{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
حول مرجعية "السلف الصالح"
العاقل غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 753
الانضمام: Jun 2002
مشاركة: #1
حول مرجعية "السلف الصالح"
كيف نفهم الوحي؟

من بين الأجوبة المتعددة على هذا السؤال تأتي الإجابة السلفية كالتالي: نفهمه كما فهمه السلف الصالح، الذين وصف النبي قرونهم بانها "خير القرون"، والذين كانوا قريبين من فترة نزول الوحي، فهم– لقربهم الزمني– أعلم بمقاصده ومراميه ومنهج تلقيه.

هذه الإجابة هي اللبنة الأساسية التي يبني عليها التيار السلفي رؤيته للوحي والحياة والتاريخ. والذي سأقوم به هنا هو مناقشة المسلمات الأساسية التي تقوم عليها هذه الإجابة.

المسلمة الأولى والتي يمكن صياغتها على شكل سؤال كالتالي: من هم هؤلاء السلف الصالح؟ هل هم كل الذين عاشوا في فترة القرون الثلاثة الأولى؟ وهذا يتضمن الكثير من الشيعة والمعتزلة والخوارج والأشاعرة وغيرهم؟

إن تحديد السلف الصالح مسألة في غاية الأهميّة. ونحن لا نجد في الأدبيات السلفيّة معيارا يحدد متى يكون الشخص من ضمن السلف الصالح. بل حتى عندما نضيّق مفهوم السلف الصالح ونحصره في الصحابة فقط، أقول: حتى هذا الحصر لا يسلم من المشكلة نفسها.

فالقرآن أنبئنا في مواضع متعددة منه عن وجود المنافقين. وتحديد المنافق والمؤمن من بين الصحابة هي مسألة شبه مستحيلة إذ أن قائمة أسماء المنافقين ظلت قائمة سرية لا يعلمها إلا الرسول وحذيفة بن اليمان. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن الكثير من الفرق الإسلامية تنسب أفكارها ورؤاها إلى الصحابة، تماما كما يفعل التيار السلفي. فالشيعة ينتسبون لآل البيت. ونقرأ في "المنية والأمل" أن ابن المرتضى قسّم المعتزلة إلى طبقات كان الخلفاء الأربعة وعبد الله بن عباس وعبد الله بن مسعود وعبادة بن الصامت وأبي ذر ممثلي الطبقة الأولى، بينما يأتي الحسن والحسين وسعيد بن المسيب وطاووس اليماني وغيرهم في الطبقة الثانية، وفي الطبقة الثالثة نجد أن أبرز ممثليها من المعتزلة هم زيد بن علي ومحمد بن سيرين والحسن البصري. وهذه الأسماء نفسها نجدها تدرج ضمن "السلف الصالح" لدى أصحاب مذهب أهل السنة والجماعة. ونجد الخوارج يذكرون– كما يروي البرادي في "الجواهر المنتقاة"- أن من بين قتلاهم في النهروان 60 صحابيا من أهل بدر.

هذا التنافس بين المذاهب في إرجاع أصولهم العقدية والفكرية إلى جيل الصحابة، يجعل مقولة "السلف الصالح" ذو المنهج الواضح والمحدد في تلقي الوحي، مقولة خاوية من المعنى ولا تملك أي رصيد تاريخي يعتمد عليه.

هذا فيما يتعلق بتحديد "السلف الصالح"، أما ما يتعلق بكون قربهم الزماني من لحظة نزول الوحي يجعل منهم أعلم وأحكم به ممن يخلفهم، فهذه هي المسلمة الثانية. وهي تنطلق من نظرة محددة للمعرفة. فهي ترى أن معرفة مقاصد الوحي وفهمه فهما تاما يتطابق مع مراد الشارع هو أمر ممكن ومتيسر، ولكي تتحقق هذه المعرفة لا بد من التمكن من أداتين: اللغة، كون الوحي: نصّ في المقام الأول؛ ومعايشة الأحداث التي سببت نزول النصوص وملازمة النبي المأمور بتبليغها وتبيينها. وهاتين الاداتين لا يتأتى التمكن منهما إلا عن طريق القرب الزماني من لحظة نزول الوحي. فاللغة مع تقادم الزمان وبسبب التوسع والفتوحات ودخول أعراق وأقوام غير عربية في الإسلام، طرأ عليها التشوّه وكفّت عن أن تكون فطرية. ومعرفة تفاصيل نزول الوحي وبيان الرسول له، طرأ عليه ما يطرأ على التاريخ عادة من تبدل ووضع وتغيير. ومن هذين العاملين الموضوعين، بالاضافة لما دلت عليه النصوص فيما يتعلق بتميّز ذلك الجيل عن غيره من الأجيال؛ من هذا كله: يتبنى التيار السلفي وجهة النظر القائلة: أن السلف أعلم وأحكم، لأنهم وحدهم الذين حازوا على تلك الأدوات.

وهذه الأطروحة كلها لا نتفق معها، وذلك لسببين: الأول أن معرفتنا بظواهر الطبيعة لم تصل حد التطابق، فهناك تيّار متعاظم في فلسفة العلوم يتبنى الرأي القائل باستحالة وجود حقائق علمية في مختلف مجالات العلوم وذلك ناتج عن كون المعرفة البشرية - كما عبّر أبو يعرب المرزوقي: "أبديّة النقص دائبة التكامل". وإذا كان هذا الحال في معرفتنا بظواهر الطبيعة التي نتفاعل معها حسيّا، فكيف يكون الحال بمعرفتنا بمقاصد الوحي الذي هو أشد تعقيدا ومفارقة للحس من المعرفة العلمية؟

السبب الثاني في عدم اتفاقنا مع الأطروحة السلفية، هو اختلاف النظر حول أدوات العلم: فتقادم الزمان أحدث نوعا من التراكم والتجاوز والتقدم والتعمق في كل من علوم التاريخ واللغة. وهذا يجعل من المعرفة التي تنتج عن هذا التطوّر في الأدوات معرفة أشمل وأقرب لفهم الوحي من غيرها.

ماذا يعني كل هذا؟

يعني قضية مهمة جدا. فالتيار السلفي بهذه النظرة للسلف، يضع مجموعة من العوائق المعرفية أمام الاجتهاد. فهذه النظرة التصنيمية التي ترفع مرحلة "السلف الصالح" من كونها محض مرحلة تاريخية بشرية، إلى مرحلة جيل متفرد ومتميز له نوع من العصمة والقداسة، تجرّم تلقائيا أي محاولة اجتهادية تقع خارج "منهجها" النظري والمعرفي في فهم الوحي. وهذا التجريم مبرر لديها تماما نظرا لاعتقادها بإمكان معرفة شرعية ما أن تتطابق مع مراد ومقاصد الوحي. فإذا وجدت مثل هذه المعرفة، فأي معنى لتجاوزها غير تجاوز مقاصد الوحي نفسه؟

والواقع أن التيار السلفي ليس تيارا معرفيا بحتا، بقدر ما هو أيديولوجيا لها أجندتها ومشاريعها ومطامحها على أرض الواقع، وهذا الأمر يجعل الحوار المعرفي معها حول الأصول النظرية مسألة صعبة، إذ مقتضاه قبول التنازل عن بعض هذه المشاريع والمطامح ... وهنا كل المشكلة لدى مختلف تيارات محيطنا الفكري، فالمعرفة فيه مؤدلجة غالبا، مما يعني أن الحوار يتحول من حوار معرفي حول الأصول النظرية والفكرية، إلى مفاوضات حول المكتسبات والمراكز المحققة على الواقع.
01-25-2008, 08:21 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
كمبيوترجي غير متصل
أحن إلى أمي
*****

المشاركات: 5,154
الانضمام: Jan 2005
مشاركة: #2
حول مرجعية "السلف الصالح"
تحياتي زميلنا العاقل وشكرا على ما سطرته أعلاه(f)

هناك تساؤل يدور في خلدي منذ زمن: "هل السلفية هي الوهابية؟ أو أن الوهابية متفرعة عن السلفية؟" كان لي اختلاط بالسلفيين في الأردن ولاحظت تقاربا كبيرا بين أفكارهم وما قرأتُه عن أفكار الوهابية!
01-25-2008, 08:43 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
العلماني غير متصل
خدني على الأرض اللي ربّتني ...
*****

المشاركات: 4,079
الانضمام: Nov 2001
مشاركة: #3
حول مرجعية "السلف الصالح"

رائع يا "العاقل" ...

نحن بحاجة ماسة إلى هذه المراجعات في "المسلّمات". "فمشكلة الإسلام مع العصر"، وهي مشكلة حقيقية ذات دلائل واضحة اليوم، لن تُحل إلا من خلال هذه المراجعات الآتية من الداخل.

الخارج يستطيع أن يضغط على "علماء الإسلام" من أجل بعض المراجعات، ولكنه لا يستطيع أن يقوم بها مكانهم. هم وحدهم، والمستنيرون منهم بالذات طبعاً، من يستطيع أن يقوم بتجهيز الإسلام بما يكفل له التأقلم مع العصر الحاضر، في وقت نشهد فيه - منذ فترة - تضارباً بين "المفاهيم الإسلامية" و"مفاهيم معظم العالم" بما يخص نقاط جوهرية كثيرة.

تحية للعاقل الذي يثبت كل يوم أن فكره في تطور وارتقاء مستديمين (f)

واسلموا لي
العلماني
01-25-2008, 11:40 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
العاقل غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 753
الانضمام: Jun 2002
مشاركة: #4
حول مرجعية "السلف الصالح"
Array"هل السلفية هي الوهابية؟ أو أن الوهابية متفرعة عن السلفية؟" كان لي اختلاط بالسلفيين في الأردن ولاحظت تقاربا كبيرا بين أفكارهم وما قرأتُه عن أفكار الوهابية![/quote]

اهلا عمنا كمبيوترجي

نستطيع أن نقول أن كل وهابي سلفي، ولكن ليس كل سلفي وهابي. فمثلا ابن تيمية يعتبر "سلفيا"، لكنه توفي قبل أن يولد ابن عبد الوهاب.

الوهابية هي ليست مذهب ديني، بقدر ما هي حركة سياسية دينية اجتماعية، تتكئ على المقولات السلفية، لتبني توجهها السياسي وإصلاحها الاجتماعي.

والظاهرة الوهابية، تختصر في الأدبيات العربية المنتمية لحوض المتوسط بحركة دينية متشددة نصية بدوية ...إلخ، في عملية اختزالية تسطيحية جدا. في حين أني أراها حركة تستحق الدراسة انطلاقا من عدة معطيات: الاستعمار البرتغالي لجنوب الجزيرة العربية والخليج العربي، وهو الالتحام الاستعماري الأول بين الشرق والغرب، لكن الاستشراق وادبيات عرب المتوسط، لا ترى سوى حملة نابليون بونابرت كنقطة التحام أولى. المعطى الثاني: الانحطاط الديني وإعادة انتاجه من قبل المؤسسة العثمانية الدينية، حيث تم الاكتفاء بالنصوص التي أرادت تفسير النص المقدس، وتحولت إلى نصوص مقدسة بدورها، دور رجال الدين العثمانيين تفسيرها وتلخيصها وإعادة نظمها ...إلخ، هذا بالاضافة لتثبيت المذاهب الاربعة كمذاهب نهائية. المعطى الثالث: الخلاف التاريخي بين حواضر نجد وحواضر الحجاز، سواء على مكتسبات الحج(معظم خطوط الحج تمر من نجد، وخط زبيدة العباسي كان يمر من المدينة التي ولدت أنا فيها (بريدة)) ، والتجارة الشامية واليمنية، وغيرها. وفي هذا المجال تخفق العديد من الدراسات، التي تنطلق من فكرة مسبقة مفادها أن محمد عبد الوهاب بدوي، في حين أنه من بيئة قروية زراعية، حيث أن العيينة والدرعية وغيرها تسمى قرى العارض وهي قرى زراعية حتى هذا اليوم، لكنها بيئة مستحدثة فغالبية قرى نجد نشأت في نهاية القرن التاسع الهجري، وبالتالي لم تمر بمرحلة إقطاعية... كما كان سائدا في كافة أنحاء الامبراطورية العثمانية.

تداخل السياسي بالديني في الدعوة عبر الحلف الذي قام بين بن عبد الوهاب وابن سعود، مما أنتج دولة عقائدية، قامت- كما تفعل كل دولة أيديولوجية- باعتبار الآخر كافرا وهاجمت مدن كثيرة ككربلاء وأحدثت فيها مذابح دموية لم يسلم منها النساء والاطفال.

وفي تفاصيل دعوة محمد عبد الوهاب، تجد في كتاب علي الوردي "لمحات من تاريخ العراق المعاصر" عرضا جيدا لها.

شكرا لك
01-25-2008, 11:50 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
يجعله عامر غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 2,372
الانضمام: Jun 2007
مشاركة: #5
حول مرجعية "السلف الصالح"
تحية لك أيها الفاضل " العاقل "
أشاركك النتيجة الموصول إليها من هذه السطور ، واشاركك الخروج من شرنقة الموت التي تُدعى سلفيه ، فهؤلاء القوم في مجملهم لا يفقهون حديثًا إلا حديثهم المكرور خوفًا من الجليل وعملاً بنص التنزيل ، ولا يلتفتون إلى ما قبل الحروف أو وقتها أو ما بعدها ، اللهم إلا نُدرة منهم ، إن باحت بما يؤرق صدرها ، فقد كفرت بأنعم الله ، ومن ثم تسحب بساطات النعم من تحت أرجلها
...
لكن لي بعض الملاحظات
أولاً :
أحيي فارس الملحمة الجديدة والمجدد للإسلام سيدي ع المجيد الشرفي ، فقد قام ويقوم حتى هذه اللحظة بكتابة إسلام جديد بورشة عمل لا تكل ولا تمل تتلو ما تؤمن به علنا فقد مضى زمن الدعوة السرية ، وتلاوتها ليست في المعبد أو الكنيس بل في دوائر المعرفة والبحث العلمي
واسمح لي أن أشيد بسلسلة " الإسلام واحدا ومتعددا" بإشراف الشرفي وعمل ورشته : قرامي ، الجمل ، العبدولي ، حمزة ، الطيب ، بوهلال ، الرزيقي ، شقرون وغيرهم
واقترح إثراءً للمناقشة معاودة الرجوع إلى بسام الجمل في " الإسلام السني " بعد الإذن منك
وهناك بعض الحرفيات وقفت عليها في الكلام أعلاه
مقولة خاوية من المعنى( المحدد الجامع المانع هكذا تقصد!) ولا تملك أي رصيد تاريخي يعتمد عليه ( بل مجموعة من شتات من الروايات والمقالات وتردد في المواقف وهذا سلفي لأنه لا يكيف ولا يعطل وهذا لأنه مات وعلى صدره قنديل النور، وهذا لا يقول في القرآن برأيه ، وابن عبد العزيز من جيل الراشدين .. أرصدة )
.....
التيار السلفي ليس تيارا معرفيا (بحتا!) بقدر ما هو أيديولوجيا لها أجندتها ومشاريعها ومطامحها على أرض الواقع، وهذا الأمر يجعل الحوار المعرفي معها حول الأصول النظرية مسألة صعبة، إذ مقتضاه قبول التنازل عن بعض هذه المشاريع والمطامح ...
هذا ما نراه في التيار السلفي الماضوي الذي نازع على الحكم مثلا قديما ... وتم تجديد النعرة في عهد قاتل العلماء والعقلانين المتوكل العباسي .... وحديثًا تم فعله بيد المجدد السلفي ابن ع الوهاب لكن في وسط الدائرة شخصين هامين
الغزالي ت 1111م وابن تيمية ( لولاهما لارتاح الناس ) بسيرة هذين هل عندنا ما يفيد في المصادر الى مشاريع ومطامح لديهم في ارض واقعهما ، وهل جنى بوحامد الغزالي من رحلته السلفيه اولا بالاسلام الاشعري واخير بالصوفي السلفي مكانة مرموقة وابن تيمية نبي السلفية الحالية دُفن في مقابر الصوفية أين ما جنوه ؟ مجرد استفسار
وتقبّل تحيتي
01-27-2008, 07:58 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
العاقل غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 753
الانضمام: Jun 2002
مشاركة: #6
حول مرجعية "السلف الصالح"
Array
رائع يا "العاقل" ...

نحن بحاجة ماسة إلى هذه المراجعات في "المسلّمات". "فمشكلة الإسلام مع العصر"، وهي مشكلة حقيقية ذات دلائل واضحة اليوم، لن تُحل إلا من خلال هذه المراجعات الآتية من الداخل.

الخارج يستطيع أن يضغط على "علماء الإسلام" من أجل بعض المراجعات، ولكنه لا يستطيع أن يقوم بها مكانهم. هم وحدهم، والمستنيرون منهم بالذات طبعاً، من يستطيع أن يقوم بتجهيز الإسلام بما يكفل له التأقلم مع العصر الحاضر، في وقت نشهد فيه - منذ فترة - تضارباً بين "المفاهيم الإسلامية" و"مفاهيم معظم العالم" بما يخص نقاط جوهرية كثيرة.

تحية للعاقل الذي يثبت كل يوم أن فكره في تطور وارتقاء مستديمين (f)

واسلموا لي
العلماني
[/quote]

شكرا لك عزيزي العلماني، واسمح لي بهذا التعليق:

مشروع "عصرنة الإسلام": مشروع فاشل في نظري، وأمامك أكثر من قرن ونصف من المحاولات. إذ أن "العصرنة" تنطلق من مفهوم إشكالي ومسلمتين:
- أن مفهوم "العصر" ينحل في التحليل الأخير، ليصبح كل الثقافة وأنماط السلوك والعمل الناتجة عن التأثر والتأثير الغير طبيعي وتلقائي مع الغرب( تأثر وتاثير نتيجة الاستعمار والانحطاط الحضاري، مما جعل خيار الفرض والاقتباس خيار وحيد واوحد).
أما المسلمتان فهما:
1- أولوية العصر على الدين نفسه، وبالتالي يتم توجيه النظر في عملية تعديل الدين وتقويمه بحسب مرجعية العصر، وهذا بالضرورة سينتج مولودا مشوها. وأن النظر للدين ليس أولوية، إنما هو ضرورة ساقتنا إليها حقيقة أنه قائم وموجود بالفعل لا يمكن إزالته. كصخرة تعوقك وأنت في طريقك لمكان ما، لا تهمك الصخرة بقدر ما يهمك الطريقة التي تتجاوزها بها وصولا لمبتغاك.
2- المسلمة الثانية أن الاسلام نفسه توقفت خصوبته، وأصبح غير قادرا على امدادنا بامكانيات وطرق جديدة لإنتاج انماط سلوك وثقافة وغيرها خاصة به. ولهذا السبب نسعى لعصرنته، كيف لا يتلاشى تدريجيا ويختفي من الخارطة.


وهذه المسلمات يعارضها التيار السلفي بأخرى قائمة على أن العصر ليس شيئا سوى جاهلية، وأن عصرنة الدين هي خروج عنه ونقض له، وأن الاسلام ذو خصوبة ثابتة لا تتأثر بالزمان والمكان، وبالتالي هو صالح لأي منها.

وبين هذا وذاك، أقدم أن الفرضيات التالية:
1- أن الارتباط بالإسلام، ليس حقيقة مفروضة بل هي اختيار أول وأخيرا.
2- هناك فرق أساسي بين "الإسلام" كدين يشبع الحاجات الدينية لدى الإنسان، والثقافة الاسلامية التي أنتجتها الحضارة الاسلامية البائدة.
3- أن الانحطاط الحضاري الأسلامي، أسبابه اجتماعية واقتصادية وسياسية وفكرية، ولا شأن لارتباط الناس بالدين من عدمه في الرفعة والانحطاط الحضاري، وبالتالي يكون الخلاص منه بتدامج مجهودين: معرفي يسعى لتحليل شامل لكافة هذه المعطيات، واجتماعي يترجم نتائج الجهد المعرفي إلى فاعلية تغييرية على أرض الواقع. وكلا هذين الأمرين مفقودين.
4- أن العقبات في سبيل النهوض ثلاثية: الفكر الديني السائد المتخلف(وأنا اعتبر الليبرالية المحدثة نمط من انماط التفكير الديني المتخلف إذ أنها تتبنى نفس آليات الخطاب من إقصاء وأحادية وإيمان بالحل السحري...إلخ)، الهيمنة الغربية (بما مثلته من حملات استعمارية وتدخلات اقتصادية وتأثيرات غير طبيعية على التغيرات الديمغرافية والثقافية في البنية الأساسية للمجتمعات، وتكريس للمقولات الطائفية والمذهبية)، الأنظمة السياسية القائمة (بما تمثله من عصابات تحول الدول إلى إقطاعيات خاصة بها، مما يطلق العنان لانتشار الفساد الاداري والمالي، وتحكم الطبقات البروجوازية في الأنظمة بالشكل الذي يخدم مصالحهم التجارية، وتحويل السلطات الممنوحة لها إلى أدوات قمعية لا تسمح للإنسان بحرية سوى حرية التنفس) .


هذه العقبات نجد أن هناك ثلاث تيارات أساسية تطرح طرحا جديدا مغايرا في سبيل التخلص منها، وهي التالية:
1- مسيحيي المشرق (أو مسيحيي لبنان)، كعزمي بشارة وجورج قرم وسليم الحص الذين أنشأوا المنظمة العربية لمكافحة الفساد* وأمدوا المكتبة العربية بالعديد من الأبحاث والكتب في هذا المجال، كما أنهم ليسوا شخصيات أكاديمية بحتة ، بل مارسوا أدوارا سياسية فعلية، كتسلم الوزارات والحكومات والنيابة عن الشعب في البرلمانات.


2- الجيل الثالث من الأخوان المسلمين. خصوصا أولئك المتأثرين بأطروحات حسن الترابي والغنوشي وبالأخص الجناح المغربي من الأخوان المسلمين في تونس والمغرب. فهؤلاء وان كانت اطروحاتهم النظرية لا تحمل كما كبيرا من الحمولة النقدية، بقدر ما تحمل تطبيقاتهم العملية التغييرية الكثير من الآفاق والتطلعات.

3- الاطروحات النقدية التي تعيد تقويم التراث بعيدا عن المعالجات الجزئية التي تستهدف إظهار جانب من التراث وتلميعه وإلغاء آخر وتهميشه. والرواد في هذا المجال هم أبو يعرب المرزوقي والسلسلة التي ذكرها يجعله عامر "إسلام واحد إسلام متعدد" وهشام جعيط وغيرهم.

القضية الأساسية التي أحب أن أشير إليها أن هناك موروث ناصري واشتراكي واسلامي يؤثر كثيرا جدا في نظرتنا إلى تاريخ العرب الحديث، بما يحتوي من انحيازات مسبقة تحجب العديد من العوامل الموضوعية الفاعلة في التاريخ. ولا أدل على ذلك من تاريخ القضية الفلسطينية نفسها، فحتى الآن لم يستطع العرب التحرر من كثير من الغبش في نظرتهم لتلك القضية: 1- كأسطورة عدم شرعية دولة اسرائيل في حدود 48. 2- والتركيز على الارهاب الاسرائيلي مع إغفال إرهاب منظمة التحرير الفلسطينية. 3- والمؤامراتية المبطنة في التركيز على وعد بلفور مع إهمال الوعود المتعددة التي قدمت للشريف حسين. 4- وتضخيم مسألة اللاجئين إعلاميا، في الوقت الذي عاش فيه معظم هؤلاء اللاجئين بمستوى معيشي أفضل من سكان البلد الأصليين (كما حدث للاجئي سوريا).

أعلم أني شرقت وغربت كثيرا، لكن ما أردت أن أقوله أني هنا لا أسعى لعصرنة الإسلام بقدر ما أسعى لاستكشاف ما بقي فيه من خصوبة يستطيع إمدادنا بها. وشكرا لك مرة أخرى ...



* http://www.arabanticorruption.org/
01-28-2008, 08:45 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
العاقل غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 753
الانضمام: Jun 2002
مشاركة: #7
حول مرجعية "السلف الصالح"
الزميل يجعله عامر

قد اطلعت على سلسلة "اسلام واحد اسلام متنوع" ، وقرات منها "الاسلام الخارجي" و"اسلام عصور الانحطاط" و"الاسلام الشعبي"... ولم أبدا بقراءة ما كتبه الجمل، رغم أن كتابه "أسباب النزول" يعتبر كتابا مهما.

أما بخصوص قراءتك التاريخية فأجدني أختلف معك. فمنذ المسيح عيسى، والمشرق يعيش سلسلة من الانشقاقات الدينية، وكان الاختلافات الأولى حول طبيعة المسيح هل هي إلهية أم بشرية؟ ولم يتم تصنيم العقيدة إلا عندما تدخلت السلطة الحاكمة، وذلك في مجمع نيقية الذي أداره قسطنطين، فأعلن أن فرقة ما هي على الحق، في حين أن أخرى مارقة .. ومن هنا تم الاستقواء بهذا التلاحم بين المذهب والسلطة السياسية في قمع كل لون من ألوان الاختلاف. مثل هذا الأمر حدث في الحضارة الإسلامية عندما تبنى المأمون مذهب المعتزلة وبدأ امتحان الناس عليه، ثم جاء بعده المتوكل والواثق انتهاء بالعقيدة القادرية التي أصدرت كنوع من تصنيم للعقيدة السنية.

أما الغزالي، فأتمنى أن تطالع دراسة أحميدة النيفر المعنونة "بتأثير الغزالي السياسي على المغرب الموحدي"، وفيها يطرح تصورا للمآزق التي كانت تواجه هذه الشخصية التي لم تستطع أن تجد مخرجا في وسط كانت فيه الخلافة رمزية لا قيمة لها، والسلطنة التركية لا تفكر إلا في جشعها بتحالفها مع الوزارة الفارسية. والحرب الشرسة السياسية والعسكرية والفكرية بين الخلافة العباسية والخلافة الفاطمية، بالإضافة لتحول الفقهاء إلى طبقة مترفة نتيجة تكسبهم من الإفتاء، كل هذا الوسط المنغلق على بعضه إذا طابقته بالمعاناة الشخصية الكبرى التي عانى منها الغزالي بصفته باحثا عن الحقيقة، كل هذه المعطيات ستمكن من فهم أكبر بكثير من الفهم الموضوعي الجامد لآثار أطروحات الغزالي.

وقل نفس الأمر عن ابن تيمية، الذي وصل المجتمع المشرقي في عصره إلى مرحلة يرثى لها، فالخلافة سقطت والتتار والصليبيين هدموا البنية التحتية للامبراطورية، والتجمد الفكري والعقلي وصل لحد نهائي. ولتوضيح هذا الأمر، فهو قد مات مسجونا بسبب أنه أفتى بقول في الطلاق خالف فيه المذاهب الأربعة... فهذا هو الحد الذي تردى فيه الإسلام ليتحول إلى بضاعة بأيدي مجموعة من افاقي الفقه.

شكرا لك
01-28-2008, 09:32 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
يجعله عامر غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 2,372
الانضمام: Jun 2007
مشاركة: #8
حول مرجعية "السلف الصالح"
عزيزي العاقل تحية طيبة وشاكرا بسطك فيما كتبت مُعلقًا على مداخلة الأخ " العلماني " ومداخلتي
ولي استفسار بالأول حول تعقيبك على مداخلة العلماني

قلت : 1- - مشروع "عصرنة الإسلام": مشروع فاشل في نظري .. وحسنًا ما ذكرته من انطلاق العصرنة من هاتين الفرضيتين او المسلمتين .. ثم ذكرت في النقاط التالية :
2- - أن الانحطاط الحضاري الأسلامي، أسبابه اجتماعية واقتصادية وسياسية وفكرية، ولا شأن لارتباط الناس بالدين من عدمه في الرفعة والانحطاط الحضاري، وبالتالي يكون الخلاص منه بتدامج مجهودين: معرفي يسعى لتحليل شامل لكافة هذه المعطيات، واجتماعي يترجم نتائج الجهد المعرفي إلى فاعلية تغييرية على أرض الواقع. وكلا هذين الأمرين مفقودين
ثم أشرت إلى :
3 - - الاطروحات النقدية التي تعيد تقويم التراث بعيدا عن المعالجات الجزئية التي تستهدف إظهار جانب من التراث وتلميعه وإلغاء آخر وتهميشه. والرواد في هذا المجال هم أبو يعرب المرزوقي والسلسلة التي ذكرها يجعله عامر "إسلام واحد إسلام متعدد" وهشام جعيط وغيرهم ..
اسمح لي أن أعقب متمثلاً هذه النقاط أعلاه :
أولا مسألة أن عصرنة الإسلام مشروع فاشل ، تحمل في طياتها بناء على ما ذكرت خنوعًا لقهر واستمرارية وبقاء التيار السلفي ، باعتباره السائد .. السياسي .. المسيطر وغيره إن لم يكن مهمشًا فسوف يتم تهميشه ويغدو عمله نوعا من الترف المعرفي او البحث الاكاديمي ليس الا ، وأخالفك ان يظل التيار السلفي هكذا مسيطرًا ، فكما قلت في بداية الطرح أن أطره المعرفية محدودة للغاية ، وإذا ضمننا اليه فرضه لتياره هذا بسوط السياسة وغلاف المال ، فأنا أؤمن أنه يقينا إلى زوال ، وهنا أُصدق على طرح الاسلاميين " المجددين " وخاصة محمد الطالبي .
بخصوص 2 ، 3 انت فصلت بينهم ثم عاودت الوصل بهم ، والفصل حسبما فهمت انا أتى من حكمك أعلاه على المشروع بأنه فاشل اي العصرنه ، ثم نصحك بمعاودة بالمجهود المعرفي والاجتماعي سعيًا للحل لهذا المُشكل الكبير ، وأشاطرك فيما تقول ايمانا به كحل ، وبالفعل هو قائم في الحقل التونسي ، واحب ان اشير الى تفريق بسيط لا يُلتفت اليه كثير بشان النقطه 3 بخصوص الاطروحات النقدية
ما يفعله تيار الاسلام التجديدي ممثلا فيما اخص الان ( الشرفي وورشته - الطالبي مع بعض التحفظ على الاخير ) يختلف مع المشاريع التراثية مثل مروه وتيزيني وحنفي والجابري فالمشاريع التراثية هذه محل نقد صارخ في الوسط الاكاديمي نفسه اضافة الى كونها تُثبّت النص كما هو وتحاول مقاربته بمناهج حديثة ، أما الإسلام المجدد ليس أسير النص ولا يبقى في دائرته ، بل يتعدى معه الأمر إلى نقد الثوابت كما في طروحة رجاء بن سلامة بهذا العنوان ، لذا هما ليس في قالب واحد بل يمكن القول انهما قالبان مستقلان . ولمزيد بيان للوقوف على هذا اسمح لي ان اذكر نقد طرابيشي لكل من حسن حنفي والجابري للوقوف على ابعاد مشروعهما ... و محمد حمزة في " اسلام المجددين " خاصة الفصلين الاول والثاني حتى ص 60 وتلك الأطروحات التي أشار إليه في متنه .
......

أشكرك كثيرًا على إحالتك على قراءة الغزالي في دراسة أحميدة النيفر ، لثاني مرة أنصح بها ، لكني لم أتمكن بعد من الحصول عليها ، ربما سألت مجددا حتى أحصل عليها ، فما تذكره يحفز على قراءتها ..
وتقبّل فائق الاحترام
01-28-2008, 02:03 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
العاقل غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 753
الانضمام: Jun 2002
مشاركة: #9
حول مرجعية "السلف الصالح"
http://www.biblioislam.net/Elibrary/Arabic...D=2&ID=2856

عزيزي يجعله عامر،

على هذا الرابط ستجد الدراسة المذكورة، هناك بعض الاخطاء الطباعية، لكنها لا تؤثر كثيرا على المضمون. كما ان الموقع يتطلب منك فقط أن تسجل عضويتك فيه.

وسأعود لاحقا للتعقيب على ما تفضلت به

دمت بخير
01-28-2008, 02:45 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
ابن سوريا غير متصل
يا حيف .. أخ ويا حيف
*****

المشاركات: 8,151
الانضمام: Dec 2001
مشاركة: #10
حول مرجعية "السلف الصالح"
العزيز العاقل؛
موضوع رائع جداً، وألف شكر على هذا الجهد الكبير.
واسمح لي بهذا التصحيح، قلت بمعرض ردك على العلماني:

Array
هذه العقبات نجد أن هناك ثلاث تيارات أساسية تطرح طرحا جديدا مغايرا في سبيل التخلص منها، وهي التالية:
1- مسيحيي المشرق (أو مسيحيي لبنان)، كعزمي بشارة وجورج قرم وسليم الحص الذين أنشأوا المنظمة العربية لمكافحة الفساد** http://www.arabanticorruption.org/
[/quote]

عزمي بشارة فلسطيني مسيحي، وسليم الحص ليس مسيحياً بل مسلماً سنياً كان رئيس وزراء سابق للبنان، لذا أستغرب مقولتك عن إنشاء مسيحيي لبنان لهذه المنظمة والتي يترأسها سليم الحص.

(f)
01-29-2008, 02:25 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  "هي دي مصر ياعبلة " طيف 8 3,221 03-06-2011, 09:37 PM
آخر رد: طيف
  ماهو مضمون مفهوم " الحضارة"؟ طريف سردست 15 8,764 06-30-2009, 03:51 AM
آخر رد: tornado
  ومازالت مصر بالمقدمة : أوباما يختار "عالماً مصرياً بارزاً" ضمن مجلسه الاستشاري ابن نجد 63 16,514 05-13-2009, 08:21 PM
آخر رد: السلام الروحي
  اهتمام أمريكي بتعيين "أوباما السعودي" إماماً للحرم المكي ابن نجد 13 4,787 05-05-2009, 05:54 PM
آخر رد: السلام الروحي
  الهبة "المهببة" Awarfie 9 2,982 05-04-2009, 12:13 PM
آخر رد: أبو خليل

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS