تنويه:

هذا الشريط هو إمتداد لشرائط سابقة:

العلم , الدين , اليقين و أزمة الحضارة الإسلامية
بين الحقيقي و الكاذب من قضايانا المعاصرة

[CENTER]صدام الحضارات

"صدام الحضارات" ذلك المصطلح الجديد نسبيا على مجتمعاتنا و مع ذلك فقد تغلغل في خطابنا اليومي حتى بات يرن بآذاننا ليل نهار في وسائل إعلامنا و جرائدنا و نشراتنا و كتبنا على قلتها و حتى في خطابنا الديني - الرسمي - بل و في جلساتنا الخاصة.

و ترجع بدايات إنتشار ذلك المصطلح تحديدا مع إطلاق صامويل هانينجتون كتابه الذي يحمل نفس العنوان.

و منذ ذلك الحين - و للآن - فالعالم كله و ليس نحن فقط يتحرك في إطار ذلك الطرح أو متأثرا به.

لكن و بالرغم من تأكدنا التام من إنتشار المصطلح حتى في مواضيع التعبيرفي المدارس الإبتدائية دعنا نسأل بعض الأسئلة المشروعة:

* بالرغم من فهمنا جميعا للمصطلح "صدام الحضارات" هل نعرف عن أي شئ تكلمت النظرية التي يشير لها هذا المصطلح؟ أم أن ذلك المصطلح قد تحور و تدور في وعينا الجمعي (بواسطة وسائله المختلفة من الميديا للخطاب الديني لغيره) لكي يدل على معنى و طروحات مختلفة كل الإختلاف عن الطرح الأصلي و الذي يشير له ذلك المصطلح؟
و بتعبير آخر - هل بات المعنى و الدلالة في وعينا الجمعي هو نفس المعنى و الدلالات التي أطلقها الطرح الأصلي - بغض النظر عن صحته من عدمه الآن - أم أن المعنى المتحور و الذي توطن عقلنا الجمعي قد إختلف تمام حتى أصبح منقطع الأطر مع مقاصد الطرح الأصلي؟

* هل تحرك العالم في إطار الصدام الفعلي بين الحضارات كرد فعل على هذه النظرية - أم أن النظرية هي تنبؤ و رد فعل على تحرك العالم فعلا في هذا الإطار؟
ففي إطار معنى المصطلح و مدلولاته في وعينا الجمعي - و تبعا لما يوقعه من أثر على متلقيه - لا ننفك نهاجم النظرية و بصفتها هي سبب إتجاه الصدام العالمي - فهل هذا صحيح؟ أم أن ذلك نتيجة منطقية لتحول المصطلح لدينا لمعاني أخرى تناسبنا أكثر؟

* هل حقا من الممكن تفادي صدام الحضارات؟ و هل يوجد طريق آخر؟ و ما معنى المصطلح الآخر الذي زامل مصطلحنا المقصود و هو "حوار الحضارات" - هل يدل على نظرية موازية ل "صدام الحضارات" أم أنه مجرد مصطلح منتحل لا يدل على شئ غير النيات الطيبة؟ أم مجرد دعوة لتغيير مسار الوضع الحالي.
و هل يوجد ميكانيزم لحوار الحضارات ذلك؟ أم أنه مجرد بروباجاندا يطلقها جميع الأطراف - كل لغرض يخدمه - و الواقع أن حوار الحضارات حو مجرد حوار الطرشان؟

هل نقبل بالوضع الحالي كما هو و تباعا بحوار الطرشان أم يجب ألا ننخدع بما قد نظنه ليس في أدنى حاجة للتحليل و أن نسأل عما نظنه ليس في حاجة لإجابة - فليس من الملزم أن يكون المنتشر و المتوطن لدرجة المسلمة هو حق أو حتى يقترب منه.

دعنا نحاول الإجابة عن تلك التساؤلات و غيرها في هذا الشريط. و هذا في محاولة أخرى لإستشفاف إتجاهنا الحقيقي - و للرد على التساؤل المزمن:

إلى أين نحن ذاهبون؟

[SIZE=4]المشكلة الحقيقية افتقاد الإسلاميين للتقاليد الحوارية الحضارية في مجتمع تعددي علماني لا يعطي قداسة لفكر أو مذهب
الأخ العزيز وليد .(f)
تحية تقدير .
هذا الشريط هو مشروع حواري ممتاز ، أتمنى أن يجد إهتماما يستحقه بالفعل من الزملاء الجادين ، عادة مانشكو كأعضاء في النادي من عصبية الحوار و تبدله إلى سجالات طائفية سخيفة بين الشيعي و السني و الفتحاوي و الحماساوي و اللبناني و الحسن نصراوي و الزرقاوي و الصدراوي و الشنكحاوي و الزعبلاوي ثم نشرع في تقليد الآخرين مطلقين اللعنات على رؤوس الجميع ، لماذا لا نجرب سبيلآ آخر ؟، سيكون هذا الشريط و نظرائه من الموضوعات الثقافية و الفكرية فرصة للتفكير بديلا عن التهجيص و التحاور بديلا للتشاتم ، إن الحضارات لا تصنع بسباب الشوارع و السخرية من الكبار و لكنها تصنع بالجدية و احترام الذات و الآخر و هذا ما تفعله في هذا الشريط و سابقيه ، وكمتابع لجهودك المثابرة و العميقة التي تثري الفكر الحر لا يفوتني واجب الشكر و الإمتنان .
لن استبق الحوار و لكني أريد فقط أن أدلي برأي لما يعنيه الحوار الحقيقي القائم على قاعدة التكافؤ و ليس التمييز و المشاركة و ليس الإحتكار ، و لهذا السبب اسمح لي أن أضع هنا تلك المداخلة ..
للفيلسوف الفرنسي المسلم روجيه جارودي كتاب ممتع هو ( كيف صنعنا القرن العشرين ) ، في هذا الكتاب يتحدث جارودي عن تأسيسه و رئاسته لمركز الدراسات و الأبحاث الماركسية ( أثناء عضويته في اللحنة المركزية للحزب الشيوعي الفرنسي وقتها ) ، و كيف قام المركز بإدارة حوار بين الماركسيين و المسيحيين على مستوى الغرب المسيحي من ألمانيا و إيطاليا إلى كندا و الولايات المتحدة ، شارك في هذا الحوار كبار علماء اللاهوت المسيحيين ، و تشر جارودي موقفه و رأيه في هذا الحوار الماركسي المسيحي في كتاب نال شهرة وقتها هو ( من اللعن إلى الحوار . ماركسي يتحدث إلى المجمع ) ، من يعرف شيئا عن التقاليد الثقافية في الغرب لن يعجب أن يجد إسم الأب رانر على مقدمة الترجمة الإنجليزية لكتاب جارودي الماركسي ، في هذا الكتاب مقارنة رائعة بين الفكر الماركسي الذي يقدم التفسيرات النهائية قبل الأخيرة كما يرى الأب رانر و الفكر المسيحي الذي يقدم التفسيرات النهائية (المسيحية دين المستقبل المطلق) ، في رده البديع على الأب رانر يقول جارودي المادي الماركسي ( وقتها) :" لنعمل معا كاثوليك و ماركسيين من أجل الوصول إلى النهايات قبل الأخيرة ، و إذا تصورنا – نحن الماركسيون – أننا وصلنا إلى نهاية التاريخ ، فإنه سيسعدنا أن تكونوا أنتم أيها المسيحيون بجوارنا كي تقولوا لنا : يجب ان نذهب أبعد من ذلك ، ولكن ليتكم لا تقولوا لنا ذلك مبكرا ، حتى لا نضطر أن نبتعد عن طريق النضال في اتجاه الهروب التقي " ، هناك أيضا حوار شهير أورده نصا برتراند راسل في كتابه الهام ( لماذا لست مسيحيا ؟) ، هذا الحوار تم بينه و بين الأب ( كوبليستون ) و أذيع في لبرنامج الثالث لهيئة الإذاعة البريطانية عام 1948 ، وكان بعنوان ( وجود الإله ) ،و في هذه المناظرة اتخذ راسل جانب اللاأدريين Agnosticism بينما اتخذ الأب كوبليستون جانب المؤمنين في حوار فائق المتعة و الموضوعية ، ذكرت هذه النماذج و ما أكثرها كي ألقي ضوءا ولو خاطفا على معنى الحوار الحقيقي و محتواه ، لم نجد رجل الدين يكيل اتهامات التكفير و التخوين على رأس برتراند راسل أو جارودي ،أو يتهددهما بنار عرضها السموات و الأرض خالدين فيها ، و لكنه يحاور راسل و جاروي و نظرائهما من اللادينيين على قدم المساواة دون محاولة الهداية في صيغة التعالي التقليدية للإسلاميين ، هل تتصور أن يقبل الإسلاميون مثل هذه الحوارات الذي يشارك فيه كبار رجال اللاهوت المسيحي و بحماس و على قدر المساواة بالعلمانيين ؟ ، هل تتصور أن يتحاور أي رجل دين من الدرجة العاشرة مع مفكر ليبرالي ينادي فقط بفصل الدين عن الدولة دون أن يلعنه عشرات المرات ؟، المشكلة الحقيقية افتقاد الإسلاميين للتقاليد الحوارية الحضارية في مجتمع تعددي علماني لا يعطي قداسة لفكر أو مذهب ،و لكنه يوفر فرصا متكافئة للجميع .
و للعزيز وليد كل احترامي و تقديري .

تسجيل متابعة.

اقتباس:  Waleed   كتب/كتبت  
* بالرغم من فهمنا جميعا للمصطلح "صدام الحضارات" هل نعرف عن أي شئ تكلمت النظرية التي يشير لها هذا المصطلح؟  أم أن ذلك المصطلح قد تحور و تدور في وعينا الجمعي (بواسطة وسائله المختلفة من الميديا للخطاب الديني لغيره) لكي يدل على معنى و طروحات مختلفة كل الإختلاف عن الطرح الأصلي و الذي يشير له ذلك المصطلح؟

عن نفسي أعتقد أنني على دراية لا بأس بها بهذه النظرية في العلاقات الدولية ، وقد قرأت المقالة التي نشرها صاحب النظرية عن نظريته في مجلة "فورين أفيرز" ثم قرأت الكتاب الذي توسع فيه في شرح نظريته مستنداً على الكثير من المؤشرات والوقائع وأيضاً الكثير من آراء واجتهادات كتاب ومثقفين من مختلف مناطق العالم ، وعلى ما أتذكر كان بينهم المثقف المغربي المهدي الماجندرا والمفكر الماركسي المصري محمد سيد أحمد ، والمعنى هنا أن هانتنغتون لم يأت أساساً بجديد على مستوى الفكرة المركزية للنظرية ، ولكن الجديد الذي أتى به هو البناء التحليلي الموسع والعميق ، العبقري في الواقع ، الذي أعاد طرح الفكرة في سياقه .

أما عن "وعينا الجمعي" الذي استقبل النظرية فليس وعياً واحداً ، هناك مثلا الليبراليون الذين لابد وأن اختلفوا في موقفهم من النظرية عن الأصوليين الإسلاميين ، لكن لأن هؤلاء الأخيرين هم أصحاب الصوت الأعلى بيننا في هذه الحقبة رجح تأويلهم للنظرية عما سواه وخصوصا أنها ترضي شيئا ما عزيزاً في نفوسهم .

هانتنغتون نفسه قال في كتابه أن صدام الحضارات ليس حتمياً ، وربما يجوز لنا أن نعتبر طرحه مقاربةً نقدية لنمط معين في العلاقات الدولية متزايد التأثير ، بمعنى أن الرجل ينظّر لواقع دولي (أو حضاري) فائم ويحذر منه في آن بل ويقترح تصورات معينه لمعالجته ، ولكن فكرة "صراع الحضارات" قد جاءت لتنسج على منوال الإصولية الإسلامية بمختلف صورها ودرجات تصلبها الأيديولوجي .

الإسلام ـ الذي أحب وأقدر كل الحب وكل التقدير ـ دين نزاعي منشغل دائما بالبحث عن أعداء يغزوهم ويخضعهم لسلطانه ، وهذه سيرته منذ لحظة تأسيسه الأولى ولقرون ممتدة ، لكن الجديد جدا هو أنه متى ما وجد أعداء أقوياء تحول منعتهم من غزوهم يصار إلى استدراجهم ليغزوا هم ديار الإسلام تمهيدا للجهاد ضدهم والاستشهاد في سبيل إخراجهم على أعقابهم مندحرين ، ووعي جهادي مثل هذا لا يمكنه إلا أن يتلقف أطروحة هانتنغتون بالحبور والسرور بعد أن ينزعها عن سياقها ومضامينها الحقيقية وينتهي بها إلى مجرد دعوة للصراع بين الغرب الصليبي والإسلام ، وهي بالطبع ليست كذلك .

تحيه للزملاء الكرام :
واخرى للزميل المجتهد – بالمعنى الإسلامي – وليد:
منذ بدايه شريط "الحقيقي و الكاذب من قظايانا المعاصره" سجلت متابعتي املا في محاوله الكتابه فيه ولو مره و استبطان مقولاته من اجل تفعيل النقاش في القظايا التي هي فعلا تملك مشروعيه النقاش حولها والتفكير فيها...ولا يخفاك ما تسلب الدراسه من وقت وما تقتل الجامعه من اوقات ...
واسمح لي ان اطرح بعض الاسئله- على الشريط المذكور- كانت اثارت شجوني , والتي اعتقد ايظا انها تعزز سبل تحليل ظاهره تعدد الثقافات اندماجها او تنافرها اليوم.

اقتباس

اقتباس:إننا لو اتخذنا الإسلام مرجعا - معرفيا و أخلاقيا - كما يدعي كل الأطراف - لأصبح لزاما علينا إعتماد كامل نموذجه الأخلاقي أولا (كما يدعي الجميع أيضا) - و لأصبح لزاما علينا أيضا المحاولة المستميتة لتمثل هذا النموذج (و هنا يختلف الجميع).
و هنا ستنهار المفاهيم الوهمية المدلسة و ستصبح كلمة مثل الإرهاب = الجهاد = قتال غير المسلمين لنشر الإسلام و تعبيد الناس أنفسهم إلى مفاهيم دار الإسلام و دار الكفر.. إلخ.

مع الاخذ بعين الاعتبار كل ما قيل قبل هذا الاقتباس الذي يمكن اعتباره نتيجه لما سبق توضيحه من تشظي او تفتت المعنى في الناحيه العربيه.

اولا اريد ان اؤكد على ان هذه الجمله ستكون صحيحه مطلقا لو كان هذا " الاسلام " كائن لا زمني ومتعالي على التاريخ , بمعنى النموذج الاسلامي –او الاطار المعرفي- الذي تتحدث عنه لم يتغير عبر التاريخ ولم يتم الزياده عليه او الاخذ منه , أي انه بقي ثابتا وتم المحافضه عليه كما هو منذ لحظه انباثقه الاولى في التاريخ.

اعلم ان هذا الكلام خطير وربما يثير السخريه!
القران والسنه بما هما نصوص تاسيسه للنموذج الاسلامي يمكن الاتفاق على امكانيه بقاءهما دون تدليس او تزييف عبر التاريخ
ضمن نطاق القواعد التي اصلها علماء المسلمون انفسهم من جرح وتعديل وعلم السند وطرق الرواه وكتب الطبقات.....اكرر ان هذه العمليه ممكنه ضمن شروط ابستمولوجيه محدده .
اين وقع الاختلاف اذن ؟
وقع في طريقه فهم وتمثل واستنباط الاحكام من النصوص المؤسسه"القران والسنه".ولانعجب مثلا عندما نرى استاذا من رتبه محمد اركون يكتب كتابا ويعنونه ب "حروب من اجل الانسنه في السياقات الاسلاميه " بل يكتب اطرحوته لنيل درجه الدكتوراه من السوربون بالموضوع ذاته "نزعه الانسنه في الفكر العربي-جيل مسكويه والتوحيدي" والكتب منشوره في دار الساقي .
انسنه في دار الاسلام ! نعم .وكتب محمد عابد الجابري في نقد العقل العربي /مع الاخذ بعين الاعتبار ان ثمه نقدا لها من جهات كثيره اهمها كتب جورج الطرابيشي في نقد نقد العقل العربي تبين بوضوح وبساطه من خلال تاريخ النموذج الاسلامي نفسه ان مقولات الاسلاميين اليوم هي نسخ مشوهه عن واحد من النماذج العديده التي اقترحت لفهم الاسلام –او بشكل اوضح –فهم النصوص التاسيسه للاسلام.
على ماذا ارمي؟
اريد القول بكل بساطه انه بالامكان اعاده انتاج اسلام جديد ...
ولا اريد ان يفهم احد اني اتكلم كاصولي وابحث عن الاسلام الحقيقي الذي ضيعه اصحاب البدع...
عندما يكون 99.99% من افراد مجتمعنا يتصرفون بالايحاء , يمكن تمثيله ببساطه بقصه المرشح الديموقراطي المذكوره ,ويتلبس كل شيء بكل شيء عندنا الى درجه اعطني حريتي لا أقتل من يخالفني اريد ان ابين ان ثمه ثقبا يمكن للمثقف العربي ان يدخل منه لتغيير ما قد يصبح واقعا .............
تحياتي

الزميل المحترم و الأخ العزيز / بهجت (f)

أشكرك على تشريفك للشريط و على تشجيعك الغالي. و أود أن أعتذر لك و للجميع على تأخري بالرد لعطل في الإتصال بالشبكة في الفترة السابقة.

اقتباس:عادة مانشكو كأعضاء في النادي من عصبية الحوار و تبدله إلى سجالات طائفية سخيفة بين الشيعي و السني و الفتحاوي و الحماساوي و اللبناني و الحسن نصراوي و الزرقاوي و الصدراوي و الشنكحاوي و الزعبلاوي ثم نشرع في تقليد الآخرين مطلقين اللعنات على رؤوس الجميع ، لماذا لا نجرب سبيلآ آخر ؟

لا أخفيك حالات من اليأس العام تعتريني و فقدان الثقة في جدوى ما قد يكتب, بخاصة لعدم إمتلاكي ما أحسدك عليه من المثابرة و سعة الصدر.
و خطابك في الإقتباس بعاليه وصف دقيق لحالة مزمنة من الضياع و الفوضى العامة.
و كأننا نستعين بتلك الحالة عامدين بقصد التعامي عن مواجهة قضايانا المصيرية. فحين يتعلق الأمر بالمصير بل و قضية الوجود يجب أن نكفر بالسياسة و لتذهب خلافاتنا السياسية و الطائفية للجحيم. لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن. لكي تتوه الأصوات العاقلة - على قلتها - و تذوب وسط خضم هائل من الزبد و الطائفية. هذا إن لم ينالها النصيب الأكبر من الإرهاب المادي و الفكري و التخوين و التكفير .. إلخ.

الزميل المحترم / طنطاوي (f)

شرفت الشريط - أشكرك لمتابعتك و في إنتظار مداخلاتك.

الزميل المحترم / آمون (f)

أشكرك لتشريفك و مداخلتك القيمة.

اقتباس:هانتنغتون نفسه قال في كتابه أن صدام الحضارات ليس حتمياً ، وربما يجوز لنا أن نعتبر طرحه مقاربةً نقدية لنمط معين في العلاقات الدولية متزايد التأثير ، بمعنى أن الرجل ينظّر لواقع دولي (أو حضاري) فائم ويحذر منه في آن بل ويقترح تصورات معينه لمعالجته ، ولكن فكرة "صراع الحضارات" قد جاءت لتنسج على منوال الإصولية الإسلامية بمختلف صورها ودرجات تصلبها الأيديولوجي .

ما أسلفته في الإقتباس بعاليه تحديدا يعد تلخيصا للمداخلة القادمة التي أنوى طرحها.
و أتفق معك في إستبعاد موضوع الحتمية و إستبداله بقيم و نسب إحتمالية بخاصة في النظريات التي يمثل المجتمع الإنساني موضوع طرحها. حيث يلعب الوعي الإنساني حتى بذات النظرية دورا هاما في تغيير نتائج تنبؤ تلك النظرية.
و الدور الأكبر هنا - حسب تقديري - لتفادي (حتمية / الإحتمالية العالية نسبيا حسب إستقراء الحاضر) يرجع بالفعل لمدى إستيعاب موضوع النظرية - المجتمع الإنساني و بخاصة نحن - للنظرية و بوصفها كما قد أسلفتم تحذيرا شديد اللهجة. و هو ما لن يتأتى بترويج النسخ الأصولية و الشعبية التي تعمل في وعينا الجمعي الآن أو التأويل المنتشر - حسب تسميتكم له.

و قد يكون في المداخلة القادمة لي توضيح أكثر لما أرمي له.

الزميل المحترم / مالك (f)

مرحبا بمشاركاتك العميقة بقدر ندرتها.

أجد في مداخلتك فرصة لتجديد النقاش حول تلك النقطة الهامة - و التي سبق و شرفت بنقاش موسع فيها مع الزميل المحترم / بهجت. و فيما يقترب منها مع الزميل المحترم / الكندي.

هل يمكن إنتاج نموذج جديد للإسلام لا يصطدم مع الحاضر؟

لا أدعي إمتلاك إجابة وافية على هذا السؤال - و إن كنت أميل أكثر للنفي.

سوف أستميحك عذرا بنقل مداخلتك الجميلة في شريط "بين الحقيقي و الكاذب من قضايانا المعاصرة" سوف أدلي بوجهة نظري راجيا كل من له وجهة نظر في هذا الموضوع بألا يضن علينا بها.

للجميع مني كل إحترام و تقدير ,,

الخطا في التسمية .

الحضارة : هي بناء يعمل على استيعاب كل الحضارات السابقة في بوتقة واحدة ومن ثم تصير حضارة عالمية كونية ، الفرعونية استوعبت حضارات نقادة و وسط مصر وصارت عالمية ، والاغريقية المقدونية استوعبت حضارة مصر وكريت ومن ثم اصبحت عالمية والرومانية استوعبت تراث الاغريقية وهكذا ، ولو بحثنا عن الحضارة الحالية المسماة (الحضارة الغربية) سنجدها تتضمن في بوتقتها من الداخل جذور من الحضارة المصرية واليونانية والمسيحية ونتاج الاندلس الثقافي ...

لكن الصراع الحالي وهو صراع ايديولوجيات وافكار لا غير ، فهل توجد في شرق اسيا حضارة مختلفة عن الغرب كلا ، وهل يوجد في العالم الاسلامي (حالا) حضارة الاجابة بالتاكيد لا .

تحياتي للجميع
(f)

[CENTER]حول نظرية "صدام الحضارات"

بداية, قد يبدو من المناسب أن نبدأ من قاعدة الموضوع و التعريف بمعنى "النظرية" بوجه عام ثم "النظرية" في حالاتها الخاصة حين تتعلق موضوعاتها بالمجتمعات البشرية.

و بوجه عام فالنظرية - أو ما يستحق أن يطلق عليه نظرية - هي عملية فكرية معقدة و تخص الجنس البشري دون باقي الأصناف - و هذا لما يتميز به مخه و عملياته الفكرية من عدة مميزات و أهمها القدرة على التجريد.
و بدون الدخول في تفاصيل قد لا تلزم موضوع هذا الشريط, فالنظرية هي سلسلة من التغذية المتبادلة بين الواقع و العقل و بين الإستقراء و الإستنباط و قد يبدو تبسيط تلك العمليات كالآتي:

- ملاحظة و إستقراء ظواهر ما في العالم الخارجي - الواقع - ثم تصنيف تلك الظواهر.
- طرح فرض مستنبط من تلك الظواهر يحوي في خواصه بجانب تجميعه و تفسيره لتلك الظواهر في قوانين - خاصية أن تتنبأ تلك القوانين بسلوك تلك الظواهر فيما هو أدق و أشمل من مجرد الإستقراء السابق.
- العودة ثانية للعالم الخارجي لإختبار صحة الفروض التنبؤية للنظرية فيما يمكن أن نطلق عليه إختبارات التأييد / التكذيب.

و أي طرح فكري لا يبدأ من العالم الخارجي الواقعي - أو يتنبأ بما لا يمكن للعالم الخارجي الرد عليه لا يقع ضمن ما يصطلح على تسميته بالنظرية بمعناها الحالي.

و النظرية في حال تعلقها بالمجتمع الإنساني كموضوع لها - تعتبر حالة خاصة جدا كون موضوع النظرية هو كيان أو بنية واعية و قد تكون متأثرة بطرح تلك النظرية ذاتها و بحساسية خاصة للجزء الخاص بالتنبؤ بسلوك ذلك الموضوع.

و كمثال لبيان تلك الخصوصية نتخيل إجراء التجربة الآتية:-

- فنحن لو فرضنا طريق مستقيم يتكون من عدة حارات و ينتهي بحفرة عميقة. و عند نقطة بدايته وضعنا في إحدى الحارات إنسان عادي مع العلم أنه لا يرى الحفرة لظروف وضعها بالنسبة له أو لتغطية عينيه و بحارة أخرى وضعنا إنسانا آليا أو مجرد ماكينة - ثم أعطينا الأمر لكلا من المتسابقين ببدء سباق ما.
- ثم إفرض ملاحظ خارجي محايد يقف في موقف يسمح له بمشاهدة و قياس كلا المتسابقين و تحديد مسافاتهم بدقة من نقطة البداية عند زمن محدد منذ إنطلاقهم. من الممكن لذلك الملاحظ أن يحسب بدقة عالية تبعا لسرعات كلا من المتسابقين الوقت المحدد الذي سيسقط فيه كلا منهم.
- الآن إفرض أن هذا الملاحظ قد أعلن تنبؤه ذلك على الملأ في السباق بحيث يسمعه كل الحاضرين بمن فيهم المتسابقين في عبارة مثل "توجد حفرة بنهاية الطريق - سوف يسقط المتسابق أ (الإنسان) بعد عدد س من الثواني و سوف يسقط المتسابق ب (الماكينة) بعد عدد ص من الثواني".

الطرح السابق للملاحظ هو نظرية بالفعل - و الآن - كما سوف نتكهن جميعا فالماكينة سوف تسقط تبعا للنظرية و بدقة عالية لكن الأغلب أن الإنسان المتسابق سوف يتوقف عن السباق و لن يسقط في الحفرة معرضا النظرية للسقوط.

و لكن هل سقطت النظرية بالفعل و أثبتت عدم صدقها؟ أم أن النظرية بذاتها - و من حيث كونها كشفا - قد أثرت في موضوعها بشدة مسببة تغيير و إنحراف النتائج عما تنبأت به؟؟
يبدو بالفعل أن النظرية قد أثرت بموضوعها حال كونه واعيا مسببة إنحراف ما تنبأت به من نتائج.
بل و يمكننا أن ندعي أنه بقدر قوة و عقلانية النظرية - بقدر تأثير ذلك على إنحراف نتائجها - بشرط توافر قدرة المتلقي الواعي (موضوعها) على إستيعاب ذلك.
و في تجربتنا السابقة - لو إفترضنا حالتين:
* الأولى: أن يكون طرح الملاحظ كما يلي "يوجد شبح يتربص المتسابقين و إن لم ينتهوا سوف ينزل من السماء كي يختطفهم"
و أغلب الظن أن المتسابق الإنسان لن يعير إهتماما لطارح النظرية لضعفها و إنقطاع صلتها بالواقع.
* الثانية: أن يكون المتسابق الإنسان أحمق بما فيه الكفاية للتغاضي عن نظرية / تحذير الملاحظ و تأييد كافة المشاهدين لها بمطالبته بالوقوف.

و بوجه عام فبرغم صحة النظرية دائما حالة تطبيقها على الآلة المتحركة إلا أنه و في حالة كون موضوع النظرية بنية واعية و متأثرة بشبكة معقدة من العوامل منها - و في أحيان أخرى من أشدها - طرح النظرية ذاته فقد لا يكون من الإنصاف الحكم بسقوط النظرية حال فشل نبوؤاتها - بل و قد يعزى ذلك الفشل لقوة و دقة النظرية و ليس العكس.

و بوجه خاص فالنظريات ذات الموضوع الإنساني تتضمن فروضا ضمنية غير منطوقة و أهمها:
- فرض ثبات الوضع الحالي بدون تغيير ينشأ مثلا عن وعي ذاتي لموضوع النظرية.
- فرض عدم تدخل عوامل خارجية لتغيير الوضع.

و في مثالنا لو أضفنا تلك الفروض الضمنية لكان منطوق النظرية:
"توجد حفرة بنهاية الطريق - سوف يسقط المتسابق أ (الإنسان) بعد عدد س من الثواني و سوف يسقط المتسابق ب (الماكينة) بعد عدد ص من الثواني" + " و هذا في حالة أن يظل المتسابقون في طريقهم بدون أن يأخذوا تحذيري بجدية" + "أو يتدخل الجمهور لمنع المسابقة من الإستمرار" (*)

و بوجه عام و عودة لنظرية صدام الحضارات فكل ما سبق يمكن تطبيقه عليها:
- فالطرح يمثل نظرية حسب التعريف الحالي لذلك - فبداية الطرح كانت من الواقع عندما لاحظ المناطق الحمراء الملتهبة - بالفعل و ليس فرضا - لحدود المجتمع الإسلامي. و غيرها من مظاهر التوتر في الجسد الهائل للحضارة الإسلامية.
- ثم كان الفرض أو التفسير بوجود حالة من الصدام الحضاري القائم فعلا.
- ثم الجزء التنبؤي من النظرية بسيادة و إتساع الصدام .. إلخ.

"صدام الحضارات" إذا نظرية مبنية على الواقع و ليست دعوة عدوانية للصدام.

فسواء شئنا أم أبت أنفسنا "صدام الحضارات" طرح موضوعي و نظرية - التعامل معه يجب أن يكون على نفس مستوى موضوعيته. و من الممكن أن نقول ما نقول عن وجهة نظرنا في كيفية تعامل الغرب معها - على إختلاف أطيافه و طريقة تعاطيه تلك النظرية - إلا أنه و في كافة الأحوال فقد تعامل الغرب مع الطرح - بمنطوقه و بذاته - بموضوعية.
فمن الممكن التعامل مع النص بنقده موضوعيا و على أسس واقعية - و من الممكن الإشتغال بكيفية تجنب ذلك الصراع الدامي و بأي لطرق الموضوعية أيضا. بل و من الممكن - بغض النظر عن رأينا في ذلك - الإنشغال بوضع الخطط لإجهاض و محاولة تفكيك البؤر المنتجة لأيديولوجيا ذلك الصدام كما إتخذت الولايات المتحدة طريقها. كل ذلك يعد تعاملا موضوعيا مع النظرية.

لكن و من جانبنا هل تعاملنا نحن مع هذا الطرح بموضوعية؟ بل هل تعاملنا معه أصلا؟ أم أن معاملتنا مع اللفظ "صدام الحضارات" تأتي فيما لا يخص هذا الطرح من الأساس؟
فهل الهجوم المجرد على لفظ "صدام الحضارات" أو قائله شخصيا -بوصفه لا يصح أو غير أخلاقي يمثل أي مدخل موضوعي للتعامل مع هذا الطرح؟
هل تحوير الطرح ككل - بوصفه دعوة من الغرب الصليبي - للهجوم و الصدام مع الإسلام - ثم التعامل مع الطرح على هذا الأساس - يضعنا على قائمة المتعاملين الموضوعيين مع الطرح - أم أنه يبعدنا - عمدا أم سهوا - عن موضوعه إلى محاربة طواحين الهواء؟
ثم - و كنتيجة لهذا التحوير و هذا المدخل - هل يفيد هذا المدخل في تعاطي الطرح و التعامل معه - أم أنه و بالعكس يؤجج نار الصدام - بل و قد لا نبالغ إذا أكدنا أن التعامل بهذا المدخل يذكي شرعية الصدام من ناحيتنا بوصفه نابع من دفاع شرعي عن الذات بمواجهة معتدي - بدلا من البحث في كونه صدام مستمد من غياهب التاريخ نابع من خلفيات يجب تنقيتها؟

يتبع ,,

(*) ملحوظة: مثال آخر على موضوع النظريات ذات الموضوع المتعلق بالمجتمعات الإنسانية بمداخلة في شريط الزميل المحترم / عمر أبو رصاع:
المدخل للفلسفة المادية

اقتباس:  وضاح رؤى   كتب/كتبت  
الحضارة : هي بناء يعمل على استيعاب كل الحضارات السابقة في بوتقة واحدة ومن ثم تصير حضارة عالمية كونية ، الفرعونية استوعبت حضارات نقادة و وسط مصر وصارت عالمية ، والاغريقية  المقدونية استوعبت حضارة مصر وكريت  ومن ثم اصبحت عالمية والرومانية استوعبت تراث الاغريقية  وهكذا ، ولو بحثنا عن الحضارة الحالية المسماة (الحضارة الغربية) سنجدها تتضمن في بوتقتها  من الداخل جذور من الحضارة المصرية واليونانية والمسيحية ونتاج الاندلس الثقافي ...

لكن الصراع الحالي وهو صراع ايديولوجيات وافكار لا غير ، فهل توجد في شرق اسيا حضارة مختلفة عن الغرب كلا ، وهل يوجد في العالم الاسلامي (حالا) حضارة الاجابة  بالتاكيد لا .

الزميل المحترم و الممتع / وضاح رؤى (f)

طبقا لتعريفك الجميل عن الحضارة فستوجد لدينا الآن حالتان:

* الحضارة الغربية - لو جاز تسميتها بذلك - أو العالمية الكونية و هي الحضارة التي إستوعبت بالفعل ما سبقها من حضارات. و أساس ذلك البناء هو الخلفية المعرفية التي إرتضاها لنفسه و هي الخلفية العلمية. ثم تأتي الخلفيات أو المنظومات الأخرى مثل الخلفية الأخلاقية القانونية و غيرها مما يمثل كامل تلك البنية الحضارية.
* حضارات أخرى توقفت عند مرحلة زمنية قبل ذلك كثيرا تقف على أساس من خلفية معرفية غيبية - ترفض أو غير قادرة أن تستوعب ما تلاها. و في نفس الوقت هي غير قادرة أن تقف موقف الند من هذا الجديد.

و قد لا يكون هناك مشاكل ذات طابع صدامي في تعايش النسقين السابقين و سوف يتوقف ذلك بالكامل على طبيعة الأفكار (المعرفية - الأخلاقية .. إلخ) التي يقوم عليها نسق حضاري ما منهم أو كلاهما.

و في النهاية و بالفعل هو صدام فكري - لكنها أفكار تقف كأساسات لحضارات قائمة بالفعل - و صدامها جاء على مستوى الواقع المادي لتلك الحضارات و ليس صدام فكري بحت.