ورطوا عبد الناصر فى وحدة معهم حتى يحاربوا الشيوعيين
* ضغطوا على مصر حتى أغلقت مضيق العقبة فى 1967 وتحججوا أنهم غير مستعدين للحرب
* حافظ الاسد كان وزير الدفاع المسئول عن ضياع الجولان استولى على الحكم فى انقلاب عسكرى
* جيش البعث دخل لبنان لاحتلالها وذبح الفلسطينيين فى تل الزعتر
* عقد اتفاق وقف إطلاق نار مع إسرائيل ووقف يتفرج عليها وهى تجتاح لبنان
* حافظ الأسد تحالف مع إيران ضد صدام حسين أثناء حرب الخليج الأولى
* حزب البعث قتل 10 آلاف وسجن 20 ألفاً من حماة معقل جماعة الإخوان
د. شريف حافظ*
أنطوان سعادة مؤسس الحزب السورى القومى الاجتماعى، كان يطالب بوحدة الشام ويحارب القومية العربية والتوحد الإسلامى بضراوة. وقد مضت القومية السورية نحو مشروع سوريا الكبرى، والذى يضم لبنان، وحاربت كل ما دون ذلك، بل وحاربت اللبنانيين أنفسهم والفلسطينيين وقتلتهم، فى خضم تلك الرغبة العارمة التى ملأت قلوب قادة حزب البعث. وليست تلك الحقيقة مقدمة من وحى الخيال، ولكن كل الأحداث تؤيدها.
المتاجرة بكل القضايا العربية دليل قوى على العمل السياسى السورى منذ اعتلاء حزب البعث سدة الحكم فى دمشق فى 8 مارس 1963 وحتى اليوم. وقد قال الرئيس السورى السابق حافظ الأسد، والد الرئيس الحالى بشار الأسد، "إن الوحدة العربية هدفنا الأسمى لن نمل ولن نكل فى النضال من أجل تحقيقه، ولن نتردد فى الإقدام على كل خطوة ممكنة على طريقها. إننا جزء من الأمة العربية وفى القلب منها. وإلى أن يتحقق هدف الوحدة العربية، فإننا سنظل عاملين مجدين فى سبيل التضامن العربى وتعزيزه." فماذا قامت به سوريا لتطبق تلك المقولة؟
لقد عرض الرئيس الراحل الشهيد البطل محمد أنور السادات، على الأسد أن يصاحبه إلى القدس، فى مبادرة السلام، بحيث تكون المبادرة عربية، فإن نجحت كان النجاح عربياً، وإن فشلت تحمل السادات الفشل وحده، إلا أنه رفض، وقاطع مصر ومعه صدام حسين، للاستيلاء على دور مصر المحورى، وملاحقة الفلسطينيين فى لبنان. وكان من المتصور عندما أقيمت جبهة الصمود والتصدى ضد مصر، والتى قادتها سوريا تحت لواء الأسد، أن تقوم بتوحيد الجهود العربية ضد إسرائيل، ولكن وللأسف، كانت سوريا تعمل جاهدة على توحيد الجهود العربية ضد مصر للهيمنة على المنطقة، ومن ناحية أخرى تحارب الفلسطينيين واللبنانيين فى لبنان، مستخدمة فى ذلك قوتها وعملاءها من الشيعة اللبنانيين والكتاب المرتزقة على طول الأمة العربية وعرضها! وللأسف، وجدت سوريا مريدين لسياستها من الداخل المصرى من القوميين والناصريين. وكان المتصور، فى حال اعتراض هؤلاء على السادات، أن يعتمدوا على أجندة خالصة للعروبة، فى حال وفائهم للزعيم الرئيس عبد الناصر بحق.
جبهة الصمود والتصدى
تكونت جبهة الصمود والتصدى، فى دمشق فى 24 سبتمبر 1978، عقب توقيع اتفاقية كامب ديفيد. وبينما حضت الجبهة على بناء قاعدة للنضال القومى وتعبئة جماهير الأمة العربية وطاقتها لتحقيق الأهداف القومية العليا، وإدارة الأمة العربية فى معركتها ضد الصهيونية والإمبريالية، للصمود والتحرير، وأن تكون قوة عربية منفتحة على كل القوى العربية التى ترغب فى المساهمة فى تحمل مسئولياتها القومية، والعمل على تحقيق الوحدة العربية ورفض تنازل أى طرف عربى عن تلك الالتزامات أو المساس بها، وما إلى ذلك من كلمات رنانة، بينما قامت الجبهة من أجل كل هذا، لم تقم بشىء منه، وقادت سوريا الأسد مقاطعة مصر السادات من أجل الهيمنة على القرار العربى وتحويل الصراع إلى صراع من أجل نفوذها!
كان حزب البعث عاملاً مهما فى الوحدة مع مصر ما قبل حافظ الأسد، إلا أن تلك الوحدة لم تكن بهدف توحيد العرب للأبد، ولكن كانت تهدف إلى مواجهة تنامى نفوذ الحزب الشيوعى السورى. وبالتالى، كان أن استغل حزب البعث السورى، الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، أو بالأصح، ورطوه فى وحدة من أجل مصالحهم الخاصة، غير آبهين بالوحدة العربية الشاملة.
فلقد كانوا يريدون "تطهير" سوريا من الشيوعيين، التى كانت قوتهم السياسية فى الصعود فى تلك الأثناء من نهاية العام 1957 وبداية عام 1958، وسرعان ما انكشف الأمر. فبالإضافة إلى مجموعة من الأخطاء المصرية لإخضاع سوريا، انقلب السحر على الساحر، وانفصلت سوريا البعث عن مصر، بطريقة مشينة، إلا أنها أيضا عبرت عن منطق الأشياء، حيث حدثت الوحدة بسرعة طاغية، وكذلك كان الانفصال.
حرب يونيو 1967
أما النقطة الأهم فى العمل القومى السورى، فقد ظهرت فى حرب يونيو 1967،
حينما أقنع العرب عبد الناصر بألا يحتمى وراء القوات الدولية فى سيناء، وأن يغلق مضيق العقبة فى وجه الملاحة الإسرائيلية، وهو ما كان مضاداً لما تم الاتفاق عليه مع الولايات المتحدة عام 1957، من أن هذا سيكون سبباً للحرب المستقبلية. وكان هذا كله لإشاعة وجود حشود إسرائيلية بالقرب من سورية بعد أن قامت سوريا بأعمال فدائية وعسكرية ضد إسرائيل، كان قد حذر منها عبد الناصر.
رفضت سوريا تحذيرات عبد الناصر ولو "أدى الأمر إلى احتلال دمشق كما قالوا "وقد قال الدكتور إبراهيم ماخوس وزير خارجية سوريا فى 1967 لأحمد الشقيرى".. الأعمال الفدائية تتصاعد كل يوم، وسنمضى فى مساندتها إلى النهاية بالمال والرجال والسلاح، المهم أن نجر الدول العربية إلى المعركة، ولا يجوز أن تبقى سوريا وحدها فى الميدان!! فما أشبه اليوم بالبارحة، ولكن مصر تعلمت دروسها الماضية! أى أن عبد الناصر فعل ذلك من أجل أعين سوريا، بعد أن أخطأت سوريا التقدير العسكرى والسياسى. والغريب أن الماخوس له مقولة مشهورة بعد الهزيمة، هى "ليس مهماً أن نخسر المدن، لأن العدو هدفه القضاء على الثورة"!
وما أن بدأت الحرب، ووفقاً لرواية أحمد الشقيرى، أول رئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية، لم تحرك السلطات فى سوريا ساكناً. وكان أن رأى الفريق عبد المنعم رياض أن تدخل سوريا "هو الوحيد الذى يمكنه إنقاذ الموقف"، ولكنهم كانوا يرون شيئاً آخر، فقد رأوا "أنهم فوجئوا بالحرب، وإن قواتهم غير مستعدة للمعركة، وأنهم محتاجون إلى أسبوع واحد على الأقل ليكملوا استعدادهم"!! وكانت حكومة سوريا قد تركت دمشق وقت اندلاع القتال وذهبت إلى حمص، شمال دمشق بعيداً عن ميدان المعركة. ولم يدخل الجيش السورى المعركة إلا يوم 8 يونيو بعد خراب مالطا فى مصر واحتلال سيناء.
ومنعت السلطة السورية مواطنين سوريين مسلحين من الخارج "بعبور الحدود" لخوض المعركة فى وقت المعركة، والذود عن الجيش المصرى، الذى كان يُدمر فى تلك الأثناء ويباد.
وبينما استشهد آلاف مؤلفة ما بين جنود وضباط الجيش المصرى، استشهد بسوريا عشرون ضابطاً ومائة وخمسة وعشرون جندياً "وهذا العدد أقل من الضحايا الذين سقطوا أمام بيت الرئيس أمين الحافظ عندما قامت محاولة انقلابية عليه!!" والأغرب من كل هذا، أن الجولان تم احتلاله بعد خمس ساعات من إعلان إذاعة دمشق هذا الاحتلال، متعاونة بذلك مع إسرائيل فى احتلال أرض عزيزة على الأمة العربية!! وقد ثارت الخلافات على ذلك ما بين الرئيس السورى وقتها، نور الدين الأتاسى ووزير دفاعه.
ضياع الجولان
وفى اجتماع للوزارة السورية اتهم وزير الصحة الدكتور عبد الرحمن الأكتع، حافظ أسد بأنه تسبب بضياع الجولان، وقال، لقد كنت فى جولة فى مدينة "القنيطرة" ساعة صدور نبأ سقوط القنيطرة من إذاعة دمشق، الذى كان يتوقيع وزير الدفاع، ولم يكن فيها إسرائيلى واحد ما أثار الذعر بين أهلها فتركوا بيوتهم وما فيها من متاع وهربوا. فصرخ حافظ أسد فى وجهه وقال له اخرس ورماه بكرسى كان إلى جانبه. عند ذلك قدم الأكتع استقالته ومضى إلى بيته. وكان بإمكان حافظ الأسد أن يقدم الدلائل والشواهد على براءته من احتلال الجولان، ولكنه لم يفعل ذلك أبداً، وهى قضية مصيرية مهمة بالنسبة له.
شوكة فى ظهر العرب
وأصبح النظام السورى شوكة فى ظهر العرب، فيما يتعلق بالبحث عن دور. فأثبتت ومع مرور الزمن، أنها دائما ما تبحث عن دور وصدام مع العرب، وتتشدق بالكلمات والخطب الرنانة المضادة لإسرائيل دون أدنى فعل. وهو ما تثبته الكثير من الوقائع، فعندما قام الملك حسين بن طلال، ملك الأردن، بالوقوف فى وجه الفلسطينيين فى أيلول الأسود فى عام 1970،
دعا الزعيم الراحل عبد الناصر إلى قمة عربية استثنائية لوقف الحرب ما بين الأردن والفلسطينيين، إلا أن النظام السورى أراد حل الخلاف عسكرياً بالحرب ضد الأردن، ولوجود خلافات فى الجيش لم تتم تلك العملية ليحدث انقلاب فى سوريا، ويتولى وزير الدفاع، حافظ الأسد، الذى كان أحد الأسباب المهمة لهزيمة سوريا فى حرب 1967 واحتلال الجولان، مقاليد الحكم فى نهاية المطاف فى فبراير 1971 وسجن رفيق دربه والقائم بالانقلاب معه ومن أجله، صلاح جديد، مؤسساً ومثبتاً لتاريخ الخيانة فى سوريا.
ويبدأ فى سوريا عصر جديد من الرغبة فى الهيمنة على السياسات العربية والبحث عن دور أكبر من إمكانات سورية تحت قيادة الأسد. وظهر ذلك جلياً فى لبنان منذ الحرب الأهلية. فمع اندلاع تلك الحرب، قررت السلطات السورية دخولها، وبالفعل تكونت قوة الردع العربية منها بالأساس، وفقاً لقمة الرياض المصغرة بين 16 و18 أكتوبر، 1976.
ورغم أن السادات كان يقول وينادى برفع الأيدى العربية عن لبنان، فقد نصحه وزير خارجيته، إسماعيل فهمى بإشغال القيادات السورية بلبنان، حتى لا تنشغل بمصر، لأنها كانت تثير الكثير من المشاكل بين العرب، فى تلك الفترة. إلا أن ذلك لا ينفى دخول السلطات السورية قبل هذا التاريخ وفقاً لقرار أمريكى، والرغبة فى الموافقة العربية الرسمية فقط، على دخولها لبنان.
وبدأت المآسى اللبنانية والفلسطينية فى لبنان، من جراء الوجود السورى، علاوة على تلك الحرب الأهلية.
فقد أقامت سوريا مذبحة مخيم تل الزعتر الفلسطينيـة قاتلة فيه آلاف الفلسطينيين من النساء والأطفال والرجال!! والغريب أن العرب لا يلتفتون للمذابح التى تحدث للفلسطينيين إلا فى حال ارتكابها من الصهاينة فقط، وكأنه حلال على العرب قتلهم وحرام على إسرائيل!!
المصيبة الكبرى
تأتى المصيبة الكبرى بالغزو الإسرائيلى للبنان فى يونيو 1982، وبعد بضع أيام من القتال مع الإسرائيليين، اكتفت سوريا بتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار مع جيش الدفاع الإسرائيلى، وأصبحت مشاهداً للإسرائيليين فى لبنان، دون التعرض لهم. إلا أنها لم تكن بالمشاهد للفلسطينيين، حيث ساهمت مع إسرائيل فى قتلهم. فقد قامت
بالتعاون مع حركة أمل بقيادة نبيه برى التابع لها، والشيعة فى لبنان، باصطياد الفلسطينيين فى لبنان فيما عرف "بحرب المخيمات" من 1983 إلى 1987. قتل فى تلك الحرب ما يناهز الـ50 ألف فلسطينى من قبل سوريا وحدها، وفقا لرواية ممدوح نوفل بالجبهة الديمقراطى لتحرير فلسطين، غير من كانوا يقتلون من قبل إسرائيل!! وقد قال عرفات وقت الخروج من بيروت فى 1982 "سوريا تخلت عنا وقت الشدة، وهناك من يفكر بالهيمنة على القرار الفلسطينى، معتقداً أن خروجنا من بيروت يسهل عليه ذلك". بالفعل، كانت سوريا تسعى للهيمنة على القرار الفلسطينى طوال عمر الصراع، كما تفعل اليوم مع حماس، لأهداف أخرى غير تحرير الأرض العربية الفلسطينية المحتلة. ولذا كان خروج عرفات من لبنان وتوجهه لأول عاصمة عربية، فى القاهرة، لأنه أدرك بحسه الوطنى أن مصر لم تتلاعب بالقضية الفلسطينية وأن سلامها مع إسرائيل كان ضرورة وطنية لرغبتها العارمة فى التنمية والبناء!
ولم تكن القيادة السورية تقاتل فى سبيل السلام، ولكنها كانت ترفض أى إجراءات من أجل السلام. فقد قامت بإسقاط اتفاق السلام ما بين لبنان وإسرائيل والذى عرف باتفاق خلدة فى 17 أيار (مايو) 1983، حيث كانت خطيئة هذا الاتفاق أنه تجاهل الدور السورى فى لبنان!! وكان هذا الاتفاق يقوم على انسحاب إسرائيل من لبنان وإقامة منطقة أمنية جنوبه. ولكن سوريا اعترضت على الاتفاق لأنه همشها، وكرست بذلك الوجود الإسرائيلى فى لبنان،
حتى قرار إيهود باراك فى انتخابات عام 1999 الخروج من لبنان بعد أن حقق هدفه الرئيس بخروج منظمة التحرير الفلسطينية منه، وتنفيذه القرار بعد أن أصبح رئيساً لوزراء الدولة العبرية.
فلم يكن حزب الله هو السبب فى خروج الإسرائيليين من لبنان كما يدعون، وما كان هذا إلا سبباً ثانوياً، فقد كان الخروج بقرار إسرائيلى صرف، للأسف!
التحالف مع إيران ضد العراق
بينما كان يتشدق بالعروبة، قام حافظ الأسد بالتحالف مع إيران ضد العراق، أثناء حرب الخليج الأولى. ودام هذا التحالف ضد العراق والعروبة، وإن تخلله بعض التضارب والصراع حول المصالح، مثل حرب الأشقاء فى لبنان بين الحركتين الشعيتين، أمل الموالية لدمشق وحزب الله الموالى لإيران، حيث تقاتل الفصيلان.
ومن يرى كل هذا فيما يتعلق بالنظام السورى وتشدقه بالعروبة، لابد وأن يتصور أن الداخل السورى مستقر وينعم بالديمقراطية ليخرج الأسد ويحارب خارج أراضيه. ولكنه كان يتشدق أيضا بالحرية والديمقراطية فى حين كانت مواجهتها مع المعارضة قاسية. فمهما قيل عن أى نظام عربى آخر، لا يمكن مقارنة كل الأنظمة العربية، بما فعله النظام السورى.
وكانت القمة فى أحداث مدينة حماة السورية فى 1982، عندما قام البعث بالهجوم على أفراد جماعة الإخوان المسلمين فى فبراير 1982، الذى لا يمكن تبريره بأية حال من الأحوال، حتى فى حال وجود خلاف بين الطرفين. ووفقا لصحيفة لوماتان الفرنسية فى عددها رقم 1606 بتاريخ 24 أبريل 1982، وتحت عنوان "فى سورية، الإرهابى رقم واحد هو الدولة"، جاء ما يلى:
10.000 (عشرة آلاف) قتيل فى حماة، 600.000 (ستمائة ألف) شخص موضوعون على اللائحة السوداء. هنالك على الأقل 20.000 (عشرون ألف) سجين سياسى (وربما وصل العدد إلى 80.000 (ثمانين ألفاً) فى سوريا، حيث العنف والإرهاب السياسى هما اليوم عملة رائجة. إن جهاز القمع التابع للنظام مدهش للغاية، سرايا الدفاع بقيادة رفعت أسد، سرايا الصراع بقيادة عدنان أسد، الوحدات الخاصة بقيادة على حيدر، المخابرات العامة. قتل نظام الأسد فى فبراير 1982 ما بين 20 ألفاً و25 ألفاً من أعضاء الإخوان المسلمين، وكان هناك تفاخر بأنهم قتلوا فى أغلبهم بالسلاح الأبيض، فى المؤتمرات الصحفية لرفعت الأسد، شقيق الرئيس حافظ الأسد ووزير دفاعه الذى تولى تنفيذ العملية.
لقد رأى البعض، فى ذاك الوقت، أن تلك كانت أكبر المجازر فى العصر الحديث، إلا أن العرب أيضا صمتوا عن تلك الحقيقة، وكان الصراخ والعويل لا يتم إلا فقط عندما تمارس إسرائيل الإرهاب ضد الفلسطينيين.
وكان لزاماً على العرب عدم التفريق ما بين إنسان وإنسان فيما يدعون من تشدق بالدفاع عن الحق والعدل ونشوده. فمثلما قتل صدام حسين أبناء شعبه، فعل حافظ الأسد أيضا، والاثنان تشدقا بالحرية، ودافع عنهما القوميون العرب، وجنى بعضهم ثروات مقابل مقالات صحفية مدفوعة الأجر وجرائد وفيلات وسيارات فارهة، فى إطار "سبوبة العمل القومى" الذى لم يكن يهدف لشىء إلا لتصوير النظام السورى على أنه درة الأمة والمدافع الأول عن عزها، بينما كانت تقتل مواطنيها ومواطنى العرب!!
بشار الأسد و أجندة والده
لم يتنازل بشار الأسد عن أجندة والده، بعد أن ورث الحكم، فى إطار ديكتاتورى فرض على الشعب السورى الشقيق، ولكنه استكمل المهمة فى إطار مخطط استهدف العرب ومصالحهم أجمعين. فأول ما قام به، هو أن وزع المناصب الأمنية المهمة على أقربائه، حتى يتمكن من التحكم فى زمام البلاد كما يشتهى، وليس كما تملى المصالح العربية. ووعد بالديمقراطية والانفتاح فى سوريا وتراجع عنه، ممارساً نفس سياسات والده مع التغيير فى استخدام الألفاظ! ووعد مراراً بالرد على إسرائيل ولم يوفِ، مطبقا سياسة المزايدة التى اشتهر بها حزب البعث دوماًَ، دون أدنى فعل إلا فى اتجاه العرب.
كما قام بالعمل على تقسيم لبنان فى إطار دعمه الكامل لحركة أمل وحزب الله، بالتعاون مع النظام الإيرانى، ودعم قلب "المقاومة" اللبنانية المزعومة والمدعومة من إيران، على الداخل اللبنانى، بعد ضلوعه فى اغتيال رئيس وزراء لبنان، رفيق الحريرى وكل من تتعارض مواقفه مع النظام السورى،
مؤكداً أيضا، أن سوريا البعث، لا تنجح إلا فى الأعمال الإرهابية الصغيرة، دون عمل بطولى كبير وحقيقى فى سبيل الأمة ودون رؤية الواقع والتعامل معه، إلا فيما يتعلق بمصلحة سورية قمعية ضد جميع من سواها أو من يعترض على سياساتها غير العربية.
لا أعتقد أبداً، أن كل تلك الحقائق وليس التحليلات، تدل على أن سوريا البعث، قلب العروبة النابض، فى أى فترة من تاريخ حكم البعث. لأن كل تلك السياسات، ليست موجهة إلا ضد العرب والعروبة. وعلى جميع من يؤيدون السلطة السورية أن يرفعوا أيديهم عن الأمة، ولا يزايدون لمصلحة بعث الأسد، لأنه لم يكن يوماً مخلصاً لقضايا الأمة.
وفى النهاية وبينما كان سلطة البعث تزعم أنها تعارض الحل المنفرد مع إسرائيل، فكانت تدير مفاوضات سرية دائماً وعلنية نادراً، من أجل حل منفرد لها، وكأن لسان حالها، أنها الوحيدة التى يسمح لها بالقيام بما لا تسمح به للآخرين!!!
* دكتوراه العلوم السياسية ومتخصص فى شئون الشرق الأوسط
http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=68020