{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
نائب الرئيس السوري السيد عبدالحليم خدام :الحريري صديقي... وسيبقى حتى مماتي
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #1
نائب الرئيس السوري السيد عبدالحليم خدام :الحريري صديقي... وسيبقى حتى مماتي
خدام: الحريري صديقي... وسيبقى حتى مماتي
دمشق - ابراهيم حميدي الحياة 2005/02/15

قال نائب الرئيس السوري السيد عبدالحليم خدام ان «الصديق والرجل الوطني» رفيق الحريري «سيبقى صديقي حتى مماتي»، معتبرا ان استهدافه «اغتيال للسلم الاهلي في لبنان».

وكان خدام تلقى بـ«ذهول مفجع وحزن شديد» نبأ اغتيال الحريري الذي يعرفه منذ 25 عاماً، خلال اجتماع للقيادة القطرية لـ«حزب البعث» الحاكم في سورية. وقال نائب الرئيس لـ«الحياة» في منزله: «عرفته (الحريري) وطنياً لبنانياً كافح من أجل تحقيق السلم الأهلي في لبنان. وكان له دور كبير في تحقيق اتفاق الطائف. كان له دور في تحقيق السلم. فاغتيل لاغتيال السلم في لبنان. عرفته وطنياً لبنانياً يحب بلده ويحب الناس وعرفته سورية مخلصاً. كان مخلصاً لبلاده في كل مل يتعلق بها، وكان مخلصا لسورية بكل ما يتعلق بها. كان له دور كبير بانتقال بلده من مرحلة الحرب إلى مرحلة السلم. وعرفته عربياً مؤمناً مخلصاً لأمته».

وسئل خدام عن المسؤول عن الاغتيال، فأجاب: «الرجل هذه مواصفاته: وطني وصادق، يحب الناس، والناس يحبونه. رجل يسعى الى تعزيز السلم الاهلي في لبنان. رجل عمل بكل ما يستطيع لخدمة القضية الفلسطينية ولخدمة سورية. فتم اغتياله لاغتيال كل القيم التي كان يتميز بها ابو بهاء... استهدف بسبب دوره السياسي الواضح لتعزيز السلم الاهلي في بلده».

وعن الجهات الخارجية المسؤولة عن اغتيال الحريري، قال نائب الرئيس السوري: «جميع أعداء لبنان وأعداء العرب لهم مصلحة في اغتيال السلم في لبنان. وبالتالي اغتيال الشهيد رفيق الحريري».

[SIZE=5]وقال خدام ان المرة الاخيرة التي التقى فيها الحريري قبل عشرة ايام عندما كان (خدام) يجري فحوصات طبية في مستشفى الجامعة الاميركية في بيروت، وتناول طعام الغداء في دارته. وزاد: «كان الرجل في غاية الانشراح. بيني وبين رفيق الحريري صداقة عمرها ربع قرن. عملنا معاً من أجل وقف الحرب في لبنان. وعملنا معا من أجل تعزيز السلم الاهلي في لبنان. هذا الامر أدى الى نشوء أخوة وصداقة، وما عرفته في رفيق الحريري من أخلاق ومن وطنية ومن حب للبنان وحب لسورية وحب لأمته».

وسئل خدام عن سر العلاقة المتواصلة مع الحريري بعدما ترك رئاسة الحكومة، فأجاب: «لو بقي (الحريري) خارج الحكم 100 سنة ستبقى هذه الصداقة. انا لا أتعامل مع الناس على أساس المواقع التي يتبؤونها. المواقع زائلة لكن القيم والشيم والشهامة هي الباقية. الرجل فيه كل هذه المواصفات. وأحبه من قلبي وكان يحبني من قلبه. وسيبقى الحريري بعد مماته صديقا حتى مماتي، لأنني ما عرفت فيه يندر أن أعرفه في السياسيين في لبنان وخارج لبنان». وهل يوافق على الاعتقاد بأن اغتيال الحريري يفتح صفحة جديدة في الشرق الاوسط، قال خدام: «لا شك، الاغتيال شكل هزة كبيرة في لبنان والعالم. الرجل لم يكن شخصاً عادياً في الحياة السياسية في المنطقة. المهم أن يستطيع اللبنانيون الحفاظ على وحدتهم الوطنية وأن يحموا لبنان وأن يتمسكوا بالسلم الأهلي لانه الأغلى للبنانيين والسوريين والعرب ولجميع من يحب لبنان».

02-15-2005, 02:01 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #2
نائب الرئيس السوري السيد عبدالحليم خدام :الحريري صديقي... وسيبقى حتى مماتي
عيون وآذان (بقي الحريري ولكن زيته خلص)
جهاد الخازن الحياة 2005/02/15

اغتيال رفيق الحريري كارثة على لبنان ومستقبله، وعلى أسرة رئيس الوزراء السابق.

لا أجد كلمات من مستوى الفاجعة، ولن أدخل في متاهة لا أعرف كيف أخرج منها، وأنا أبحث عن الجهة التي تقف وراء الانفجار، فانا أكتب والنار لا تزال تضطرم في سيارات الموكب المستهدف، وستكون هناك معلومات، فالجريمة من حجم يستحيل معه التعتيم على المجرمين.

عندما تُعرف الجهة التي دبّرت ونفّذت ستدفع ثمناً ربما يتجاوز موت انسان واحد بسبب البعد الدولي للموضوع. واذا حدث هذا يكون رفيق الحريري خدم لبنان في مماته، كما خدمه في حياته، وربما كانت الخدمة الأخيرة أكبر.

مرة ثانية، لن أشير بأصبعي في أي اتجاه، وانما أتحدث عن الصديق الذي عرفت على امتداد أكثر من ربع قرن وفقدت فجأة.

أول مرة رأيت رفيق الحريري كانت في بداية الثمانينات في الرياض، وآخر مرة في بيته في بيروت عشية رأس السنة، وبين العاصمتين رأيته في واشنطن ونيويورك وباريس والقاهرة وغيرها.

كنتُ بعد دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك وصلت الى باريس في أوائل تشرين الاول (أكتوبر) الماضي، واتصلت بالزميلة رندة تقي الدين على هاتفها المحمول، وهي كانت مع رفيق الحريري في بيته الجميل المطل على برج ايفل، فأخذ الهاتف منها ليسألني عما سمعت في نيويورك.

قلت له انني لا أحب الحديث على الهاتف، وسأراه في بيروت قبل نهاية السنة، فضحك وقال ان الهاتف غير مراقب في فرنسا، الا انني حدثته قليلاً واتفقنا على ان نلتقي في بيروت.

وجدت ان موعدي مع الرئيس الحريري هو في فقرا حيث كان مع أسرته، والرحلة من بيروت تعني ساعتين في كل اتجاه، وزحام سير وثلج. وكنتُ أفكر في ان أعتذر، فليس هناك شيء مهم أتناوله معه، وانما هي جلسة اجتماعية وتبادل افكار. غير انني قبل ان أعتذر تلقيت اتصالاً يقول ان رئيس الوزراء السابق سيستقبلني في بيته في بيروت.

كانت علاقتي معه دائماً ودية ومريحة، وقلت له انه كفاني مؤونة الذهاب الى فقرا، فقال انه يخرج هناك لتوديع الضيوف، وأحياناً ينسى فيخرج وصدره مكشوف للطقس، فكان ان اصيب ببداية زكام وسعال، وقرر النزول الى بيروت.

كنتُ في هذه الزاوية أشرت الى تلك الجلسة من دون ان أسمي رفيق الحريري باسمه، فقد كتبت عن رئيسي وزارة رأيتهما، وعن حديثي معهما عن ايران.

توقعت ضربة أميركية أو اسرائيلية للمنشآت النووية في ايران، وهو قال ان الأميركيين لا يستطيعون إخماد ثورة الأقلية السنّية في العراق، واذا ضربوا ايران فستقوم عليهم ايران وكل شيعة العالم، وأميركا لا تستطيع تحمّل عداء الشيعة مع السنّة.

المفارقة انني عادة ما كنتُ التقي مع رفيق الحريري في التفكير السياسي، الا انني في هذه الجلسة الاخيرة بيننا اختلفت معه، وقلت له ان المحافظين الجدد الذين خطفوا السياسة الخارجية الأميركية سيحققون هدفاً أكبر من ضرب ايران اذا أوقعوا بين الولايات المتحدة ودول المنطقة كلها فلا يبقى لها حليف أو صديق سوى اسرائيل. وقلت انه اذا لم يستطع المحافظون الجدد حمل الادارة على ضرب ايران، فستضربها اسرائيل، وانتهت جلسة دامت ساعة وكل منا يقول للآخر انه سيذكره عندما يثبت صواب رأيه.

الرئيس رفيق الحريري رحل ولن أذكره بشيء، وإنما أتذكر جلسات معه في هذا البلد او ذاك، بما فيها أحاديث الأمم المتحدة حيث قد تتّسع الجلسة لتضم رؤساء حكومة أو وزراء، وقد تضيق لتقتصر على اثنين أو ثلاثة اشخاص.

كان ينزل في برج فندق والدورف استوريا، وكنتُ أنزل في الفندق، وأتصل بي ذات مساء وطلب مني ان أذهب اليه في جناحه. وقلت له انني اعتقدت انه وقرينته السيدة نازك ذهبا لحضور مسرحية ديزني “الأسد الملك”، [SIZE=5]وقال انهما ذهبا ووجدا بنيامين نتانياهو يهم بالدخول فعادا الى الفندق. وهو ذهب بعد ذلك الى مطعم شبريانو المشهور، أمام سنترال بارك. ورأيته في اليوم التالي واكتشفت انه ذهب الى المطعم نحو العاشرة والنصف مساء ووجد نتانياهو فيه وقفل عائداً. وقالت السيدة نازك ما ترجمته الى الفصحى ان نتانياهو ثقيل دم وأفسد عليها وزوجها أمسيتهما معاً.

رحم الله رفيق الحريري، لا يستحق هذه الميتة، والانسان يتفق معه ويختلف، الا انه لا ينكر أحد انه كان فاعل خير من طراز نادر. وأعرف شخصياً كثيرين تعلموا على حسابه، وكان بينهم زميل اكتشفت ان رفيق الحريري لا يعرفه، وعندما قدمته اليه قامت بينهما علاقة عمل وتعاون مستمرة. وكنتُ أسمع من معارضيه انه ينفق ماله لأغراض سياسية، وحتى لو قبلنا هذا الرأي، فانه لا ينفي ان ألوفاً من الناس العاديين استفادوا من سخائه، عندما سدت في وجوههم الأبواب الأخرى.

كانت آخر نصيحة وجهتها للرئيس الحريري، وأنا أودعه في آخر لقاء بيننا ان يخوض الانتخابات النيابية المقبلة وهو في المعارضة، وذكرته بأنه في المعارضة اكتسح البرلمان، وعندما كان رئيساً للوزراء خسر صيدا. وهو حاول ان يشرح لي اسباب خسارة الانتخابات البلدية، وقلت له انني لن أعارضه اذا قبل ان يبقى في المعارضة.

هو بقي ولكن زيته خلص.
02-15-2005, 02:14 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #3
نائب الرئيس السوري السيد عبدالحليم خدام :الحريري صديقي... وسيبقى حتى مماتي
عماد مرمل:ودّع حفيدتيه بقبلة: ضميري مرتاح

السفير اللبنانية GMT 3:15:00 2005 الثلائاء 15 فبراير
عماد مرمل : لم يكن ليخطر على بالي حين التقيت بالرئيس رفيق الحريري بعد ظهر أمس الاول في دارته في قريطم بأن اللقاء سيكون الأخير، وبأن الكلام السياسي الذي أدلى به خلاله سيكون أقرب الى <<الوصية>> منه الى حديث صحافي.
استقبلني الحريري بحضور النائب محسن دلول الذي كان شاهدا على الحوار، وأحيانا شريكا فيه. بدا رئيس الحكومة السابق في تلك الجلسة منشرحا ومرتاحا، خلافا لما يمكن افتراضه في ظل <<الضغوط>> التي يشكو منها، ولم يبدر منه لأي لحظة ما يوحي بأنه قلق على حياته. كان يرتدي ثيابا غير رسمية ويجلس في مقعده الأنيق في مكتبه حيث يستقبل عادة زواره، وهو في مثل هذه اللقاءات البعيدة عن الأضواء غالبا ما يميل الى التخفف من <<إتيكيت>> البروتوكول، مفضلاً انتهاز الفرصة لإطلاق سراح سجيته.
كانت الانتخابات مادة النقاش الاساسية، برغم الصخب الطارئ الذي أثارته قضية الزيت. ظهر الحريري واثقا من تحقيق فوز كبير في بيروت، ولم يتردد في القول وقد علت وجهه ابتسامة عريضة: إذا كنتم لا تصدقونني، ما عليكم سوى أن تنتظروا 63 يوما لتتأكدوا من صحة كلامي او عكسه. وكما هو شأنه في الكثير من المسائل، بدت التفاصيل التقنية والحسابية المتعلقة بالعاصمة كالعجين في يده، وقد حفظها عن ظهر قلب.
وحده السؤال عن خياراته في هذه المرحلة، <<عكّر>> مزاج الحريري في تلك الجلسة، وهو الذي يزعجه التشكيك من حين الى آخر في ثبات مواقفه القومية. أجاب بابتسامة مرّة ردا على السؤال: ما رأيك... أنا مع أميركا وإسرائيل؟ ثم أردف قائلا: المهم ان ضميري مرتاح.
ولدى كلامه عن مبادرته الى شراء كميات من الزيت للتخفيف عن المزارعين والمحتاجين على حد سواء، بعدما توقفت الدولة عن الشراء، قيل له: أنت تتصرف كأنك دولة قائمة بحد ذاتها... ضحك الحريري وقال: أليس لقبي <<دولة الرئيس>>؟ فجاءه الرد: وربما كنت تفضل <<رئيس الدولة>>. أجاب: لا شأن لي برئيس الدولة.
وبينما كان الحريري مستغرقا في شرح وجهات نظره من المسائل السياسية المطروحة، دخلت عليه فجأة حفيدتاه الصغيرتان اللتان سارعتا الى التحلق حوله، فما كان منه إلا ان داعبهما وزرع قبلاته على خدّ كل منهما، وكأنه كان وداع ما قبل الرحيل. نظر الحريري الى الحفيدتين وسألهما ممازحا: <<جدو أبو نزار... ما بدكم تسلموا عليه>>. في تلك اللحظات ظهر الحريري الانسان منسابا بكل ملامحه وعواطفه بعيدا عن <<كادر>> الرجل السياسي الذي كان يطل من خلاله على اللبنانيين، مغلّبا جانبا واحدا من شخصيته على الجوانب الاخرى التي تتحين الفرصة لتأخذ مداها في الغرف المغلقة.
وبعد قليل وصل بهاء، ابن الحريري، فقبّل يد والده ثم أخذ مكانه الى جانب النائب دلول وشارك في النقاش.
بعد قرابة ساعة، انفض اللقاء. نهض الحريري من مكانه ورافقنا الى المصعد، ولكنه توقف مجدداً في <<الطريق>> ليضع بعض النقاط على حروف الحوار، قبل ان يتجه ودلول الى غرفة أخرى لتناول طعام الغداء. استدار رفيق الحريري ومضى... الى حتفه الذي كان ينتظره في اليوم التالي.
02-15-2005, 03:05 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #4
نائب الرئيس السوري السيد عبدالحليم خدام :الحريري صديقي... وسيبقى حتى مماتي
[صورة: T_1fb6fe75-c40c-452a-84b3-43a67acb609a.gif]



:brock:
02-15-2005, 11:55 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #5
نائب الرئيس السوري السيد عبدالحليم خدام :الحريري صديقي... وسيبقى حتى مماتي
رفيق درب الحريري «في الحلوة والمرة» يحيى العرب سيدفن إلى جانبه بجامع الأمين في مراسم جنازة واحدة

بيروت: سناء الجاك
«وحدة المسار والمصير» كانت عنواناً فعلياً لعلاقة الراحلين الرئيس رفيق الحريري ورفيق دربه يحيى العرب، او ابو طارق كما يعرفه الجميع.
فالانفجار الآثم قضى عليهما معاً، كانا جنباً الى جنب في سيارة واحدة، وفي بقية سيارات الموكب كان المرافقون الآخرون الذين شاركوهما درب الموت وهم: طلال ناصر واياد طراف وعمر المصري ومحمد سعد الدين درويش ومحمد رياض غلاييني.
«الشرق الأوسط» زارت منزل ابي طارق في منطقة الرملة البيضاء قرب السفارة المصرية، غرب بيروت. تعرفت الى ام طارق وطارق ووائل وعليا، والاحفاد الاربعة الذين يسألون عن «جدو» لا سيما ياسمين ابنة طارق. كانت تريد ان تعطي جدها حبة الدواء ونظارتيه والصحيفة ليقرأ. اما اولاد عليا فكانوا يريدون ان يصطحبهم كالعادة «ليفسدهم» بالهدايا والالعاب والمحبة المتدفقة كالسيل.
كذلك تعرفت «الشرق الأوسط» الى حميمية العلاقة التي جمعت الراحلين، اثر دخول سعد الدين رفيق الحريري الى المنزل ليواسي «ست البيت» بمصابها الاليم ويطلب اليها ان توافق على مراسم جنازة واحدة لرفيقي الدرب في جامع الامين، على ان يدفنا معاً، كما كانا معاً. وفوراً ألغيت ترتيبات دفنه في مقبرة الشهداء. قال سعد الدين لها: «من منا سيعزي الآخر؟". فردت: «راحوا الابطال يا ضيعانهم». اختنق سعد الدين الحريري بدموعه. اخفى وجهه وادار ظهره للجميع الذين لم تكن حالهم افضل على رغم وصية كان يرددها ابو طارق، ربما ليحضّر عائلته لما كان يتوقعه. كان يقول لهم: «اجمدوا وتوكلوا». «الراحلان كانا على الوعد. استشهدا معاً» قال طارق نجل يحيى العرب لـ«الشرق الأوسط» وهو يغالب دموعه في غرفة جانبية في منزل ابي طارق. واضاف: «كان والدي يقول لنا: «اتفقت مع الرئيس الحريري اننا لن ننفصل الا اذا مات قبلي او مت قبله. والارجح اننا سنموت معاً. الخيار الثالث اصاب. وكنا نعرف ان والدي لن يموت في فراشه. لكن علينا ان نجمد ونتوكل على الله. هكذا كان يطلب الينا في حياته، وهكذا سنفعل كرمى له وللرئيس».
كيف تلقى طارق يحيى العرب خبر الانفجار؟ قال: «سمعت الانفجار. لم يرن هاتفي عندئذ عرفت انه هو. عادة عندما يحصل اي خلل أمني او يقع خطر، كان والدي يتصل بي ليطمئن علي. وكنت اعرف فاذهب فوراً الى قصر قريطم (دارة الرئيس الحريري) او الى اوجيه لبنان (الشركة التي يملكها). لم يرن الهاتف، فخرجت ولحقت بالدخان ووصلت وعرفت ان الاثنين استشهدا. ألم اخبِرك بالامس ان مقتل والدي يعني مقتل الحريري؟». اما كيف تلقت ام طارق خبر الفاجعة، قالت لـ«الشرق الأوسط»: «الخسارة خسارتان. خسرت زوجي وخسرت الرئيس.الاثنان لا يسهل تعويضهما. نحتاج سنوات طويلة قبل ان يأتينا امثالهما».
تقاطعها ابنتها عليا بقولها: «والدي كان يقول انه طالما النساء تنجب طالما الابطال يولدون». وتضيف ام طارق: «كنت دائماً اشعر بالرعب. اخاف عليه ولكنه كان يشجعني ويدفعني الى التسلح بالايمان. قبل اسبوع انتابني شعور حاد بالاكتئاب. سألني عن السبب. للمرة الاولى اخفيت الامر، واكدت له انني بخير. لم ارد ان اشغل باله، لكن عدم ابتعاد زوجي عن الحريري اثار قلقي. كأنهما شعرا بخطر من دون ان يفهما حقيقة شعورهما».
تدخل عليا على الخط وتقول: «الجبناء لم يستطيعوا مواجهتهما الا بالاغتيال. ما هكذا يتقاتل الرجال». وتضيف: «لم اشاهده في الامس. كان قد وعدني ان يأخذنا لنتعشى خارجاً. لا اعرف كيف سأخبر اولادي. ماذا اقول لاحفاده؟».
عن لقاء الراحلين يقول طارق: «تعرف والدي الى الرئيس (الحريري) عام 1982. حينها كان يعمل في بلدية بيروت. تعاون معه الوزير السابق، رئيس مجلس الانماء والاعمار الحالي الفضل شلق، لازالة الركام من بيروت بتكليف من الحريري. بدأ يعمل ليل نهار، لان بيروت كانت حبيبته. وحدث في احد الايام ان كلفه شلق احضار تسعة ملايين ليرة لبنانية من احد المصارف. امين الصندوق اخطأ في الحساب، اعطاه عشرة ملايين. جن جنون والدي وقال لشلق: يجب ان اعيد المبلغ فوراً الى الرجل. لا استطيع ان انتظر الى الغد. قد يتضرر واخرب له بيته (المليون آنذاك كان يساوي حوالي 200 الف دولار على سعر صرف الليرة اللبنانية) لم ينتبه والدي خلال حديثه الى رجل كان يراقب ما يجري. سأل الرجل الفضل شلق: من هذا؟ اجابه: انه البولدوزر الذي اخبرتك عنه. فقال الرجل: لم يعد يعمل معك. بعد الآن سيعمل معي».
الرجل كان رفيق الحريري الذي اصبح الاب الثاني لعائلة ابي طارق. «كان الرئيس يتابع تفاصيلنا اليومية. كان يريد ان يريح ابي ليستطيع التفرغ له ولهمومه. عندما مرض اخي، احضر له الدواء من الخارج بطائرته الخاصة. وعندما نويت ان اتزوج، اشترط علي مقابلة العروس والتعرف اليها حتى يوافق على الزواج. مصابنا كبير، لاننا كنا نعتبر ان فقدان والدي يعوضه الرئيس، وفقدان الرئيس يعوضه والدي. الآن اشعر بفراغ مخيف. لا اعرف كيف اعزي سعد الدين (نجل الحريري) او كيف يعزيني».
*هل كان ابو طارق يشعر بالخطر المتربص بالرئيس الحريري؟
ـ ليس عشية الجريمة، لكنه جمعنا قبل شهرين وقال لنا ان الايام صعبة وعلي ان الازم الرئيس بشكل مكثف. كنت معه في الايام الحلوة وسأبقى في الايام المرة. احس بالخطر، لكنه لم يكن يخاف. كذلك الرئيس لم يعرف الخوف. وغالباً ما كان يقول لنا: الرب واحد والعمر واحد.
وعن سبب تعلق يحيى العرب الى هذه الدرجة برفيق الحريري، يقول طارق: «والدي كان يعتبر الرئيس ولياً من اولياء الله ببذلة رسمية وشخصية عصرية. كان يعرف اسراره في عمل الخير ومساعدة الناس. ولم يكن يفشي اياً منها. لكن وجهه كان يعبر عن مدى رغبة الرئيس في عمل الخير، الى درجة تستحيل على الوصف. من هنا كان مستعداً ليفديه بحياته. وقد تعرضنا لاخطار كبيرة معاً، بعضها لم يصل الى وسائل الاعلام. وبعضها خلال الحرب عندما كانا ينتقلان تحت القذائف».
وابو طارق المولود في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1943، اي تاريخ استقلال لبنان، وهو اكبر من الرئيس الحريري بسنة واحدة، كان يعتبر الحريري الامل الوحيد لانقاذ البلد لذا كان قريباً من اذن الرئيس، ينقل اليه الخبر الصحيح من دون مواربة او ممالقة. وكان حريصاً على سره وموضع ثقته، يتولى مهمات خاصة ليعرف الحقيقة وينقلها. لذا عاشت اسرة ابي طارق ظروف الرئيس حتى بات صعباً فصل الروابط. ويقول طارق: «تعرضنا الى التهديد بالخطف والابتزاز عام 1987. ودفعنا فدية وقصف بيتنا لم يتغير ولاؤنا للرئيس الحريري ولن يتغير شيء بعد وفاتهما».
02-16-2005, 06:58 AM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #6
نائب الرئيس السوري السيد عبدالحليم خدام :الحريري صديقي... وسيبقى حتى مماتي
سيكون موكبه مختلفاً كل الاختلاف، هذا الصباح: سينطلق من بيته في قريطم، فعلاً، ولكنه سيكون محمولاً فوق أكف الناس، الذين أحبهم وأحبوه، فأعطوه قيادتهم بلا منة، وأعطاهم من جهده وعصارة عمره حتى الشهادة.
سيعبر شارع مدام كوري، الذي طالما عبره وهو في طريقه لتفقد حجم الإنجاز في مسيرة إعمار بيروت، العاصمة العربية التي لم تتخلّ يوماً عن هويتها ولا عن دورها القومي.. ومنه إلى شارع الرئيس الذي سبقه إلى الشهادة بأيدي الغلط السياسي القاتل، وسيعبر قريباً من دار الطائفة الدرزية المكللة بالحزن كما كل البيوت في بيروت.
قد يتوقف الموكب لحظة، عند منزل الرئيس سليم الحص، بوابة <<شارع الاستقلال>>، ليلقي عليه الرجل الذي نافسه سياسياً ولم يعاده نظرة الحزن الأخيرة، وهو يداري إحساسه بالفاجعة التي يدفع إليها لبنان نتيجة الخطأ القاتل في التقدير.
وعند تقاطع شارع مار الياس مع كركول الدروز، سيتوقف الموكب لحظات ليلقي الشهيد نظرة خاطفة على بعض إنجازاته في الحقل التربوي، فالليسيه بدلت اسمها ولكنها واصلت تخريج طلابها لينضموا إلى قوافل المتخرجين الذين لولاه لما عرفوا الجامعات ولما عادوا إلى لبنان يحملون أكثر الشهادات احتراماً في العالم، ليكونوا بين بناة الغد الذي كان يحلم به ويعمل له.
في موازاة دارة آل سلام، سيتوقف قليلاً ليستذكر محطات فاصلة كان فيها إلى جانب صائب سلام، وسيطاً عند الضرورة مع الذين زيّن لهم الخطأ قبول السلطة من العدو، لاستعادتهم، وطرفاً معيناً على مواجهة الخطأ في عينيه عند الضرورة.
عند حوض الولاية التي كانت مدرستها ذات الألق في ذاكرة بيروت، ركاماً فجدد بناءها، وأعادها إلى دورها، سيتلقى تحية الوداع من الطلاب الذين كانوا مهددين بالتشرد ثم وجدوا فيه من يفتح لهم باب التحصيل العلمي، من جديد، وبلا حدود..
عند تقاطع الطرق مع شارع البسطة، سيطلب التمهل لحظات: فلطالما مشى في هذا الشارع متظاهراً، مع الآلاف، من أجل عروبة لبنان ومن أجل نصرة الخط الوطني فيه، ومن أجل العدالة الاجتماعية... ولطالما بلغ ساحة رياض الصلح ورفع من هناك صوته ضمن أصوات الحشد مطالباً مَن في سراي الحكم بتلبية مطالب الناس.
ساحة رياض الصلح التي كانت خراباً، هُجِّر منها تمثال أحد بطلي الاستقلال، ودمرت من حولها المباني، وفيها المصارف والفنادق والإدارات والمتاجر والشركات، والتي تستضيف الآن <<بيت الأمم المتحدة>>، والتي تمّ تجديدها كأزهى ما يكون التجديد...
أما سراي الحكم فقد جعلها درة: أضاف إليها طابقاً، وجعل أثاثها أنيقاً بغير فخفخة، وزيّنها بالحكمة التي لم ينسها يوماً <<لو دامت لغيرك ما آلت إليك>>...
يكمل الموكب مسيرته إلى شارع بشارة الخوري الذي حوّلته الحرب إلى فاصل من نار بين أبناء الشعب الواحد، وحوّلت عماراته إلى خرائب يحتمي فيها لصوص المعابر وقناصة الفقراء، والذي أعاده المشروع الأسطوري لإعادة إعمار بيروت، إلى واحد من شرايين المدينة التي بعثت من خرابها فإذا قلبها وجوانبها تنبض بالحياة ليلاً نهاراً، وتعيد وصل ما انقطع بين اللبنانيين..
من هناك سينعطف الموكب نزولاً في اتجاه ساحة الشهداء، التي طال التدمير حتى التمثال المخلد لذكرى من بذلوا أرواحهم رخيصة من أجل الحرية والعروبة في الوطن المستقل.
لو قيض لهذا التمثال أن ينطق لروى بعض فصول الوضع المغلوط التي فرض على رفيق الحريري أن يعيش فيه حتى وهو يكاد يختنق: كان يراد له أن يحكم ويداه مغلولتان. كان يُراد له أن يكون في السلطة بغير أن يكون في القرار... ولقد حاول، ومارس القهر على عواطفه وتهاون أحياناً في ما لا يُقبل، حتى طفح الكيل فخرج من السلطة مرفوع الرأس وصفق الباب خلفه. ولعل حكاية التمثال مجرد مثل من الممارسات المرفوضة التي تقبّلها حتى لا تغلب التفاصيل الشخصية على جوهر القضية السياسية.
عند الزاوية الجنوبية لساحة الشهداء، ينتصب واحد من معالم بيروت التي أعاد بناءها رفيق الحريري، شاهقاً بمآذنه التي تشق عنان الفضاء، فخماً بطرازه الذي جاء كتحفة معمارية لا مثيل لها في لبنان.
كان المسجد حلماً، طال عليه الزمن حتى كاد ينساه الناس.. فالأرض غالية الثمن، ولا قدرة على بناء أثر معماري يليق بقلب بيروت، متجاوراً مع كنيسة مار جرجس.
وحده كان القادر على تحويل الحلم إلى واحد من بيوت الله، لا تنقص فخامته من جلال دوره، بل هي تضيف إلى بيروت قبساً من الإيمان بهذا البيت من بيوت الله فيها.
لن يستطيع رفيق الحريري في موكبه الأخير أن يتفقد كل ما أنجز في بيروت ومن حولها. لن يزور المطار الذي أعاد إنشاءه برسم المستقبل، ولن يجلس في مقاهي قلب بيروت، مواطناً طبيعياً، يحتسي فنجان شاي، أو يتذوق كوباً من البوظة.
لن يستطيع أن يعبر كل الطرقات والجسور التي بناها، ولن يطل على صيدا التي كبّرها وجدّد عمارتها بعد إنجاز الأوتوستراد الذي يربطها بالعاصمة.
لكن الذين يمشون في موكبه وموكب رفاقه يحيى العرب وسواه، سيتذكرون أنهم لم يشهدوا وداعاً يليق بشهداء الوطن والعروبة إلا قليلاً قليلاً... وسيروي الأبناء لأبنائهم أن بيروت قد خرجت مرة واحدة من قبل، بشيبها وشبابها، برجالها ونسائها، بكل المقيمين فيها والعابرين: لوداع بطل العروبة جمال عبد الناصر.
... وكما في وداع جمال عبد الناصر، الذي أنزلته بيروت كما الأمة جميعاً، في بؤبؤ العين، فإن هذه العاصمة التي ستبقى عربية، تتسع اليوم لأبناء الوطن الصغير، الآتين من جهاته جميعاً، وقد خرجوا من عصبياتهم وحزبياتهم وجاؤوا لوداع <<رجل لبنان الدولي>> الذي لم يغادر يوماً قوميته العربية، رفيق الحريري..
ها هم بين أحضانها جميعاً، أبناء البقاع كله وأبناء الشمال كله وأبناء الجنوب كله وأبناء الجبل كله. كلهم يجيء بلوعته وإحساسه بالفقد وخطر الضياع في فراغ ما بعد استشهاد الرجل الذي كان مالئ الدنيا وشاغل الناس.
فبيروت اتسعت دائماً للجميع، وحينما ضاق بعض صغار النفوس وأصحاب المصالح باتساعها قسموها وتوزعوها غنائم، حتى جاء السلم الأهلي مع اتفاق الطائف، واستعادت وحدتها.
هل ينسى أن طيف رفيق يظلل اتفاق الطائف، بكل سطر كُتب فيه، وبكل الأهداف التي وعد بالعمل لتحقيقها والتي اجتهد رفيق الحريري في محاولة تنفيذها حتى الرمق الأخير..
أليس هو شهيد اتفاق الطائف، أيضاً؟!
سيكون للأبناء ما يروونه غداً للأحفاد عن مشاركتهم في وداع رفيق الحريري.
  
عند الثامنة من مساء يوم الأحد الماضي، وصلت إلى بيته في قريطم، ملبياً دعوته إلى فنجان قهوة.
لم يستقبلني في مكتبه، وإنما سار بي إلى الصالة الكبيرة في الطابق الخامس، وكان فيها بعض صحبه يستمعون إلى الأخبار، فلما دخلنا أطفأوا جهاز التلفزة واستأذنوا بالخروج.
انهمكنا في تبادل بعض تفاصيل السياسة، وموضوعها الأثير هذه الأيام: الانتخابات النيابية.. ثم فجأة التفت إليّ يسألني:
صحيح.. أنت كنت في الرياض قبل أيام، وشهدت افتتاح المؤتمر الدولي حول الإرهاب، في مركز الملك عبد العزيز الدولي للمؤتمرات.. كيف وجدت القصر؟!
قلت معيداً ما كتبته: إنه تحفة معمارية، لا سيما بقاعاته الأنيقة المزخرفة بأحلى ما رأيت من مقرنصات ومنمنمات ونقوش عربية إسلامية.
قال رفيق الحريري: وهل انتبهت إلى الثريات؟!
قلت: آلمتنا أعناقنا، جميعاً، ونحن نتملى في جمالها الساحر..
اتسعت ابتسامة رفيق الحريري وهو يقول: سترى غداً في جامع محمد الأمين الثريات ذاتها..
  
ها هي الرحلة تنتهي عند جامع محمد الأمين، الذي ناضل رفيق الحريري لبنائه، فجعله تحفة معمارية نادرة في هذه المدينة التي تفتقر إلى التاريخ في عمارتها، لأنها بُنيت بمجملها خلال القرن الماضي.
ها هو رفيق الحريري يدخل الجامع ليصلي، ونور الشهادة يسبقه فيطغى على مصابيح الثريات الرائعة البريق..
أما في الخارج فإن بيروت تغرق في حزنها العميق، وتخاف هذا الفراغ المدوي الذي انفتحت هاويته أمام لبنان، مهددة هويته ومسيرته إلى غده.
02-16-2005, 01:03 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #7
نائب الرئيس السوري السيد عبدالحليم خدام :الحريري صديقي... وسيبقى حتى مماتي
[SIZE=5]دفن الحريري مع مرافقيه لفتة متميزة نادرا مايقوم بها أهل شهيد...
02-16-2005, 01:24 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #8
نائب الرئيس السوري السيد عبدالحليم خدام :الحريري صديقي... وسيبقى حتى مماتي
رفيق الحريري


وددت ان اشهد للرجل أولاً من حيث ما لمست وبغض النظر عن اي موقف له او لي سياسي. أول لقاء بيننا تم في الصنائع لما كانت رئاسة الوزارة هناك. كنت اشعر آنذاك ان الانجازات العمرانية الكبرى ما كانت الخيار الاول لشعبنا المفتقر وان هذه الاحجام الكبرى والجميلة في تنظيم العاصمة لا تلبي حاجتنا السريعة الى العيش. كنت أحسب ان الرؤية عنده بعيدة، شاملة ولكن لن يكون لها تداعيات سريعة. أحسست ان واجبي أن أفاتح الرجل بفكري. هو لم يعاتبني على عبارة أو غير عبارة كنت أقسو فيها الحكومة دون ان أسمي أحداً.

ادخلني مكتبه واغلقه وتصارحنا في تهذيب له شديد بحجج لم ألمس فيها انفعالاً. قلت في نفسي: هذا رجل يستعمل المنطق وانا أحاول المنطق. وافترقنا حتى اخذنا نرمم كنيستنا في عاليه وجعلنا حفلة التجديد للكنيسة في رعايته فانتدب عقيلته السيدة نازك لإلقاء كلمة وتبرعت للبيعة بمبلغ كبير. ثم دعوته ليضع معي الحجر الاساس لبناء كنيسة بحمدون المحطة. ولما بادرت الى وضع الحجر في مكانه لم تمكنني قواي من ذلك فقلت له: يا دولة الرئيس أرجو ان تأخذ عني هذا العبء فوضعه بسهولة كاملة. ثم بعد مضي اشهر ارتأى شركائي في المسؤولية ان ارافقهم لزيارته في الصنائع التماساً لمساعدة. وظننت ان واحداً منهم سيأخذ الكلام بسبب من الصداقة التي كانت تجمعهم واياه ولكنهم اضطروني الى التماس احسانه ولم يسبق لي لخجل في أو مبدأ ان افعل شيئاً كهذا فاستلهمت الله وقلت له باللغة الفصحى "أيستطيع دولة الرئيس رفيق الحريري ان يهمس في اذني رفيق الحريري المؤمن ان يحسن الى كنيسة الروم". قال لي: كرمت واسمح ان أسلم اليك هذا الشيك وكان مبلغاً باهظاً.

ما كان لي الحق ان أكشف قبل اليوم صدقة انسان لئلا تهتك المروءة ولكني فعلت ذلك بسبب من واجب الشهادة. ثم استضافني الرئيس الراحل غير مرة الى روحانيين ومدنيين من كل المذاهب وما كان يلفتني انه كان يصغي جيداً الى ضيوفه الذين كانوا يتمتعون بكرمه وبساطته في آن. ثم اختبرت بنفسي جدية عمله في تشييد قصر المؤتمرات في الطائف الى ما يفوق أربعين فيلا لوفود مؤتمر القمة الاسلامي وكنت اليها مرافقا لبطريرك كنيستي. وأدركت ان اسراعه في البناء كان أمراً خرافياً.

كل مرة كنت اراه مرتاحاً الى ضيوفه من الاكليروس المسيحي وربما بسبب اسلامه الصادق والشفاف ورما بسبب ارتقائه درجات الثروة بلا استكبار. كنت احس انه كان يرى نفسه فقيراً الى الله. ثم بدا للجميع انه لا يحب الاسهاب في الكلام وانه كان يحق له ان يقول لمن يواجهه في أمر: "هذا كلام غير دقيق" لسعيه هو الى الكلمة الدقيقة المزاوجة للواقع الذي كان يعالجه.

والدقة عنت عنده فيما عنت انه كان ينطق عن ملفات. صح انه كان له مستشارون ولكنه كان يعي كل ملف بسرعة ويدرك العمارة الفكرية التي تقوم عليها الدارسة. وهذا نهج لم نألفه كثيراً في الوسط السياسي. كان لك ان تختلف معه في كل شيء وكان يحتمل ذلك او يتحمله وفي حسباني انه كان يريد الموضوعية في كل بحث. قلت كان لك ان تخالفه الرأي ولكنك ما كنت ان تستطيع ان تنكر عليه سعيه الى اقناعك في كلام له صاف. وكان يطلب اليّ فكرا واضحاً اذا رجوت اليه خدمة مبرورة لانسان اهملته هذه الدائرة او تلك.

وكان يذهلني فيه انه كان مطلعاً على امور كثيرة وهو لم يتدارسها في جامعة. الذكاء المفرط في بلورية رؤية كان أمراً ساطعاً فيه. وهذا قاده الى انشاء مؤسسة الحريري التي كان همه فيها ان ينكب شباننا على العلوم العالية لايمانه ان النخبة المثقفة هي القادرة وحدها على ان تخدم البلد. وكان يتجلى لك هذا اذا اتصلت بكبار معاونيه الذين دعمتهم هذه المؤسسة. كان راعياً لشبان أتى الكثيرون منهم من بيئة متواضعة ليبرهن بذلك عن ان المعرفة ليست حكراً على اولاد الاثرياء.

له طرقه ولغيره طرقه. ولكنه نجح على ما يبدو لي في اختيار الاحسنين ليستنفرهم في خدمة البلد. كل هذا الميل الى الموهوبين كان ييسر له مرونة كبيرة في تعاطي الناس والسياسة. والسياسة هي قبل كل شيء حكمة أي عقل راجح في مواجهة الواقع. والسياسة فن صعب في بلد من العالم الثالث. غير انه كان يتوق الى اخراجنا من العالم الثالث في علاقات بين الناس راقية وفي حسن الادارة. غير ان حسن الادارة لم يكن فقط بين يديه ولكنه كان في ايادي اناس آخرين. لم يجد الكثيرين في الدولة لهم ذلك الايمان الذي ينقل الجبال والكبير فينا لا يستطيع ان ينطح صخرا صلدا.

لقد تمنى ان تساعدنا الدول الكبيرة في ترقية لبنان الى الدرجات العلى من الوجود السياسي. وهذا ما يفسر اتصالاته الخارجية بالعرب وغير العرب. كان يعرف ان بلدنا لا يقوم الا بالتعاون مع الذين يحبون عوننا وكان يثق بأن بعض الكبار في الخارج يريدون ذلك. كان يفهم التماسك Interdépendance بين الدول وظن ان لبنان مهيأ بثقافته وانفتاحه لتقبل التماسك ويبقى مع ذلك مستقلا لينمو بما فيه من طاقات ومن تطلع الى الخارج نحفظ فيه كرامتنا. وقاده تقديره لامكاناتنا الى ان يجمع الدول في باريس 1 وباريس 2. في حال التلف الذي كنا عليه وفي قلة مواردنا ما كان في الامكان ان ننغلق ونعيش. لذلك كان يصر على الجانب المالي والجانب الاقتصادي في نهضتنا وكأنه كان يعتقد ان اليسر في لبنان ممكن وان لنا ان نغلب الفقر الذي كنا عليه بما نحن شعب واحد.

هذا رجل ولد السنة الـ 1944 اي في زمن كان لبنان انجز فيه استقلاله وتجاوز مواطنونا الشك في كيانيته. لذلك لم يعش الايديولوجيات الحادة التي كانت مهيمنة على البلد لما بلغ الرشد على ميله الطبيعي الى عروبة ما كانت تهدد في مطلع شبابه كيانية البلد. فالنهوض بلبنان في براغماتية لم يعش سواها كان هدفه. والدنيا كانت تعيش هذه البراغماتية. ربما اثارت ثروته هذه الرؤية العملية الى بلد ثري عن طريق العمل والارتقاء من الازدهار الى الحرية. وما من شك في انه اراد ان يتطبع بهذه المرونة ان لم تكن طبعه لينقذ لبنان انطلاقا من الممكن. اليست تلك هي السياسة؟

هذه الميزات التي حسبتها فيه جعلت الكثيرين من أبناء وطننا والاجانب يقولون انه رجل دولة. هذا لا يفترض ألا يكون عنده اصدقاء كانوا موضع ثقته. لعله قدر بعضهم أكثر مما ينبغي التقدير لان العاطفة كانت غالبة فيه. وليس في العاطفة سوء ان لم تخرجك عن المنطق والاخلاص للبلد. غير اني لا أرى ان نفسه كانت امارة بالسوء لأنه كان يحب وتالياً كان يحاول ان ينصف. ربما كانت جاذبية هذه الحسات التي كانت تزينه تجذب اليه الكثيرين. ما من شك في انه كان له كاريزما نادرة. واذا وضع الكاريزما للخدمة فمتعتنا نحن هي بالخدمة.

الانسان توق والتائقون يحققون قليلاً او كثيراً. وليس فضل الانسان ان ينجز الكثير الكثير ولكن ان يشتاق الى الخير ويحاوله في اقصى ما وهبه الله من وزنات او قدرات.

ترك لنا الحريري شوقاً الى الجدية وهذا ميراثه. وبعدما ذهب يريدنا ان نستغل هذا الميراث وان نذهب بالبلد الى حرية تؤمن لنا وحدها العدالة والعيش الكريم. والعيش الكريم عندنا هو ما يراد به عيشاً واحداً لكل طوائفنا بمعناها السياسي. ان اغتياله ترك لنا على ما أرى عيشاً واحداً لا تفرقة فيه بحيث لا تبقى مجموعة تميل الى هنا او هناك ولكنا معاً نخلص للوطن. لقد فهم الجميع انهم يستطيعون ان يحيوا معية لبنانية واحدة. وفي رؤية حب كهذه نتروض على ان نصبح وطناً يضم الجميع ويعدل وينصرف بقواه الى خدمة نفسه ولا يغازل احداً ولو تقبل عطاء الذين يحبونه.

يبقى ان نتطلب العدل لرفيق الحريري نفسه بعدما حلت به هذه الميتة العبثية الكافرة. أبسط عدل من قبلنا نحوه ان نحزن لفراق رجل كبير مثل هذا، ولكن الحزن لا يشفي. الميراث يشفي.

ما من شك في ان رفيق الحريري يبقى علماً من اعلام لبنان الحديث ويبقى مصدراً لتأملاتنا فيما نسعى الى تعمير البلد وتنقيته. كان يريدنا ان ننظر الى الحق. متى يصير لنا بلد حق؟ الجدية والمرونة والجهد الموصول والصدق والعلم وتماسك كل مجموعاتنا الدينية طريقنا الى الحق. ولما ودعنا الرئيس الراحل يوم الاربعاء الماضي كان القادرون منا على تجاوز الألم ينظرون الى لبنان ذهبي الوجه، حريري الملمس، فولاذي القبضة على كل قدراته ليتمجد الله فيه.

المطران جورج خضر


02-18-2005, 02:00 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #9
نائب الرئيس السوري السيد عبدالحليم خدام :الحريري صديقي... وسيبقى حتى مماتي
دولة الرئيس
2005/02/18

امجد ناصر
قد يكون الراحل رفيق الحريري هو رئيس الوزراء اللبناني الوحيد الذي لم ينقص خروجه من كرسي الحكومة أو بقاؤه فيه خردلة واحدة من حضوره الطاغي داخلياً وخارجياً.
كان الرجل ملء العين والبصر.
بجرمه الضخم ونفوذه غير المسبوق.
وكاد، في سني دخوله المفاجيء إلي مسرح السياسة اللبنانية، أن يختصر لبنان به. فصار الاسم الحركي، ان لم يكن السحري، لهذا البلد الذي فيه من الرؤساء أكثر مما فيه من الهنود، علي حد تعبير المثل الأمريكي.
اللبنانيون مولعون، عموماً، بالشكليات والألقاب.
وفي العشرين سنة الأخيرة التي كان لبنان يحاول فيها، بكل مشقة، جرجرة نفسه من تداعيات الاقتتال الداخلي والوجود العسكري الفلسطيني والسوري والايراني والاجتياحات الاسرائيلية التي وصلت حد احتلال عاصمته، وزعت كمية هائلة من الألقاب تفيض عن حاجة بلد كبير كالولايات المتحدة.
في واقع ركيك كهذا بدت ألقاب مثل البيك أو السعادة أو المعالي أو دولة الرئيس فضفاضة جداً.. إن لم تكن مضحكة.
فهي ألقاب شكلية، إلي حد بعيد، وفاقدة لأي محتوي حقيقي، فالسياسة اليومية للبلد تصنع في مقر المخابرات السورية المتواجدة في لبنان وليس وزارات اصحاب المعالي.
هناك في لبنان، اليوم، ما لا يقل عن عشرة أشخاص يحملون لقب دولة الرئيس (حتي ان نواب رئيس مجلس النواب يحملون لقباً كهذا!)، لكن شخصاً واحداً بدا اللقب مفصلاً علي مقاسه تماماً: إنه رفيق الحريري. معه، فقط، صار لقب دولة الرئيس أكثر اشعاعاً وفاعلية من: فخامة الرئيس.
وكان يمكن أن يتعاقب علي لبنان ثلاثة أو أربعة رؤساء (لولا آفة التمديد السورية المنشأ) ويطــــــويهم النسيان ما أن يخرجوا من قصـــر بعبدا فيـــــما الحريري في كامل حضوره ونفوذه.
هناك ثلاثة أشخاص في تاريخ لبنان لبسهم منصب رئيس الوزراء حتي صار جزءا لا يتجزأ منهم: صائب سلام، رشيد كرامي ورفيق الحريري. لكن الحريري يتفوق علي الاثنين الأولين بكونه من خارج ثلاث أو أربع عائلات لبنانية كان هذا المنصب حكراً عليها.
لم يكن رفيق الحريري ابن الاقطاع السياسي اللبناني التقليدي، ولا من امراء الحرب الذين تقاسموا كعكة الحكم في لبنان، وما كان يمكن له أن يظهر في الزمن الذي كانوا يمسكون بأعنته.
فلكي تنتزع لك مجالاً سياسياً في لبنان، مهما كان صغيراً، هناك طريقان لا ثالث لهما: العائلة أو الميليشيا.
وهو لم يكن ابن هذه ولا تلك.
إنه رجل عصامي بني امبراطورية مالية وتغلغل في الحياة الاقتصادية والاجتماعية اللبنانية قبل أن يهبط بـ البرشوت علي حلبة سياسية انهكتها الصراعات الدموية، وامتصت آخر قطرة زخم فيها.
الحريري القادم من السعودية محاطاً بسرد حياتي يصعب تبين الحقيقي فيه من الخرافي هو الذي أعاد الزخم إلي هذه الحلبة المنهكة.
صار الاتفاق أو الاختلاف معه هو محور الحياة اللبنانية سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً.
فالاتفاق علي شيء من دون الحريري ليس له وزن. والاختلاف علي شيء آخر من دونه لا معني له.
وحتي شدّ الحبل المرير بين الموالاة و المعارضة الذي يشهده لبنان الآن من المستحيل حسمه لصالح هذه الجهة او تلك من دون الحريري.
يقال ان المخرج التسجيلي السوري المعروف عمر أميرالاي ندم علي الفيلم التسجيلي الذي حققه عن رفيق الحريري قبل نحو خمس سنين.
فرغم كونه أشهر مخرج تسجيلي عربي، وصاحب تجربة سياسية وثقافية عريضة في مواجهة أشكال السلطة السياسية العربية، إلاّ أنه لم يستطع أن يحافظ علي المسافة الضرورية بين كاميرته وموضوعها.
يفترض أن تكون كاميرا اميراللاي نقدية، تماماً، مع شخص له مواصفات رفيق الحريري، لكن، كاريزما الحريري كانت أقوي، علي ما يبدو، من العدسة النقدية لكاميرا المخرج السوري فبدا أن مخرج الفيلم هو الحريري وليس عمر.
ما الذي حصل؟
هل جاء اميرالاي بتصور جاهز مضاد للحريري عندما بدأ فيلمه وتغير أثناء معرفته المباشرة بالرجل وحياته؟ أم أن الحريري، اجتذب إليه، أصلاً، اميرالاي كما فعل مع عدد كبير من المثقفين اللبنانيين والعرب؟ لا أدري.
ولكن الصورة الايجابية التي ظهر فيها الحريري في فيلم لمخرج يساري تؤكد أننا أمام رجل لا يستمد قوته من المال وحده.
فهناك رجال أعمال عرب أكثر ثراء من الحريري ولم يتمكنوا من صنع أسطورة حولهم، وقد لا يمشي في جنازاتهم عندما يموتون سوي المتعيشين عليهم.
رجل كالحــــريري لا يمكن تفسير سرّه من خلال ثروته فقط.
لا بد أن هناك شيئاً آخر لحضوره الطاغي في الحياة اللبنانية والعربية، ولا بد من تفسير مختلف لتحول مقتله الوحشي مأتماً لبنانياً كبيراً اخترق الحواجز الطائفية، وهزّ دوائر القرار في غير عاصمة عربية وأجنبية.
كان من الصعب عليّ، تجنباً للشبهات، أن أكتب كلمة كهذه في الحريري حياً، ولكن بما أن لا خيل ترجي منه، بعد الآن، ولا مال، فمن الانصاف القول ان الحريري ترك فراغاً كبيراً في لبنان لا يمكن أن يملأه رجل غيره من الغيورين علي البلد أو المتلاعبين بمصيره.
0


02-18-2005, 02:29 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بسام الخوري غير متصل
Super Moderator
******

المشاركات: 22,090
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #10
نائب الرئيس السوري السيد عبدالحليم خدام :الحريري صديقي... وسيبقى حتى مماتي
رفيق الحريري.. حكايتنا الخاصة!
ديانا مقلد

لا نزال في لبنان في حال من العجز الفعلي عن تخيل كيف ستكون حياتنا بعد الرئيس رفيق الحريري، فالراحل وبعيداً عن كونه شخصية عامة تمكن من التسرب إلى الكثير من تفاصيل يومياتنا فبات جزءاً من علاقاتنا الخاصة والحميمة. والضياع والشعور باليتم الطاغي اليوم على اللبنانيين، يلف في طياته أيضاً عشرات الصحافيين والعاملين في مؤسسات الحريري الإعلامية أو في المؤسسات الصحفية المستقلة. والمرارة التي تلبس وجوه الناس في الطرقات وأينما حللت في لبنان تطالعك في أوجه الإعلاميين وهم كثر..
لقد عرف الراحل كيف يأنسن علاقته بالصحافيين ويحولها من علاقة يشوبها الشك المتبادل إلى علاقة ودودة غير متفذلكة وفي أحيان كثيرة دافئة وشخصية بشكل غير معهود من قبل شخصيات سياسية أخرى في الحياة اللبنانية..
«ديروا بالكم.. ما تعملوا مغامرات» قالها الراحل بابتسامة مودعة قبل أن أغادر إلى باكستان عام 2001 لتغطية الحرب الأميركية ضد أفغانستان. فعلى مدى خمسة وثلاثين يوماً ومثلها خلال الحرب على العراق عام 2003 كان الحريري يحرص على أن يهاتفنا يومياً أنا والزملاء الآخرين في «المستقبل» للتأكد من أننا بخير، أما إذا اضطر للسفر في مهمة رسمية ولم يتمكن من الاتصال فقد كانت زوجته السيدة نازك هي من يتصل للاطمئنان.
حين فجعت وأسرتي عام 2000 بفقدان شقيقي الأكبر وعائلته، غلبنا شعور عميق بالضعف والضياع، لكن التعاطف العفوي والسريع من قبل الراحل كان بمثابة لفتة حقيقية في المحنة التي أصابتنا..وقبل عام ونصف حين احتفلت بزواجي فوجئت خلال العشاء الصغير الذي أقمته للمناسبة باتصال من الحريري الذي كان في زيارة رسمية إلى باريس ليتمنى لي حياة سعيدة..
لن يعدم أحد من الصحافيين أن يجد الكثير من الذكريات الخاصة التي تجمعه بالرئيس الحريري، بل إن آخر من التقاهم قبل ذهابه إلى موته المفجع هم مجموعة منهم. جميعهم يملك من الحكايات والصور ما يجعل أياً منهم يشعر أنه كان على علاقة مميزة وخاصة به، والحريري كان يعرف كيف يشعر الصحافيين بأنهم الأقرب إليهم.
لا تزال لحظة الاهتزاز التي أصابت لبنان طاغية، وجميعنا بدأ يلملم ذكرياته وصوره الخاصة التي تسنى له أن يلتقطها مع الحريري ليس بصفتها تاريخاً جميلاً فقط، إذ أن أي صورة تلتقطها أعيننا اليوم في لبنان تشعرنا أن الحريري جسد حقبة جميلة فعلاً وأن المشهد الذي خلفه رحيله لا يوحي سوى بالشك والريبة والخوف.
قبل عام بالضبط، أجرت مجلة تايم الأميركية مقابلة معي في إطار ملف خاص عن نهضة النساء العرب. بعد صدور المقال بيومين أتاني اتصال من الرئيس الحريري سألني فيه ممازحاً هل هذه صورتك في التايم وأردف: «I"m very proud of you».
لم أكن أعرف أن ذلك سيكون الاتصال الأخير!..
اليوم وأنا أستقبل بين لحظة وأخرى طفلي الأول أقول أنا أفخر بك يا دولة الرئيس وكنت أشعر بالثقة والتفاؤل لأنني باقية هنا في لبنان ولم أهاجر مع أسراب الصحافيين اللبنانيين الذين ملأوا أميركا وأوروبا والخليج، لكن اليوم لا أدري أي لبنان ينتظرني وينتظر طفلي بعد رحيلك!!..
02-18-2005, 06:54 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  تكريم الزميل السيد بهجت نظام الملك 59 13,535 11-30-2011, 11:53 AM
آخر رد: بهجت
Information صديقي في السجن الحربي.. AhmedTarek 14 2,585 11-02-2011, 01:29 PM
آخر رد: AhmedTarek
  السيد مهدي يتزوج أربعة نساء: السيد مهدي الحسيني 6 1,957 10-22-2011, 07:40 PM
آخر رد: Narina
  كُن صديقي عوليس 14 3,266 07-08-2011, 09:28 PM
آخر رد: عوليس
Question لقد إفتقدت صديقي أرجو الإفاده... S E 7 E N 4 1,378 05-05-2011, 12:48 AM
آخر رد: الدرة البيضاء

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS