سلام ونعمة للأخ الحبيب البابلى (f)
الزميل العزيز خالد ... إليك ماهية الروح :
اقتباس:مما قدمت زميلنا العزيز أبانوب هو النص، فكيف تفسر ماهية الروح أو خواصها أو مفهومها استنادا إلى ما قدمت؟
ماهية الروح
1- مكانها : داخل الانسان :
أيوب 32:
18 لاني ملآن اقوالا.روح باطني تضايقني.
18 For I am full of matter, the spirit within me constraineth me.
2- طبيعتها : إثيرية غير مادية لا يستطيع الإنسان أن يراها أو يمسكها :
جامعة 8:
8 ليس لانسان سلطان على الروح ليمسك الروح ولا سلطان على يوم الموت ولا تخلية في الحرب ولا ينجي الشر اصحابه
3- مصيرها : ترجع الى مصدرها .. الى الله الذى أعطاها .
جامعة 12:
7 فيرجع التراب الى الارض كما كان وترجع الروح الى الله الذي اعطاها.
7 Then shall the dust return to the earth as it was: and the spirit shall return unto God who gave it.
4- مصدرها ومكانها : مصدرها الله ومكانها داخل الانسان :
زكريا 11:
1 وحي كلام الرب على اسرائيل.يقول الرب باسط السموات ومؤسس الارض وجابل روح الانسان في داخله
5- صفاتها : نشيطة لا تتعب مثل الجسد :
متى 26:
41 اسهروا وصلّوا لئلا تدخلوا في تجربة.اما الروح فنشيط واما الجسد فضعيف.
6- ماهية الله : الله روح ... هو ابو الأرواح ... خلق الله الملائكة أرواحاً وخلق البشر أرواحاً داخل أجسام مادية .
يوحنا 4:
24 الله روح.والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي ان يسجدوا.
عبرانيين 1:
7 وعن الملائكة يقول الصانع ملائكته رياحا وخدامه لهيب نار.
7 And of the angels he saith, Who maketh his angels spirits, and his ministers a flame of fire.
7- لله السلطة على الأرواح أن يلقيها فى جهنم وهو مصير الأشرار ... وسيكون عذاب الأشرار بالأرواح والأجساد معاً .. وليس للإنسان تسلط على روح الانسان الآخر :
لوقا 12:
4 ولكن اقول لكم يا احبائي لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد وبعد ذلك ليس لهم ما يفعلون اكثر.
5 بل اريكم ممن تخافون.خافوا من الذي بعدما يقتل له سلطان ان يلقي في جهنم.نعم اقول لكم من هذا خافوا.
8- الإهتمام بأمور الجسد تؤدى الى الموت اما الاهتمام بامور الروح فحياة :
رومية 8:
5 فان الذين هم حسب الجسد فبما للجسد يهتمون ولكن الذين حسب الروح فبما للروح.
6 لان اهتمام الجسد هو موت ولكن اهتمام الروح هو حياة وسلام.
وإليك تفسير الآباء لهذه الآيات :
1كو 2:
10 فاعلنه الله لنا نحن بروحه.لان الروح يفحص كل شيء حتى اعماق الله.
11 لان من من الناس يعرف امور الانسان الا روح الانسان الذي فيه.هكذا ايضا امور الله لا يعرفها احد الا روح الله.
12 ونحن لم نأخذ روح العالم بل الروح الذي من الله لنعرف الاشياء الموهوبة لنا من الله
13 التي نتكلم بها ايضا لا باقوال تعلّمها حكمة انسانية بل بما يعلّمه الروح القدس قارنين الروحيات بالروحيات.
14 ولكن الانسان الطبيعي لا يقبل ما لروح الله لانه عنده جهالة.ولا يقدر ان يعرفه لانه انما يحكم فيه روحيا.
15 واما الروحي فيحكم في كل شيء وهو لا يحكم فيه من احد.
16 لانه من عرف فكر الرب فيعلمه.واما نحن فلنا فكر المسيح
"فأعلنه اللَّه لنا نحن بروحه،
لأن الروح يفحص كل شيء حتى أعماق اللَّه" [10].
أعلن اللَّه عن حكمته بالإنجيل، فأعدنا للتمتع بالمجد الأبدي والسعادة السماوية. يعلن أسراره المفرحة وأعماله المجيدة لمؤمنيه الذين ينتظرونه. وكما قيل: "لم ترَ عين إلهًا غيرك يصنع لمن ينتظره" (إش34: 4)، "ويقال في ذلك اليوم: "هوذا إلهنا انتظرناه فخلصنا. هذا هو الرب انتظرناه؟ نبتهج ونفرح بخلاصه" (إش 25: 9).
يعلن اللَّه عن حكمته بروحه القدوس، الروح الذي أعلن كلمة اللَّه فتمتعنا بالكتاب المقدس، إذ تحدث رجال اللَّه قديمًا مسوقين بالروح القدس (2 بط 1: 21). وتحدث الرسل في العهد الجديد بذات الروح القدس. هذا الروح الذي ليس كروح الإنسان المحدود الذي يعرف أعماق الإنسان، بل الروح الإلهي الذي يعرف أعماق اللَّه. معرفته غير محدودة، يكشف الأسرار الإلهية الخفية. الروح القدس هذا الذي أعلن الخطوط العريضة للحق السماوي خلال الأنبياء قدم الحق كاملاً خلال الرسل والإنجيليين.
v لا يحتاج الروح القدس إلى تعليم بالكلام، فبكونه اللَّه يقول الرسول انه "يفحص كل شيء حتى أعماق اللَّه".
القديس غريغوريوس أسقف نيصص
v الذين لهم الروح يطلبون أعماق اللَّه، أي الأسرار الخفية التي تحول بالنبوة.
القديس إكليمنضس السكندري
v الروح وحده يقدر أن يفحص كل شيء تعجز النفس البشرية عنه. هذا هو السبب الذي لأجله نحن في حاجة أن نتقوى بالروح ما دام يخترق حتى أعماق اللَّه.
العلامة أوريجينوس
v يعلن اللَّه هذه الأمور بروحه لمؤمنيه، لأن الأمور الخاصة باللَّه لا يمكن معرفتها بدون روحه، فروح اللَّه يعرف كل ما يخصه.
v يعلمنا روح اللَّه ما يعرفه بالطبيعة لا ما تعلمه. لذلك يعلمنا سرّ المسيح، فإنه وهو روح اللَّه هو أيضًا روح المسيح.
أمبروسياستر
v من ينال إعلان الروح يتقبل أيضًا فهم الروح.
ثيؤدورت أسقف قورش
"لأن منْ من الناس يعرف أمور الإنسان إلا روح الإنسان الذي فيه؟
هكذا أيضًا أمور اللَّه لا يعرفها أحد إلا روح اللَّه" [11].
لا يستطيع إنسان أن يدخل إلى أعماق إنسان آخر ويدرك أفكاره وخططه الخفية ومقاصده وما يدور في ذهنه، ولا يعرف أحد شيئًا من هذه سوى الإنسان نفسه، هكذا لا يعرف ما للَّه سوى روح اللَّه الذي يعلن هذه الأسرار للرسل المهتمين بتحقيق خطة اللَّه من جهة خلاص العالم0
v بتوزيع ثروتهم بين الفقراء، هكذا يخزنوها في أكثر الأماكن أمانًا في كنز السماء. إن وُجد عائق يمنعك من صنع هذا بسبب التزامات أسرتك، فأنت تعرف نفسك أي حساب تقدمه للَّه عن استخدامك لغناك فإنه لا يستطيع أحد أن يعرف ما يجتاز داخل إنسان إلا روح الإنسان الذي فيه. يليق بنا ألا نحكم في شئ قبل الوقت حتى يأتي الرب الذي سينير خفايا الظلام ويظهر آراء القلوب، وحينئذ يكون المدح لك من اللَّه (2 كو 4: 5) .
القديس أغسطينوس
"ونحن لم نأخذ روح العالم،
بل الروح الذي من اللَّه،
لنعرف الأشياء الموهوبة لنا من اللَّه" [12].
لم نأخذ روح العالم، أي لم نتسلم من العالم فكره وفلسفته في المعرفة. نظرتنا إلى الحق لا تقوم على نظريات فلسفية متغيرة لكنها عطية روح اللَّه واهب الحق.
ما ينطق به الرسول لم يتعلمه بحكمة بشرية بل هو عطية الروح القدس للكنيسة. إنها لا تتقبل إيمانها بروح العالم بل بروح اللَّه، لهذا لم يغَّلف كرازته بثوب بشري براق، بل يقدمها في بساطة حسبما تسلمت الكنيسة من اللَّه. البلاغة والفلسفة والحكمة البشرية تعجز عن تقديم ما يخص اللَّه، لكن روح اللَّه وحده قادر أن يقدم ما يخص اللَّه.
يتحدث الرسول عن نفسه وعن بقية الرسل الحقيقيين أنهم قبلوا روح اللَّه الذي به يعرفون ما للَّه، خلال هذه المعرفة يكرزون بالمسيح المصلوب. إنهم لم يقبلوا روح العالم الذي للمعلمين اليهود، هؤلاء الذين يطلبون مملكة زمنية ومسيحًا أرضيًا، مفسرين ما ورد في العهد القديم بطريقة مادية زمنية.
v روح العالم هو ذاك يقتنيه أناس متباينون. إنه لا يعرف الحق، وإنما يمكنه أن يستخدم الحدس (التخمين)، لهذا فهو يخدع الآخرين، كما هو نفسه ينخدع بالمظاهر.
أمبروسياستر
v يظهر بولس بقوله هذا أن الروح القدس ليس مخلوقًا بل له طبيعته الإلهية.
ثيؤدورت أسقف قورش
"التي نتكلم بها أيضًا،
لا بأقوال تعلمها حكمة إنسانية،
بل بما يعلمه الروح القدس،
قارنين الروحيات بالروحيات" [13].
"قارنين الروحيات بالروحيات" كثيرا ما ينشغل الدارسون بتقديم الإيمان خلال مقارنته بالعلم أو باستخدام النظريات الفلسفية. الحاجة إلى الكشف عن الروحيات بالروحيات، فما ورد في العهد الجديد هو تحقيق لنبوات العهد القديم التي نطق بها رجال اللَّه مسوقين بالروح القدس. وكل عبارة في الكتاب المقدس تكشفها أسفار الكتاب, نتعرف على الأسرار الروحية بإعلانات الروح ولغة الروح.
لا يستطيع الجسدانيون أن يفهموا الروحيات، إذ يقول الرسول يهوذا: "هؤلاء هم المعتزلون بأنفسهم نفسانيون لا روح لهم" (يه 19). الذين لا يتمتعون بتقديس الروح لا يمكنهم إدراك الروحيات. فإن الفهم الروحي تحطم بفساد الخطية وصارت الحاجة ملزمة أن يتقدس الإنسان بروح الرب فيتهيأ ذهنه وقلبه وكل أعماقه لإدراك الروحيات والتجاوب معها. فالإنسان الجسداني يحمل أعينا ضعيفة عاجزة عن رؤية أشعة شمس البرّ والتمتع بجمالها. لذا لا يقبل النور بل يود أن يعيش في جهالة الظلمة.
كأنه يقول: لا نعود نستخدم لغة اليهود أو الأمم حين نتحدث عن اللَّه والإلهيات، إنما نستخدم لغة روح اللَّه، فننطق بالروحيات، لغة البساطة والوضوح والصراحة.
بقوله "قارنين الروحيات بالروحيات" يعني أيضًا أنه لا يستطيع أن ينطق بالأمور الروحية إلا ذاك الذي صار روحيًا. فالأمور الروحية تحتاج إلى أناس روحيين (1 كو 2: 6، 9-10، 14-15، 3: 1).
v بعض الحقائق الروحية غير واضحة وتحتاج إلى تفسير، لكن هذا يمكن تحقيقه فقط بمقارنتها بأمور روحية أخرى. كمثالٍ عندما أقول أن المسيح قام من الأموات، أقارن ذلك بخلاص يونان من بطن الحوت (يونان 10:2). وعندما أقول أنه وُلد من عذراء أقارن ذلك بالحبل الذي يتم للعواقر مثل سارة ورفقة وغيرهما (تك1:21-7؛ 21:25) .
القديس يوحنا الذهبي الفم
v هذا لا يعني أن بولس لم تكن لديه أية حكمة بشرية، وإنما يكرز بحكمة الروح.
ثيؤدورت أسقف قورش
"ولكن الإنسان الطبيعي لا يقبل ما لروح اللَّه،
لأنه عنده جهالة،
ولا يقدر أن يعرفه،
لأنه إنما يحكم فيه روحيًا" [14].
لكي يستطيع الإنسان الطبيعي أن يحكم يلزمه أن يعرف فكر الرب. ومن يقدر أن يعرف ذلك؟ تُفهم الكلمات هنا هكذا: "هل يقدر الإنسان الطبيعي أن يعرف فكر الرب؟" أو "من يدرك فكر ألا يلزمه أن يعلم به؟".
ماذا يعنى الإنسان الطبيعي؟
يرى البعض أن الإنسان الطبيعي هو مقابل الإنسان الروحي. فالأخير يقوده الروح القدس فيقدس جسده وفكره ونفسه وروحه وكل طاقاته حتى يبدو كأنه كله روح. أما الإنسان الطبيعي فتحكمه الغرائز الطبيعية والشهوات الحيوانية. ويرى بعض الكتاب اليونانيين أن الإنسان الطبيعي يشترك مع الحيوانات في الانحصار في المحسوسات دون أن يسمو ليحيا بالفكر المرتفع والضمير الحي. يدعوه البعض "الإنسان الحيواني".
يرى البعض أن كلمة "طبيعي" تشير هنا إلي الجسد قبل القيامة، والروحي إلى "الجسد القائم من الأموات" كما جاء في 1 كو 15: 44 "يُزرع جسمًا حيوانيًا وُيقام جسمًا روحانيًا". فالإنسان طبيعي هو المحصور في ملذات الجسد الترابي، أما الروحاني فهو الذي يجد لذته في المجد الأبدي.
يرى كثيرون أن الإنسان الطبيعي هو ذاك الذي يجعل نفسه الحيوانية animal soul (psuche) تحكم في روحه، فلا يقودها روح اللَّه ا(يه 19). مثل هذا الإنسان لا يحي الروح جسده، فيكون غريبًا عن الإلهيات.
الإنسان الجسداني هو الإعلان العملي للإنسان الطبيعي، يقوده عدو الخير فيحمل حكمة "أرضية نفسانية شيطانية" (يع 3: 15).
يرى البعض انه يعني الإنسان الذي لا يتعدى عقله وقلبه وأعماقه الأمور الطبيعية، فيحبس حتى عواطفه ومشاعره في الشهوات الحيوانية. مثل هذا الإنسان لا يقدر أن يدرك قيمة الروحيات، فهو ينكرها بل ويقاومها. السماء بالنسبة له وهم وخيال.
لا يستطيع الإنسان الطبيعي أن يدرك الروحيات كما أن الأذان البشرية لا تقدر أن تسمع موجات الراديو العالية، ولا يستطيع الأصم أن يحكم في مسابقات الموسيقى، ولا الأعمى أن يميز الألوان.
v أعطانا اللَّه عقلاً لكي نتعلم ونتقبل عونًا منه، لا أن يكون العقل مكتفيًا بذاته. الأعين جميلة ونافعة، لكنها إن أرادت أن ترى بدون نورٍ يصير جمالها بلا نفع، بل وقد يصير ضارًا. هكذا إذ تختار نفسي أن ترى بدون الروح تصير في خطر... الإنسان الطبيعي ينسب كل شيء إلى البراهين العقلية، حاسبًا أنه ليس في حاجة إلي عون علوي، هذه علامة الغباوة التامة. فإن اللَّه منحنا العقل لكي نتعلم ونقبل العون منه، لا أن نحسبه مكتفيًا بذاته. فالأعين جميلة ونافعة لكن إن اختارت أن ترى بدون النور فجمالها لا ينفع شيئا، ولا إمكانياتها الطبيعية، وأيضًا أن اختارت أن ترى بدون الروح تصير عائقًا لنفسهًا.
v كما أنه لا يقدر إنسان أن يتعلم الأمور السماوية بهذه الأعين، هكذا لا تقدر النفس التي لا يسندها الروح. ولماذا أتحدث عن الأمور السماوية؟ فإنها لا تقدر حتى أن تقبل الأمور الأرضية كلها. فإننا عندما نتطلع من بعيد إلي برج مربع نظن أنه دائري. هذا هو خداع النظر، هكذا نرى أن الإنسان الذي بفهمه وحده يفحص الأمور البعيدة يبلغ إلي نتائج سخيفة.
إذا يقول: "عنده جهالة" [14]. هذا لا يتحقق من طبيعة الأشياء نفسها، وإنما من ضعفه، إذ هو عاجز عن أن يتقبل عظمتها خلال أعين نفسه.
v تبدو الظلمة مناسبة للعين المريضة أكثر من النور، لذلك يفضلون الذهاب إلي حجرة بها ظل. هذا هو أيضًا الحال بالنسبة للحكمة الروحية. تبدو الحكمة التي من اللَّه جهالة للذين هم في الخارج، مع أن حكمتهم هم التي بالحق جهالة ويحسبونها حكمة. ذلك مثل شخص ذو خبرة في الإبحار ويعد بأنه يعبر البحر الذي بلا حدود بدون مركب، ويجاهد أن يبرهن عقلانيًا أن هذا الأمر ممكن، وشخص آخر يجهل كل هذه الأمور ويعهد بنفسه لدى قائد المركب والبحارة والسفينة، فيسير في أمان. ما يبدو انه جهالة لهذا الإنسان هو أحكم من حكمة الأول.
القديس يوحنا الذهبي الفم
v الإنسان الحيواني لا يعرف ما لروح اللَّه لأن عنده جهالة. يقول بعد ذلك بقليل لأناسٍ من هذا النوع، أي لأناسٍ حيوانيين (جسديين): "وأنا أيها الاخوة لم أستطيع أن أكلمكم كروحيين بل كجسديين" (1 كو 3:1). هذا يُفسر بنفس الطريقة إن الجزء يؤخذ ليعَّبر عن الكل. فإن كلاً من النفس والجسد يكونان الإنسان ويمكن استخدام أحدهما ليعني الإنسان كله، وهكذا الإنسان الحيواني والإنسان الجسداني ليسا شيئين مختلفين بل هما واحد، نفس الشيء، إنسان يعيش حسب الإنسان.
القديس أغسطينوس
v الإنسان غير الروحي هو ذاك المسرور بأفكاره ولا يقبل تعليم الروح ولا يفهمه.
ثيؤدورت أسقف قورش
v بالنسبة للجهلاء والحسيين تبدو الأمور الباطلة أكثر جمالاً من تعاليم الحق.
العلامة أوريجينوس
"وأما الروحي فيحكم في كل شيء،
وهو لا يُحكم فيه من أحد" [15].
الذي يتقدس ويتمتع بذهن روحي فيهتم بما للروح (رو8:6) يحكم في كل شيء ويميز كل الأمور. فإنه إذ يتمتع بمذاقٍ روحيٍ للحقائق الإلهية الصادقة يستطيع أن يحكم حتى في الحكمة البشرية. يدرك الأسرار الإلهية، ويتمتع بقوتها، ويتهلل بإعلاناتها. حياته مخفية في المسيح حكمة اللَّه (كو 3:3). أما الإنسان الجسداني، فمهما نال من معرفة بشرية، يبقي غريبًا عن خبرة الحياة الإلهية وأسرارها، فلا يقدر أن يدرك ما في ذهن اللَّه، ولا يتعرف على الحق الإلهي.
من له فكر المسيح يستطيع أن يميز ويحكم بالروح.
جاء في مناظرات القديس يوحنا كاسيان حديث للأب دانيال يكشف عن التمييز بين الإنسان الروحي الذي يهتم بالأعماق الداخلية والنمو الروحي المستمر، وبين الإنسان الطبيعي الذي ينشغل بالممارسات الخارجية والنسك الجسدي دون الاهتمام بالأعماق. فهو يحذر الرهبان من ذلك فيقول: [لقد بدأنا نعتزل التعامل مع الذين في العالم، ولم يعد لنا ما نفعله علانية بخصوص فساد الجسد. لكن يليق بنا أن نحرص علي الجهاد بكل إمكانياتنا حتى يبلغ حالة روحية (نصير روحيين)، لئلا نخدع أنفسنا فنظن إننا بلغنا أعالي الكمال بمجد إنساننا الخارجي وتخلصنا من دنس الزنا الجسدي. فنكون مهملين ومتراخين في أمر نقاوتنا من الأهواء الأخرى، وإذ نبقى هكذا نعجز عن بلوغ مرحلة التقدم الروحي.]
v من يتقبل موهبة الروح ينتعش ليعلم الآخرين، وإلا ما ينطق به يكون بلا نفع تمامًا.
ثيؤدورت أسقف قورش
v الإنسان الروحي قادر أن يحكم في كل شيء، سواء كان يونانيًا أو بربريًا، حكيمًا أو غبيًا. ولا يمكن أن يحكم عليه أحد بسبب عمق فهمه وتجاوبه.
العلامة أوريجينوس
v من يقدر أن يدين شخصًا يخبر بالحق؟ عندما يقول عنه أنه باطل وهو حق؛ فإن اتهاماتهم تصير كلا شيء إذ يدينهم حكم الحق.
أمبروسياستر
v إذ يحكم الروحي في كل شيء ولا يحكم عليه أحد، يليق أن نتحدث عنه بكونه كرسي اللَّه.
القديس أغسطينوس
v يتعرف الرسول علي ثلاث أقسام من الأوضاع، يدعو واحدًا منها "جسديًا" وهو المشغول بالبطن واللذات المرتبطة بها. والآخر "طبيعيًا" الذي يحتل مركزًا متوسطًا ما بين الفضيلة والرذيلة، فيرتفع عن القسم الأول ولكن دون شركة ظاهرة مع القسم الآخر. وآخر يدعوه "روحيًا" وهو الذي يدرك كمال الحياة التقية. لذلك عندما يتحدث مع الكورنثوسيين موبخًا إياهم علي انهماكهم في الملذات والشهوات يقول "أنتم جسديون"، غير قادرين علي قبول التعليم الأكثر كمالاً, بينما في موضع آخر يقارن بين النوع المتوسط من الكمال فيقول: "ولكن الإنسان الطبيعي لا يقبل ما لروح اللَّه، لأنه عنده جهالة... وأما الروحي فيحكم في كل شيء وهو لا يُحكم فيه من أحد".
القديس غريغوريوس أسقف نيصص
"لأنه من عرف فكر الرب فيعلمه؟
وأما نحن فلنا فكر المسيح" [16].
في اختصار أراد الرسول بولس في هذا الأصحاح أن يسحب قلوب الشعب من الانشغال بالانشقاقات الكنسية إلى البركات الإلهية التي تمتعوا بها خلال الإيمان.
بينما ينشغل الفلاسفة بالكلمات والتعبيرات الفلسفية غير المجدية ينال المؤمنون قوة اللَّه المجددة لأعماقهم فيصيروا كاملين. يجهل العظماء فكر اللَّه، بينما يستنير المؤمنون بالروح القدس ويدركوا حكمة اللَّه الأزلية. بينما يعيش العظماء بروح العالم كأناس طبيعيين، يتمتع المؤمنون بروح اللَّه كأناسٍ روحيين.
لا يقدر العظماء إن يحكموا في الإلهيات بينما يحكم الروحى فيها ولا يحكم عليه أحد. بينما يعيش العظماء بالفكر البشري المجرد، يتمتع المؤمنون بفكر المسيح.
يا لعظمة عطية اللَّه لنا، فقد صار لنا فكر المسيح معلنًا لنا بروحه القدوس.
v عندما يقود المسيح النفس لكي تدرك فكره، يُقال إنها تدخل في حجال الملك، الذي فيه تختفي حكمته ومعرفته.
v تسأل عروس المسيح عن أماكن الراحة في الظهيرة، وتطلب من اللَّه فيض من المعرفة لئلا تظهر كأنها أحد مدارس الفلاسفة، والتي يقال عنها أنها ترتدي حجابًا، لأن فيض الحق مخفي ومُحتجب. أما عروس المسيح فتقول: "وأما نحن فنرى مجد اللَّه بوجهٍ مكشوفٍ" (2 كو 3: 18).
العلامة أوريجينوس
v "لنا فكر المسيح"، أي ما هو روحي وإلهي، وليس فيه شيء بشري. فإن المسيح نفسه وليس أفلاطون ولا فيثاغورس يضع أموره في أذهاننا.
القديس يوحنا الذهبي الفم
v اللاهوت عقل وكلمة. ففي "البدء كان الكلمة". كان لأتباع بولس فكر المسيح [16] يتكلم فيهم. لم تُحرم البشرية تمامًا من هذا، فانك تري في نفسك كلمة وفهمًا، يتمثلان بالعقل ذاته والكلمة ذاته.
القديس غريغوريوس أسقف نيصص
v يقول بولس ذلك لأن المؤمنين شركاء في الحكمة الإلهية.
أمبروسياستر
v بعطية الروح القدس لم يكن قلب الأنبياء قلبًا بشريًا بل كان قلبًا روحيًا.هكذا يقول هنا "لنا فكر المسيح". وكأنه يقول: "قبل نوالنا بركة الروح وتعلم الأمور التي لا يقدر إنسان أن ينطق بها، لم يكن أحد منا ولا من الأنبياء مدركًا هذه الأمور في ذهنه. كيف يمكننا ذلك إن كان حتى الملائكة أنفسهم لم يدركوها؟". يقول: أية حاجة لنا أن نتحدث عن عظماء هذا العالم إذ لا يوجد إنسان يدرك هذه الأمور، حتى القوات العلوية؟
v نحن نعرف الأشياء التي في فكر المسيح، والتي يريد أن يُعلنها لنا. هذا لا يعني أننا نعرف كل شيء يعرفه المسيح، بل بالأحرى كل ما نعرفه هو من عنده وهو روحي.
القديس يوحنا الذهبي الفم
v يبرهن بولس بوضوح كافٍ أنه لا يوجد شيء ناقص في تعليم اللَّه. لا يعني هذا أنه يحوي كل المعرفة، لكن اللَّه يخرج لنا الحكمة كما من مخزنٍ لكي نفهمها بلياقة.
ثيؤدورت أسقف قورش
v يشير فكر المسيح إلى الآب، فيقول بولس أن لدينا أب المسيح فينا.