مساء الفل
تارة تقول يا زميل خالد بأن العنف ليس غريزة، ثم تعود لتقول أنّه "طبيعي".
هذا يحيرني، أرى ارتباكاً في الأفكار هنا، ما أفهمه أنا على حد علمي المتواضع جداً والغير متخصص هو أنّ كلمة "طبيعي" ترادف كلمة "غريزة".
ولكن دعنا من كل ذا التشتت ولنقل معاً أنّ العنف سلوك موجود في الكون وفي الطبيعة كما أشرت في مداخلتك لاحقاً. هذه إشكالية أخرى.
ألاحظ هنا "عودة إلى الطبيعة" في ظواهر الكون والكائنات الحية غير الإنسانية عندما يتعلق الأمر "بشيء طبيعي" أقره الإسلام.
من جهة ثانية، ولو أخذنا قرود البونوبو ولبؤة الأسد وأنثى العنكبوت وغدر الذئب ولؤم الثعلب وخواء الببغاء وصوت الحمار كنماذج عن سلوك طبيعي من حيث هو "عودة إلى الطبيعة" مثل العنف تماماً ، نجد فوراً أن الإسلام ذاته وفي تناقض عجيب مع نفسه يتهمنا بالبهيمية والتدنّي إلى ما هو حقير والانغماس في سفاسف الأمور. أمّا العنف فهو شيء مختلف.
إنّ البهيمية تفقد علاقتها بالعنف إذا رفع راية الإسلام وأذن في النّاس بالجهاد، أو إذا رفع البتّار ليهوي به فوق رأس المرتد، إنّها "عودة إلى الطبيعة"! ، عودة إسلامية مفلترة إلى الـ "طبيعة" أليس كذلك؟
أمّا إذا اتخذ العنف راية غير الإسلام، فسوف يوصم بالبهيمية من فوره ودون نقاش.
من جهة انك لا تجد مباديء عملية انتشرت بدون عنف فقد قلت هنا، قبل أن "تعود أحمداً" بأن البوذية والداوية انتشرا بلا عنف ويدين بهما اليوم أكثر من ثلث سكان العالم. كونهما انتشرا ولم يتبنّهما أي جيش في يوم من الأيام، وانتهيا إلى هذه النتيجة بدون عنف، هذا في حد ذاته ينسف تماماً "سمو" الإسلام على غيره من الأديان.
مرة أخرى طرحت مسألة السجون، وأعتقد أنّني استكفيت من توضيح فهمي لنظرية العلاج وضربت عليها أمثلة كافية لهذا الموضوع.
دخلنا في اليابان والعرب وهيروشيما والانبطاح أمام أمريكا، بلاش أحسن، لأنّ النتيجة لن تكون في صالحنا مقارنة باليابان. فتح الآن مجال السياسة أيضاً إلى جانب الأنثروبولوجي وعلم الاخلاق وعلم النفس والدين والتاريخ، رائع...كل المواضيع تتفتح تباعاً ، كل المجالات دخلت في امتزاج عجيب.
بما أنّ الموضوع خرج عن مساره في جميع الأحوال، فلا أجد ضيراً من ختم مشاركتي بالتعقيب على إبراهيم فيما يخص "جنون" كاتبتي المفضلة.
كل ما أريد قوله هو قراءة كتب تلك "المجنونة" لكي نتعلم شيئاً من هذياناتها. نحن بحاجة جمة إلى الانعتاق من العقل الرهيب هذا الذي نحمله بين أكتافنا والذي لم يوردنا إلاّ المهالك.
لا بأس أيضاً في فترة الراحة من مشاهدة فيلم
"العقل الجميل" اضغط هنا والذي يحكي قصة عالم الرياضيات المجنون
"جون ناش" اضغط هنا الذي كان يشاهد العفاريت ويذاكر مع صديقه العفريت في الكلية ، ويذهب لحل الشفرات في بيت مهجور ، وانتهى به جنونه إلى الحصول على جائزة نوبل ، وبعد تسلمه الجائزة ونزوله عن المنصة خرج ليجد عفاريته في انتظاره عند الباب.
هذا غير فان جوخ الذي رسم لوحاته في مستشفى المجانين ، وغيرهم كثير، يعني لو تأملنا عالمنا لوجدنا في النهاية أنّه قام على أكتاف حفنة من المجانين.
وكل عقل وأنتم بخير :asmurf:
أراكم بعد حين