تجدر بنا الاشارة لفوارق اساسية في التعامل مع مشكلة التعليم ومحو الأمية أو المستوى المعرفي العام للأمة لنوضح العناصر الهامة التالية :
1- إن الدول العربية وعلى رأسها مصر هي صاحبة أقل نسبة من الدخل القومي المخصصة للانفاق على للتعليم في العالم الثالث .
وهذا معناه أنه بالمعدل التعليم في العامل العربي في تراجع مستمر من حيث مستواه على مستوى العالم ويبدو ذلك منطقياً مع تقرير التنمية الذي صدر مؤخراً ليصم العالم العربي بأنه البقعة المصابة بأعلى نسبة أمية في العالم اجمع ناهيك عن تدني مستوى التجهيز المادي للمؤسسات التعليمية.
إن الملحوظ أن التعليم ليس أولوية في البرنامج السياسي لانظمتنا العربية مما يعكس اساساً عدم إيمانها لا بالتعليم ولا بالتنمية وعدم وجود رغبة جدية ابتداء في ذلك.
2- طبيعة النظرة للتعليم
فالمجتمعات العربية عموماً لا تنظر إلى التعليم بمنظار معرفي ولا للثقافة وعناصر تكوينها المختلفة بل قل أن قطاع واسع من قطاعات المعرفة يدخل في دوائر العيب والمحرم لدى المجتمعات العربية مما يؤدي لانحطاطها أكثر واكثر ، إضافة إلى النظر إلى التعليم على عنه وسيلة للحصول على عمل فقط !
ناهيك عن انحطاط نسب الانفاق على ترويج الثقافة سواء كانت ثقافة الكتاب أو المعلومة أو الثقافة الصحية أو اي من انواع الثقافة المختلفة .
3- انعدام دور القطاع الخاص والمؤسسات المدنية في تطوير قطاع التعليم والثقافة ففيما تتجه الاعفاءات الضريبية على ضريبة الدخل في بعض الدول لتشمل 80% من الانفاقات الموجهة للعلم والصحة كبناء المعاهد والمدارس والتبرع للجامعات والمكتبات العامة مقابل اقل من 20% لدور العبادة عندنا النسب معكوسة بل أن التبرعات المقتطعة من حصيلة ضريبة الدخل لتوجه لقطاعات التعليم والثقافة لا تصل إلى 3 %!!!!!!
مع العلم أن هذا هو المصدر الرئيس للمؤسسات التعليمية العليا والمعاهد في دول العالم المتقدمة إن المسألة في جوهرها مسألة ثقافة التعليم وادراك اهميته.
4-نحن نتكلم في إطار نسبة الأمية ، ولكن ماذا عن نسب أخرى معتمدة لقياس مستوى النظام التعليمي خذ على سبيل المثال :
1- الصفوف الدراسية إلى عدد الطلاب!
2- المختبرات إلى عدد الطلاب
3- اجهزة الحساسوب إلى عدد الطلاب وإلى عدد الاسر
4- عدد المعلمين إلى عدد الطلاب
5- نسبة الانفاق بالدولار على العملية التعليمية إلى عدد الطلاب
6- نسبتي الانفاق على البحث العلمي إلى الانفاق العام وإلى الدخل القومي
7- نسبة أمية الانتر نت
8- عدد الابحاث المنجزة بالسنة إلى عدد الباحثين وإلى عدد طلاب التعليم العالي
9- عدد النشرات العلمية والحلقات البحثية إلى عدد المؤسسات التعليمية وإلى عدد حملة شهادات الدراسات العليا
10- نسبة الابحاث التي يمولها القطاع العام والتي يمولها القطاع الخاص إلى عدددها الاجمالي
والقائمة (قائمة الفضائح) التعليمية تطول وتطول وتطول .
نهضة التعليم والثقافة في العالم العربي عامة تتطلب رؤية متكاملة تنبني علمياً وتضع في المقام الأول مسلمة أن العلم والتعليم جوهر التنمية الحقيقية المستدامة .
وقد اثبتت تجارب الشعوب واحدثها تجارب دول شرق آسيا أن العلم بالذات هو الذي مثل الرافعة الحقيقية للتنمية ولهذا كان يستولي على الجزء الأكبر من الدخل القومي .
ويعتبر التعليم والصحة المسألتان الاساسيتان اللتان تحتلان المرتبة الأولى في اهتمام معظم الناخبين حول العالم فيما يبدو أنه لا النظم السياسية (التي لا تعنيها أصلا مسألة انتخابات) ولا المواطن (الذي لم يحاول اصلاً ان يتعرف على همومه لأن هذا مشكلة كبيرة له في عالمنا العربي) يوليان التعليم والصحة والانفاق عليهما الاهمية الأولى .
وبعد
إن احداث طفرة في التعليم والثقافة مسألة ممكنة وخلال فترة قياسية هي عقد من الزمان إذا تم فعلاً تبني وتفعيل مشروع عام لهذا الغرض وإذا وضعنا هذا الهدف في المقام الأول فإنه بالامكان
1- محو الأمية تماما خلال عقد واحد من الزمن وهناك تجارب سابقة في هذا المجال .
2- تبني وتطبيق برنامج نحو جهاز حاسوب وخدمة انتر نت لكل بيت خلال عقد من الزمان .
3- تحديث كامل للمناهج وبشكل خاص المناهج العلمية وذلك بترجمة المناهج العلمية حرفيا ولا داعي لابداعات مؤلفي الكوتا الذين ينتجون لنا مناهج مضحكة بالمقارنة مع ما يدرس في العالم .
واعداد برامج فعالة لاعداد المعلمين من حيث تأهيلهم على اساليب التدريس ومراعاة الصحة النفسية للطالب والعمل على ربط المؤسسات الأكاديمية جميعاً بنظيرتها عالمياً لمواكبة العصر ومستجدات العلوم.
4- العودة إلى مشروع الجامعة التكنولوجية الذي طرحه الدكتور أحمد زويل وامثال هذه المشروعات فهذا المشروع نموذج رائد في العلم والاقتصاد قادر على ان يكون الرافعة الحقيقية لتقانة الزراعة ومضاعفة الانتاج مرات ومرات واعطاء مصر دور الريادة في البايوتكنولوجي بدلا من الانفاق على المشاريع الفاشلة بالمليارات من عينة مشروع توشكا مثلا.
5- التعليم متصل بالحرية واستقلال التعليم والبحث لا بد من تكريس حرية البحث العلمي والكتابة والبحث بشكل عام حرية التعبير والتفكير بدون قيود ولا شروط وعدم اخضاع الهيئات العلمية للتبعية لاي جهاز خارجي أي استقلال الجامعة (رحم الله طه حسين ولا حول ولا قوة إلا بالله).
6- الحؤول دون تسرب العقول وهي الظاهرة المؤلمة جداً التي تتمثل بهروب نسبة عالية جداً من المتعلمين والمثقفين وخاصة حملة الشهادات العليا في مختلف التخصصات ، لا بد من تطوير جهاز التعليم نفسه وقدراته الاستيعابية ومختبرات البحث العلمي ومضاعفة رواتب العاملين في مجالات التعليم والتعاون الفعال مع المؤسسات الأهلية في تشجيع التبرع للتعليم باعتباره اولى ابواب الصدقة وانفعها.
للحديث منعرجات وشجون لكني هنا اكتفي بهذا القدر وللحديث بقية
عمر أبو رصاع
http://www.mi3raj.com