سيستاني
عضو رائد
المشاركات: 3,809
الانضمام: May 2006
|
نهاية زمن التعبئة
علي انوزلا مستشار تحرير يومية المساء المغربية
ستنتهي الاحتجاجات أمام باب سبتة على زيارة الملك الإسباني إلى أقدم مستعمرتين على أرض القارة السمراء، بعودة الناس إلى بيوتهم وأعمالهم، وسيعود البرلمانيون إلى أنشطتهم بعد أن يكونوا قد جربوا لأول مرة معنى وقفة اعتصامية أمام سفارة بلد أجنبي، وسينسى الناس بيانات الحكومة وتصريحات ناطقها الرسمي المنددة بالزيارة، وسيعود سفير المغرب إلى مدريد لممارسة مهامه الروتينية، وستبقى صور الدون خوان كارلوس وعقيلته الدونا صوفيا وهما يغرقان في بحر من الوجوه المشرئبة والأيادي الممدودة لمصافحتهما، مع فارق بسيط وهو أن سحنات الوجوه المتطلعة إلى مصافحة الملكين المتعجرفين سمراء تشبه إلى حد كبير سحنات الوجوه التي تدبغها الشمس يوميا أمام باب سبتة، وهي تقف مذلولة في انتظار أن ترفع الحواجز ليسمح لها بالعبور لشراء مادة مهربة فاسدة.
عندما زار خوسي لويس ساباثيرو، رئيس الوزراء الإسباني، المدينتين المحتلتين بداية السنة الجارية وسط صمت مغربي رسمي، كانت الصورة الوحيدة التي تداولتها وسائل الإعلام العالمية ونشرتها أكثر من صحيفة مغربية، هي صورة ساباثيرو وسط حشد من المغاربة من سكان المدينة، وهم يتزاحمون لمصافحة رئيس الوزراء الإسباني.. صورة تشبه إلى حد بعيد تلك الصور التي يبثها التلفزيون الرسمي المغربي يوميا للملك محمد السادس وهو يقوم برياضته اليومية، بالارتماء وسط الحمامات البشرية التي تمتد إليه بأعناقها مشرئبة للتملي بالطلعة البهية، كما يقول مصطفى العلوي، في تعليقاته الأثيرية.
نفس الصور سنشهدها اليوم تتكرر مع العاهل الإسباني لمواطنين بسحنات مغربية، تشبه إلى حد كبير سحناتنا، وهم يرتمون أمام الموكب الملكي الإسباني للتحية والمصافحة..
ليس الغرض من إثارة هذه الصور تثبيط همم إحساس وطني مفقود أصلا، وإنما لرسم الفارق ما بين الواقع والشعارات التي تثار مثل أناشيد بالية في مناسبات لم يعد يحتفل بها أي أحد.
زيارة خوان كارلوس لن تعمل سوى على تذكيرنا بمدى فداحة الإهانة التي يعيشها الوطن والمواطن يوميا، فالوقوف تحت شمس حارقة أمام باب سبتة أو أمام أبواب القنصليات الإسبانية في مختلف ربوع الوطن إهانة يومية لكل طالب تأشيرة، والسكوت عن بناء سور من الأسلاك الشائكة والمكهربة طعنة من الخلف في وطن أدار ظهره للمغتصب منذ 500 عام!
الإهانة الحقيقية هي التي يشعر بها المهاجرون المغاربة يوميا عندما تداس حقوقهم يوميا على الأراضي الإسبانية، وتصمت حكومة بلادهم حتى على الاحتجاج، كما حصل مؤخرا عندما أقدمت الجرافات الإسبانية على هدم بيوت مهاجرين بؤساء وسط صمت حكومي مغربي قاتل.. الإهانة هي التي يتجرع كأس مرارتها في صمت مرضى داء السرطان من منطقة الريف، الذين يضطرون للتعايش مع هذا الداء الخبيث الذي زرعت سمومه ذات يوم في أرضهم طائرات المحتل الإسباني، ولم تحرك الحكومة المغربية ساكنا للمطالبة بإنصافهم مما يلحق بهم من أدى ينخر أجسادهم حتى الموت.. الإهانة هي تلك التي يشعر بها يوميا سكان مدينة إيفني، الذين خرجوا ذات صيف يطالبون بعودة الاستعمار الإسباني إلى مدينتهم التي يموت سكانها عطشا وتهميشا...
هذه هي ردة الفعل الشعبية التي نشهدها يوميا على زيارة خوان كارلوس، أما ردة الفعل الرسمية، فيجب البحث عن تفسيرها في قرار القاضي الإسباني الذي طالب بفتح تحقيق ضد مسؤولين أمنيين وعسكريين مغاربة متهمين بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان. أما الحديث عن التعبئة الوطنية، فهو مجرد كلام زائد في الوقت الضائع، لأن زمن التعبئة انتهى منذ أن قتلت روح الوطنية في نفوس المواطنين، الذين سرق منهم الوطن وسلبت منهم الكرامة. اسألوا القاضيين الفرنسي باتريك راماييل والإسباني بالتازار غارسون عمن سرق الكرامة ومن قتل روح الوطنية لتعرفوا الجواب..
عن يومية المساء
http://www.almassae.press.ma/
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 11-06-2007, 10:22 PM بواسطة سيستاني.)
|
|
11-06-2007, 10:11 PM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}