{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 12 صوت - 3.58 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
قراءة في توبة ابن القمني عن الأفكار التنويرية .
بهجت غير متصل
الحرية قدرنا.
*****

المشاركات: 7,099
الانضمام: Mar 2002
مشاركة: #51
RE: قراءة في توبة ابن القمني عن الأفكار التنويرية .
دولة الحداثة الفقهية
1 من 2
سيد القمني - الحوار المتمدين


من المدهشات في بلادنا، والغرائب عندنا كثير، أن تجد مذيعاً في إذاعة مصرية، يطرح فكراً هو بالمرة ضد الدولة القائمة، وضد مجتمعها، وضد كل النظام العام للمجتمع. والمذيع المقصود هو الدكتور فوزي خليل الذي يُعرف نفسه فيما يكتب وينشر بأنه "من كبار مذيعي إذاعة القرآن الكريم بالقاهرة"، وبجوار هذا التعريف تعريفاً آخر يقول إنه حاصل على درجة دكتوراه في العلوم السياسية.
تعالوا نقرأ معاً عملا كتبه كباحث يحمل درجة الدكتوراه فــي العـلـــوم السيـاسيــة بعــنـــوان :
"الإجتهـاد السياسـي، تقاطعـات المدنـي والفقهــي/ http://islamonline.net/arabic/mafaheem/index.shtml
يقدم لنا رأي الشريعة في عملية صنع القرار السياسي "فيكون المطلوب شرعياً هو : الاجتهاد في الحياة العامة لجلب المصلحة ودفع المفسدة، وفق شروط وضعتها الشريعة، وأوصافاً بعينها لابد أن تتوفر في القائم بصنع القرار الشرعي الجالب للمصلحة والدافع للمفسدة".
كيف يمكن قبول مثل هذا القول من رجل يحمل دكتوراه العلوم السياسية في القرن الواحد والعشرين الميلادي؟ إن الرجل لم يقم بتفعيل أياً مما تعلم سنين دراسته كلها بالمطلق وهو يعرفنا برأي الشريعة في عملية صنع القرار السياسي، فلا شئ فيما قال يشير بالمرة إلى سياسة بما هو مفهوم عنها. الرجل يعيش القرن السابع الميلادي وربما حتى العاشر أو الحادي عشر على الأكثر، فيعطينا الدرس لنتعلم كيف نصدر قرارنا السياسي وفق منظومة الشريعة الإسلامية مشروطاً بشروط تتوفر في متخذي القرار، الرجل لا يرى ما حوله بالمرة مثل كل رفاقه من المشتغلين علينا بالدين، فيتوهم أن للدولة ان تتخذ قراراتها السياسية محلياً وفق شريعتها، غير عابئ بما حدث حوله من متغيرات عالمية جعلت اتخاذ أى قرار سيكون له تأثيره على بقية العالم، فى زمن لم يعد القرار السياسي يتخذ محلياً وفق شريعة محلية بشروط تتوفر في صانع القرار، لأن صانع القرار الإيراني يعجز عن إصدار قرار علنى واضح وصريح بتصنيعه السلاح النووي، والدكتور فوزي خليل وكل جماعته يعجزون عن إعادة مبادئ الشريعة للعمل بها، لأنه وكلهم معه يعجزون عجزاً فاضحاً أمام العالمين من تطبيق وفرض الجزية على غير المسلمين في بلادهم، وعجز آل الشيخ الوهابية في السعودية عن التصدى للقرار الأممى المطلوب دولياً بمنع الرقيق حوالي عام 1963 ميلادية. وعجزت حكومة السودان عن تطبيق حدود الشريعة على مجتمعها، ولم تطبق من الإسلام سوى مظاهر شكلية كالحجاب والنقاب وإطالة اللحي وتمزيق الوطن . وحماس الفرع الفلسطيني للإخوان ظلوا يطلبون السلطة لتطبيق شرع الله، وها هي حماس حتى اليوم تعجز عن تطبيق الشريعة، التي زعموا أنهم إنما يريدون الحكم من أجل تطبيقها. ويعجزون جميعاً عن إعادة التسرى بالجواري بيعاً وشراء وإقامة قصور الحريم.
ودول العالم الإسلامي بحكم انتمائها لعالمها وأممه المتحدة وقوانينه، تعجز جميعاً من شرقها إلى غربها عن إعلان إقرار فقه الجهاد الإسلامي كقانون حرب تعمل بموجبه قواتها المسلحة. حتى أصبح (فقه الجهاد والقتل على الظنة، وحروب الإبادة الصفرية ضد الشعوب والقبائل الأخرى وعدد السبايا وطرق قسمتهن بين المؤمنين، وكذلك فقه العبودية برمته من بابه الأول إلى أخر صفحة في بابه الأخير بين دفتي القرآن وكتب السير والأخبار والطبقات والصحاح وكل علوم الدين). أصبح كل هذا من قبيل الروايات التاريخية لزمن ردىء، ولم يعد بإمكان أي دولة إسلامية أن تصرح به أو تبوح به خارج مدارس التعليم الإسلامي، ربما نجدة في خطبة عصماء في هذه القناة الخاصة الغير محسوبة على أي حكومة، أو في ذلك المسجد، هذا علماً ان فقه الجهاد كان الفريضة العظمى وكان أعظم مجلب لأعظم مصلحة للحاكمين بالشريعة ، كما يريد خليل، حيث كان يزود خزائن الدولة بالمال والقصور والنساء والعبيد. إن الدكتور فوزي وحكوماته ووزاراته وشعبه مرغمين جميعاً على القبول بالشرعية الدولية بالقوة الجبرية، وخرج المسلمون على شريعتهم بالإكراة علناً وخضعوا للشرعية الدولية رسمياً، والشرعية الدولية هي شرائع لا شأن لنا بها، ولم نتقدم للمساهمة فيها ولومرة واحدة بمادة من مواد شريعتنا الإسلامية لعدم صلاحيتها لزماننا، وأن من وضع الشرعية الدولية هم غير المسلمين من أمريكا لإنجلترا لفرنسا للصين لروسيا. وجاء قرار هؤلاء السياسي التشريعي ملزما للعالم أجمع، ولا علاقة له بالمنظور الإسلامي الذي يحدثنا عنه أستاذ العلوم السياسية.
وحتى نصدق الدكتور ونستمر في قراءة ما يطرحه علينا، كان عليه أن يشعرنا أن لاستهلاك الوقت في قراءة أمثالة فائدة ومصلحة، بأن يشير لنا مثلا إلى عدد مرات رفضنا لقرارات الأمم المتحدة وتنفيذ هذا الرفض وما ترتب على هذا الرفض. ومنذ أغلقنا مضيق العقبة/ تيران بوجه السفن الإسرائيلية وهذا حالنا من سيئ إلى أسوأ حتى اليوم.
وقبلها عندما رفضنا قرار التقسيم الدولي لفلسطين فكانت النتيجة هزيمة مروعة لكل الدول العربية وضياع أراض عربية ضعف ما كان مقرراً في التقسيم الدولي.
حتى نستوعب ونعلم بقدرتنا على إتخاذ القرار السياسي وفق شريعتنا، هل بالإمكان أن تقوم دول العالم الإسلامي برفض قرارات الأمم المتحدة بقيام إسرائيل في قلب العالم العربي الإسلامي؟ هل بالإمكان رفض الدولة العلمانية التركية وإصدار القرار بتكفيرها، وهي تردد كل يوم أن لا علاقة لها كدولة بدين الإسلام لأنها دولة علمانية، رغم أنها كانت أخر معقل للخلافة الإسلامية منذ بضع عشرات من السنين.
إن الدكتور خليل ورفاقه يكذبون على شعبنا، ويغشون المسلمين بتقديم ما يوعز بأننا أهل قدرة، وأصحاب منعة، لدرجة أن بإمكاننا العودة بالبلاد إلى زمن العبودية والظلمات، ولا يبقى من ترداد تلك الأقوال سوى ترك أثرها الجارح في النفس الإسلامية وإشعار الشعوب الإسلامية بالدونية بين الأمم، ومع التأجيج المستمر فى إعلامنا لمشاعر العداء الإسلامي لغير المسلمين، لا يبقى للنفس كي تطمئن سوى أن تقتل وتُقتل، لا يبقى بيدنا سوى الإرهاب سلاح الضعيف والمشلول القدرات.
إنهم يغشون شعبنا وهم يتحدثون عن وهم اسمه دولة دينية إسلامية سننتصر بها ونسود العالمين، ويستخرجون لها الأدوات والقرارات والشروط، بينما تاريخ الإسلام كله لم يعرف شيئاً اسمه الدولة الدينية أو الإسلامية سوى زمن الرسول وحده، وكانت في ذلك الوقت عبارة عن تجمع قبلي يدين بالولاء لسيد واحد من قبيلة بعينها أصبحت فيما بعد هي السيد المطلق، ولم تكن بالمرة دولة بالمعنى العلمي السياسى المفهوم، حتى أن اسم الدولة أو الحكومة بما نفهمه منه اليوم، غاب بالمرة وبالمطلق عن كل التاريخ الإسلامي منذ جاء جبريل بإقرأ وحتى اليوم. لأن رب الإسلام لوكان يريد دولة لدينه، لخلق لها الجماعة التي تضع ذلك وتدرسه وتطبقه وتضع له مواصفاته وشروطه ومؤسساته التي تشرف على تنفيذه وتحميه، وهو كله الكلام الذي لم يكن معلوماً زمن الصحابة ولزمن بعيد بعده، حتى ظهور ابن تيمية وسياسته الشرعية وإبن القيم وأعلام الموقعين وحسن البنا والإسلام هو الحل. لوأردها الله دولة إسلامية لخلق هؤلاء زمن الدعوة ليجلسوا حول الرسول ويشيرون عليه بما يقولونه لنا اليوم، ويعظونه به كما يعظوننا ولقامت الدولة مواكبة لقيام الدين، ولكانت قد جعلت العالم كله ديار إسلام منذ قرون مضت، وكان الله قادراً ان يخلق الدكتور فوزي خليل زمن الدعوة مع فريق من الإخوان والأزاهرة ليعلموا النبى و الصحابة معنى الدولة وشروطها، بدلاً من أن يظل الإسلام والنبى والصحابة غير عارفين بها ولا بطريقة اتخاذ القرار السياسي حسب الشريعة، ويظل إسلامنا طوال تلك القرون ينتظر الدكتور فوزي خليل ليكتشف الدولة وشروطها في الشريعة الإسلامية، لكن بعد أكثر من أربعة عشر قرناً. ولكان وجود فلاسفة الدولة الإسلامية مع نظريتهم في المساواة والعدل والحريات والحقوق زمن النبي، كفيلاً بقيام هذه الدولة المتحصنة بالشريعة ولما ظهر في تاريخنا الحجاج بن يوسف الثقفي، ولا يزيد بن معاوية، ولا هتك المسلمون أعراض بنات مدينة رسول الله، ولما أبادوا آل بيت الرسول، ولما حدثت الفتنة الكبرى لأنها كانت ستكون دولة حاكمة ذات مرجعية قانونية واحدة للجميع, تطبق على الجميع ، لا أن يدعى كل فريق أنه الإسلام الصحيح ليقتل بصجيحة الفريق الأخرفى حروب إبادة صفرية .
الدكتور خليل بموضوعه هذا يعلن أنه في موقف المعارضة، والمعارضة الإسلامية والمتشددة تحديداً، ولكن بما أنه موظف في جهاز حكومي وإداري كبير، فإنه لا يذهب لإظهار دوافعه الحقيقية من أجل استيلاء جماعته ومن هم مثله على السلطة، إنما هو يقدم دافع ظاهرى هو مصلحة الناس، فيقدم للناس "جلب المصلحة ودفع المفسدة"، يقدم لهم صالحهم كهدف أساسي يسعى إليه وكواجهة يختبئ وراءها بمشروعه الحقيقي، وقد تمرس هذا التيار الإسلامي بفن التخفي والتنكربمئات الأقنعة، وبإشراك الناس نظرياً في مشروعه، فيقدمون للناس حلولاً يبدوالناس مشاركين فيها وطرف من أطرافها، وعبر شعار هو الإسلام هو الحل، يمكن تقسيم المصلحة والمفسدة، فيستفيد أهل الدين كراسي الحكم، ويستفيد الناس حل مشاكلهم، مصحوباً ذلك الحل بالرضى الإلهي مما يعني أنه مضمون النجاح مئة بالمائة. وإن لم يتم حل المشاكل ولوواحد بالمائة، فيكفيهم الله خير ضامن لأجرهم في الآخرة. والحكاية كلها وهم في وهم فلا الله أعلن عن ضمانه هذا المشروع للناس، ولا هو أعطى توكيلا للإخوان نيابة عنه في الأرض، ولا توجد مشاركة حقيقية للناس، ومن ثم لن يبقى من كل ما قيل سوى زيادة المفسدة والمزيد من ضياع المصلحة.
والناس أو المسلمين عند هؤلاء هم فقط أعضاء جماعة الأخوان المسلمين وفروعها على مختلف التسمبات ، وإن أراد المسلم مكاسب حقيقية ملموسة واقعية عينيه، أن يلتحق بعصابتهم للمشاركة في الثورة على الظلم الحكومي القائم، والتمرد عليه لاستعادة عدلنا الإسلامي المفقود. ويتم ذلك بالتشويه الإعلامي المستمر لسمعة الحكومة بحسبانها أُس كل فساد، بل وأنها النموذج لأسوأ فساد ممكن، لأنه نوع خاص من الفساد، إنه النوع الذى أدى إلى سوء علاقة الرب برعيتة، وأبرز الأدلة على ذلك هو امتناع السماء عن الاستجابة لدعاء الرعية على الحكومة، لأنه كان يكفي في أصل الشريعة أن ندعوا عليها دعوة رجل واحد بدعاء المظلومين، آناء الليل وأطراف النهار لتسقط شذراً مدراً، لكننا ندعوونتفنن فى مطاليبنا الدعوية وهي لا تسقط، إذن ثمة خلل في علاقتنا بربنا حتى أنه لم يعد يستجب لدعائنا وبكائنا وتضرعنا إليه، ولا يبقى من حل سوى إزاحة الحكومات الكافرة، هنا سيعلم الله ويفهم أننا قد أصلحنا ما بأنفسنا وقومنا الخلل ومحقنا الكفر، ومن ثم يصالحنا ويستجيب لدعواتنا في تدمير إسرائيل وإزالة أمريكا، عندما نصل بأهل الإسلام إلى السلطة ليطبقوا علينا شرع الله كعلامة خضوع كامل له كخطوة أولى على الطريق الصحيح.
لقد علم المشتغلون علينا بالدين أنه لابد من إشراك الناس في مشروعهم ولووهماً، بجعل الناس أصحاب المصلحة التي سيحلها لهم المتأسلمون عندما يحكموننا عن طريق الرب، وليس عن مشاريع واضحة معلنة تحيطنا علما بها كبديل صالح لما تراه فاسداً، وحتى هذه اللحظة لم نقرأ برنامجاً علمياً واضحاً لحل مشاكل الوطن تقدم به أي فريق من تلك الفرق المتأسلمة.
ولمزيد من التجييش يقدمون الأدلة للمسلمين على كفر الحكومة، بالبنوك الربوية، ووجود الخمارات في البلاد، والصلح مع إسرائيل، والفن الخليع الهابط، وهوما يجعل الحكومة الحالية عائقاً أمام تعاون الرب معنا واستجابته لدعواتنا.
هؤلاء عندما يفعلون ذلك هم صادقون مع تاريخهم، فقد كان تداول السلطة عندأسلافهم يتم بدعاية تقوم بها المعارضة مع دعوة لإشراك الناس في ثورتهم، ثم الإنقلاب من بعدها على الناس. معاوية فعلها مع علي ومع المسلمين من بعد، أبوالعباس السفاح أعلن عدم شرعية الأمويين حسب المواصفات القياسية الإسلامية الشرعية، وإنه إنما قام يطالب بحقوق الله وهي حكم الهاشميين وبني العباس تحديداً من آل البيت، وبهم سيقيم دولة البر والتقوى والعدل والإحسان والدين، فأقام دولة القتل والذبح والطغيان.
إدخال الدين في موضوع الدولة والحكومة، يسوغ لكلٍ فريق أن يرى ما يراه من تفسير لمقصود الشرع، ولإثبات خروج الحكومة على الشرع، وهوما أدى إلى سوء العلاقة بالله، والحل بالعودة للشرع.
كلهم بلا استثناء لا يريدون تغيير الحكومات القائمة لأنها أدت إلى تخلف شعوبها، ولا لأنها أهملت الزراعة، أو لأنها فرطت في حقوق عامة للمواطنين كالمسكن والعلاج والعمل، أو أنها قصرت في حفظ الأمن والمرور وسيادة القانون، أو أنها قصرت فى مواجهة الكوارث، فكل هذا لا يخطر لهم، لأنهم لا يرون الحكم أبعد من كونه نزاعاً على ميراث، ولمن يؤول هذا الميراث؟ نفس النزاع كان هو المؤسس لحكم الراشدين وفتنهم العديدة، كان نزاعاً حول من هو الصاحب الشرعي للميراث، والرعية والأوطان هي التركة. في كل إنقلاب قامت به فرقة للاستيلاء على الحكم لتنزيل الشريعة وصالح الدين والديان، لم تخفض الجباية عن الناس بل ضاعفتها، ولم تقلل من الضرائب بل اعتصرت الناس اعتصاراً، ولم تلغ العبودية بل زادت من عدد العبيد. كان التغيير المطلوب ومازال هو إجابة على السؤال: من يحق له امتلاك الأرضين بما فوقها من رعية؟ بإرضاء رب الدين بتفعيل شريعته، وهي الشريعة التي استخدمها كل الفرقاء لإثبات فساد شريعة و شرعية بقية الفرقاء. فكان أن أصبح كل المسلمين كافرين في نظر كل المسلمين.
يقول أستاذ العلوم السياسية الدكتور فوزى خليل: إن المنفعة العامة (جلب المصلحة ودفع المفسدة) ستكون بالفتوى وبالاجتهاد، ويسميه الاجتهاد السياسي الإسلامي. وهوأمر يركن إلى تعريف للمصلحة العامة قياساً إلي شريعة الله الذي هو أعلم بمصالحنا منا. لا يرى هؤلاء حولهم في الدنيا أن صالح الناس العام لم يعد بيد من يفتي فيه من أهل العلم الدينى والتقوى العارفين بالشريعة، ولا بيد من يريد الاجتهاد ليستنسخ لنا من الشريعة القديمة شريعة قديمة برداء محدث. المصلحة العامة هي التي يحددها الرأي العام، من يحددها هم الناس وليس المشايخ والمفتون والمجتهدون، ذلك كان زمان المماليك وأبوالحجاج الثقفي وليالي هارون الرشيد، ويوم نحس الخليفة الذي يعدم فيه أو ل من يصادفه من رعيتة، ويوم سعده الذي ينعم فيه على أو ل من يصادفه منهم.
اليوم من يقرر الصالح العام هم الناس، اليوم يصبح هذا الاجتهاد عملا ضد السلام العام للمجتمع المدني المحلي، وضد أمن وسلام المجتمع الدولي. لأن استدعاء ذلك الزمان بما فيه من الجهاد والسبي والفيئ واحتلال العالم لإدخاله في نور الله، كفيل بتهديد الأمن الوطنى والعالمي كله.
لكن لكي يكون الرأي العام معبراً عن الصالح العام لمجتمعه حقاً، فلابد أن يتم ذلك في مناخ من الحرية في التفكير وفي القول وفي الاعتقاد، وفي اعتياد وجود آراء مخالفة يمكن أن تنتصر هي في السجال وتعمم نفسها على الرأي العام لثبوت نجاحها. الشرط الأساسي لرأي عام سليم هو أن يكون المجتمع قد ألف واعتاد التعددية في الرؤى، لأن رأياً واحداً سائداً يشكل عقلاً مجتمعياً كاملاً وفق قواعده وشروطه، حتى يصبح الناس كلهم طبعة واحدة، هو رأي عام مزيف، ملعوب فيه، وفي عقل المجتمع كله، ليصبح ضد نفسه، ويتحول إلى مجرد صدى للفتاوي. في هذه الحال يصبح الرأي العام غير معبر عن الصالح العام، إنما عن صالح فئوي تتحقق فيه الفوائد لرجال الدين وحلفهم، ولو قمنا بعمل قياس للرأي العام في بلادنا ستندهش أن تجده هو رأي رجال الدين الإسلامي بالتمام في كل شئ وفي كل شأن. وهورأي صنعه لدى الناس رجل الدين وليس الدين، بعدما أصبح رجل الدين رقيباً على الرأي والفكرة، رقيباً على الآراء الأخرى حتى لا توجد بالمرة ولا يبقى في السوق سوى رأي واحد للجميع ويسلك الجميع ذات السلوك فيصبحون مجرد حشرات.
رجل الدين الذي يبحث عن المصلحة ويدفع المفسدة يراقب المصنفات والمطبوعات، يهرع وراء كل مخالف في أي شأن بتهمة التكفير فلا يبقى حراً في المجتمع سوى رجال الدين كالعرب السادة القدماء، لهم وحدهم الحق في القول في كل شئ والتدخل في كل علم وفن بالفتوى والتفسير، ولهم كل وسائل التعليم والإعلام وتوجيه الرأي العام، حتى تم استئناس الرأي العام وتدجينه في حظيرة العباد الصالحين، هو النجاح الذي لابد أن نعترف به لتيار الدكتور فوزي، بتحالف تحتي تمكنوا فيه من الاستيلاء على أجهزة توجيه الرأي العام في الدولة هم وحدهم ودون أي رأي آخر غير رأيهم. إن الاجتهاد الذي يطلبه الدكتور فوزي لا يعبر عن الصالح العام ولا الرأي العام، فهورأي لا يقدمه المجتمع ولا يصنعة، بل هو رأى فئة وطائفة اختارت نفسها لمهمة الشياخة والفتوى، ومن ثم هيئوا الواقع كله ليبصم على قراراتهم وفتاواهم وهومغمض العينين، فأصبح رأيهم الخاص رأياً عاماً، بينما هو رأي خاص لجماعة خاصة، لتحقيق مصلحة خاصة، لهذه الجماعة بخاصة، وما أبعد ذلك عن الصالح العام للوطن والمواطنبن.
07-07-2009, 08:26 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
neutral غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 5,786
الانضمام: Mar 2004
مشاركة: #52
RE: قراءة في توبة ابن القمني عن الأفكار التنويرية .
تعليق سريع ولى عودة

مداخلتك ياأستاذ بهجت ذكرتنى بموقف حدث معى وأنا فى ثانوى حيث كان مدرس الأحياء لأحد الفصول التى بها أحد أصدقائى من النوع السلفى مورفولوجيا وكان أحد الأمور التى تشغل إهتمامى وقتها كيف سيدرس لفصله نظرية التطور وبالفعل عندما حان وقتها قمت بفتح تحقيق مع صديقى لمعرفة مادار بتلك الحصة بالتفصيل الممل فأعترف المتهم أن الرجل قال لهم فى بداية الحصة أن تلك النظرية خاطئة وفاسدة وأن داروين يهودى لايبغى من وراء نظريته سوى محاربة الله ورسوله والنظرية فرضتها الحكومة الكافرة على ذرارى المسلمين لإفسادهم وصرفهم عن دين الله ولكن يجب معرفتها والإطلاع عليها ليتمكن المسلمون من معرفة كيد الأعداء لهم وبالمرة يجاوبوا على أسئلتها بالإمتحان علشان يدخلوا كليات محترمة ويصبحوا من ذوى المناصب والنفوذ ليطهروا البلد من هذا الرجس وتعود مصر من جديد لحضن الإسلام النقى الطاهر على منهج الصحابة والتابعين ويخلفوا صبيان وبنات ويعيشوا فى تبات ونبات!
07-07-2009, 09:12 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بهجت غير متصل
الحرية قدرنا.
*****

المشاركات: 7,099
الانضمام: Mar 2002
مشاركة: #53
RE: قراءة في توبة ابن القمني عن الأفكار التنويرية .
دولة الحداثة الفقهية
2 من 2


"إن عبارة التصرف على الرعية تعني أن الرعية ليس لها حق التصرف" .
..............................................................................
نتابع ما تطرحه الكوكبة الجديدة من المشتغلين بالإسلام السياسي، لإدخال الإسلام في كل مدخل ممكن من العمل السياسي، وضمن هؤلاء نتابع ما كتبه استاذ العلوم السياسية الدكتور فوزي خليل (حاصل على دكتوراة العلوم السياسية وكبير مذيعى اذاعة الفرآن القاهرية ) حول كيفية صناعة القرار السياسي في دولة إسلامية تلتزم الشريعة عند صنع هذه القرارات.
يقول الدكتور فوزي: "إن عملية صنع القرار في الرؤية الإسلامية، بحكم مقاصدها ومرجعياتها، هي عملية ترتبط في تفاعلاتها بمفهوم التدبير، الذي يعني التفكير العميق والدراسة الواعية للأمور لتدبير الأمور، في الأمة تدبيراً يصلحها في الدنيا والآخرة". ودعماً لما يقول يقدم استشهاداً من كلام الإمام جلال الدين السيوطي في كتاب الأشباه والنظائر إذ يقول: "إن التصرف على الرعية منوط بالمصلحة".
هنا نجد أنفسنا بإزاء أكثر من سؤال، هل ما يطرحه السيد الباحث هنا هو رأي رجل دين أم رأي أستاذ علوم سياسية؟ لأن الأمر يستشكل علينا ما بين إعلانه عن علميته التي حازها بأرفع الدرجات على المستوى العلمي في دراسة السياسة، وما بين ما يقول لنا هنا، خاصة مع ما يستخدم من ألفاظ ذات نكهة سلفية ورنين إسلامي عتيق، فماذا يقصد مثلاً بالتدبير كمفهوم يرتبط بعملية صنع القرار في الرؤية الإسلامية؟ يعرفه بأنه تفكير عميق ودرس واعي لتدبير الأمة بما يصلحها دنيا وآخرة. إذن التدبير تفكير عميق ودرس واعي من أجل ماذا؟ من أجل العثور على التدبير الذي يصلح شأننا دنيا وآخرة. وهكذا تاه منا التدبير هل هو مبتدأ أم منتهي أم وسط عملية اتخاذ القرار السياسي، وهل هو وسيلة نصل بها مباشرة إلى صالح الأمة، أم أن التدبير هو هدف العملية "لتدبير الأمة بما يصلحها دنيا وآخرة".
ألفاظ زئبقية بلا معنى محدد واضح يمكن أن تضيف إليها أو تحذف دون أن يتغير أي شئ، لأنه في مساحة المفاهيم غير المتفق عليها يمكن لأى شئ أن يكون أى شئ, إن لم يعرفنا ماذا يعني بالتفكير العميق الذي هو التدبير المؤدي إلى التدبير؟ ولا كيف يتأتى لنا هذا التفكير؟ كيف ينشئه العقل البشري ليأتي بالشكل السليم؟ إن عبارات الدكتور وما يقدمه من مصطلحات يشير إلى إنها لم تأت بالشكل السليم، فليس من الضروري أن يؤدي التفكير العميق الذي هو التدبير إلى صلاح الدنيا والآخرة، فالأساطير والخرافات كلها كانت نتيجة تفكير عميق وتدبير، الدكتور لا يفرق بين عقول تفكر، وأخرى تفكر لكنها لا تعرف كيف تفكر، المسألة هي كيف نفكر؟ لا أن نفكر تفكيراً عميقاً والسلام.
ومثل هذا التفكير الذي يعرف كيف يفكر ليصل إلى نتائج يطبقها في الواقع فيؤدي للنجاح والصلاح والمصلحة والتفوق، له أصولة الفلسفية والتي تم اكتشافها حديثاً في عصر النهضة على يد فلاسفة ومفكرين عظام، أسسوا لاكتشاف الجديد وإبداع ما لم يكن موجوداً، ووضعوا نظماً حقوقية لحماية الكرامة الإنسانية، وأسسوا لعلوم السياسة وفق أدق المصطلحات، فليس عندهم تدبير بما يصلح الدنيا والآخرة، وإنما هناك تفكير علمي أنجز وحقق واخترع وأبدع وإكتشف فأقام الحضارة الحديثة كأعظم حضارة عرفها الكوكب الأرضي.
وحتى لو قررنا التدبير كما يريد الدكتور فإننا سنعجز عن الوصول به إلى صلاح الدنيا وصالح الآخرة، لعدم أخذ الدكتور في الاعتبار بما وصلت إليه علوم السياسة وهي تخصصه الدقيق, وفق عمليات وآليات للتفكير والتعليم. ولأن صلاح الدنيا شأن مدني محض خالص لا دخل للدين فيه، وحتى إعمار المسجد الحرام والمسجد النبوي لم يقم على تدبير وتفكير دينى عميق، بل قام على علوم الهندسة الحديثة وفنون قام بها متخصصون طليان وأسبان وغيرهم من الكفرة. ولوكان التدبير هو منشئ الصلاح في الدنيا، لكان مسجد النبي فى زمنة الأول هو أفخم بناء أنشئ على الأرض لأن مدبره نبى وصحابته. بينما كان في واقعه بناء شديد التواضع والبدائية إذا قيس ببيت ريفي في كفر من كفورنا حتى فى أيامها. فالتفكير المؤدي للصلاح لا علاقة له بالدين أو بالإسلام أو بمصطلحاتهم السلفية، فالمصطلحات ليست أدوات سحرية تفعل بمجرد النطق بها. أما التفكير العلمي فقام خارج النبع الإسلامي، وقام بجهود أبناء الحضارات السابقة على الإسلام، فتنوعت هندساتها بتنوع أصولها الحضارية، فالمساجد في مصرمصرية بفن مصرى وهى غير المساجد في الشام بفنون أهل الشام وليس أهل الجزيرة وغيرها في أسبانيا وغيرها في جزيرة العرب، فشأن تدبير الدنيا شأن إنساني أرضي بحت. اما شأن الآخرة فهوما ليس بيدنا إنما هو بيد رب الدين، لأن الآخرة ترتبط بالدين والعبادات وأصول التوحيد... إلخ، ولا دخل بتدبيرنا فيها، فلا نحن نستطيع زيادة ركعات العشاء ولا الصيام في يناير ولا الحج في أمشير. هذه شئون الآخرة، وهكذا لا تجد بين يديك لا صالح الدنيا ولاصالح الآخرة.
ويدهشك ما يرطنون به هذه الأيام حول أخذهم بالحداثة وإيمانهم بالديموقراطية كسبيل للتداول السلمي للسلطة، واكتشافهم اسلوباً جديداً يتناول المستحدثات بحسبانها كانت موجودة في صلب الإسلام، فأصبحوا يفعلون في علوم السياسة ما يفعله ( مصطفى محمود وأبو جلمبو وزغلول النجار وأم سحلول ) في العلوم الفيزيائية.
ورغم كل هذه المشقة التي يبذلونها، تبدر منهم فلتات لسانية تشير إلى المرجع والمصدر الأصيل الذي لا يحيدون عنه، أنظره يدعم ما يقولة عن صنع قرار سياسي إسلامى بلغة تبدو حداثية، بقول الإمام الشافعي: "إن التصرف على الرعية منوط بالمصلحة".
القوم مازالوا يعيشون زمن كان هناك من يتصرف على الرعية، وأن عليه عندما يتصرف أن يرعى مصالح رعيته. وبدون وعي يلقي الرجل بشهادة يراها لصالح حداثته، فإذ به ينتكس انتكاسة عنيفة إلى زمنه الذهبي السالف. زمن كان الخليفة هو المتصرف على الرعية. ولا تعلم هل فيما درس من علوم سياسية أن التصرف على الرعية هو شأن من شئون الرعية ، وأنها هي التي ترعى شئون نفسها، وأنها ليست قاصرة، وليست مستعبدة لسيد فاتح كما كان زمن الخلافة، حتى نقيم لها سادة أو صياء مرة أخرى تكون مهمتهم تدبير شئون مصلحتها.
إن عبارة التصرف على الرعية تعني أن الرعية ليس لها حق التصرف، هي الصورة التي تقبع في خلفيتها صورة الزمن الغابر عندما كنا عبيداً وعلوجاً وأنباطاً وأهل ذمة وأقنانا وجواري وإماء وغوغاء وعوام. لا يرون الدنيا حولهم وقد أصبح رجال الدين والعبيد والجواري والعوام كلهم سواء لأنهم كلهم شركاء في وطن واحد، ومن أجله يصنعون قراراً يعود على المجتمع بالمصلحة. أصبح الموالي وأهل الذمة يشاركون بالتفكير العميق لصنع القرار السياسي رغم أنف الإمام جلال الدين السيوطي.
المدهش في أمر سدنه الفكر الإسلامي اليوم في قولهم بالحداثة، هو تبنيهم لمبادئها من عداله وحقوق إنسان ومساواة وديموقراطية... إلخ، وتبنيهم في الوقت ذاته لمتصرف على الرعية منوط تصرفه بالمصلحة، وهو أمر يجد حل دهشته في ثقتهم أنهم قد تمكنوا من التحول بالمجتمع كله بعد تهيئته عبر وسائل الإعلام والتعليم والمساجد لقبول نظام المتصرفين على الرعية.
أما ما يدهش المتخصص في الدراسات الإسلامية، هو من أين جاء الشافعي نفسه بهذه القاعدة الشرعية ومن أي حدث زمن الدعوة، أو من أي آية أو حديث خرج بها وجعلها أصلاً إسلامياً للسياسة الشرعية كما يقول الحاج فوزى ؟ .
إن إناطة مصلحة المجتمع بالتصرف على الرعية لم يكن واضحاً عند المسلمين الأوائل، بل كان هو الغائب الأمثل بلا نظير، وكانت مصلحة المجموع هي آخر مايعنى المتصرف على الرعية، وإذا كان المفروض أن تكون المصالح واحدة غير متغيرة، فإن تاريخنا يقول أن كل خليفة من الخلفاء الراشدين قد تصرف على الرعية بطريقة غير التي تصرف بها الثلاثة الآخرون.
وإذا كانت مصلحة الناس هي المنوط بقرارات المتصرف عليهم حقاً، فهل كان من المصلحة تغيير لغة مصرالقديمة إلى العربية، فكان أن فقد المصريون والعالم كله وعاء حضاراتهم القديمة ، وهى خسارة حضارية فادحة ليس لمصر فقط ولكن للعالم والأنسانية أجمع، حتى تحولت آثار تلك الحضارات في نظر المصرى المسلم اليوم إلى مجرد مساخيط. ولمصلحة من كان قرار إلغاء ومحوالمصرية القديمة؟ مصلحة الحاكمين؟ أم مصلحة المحكومين؟ .
لا يبقى من مفهوم المصلحة فيما تم طرحه حتى الآن، سوى عملية إشراك وهمي للناس لم تتحقق حتى في أفضل قرون التاريخ الإسلامي، هي ذريعة لإشراك الناس في استصدار تشريعات تجور على الناس، حتى إن تذمر الناس قالوا له بمنطق الدنيا إنها المصلحة العامة، وبمنطق الدين إنها إرادة الشريعة.
وإذا كان صنع القرار السياسي في عصر الخلافة الراشدة كان يتم وفق هذة الصياغات الكبيرة المحدثة التى يقدمها لتا الإسلاميون المحدثون أمثال الدكتور فوزى، فهلا عرفنا حضراتهم كيف كان تدبير السيدة عائشة زوجة النبي (ص) العميق لاتخاذ القرار بشن الحرب على ابن عم النبى وخليفته علي بن أبي طالب، وشقها على الإمام عصى الطاعة؟ كيف صنعت السيدة عائشة قرارها السياسي؟ وهل كان قراراها منوطاً بمصالح المسلمين؟ وكيف رفض معاوية إعطاء البيعة للخليفة الشرعي علي بن أبي طالب؟ وكيف صدر قرار إبادة آل بيت النبوة إبادة شاملة في مجزرة هي الخزي ذاته في تاريخنا العار؟. وكيف تم اتخاذ القرار السياسي منوطاً بالمصلحة لضرب الكعبة بالمنجنيق وتدميرها وحرقها على المستغيثين بها؟. هل كان هذا المجتمع مسلماً أم غير مسلم؟ لقد كان هذا هو مجتمع الصحابة الذي يدعوننا إليه الدكتور فوزي وجماعته لا يشك أحد في سلامة إيمان الصحابة ، لكن الواقع أن الإسلام لم يقصد إلى إقامة دولة يتخذ فيها القرار السياسي من الشريعة، فلم تكن الدولة ضمن أهدافه بالمرة، لأنها لوكانت هدفه، فلا شك أن دولة الصحابة كانت هي الهدف النموجي للدولة الإسلامية محققاً على الأرض، ولكن إذا نظرنا إلى ما كان محققاً على الأرض فسنجدة مما لا يليق أن ننسبه إلى الإسلام ولا إلى رب الإسلام، فالرب لوأراد دولة لهيأ لها ما يجعلها أعظم الدول عبر كل التاريخ، لذلك لا يمكن أن نصف دولة كلها دم وقتل وفتن وفاتحين من النهابين بأنها هي دولة الإسلام ، الله لايقيم دولة نتاشين وقتلة متمرسين ، تلك هى الدولة التي يريدون عودتنا لها كي ننجومما نحن فيه اليوم فنستجير من الرمضاء بجهنم وخراب الدياروالخروج من تاريخ الإنسانية مكللين بالعار، الأكرم للإسلام ألا تنسبه إلى الصحابة مهما علا قدرهم لأنهم في النهاية بشر بضعف ومطامع البشر، والأكرم للإسلام ألا ننسبه إلى تلك الدولة الراشدة أو غيرها، لأنها لم تكن دولة الإسلام بل دولة العرب ودينها الإسلام. كانت إمبراطورية العرب، وما جرى فيها من ظلم وسحق وحرق يعود إلى مطامع تخص البشر العرب الحاكمين ولا علاقة للإسلام كدين بهكذا دولة. إن الله لاينشىء دولة قتالين قتلى وشيوخ منسر .
الدين الإسلامى طلب منا الإسلام، ولم يطلب منا الدولة، طلب منا أن نعبد الله ونطيعه أملاً في رحمته وكريم غوثه، ولم يطلب منا الانضمام إلى حزب الله أو حزب البعث أو حزبنا الله ونعم الوكيل ، ولم يطلب منا الإسلام أن نستدعيه اليوم لنستمع إلى رأيه الشرعي في عملية صناعة القرار السياسي، بينما لم تكن السياسة ولا الدولة ضمن شواغله أو اهتماماته أصلاً.
للموضوع بقية
ويبقى أن نصف ما قال الدكتور بأنه عبارة نابية ومهينة للجميع ، فقولتة "التصرف على الرعية"، عبارة تهين العقل وتشين المواطنين وتصمهم بالهطل والعتة والبلة وتفرض عليهم الوصاية والهيمنة. أما كلامه عن التدبير والتفكير العميق فهى من قبيل : هوكس فوكس وشمهورش جمهورش طراطيش، هو من أدوات السحر والشعوذة، هي حركات بهلوانية كاذبة تعمد إلى إعطاء الإيحاء أنه يعمل بالعقل، بينما هو لم يعمل فيما قال حتى الآن سوى بالنقل وحدة ولم يقل شيئا له علاقة بالعقل ولا بتخصصة كدكتور علوم سياسية .
الملاحظ أنهم الفريق الوحيد الذي ليس لديه ولا يملك أي حل مبرمج لمشاكل الوطن، فهم يضعون شرطاً مسبقاً هو تمكينهم أولاً من الحكم حتى يأتونا بعد ذلك بالحل؟ ، فإذا كان لديهم حلولا فهل من الحرام إعلانها على الناس؟ أم أن الحل جاهز وموجود هو نموذج الدولة الإسلامية الراشدة كما يعلنون في حالات أخرى؟
ولهذا السبب تحديداً فإن المجتمع لا يبدومقتنعاً بصدق ما تطرحه عليه فرق الإسلام السياسي، لأنه لواقتنع حقاً وصدقاً لصار منهم، ولشاهدنا في مصر ستين مليون لحية غير مشدبة وستين مليون لباس باكستاني. شعبنا خجول وحساس تجاه الدين فيقدم ما يثبت هذا الحياء فيقبل الحجاب ويطبق الشروط الدالة على الإسلام على الطرف الأضعف، لكنه لا يطلق لحيته ولا يربط رأسه برباط أبي الحكم أو أبي لهب وأبى عنزة . لوكان الناس مقتنعون حقاً لشاركوا في تغطية الإخوان المسلمين في الإنتخابات بالحضور بنسبة 100 % وليس 15 %. الناس منسحبون من مباراتكم يا دكتور فوزي لأنهم يعلمون أنه صراع على الحكم وأنه ليس لهم ولا لدينهم ناقة فيها ولا حمار .
نتابع معاً استكشاف مجاهل الخطاب الإسلامي السياسي المحدث للعثور على ما يمكن التعامل معه ،رغم خداع هذا الخطاب ومخاتلته وعدم شفافيته ولا وضوحه ولا تدقيق ما يقول من ألفاظ أو عبارات. نتابع استاذ علوم سياسية يضع لسياستنا في الدولة الإسلامية المقبلة طريقة صنعها للقرار السياسي بالإستناد إلى الشريعة، حتى يتحقق الوئام ونكون قد أصلحنا بما في أنفسنا فينصرنا الله على القوم الكافرين.
يقول الدكتور فوزي خليل: "إن لدينا قواعد صارمة وضعها علماء الشريعة يجب توافرها في القائمين على إعداد القرارات ذاتها، ومرجعية هذه القرارات".
أنظر هنا إلى اللغة والصياغة وأسلوب التعبير، علماء الشريعة وضعوا لنا قواعد صارمة، ولا تفهم لماذا علماء الشريعة دون غيرهم هم من يضع لنا القواعد طوال الوقت، وهى القواعد التي يصفها بأنها "صارمة". ولا تفهم كيف تلتقي الصرامة في التشريع مع ما يغنيه علينا بطول موضوعة، هو وغيره من فريقه، عن ديموقراطية التشريع الإسلامي.
إن الصرامة هي الجمود، وعكس الصرامة هو السلاسة والليونة والمرونة، أما الصرامة والحدود القواطع والأمور المنتهية الغير قابلة للنقاش، فكلها مما لا يتفق لا مع الديموقراطية ولا مع الكرامة ولا مع الحرية. إنه يضع لنا هنا صنفين من البشر، صنف يسوس بشريعة الله ويضع القواعد الصوارم والحدود والقواطع، وصنف مسوس كقطعان الخراف .. هو الرعية وعليه الطاعة بدون نقاش. هكذا سيحكموننا يا مسلمين.. هكذا ! !
إن الصرامة هي إحدى وسائل التعامل مع العبيد، ولا تصدر إلا عن قلوب صارمة حجرية تتفنن في صرامتها، وتغالي في احتداد هذه الصرامة يوماً بعد يوم. التشريعات الصارمة لا تعرف التسامح ولا الراي الآخر ولا المحبة ولا الإخاء ولا الليونة ولا التيسير على الناس ولا الرفق بالإنسان ولا بالحيوان. إن الصرامة مكانها الوحيد هو عندما نكون في حالة عداء وحرب مع دولة أخرى، الصرامة لا تكون بين أعضاء المجتمع الواحد، لأنهم إخوة لا أعداء، إخوة وأهل وأصدقاء على قدم وساق ليس بينهم سيد يفرض صرامته، ومسود يطيع وهومصروم.
إن الصرامة التي يعجب بها المتأسلمون بشدة كما نرى، مأخوذة من تاريخ مضى وانقبرلا أعادة اللة ولا ردة ، كانت تناسب زمنها وتتفق مع وقائع قديمها، حيث الحكم بالسيف والعقاب بالسوط وبالرجم، الحاكم أوحد مطلق النفوذ في التصرف على رعيته. إن أدبيات الصرامة هي ما تغص به أرفف مكتبتنا التراثية، تسبب لمن يقرأها اليوم الألم فى القلب والوجع فى الضمير لما كان يلحق بالعباد في دولة الصرامة من ظلم وطغيان يفطر الأكباد. وتشرح حال الرعية في عصور الظلام حيث في كل اتجاه قواعده صارمة لا تعرف الرحمة، كما أنها لا تعرف أيضاً تيسير الإسلام كما كان في بكارته الأولى، قبل أن يصيبوه بالجهامة والقتامة والغلظة بما أضافوه له عبر العصور، فأينما مددت يدك في تراثنا وجدت كنوزاً من قصص الآلام والجبروت، أسوق لكم نموذجاً لطيفاً منه نقرأه معاً من صبح الأعشى للشيخ أبي العباس القلقشندي إذ كتب يقول: "وهذه نسخة مرسوم كتب به عن نائب المملكة الطربلسية إلى نائب حصن الأكرد، بإبطال ما حدث بالحصن من الخمارة والفواحش، وإلزام أهل الذمة بما أجرى عليهم أحكامه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب (رضي)، في أو اخر جمادي الأولى سنة خمس وستين وسبعمائة وقد جاء فيه: وأما أهل الذمة ممن رفع عنهم السيف إلا بإعطاء الجزية والتزام الأحكام، وأخذ عهود أكيدة عليهم من أهل النقض والإبرام. فليتقدم الجناب الكريم بإلزامهم بما ألزمهم به الفاروق رضوان الله عليه، وليلجئهم في كل أحوالهم إلى ما ألجأهم إليه، من إظهار الذلة والصغار، وتغيير النعل، وشد الزنار، وتعريف المراة بصبغ الإزار، وليمنعوا من إظهار المنكر والخمر والناقوس، وليجعل الخاتم أو الحديد في رقابهم عند التجرد في الحمام. ويلزموا بغير ذلك من الأحكام التي ورد بها المرسوم الشريف من عدة أيام . ومن لم يلتزم منهم بذلك وأعلن بكفره وأعلى حكمه، فما له إلا السيف وغنم أمواله وسبي ذراريه وما في ذلك على مثله حيف. فهاتان مفسدتان أمرنا بإلزامهما فراراً من سخط الله تعالى وحذراً منه، إحداهما إبطال الحانة، والثانية إخفاء كلمة اليهود والنصارى، فليقدم الجناب المشار إليه باستمرار ما رسمنا به..، ونرجومن كرم الله تعالى استمرار هذه الحسنة مدى الزمان، وليقمع أهل الشرك والضلال بما يلزم من الصغار عليهم والإذلال ".
هذه هي دولة الشريعة التي كانت تطبق الشريعة بدقة وهي الدولة التي يريد أن يستعيدها لنا الدكتور فوزي خليل وإخوانه. ويفلسف لها ويؤسس بلغة معاصرة تناسب زماننا فيقول: "يغدوالإجتهاد في مفهومه الأصولي، هو الأساس الذي يقوم عليه الاجتهاد في العملية السياسية، الهادفة إلى الوصول إلى القرارت، التي تستهدف حفظ مقومات المصلحة العامة".
إذن هو يقول أن الإجتهاد في العملية السياسية يسير عبر هدفين الأول هو الوصول إلى القرارات، والثاني هو هدف هذه القرارات وهوأن تكون مهمتها حفظ مقومات المصلحة العامة، وتكون المصلحة العامة هي المحور الذي تدور حوله عملية الاجتهاد، وهوكلام جميل لابد أن نتساءل قبله: ما هي المصلحة العامة وكيف نعرفها؟ ربما يكون طرح الأسئلة سبيلاً للوصول إلى تعريف المصلحة العامة، فهل السعي لإقامة دولة دينية تمهيداً لإقامة خلافة إسلامية إمبراطورية من المصلحة العامة؟ أم سيترتب على ذلك حتماً المصادمة مع دول العالم والمجتمع الدولي. وإعلان التمرد على الشريعة الدولية المتمثلة في مجلس الأمن والأمم المتحدة والقانون الدولي ومعاهدات جنيف. وهل من المصلحة العامة إعلان الحرب على الذين كفروا من أهل الكتاب فنبدأ مثلا بالأقربين فنستولى على أموال الأقباط ونهتك أعراض نساءهم ونستبيح ذراريهم ونستعبد رجالهم ؟ أم ترى أن تكون الأفضلية لتطهير بلاد الإسلام من الشيعة الروافض ؟ سؤال أخير: هل من صالحنا العام أن نظل محكومين بإفتاءات تنهال علينا من كل فجٍ عميق في كل طريق وفي كل مكان . إن المصلحة العامة شأن شعبي يخص الجميع، وليس مصلحة لجماعة محظورة أو لفريق من الشعب دون فريق آخر.
إننا كي نتعرف على صالح مجتمعنا العام، نحن في حاجة أولاً إلى رأي عام رشيد يحدد لنا المصلحة العامة ويعرفها ليأخذ بها المشرع، وقبل هذا وذاك نحن بحاجة لفك أسر الرأي العام وإطلاقه حراً، بأن توضع أمامه خيارات وبدائل أخرى يمكنه المقارنة بينها والمفاضلة قبل الاختيار. وقبل كل ما سلف وكي نوجد حرية تصنع رأياً عاماً رشيداً، علينا تحطيم الأنصاب والأوثان التي صنعها لنا رجال يشتغلون بالدين وليسوا هم الدين ، إنما هم من يلعبون بالدين وبنا ويتحصنون بالدين ضد كل المجتمع. لن توجد حرية ولا رأي عام رشيد يمكنه تحديد صالحه العام طالما كانت قلعة رجال الدين زاخرة بالرماة المتمترسين بمقدساتنا، الذين لا يجدون غضاضة أبداً في خلع المواطن من الملة بشديد البساطة. ويقتلون مفكراً مثل فرج فوده بعد صدور فتوى بتكفيره من الأزهر، وينفون غيرة من الأرض المسلمة بعد تطليقة من زوجتة لتأويه بلاد الكفرة وتحميه من عذاب رجال دين الإسلام وغضب سماحتهم وقاتم لطفهم وعسر تيسيرهم. لأن الرأي العام للمسلمين قد تم استئناسه واستعباده بمخترعات الإعلام الحديثة. أليس من قتل الرأي الحر مصـادرة الكتـب والروايـات ومحاكمـة الكتـاب والمفكرين بتهمة التفكير؟
إن أحداث ميدان الأزهر ودهب وشرم الشيخ والعريش وإغتيال الزعيم المصري الوحيد المعاصرالذي آزره رب العزة ونصره وأيده، يوم عيد نصره ونصر مصر كلها. إغتالوه رغم الماثل أمامهم من تأييد رباني، ثم حاولوا إغتيال سلفه في أديس أبابا، وقتلوا فرج فوده وطعنوا رجل نوبل العبقري رحمه الله، وطلقوا كاتبا من زوجتة وكفروا سيد القمني وحاكموه مرتين لولا لطف من الله وتأييده فحاز البراءة، فإن كان الحديث يقول: من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهمـا، فهل يعنى هذا أن الأزهر الذي طالب محاكمة سيد القمني، هو من باء بها. أليس كل هذا الذي يحدث اعتداء صارخ على حرية الفكر؟ أليس الإدعاء بأن الإسلام دين ودولة هو دعوة لعودة الاستبداد الخليفي والإرهاب الفكري، لسلب الناس حرياتهم باسم مطالبة رب العزة لنا أن نقيم له دولة في بلادنا، يرأسها نوابه من الإخوان المسلمين أو طالبان أوالبشيرأو أبوسياف!!.
من صالحنا العام أن نعيش كبقية البشر في الدنيا أحراراً، لنا الحق في التفكير والإعلان عن نتائج هذا التفكير للناس، من صالحنا أن يكون لنا حقوق إنسان كاملة غير منقوصة، من صالحنا العام أن نرفض عودة العمل بنصوص الدين في دولة دين تنص على الخراج والجزية وتقيم الناس طبقات حقوقية مع العبودية وأجنحة ألحريم. لقد نسخت القوانين العالمية والرأي العام الدولي العمل بآيات العبودية والجزية، وهي حتى الآن فى فقهنا السارية المعمول بها أبد الدهور لأنها من نوع الناسخ من الآيات وليست من نوع المنسوخ، الاتفاقات الدولية نسخت الرق من الدنيا رغم أنه غير منسوخ في القرآن، ووافق المسلمون على القرارات الدولية عن يد وهم صاغرون وتم نسخ الرق من حياة المسلمين بعد أن قالوا لولى الأمر الأممى الدولي: سمعنا وأطعنا.
قرارات الأمم المتحدة نسخت فقهاً كاملاً بما يرتبط به من حديث وقرآن هو فقه الجهاد والسبي وتغيير أديان الناس بالسيف، اليوم لم يعد هناك خمس ولا فئ ولا من قتل قتيلاً فله سلبة ولامن اسر أسيرا فهو له ( أى يستعبد له )، حركة التاريخ نسخت أحكام الرجم والجلد والقطع والجزية والعبودية. ورغم درس السماء في التغيير والتبديل والنسخ والرفع والإنساء لآياتها بما يجاري حركة الواقع المتغيرالمتطور، ورغم اتفاق العالم على إلغاء الرق والجزية فتوقفت الآيات عن العمل، فإن فقهاؤنا يرفضون إعلان هذا الإلغاء بما هو في المصلحة العامة للبلاد والعباد، لأنهم لم يجرؤا كما جرؤ سلفهم الصالح على إلغاء تفعيل أحكام لتجاوز الزمن لها، مثل إلغاء عمر لمتعة الحج ومتعة النساء والفرض المعروف بسهم المؤلفة قلوبهم، وأن الرب عندما نسخ آيات، وإن الخليفة عمر عندما نسخ العمل بأحكام آيات ظلت منسوخة بأمره إلى اليوم كإلغائة سهم المؤلفة قلوبهم، ودون تدخل جبريل أو السماء، كان الهدف من النسخ في الحالتين هو مواءمة متغيرات الواقع الأرضي وتطورها من أجل الصالح العام، وتعد ظاهرة النسخ في القرآن من أبرز ظواهر مواءمة المقدس الإسلامي للمتغيرات، بحيث كان يجرى تعديلات على ذاته توافقاً مع هذا المتغير واعترافاً به، من أجل مصالح المجتمع العامة التي لابد أن تساير التطور.
تتوافق أيضاً ظاهرة النسخ في الوحي مع قانون الكون كله وهوالتغير والتطور، وضرب لنا منها القرآن الأمثال لنفهم ونتغير عندما يكون التغير مطلوباً، وحدثنا عن قوانين سقطت بحكم حركة التاريخ كما في نسخ الأحكام للأحكام. لأن التاريخ لوتجمد لما هاجر النبي (ص)، ولما انتصر في بدر، ولظلت الآيات المكية فاعلة، ولكان القرآن كله مكياً داعيا للمسالمة والمعاملة بالحسنى والصبر الجميل، لكن التاريخ تحرك فظهر الطارئ الجديد مع الهجرة وبدء الحرب على طريق التجارة المكى ، فتحرك الوحى و جاءت آية السيف لتنسخ آيات حرية الإعتقاد وأي تفكير خارج المقدس الإسلامي تحديداً. والتاريخ مازال يتحرك والدول من يومها تقوم وتسقط لتنتهي ويقوم غيرها أحدث منها وأقوى، وأكثر نظاماً وانضباطاً لما حصلتة من خبرة سابقة تؤدي إلى تحسن نوعي مع تراكمها، فتتحقق العدالة اليوم بأفضل مئات المرات مما كانت بالأمس، حتى لوكانت محكومة بقوانين مقدسة، فلم يعد لدينا عبيد ولا سبي ولا نكاح للإماء، وأمكن محاكمة الطاغية وشنقه علناً،وبقية الحبل على الجرار ، ومازالت حركة التاريخ تستهلك قوانينا وتخلق الأكثر منها إنسانية. لقد ذهبت حركة التاريخ بقوانين حمورابي وبالحركة النازية والشيوعية. وكذلك نسخت الآيات المدنية آيات مكية، وكذلك فعل التاريخ عندما نسخت قوانين اليوم الحقوقية نظام الجزية والعبودية والجلد والرجم والقطع والمنجنيق والسيف والرمح والبيداء تعرفنى .
ومن ثم لا يبقى مع موقف مشايخنا سوى أن يصمتوا أو أن يجترئوا جرأة عمر، لأننا نحن أصحاب الصالح العام، ونفهم من ديننا أن الله بمنهج القرآن الخاص جداً دون كل الكتب السماوية أن النسخ مطلب دورى كلما طرأ طارىء، وأن عمراً عندما نسخ أحكام آيات وأوقف العمل بها نهائياً رغم أنها كانت فروضاً بالمعنى الدقيق للكلمة كان يطبق تلك القاعدة الإسلامية الذهبية النادرة بين كل الأديان، كان النسخ فى القرآن وعند عمر يهدف إلى الصالح العام للناس بما فعلا، فعل الله أو لاً، وفعل الرسول مع أحاديثه نفس الفعل، وفعل عمر بفروض الله نفس الفعل، وأننا عندما نعلن أنه لم يعد في صالحنا العام أن نتحدث عن جهاد أو هتك أعراض المهزوم أو سبي الأطفال والنساء، رغم وجود آيات بذلك، فهوما لا يعني اننا قد كفرنا بالله، لأن الكافر بالله هو من ينكر وجوده وينكر قدرته الكلية، وهوما لا ينكره أحد، لأننا نعرف الله ونعرف مقدساته ونؤدي له فروضه، كما نعرف أيضاً أنه ترك لنا مساحات حرة واسعة لم ترد في النصوص، وأننا أحرار في اتخاذ القرار فيها بأنفسنا، وأن تلك المساحات اتسعت كثيراً عن زمن النبوة لظهور متغيرات هائلة لم تكن موجودة زمن النبوة ولم تصدر بشأنها أى أحكام، كما نعرف أنه ضرب لنا المثال بالنسخ عنواناً لمبدأ إسلامي في التغير، وأكده عمرة وزاد عليه أنه بإمكان المسلمين أن يفعلوا ذات الفعل في الواقع بدون وحي، فكفانا المثال، لنتخذ ما يناسب الصالح العام لزمننا بعد مضى أربعة عشر قرنا عن عمر الذى غير بعد عشر سنوات وأضطرتة حركة الواقع إلى إلغاء العمل بنصوص قرآنية بل وبإلغاء فروض قرآنية غير منسوخة .
كل هذا في جانب، ومفلسفوا الدولة الإسلامية الآتية في جانب أخر، لازالوا يتحدثون عن الوصول إلى الصالح العام عبر عملية الاجتهاد الإسلامي، أو كما قال الدكتور فوزي خليل: "يغدوالاجتهاد في مفهومه الأصولي هو الأساس الذي يقوم عليه الإجتهاد في العملية السياسية الهادفة إلى الوصول إلى القرارات التي تستهدف حفظ مقومات المصلحة العامة".
المصلحة عامة ويعلم الدكتور فوزي وبطانته ذلك ويفهمه، لكنه لا يرى الناس قادرة على فهم مصالحها، يرون المسلمين دون العالمين أشد الناس بلها و تخلفاً وعتهاً وكساحاً عقليا حتى أنهم لا يستطيعون معرفة صالحهم العام، فهناك من يعرف لهم هذا الصالح وليس مطلوباً منهم أي بذل جهد بهذا الخصوص، فسيقوم الشيخ عاكف أو الشيخ قرضاوي أو الحاج فوزى بالاجتهاد نيابة عنا، لأن الاجتهاد ليس عبثاً مشاعاً بين الجميع، لأن المجتهد يجب أن تتوفر فيه شروط صوارم، وعندما تطالع هذه الشروط ستجد أنها لا تتوفر إلا في المشتغلين بالدين على المسلمين، من الأزاهرة، ومن الإخوان المسلمين، ومن مشايخ التلفزة والفضائيات. ومع هذه الشروط يتم استبعاد جميع المسلمين من الإعلان عن مصلحتهم العامة حتى لوعرفوها، لأنها إن صادمت رأي الشرع أو تصادمت مع مصالح راعي الشرع على الأرض من مشايخ، فإنها ستكون كفراً وعصياناً لله، ومن ثم لا يبقى سوى اجتهاد الفقيه ورأي الفقيه ومصلحة الفقيه إضافة بالطبع إلى حلفائهم من جماعات المنتفعين والتنفيذيين في أجهزة الدولة، إن نظرية الاجتهاد تضيف إلى هؤلاء أيضاً الشيوخ المسلحين، الذين أمكنهم في ظرف تاريخي لن يتكرر أن يعيقوا حركة العراق نحوالنور، بل وإعادته إلى زمن الحروب الجهادية، ويريدون أن يعيدوا مصر إلى دولة الخلافة بعد أن كانت أول دولة تتحرر من الخلافة على يد محمد علي عام 1805 م.
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 07-08-2009, 10:29 PM بواسطة بهجت.)
07-08-2009, 10:23 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بهجت غير متصل
الحرية قدرنا.
*****

المشاركات: 7,099
الانضمام: Mar 2002
مشاركة: #54
RE: قراءة في توبة ابن القمني عن الأفكار التنويرية .
الزملاء الكرام .
أكثر من أسبوع كان الدكتور سيد القمني و جائزته محورا لنشاطنا في النادي ، أعدت طرح شريط الإعتذار ، و شاركت في حوارات متعددة كانت غالبا أشبه بالشجار ، و لم ينته الأسبوع بإتصال لتهنئة الدكتور القمني بجائزة الدولة التقديرية ، و لكنه امتد ليشمل إعادة قراءة لبعض أعماله الهامة ، لهذا من الطبيعي أن تتقافز في ذهني مجموعة من الأفكار التي ربما تكون إعادة قراءة جديدة و لكن في جائزة القمني هذه المرة .
1- من الطبيعي عند المناقشة الموضوعية لأي باحث أو مفكر أن نقرأ أعماله و ندرسها بعناية ، ثم نناقش هذه الأفكار موضحين نقاط القوة و نقاط الضعف ، و نقارنه بغيره من المفكرين الذين تعرضوا لنفس القضايا ،و من ثم نستطيع تقييم انجازاته مركزين على الدروس المستفادة من أعماله ، و ما يجب تصحيحه منها ... الخ ،و لكن ليس هذا ما يحدث في بلادنا العربية و مصر خاصة ، فالموضوعية لدينا كالعنقاء و الخل الوفي أسماء تقال ولا تدرك .
2- أؤكد مرة أخرى ما أعتقده أنه لا توجد دراسة أو حتى رأي في العلوم الإجتماعية تكون خارج نموذج معرفي أو برادايم بذاته ، و بالتالي فالحيادية مستحيلة مهما حسنت النوايا ، لدى الإسلاميين و أيضا المسيحيين الأصوليين نموذجهم الذاتي للتاريخ و حركته ، في هذا النموذج يعمل الكون وفقا لخطة إلهية مسبقة ، و بالتالي فكل رأي خارج هذا النموذج سيكون غير مقبول و صاحبه تافه و متصنع و ( مصلحجي ) باحث عن الثروة و الشهرة و لا يدفعه سوى شهواته ... الخ ، وهذا يفسر موقف بعض الزملاء الرافض بشكل مبدئي لكل أعمال و أفكار سيد القمني و غيره من المفكرين الأحرار ، في المقابل هناك نموذج آخر يرفض الرواية الإلهية للتاريخ ،و يحتفظ بنموذج أو براديم مرن يلعب فيه الإنسان دور البطولة ،وهؤلاء سيجدون في رواية القمني و نظرائه ضالتهم لرؤية جديدة مفارقة لتقاليد السرد الديني .
3- ألاحظ أن كل من ينتقد القمني أو يثني عليه يتحدث عن لقاءات متلفزة ظهر فيها، كما لو كان القمني سياسيا مرشحا للمجلس النيابي و ليس مفكرا لا يقرأ سوى خلال كتاباته و كتبه ، لم أقرأ أحدا ينتقد منهجه أو أفكاره أو أعماله ، بل فقط من يراه عظيما أو تافها في حواره مع هذا و ذاك ، و بالطبع لن أتحدث عن تفاهة الحوارات الفضائية ولا أنها تحتاج مهارات لا علاقة لها بأي براعة أو تميز فكري ، بل على النقيض تماما فتلك الحوارات قائمة على السوقية و تخاطب أرباع المثقفين عادة ، كما أنها مليئة بالمحاذير و القيود و دعاوى الحسبة المترقبة و المتحفزة .
4- أعتقد أن هناك قلة نادرة هي التي تقرأ كتب سيد القمني و غيره من المفكرين ، فالقراءة نادرة جدا في مصر ، و الأكثر ندرة هي قراءة الكتب الجادة .
5- كل من تحدث عن سيد القمني من المصريين تحديدا انصب حديثه عن مدى إيمانه ، وهل هو ملحد أو متدين ، ورغم غرابة هذا الموقف و مفارقته لكل التقاليد الثقافية المتحضرة فلا يبدوا أن هناك من يشعر بتلك الغرابة ، أرى أن كلاهما مخطئ في فهمه لطبيعة و دور المفكر العلماني ، من يرفض القمني بسبب عدم إيمانه كما يعتقد ، أو من يدعم القمني بسبب إلحاده كما يظن ، الإيمان شيء شخصي و ليس مطروحا للحوار العام ، و الجمهور في الحضارة المعاصرة لا ينقبون عن الضمائر ، الأكثر غرابة من ينتقد سيد القمني لأنه ليس شجاعا و لا يرفض الإسلام كله بشكل علني ، معتقدا أن قضية سيد القمني هي الإلحاد !، قضية الإيمان معقدة وشخصية ولا يمكن تداولها كشأن عام ، ليس فقط لخصوصيتها و مخافة الإتجار بها من كل المتنطعين و المتعصبين ، و لكن بالأساس لأن الإيمان ليس صيغة واحدة قياسية صالحة للجميع كما يعتقد البعض ، يبقى أن من يخاطب الجماهير و يهدف للتأثير عليهم عليه ألا يبتعد كثيرا عنهم ، عليه أن يتقدمهم .. نعم ،و لكن ليس إلى المدى الذي يختفي عن ناظريهم فلا يرونه ولا يشعرون به ، لهذا كان فرج فوده و سيد القمني مؤثرين في الناس ، بينما كمال النجار و وفاء سلطان بلا جمهور حقيقي .
6- من أغرب الإنتقادات التي وجهت للقمني و جائزته وجود مفكرين عالميين أو عرب أفضل من القمني كما يدعي البعض ، ووجه الغرابة أن هؤلاء المفكرين ليسوا مصريين و بالتالي لا ينافسون سيد القمني على جائزة الدولة التقديرية ، كما أن نفس هذا الإعتراض يمكن أن يقال حرفيا ضد جميع الحائزين على جوائز مبارك و الدولة هذا العام و غيره من الأعوام .
7- من أكثر الإتهامات غرابة هي أن سيد القمني باحث عن الشهرة و أنه يتكسب من أعماله و كتبه ، إن الكاتب الناجح وحده هو الكاتب الذي لا يحترف سوى الكتابة ، خاصة في بلد عربي مثل مصر ، لم يستطع كاتب بحجم نجيب محفوظ الاستغناء فيه عن عمل حكومي يعول به أسرته ، إن حرص القمني على عدم ضياع حقوقه بين الناشرين لا يعكس سوى أنه يعتمد كلية على عوائد إنتاجه الذهني ، و أعتقد أن تلك الإحترافية هي أهم أسباب تميز سيد القمني . يبقى هناك أقاويل سخيفة لا تستحق التعليق يحترفها بعض المصريين بلا ضرورة ، يمكن أن نطلق عليها بطولات الحياة اليومية الشائعة ، كأن يدعي أحدهم أنه صديق سيد القمني و يعرف عنه أشياء مخلة وهو يمسك لسانه وفاء فقط لعشرة قديمة ، أو أنه جلس كثيرا مع سيد القمني و لم يعجبه أفكاره ولا طريقته ، هذه عبارات تجعلنا صغارا سواء كنا صادقين او كاذبين .
8- نتيجة عدم ثقة المصريين في نزاهة و إنصاف النظام في مصر ، طرح البعض أسبابا متعددة لحصول سيد القمني على جائزة الدولة هذا العام ، منها وعي متأخر من الدولة بخطورة التيار الأصولي ،و منها دعم موقف فاروق حسني في منافسته على رئاسة اليونسكو ، بل ربطها البعض بزيارة باراك أوباما ،ورغبة الدولة في الظهور بموقف العداء للإرهاب! .و لكني شخصيا غير مقتنع بأي من هذه الأسباب ، فالدولة تنأى بنفسها عن الإرتباط بالمثقفين العلمانيين ، فهناك تيار أصولي قوي في النظام ذاته ( إخوان الحكومة ) ،و هناك موقف أمني في (البعد عن وجع الراس) ، و لا أعتقد أن هناك من يظن أن باراك اوباما أو العالم الغربي يهتمون بالليبرالية أو العلمانية في مصر ، فكل إهتمام الغرب محصور في إصلاح الإسلام نفسه و ليس البحث عن بديل علماني متعدد الهوية ، لهذا يهتمون بعمرو خالد و ليس سيد القمني ، فالعلمانية و الليبرالية العربية لا تشكل أي ثقل جماهيري يعتد به ، أما عن فاروق حسني ، فيبدوا ان هذا هو السبب الوحيد الذي يمتلك شيئا من الوجاهة ،و لكن هل يعتقد فاروق حسني حقا أن لديه أمل يستحق المجازفة باغضاب الإسلاميين ؟.
07-09-2009, 08:11 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
neutral غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 5,786
الانضمام: Mar 2004
مشاركة: #55
RE: قراءة في توبة ابن القمني عن الأفكار التنويرية .
اقتباس:الأكثر غرابة من ينتقد سيد القمني لأنه ليس شجاعا و لا يرفض الإسلام كله بشكل علني ، معتقدا أن قضية سيد القمني هي الإلحاد !، قضية الإيمان معقدة وشخصية ولا يمكن تداولها كشأن عام ، ليس فقط لخصوصيتها و مخافة الإتجار بها من كل المتنطعين و المتعصبين ، و لكن بالأساس لأن الإيمان ليس صيغة واحدة قياسية صالحة للجميع كما يعتقد البعض ، يبقى أن من يخاطب الجماهير و يهدف للتأثير عليهم عليه ألا يبتعد كثيرا عنهم ، عليه أن يتقدمهم .. نعم ،و لكن ليس إلى المدى الذي يختفي عن ناظريهم فلا يرونه ولا يشعرون به ، لهذا كان فرج فوده و سيد القمني مؤثرين في الناس ، بينما كمال النجار و وفاء سلطان بلا جمهور حقيقي .

القضية ليست الالحاد فى حد ذاته ولكن ضرورة أن يكون الطرف العلمانى منطقى وخالى من التناقضات وهو مالايتأتى من وجهة نظرى الا برفض مرجعية الدين كأساس للحوارجملة وتفصيلا وبدون هذا سيجد الطرف العلمانى نفسه بيلعب فى غير ملعبه ومايقوله ملئ بالتأويل المتعسف ولى عنق الكلمات والجمل لاثبات وجهة نظره.

حتى لايكون كلامى فى فراغ هات أى قضية خلافية اليوم- لحية, حجاب, نقاب, فسا, ظراط, حيض, نفاس, رضاعة بمختلف أحجامها كبير ومتوسط وصغير,وعائلى, مص, لحس, نكاح,جن , عفاريت, أشباح الخ الخ الخ- يتناقش حولها طرفين طرف علمانى وطرف أصولى ..... برغم ميل الرأى العلمانى لروح العصر ومحاولاته الدؤبة انه يعمل من الفسيخ شربات ستجد أن الطرف الأصولى أكثر منطقية واتساقا مع نفسه مادامت مرجعية الحوار هى المرجعية الدينية لأن ببساطة النصوص الحجرية التى يستند اليها الأصولى فى صالحه تماما ومحاولة تأويلها وقراءتها قراءة مختلفة بتبدو متعسفة ومفتعلة ولاسبيل للخروج من هذا المأزق سوى برفض مرجعية تلك النصوص واستبدالها بمرجعية العلم والمنطق والأبحاث والدراسات التى لايستطيع أن يختلف عليها اثنين.

نقطة أخرى مهمة وهى أنه من الطبيعى جدا فى أى مجتمع أن يوجد به نسبة ولو ضئيلة من الملحدين كجزء من الطيف العقائدى الواسع له لكن وياللعجب لايوجد ولا شخصية عامة واحدة ملحدة فى دولة كمصر!!!! والسر فى هذا لايكمن فى أنه لايوجد ملحدين فى مصر ولكن بسبب جو الارهاب الفكرى السائد والذى يمنع الكثيرين من التعبير عن أنفسهم بحرية كاملة ولابد من وجود من يعلق الجرس فى رقبة القط وهذا له أهمية قصوى فى دولة كمصر وسيحدث شرخا لايلتئم أبدا فى السد الوهمى الذى بناه الأصوليون سيتسع مع الأيام ويخرجنا من ثنائية مسلم/ مسيحى اللعينة وكأن العالم لايوجد به أحد غيرهم!

اقتباس:- ألاحظ أن كل من ينتقد القمني أو يثني عليه يتحدث عن لقاءات متلفزة ظهر فيها، كما لو كان القمني سياسيا مرشحا للمجلس النيابي و ليس مفكرا لا يقرأ سوى خلال كتاباته و كتبه ، لم أقرأ أحدا ينتقد منهجه أو أفكاره أو أعماله ، بل فقط من يراه عظيما أو تافها في حواره مع هذا و ذاك ، و بالطبع لن أتحدث عن تفاهة الحوارات الفضائية ولا أنها تحتاج مهارات لا علاقة لها بأي براعة أو تميز فكري ، بل على النقيض تماما فتلك الحوارات قائمة على السوقية و تخاطب أرباع المثقفين عادة ، كما أنها مليئة بالمحاذير و القيود و دعاوى الحسبة المترقبة و المتحفزة .

سواء قبلنا هذا أو رفضناه فنحن نعيش عصر التلفزيون وهذا الصندوق السحرى هو أسرع وأنجح وسيلة لايصال رسالتك لأكبر عدد ممكن من الناس وتكوين قاعدة جماهيرية لها وساعة واحدة على شاشة التلفزيون أفضل ألف مرة من وجهة نظر العلاقات العامة من عشرات الكتب والمؤلفات كما أن الأمور التى يتناولها سيد القمنى ليست أمور تقنية متخصصة لاتهم أحد سوى المشتغلين بها ولكن أمور تخص الشأن العام ومن المعلوم أن هدف الأصوليين وجمهورهم الأساسى هو رجل الشارع العادى وهذا لايجب تركه لهم ليتبولوا فى جمجمته ولابد من منافستهم عليه والتأكد من وصول الرسالة له وأستلامها باليد وعلى يد محضر لو أمكن وفى المناخ العام الموجود حاليا فنحن أحوج مانكون لأناس يجيدوا لعبة العلاقات العامة وليس الفذلكة الأكاديمية .
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 07-10-2009, 07:38 AM بواسطة neutral.)
07-10-2009, 07:37 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بهجت غير متصل
الحرية قدرنا.
*****

المشاركات: 7,099
الانضمام: Mar 2002
مشاركة: #56
RE: قراءة في توبة ابن القمني عن الأفكار التنويرية .
ليس كل عامي عملي ، و ليس كل فصيح ضرب من خيال
.......................................
نيوترال .2141521
يا صديقي ..
أعتقد أن الموضوع كله في حاجة للتفكيك ، و لأنه يحوي عدة قضايا سبق أن أبديت أفكارا حولها في موضوعات عديدة ، سأحاول أن أوجز رأيي هنا ،و لكنه سيكون مختزلآ للغاية و أخشى أن يكون مشوها لحد ما .
1. من الطبيعي أن يتوافق الفكر الأصولي مع الثقافة التي أفرزته ،و بالتالي فلن يمكن مواجهة الأصولية الإسلامية بخطاب إسلامي مستنير ، لأنه سيكون هجينا من السهل دحضه ،و بالتالي لن نختلف في هذه الفرعية .
2. ما نختلف عليه هو ماذا نرتب على الحقيقة السابقة ، أنت ترى أن نواجه الإسلام ، و أنه لا يمكن إصلاح المجتمع دون مواجهة الدين الذي تسبب في المشكلة الحضارية ، و أنت إذا ترى - كما أعتقد – أن المفارقة التامة مع الدين هي الحل الوحيد ، و لكن القضية من وجهة نظري هي ( كيف نواجه الثقافة الأصولية ، و ليس الدين الإسلامي) ، فالدين لا يمكن إصلاحه أو تغيره سوى خلال عمليات تاريخية طويلة جدا و مكلفة بشكل قد يكون مدمرا ، و هذا يعني أن تقتل المريض كي تشفيه من المرض ، لو نظرت إلى المجتمع الأمريكي لوجدت هناك مناطق لا يقل فيها نسبة المتدينين عن إيران ، و لكن الدولة علمانية وهذا هو المهم ، فأشد النماذج الدينية فجاجة ستبقى مقبولة طالما ظلت شأنا خاصا و ليست مشروعا سياسيا .
3. هل يمكن التغلب على الأصولية دون مواجهة صميم العقيدة الدينية ،و الإجابة هي تجربة تاريخية فريدة و عبقرية اسمها العلمانية ، فصل الدين عن الدولة و حصره في نسقه الوظيفي ، هذه المهمة ليست سهلة و لكنها ممكنة ، كما تدل تجارب العالم كله من حولنا ، و بالتالي فهي وحدها الجديرة بالمحاولة .
4. حتى لا يكون كلاما نظريا ، لأني ألاحظ أن هناك ربط بين لغة فصحى منطقية و بين الفذلكة النظرية !، فليس كل عامي عملي و ليس كل فصيح ضرب من خيال ، سأذهب مباشرة إلى لب المشكلة كما أراها ، الخطأ الذي يسقط فيه الجميع هو الإجابة عن أسئلة منتجة أصوليا ، وسواء كانت الإجابة برفض الدين أو محاولة إصلاحه ستكون إجابات مضللة و وقتا ضائعا ، وهنا دائما أستحضر قول برنارد شو:" هنالك اثنان يعبدان التمثال ، من يقدسه ومن يسعى لتدميره " . نعم هذا صحيح فكلاهما يعيش في إطاره ومن أجله ، إن محاولة تدمير الإسلام لا تقل خطورة عن تقديس نصوصه ، فكلاهما استغراق في نفس الإطار و تكريس لنفس الهوية الأحادية المتسامية .إن الحضارة ليست الإجابات الصحيحة و لكنها الأسئلة الصحيحة ، علينا أن نعيد طرح الأسئلة ، أسئلة منتجة حضاريا و تنتمي لهذا العصر ، التنمية و التعليم و الصناعة و الإقتصاد و التبادل التجاري و .... الخ ، ثم طرح باقي الأسئلة داخل نفس الإطار الحداثي ، نحن لسنا في حاجة إلى إلحاد مستحيل بل إلى علمانية ممكنة .
5. فرج فوده و سيد القمني و نظرائهما هم من يعزفون على النغمة الصحيحة ، عندما يقولان .." فلنحتفظ للإسلام بكل جلاله كدين و لكن للحياة دروب أخرى" ، إنني بالطبع لا أرى أن خطابهما يليق بالقاطنين في المجمع السكني للآلهة ،و لكنه وحده القادر على مخاطبة البشر في مقاهي الشرق الأوسط و عشوائياته ، إننا يا صديقي لن يمكننا أبدا مخاطبة الجماهير ، لهذا فلهؤلاء الوسطاء قيمة كبرى .
..........................................................
يا صديقي ..
لا أظنك تعتقد أني أبخس الميديا حقها ، فهذا هو المعلوم من الحضارة بالضرورة ، و لكن دعنا نتذكر أن الميديا هي أداة مخاطبة الجمهور الشائع ، هي أداة المبشر و الداعية و المهيج الجماهيري و الناشط السياسي و بائع الفياجرا ، و لكن للفكر أدوات أخرى معروفة ، وهو كما نعلم لا يمر بقناة الجزيرة ، لعلنا نتفق أننا نتحدث عن تقييم سيد القمني كباحث و مفكر حصل على جائزة الدولة التقديرية ، و هذا التقييم يمر فقط خلال أعماله المنشورة ، أما سيد القمني الناشط العلماني و المتحدث في الفضائيات العربية فهو شيء آخر تماما .
لا يمكننا أن نقيم المفكر من حوارات الفضائيات ، و إلا لكان محمد أركون مجرد مبتدئ متخبط في مواجهة متأسلمة نكرة لا تجرؤ أن تضع اسمها في كتاب على نفس الرف التي تعرض عليه كتبه ، و لعلك تتذكر فرحة الإسلاميين بنصرهم المبين في حوار فضائي منذ ربما 4 أو 5 اعوام .
07-10-2009, 05:21 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
neutral غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 5,786
الانضمام: Mar 2004
مشاركة: #57
RE: قراءة في توبة ابن القمني عن الأفكار التنويرية .
اقتباس:1. من الطبيعي أن يتوافق الفكر الأصولي مع الثقافة التي أفرزته ،و بالتالي فلن يمكن مواجهة الأصولية الإسلامية بخطاب إسلامي مستنير ، لأنه سيكون هجينا من السهل دحضه ،و بالتالي لن نختلف في هذه الفرعية
.

أحب أن أضيف نقطة أخرى هنا أنه حتى اذا كان الخطاب المسمى بالمستنير أقل سوءا من الخطاب الأصولى, الا أنه بالاضافة للتناقضات الموجودة بداخله مع النص فهو لايمكن الوثوق به حتى لو أمكن معالجة تلك التناقضات والتغلب عليها فى هذه القضية أو تلك وحتى لايكون كلامى فى فراغ فمنذ مدة قام أحد الأعضاء هنا بفتح موضوع عن حد الردة يبشر العالم فيه بأن حد الردة ليس من الاسلام ورغم التعسف الواضح فى تأويل الكلمات والجمل ولى عنقها الا أن السؤال الذى خطر على ذهنى وقتها هل يحتاج شخص يعيش فى القرن الواحد والعشرين الاستدلال على عدم جواز قتل المخالف له فى العقيدة أو الرأى ومن خلال نفس النص الذى أوجد تلك المشكلة من البداية? وهل عقلية كتلك يمكن الوثوق بها ? طيب النهاردة نجح فى انكار حد الردة من خلال تلك النصوص , بكرة يطلع له واحد ويقوم بتضعيف حديث أو تصحيحه أو القيام بأحد ألعاب الحواة التى يمارسها هؤلاء ويثبت صحة حد الردة ووجوبه ومش هنخلص بقى فى سنتنا!! ولذلك فالموقف الصحيح من وجهة نظرى هو رفض حد الردة لأنه مخالف للعقل والمنطق والعصر الذى نعيشه وبصرف النظر عما يقوله النص الحجرى .
نفس الأمر يواجهه سيد القمنى فهو وفى أكثر من مناسبة أشار الى وجود 23 أية فى القرأن تتحدث عن الرقيق وملكات اليمين....... طيب ما العمل فى تلك الأيات? نحذفها من القرأن ونسيب فراغات مكانها? وبعدين لو بدأنا فى الحذف من القرأن لتنقيته مش هنخلص وسيتحول القرأن من كتاب من مئات الصفحات الى صفحتين تلاتة ودمتم!! ولذلك فالحل السليم من وجهة نظرى انه يفض ايده منه ويرفض مرجعيته لحل هذا الاشكال وغيره الكثير من الاشكالات.


اقتباس:3. هل يمكن التغلب على الأصولية دون مواجهة صميم العقيدة الدينية ،و الإجابة هي تجربة تاريخية فريدة و عبقرية اسمها العلمانية ، فصل الدين عن الدولة و حصره في نسقه الوظيفي ، هذه المهمة ليست سهلة و لكنها ممكنة ، كما تدل تجارب العالم كله من حولنا ، و بالتالي فهي وحدها الجديرة بالمحاولة .

عندما نتحدث عن فصل الدين عن الدولة فنحن هنا نتحدث عن عموميات وبنتكلم generic أما الbrand الذى لدينا وهو الاسلام فواضح جدا ان العملية ليست بتلك البساطة بسبب عوامل كامنة فى الاسلام نفسه فالاسلام وبالفعل كما يقول الأصوليون دين ودولة فمحمد لم يكن مجرد نبى يتحدث عن الله والأخلاق والقيم والمبادئ ودمتم ولكنه كان زعيم سياسى وقائد عسكرى وقاض ورجل أمن أى أنه جمع بين يديه السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية وهكذا كان خلفاؤه من بعده وبالتالى فالأصوليين متسقين مع أنفسهم تماما عندما يقولون أن الإسلام دين ودولة........ كيف يمكن تحقيق اليوتوبيا الإسلامية وتنفيذ المشروع الحضارى الإسلامى المتمثل فى تقطيع الأطراف والرجم والجلد وضرب الرقاب والغوص بين أفخاذ الإماء والجوارى وملك اليمين بدون سلطة تنفيذية تقوم بهذا? وهذا هو السبب وراء سعى الأصوليين الذى لاينتهى وراء السلطة .


اقتباس:. ما نختلف عليه هو ماذا نرتب على الحقيقة السابقة ، أنت ترى أن نواجه الإسلام ، و أنه لا يمكن إصلاح المجتمع دون مواجهة الدين الذي تسبب في المشكلة الحضارية ، و أنت إذا ترى - كما أعتقد – أن المفارقة التامة مع الدين هي الحل الوحيد ، و لكن القضية من وجهة نظري هي ( كيف نواجه الثقافة الأصولية ، و ليس الدين الإسلامي) ، فالدين لا يمكن إصلاحه أو تغيره سوى خلال عمليات تاريخية طويلة جدا و مكلفة بشكل قد يكون مدمرا ، و هذا يعني أن تقتل المريض كي تشفيه من المرض ، لو نظرت إلى المجتمع الأمريكي لوجدت هناك مناطق لا يقل فيها نسبة المتدينين عن إيران ، و لكن الدولة علمانية وهذا هو المهم ، فأشد النماذج الدينية فجاجة ستبقى مقبولة طالما ظلت شأنا خاصا و ليست مشروعا سياسيا .


هناك مبدأ فى الحياة أعتقد أنه جيد وعملى وحقق نتائج جيدة لى شخصيا وهو انه عندما تكون فى مواجهة شخص متطرف وعامل فيها مجنون فالحل الأمثل معه انك تأخذ موقفا مضادا أكثر تطرفا وجنونا منه لأن السبب الحقيقى وراء تطرفه وادعاءه الجنون أنه يريد أن يحصل منك على أكبر قدر ممكن من التنازلات وبالتالى فباتخاذك موقف أكثر تطرفا من موقفه بتفسد عليه مخططه ولاتضطر لتقديم أى تنازل لاتريده عندما تحين لحظة المفاوضات بل سيضطر هو الى تقديم تنازلات لك لانهاء الصراع والاحتفاظ بمجرد أساسيات موقفه بدون أى كماليات أو رفاهيات.

بالنسبة لأمريكا والتيار الدينى الأصولى بها فرغم ماأحرزته أمريكا من تقدم فى مجال علمنتها الا أنه لاشئ مضمون ومازال الخطر موجود ولكن كامن يتحين الفرصة للانقضاض فبات روبرتسون مثلا كان قاب قوسين أو أدنى من الحصول على ترشيح الحزب الجمهورى للرئاسة فى 88 وبوش لم يصل للحكم سوى على أكتاف هؤلاء وخدامة كسارة بالين كانت مرشحة لمنصب نائب الرئيس فى الانتخابات الماضية وأثناء الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهورى أعلن ثلاثة مرشحين على الهواء مباشرة وبدون أى حياء أو خجل رفضهم لنظرية التطور وهناك بالفعل اليوم مايطلق عليه الcultural war بين الأصوليين والتيار العلمانى بالمجتمع تظهر أعراضه بشدة فى الأمور محل الجدل كالاجهاض وزواج المثليين وأبحاث الخلايا الجذعية والموت الرحيم الخ الخ الخ ونتيجة لتطرفهم وتصنعهم الجنون للحصول على أكبر قدر من التنازلات من المجتمع ظهر تيار أكثر تطرفا منهم فى الناحية الأخرى رافض مجرد وجودهم ويطاردهم ليس فقط فى الأمور المهمة والخطيرة ولكن فى أشياء ممكن تصنيفها على أنها"تفاهات" كعبارة under god فى قسم الولاء وعبارة in god we trust على العملة بل وحتى عبارة ميرى كريسماس التى يتبادلها الناس بعفوية فى أعياد الميلاد أصبحت محل شد وجذب وخلاف مما جعل الأصوليين دائما فى حالة دفاع عن النفس وملطشة للرايح والجاى فوجود بات روبرتسون وجيرى فالويل وأخواتهم يصبح معه وجود ريتشارد داوكنز وسام هاريس وكريستوفر هيتشنز فرض عين يأثم تاركه ولولا وجود هؤلاء والضغط والازعاج الهائل الذي يسببوه للأصوليين لتمادوا فى غيهم وطالبوا بالمزيد من التنازلات وعلى رأى المثل لايفل الحديد الا الحديد.


نظريا أنا بالفعل أرى أن المفارقة والقطيعة التامة مع الدين هى شئ ايجابى وتقدمى ورائع, لكن على أرض الواقع فالأمر يختلف قليلا عن هذا فالدين شئت أم أبيت أصبح بحكم الأمر الواقع أهم أداة للcrowd control متاحة للجنس البشرى وبأقل التكاليف ومن يقول بأنه يستمد قيمه وأخلاقه من الدين وأنه لولا الدين لفعل كذا وكذا وكذا لايؤتمن جانبه , وبأسلوب التفكير هذا لاأستبعد أنه لو تم القضاء بشكل أو أخر على الدين سنجد أنفسنا فى مواجهة ملايين من الحيوانات المسعورة المنفلتة من عقالها وستصبح كارثة ولكن كما قلت أنت فى مداخلة سابقة لك "الدين أخطر من أن نتركه للمتدينين" وبالتالى لابد من تطبيق سياسة" البنج بونج" مع الأصوليين بمعنى أن الأصولى من هؤلاء يخش على وفاء سلطان تقوم معاه بالواجب وتنتف ريشه فيطلع يجرى على سيد القمنى فيقول له مش قلت لك ياحبيبى العلمانية حلوة مسمعتش كلامى وقعدت تقاوح وتقول الاسلام هو الحل أستلقى بقى وعدك ويروح باعته مرة أخرى للحاجة وفاء وهكذا دواليك لغاية لما يقول حقى برقبتى ويعرف قيمة الحاج سيد لكن بدون وفاء سلطان لن يدرك قيمة الحاج سيد أبدا ووقتها ووقتها فقط سيبتلع التأويل المتعسف ولى عنق الكلمات والجمل الذى يقوم به سيد القمنى ويبوس ايده وش وضهر انه مسموح له يصلى ويصوم ويقوم بطقوسه دون التدخل من أحد.
07-10-2009, 10:11 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
يجعله عامر غير متصل
عضو رائد
*****

المشاركات: 2,372
الانضمام: Jun 2007
مشاركة: #58
RE: قراءة في توبة ابن القمني عن الأفكار التنويرية .
(07-09-2009, 08:11 PM)بهجت كتب:  
1- من الطبيعي عند المناقشة الموضوعية لأي باحث أو مفكر أن نقرأ أعماله و ندرسها بعناية ، ثم نناقش هذه الأفكار موضحين نقاط القوة و نقاط الضعف ، و نقارنه بغيره من المفكرين الذين تعرضوا لنفس القضايا ،و من ثم نستطيع تقييم انجازاته مركزين على الدروس المستفادة من أعماله ، و ما يجب تصحيحه منها ... الخ ،و لكن ليس هذا ما يحدث في بلادنا العربية و مصر خاصة ، فالموضوعية لدينا كالعنقاء و الخل الوفي أسماء تقال ولا تدرك .
الزميل الكريم بما يثري هنا ، لك التحية على جهدك ومثابرتك بعد كل هذه الضجة السابقة ..
هذه النقطة تحديدًا هي ما شددنا عليها كقراء ، أنّا بعيدًا عن المكفّر والمدين والمصفق والمهلل ، بحاجة لقراءة وقراءات لفكر الباحث محل الاهتمام "القمني" وبموضوعية كما تفضلت وقلت ، لا قراءة تبجيلية أو قراءة مخاصمة منذ البدء ، فكلتاهما تستويان في النتيجة "الخاطئة"... ولعل هذا ما شددتُم عليه في النقطة التالية -انعدام الحيادعند الجماهير الغفيرة (إسلامي متشدد - مسيحي أرثوزكسي) أتفق معك في كل ما ورد في الفقرة السابقة .


2- ....
3- ألاحظ أن كل من ينتقد القمني أو يثني عليه يتحدث عن لقاءات متلفزة ظهر فيها، كما لو كان القمني سياسيا مرشحا للمجلس النيابي و ليس مفكرا لا يقرأ سوى خلال كتاباته و كتبه ، لم أقرأ أحدا ينتقد منهجه أو أفكاره أو أعماله ، بل فقط من يراه عظيما أو تافها في حواره مع هذا و ذاك ، و بالطبع لن أتحدث عن تفاهة الحوارات الفضائية ولا أنها تحتاج مهارات لا علاقة لها بأي براعة أو تميز فكري ، بل على النقيض تماما فتلك الحوارات قائمة على السوقية و تخاطب أرباع المثقفين عادة ، كما أنها مليئة بالمحاذير و القيود و دعاوى الحسبة المترقبة و المتحفزة .
هذه النقطة تحديدًا وما تلاها في تعقيبك الأخير
اقتباس:ن تقييم سيد القمني كباحث و مفكر حصل على جائزة الدولة التقديرية ، و هذا التقييم يمر فقط خلال أعماله المنشورة ، أما سيد القمني الناشط العلماني و المتحدث في الفضائيات العربية فهو شيء آخر تماما .
لا يمكننا أن نقيم المفكر من حوارات الفضائيات
أنت على حق فيها
لكن أودّ أن أتعرف على رأيكم بخصوص هذه الرؤية من الزميل الفاضل العلماني

(07-08-2009, 01:28 AM)العلماني كتب:  بضعة نقاط:
1) شكراً لأحمد طارق الذي أمتعني بهذه "المواجهة" بين "سيد القمني" و"شيخ المكفرين في المحروسة". فالمواجهات بين القمني وخصومه لها طعم خاص عندي لحضور "القمني" الكوميدي. فالرجل يصوّر لي "خفة الظل" المصرية المشهورة كما ينبغي أن تكون، بحيث أنني لا أتوقف عن الابتسام والضحك طالما رأيته أمامي على الشاشة. ولعله بهذا – عندي – يستطيع أن "يقضي على خصومه" بالضربة القاضية منذ الجولة الأولى فلا أحس بوجودهم أصلاً.
بصدق، أنا في حضرة "سيد القمني" لا أنتظر "مفكراً عميقاً"، ولكني أنتظر "مجادلاً موفقاً" يعرف كيف ينتصر على خصومه بكلامه وحركاته وتعابير وجهه بحيث أن الجمهور الكبير من المشاهدين لا يستطيع إلا أن يتعاطف معه.
ولو كان لي أن أشير على الدكتور "سيد القمني" برأي لأشرت عليه أن يعرض على إحدى الفضائيات إمكانية تقديمه لبرنامج تليفيزيوني يتعلق باهتماماته، يعرض فيه ما يكتبه ويناقشه مع المؤيدين والمخالفين من ضيوفه. فالرجل يستطيع أن يكون – برأيي – "قنبلة إعلامية" لها دوي وصدى أبعد بكثير من مؤلفاته نفسها.

2) كتبت، في معرض حديث لي عن "فرج فوده" قبل بضع سنوات، عن "أهمية خطاب فرج فوده المواجه البسيط" في "الدعوة إلى العلمانية" في البلدان العربية والإسلامية.
نحن نحتاج جداً إلى مثل كتابات "فرج فوده" ونحتاج مثلها إلى كتابات "سيد القمني" و"حضوره المميز" في الإعلام المرئي والمسموع. فهؤلاء هم "الوجه الآخر البسيط والجميل" "لنصر حامد أبو زيد" وغيره من المفكرين بالغي التعقيد. فــ 95% من المشاهدين سوف ينامون أو يضربون أخماساً بأسداس لو بدأ "الدكتور نصر حامد أبو زيد" يحدثهم عن "مفهوم النص" أو "الاتجاه العقلي في التفسير"، ولكنهم مع "خطاب المرحوم فرج فوده" أو "خطاب سيد القمني" سوف يستفيقون ويتعاطفون ويحسون أنهم يفهمون، بل والأخطر من هذا – وهو المهم – أن مثل "خطابات فرج فوده وسيد القمني" تعطيهم بضعة "ردود جاهزة" وتحقنهم ببعض "المباديء السامية" التي يستيطعون توظيفها في مواجهة "الخطاب الأصولي" في الشارع والحياة اليومية.
من هذا المنطلق، أرى "سيد القمني" من أخطر وأبرع من واجه "الخطاب الأصولي" في الشارع المصري. وأرجو أن يستمر في هذا ويزيد من عدد المقابلات التي تجري معه، فلدى الرجل قدرة مميزة في التصدي لغوغائيات الإسلامويين.

3)
طبعاً، لم يكن هناك "حوار" حقيقي في المواجهة بين "القمني" و"البدري". ولكن منذ متى كان هناك "حوار" في برنامج من هذا النوع. فهذه البرامج عبارة عن "صراع بين ديكة" في قفص ليس إلا، ولعل "الاتجاه المعاكس" "لفيصل القاسم" في "الجزيرة" يثبت كل أسبوع ما أقوله هنا.
ليس هناك مجال في مثل هذه البرامج إلى التريث والتفكير والدخول في العمق وعرض الفكرة دون تشويش، فعلى المشترك أن يكون مستنفراً متحفزاً ذو بداهة وسرعة في "رد الجواب". لذلك فالحوار يبقى نوعاً من المبارزة الإعلامية في تسديد الضربات الفنية للخصم ليس إلا. والذي يكسب "المبارزة" ليس الذي يفكر بعمق أكثر ولا الذي يدعم فكرته بمعلومات وتحليلات أكثر، بل ذاك الذي يجيد الخطابة والتهريج وبعض الشعارات والأمثلة المقولبة الجاهزة في ذهن المشاهدين ومن ثم استقطاب المشاهد عبر الضرب على أوتار المشاعر والأحاسيس.
العلماني

كونها تقصر أنموذج القمني في شكل مشابه للداعية والواعظ أو المتحدث باسم اتجاه ، فكما كان الشعراوي رجل بسيط يحاول أن يوصل للجماهير الإسلامية مفاهيم لغوية ، ودينية ، وصوفية معقدة في لغة بسيطة ، يفعل القمني ذلك ، فحين يتحدث عن تاريخية النص القراني مثلاً ، ليس مطلوبًا منه أن يقعّد وينظر بلغة "أركونية" تجعل المتلقي يتقرب إليه (بسب الدين) على العكس تماما ، سيصل المتلقي بفضل "سوقية..نعتذر" القمني ولغة بائعي الخضار ما يريد توصيله مثل أركون ، ويتتعتع فيه أو ينحت لأجله بالعربية [تلميذه]مصطلحات جديدة كي يقرب المعنى .
هذه رؤية ليست تخص "العلماني" وحده بل أكثر من شخص [علم الله من خلفيات ليست إسلامية] يشتركون فيها .. ورُغم ذلك لا أوافق عليها ، خاصة وأن الشخص لا يُعرف بنفسه كذلك فهو يرى نفسه باحث ، والواقع يشهد على أن له إنتاج ، لذلك أشدد معك أن تقييم القمني لا بد أن يكون عبر قراءة إنتاجه .. وهو للأسف ما يتكالب عليه الآن "الإسلاميون غير الواعين .. انظر هنا نموذجًا يفعل مع القمني ما فعله محمد عمارة مع نصر ابوزيد فعلى غرار "الإسلام الماركسي" لعمارة كان مقال :سيد القمني و"مركسة" الإسلام"
نحن في حاجة ماسة إذًا إلى قراءات موضوعية ، قبل أن يتلوث ذهن القارئ الذي لا يعرف عن القمني شيء ، سواء بمن على يمينه أو على يساره .


4- أعتقد أن هناك قلة نادرة هي التي تقرأ كتب سيد القمني و غيره من المفكرين ، فالقراءة نادرة جدا في مصر ، و الأكثر ندرة هي قراءة الكتب الجادة .

حقًّا ما تقول .
5- كل من تحدث عن سيد القمني من المصريين تحديدا انصب حديثه عن مدى إيمانه ، وهل هو ملحد أو متدين ، ورغم غرابة هذا الموقف و مفارقته لكل التقاليد الثقافية المتحضرة فلا يبدوا أن هناك من يشعر بتلك الغرابة ، أرى أن كلاهما مخطئ في فهمه لطبيعة و دور المفكر العلماني ، من يرفض القمني بسبب عدم إيمانه كما يعتقد ، أو من يدعم القمني بسبب إلحاده كما يظن ، الإيمان شيء شخصي و ليس مطروحا للحوار العام ، و الجمهور في الحضارة المعاصرة لا ينقبون عن الضمائر ، الأكثر غرابة من ينتقد سيد القمني لأنه ليس شجاعا و لا يرفض الإسلام كله بشكل علني ، معتقدا أن قضية سيد القمني هي الإلحاد !، قضية الإيمان معقدة وشخصية ولا يمكن تداولها كشأن عام ، ليس فقط لخصوصيتها و مخافة الإتجار بها من كل المتنطعين و المتعصبين ، و لكن بالأساس لأن الإيمان ليس صيغة واحدة قياسية صالحة للجميع كما يعتقد البعض ، يبقى أن من يخاطب الجماهير و يهدف للتأثير عليهم عليه ألا يبتعد كثيرا عنهم ، عليه أن يتقدمهم .. نعم ،و لكن ليس إلى المدى الذي يختفي عن ناظريهم فلا يرونه ولا يشعرون به ، لهذا كان فرج فوده و سيد القمني مؤثرين في الناس ، بينما كمال النجار و وفاء سلطان بلا جمهور حقيقي .

أحد الشباب في رسالة "علمية! من رسائل الدكتوراه لهذه الأيام في جامعة القاهرة كلية دار العلوم" بصفاقة ليست بالغريبة على جاهل ، كفّر "حسن حنفي" لأنه كان بصدد تقييم لمشروعه ، ولا معنى للتقييم عندهم إلا ان يوضع هذا في دائرة الإيمان أو ذاك في دائرة الكفر ، ومن الجميل أن حسن حنفي كان من لجنة المناقشة للطالب ، فما كان منه إلا أن علّق عليه بأن بُني ، نحن في قاعة العلم ولسنا في مسجد أو صومعة ، وفي هذه القاعات لا كلمة تعلو كلمة العلم ، وكلام كثير على هذه الصورة ، ختمه بقوله إنه "علماني لكن على خُلق" ، هكذا أعلن عن نفسه حنفي في القاعة ، وفي كلية الآداب وفي الجمعية الفلسفية المصرية وفي أكثر من مناسبة ، مما جعل الغير "المتحرم" يعترف به ويكرّم في كبريات الأماكن الأكاديمية بالعالم ، ويترأس مؤتمر الكبار في فرنسا ، ويمنح الجوائز كل يوم في أرجاء العالم .. لا يكابر في استحقاقه لذلك إلا جاهل ، ولا يُطالب بإيمانه أو إعلانه لكفره إلاّ مُخلط .. صرف النظر عن تصنيف العالم الغربي له ولغيره ممن يسيرون على هذا النمط على أنهم "مُعتزلة جُدد" أو عقلانيو الإسلام أو حداثيوه ..
لكن الأمر مختلف مع "قمني" فهو في مجلس يعلن الإيمان ويصلي ويسلم على النبي ، وفي مجلس يعلن الكفر وأن هذه الغيبيات محض هرتلات ، فهو من يتردد ويشغل باله بتصنيف نفسه ، لندع هذه ، فتلك ليست المشكلة ، إنما المشكلة أنه يصنف نفسه باحثًا يُعنى بالمجتمع المسلم ويحمل همّه ، ويريد تنويره ، وأضحت الصحافة "الجاهلة" تصنّفه بهذا الشكل ، وهو بخلاف الحقيقة .
أكل هذا لا قيمة له ؟ نعم لا قيمة له ويبقى أن ما ننشغل به هو "إنتاج" قمنينا .
إذًا لننتظر اهتمام الشباب بإنتاج القمني ، وليس بشخصه ولا بجائزته ، فهل من مهتم ؟!

بالأخير أشكرك أستاذ بهجت لمثابرتك ولنشاطك وربنا يبعد عنك الطبّالين وكدابين الزفة.
07-11-2009, 06:20 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بهجت غير متصل
الحرية قدرنا.
*****

المشاركات: 7,099
الانضمام: Mar 2002
مشاركة: #59
RE: قراءة في توبة ابن القمني عن الأفكار التنويرية .
مع غياب الفكر التنويري المؤسسي يصبح الجميع لقطاء ،و اللقطاء لا يكونوا مخلصين لأصول يجهلونها كلية

نيوترال .2141521
يا صديقي .. قضية الخطاب المضاد للأصولية أكثر تعقيدا ، نحن في مواجهة أعقد المشاكل الثقافية بل و الحضارية التي تواجه البشرية الان .. مواجهة الأصولية الإسلامية و خطابها المتعصب و محاصرة تناقضاتها مع الحضارة المعاصرة ، انشغلت كثيرا بتفكيك هذه القضية و طرحها في موضوعات متعددة ، رغم هذا سأحاول هنا ايجاز فكرتي حولها ، و لكني أقول من البداية أنه من المستحيل تقريبا أن نحدد ماهو الخطاب الإسلامي المعتدل أو المستنير ، بل أشكك في وجود خطاب ديني مستنير كما نفهم ذلك المصطلح في حضارتنا المعاصرة ؟.
في مواجهة هذه المشكلة هناك أطراف متعددة تمتلك رؤى مختلفة ، هناك الأصوليات الإسلامية السنية و الشيعية و الأنظمة و المنظمات التي تدور في إطارها و المتحالفة معها ، وهي جزء من المشكلة و بالتالي لا تراها ولا تعترف بها ، بل تستخدم نفس خطابها الحدي المتشدد ، هناك أيضا اتحاد الثقافات الغربية القائدة ، و يسود وعي بين الغربيين و غيرهم من الثقافات المعاصرة بأن المسلمين هم أسرى الهوية الإسلامية الاحتكارية التي تسيطر على تفكيرهم ، و أن ما يحدث من صراع في عالم مابعد الحرب الباردة ، هو بسبب خصوصية الهوية الإسلامية و طبيعتها العدوانية ، و قد روج بعض المناظرين الغربيين المؤثرين ، من أمثال صمويل هانتجتون و برنارد لويس لهذه النظرية ، وفقا لهذه التصورات يمكن رؤية العالم كفيدرالية من أديان و ثقافات ، مع تخصيص الإسلام كأكثر تلك الهويات انعزالية و عداء للحضارة الغربية في زعمهم ، هذا التصور الأحادي يتطابق – و للغرابة - مع النظرة التقليدية للأصوليين المسلمين تماما ، الذين ينظرون للإسلام كهوية شمولية انفرادية ،و ليس مجرد دين كغيره من الأديان .
إن أخطر ما يواجه الحضارة البشرية ، هي مشكلة الثقافة الإسلامية المتعصبة التي تغذي الإرهاب في كل مكان ، هذه النظرية مقبولة من الجميع تقريبا اليوم ، بما في ذلك شعوب كانت تقليديا حليفة للعرب ، و تشمل تلك القناعة المسلمين أيضا ، بالطبع بعد أن يتم عكس العبارة ليكون الغرب هو المتعصب و العدواني ، و من هذا التصور انطلق الجميع بحثا عن حل ، هذا الحل يدور تلقائيا حول إصلاح الدين الإسلامي ، طالما هو سبب المشكلة ، وهذه العملية هي ما يطلق عليها الغربيون إعادة تعريف الإسلام ، أما الحكام العرب الواقعين بين فكي الثقافات العشوائية المنفلتة من جهة ، و العالم المتحفز من جهة أخرى ، لم يجدوا ما يقدمونه سوى أن يتبنوا و على حياء ما يعرف بترشيد الخطاب الإسلامي ، و في الحالتين فالهدف واحد وهو إصلاح الإسلام ، هذا الإصلاح يتم بالطبع عن طريق الفقهاء المسلمين أنفسهم ، أي إصلاح الإسلام من داخله ، و هكذا دفعت الدوائر الغربية - و يشترك معهم الحكام - إلى الصدارة بدعاة من عينة العالم الإسلامي التركي البارز فتح الله جولان، و الفيلسوف الإيراني عبد الكريم سروش، والداعية المصري الأصل والسويسري الجنسية طارق رمضان ، و الداعية الشهير عمرو خالد ، و الأستاذ جمال البنا ، و الشيخ يوسف القرضاوي ،و حجة الإسلام محمد خاتمي ، و ..... و غيرهم كثيرين ، هؤلاء جميعا يشكلون مدارس و اتجاهات مختلفة ، و لكنهم يشتركون فقط في تبني فكرة أنه لا وجود للمسلمين خارج هويتهم الإسلامية المتفردة ، و بالتالي لا يمكن إصلاح المسلمين سوى بإصلاح الإسلام .
هذا الطرح أراه خاطئا بل و مدمرا ، فالمشكلة التي تواجه العالم اليوم كما نؤكد هنا ، ليست صراع الهويات و الحضارات ، ( و لكن المشكلة في جوهرها هي تصنيف الناس على أساس هوية ثقافية إنفرادية ، و غياب نموذج بديل يرسخ فكرة الهويات المتعددة المتداخلة للجنس البشري) ، لأن ( الهويات الإختزالية و الإقصائية القائمة على أساس العقيدة الدينية ، ستؤدي إلى مزيد من ترسيخ الهوية الدينية الإحتكارية ، و تهميش المجتمع المدني ، و تقزيم المواطنين و تعبئتهم داخل صناديق طائفية منعزلة ، كذلك تؤدي إلى شيوع العنف و التصادم ) ، و لهذا يجب أن نعارض كلية فكرة (أن العالم مجرد فيدرالية للأديان و الطوائف ) ، و في المقابل علينا أن نتبنى فكرة الهويات التعددية ، لأن (التقسيمات المتداخلة و المتشابكة للجنس البشري تجعله أقدر على الفهم و التعايش ) ، هذه الرؤية المركزية تشكل من وجهة نظري مقتربا يجب أن يتبناه كل العرب و المسلمين العقلانيين ، نحن مسلمون نعم و لكننا لسنا فقط مسلمين !، وفقا لهذا المقترب لا يمكن تعبئة المسلمين و اعتبارهم جماعة إنسانية واحدة ، إن علاقات المسلمين و مشاكلهم بين أنفسهم و الآخرين ، هي علاقات و مشاكل ذات طبيعة متعددة ، مثلهم في ذلك مثل غيرهم من الجماعات الإنسانية الأخرى ، هذا الخطاب لا يجب أن يكون موجها إلى المسلمين فقط ،و لكنه يوجه أيضا إلى الغرب بصفته القائد لتحالف الثقافات الأقوى و الأغنى في العالم .
مازلت مقتنعا أن هناك خطأ مبدئي سقط فيه الجميع ، يتمثل في اعتماد تصنيف واحد للشعوب قائم على أساس الهوية الدينية ، و أن الخلط البرئ -أو المتعمد- بين الهوية الدينية للمسلمين و هوياتهم المتعددة الأخرى ، تجاوز أن يكون مجرد خطأ في المفاهيم و التوصيف ،و لكنه يقود إلى تجذير مشكلة الإرهاب ، مهددا السلام العالمي بشكل غير مسبوق ولا مبرر ، هذه المشكلة التي أطرحها هنا أعمق كثيرا من مجرد التصريحات الفجة لمتطرفين ، أمثال أسامة بن لادن في حربه المعلنة ضد اليهود و المسيحيين ، أو الجنرال الأمريكي (وليام بوكين) الذي اشتهر بادعائه أن الرب المسيحي أكبر من الرب الإسلامي ، أو التنبؤات الجزافية لأحمدي نجاد بقرب ظهور المهدي و تدمير أمريكا ، و لكنها تكمن في رؤية خطيرة و غالبا بحسن نية (أشبه بسوء الطوية) ، ينظر بها صناع السياسات الغربية إلى العالم غير المسيحي و المسلمين خاصة ، وفقا لتصنيفات الهوية الدينية حصريا ، و هم يرون أن مقاومة الإرهاب ( الإسلامي ) يكمن في إعادة تعريف الإسلام ، بشكل أشبه بحركة الإصلاح الديني المسيحية ، و من أجل تحقيق هذا الإصلاح ، هناك محاولات محمومة تقودها الولايات المتحدة و بريطانيا ، و تحاول خلالها جذب المؤسسات الدينية الإسلامية إلى مواقف متوافقة مع الأمن و السلام العالميين ، رغم هذه الجهود الحثيثة فالأصولية الإسلامية مزدهرة ، و الأرهابيون يجري تجنيدهم حتى في الغرب ، هذه النتيجة التي أحبطت الجميع و أكدت لدى كثيرين النظرة المتشائمة إلى المسلمين كإرهابيين بالعقيدة الدينية يجب ألا تفاجئنا ، و علينا أن نتذكر أن محاولة تجنيد رجال الدين لدعم قضايا سياسية كانت دائما سياسة خاطئة خاصة فيما يتعلق بالإسلام السني السائد ، وهذا يعود لسببين واضحين يمكن تبينهما منذ البداية ، فالإسلام السني يتميز بعدم المركزية و خلوة من سلطة دينية عليا تتخذ القرارات الدينية الرئيسية الملزمة لعموم المؤمنين ، فالفرد و ليس المؤسسة الدينية هو وحدة بناء الإسلام السني ، و ليس خافيا مقدار الحرية التي يتيحها مثل هذا الإسلام لأتباعه ، و لكن في المقابل سيكون من المستحيل تقريبا توفير إجماع ملزم دينيا لمقاومة الإرهاب أو لأي قضية أخرى ، ثانيا خطورة تكثيف السلطة بيد رجال الدين من أجل القيام بدورهم المأمول ، فهذه السلطة يتم توظيفها لاحقا و ببساطة لدعم الأحزاب و الجماعات و المؤسسات الدينية ، و تمرير أخطر الأفكار الأصولية كصحيح الدين منكره كافر ،و هذا بالضبط ما حدث في مصر و الأردن و باكستان و غيرها من المجتمعات ذات الأغلبية السنية .
بالطبع سوف يكون انجازا رائعا أن يعظ رجال الدين في الفضائيات ضد الإرهاب ، و لا يمكن مقارنة هذا العمل الخير بتجنيد الإرهابيين في المساجد و الزوايا الشعبية ، و لكن هناك حدود لهذا النشاط ولا يمكن اعتماده كسبيل أساسي في مكافحة الإرهاب ، ورغم أن كثيرين من رجال الدين الكبار يؤمنون بأن الإسلام ينهى عن العنف ، فلن تجد بينهم من يكفر الذي يلجأ إلى الإرهاب ، فالتكفير محصور في المرتد و منكر معلوم الدين و تارك الصلاة ، أي في إنكار ما يمس صميم العقيدة و طقوسها ،و لكنه لا يتعدى ذلك إلى المواقف السياسية للمؤمن ، لهذا لم نجد عالم دين واحد يكفر أسامة بن لادن أو أيمن الظواهري مهما كان إنكار هذا العالم للأعمال الإجرامية لكليهما .
في المقابل فكثير من الغربيين يتوقعون من المؤسسات الإسلامية الكبرى كالأزهر شيئا مثل الحرمان الكنسي في مواجهة الإرهاب و القائمين عليه ، لهذا تأتي صدمة هؤلاء كبيرة عندما يجدون أن الإرهاب - الموجه لغير المسلم غالبا - ليس مدانا وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية ، على الأقل الإدانة التي تصل لحد تكفير مرتكب تلك الجريمة ، و ذلك طالما لم ينكر الإرهابي أحد أسس العقيدة الإسلامية كما يفسرها الفقهاء ، وظل ممارسا للطقوس الدينية ، وليس خافيا أن التاريخ لم يعرف سابقة لتكفير المسلم على أساس من انفتاحه على الآخر أو تعصبه ضده ، فبقي المسلم المتسامح مثل السلطان أكبر و صلاح الدين الأيوبي مسلما ، بينما بقي المسلم المتعصب مثل السلطان أورانجزيب و السلطان الظاهر بيبرس مسلما أيضا ، ولم نسمع بفقيه واحد يكفر قتلة السادات أو أعضاء الجماعة الإسلامية و تنظيم الجهاد في مصر بسبب سجلهما الإجرامي الكبير ، ليس معنى هذا أن الإسلام في جوهره دين إرهابي ،و لكن الأمر أكثر تعقيدا فالتكفير هو إجتهاد له شروط فقهية مرتبطة بجوهر العقيدة و ليس بالموقف السياسي ، و لعل أو ضح مثال لذلك هو ما أسفر عنه لقاء هام لعلماء المسلمين في عمان بالأردن ، و قد حضره 170 من صفوة علماء الدين الإسلامي في 40 بلدا ،و في النهاية صدر البيان الختامي للقاء في 6 يوليو عام 2005 ، و قد سعى البيان للتعريف ( بحقيقة الإسلام و تحديد دوره في المجتمع المعاصر) ، و في البيان يعلنون بالتحديد أنه " لا يجوز تكفير أي فئة من المسلمين تؤمن بالله سبحانه و تعالى وبرسوله صلى الله عليه و سلم و أركان الإيمان ، و تحترم أركان الإسلام ،ولا تنكر معلوما بالدين بالضرورة " ، بالطبع كانت هناك إدانات للإرهاب بأقوى العبارات ، وحفلت المداخلات بالآيات البينات التي تدعوا للسلم ،و لكن لا شيء آخر ، فالدين الإسلامي كأي دين آخر له لغته و مفرداته و مفاهيمه الخاصة ،و لا يمكنه أن يكون بديلا للعمل السياسي و الهويات المدنية ، و هذا يؤكد ما ذهبنا إليه و نكرره دائما ، أن التقسيم الديني للعالم يؤدي إلى تشوهات حادة في فهم الآخر ، و إصدار أحكام خاطئة على القضايا الرئيسية ، فهذا التقسيم يضخم إلى حد العملقة خلافا واحدا بعينه بين المجتمعات البشرية ، و بدرجة تطمس كل رابطة أو هوية أخرى مهما كانت أهميتها.
هذا يقودنا إلى الخطاب العلماني العربي على محدوديته ، هنا يجب أن نلاحظ أنه لا توجد دولة ولا مؤسسة عربية واحدة لها إمكانيات و استقلالية تدعم الفكر العلماني أو التنويري ، بما في مؤسسات وزارات الثقافة العربية في دول مثل مصر أو سوريا و العراق ، فالمجلس الأعلى للثقافة في مصر الذي أنشأ لدعم الخطاب المعادي للأصولية ، اقتصر دوره على صرف المكافآت و دعم الأصولية بمؤامرة صمت داعرة ، أضف لذلك لا توجد قاعدة شعبية للقوى التنويرية في أي بقعة على امتداد العالم العربي ، و الكتابة التنويرية و العقلانية و مهاجمة خطاب الأصولية الإسلامية مهما كانت طارئة و ضعيفة هي نوع من المخاطرة قد تذهب بصاحبها إلى المقبرة أو السجن ، كل دعاوى الحسبة في مصر حكم فيها لصالح الأصوليين ، وكل من كتب ضد الشيوخ شهر به و أوذي نكالا من الله و السلطان ، و النتيجة أوضح من أن توضح ، فكما أن حروبنا لا تشبه الحرب و سلامنا لا يشبه السلام ، فعلمانيتنا لا تشبه العلمانية ، العلماني العربي – ماشاء الله- لا يشعر بأي تناقض عندما يدعم حكومة الملالي في طهران ،ولا عندما يتوله عشقا في حزب الله و حماس ، لأن البديل في ظنه الخضوع لإسرائيل ، و كأنما لابد أن تكون المرأة عشيقة و ليست زوجة !، هذا العلماني الأصولي لا تنتجه سوى الثقافة العربية السائدة الآن ، فمع غياب الفكر التنويري المؤسسي يصبح الجميع لقطاء ،و اللقطاء لا يكونوا مخلصين لأصول يجهلونها كلية ، من السهل للإنسان أن يكون ملحدا و لكن من الصعب أن يكون علمانيا ، فما أكثر الملحدين المتسننين و المتشيعين ! .
لهذا تجدني أدعم بحماس كل الأصوات التي تتبنى الفكر العلماني و التنويري أو حتى شيئا قريبا من ذلك ،أدعم كل الأصوات الهادئ منها و الزاعق ، لأني أعلم جيدا خطورة أن تكون عربيا مستنيرا ، و الأكثر خطورة أن تكون مصريا تنويريا ، .
07-13-2009, 01:16 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بهجت غير متصل
الحرية قدرنا.
*****

المشاركات: 7,099
الانضمام: Mar 2002
مشاركة: #60
RE: قراءة في توبة ابن القمني عن الأفكار التنويرية .
يجعله عامر .
من الجميل يا صديقي أن تكون كل مداخلة بهذا الثراء ، فالزهور دائما مختلفة و لكنها بهذا الإختلاف تبهج الناظرين ، من سيقرأ هذه المداخلات سيجد أمامه وجهات نظر عديدة ، كلها جاد و متعوب فيه ، كما تعلم يا صديقي لست من أنصار المساجلات التي تهدف للمكسب ، فالمكسب الحقيقي هو في طرح الأفكار و نقدها بهدف الوصول للحقيقة ، و سيكون أقل مكسب حققناه هو إعادة التعريف بسيد القمني و أيضا بقامة بحثية هامة هو د. حسن حنفي ، و سيكون أمام زملائنا العرب التعرف على ملمح من النشاط الثقافي في مصر المعاصرة ، ولعل ذلك يثير إهتمامهم بالتعرف على ثقافة المصريين الآن ، يبقى أنه من الجدير بالملاحظة حصول 3 من المفكرين المنتسبين بشكل أو آخر للتيار التنويري على جائزة الدولة التقديرية هذا العام ، هم جابر عصفور في الأدب ،و حسن حنفي و سيد القمني في العلوم الإجتماعية ، و قد حظي الثلاث بشرف الاستهداف بالفتاوى التكفيرية في مناسبات مختلفة .2332
من الواضح أن هناك مقتربان لتناول سيد القمني ، الأول هو الباحث و المفكر الحاصل على جائزة الدولة التقديرية ، و هذا المقترب تم القفز عليه ، و الثاني هو القمني الناشط و المحاور العلماني المعادي للأصولية الإسلامية ، و هو ما تم التركيز عليه من الزملاء ، و لا أرى بأسا في ذلك ، فسيد القمني يقوم بدور استثنائي في مواجهة التيار الأصولي لا يجاريه فيه أحد في مصر أو في المنطقة حاليا ، فقط يجب أن نتحاشى الحكم على أحدهما خلال الآخر ، فما يمكن أن نمتدحه في سيد القمني المحاور أو ننتقده عليه لا يقلل ( ولا يزيد ) من قيمة الباحث ،و العكس أيضا صحيح ، في هذا الإطار يمكننا أن نقيم سيد القمني المحاور و الناشط خلال الحوارات المتلفزة ، على أن ندعو من له اهتمامات أعمق بكتابات القمني إلى تقييمه بشكل موضوعي كباحث و مفكر خلال إنتاجه المنشور .
لقد فكرت بالفعل في عرض مجموعة من دراسات سيد القمني ( كتبه ) في هذا الشريط أو في شريط مفصل طالبا آراء الزملاء ، مبتدئا بكتاب أراه من اهم كتبه هو ( إسرائيل .. التوراة .. التاريخ .. التضليل ) ،وهو الكتاب الذي تعرض فيه لنقد كتاب فليكوفسكي ( عصور في فوضى ) ، و لكني مازلت متشككا في جدوى مثل هذا العمل الذي لن يقل عن 50أو 60 ساعة من الجهد المركز ، و مازلت آمل أن يتصدى زميل أقدر مني على الوفاء بمتطلبات هذا العمل ، على أن نشاركه جهوده .
هناك ما أود تأكيده مرة أخرى ، هو أنه لا توجد دراسة أو حتى رأي في العلوم الإجتماعية تكون خارج نموذج معرفي استرشادي سائد أو برادايم مركزي داخل الثقافة القائدة في المجتمع ، و بالتالي فالحيادية مستحيلة مهما حسنت النوايا ، إن البحث العلمي في العلوم الإنسانية أصبح ملحقا بالأيديولوجيا ، هذه الظاهرة باتت واضحة حتى في المجتمعات الغربية ذاتها ، و بالتالي فكل رأي خارج الباراديم المركزي سيكون غير مقبول من منتسبي الثقافة الأصولية السائدة في مصر الآن ،وهذا ما نشاهده بالفعل من ثورة البعض ضد جائزة سيد القمني .
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 07-13-2009, 06:54 AM بواسطة بهجت.)
07-13-2009, 06:52 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  دراسة ( السم بالدسم ) - قراءة فى فكر اللعين جون لافين - الكاتب / طارق فايز العجاوى طارق فايز العجاوى 0 602 05-02-2012, 04:18 PM
آخر رد: طارق فايز العجاوى
  (( السم بالدسم ))- قراءة فى فكر اللعين لافين - بقلم الكاتب / طارق فايز العجاوى طارق فايز العجاوى 0 688 05-02-2012, 07:43 AM
آخر رد: طارق فايز العجاوى
  انكماش الرأي حسب تغير الدافع.."قراءة في جدلية الإخوان والولايات المتحدة" فارس اللواء 4 1,324 03-11-2012, 03:04 PM
آخر رد: فارس اللواء
  الثورات تُسقِط أنظمة الأفكار أيضاً! الحوت الأبيض 0 907 06-20-2011, 08:38 PM
آخر رد: الحوت الأبيض
  قراءة بخطاب بشار الأسد: فتنة ـ مؤامرة و إصلاحات مصطفى علي الخوري 1 1,993 04-16-2011, 07:42 AM
آخر رد: أبو إبراهيم

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS