التالي هو صفحات من يوميات الكاتب لشهر سبتمبر 2001 وكل التفاصيل الواردة فيها حقيقية مائة في المائة.


سأنشرها تباعا بلا ترتيب


الأحد الموافق 15 سبتمبر 2001




قد تكون أول مرة أعترف فيها بأني لم أحس بأي نوع من الخوف أو القلق. قد يكون التعبير الأدق لحالتي وقتها هي الترقب والإثارة مخلوطة بالكثير من عدم الفهم.
كنت جالسا وحدي في الغرفة الباردة أطرق على سطح المائدة السوداء التي أجلس على رأسها بإصبعي بإيقاع منتظم. متطلعا بعينان يملأهما الخواء إلى المرأه التي أمامي والتي أعرف من أفلامهم أنها ليست بمرأة، هي زجاج عاكس يقف على جانبه الأخر رجال يرتدون رابطات العنق يراقبون حركاتي وسكناتي عن كثب.


بدى ضابط المباحث الفيدرالية، السيد أيفن كما عرف نفسه، في حلته السوداء كأبطال فيلم الرجال في الملابس السوداء بوجه خال من التعابير وملامح قد نحتت من صخر.
جذب كرسي ووضعه على يميني ثم مال علي وسألني بغتة:
-أتعرف أسامة بن لادن
-نعم أعرف أسامة بن لادن
-كيف تعرفه
-من التلفزيون!! من الصحف من الإنترنت!!
-لا تعرفه شخصيا.
-شخصيا إزاي يعني؟ أنا أسكن في القاهرة و أسامة بن لادن مجهولٌ أين يقيم..
تجاهل ردي الساخر وسألني:
- أعضوٌ أنت في أحد نوادي الطيران الخاصة؟
- لا أفهمك بصراحة..لم أسمع بمثل هذه النوادي في مصر..
- أتعرف كيف تقود طائرة.
- بالكاد أقود السيارة!!!
- لمذا تعاركت مع صاحب النزل الذي كنت تسكن فيه..
- لأنه عنصري.
- لأنه يهودي..
- لا لأنه عنصري.
- لماذا رحلت يوم العاشر من سبتمبر.
- لأني مللت من لوس أنجيليس.
- أين كنت يوم الحادي عشر من سبتمبر.
- في لاس فيجاس.
- أكنت تقامر؟
- لا...
ظهرت في عينيه نظرة جذل وكأنما وجد ما يبحث عنه، فعاجلته:
- الوازع كان إقتصاديا وليس دينيا بحتا..
ثم إبتسمت في ألم..

أدركت يومها كم هو صعب أن تكون متهماً لكونك أنت..

الثلاثاء الموافق العاشر من سبتمبر 2001



زرت مدنا كثيرةً من قبل، ولم أبهر قط. راهنت أصدقائي إن مدينة مصنوعة كفيجاس لن تبهرني بالطبع.
منذ أن رأيت الأنوار المتلئلئة في الأفق و ضربات قلبي تعلو وتتسارع في أذنيّ. أول ما تقع عليه عيناك هو هرم ضخم ينبثق من قمته عمودٌ من الضوء ليعانق السماء.
الموسيقى في الشارع لا تعرف لها مصدراً ورشاشات مياه عديدة وصغيرة تلطف حرارة الجو في كل مكان مفتوح.
كل الموجودين تغلفهم غلالة من سعادةٍ وإنبهار. يوزعون المشروبات مجاناً وما أن تدخل أي كازينو تشرب ما شئت مجاناً.
كل كازينو متفرد و يسابق الأخرين في الإبهار. من سقوف عالية مصنوعة من شاشات عملاقة تعرض سماء صباح صافية في الليل إلى أحواض أسماك قرش عملاقة تسبح إلى جانبك.
كل شيء هنا علني وواضح، القوادون يوزعون منشورات بصور فتياتهم وأرقام تليفوناتهن. وللحركة من كازينو إلى أخر، إذا ما لم ترد أن تمشي، ما عليك سوى أن تقف على سيور متحركة تأخذك في كل مكان.
توجهت إلى محل لأشتري علبة سجائر وهي للعلم أرخص من أي ولاية أخرى بحوالي الدولارين، إبتسمت لي بائعة التبع فابتسمت لها. سألتني عن بلدي فأجبتها، سألتها من أي بلد هي قالت لي من البرازيل.
سألتها إن كانت كل البرازيليات فاتنات مثلها فأعطتني رقم تليفونها وتواعدنا على اللقاء في اليوم اللاحق.
ذهبت لأنام و أنا في حالة صوفية عجيبة من النشوة والإنبهار. هاتفت صديقي الذي راهنته على أني لن أنبهر ووعدته أن أبعث له قيمة الرهان عندما أمتلك نقودا أو أكسب في لعبة الروليت.
فتحت التلفاز قبل أن أنام فتسمرت من الصدمة وعدم الفهم، مثل الجميع إعتقدته فيلماً غريبا يعرض على السي إن إن.
لم أنم وشعرت بمشاعر مختلطة عجيب واحتجت أحداً لأشاركه.
إنتظرت حتى الصباح هاتفت الفتاة البرازيلية فقالت لي ألا أهاتفها مرة أخرى لأنها لا تريد أن تواعد أمثالي ثم أغلقت السماعة.
جلست وحيدا و أحسست بضالتي و بهتت صورتي تحت أضواء فيجاس الباهرة..

تابع ، اكتب كل ماعندك!
(f)

متابعون يا احمد يا طارق
واصل عزيزي(f)

الجمعة الموافقة السابع من سبتمبر 2001


بعد يوم مزعج من المشي المستمر في شوارع المجمع السكني جلست لأكتب تقريري الذي سأسلمه لرؤسائي عن ما وقع من أحداث اليوم.
كان مزاجي معتلا جداً، فلأنني أعمل بلا تصريح عمل يبعثني رؤسائي إلى أسوأ المجمعات السكنية لأعمل في النوبتجيات الليلية كل يوم.
أنام في التاسعة صباحاً ثم أعاود العمل من السادسة مساءاً..كنت متعبا ذهنيا جداً.
بالإضافة إلى المعارك والمشاجرات المستمرة مع صاحب البنسيون الذي أسكن فيه..
قلت له بصراحةٍ اليوم أن كونه عجوز يهودي نجا من الهولوكوست وهاجر طفلا إلى أمريكا يجعله، طبعا، مستحقاً لتعاطفي ولكن لا يجعلني أصبر على سخافاته العنصرية طوال الوقت.
مشاكله مع العرب من الأفضل أن يبقيها لنفسه، وإحتديت عليه ربما لأنه إختار وقتاً سيئا في إستفزازي.

رميت كل تلك الأفكار جانبي وتابعت كتابة التقرير الذي لا يحتوي على أي حدث ذو أهمية اليوم على غير العادة. فالمنطقة التي أعمل فيها يحدث فيها تبادل لإطلاق النار شبه يومي. لا أملك حتى عصى لا أملك سوى الووكي توكي الذي أبلغ به رؤسائي عن أي حدثٍ طاريء، طبعا بعد أن أختبيء فأنا هدف محتمل للقتل كي لا أبلغ أحداً.


وفجأة دخل على رجل يبدو من أصول لاتينية ويرتدي قميصاً أنيقا وساعةٍ ثمينة، تشبة ساعة والدي التي يحتفظ بها في حقيبة سوداء ورفض مرارا وتكرارا إعطائها لي.
عندما رأني إبتسم وحياني بالأسبانية، إبتسمت لأن هذا الموقف يتكرر على الأقل كل يوم مرة.

رددت بأسبانيتي الضعيفة:
- أعذرني لا أتحدث الأسبانية..
نظر لي نظرة حيرة وعاجلني بالإنجليزية
- من أين تأتي يا أميجو
لم أشأ أن أعطيه إجابة سريعة فسألته:
- ماذا تعتقد
قال بعد التفرس في وجهي:
- أممممم من كوبا
- لا أتحدث الأسبانية يا عزيزي!!!!!!!
- جمهورية الدومينيكان
تعجبت من جهله
- يا عزيزي لا أتحدث الأسباني
-أنا من بلد الهرم
ثم إبتسمت إعتقادا مني أني أرشدته إلى الحل...
فقال: جواتيمالا (إشارة منه إلى الأهرامات التي أنشأتها حضارة المايا)


بعد ضحكة خاطفة، توقفت عنها عندما رأيت الخجل على وجهه، قررت أن أساعده وقد أعجبتني اللعبة
- يا عزيزي أنا لست لاتينيا فابعد عن أمريكا الوسطي والجنوبية..
أنا مصري..
- أين هذا؟
صعقت وقلت له:
- ألم تتعلم في مدارس الم تقرأ إنجيلك؟؟؟!!!
- قال نعم نعم سمعت الإسم من قبل ولكني لا أعرف أين تقع.

كنت في حالة مزاجية سيئة منذ البداية ولم أكن في حالة تسمح لي أن أتحمل الجهل الشائع هنا والذي يصعقك منذ أن تصل إلى العالم الجديد. فالتفتت إلى التقرير لأكتبه ولأجد فيه عزائي من غباء هذا الشخص..

تأمل في ملامحي وبعض لحظات من تفكير يبدو عميقا
قال: نعم أنت من جنوب أوروبا
قلت بدون أن أنظر له :لا
قال: أسيا
قلت: لا ....مصر تقع في أفريقيا يا سيدي..
نظر متشككا وقال: لا أنت تكذب عليّ فأنت لا تبدو أفريقياً...
أسقط في يدي وبدأت في نوبة ضحك طويلة..

طنطاوي(f)

سيستاني (f)

Array
الثلاثاء الموافق العاشر من سبتمبر 2001

كل شيء هنا علني وواضح، القوادون يوزعون منشورات بصور فتياتهم وأرقام تليفوناتهن. [/quote]

What happens in Vegas stays in Vegas:D

رائع جداً عزيزي "أحمد طارق"
تابع رجاءً

ملاحظة جانبية: 15 سبتمبر 2001 صادف يوم سبت، وكذلك العاشر من سبتمبر صادف يوم إثنين، يوم الثلاثاء كان 11 سبتمبر:)

(f)

بانتظار المزيد من الأوراق ..

(f)

مساء الفل يا جماعة ....


Special
تسلم (f)
Array
ملاحظة جانبية: 15 سبتمبر 2001 صادف يوم سبت، وكذلك العاشر من سبتمبر صادف يوم إثنين، يوم الثلاثاء كان 11 سبتمبر [/quote]
عزيزي طارق
هذا نتاج فرق التوقيت..
الجمعة في فرنسا توافق السبت في الولايات المتحدة
بالإضافة طبعا لفرق العملة وهي قيمة متغيرة...:D

طبعاً أمزح وأعتذر عن الخطأ...
ميرسي لذوقك (f)



نيوترال
منور

ArrayWhat happens in Vegas stays in Vegas[/quote]

عارف أنا بتجاهل أكثر مما أحكي خصوصاً في يوميات فيجاس..... عملاً بتلك الحكمة وأيضا عملا بحكمتك الخالدة الأخرى " فى عيال هتتيتم ونسوان هتترمل وبيوت هتتخرب فمفيش داعى الطيب أحسن.":D


Yet, I will have to speak about " the Say I Do Drive through" wedding chapel....