حالة إنكار

د. فهد الفانك

حالة من الإنكار، عنوان الكتاب الثالث الذي يصدره الصحفي المشهور بوب ودواردز ويـدور حول إدارة الرئيس جـورج بوش. الكتابان الأولان كانا لتمجيد بوش ومواقفه تجاه الإرهاب وخلال قرار الحرب، وقد برز بوش في هذين الكتابيـن كصاحب إرادة حديدية وقرار حاسم، وقد اتهم النقاد المؤلف في حينـه بأنه كان يطبل ويزمر للرئيس.

أما الكتاب الثالث الذي نحن بصـدده ـحالة الإنكار- فلم يكن وديـا تجاه الرئيس وأعوانه، خاصة وأنه يجـيء في وقت حسـاس قبل خمسة أسابيع من انتخابات أعضاء الكونجرس وثلـث أعضاء مجلس الشيوخ، مما يشـكل ضربة موجعـة أخـرى لحزب الرئيس الذي يمكـن أن يفقد سيطرته على المجلسين وـيسـحب البساط من تحت أقـدامه.

يستند الكتاب إلى عـدد كبير من المقابلات التي أجراهـا المؤلف مع كبار المسـؤولين وخاصة وزير الدفاع رونالد رمسفيلد، فهو نوع من التحقيق الذي يذكرنا بصحافة ووترجيت التي أسـقطت الرئيس نيكسـون. وفي هذه المقابلات كان ودواردز يطرح أسـئلة صعبة ومحرجة، وفي بعض الأحيان عدائيـة.

من أهـم النقاط التي يكشـف الكتاب النقـاب عنها أن الرئيس رفض النداءات التي كانت ترد من الميدان مطالبـة بتعزيز القوات بالمزيد من الجنود، وأنه كان يتلقـى تقارير بأن الأوضاع في العراق تنتقـل من سيء إلى أسـوأ ولكنه يطلـق تصريحات متفائلة، ويـدعي بتحقيق نجاحات وإنجـازات لا وجود لها على الأرض، أي أنه كان يخـدع الشعب الأميركي.

الكتاب يوضح (الأخطاء) الفادحـة التي تم ارتكابهـا في العراق على ألسـنة مسـؤولين مثل الجنرال جارنر الذي كشـف سـوء تصرف خلفـه بريمر، وخاصة القرارات الهوجـاء بحـل وزارة الدفاع ووزارة الداخليـة والجيش والشرطة وطـرد 50 ألفا من الموظفين الذين يديرون الدولـة بحجـة اسـتئصال البعث.

لكن المتضرر الأول من الكتاب هو رمسفيلد الذي كان مركزه مهـزوزا على أي حال، ولكن الكتاب جاء ليطلق عليـه رصاصة الرحمة، ويبرزه كعجـوز مغـرور يرتكب الأخطاء ويتهرب من المسـؤولية لدرجـة أن زوجة الرئيس لم ـتخف تضايقها من بقائـه في منصبه بالرغم من الأذى الذي ألحقه بزوجها.

كتاب ودواردز يظهر كيف أن بوش وأعوانـه خدعوا أنفسـهم وضللوا الشعب الأميركي حـول ما يجري في العراق.

د. فهد الفانك

عن الرأي الأردنية