الذات الالهية..!!
كثيرا ما نسمع عما يسمى بالمساس بالذات الالهية. وأن هناك فئة أو مؤسسة أو أفراد تقوم بالاستهزاء أو المساس بال(ذات) الالهية..
هذا المصطلح (ذات) ليس دقيقا. فالذات هي ما يمكن قياسه بمعايير و مقاييس أرضية. و كلمة ذات تعني (الشيء) رغم أن المفهوم السائد عن الله أنه حي و الشيء جماد..
و المساس بالذات كما يدعي الأغلبية في قضايا و مناقشات جدلية عن (الخالق), تعتمد هلى المنطق, وليس على الشك الديكارتي القائم على الدليل, فالفلسفة الأوروبية قد ألغت المنطق كمصطلح منذ قرنين او أكثر..
و نعود الى الاخوة المتحمسون لمبدأ عدم المنساس ببذات الالهية. فالله عند المؤمنين تصور فردي, اي أن لكل فرد تصور خاص به لله. ولا يوجد مفهوم عام دقيق لله حتى الآن, ولن يكون. فالفنان المؤمن يرى الله جميلا و يقف مع الجمال و الفن و يستمع الى الموسيقى الجيدة و يبارك لها. و كل ذي نزعة يرى الله بنزعته أو نهجه. وهو ما حصل و يحصل دائما لدى الحكام العرب, فالحاكم العادل أو الرحيم(جدلا), يعتقد بأن الله رحيما عادلا,وهو ينفذ ما يشعر به الله. أما الحاكم الفاجر, وكلهم فجار سفلة, يرون الله بفجورهم وأن الله أرسلهم ليطهروا الأرض من الفسق و الفجور و البغاء و الذي منه. و في السابق, اي قبل بزوغ أمريكا كادارة عليا, كان الأمر يتوقف على تهج الحاكم و مؤيديه من المريدين وهم الشعب العربي المغلوب. وحين ظهر في الكون شيء اسمه أمريكا بدأت في تنظيم حقائب portfolios للحكام بشكل سنوي, حتى يكون لفجورهم جدول و طريقة واسلوب مميز تستطيع من خلاله أمريكا ايفاد مندوبيها لمناقشة ذلك الجدول لدى الحاكم, و المنفذ الجاد يثاب و المقصر يعاقب..
لذلك نجد أن الانقلابات في الوطن العربي أو ما يسمى ثورات قد أختفت تماما, لأن أمريكا لا تريد ثورات أو انقلابات الا حين تحدد هي الوقت بطريقتها, دون أن يعرف كائن وقت ذلك..
نأخذ مثالا سريعا..
الشاه كان أحد البررة التابعين لأمريكا شكلا و مضمونا. ولكن لأمر لا نعلمه أغمضت أمريكا عينيها الزرقوتين عن الخميني حتى وصل طهران سنة 79, وقام بثورته الشيعية ضد الشاه. وأحال ايران الى دولة شيعية, فأغمضت السعودية وأمريكا أعينها عن ثورة جهيمان في الحرم, وهو وهابي متزمت, فأذعنت السعودية لطلب (الجماهير) في تحويل البلاد الى دولة وهابية. فنتج عودان ثقاب ولابد من وجود من يشعلهما, فهيأت صدام العرب لمقاتلة الخميني, والأخير عدو شخصي لصدام, و طلبت من حكام الخليج تمويل صدام و معاونته في حربه ضد الشيعة من أجل عيون الوهابيين. و كانت النتيجة أن أثرت تلك الحرب االمصانع الأمريكية و ضاعفت من تريليوناتها..
اذن, المفهوم السائد عن الله يتمثل في الكيان الأمريكي, فهي براغماتيا..الله. فهي التي ترسل الرسل (أزلامها من حكام و قادة) و تأمر العامة على الايمان بهم, وهي التي تحي و تميت, وتعز من تشاء و تذل من تشاء..
ولم يكن صدام آخر رسلها, فقد أرسلته رسولا على العراق ليقضي على الشيوعيين, فأعزته وأيدته بنصر من عندها, وأذلته حين كفر بالصلاة لها..
حسام راغب
|