تنويه:

هذا الشريط هو إمتداد لشرائط سابقة:
العلم , الدين , اليقين و أزمة الحضارة الإسلامية
بين الحقيقي و الكاذب من قضايانا المعاصرة
صدام الحضارات

دخل المصطلح حياتنا قريبا جدا - و نعني على وجه الخصوص "الفوضى الخلاقة" - على يد إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش و منظريه و طاقم مكتبه و على الأخص فالمصطلح يستدعي صورة مستشارته سابقا و وزيرة خارجيته حاليا كونداليزا رايس.

و بالطبع فالمصطلح سئ السمعة وقعه على مجتمعاتنا مماثل لوقع الأشخاص السابقة الذكر و المرتبط بهم. و بالطبع أيضا فلا يوجد على المستوى العام - الشعبي - إلا حدي الرحاه, فالغالب هو رفض المصطلح بقدر رفض من إرتبط بهم بلغة عاطفية قومية أو دينية, أما عمن تسول له نفسه بمجرد محاولة دراسة عقلانية للمصطلح فإتهامات الخوانة و العمالة و الكفر غيرها من قاموسنا المفضل جاهزة فورا.

و كالعادة فقد أرحنا أنفسنا مما قد يسبب لنا أي هزة فكرية أو عقلية - بل و مما قد يحفزنا للتفكير - بواسطة الإقصاء العنيف و المتعمد. فنحن لم نسأل أنفسنا - في دراسات متأنية أعني - حتى عن المقصود بالمصطلح و إكتفينا بالتفسيرات الرسمية أو الدينية بأنه يعني مؤامرة أمريكية صهيونية لتدمير بلاد (الإسلام / العروبة) و يمكنك إختيار أي مما بين الأقواس حسب موقعك.

لكن دعنا نضع كافة إنطباعاتنا المسبقة جانبا لوهلة من الزمن لكي نستطيع أن نسأل عدة أسئلة و نحاول الإجابة عليها:

* ما هو المقصود بالفوضى على المستوى الإجتماعي؟ و كيف تكون خلاقة؟ و هل الفوضى الخلاقة غير ذات أثر مدمر؟
* هل الفوضى (سواءا خلاقة أو مدمرة) هي حالة مرضية ذاتية للمجتمعات نحن في أحد مراحلها فعليا, أم أنها منهج أو مؤامرة غربية لإشاعتها بمجتمعاتنا.
* يقودنا السؤال السابق للتساؤل عما إذا كان من الممكن توليد الفوضى في مجتمع صحيح و متزن نسبيا من عدمه. أم أن الأمر لا يعدو إمكان تعجيل الفوضى في مجتمع يحمل جراثيمها المدمرة؟
* هل قبولنا بالمصطلح من عدمه يعني أن حالة الفوضى أمر إختياري يمكن الدخول فيه أو رفضه - و هذا برفض الطروحات أو السياسات الغربية - أم أننا على طريق محتوم لفوضى عارمة - أم أنه قد يوجد طريق ثالث ينجينا من المطرقة و سندانها؟ أو على الأقل تقليل نتائجها؟

يتبع ,,,

تسجيل متابعة
(f)
:97:

الأخ وليد .
تحياتي .
أفكر حاليا في موضوعات مشابهة حول مستقبل مشروع الدولة في العالم كنموذج تأسيسي للعلاقات الدولية ،و بالطبع تطبيقات ذلك في العالم العربي ،و يراودني بالفعل فكرة صياغة بعض الأفكار حول ذلك ،و طالما طرحت هذا الشريط فاسمح لي ببعض المشاركات عندما نصل إلى نقاط بعينها منعا لتشتت الجهد ، خاصة أن الموضوعات الفكرية بلا جمهور كبير .
كل تقدير .

الأخ العزيز وليد
تحياتى
أسمح لى أن أحاول المساهمة فى شريطك بما يدور فى فكرى منذ فترة بخصوص هذه الفوضى التى أصبحنا نعيشها فعلا ولم تعد أمرا يمكن تجنبه

اعتقد أن مرحلة الفوضى قد بدأت منذ أحداث سبتمبر وربما قبل ذلك منذ بدء ما يسمى بالصحوة الأسلامية ، فالأنتكاس الذى تعرضت له حركة التحديث والدولة المدنية التى بدأها محمد على مرورا بسقوط الخلافة العثمانية ثم ثورة 1919 أجهضت فى البداية بواسطة ثورات العسكر والفكر القومى الذى فشل فى تحقيق مكاسب حقيقية وآدى الى احتلال وديكتاتورية وفساد وخراب أقتصادى وخلل أجتماعى مما أدى فى النهاية الى الرجوع الى الاصولية الدينية بحثا عن خلاص تصورناه فى عودة الخلافة والحكم الدينى،ذلك لاننا على قصر عهدنا بالحكم المدنى والدولة الحديثة لم نعرف طوال تاريخنا غير حكم الخلافة وفتاوى رجال الدين وكأننا نستبدل فساد بفساد وخراب بخراب وفشل بفشل.
لذالك فمرحلة الفوضى أصبحت حتمية تاريخية لا بد من المرور بها لاننا نحمل جراثيمها المدمرة وأكتملك عواملها كالأتى
1-مجتمع دولى وحكومات أصبحت ترى فى حالتنا الراهنة خطرا شديدا على الحضارة البشرية ولا بد من تغير ما ، حتى وأن دعا الأمر إلى مغازلت الحركات الأسلامية عندما وجدت أنها من الممكن أن تفاجا بها نتيجة هذه الفوضى فوجدت ان من المستحسن الا تفقد خطوطها معها ليسهل أحتواءها وتوجيهها كخيار تكتيكى مفروض من شعوب مغيبة تصر علية ولا ترى غيره.
2-ثورة معلومات وأتصالات ( فضائيات وانترنت) تماثل الى حدا ما الثورة التى أحدثتها المطبعة فى أوروبا وأتاحت للشعوب أن تقراء الكتاب المقدس وتنهى سطوة رجال الدين وأحتكارهم لتفسيره ولتقراء تاريخها وتحس الظلم والجور من حكامها ولتنشر أفكار الحرية والمساواه والحقوق ،فثورة العصر للمعلومات والأتصالات اتاحت لنا أن نهرب من تعتيم أعلامى وثقافى حرص حكامنا ورجال الدين على أن نعيش فية مما سمح بمساحات كبيرة من الحرية لم تكن متاحه طوال تاريخنا التعيس،كما أنها كشفت عن مدى معرفة المسلمين بدينهم الذي له يتعصبون و من أجله يبذلون الغالي و النفيس ، فإذ بهم أشد الناس جهلاً به وأن كان هذا على وجه الخصوص سوف يستغرق وقتا أطول لاستيعابه ومواجهة النفس بة وبحقائقه لما للدين من سحر خاص فى نفوس الشرقيين كما أن دفاع كهنة الدين ايسر وأقوى من دفاع الفسدة والديكتاتوريين.
3-الرؤساء والملوك والحكام برغم أنهم كانو من الممكن أن يفتحوا لنا طريقا ثالثا للتغير السلمى والاصلاح لا رغبه لديهم وربما لاقدرة أيضا على القيام بالأصلاح لانهم سيكونون أول ضحاياه حبث أنهم ملوثون بالفساد والظلم ودماء الضحايا،وأصبح كل ما يأملون فية هو محاولة الابقاء على أوضاعهم الراهنة أيا كانت التضحيات .
4-تعاون الحكام ورجال الدين فى القضاء على كل فكر تنويرى وأصلاحى خلال أكثر من ستون عام فخلت الساحة مما يجتمع الناس حولة أو يبعث الأمل فى طريق للتغير السلمى للأصلاح.
5-وصلت الأمور الى ضعف الدولة سوء على الصعيد الخارجى أو الداخلى بما لا يمكن أن تستمر معه الامور لفترة طويلة على نفس الحال لاننا أصبحنا فعلا فى حالة فوضى.

والحال كذلك لم يعد مطروح على الساحة الا الفكر الأصولى الدينى يتصوره المغيبون طريقا وحيدا للنجاه والأصلاح وهو بالتاكيد سيكون المستفيد من هذه الفوضى التى أصبحت طريق محتوم لابد من مواجهته، وللاسف الشديد ستكون فوضى مدمرة على الأقل فى المدى القريب وربما حروب أيضا تعيد ترتيب وتجزئة المنطقة بما يجعلنا نترحم على ما رفضناه دائما وسمى بتقسيم سيكس بيكو،هذا التدمير ربما سيكون الباعث على تحويلها بعد فترة تطول أو تقصرطبقا لظروف وعوامل كثيرة عالمية ومحلية لا مجال لها هنا الان إلى أن تتحول الى فوضى خلاقة .
هل يكون ذلك هو الثمن الذى يجب أن ندفعه لنحصل على حريتنا أم سيكون طريق أبادتنا ورجوعنا الى عصور البشرية الأولى، لا أستطيع أن أقول أننى متفائل وربما كان ذلك ما منعنى من الكتابة فترة طويلة فما يحدث حولنا لا يدعو للتفائل ،أدعو الله أن أكون مخطئ وكم أرغب فى سماع رأى أخر منك أو من العزيز بهجت أو من الزملاء يبدد مخاوفى.

الزميل المحترم / discovery2 (f)

شرفت الشريط و أشكرك لمتابعتك و تشجيعك.

الزميل المحترم / بهجت (f)

Array
أفكر حاليا في موضوعات مشابهة حول مستقبل مشروع الدولة في العالم كنموذج تأسيسي للعلاقات الدولية ،و بالطبع تطبيقات ذلك في العالم العربي ،و يراودني بالفعل فكرة صياغة بعض الأفكار حول ذلك ،و طالما طرحت هذا الشريط فاسمح لي ببعض المشاركات عندما نصل إلى نقاط بعينها منعا لتشتت الجهد ، خاصة أن الموضوعات الفكرية بلا جمهور كبير .
[/quote]
يسعدني و يشرفني دائما هذا التلاقي الفكري. كنت قبل طرح الشريط الحالي أفكر بالفعل في هذا الموضوع "حول مستقبل مشروع الدولة في العالم" لكن العالم العربي على وجه الخصوص. و أفاضل في أيهما أطرح أولا. و حسنا فعلت بإختياري طرح موضوع الفوضى أولا, لأني و إن كنت أمتلك وجهة نظر حول موضوع الفوضى فأنا لا أمتلك مثلها في الموضوع الثاني - فقط مجموعة من السيناريوهات لا أرجح كثيرا أحدها عن الآخر. و كنت أتمنى - حالة طرحي له - مجرد أن أستمع لآراء من جميع وجهات النظر - تلقي الضوء على ما أعتبره مبهما بالنسبة لي.

لذلك فقد أسعدني جدا طرحك لهذا الموضوع - و زدت على ما أتمنى بطرحك للموضوع من وجهة نظر عالمية و ليست شرق أوسطية فقط.

و أتمنى بالفعل و بصفة شخصية - أن يلقى موضوعكم القيم هذا ما يستحقه من إهتمام - ليس بمعدلات القراءة فقط بل بالمساهمة في طرح وجهات النظر التي تتنبأ بمستقبل بمشروع الدول في العالم و في الشرق الأوسط على وجه الخصوص.

و أستأذنك بالمشاركة بعدة مداخلات و متابعة هذا الموضوع القيم.
كما أنتظر تشريفك بالمساهمة في الشريط الحالي لما للموضوعين من إرتباط.

الزميل المحترم / فرعون مصر (f)

أقوم بتحضير رد يتناسب مع مدخلتك القيمة.

لكم و للجميع كل تقدير و إحترام ,,,,

الزميل المحترم / فرعون مصر (f)

أصدقك القول قد حيرني الرد على مداخلتك التمهيدية الجامعة - و التي أراها تلخص تساؤلات الشريط ككل - و التي قد يحاول كامل الشريط الإجابة عنها. كما تلخص مظاهر الفوضى في نقاط محددة.
و وجدتني في محاولة الرد على مداخلتك في مرة واحدة فسوف أكتب كامل الشريط في مداخلة واحدة.

لذلك فقد قررت - و أرجو ألا تمانع - الإستغناء عن تمهيد كنت أنوي كتابته و الإستعاضة عنه بتساؤلاتك تلك بعاليه. و البدء في محاولة التعليق التدريجي على هذا التمهيد بمداخلات منفصلة.

Array
هل يكون ذلك هو الثمن الذى يجب أن ندفعه لنحصل على حريتنا أم سيكون طريق أبادتنا ورجوعنا الى عصور البشرية الأولى، لا أستطيع أن أقول أننى متفائل وربما كان ذلك ما منعنى من الكتابة فترة طويلة فما يحدث حولنا لا يدعو للتفائل ،أدعو الله أن أكون مخطئ وكم أرغب فى سماع رأى أخر منك أو من العزيز بهجت أو من الزملاء يبدد مخاوفى.
[/quote]
الفوضى هي نتيجة حتمية للكثير من الظروف المعرفية و الإجتماعية و غيرها و التي لم نستطيع تغييرها بشكل سلمي و هذا لعدم وجود آليات هذا التغيير السلمي بمرجعياتنا تلك و التي تتسم الثبات و القدسية. و في محاولة للتوافق و التكيف إستعضنا عن آليات التغيير الديناميكية تلك بآليات كانت أشد فتكا علينا من تيبس مرجعياتنا و هي آليات التوفيق و التلفيق و التزييف و محاولات خلط مالا يمكن إمتزاجه بحال. و تلك العناصر المختلطة و غير المتجانسة بل و المتناقضة على كافة المستويات هي الفوضى بعينها. هي حالة من عدم الإستقرار قابلة للإنفجار تحت وطأة ظروف و عوامل كالتي تفضلتم بذكرها مثل الميديا المفتوحة و العولمة و غيرها.
فالفوضى هي فقدان الهوية على كافة المستويات - معرفيا و أخلاقيا .. إلخ - و التي حاولت آليات الخلط القسري و الكبت أن تحافظ عليها هباءا لفترات من الزمن. هي فقدان الطريق و رجوع كل من العناصر المختلطة غير المتجانسة لأصله بدون رياء في مواجهة الآخر - فالرمال لا تذوب في الماء.
و لكن و بنفس الوقت - فالفوضى غير محسومة النتائج بطبيعتها - فقد تكون سلمية و بداية جديدة لعصر جديد - كما في عهد الثورة الفرنسية مثلا - أو تكون نهاية لحضارة بأفرادها. قد تكون شديدة العنف مدمرة على المستوى المادي و قد تكون سلمية فسيناريو الفوضى مفتوح - بل و قد يحدده و يحدد مصير شعوبنا معه أي مختل دموي مثل زعماء القاعدة مثلا.
لا نعرف لأين أو متى - لكنا نعرف بأن الإستقرار أصبح حلما بعيد المنال بل مستحيل.

لك مني كل إحترام و تقدير ...

ما هو المقصود بالفوضى؟

هناك مصطلح يعرفه محترفي لعب الدومينو (*) على مقاهي مصر تحديدا وهو "الدور قفل و لازم يتهد" و هو يعني لكل من لا يعلم أنه لم يعد هناك إمكانية لإضافة أية حركة (بواسطة قالب أو ورقة لعب) للدور الحالي و هذا بواسطة أي لاعب موجود. أي أنه قد إنتهت الإحتمالات الرياضية لإستخدام الأرقام الموجودة لدى اللاعبين و بالتالي وجب هدم الدور و بعثرة أوراق اللعب على اللوحة بعشوائية تامة ثم إعادة توزيع و تشكيل الأوراق من جديد.
إن الوقت منذ هدم الدور مرورا على تقليب الأوراق بعشوائية و إعادة توزيعها حتى يبدأ اللعب من جديد هو الفوضى بعينها. حيث لا يتحكم أي من اللاعبين في الأوراق بإرادته المرتكزة على حساباته. بل تتحرك الأوراق عشوائيا.
و الوقت العقيم الذي سبقه مباشرة حيث إنعدمت إمكانات و فرص الحركة هو علامة و مؤشر لبدء الفوضى أو وجوب بدئها - حيث تعتبر الفوضى هي الحل الوحيد لهذا العقم.

و في هذا المثال بأعلاه لو ظل اللاعبين قرونا من الزمان في محاولة اللعب بدون هد الدور (الفوضى) فلن يكون هناك سوى السكون - و هذا حتى تتدخل قوى خارجية ممثلة في صاحب المقهى مثلا طاردا إياهم أو مسلما إياهم للمخفر أو مصحة عقلية.

لعلنا لم نبتعد كثيرا في واقعنا الإجتماعي الآن عن مرحلة ما قبل الفوضى مباشرة في مثال أصحابنا لاعبي الدومينو.
حيث إنتهت - أو كادت - إمكانية حتى التحديد الدقيق و الإرادي لرغبات المجتمع و إتجاهاته المرجوة. حيث أصبحت مجرد محاولات التعقل لتحديد الهدف (يمينا أم شمالا) هي محاولات محفوفة بالمخاطر - الحقيقية أعني - و تباعا أصبح كل المراد هو المحاولات المستميتة لإبقاء الوضع كما هو عليه و لو لحين. و هذا بواسطة كافة القوى الفاعلة كل على طريقته.

العقم هو المصطلح المناسب لحالة المجتمعات الشرق أوسطية على جميع منظوماتها. و هو المصطلح المناسب لوصف حالة أصحابنا لاعبي الدومينو قبل هدم الدور مباشرة.
و الفارق الوحيد أن لاعبي الدومينو المحترفين يعلمون متى قفل الدور و من ثم متى يهدمونه لبناء دور جديد - أما في مجتمعاتنا فعن عمد أو جهل أو تجاهل أو رفض للواقع - فالكل يضيع وقته في محاولات جديدة لرمي الأوراق ثم الفشل في دائرة لا منتهية. و لا يوجد من يصرح أو يريد أن يصرح بإنتهاء الدور و لا جدوى اللعب. و الكل يلعب بأوراق خاسرة و هو يعلم ذلك. كمسرح اللامعقول.

و عودة لمجتمعاتنا فالمشكلة - أو المصيبة - و على مستوى الواقع ليست فقط في إفتقار التحديد الدقيق لرغبات و أهداف المجتمع و من ثم الطرق المناسبة لبلوغ تلك المآرب - بل إنه و للتناقض العجيب - فكل صاحب هدف يبدو و كأنه مرغم على أن يسلك طريقا من شأنه في النهاية تقويض هذا الهدف نهائيا و العكس بالعكس!!

و دعنا نقترب أكثر من الأرض في عدة أمثلة تكاد تقترب من التناقضات المنطقية الكلاسيكية (Paradoxes):

- خذ مثلا في السياسات الداخلية لبلد مثل مصر:

فبينما يسعى الأصوليون للحكم - ممثلون في جماعة الإخوان المسلمين - و هذا بواسطة المطالبة بالديموقراطية و الإنتخابات الحرة - نجد أن هدفهم في نهاية هذا الطريق هو الحكم بالشريعة الإسلامية و تقويض الديموقراطية مرة واحدة و للأبد!! أي أن هدفهم يقوض سبيلهم الذي يطالبون به للهدف. أو أنهم مرغمون على إتخاذ سبيل يناقض أهدافهم.
و يمكن تلخيص هذه المتناقضة في الجملة "أنا أطالب و بشدة بالديموقراطية لكي أستطيع أن أهدم الديموقراطية نهائيا".

ثم إنتقل للطرف المقابل مباشرة من المعارضة المعارضة المصرية حيث الليبراليين و الصحف المستقلة المعارضة و التي تتخذ لنفسها هدفا مناقضا للأصوليين و هو إقامة مجتمع ليبرالي إلا أنها تصطدم بمعضلة أخلاقية غريبة (فإذا كنت أدعو للديموقراطية و إقامة مجتمع ليبرالي - لزم علي كذلك أن أدافع بل و أدعو لحق الأصوليين في الحكم - ففي النهاية هي إرادة الشعب و نتيجة نزيهة للإنتخابات).
أي أنهم مضطرون في إطار محاولتهم للوصول لأهدافهم أن يتخذوا طريقا نهايته تدمير أهدافهم نهائيا.
و يمكن تلخيص هذه المتناقضة في الجملة "أنا أطالب و بشده بالديموقراطية كهدف نهائي و في سبيل ذلك أدعم الأصوليين حتى لا أكون متناقض على المستوى الأخلاقي - و هذا بالرغم من أن دعمي لهم سوف يدمر هدفي النهائي"

أما عن الطرف الخامل - عامة الشعب - فحدث و لا حرج فهو يريد الديموقراطية و يتندر على الديكتاتورية و يضرب الأمثال بديموقراطية الغرب - و في نفس الوقت فهو مع تطبيق الشريعة الإسلامية و يتندر على إنحلال الغرب و ضياعه و يضرب الأمثال بأشخاص من صحراء 1400 سنة مضت.
و هو يدعو لحرية الرأي و المعلومات و يتحسر على حاله مقارنة بالغرب - ثم يخرج في مظاهرات حاشدة مطالبة بإخراس كاتب أو قتل مخالف.
و هو يتظاهر و يشجب و يبكي على معاملة المسلمين التي إختلفت بالغرب بعد أحداث سبتمبر - ثم تقوم قائمته و يحرق و يقتل لمجرد إشاعة أن المسيحيين ينتوون إقامة كنيسة للصلاه.

و لسان الحال يقول "أنا أدعو لحقوق الإنسان و أطالب بحقي كي أتمكن من خنق حقك و منعك منها نهائيا"

- أما عن الإقتصاد في نفس البلد المثل مصر فتناقض السياسات و عدم وضوح الأهداف و فشل النتائج لا يحتاج لأي أمثلة و بخاصة في بلد مثل مصر يمتلك من المقومات و الثروات ما يتيح له أن يتعدى النمور بل و الأسود.

- و دعنا ننزل لطبقة تحتية أكثر حيث المنظومة الأخلاقية و التي تحوي من المتناقضات ما يملأ المراجع:

و أول و أكبر التناقضات تجده في النموذج المثالي (الإسترشادي) للفرد في المجتمع.
فبينما يحث المجتمع عبر أفراده و أطيافه و وسائل إعلامه و مدارسه على النموذج الديني - طالما إتخذ الدين الإسلامي بنصوصه الحالية كمرجع - إلا أنه يعود ليرفض و ليحارب من يتقمص هذا النموذج بوصفه إرهابيا متطرفا بل و وصولا للتصفية الجسدية بواسطة أجهزة الدولة التي ما تنفك تدعو في وساءل إعلامها و مدارسها لهذا النموذج.

* للرجوع لتفاصيل أكثر عن هذه المتناقضة و غيرها:
قضية التطرف و الإعتدال - بين الحقيقي و الكاذب من قضايانا المعاصرة

و يمكن تلخيص ذلك في "أنا أؤمن بالإسلام مرجعا - لذلك فأفضل الأفراد هو من يطبق كامل تعاليم هذا المرجع - لكني أرفض الفرد الذي يطبق كامل هذا المنهج بالضبط كما أرفض من يجهر بعدم إقتناعه بتطبيقه - و أفضل الأفراد لدي هو من يطبق بعضه و يترك بعضه"

و يمكن الرجوع كذلك لموضوع:
على هامش أزمات الفتاوى الأخيرة, على أعتاب الفوضى
و الذي يتحدث عن أزمات إثارة عدة فتاوى و مواضيع تناقض العقل و إن كانت من صحيح الدين الذي نعلمه بالضرورة - و التي إنتهت جميعا ليس بالمناقشة و قبول تلك الفتاوى و مناقضة العقل - أو رفضها و إسقاطها من صحيح الدين مع بيان السبب - بل بالكبت العنيف و منع بل و تحريم الحديث في تلك المواضيع من أصله.

و الملخص "أنا أؤمن بكامل نصوص الدين الإسلامي و أعلم أنها لا تقبل التشكيك - لكني أرفض بعض تلك النصوص و أرفض تطبيقها"

و بوجه عام يمكن للمتابع ملاحظة توافق صعود مظاهر التدين مع هبوط أخلاقي حاد في المجتمع المصري!!

- ثم دعنا نغوص أكثر لأبعد المنظومات عمقا و هي المنظومة المعرفية:

حيث نؤمن بالعلوم و نبشر بها - ثم نعود لننكرها و نعتبرها قاصرة أما ما أوتينا به من حكمة ربانية.
حيث نؤمن إيمانا لا يتزعزع بديننا - ثم نعود لمحاولات أقل ما يقال عنها هو السخف لإثبات صحة نصوصها و دعمها بواسطة العلوم - التي كنا قد بدأنا بفرض أنها قاصرة. و هذا بواسطة مجموعة من الطفيليين على مجالي الدين و العلوم بكلام كالزبد وجوده مثل عدمه بل عدمه أفضل كثيرا.
حيث لا و لن نستطيع إنكار العلوم و نتائجها من تكنولوجيا مثل ما لا نستطيع إنكار أية نصوص أسطورية و لو تناقضت مع العلوم.

و يمكن الرجوع لمزيد من التفاصيل:
العلم , الدين , اليقين و أزمة الحضارة الإسلامية

ملخص الأمر "العلوم صحيحة و النصوص صحيحة و إن تناقضوا - دعهم جنبا لجنب و دعنا نبتعد عن هذا الحديث إن لم نستطع التلفيق"

إن التناقضات بأعلاه - بين الأقواس باللون الأزرق فوق الخط - و على كافة منظوماتنا الإجتماعية لهي شئ مثير للخوف بقدر ما هو مثير للعجب.
فمن قبل كانت التناقضات المنطقية الكلاسيكية Paradoxes لعبة تخترع للتسلية و إعمال العقول و هذا بأن تصيب سامعها بالعجز عن حلها - أما أن تتحول لأساس حياة فياله من واقع جد مخيف.
ال Paradoxes و التي إعتادت أن تحير المستمع بأن تسبب حالة من العقم في التفكير و الإختيار.
ألا تدلنا متناقضاتنا على عقم تام على كافة منظوماتنا الإجتماعية؟
هل أوصلنا هذا العقم لحالة ما قبل الفوضى و التي يصلها أصحابنا لاعبي الدومينو قبل أن يشرعوا بهدم دورهم؟

و بإختصار هل نحن في مرحلة العقم و على أعتاب الفوضى؟؟

يتبع ,,,

هامش:
الدومينو هي لعبة للتسلية تنتشر بمقاهي مصر جنبا لجنب مع الطاولة و هي عبارة عن قطع من البلاستيك كل واحدة عليها رقمين من أرقام النرد (من 1 - 6) و لكي يستطيع لاعب رمي قطعة و التخلص منها على لوحة اللعب فيجب أن يكون بها رقم على الأقل مساوي لرقم قطعة أخرى على لوحة اللعب.

الأخ وليد .
المقال السابق واحد من أعمق و أقول أيضا من أجمل ما قرأت عن ظاهرة التناقض المنطقي التي تفاقمت في حياتنا الثقافية ، كم هو رائع و مثير أن يكون بيننا زملاء على هذا القدر من الفكر الأصيل العميق .
إذا كانت الفوضى ظاهرة عالمية تبدوا حتمية الآن ، فهل يمكن أن ننظم لفوضى ؟، قد يبدوا ذلك بارادوكس جديد و لكن الكون نفسه هو فوضى منظمة ، فهل لنا أن نحاكي هذا الكون الذي أفسدناه ؟.
كل تقدير .

مالذي يحدث لهذا النادي؟
لا استطيع الدخول اليه مباشرة؟ الا انني استطيع الدخول الى صفحات محددة منه عبر الغوغل... و اذا حاولت الدخول الى اي ساحة مباشرة احصل على الرسالة التالية:
IPB WARNING [2] mysql_query() [function.mysql-query]: Unable to save result set (Line: 454 of /ips_kernel/class_db_mysql.php)



There appears to be an error with the database.
You can try to refresh the page by clicking here.

Error Returned



هل ذلك يحدث لي فقط ام للجميع؟