أعتذر لطول الغياب
بدكمن تتحملوني يا جماعة
نأتي للزميل أيوب
كتب يقول :
اقتباس:1. ما رأيك في التراث اللاديني العربي , اعني جماعة الفلاسفة الملحدين مثل الكندي والشعوبيين الزنادقة واشهرهم ابن الراوندي , وما رأيك فيمن يحاول التقليل من شأن هذا التراث الاصيل , والادعاء أن كل فكر لاديني هو وارد علنا من الخارج؟
من يراجع تاريخ الفرَق الإسلامية ، يجد أن أغلبها انطلق من دوافع سياسية ، خصوصاً في بداية عهد الدولة الإسلامية ، فكثيرون في الإسلام سُمّوا بالزنادقة ، و ذلط لانحرافهم عن الطريق الذي يسير عليه المسلمون الأوائل ، فتجد من قال بالحلول (كعبدالله بن سبأ) مهندس الثورة على عثمان ، و من قال بالتناسخ و غير ذلك ، لكنك قلما تجد من قال بالإلحاد بالمعنى الذي نفهمه اليوم (أي إنكار وجود الخالق) .
فابن الراوندي على سبيل المثال آمن بتناسخ الأرواح ، و كان في بداية عهده معتزلياً ثم رد على المعتزلة ، و يحكى عنه أنه كتب بعض كتبه في الرد على بعض الفِرَق مقابل أجر معين ، فهو لم يكن فيلسوفاً مفكراً يحلل الدين على أسس عقلية محضة ، بقدر ما كان مدفوعاً بالتيارات السياسية المتصارعة في ذلك الوقت .
و إن رجعت إلى أغلب مؤسسي الفِرق تجد أنهم إما من أصول فارسية ، أو يهودية ، في الأغلب ، حتى ابن سبأ أصله من اليمن التي كانت تحت الحكم الفارسي إبان الفتح الإسلامي ، و لا يخفى محاولة الفارسيين بهدم الإسلام من الداخل بعد أن يئسوا من هدمه بقوة السلاح ، فكانت العراق مرتعاً غنياً لكل الأفكار التي جاءت تزعزع الوحدة الفكرية للإسلام ، فظهر فيها الخوارج و غلاة الشيعة و الحلوليين و أصحاب التناسخ ، متأثرين بالتراث العميق للحضارة الفارسية و الديانة الزرادشتية .
اقتباس:2.ما رأيك فيمن يري ان اللادينيين يذيبون الغراء الذي عليه قام المجتمع , فمجتمعنا منذ تأسيسه كان دينياً , وتراكمت عليه المنجزات الدينية بحيث صارت جزءاً من اسباب وجوده (اعني بالتحديد النظام الاخلاقي , والهوية , والدوافع ) فما رأيك فيمن يري ان اللادينيين يمسحون هذه المنجزات الدينية , او يضعفون منها , بحيث انهم يضعفون اساسات المجتمع ذاته؟
لا يوجد ترميم بدون هدم
على مر التاريخ نجد من يقوّض دعائم الفكر الميتافيزيقي ليقيم مكانها فكراً أكثر واقعية (أو أكثر ميتافيزيقية في كثير من الأحيان كثورة الإسلام على الديانتين اليهودية و المسيحية) ، و لكن حتى تحرك المجتمع نحو العلمانية لا بد من نقد هذا الكائن العجوز الخرافي الذي يسمى الدين الذي يسيطر على العقول بشكل غريب .
الناس ترتاح للدين ، لأنه يعطيها الكثير من الطمأنينة و إن كانت كاذبة ، تماماً كالطبيب الذي يطمئن مريضه المصاب بمرض عضال فتاك بأنه في أحسن حال و سيشفى قريباً .
لأن الناس تخاف من الموت ، يتجهون إلى طمأنينة الدين ، و لكنهم لا يعرفون أن عليهم أولاً أن يفهموا الموت و يدركوا أنهم بموتهم يفقدون القدرة على الإحساس سواء بالألم أو الفرح ، و عليهم أن يتذكروا أنهم مروا بتجربة الموت (أو العدم) على المستوى الفردي قبل ولادتهم ، فحين كان يغزو نابليون العالم لم يكن أحد ممن يتنفسون الهواء الآن موجوداً ، لكننا لم نكن نشعر بنقص ما أو ألم ما أو أننا مسلوبين شيئاً اسمه الروح أو الحياة .
و حتى يفهم الناس الموت و يفهمون هذا المخدر الجميل الذي يسمى (الدين) يجب أن يتعودوا على التفكير العلمي الذي يعتمد الحقائق القابلة للبرهان لا الأجوبة الميتافيزيقية الغامضة التي تزيد الأسئلة غموضاً بدلاً عن إجابتها .
اقتباس:3.ماهي قيمة نقد الدين دون الانخراط في ايدولوجية اخري , فعلي سييل امثال , انتشرت في القرن العشرين الشيوعية في الوطن العربي , ولازمها بطبيعة الحال رفض الدين علي سنة ماركس ثم انحسرت هذه الموجة الحمراء وعاد "الشيوعيون" الي الدين مرة اخري بزوال اديولوجيتهم. فنلاحظ هنا ان رفضص الدين اتي في سياق ايديولوجية كاملة تري العالم بنظرية واحدة.
طبعاً بالنسبة للتجربة السوفييتية فلا يمكن أن نسميها تجربة فلسفية و إن ادعت ذلك ، فالتجربة السوفييتية تجربة سياسية اقتصادية اتخذت من فكر ماركس غطاءاً لسلوكها .
ماركس حين قدم أفكاره كان فيلسوفاً و اجتماعياً و اقتصاديا كبيراً ، و كان يحاول أن يقدم نموذجاً شاملاً للإنسان يعيش من خلاله ، الشيوعية في الاقتصاد و البروليتاريا في السياسة و المادية في الفكر ، و جعل من كل هذه الأسس روافد لتطبيق فكرته عن المجتمع المثالي ، و لكن ما الذي فعله السوفييت ؟؟
لقد قاموا بأخذ النتائج التي قال بها ماركس ، و بشكل اعتباطي حاولوا تطبيقها في الواقع السوفييتي ، بل أقحموا الثورة من أجل الثورة فقط بحيث أصبحت عندهم غاية ، دون أن يؤسسوا للقاعدة التي ستنتج هذه الثورة ، فالمجتمع الروسي ما قبل الثورة كان مجتمعاً زراعياً ، فكيف تقوم به ثورة بروليتاريا و التي تعتمد أساساً على الصراع بين طبقة العمال و الطبقة البرجوازية (أصحاب المصانع و رؤوس الأموال) ؟؟؟؟
التجربة الوفييتية تجربة غير ناضجة ، فهي ثورة مراهقة ، شوهت الكثير من المفاهيم المادية حين ربطتها بالعصابة التي تسلمت زمام الأمور و على رأسها لينين و من تبعه بإحسان إلى يوم الدين .
نعود للسؤالين الرابع و الخامس لاحقاً
فانتظروني و إلى اللقاء (على رأي ساندي بيل)
:D