! مطلوب خادمات. . . سوريات! !
د. يوسف سلامة سلامة : ( كلنا شركاء) 15/6/2005
هذه المرة أوافق كل معدي نشرات الأخبار وكاتبي خطابات أولي الأمر, بأن المرحلة حساسة و دقيقة, و تشكل منعطفا هاما, ليس من جهة التهديد والعدوان بسبب وجود أمريكا على حدودنا, فأمريكا كانت دائما أقرب إلينا من حبل الوريد, و سابقا التحم جيشنا الباسل مع جيشها الغاشم في معركة غير متكافئة في لبنان, و ليس بسبب الحصار والعزلة الدولية أيضا, لأننا حوصرنا حتى الرمق الأخير في ثمانينات القرن المنصرم, ثم غادرنا الأزمة أقوى مما كنا قبلها, و ليست الأزمة الداخلية هي المشكلة فقد عشنا ما يشبه الحرب الوطنية في تلك الفترة. . . و تجاوزناها . أيضا. .
كل الأزمات السابقة سبق و أن عشناها و عايشناها و تعايشنا مع بعضها لفترة طويلة, وسارت الأمور سيرا طبيعيا إلى حد ما و نستطيع اليوم أن نتعامل كدولة و شعب مع الأزمات السابقة, ونعتقد أنها يمكن . أن تمر كلها كسحابة صيف لم تمطر. .
فأمريكا دولة غير عقلانية السلوك, و تستطيع أن تتخذ قرار الغزو في أية ساعة تشاء, بقرار من أحد قادتها المتغطرسين, لا يردعها ضمير إنساني و لا قانون دولي, لكنها مترددة و ستبقى مترددة إلى النهاية, خوفا من تكرار خيبتها المخزية . في العراق
و العزلة الدولية لا يمكن أن تستمر إلى ما لا نهاية, فمن المعروف أن العلاقات الدولية تحكمها قوانين المصلحة, و لا تخضع للقواعد الأخلاقية, فعزل دولة ما لفترة طويلة من قبل تيار دولي معين, يعني دفعها دفعا إلى أحضان الجهة الأخرى التيار( الخصم ) أي أن الحصار الطويل سينتقل من حيز الإساءة للدولة المعزولة, إلى حيز خدمة خصوم الدولة العازلة, وفي هذه المرحلة التي يتم فيها إعادة رسم خرائط التحالفات و الأحلاف الدولية, لا ترغب مجموعة دولية بخسارة دولة بحجم و موقع سوريا الحضاري و السياسي. . . . و الجغرافي, لذلك فللعزلة . حدود, شاء بوش أم أبى و في الشأن الداخلي فان الحراك الحاصل, رغم تذبذب اللاعبين و تغير الملاعب و الأهداف, إلا أنه في سياقه العام حراك اجتماعي سياسي صحي, و هو الضمانة . و الحامل لمستقبل الخلاص و الاستقرار السوري المكين الهزات و الأزمات في تاريخ الشعوب هي عوامل الخلق و الإبداع دائما, والشعب السوري هو أقدر شعوب الأرض على تجاوز المحن و الخروج منها أقوى منه حين دخوله فيها, أو ليس منا القائل: إن الضربة التي لا تميتني تزيدني قوة؟؟
هل نقول حلّت مشاكلنا و انتهى الأمر ؟؟؟ ربما. . . . لكن ليس الأمر بهذه . البساطة. .
المشكلة الجديدة التي نلحظها اليوم بقوة, و تثير اشمئزاز و استهجان كل السوريين, هي تلك الهجمة الإعلامية المنظمة, المتزامنة و المتماثلة لحد التطابق, من أكثر من طرف و فريق, لا يجمعهم إلا العداء لسورية و محاولة النيل منها, فمن إسرائيل و الولايات المتحدة من جهة, إلى أطراف عربية في لبنان و الكويت و العراق إضافة( للمحطات الفضائية الممولة من جهات عربية. . . . على ذمة أصحابها) . من الجهة الأخرى. .
هجوم شرس و خسيس على سورية بكل مكوناتها و رموزها, بتاريخها و شعبها, تتجمع هذه المقالات و الريبورتاجات و اللقاءات و الندوات الصحفية و الفضائية ضد سورية. . . . كلما مات كلب أو دُهست هرة في أقاصي الشرق أو في متاهات الغرب, تم توجيه إصبع الاتهام لسورية, كلما جندل زعيم طائفة أو قتل رئيس حزب, تم . توجيه نفس الأصابع القذرة إلى سورية. .
من يقتل في العراق فسورية مسؤولة عنه, لأنها دولة مجاورة للعراق و عليها حماية أمن العراق, و لم يسأل أحد إسرائيل عن أمن لبنان, و هي الجار الحميم للأصوات . المعترضة في لبنان. .
من يقتل في لبنان فسورية مسؤولة عنه لأنها دولة احتلال,)( و يقع واجب الأمن على عاتقها, لكن أحدا لم يسأل الولايات المتحدة عن مئة ألف قتيل عراقي, قتل معظمهم بيد الجيش الأمريكي و الآخرون سقطوا تحت مظلة العلم الأمريكي, أو ليست أمريكا دولة احتلال في العراق؟؟
تفشل السلطة الفلسطينية في تقديم المزيد من التنازلات, بعد أن وصلت الحضيض, فتتهم سورية بعرقلة جهود السلام, ألا يعرفون أنه لم يعد لدى الفلسطينيين ! ما يتنازلون عنه إلا أرواحهم, و كان الجود بالنفس غاية الجود! !
من جهة أخرى نتساءل, إذا كانت سورية فعلا قادرة على قتل الجنود الأمريكان في العراق, و فرض إرادتها على السلطة الفلسطينية المدعومة من الولايات المتحدة و الأمم المتحدة في فلسطين, و قادرة في نفس الوقت على تصفية خصومها و التلاعب . بالانتخابات القبلية في لبنان. . .
إذا كانت فعلا سورية هي من يفعل ذلك في هذا الوقت و هذا الظرف بالذات, أفلا يع ني ذلك و ببساطة أن سوريا دولة عظمى أو لاعب إقليمي كبير جدا , بل و منافس شرس للولايات المتحدة و أذنابها معا؟؟؟
إذا كانت سورية بهذه القدرات العظيمة, لماذا يحاول خصومها و في ذات المواقع, و ضمن نفس الحملة المغرضة, تصوير النظام السوري بأنه نظام ضعيف و مفكك, بل . و آيل للسقوط, كما يحلو لبعضهم أن يردد هل نحن أقوياء. . . نفعل كل شيء و على عين العالم كله؟؟ أو أننا ضعفاء علينا أن نستجدي عون العالم كله, ليعيننا على بلاوينا؟؟؟
مخابراتنا تلعب كما تشاء في ثلاثة بلدان مجاورة( العراق, لبنان, فلسطين) بحرية تامة, و تواجه ثلاثة قوى عظمىأمريكا,( بريطانيا, فرنسا) فهل تعجز عن حماية . النظام في سورية مئة عام أخرى!؟ ! . . . و زغرد يا نظام. . . .
هل سورية فعلا بريئة؟؟ ! ! و إذا كانت كذلك, فلماذا كل هذا التحامل على سورية؟؟
من السهل على أي مراقب أن يعرف دوافع الولايات المتحدة, و ربيبتها إسرائيل, . و لا داعي للشرح, و كذلك موقف كثير من الدول التي تدور في فلكهما. . .
أما السؤال الجوهري فهو: ما هي دوافع صحفيين عرب؟ ما زلنا نعتقد أنهم أخوة لنا في الدم و الدين و الوطن؟؟؟ ما هي أهدافهم من نشر هذه الأنباء والتحليلات ! المتناقضة!؟؟
لا شك أن كثيراً منهم يكتب و يعمل بحسن نية, و بدافع الحرص الأخوي على سورية, متأثرا بالآلة الإعلامية الأمريكية الهائلة الإيقاع, هؤلاء الصحفيون الشرفاء . يسمعون صدى الاتهامات و العدوان, و يكتبون ببغائيا, خالطين الواقع بالسراب . . ليس لنا إلا أن نشكرهم على نبل مشاعرهم, و نقول لهم: تبينوا الخيط الأبيض من تصريحات الوزيرة)( الأسود, قبل أن تصيبوا أهلكم و أشقاءكم في سورية
. بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين. . .
أما الآخرون من دهاة الإعلام و أبطال الاستزلام, الذين يكتبون حقدا, و يسيؤون عمدا, فلهم أهداف أخرى رخيصة, و غايات وضيعة, علينا أن ننتبه لها, كي لا نؤتى من مأمن عروبتهم, فلا يختلف نهار السياسة الكويتية عن سياسة النهار البيروتية, و كلهم في الكذب شرك, يحاولون العزف على قيثارة المايسترو رامسفيلد, يشيعون اليأس و الإحباط في نفوس السوريين, و يسددون سهامهم إلى قلب سورية, . الذي طالما خفق بحبهم, و نزف دما في الدفاع عن بلدانهم الشقيقة فهذه الهجمات تدخل في محاولة الانتقام من دولة شقيقة كبي رة, يعوض منظموها عن نقصهم الداخلي الناتج عن شعورهم الدوني)( بالانتماء لبلدان صغيرة لا تكبر . إلا بتقزيم الآخرين! ! حسب نفسياتهم المريضة وعقلياتهم المأجورة. .
فلم تجدِ كل محاولات النفخ المادي والمعنوي, التي قام و يقوم بها البرنس الكويتي الجار الله, واللبناني جبران تويني و جوقتهما الكئيبة, في زيادة حجم بلديهما, فأعمل الجار الله معول الهدم في تاريخ العراق و شعبه, و لما صار العراق قاعا . صفصفا, انضم إلى تويني و أمثاله في عملية استهداف سورية العظيمة. . .
عجزا هما و أمثالهما عن بناء أوطان كبيرة, مستقرة, مستقلة ففي( الكويت نسبة عدد الجنود الأمريكان إلى الشعب الكويتي أكبر من نسبة عدد الجنود الأمريكان إلى الشعب الأمريكي في أمريكا! ! ! . . . و لبنان و برغم أنف تويني لن يكون إلا مجموعة من التابعيات الصغيرة لأكثر من دولة في العالم) و الطريف أنهما يقدما ن كتاباتهما على أنها حقائق دامغة , كلما اكتشفت كذبة . من كذبهما, قفزا إلى الأمام بكذبة جديدة ليشغلوا الرأي العام عن الأولى ! و يصيغان عباراتهما بأسلوب الناصح الأمين!
كم تمنيننا لو أن أحدهما قدم نصائحه لبلده, و جنبها احتلال الجوار, أو انتقال . تبعيتها من دولة كبيرة إلى دولة أكبر
يتحدثان عن الديموقراطية, و لا ندري أية ديموقراطية يقصدان, فكل منهما ينتمي إلى عالم مختلف, أي هل يريدان لسورية ديموقراطية الحاكم الواحد و العائلة الواحدة و الأحزاب البدوية الكويتية. . . أم ديموقراطية الطوائف و الخمارات و الملاهي اللبنانية!؟؟
. علينا أن نختار و ما أصعب الاختيار. .
لم تهتم أي من الجرائد والمحطات السابقة بانتهاكات حقوق الإنسان في العراق و غوانتانامو, لم يهزها تدنيس القرآن في قاذورات الخنازير الأمريكان, لكن يشغلهم حتى الأرق استقرار سورية ومنعتها و ممانعتها في وجه العدوان الأمريكي, لقد كتب أحدهم يلوم مولاه بوش لأنه تأخر في تحرير سورية, فهو- أي العبد الخسيس- يرى أن سورية نسخة طبق الأصل عن نظام العراق فلماذا التأجيل يا سيده)( بوش ؟؟
إن الإشاعات التي يروجون لها تهدف أولا: إلى محاربة الفكر العروبي, الذي . تتبناه سورية, بعد سقوط كل أنظمة العرب في مستنقع البتطبيع و ثانيا. . تخويف المستثمرين, و خلق قلق من المستقبل في نفوس أبناء البلد, . مما يؤدي لهجرة الأ دمغة واليد العاملة و رؤوس الأموال. .
إن جل ما يصبو إليه أمثالهم, من الذين يدّعون تقديم النصح لسورية, هو أن يروا سورية الشامخة بأبنائها و بناتها, و قد انهارت بالاحتلال أو بالحرب الأهلية, ليعم الفقر و الفوضى و الفساد, كي تلجأ بناتنا إلى طلب العمل لديهم خادمات . و بائعات هوى. .
يريدون أن يصل الفقر حدا يضطر فيه السوري أن يرسل زوجته و ابنته لتعمل خادمة في بلادهم, وقد صرح أحدهم لندمائه, في حفلة السكر على قبر الحريري جهارا, خادمة سورية, والآن يتفاخر (10000) قبل حافظ الأسد كان في بلدنا \ فقال: \ السوريون علينا. . . ! !
و رأينا في العامين الماضيين كيف لاحقت هذه الصحف, أخبار العراقيات اللواتي لجأن إلى أعمال وضيعة, طلبا للقمة العيش, حين تخلى عنهن أصحاب الكرامة و ! الشهامة و السمو, و لم تشفع لهن حرمة الدين و لا حرمة العروبة! فالمطلوب الآن ماجدات سوريات للعمل كخادمات أو بائعات هوى. . . في أسواق النخاسة . و السياسة العربية. .
إن الهجمة لا تستهدف حزبا و لا نظاما سياسيا فقط, كما يروج تجار الكلمة, لكنها تستهدف كل مواطن سوري, القضية لم تعد قضية حدود الوطن, و استقلال البلد, إنها قضية كل بيت و كل مواطن. و على كل سوري أن يترفع و يسمو فوق جراحه . ليدافع عن نفسه و عن عرضه و عن دينه. .
لذلك علينا جميعا أن نعي هذه الهجمة و أبعادها, و أن نضع الأمور في نصابها, وحري بالذكر أن بعض السوريين يساهم في هذه الحملة دون وعي منه, سواء كان . موظفا حكوميا يسيء أداء عمله أو معارضا ساذجا يطبّل في عراضات الغير. .
. إنهم يطلبون خادمات سوريات, و نحن نطلب من كل سوري أن يميز الغث من السمين, . وأن يحافظ على كرامته وسيادته التي تميز بها عبر التاريخ. . .
: ونقول لأشقائنا العرب كما قال ناصيف اليازجي تنبهوا واستفيقوا أيها ( العربان) فقد طمى الخطب حتى عميت العينان)(