منقول من مدونة العدالة للجميع
من " تدين ايهامي" ل" وطنية عنترية" يا قلبي لا تحزن
نجح .... لأ فشل .... لأ نجح نجاح جزئي .... نجح بنسبة 40 بالماية او يمكن 30 بالماية .... مؤامرة من أمريكا.... لأ ده الشعب أثبت أنه لسة فيه الروح .... انت خائن ما شاركتش ليه .... انت وطني وانسان نزيه عشان شاركت .... الحكومة نشرت إشاعة قبلها بكام يوم ان الاضراب ده بتاعها هي .... الناس خافت اصلا فمنزلتشي بسبب البروباجندا الاعلامية اللي أوحت ان مصر حتكون ساحة للوغي .... الناس شاركت والشوارع فضيت وبص الصور اللي لقطناها.... الجو كان زفت وناس كثيرة خدت اجازة اصلا.... الشوارع ما كنتشي فاضية ولا حاجة وطول اليوم انا كنت في الشارع ومحدش حس بحاجة.... الاضراب ده فكرتي .... لا فكرتي انا .... لا فكرتهم هما.... الدستور عاملة ندوة ومصر اليوم وجايبة المناضلين وعاملة انترفيوهات وكلام كبير بيتقال.... كلاشيهات وشوية دندنات وحبة وطنية واغاني من بتوع الشيخ امام.... الاخوان خونة .... لأ الاخوان عارفين هما بيعلموا ايه وعارفين ان ده لعب عيال وبيجي علي راسهم في الآخر.... الحكومة بنت كلب ولازم تتشال.... البديل زفت واطران ....بتاع ست مجموعات اتكونت عشان تدعو لاحتجاج 4 مايو وتفرق عليهم العدد الكلي.... مين ماسك ايه ؟ .... هو الفيس بوك ده يعني ايه؟ .... أزمة الاسعار دي عالمية .... لأ بس عندنا اكثر بسبب النصب .... اضراب يوم واحد ده كلام فاضي .... لا ده بروفة بس لليوم الموعود...الخ
اللخبطة دي كلها وان كانت تبدو حوارا مجتمعيا نخبويا علي صفحات النت بالذات وعلي مواقع المدونين وفي اكونتات الفيس بوكيين الا انها في الحقيقة تعبيرا عن حالة فوضى عارمة سببها الرئيسي التلقائية وسهولة استخدام هذا السوفت وير الاجتماعي المسمي بالفيس بوك وهو ما قد يسبب في حالتنا هذه الي عبث اكثر منه شئ يأتي بنتيجة
خاصة وأن القلوب ليست صافية فالاطراف تهاجم بعضها الآن بالخيانة او بالاستهتار.... واصبح شخص ما قادر علي ان يخلق صفحة علي الفيس بوك ليدعو الي اسقاط حكومة ثم يذهب الي جماعة مؤسسة قديمة او حزب عتيق له كوادره ليطالبه باتباع " الثورة " ثم يأبي هذا الحزب او هذه الجماعة بالطبع لاسباب كثيرة ومنها أن الامر لا تحله تشبيكات الانترنت مهما حاولنا وتمنينا
توازنات الدولة والتي يصر الكل تقريبا علي تجاهلها وهي التوازنات التي تجعل مصر ما هي عليه الآن بل وهي التوازنات التي سمحت أساسا بشئ من الحرية ومنح المواطنين نوع من القدرة علي التمرد مستخدمين الانترنت كأداة لرفع الصوت واحداث بعض الجلبة وربما شئ من التأثير الضعيف هنا او هناك
هي نفسها التوازنات التي لا يعرف أحد حتى الان كيفية التعامل معها
من الواضح الجلي أن ما يسمي بثورة عارمة هو سيناريو ميئوس منه في مصر
وكذلك بفرض ان مليون شخص نزلوا الي الشوارع فلن يسقطوا المؤسسة العسكرية الراسخة ولقد حدث من قبل ايام السادات في ثورة الخبز ولم تسقط حكومة السادات. بمعني ان تغيير حكومة بهذا الشكل - من وجهة نظري - هو من المستحيلات
وبما أن حسني مبارك شبع سبا وشتما في كل مكان ابتداءا من صفحات النت وانتهاء بالتلفاز والفضائيات ومرورا بالجرائد الورقية فإن شتم مبارك لم يغير شيئا خاصة و " لا للتوريث " لم تصنع شيئا تقريبا
في الحقيقة أنا لست أسفه من أي عمل يهدف إلي التغيير وبالتالي انا لست هنا بصدد التقليل من شأن من شارك في ما يسميه اصحابه " بالاضراب" ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة
من تعامل مع موازين القوي الحقيقية في مصر؟
كيف يمكن تحييد هذه القوي
او استئناسها
او حتي التفاوض معها وفتح حوار ربما يأتي بنتيجة افضل؟
المسألة أن الصياح لن ينتهي الا بصياح وحتي لو قامت الحكومة بخفض بعض الاسعار وهو بالفعل يحدث حتي قبل سلسلة الاضرابات باعتبار انه تاثير مباشر لاضراب هنا او هناك فإن الأمر لم يتغير ولن يتغير بهذه الطريقة
عندما نزلت يوم السادس من ابريل للعمل وكان لدي موعدا طارئا في مكان لاستلم منه شيئا لعملي لم اشعر بشئ حتي وصلت لميدان التحرير ووجدت جيوش الامن المركزي وهناك اوقفني مخبر يقول " بطاقتك يا كابتن " وهو بالطبع قام بهذا مع طوب الارض اللي عدوا في هذا المكان ذلك اليوم
الصورة التي رايت بها تحليل التاثير وكأنه معجزة من السماء والشعب يستيقظ وهيا نكمل المسيرة شعرت أنها وهم وأن هناك رعب حقيقي من الناس أصلا وخاصة أن كثير من الناس لم يذهب للعمل فقط تفاديا للمشاكل في الشوراع والاعتقالات والهياج الذي اوحت به بعض وسائل الاعلام انه حادث لا محالة
بل صدمت عندما تابعت الحوارات والشاتات التي وجدتها علي مواقع بعض المدونين وعلي صفحات الفيس بوك التي بلغ عددها الان ربما عشرة تتحدث في نفس الموضوع ووجدت التخوين والاتهام في الضمائر والعمالة وفلان بقي رمز وفلانة بقت بطلة وعدنا مرة أخري الي نفس الهم"القومي الاشتراكي الاسلامي التقدمي الوحدوي المهلبي الوطني الزعبلاوي الانبطاحي" واللغة المنقرضة إياها الذي يتحدث به نفس الذين ننتقدهم
صديق لي لم يذهب الي العمل وحبس اولاده الثلاثة في البيت ومنعهم من الذهاب للمدرسة ليس حبا في مصر ولا اتباعا لتعليمات نضالية من موقع فيس بوكي بل خشية الاعتقالات والامن والفوضي في الشوارع ، وأنا أزعم أن اناس كثيرين فعلوا ذات الفعل بسبب ذلك ايضا وهو ما يعد مؤشرا سلبيا وتكريس أكثر للخوف وليس العكس
الانترنت حلوة وسهلة وصدقوني لقد اغرتي وغوتني اكثر من مرة ولكن بعد اكثر من تجربة كان لابد ان افهم موازين القوي والبدء في التفكير في اسلوب حقيقي وواقعي للتغيير بدءا من تغيير الانسان المصري ذاته من شبه انسان الي انسان
القوى التي أتحدث عنها بما فيها مش شخصيات نزيهة أوشخصيات فاسدة هي قوي حقيقية لها جنود ومعدات وعتاد واموال ومؤسسات وبنية تحتية وشبكات وتشبيكات واولويات ومقدرات ومصادر ، وعلي راغبي التغيير فهم هذه المعادلات بحق وعدم تطبيق نظريات تغييرية مستوردة هكذا بدون فهم لواقع مصر الذي هو بحق غريب ومختلف وله اصول تاريخية وتعقيدات اجتماعية وانفراد جغرافي وطبائع انسانية وسكانية وطبيعة تدينية فريدة
الحوار الذي يجب ان يبدأ الآن للراغبين في فعل شئ حقيقي يأتي بنتيجة يجب ان يكون حوارا مبنيا علي فهم توازنات القوي والتي بالمناسبة – وعلي حسب ما اعتقد – هي التي سمحت بحدوث انفلاتة الفيس بوك وهي التي لا زالت تسمح ببروجاندا جرائد الضد – اي ضد الحكومة – سواء الحزبية التقليدية او " المستقلة " لغة وخطابا وربما غير مستقلة تمويلا ولكنها تخدم سياق عام مطلوب الان
لمن لا يعلم ، تستطيع الحكومة اغلاق الجرائد الورقية فورا وحجب كثير من المواقع ولكنها لا تفعل لاسباب كثيرة منها ان القوي التي تحكم مصر في حالة حركة ضد بعضها او مع بعضها حسب الملفات وكل ملف يتم التفاوض عليه بين هذه القوي بينما نحن نتفرج جميعا علي النتاج وهو الذي اصبح يسمح بمساحة من الحرية يسمونها " حرية ما بين الشقوق " وهي المساحات الفارغة التي تنجم عن صدع بين قوتين كبيريتين فتململ الطبقات التي بينها تاركة فراغات تسمح بمثل هذه الحرية والتي اعتبرها حتي الان شكلية وغير حقيقية ، فهي حرية صوتية وستظل هكذا لفترة طويلة جدا لو استمر الذين يرغبون في التغيير في انتهاج اشكال تغييرية ذات طبيعة تحريضية وفقط
وفي الحقيقة وهذا ما لا شك فيه ، طريقة تفكيري تغيرت – وسائليا – بسبب الواقع الذي اراه الان بأم عيني وهذا ليس خطئا من وجهة نظري بل هو مطلوب ، ولا اعتبره تنازلا بل اعتبره فهما
لازلت عند قولي ان الحقوق لا فصال فيها والعدالة قائمة من قوائم الدين وعامود من عواميد الاتزان الاجتماعي ، وهو ما لا يمكن النقاش فيه فهو من المسلمات
والفرق هو كيفية التعامل مع المتغيرات وقوي التوازن بطريقة تجلب نتيجة ، نتيجة تحسن الواقع وتبني انسان مصر اكثر انسانية يحافظ علي مكتسباته عندما يحصل عليها ولا يتحول مرة اخري الي وحش يفترس القوي فيهم الضعيف مرة اخري عندما تتاح لهم الفرصة
قد اضع يافطة سوداء علي بلكونة بيتنا او قد لا اضع ...فهناك قدر كبير من البنية التحتية المختلة التي لا يصلح معها فقط الشو الاعلامي وفقط
فهذا لن يخلق شئ جديد من وجهة نظري وقد اكون مخطئا
هذا البوست هو لطرح السؤال بشكل اخر وتحويل الاجابات الي طرق اخري غير مطروقة قد نسيناها بسبب "عبارات جيفارا" و " كلمات غاندي" و " خطب مارتن لوثر كنج " و " كاريزما مالكولم اكس " والتي وان كانت تراثا يجب ان نبحث فيه ونتعلم منه الا انه لابد و الا يجعلنا مبرمجين في ترسانة " التغيير" مثل الروبوتات ويتحول التغيير الي تي شيرتات وستيكرات وتصايح وغير هذا
المسألة التي لا يلتفت لها الكثيرون ان العالم عام 2000 ليس كعام 2008 فما بالكم ب 1990 او 1960
دولة مثل الامارات لا ديموقراطية فيها ولا شئ ونظامها أميري اصبحت من دول العالم الاولي في كثير من المجالات او علي الاقل المتنافسة مع دول اخري متقدمة في تلك المجالات ولكن كثير من الناس سعداء
شئ اخر ، لا تحولوا حملاتكم الي هجوم علي مبارك فهو لا يحل ولا يربط في الغالب الان ، وياريت يكون من يريد ان يصنع شئ يركز علي موضوع ولا يشخصن حملته هذه مرة اخري ويتحدث باسلوب " متقدرشي" وهو يتعنتر من وراء الكي بورد
كيف نحقق تغييرا حقيقيا؟
مش عشان نشيل نظام حكم او نحط جديد
عشان يبقي الانسان المصري انسان بجد ؟
لا مانع من استخدام وسائل سياسية وشئ من الضغط الجماعي من حين لاخر في قضايا محددة بعينها وبدون تعميم لا فائدة منه
نعمل ايه عشان تصبح مصر بلد المصري فيه مش نصاب وملتوي وقادر علي اتقان عمله وله حقوق دنيا بسيطة علي الاقل ؟
بعيدا عن استخدام الدين كأفيون مخدر أو الشعارات التقدمية مثل برمجة الروبوتات او الوطنية عبارات استهلاك محلي وذريعة تكفير هي الاخري
حتي لا نصبح بين شقي رحا " التدين الافيوني او الايهامي " وبين " الوطنية العنترية والزعامية " ...نعمل ايه ؟
جاوبوا معايا