف فلا يباح لأحد ما يباح لغيره ، وما أوهم خلاف ذلك كإباحة إيغال للبعض فإنه مقرون بشرط القدرة وهو بذلك كلى من حيث تشتراط القدرة .
( وهى أبدية )بمعنى أنها غير قابلة للنسخ وإنما النسخ من أحكام الجزئيات لا الكليات .
وأما ما تختص به مقاصد الشريعة فكونها:
( توقيفية ) من وضع الشارع : اما على قاعدة نفى التحسين والتقبيح العقليين فإن كون هذه مصلحة وتلك مفسدة راجع إلى الشارع ولا عمل فيه لعقل ولا عرف ولا هوى .
وأما على القول بخلافه فغنه لما كانت المنافع والمضار إضافية غالبصا وبذلك تختلف من شخص إلى شخص ، والشىء قد يكون فيه مصلحة لشخص مفسدة لآخر ؛ فلا ينبغى ترك ذلك لدوافع الأهواء ولذلك فقد وضعت قواعد الشريعة وفق المصالح مطلقًا وافق ذلك الأغراض أو خالفها ن فضلاص عن أنه من مقاصد الشرع المعتبرة إخراج المكلف عن دواعى الهوى حتى يكون عبدصا لله تعالى وليس ذلك موكولاً للعقل أو للعرف دائمًأ فإن الشرع لما جاء بعد فترة تبين ما كان عليه أهل تلك الفترة من انحراف وخروج عن مقتضى الاعتدال ولو كان كما قيل لم يحتج إلى الشرع إلا فى بيان مصالح الآخرة ، وليس كذلك .
فالشريعة وإن كانت موضوعة لمصالح العاد فهى عائدة إلى ذلك بحسب أمر الشارع وحده لا على مقتضى الأهواء أو ما تحكم له العقول أو ما تواضع عليه الناس ، وفيها ثبوت الخظ و المصلحة الخاصة من حيث أثبته الشرع .
(وهى معتبرة من حيث إقامة مصالح الدنيا للآخرة)
فالدنيا لإنما خلقت لبذل التعم والخيرات للعباد ليشكروا الله تعالى عليها فيجازيهم بها فى الآخرة ، فكانت الشريعة مبنية على بيان وجه الشكر فى كل نعمة وبيان وجه الاستمتاع بالنعم المبذولة الخاص منها والعام لتكون عونًا على ذلك الشكر ، والأدلة على ذلك كثيرة منها قوله تعالى (( ها أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئًا مذكورًا إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناخ سميعًا بصيرًا إنا هدينا السبيل إما شاكرًا وإما كفورًا )).
والشكر هو صرف ما أنعم به الله تعالى فى مرضاته سواء فى العبادات أو العادات ، وكونه قاصدًا لإقامة مصالح الدنيا للآخرة ليس خروجًا عن مقتضى إقامة مصالح الدنيا وإنما هو إقامة تلك الغاية كوسيلة لغاية قصوى هى السعادة الحقيقية حيث تتمحض الخيرات .