جنبلاط ونقد الطائفية
GMT 23:45:00 2009 الثلائاء 4 أغسطس
الحياة اللندنية
--------------------------------------------------------------------------------
05 أغسطس 2009
جنبلاط ونقد الطائفية
عبدالله اسكندر
--------------------------------------------------------------------------------
حدّد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي والزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط معنى التغيير الذي يريده من خلال نقده تجربة تجمع قوى 14 آذار. وذلك بإعلانه الانضمام الى رئيس الجمهورية «الضامن للأمور الكبرى».
لقد شدد جنبلاط، مراراً وتكراراً في السابق، ان مشروع 14 آذار هو الدولة «الضامنة» للجميع. وهذا مشروع، بغض النظر عن الثغرات والهفوات والأخطاء الذي شابته وطبيعة القوى المنضوية تحته، ذو طبيعة استراتيجية في لبنان الذي تنازع فيه الطوائف الدولة في ضمان حقوق المواطن وواجباته. اما الانضمام الى الرئيس، وبغض النظر عن التطلعات الكبيرة التي يحملها الرئيس سليمان، فهو موقف سياسي آني.
وفي هذا المعنى، ينبغي التفتيش عن دوافع جنبلاط في نقد 14 آذار ونقد ذاته وتغيير شعارات المرحلة، في اللحظة السياسية الراهنة، كما يراها هو وكما يحدد اولوياتها. هذه اللحظة السياسية التي بدأت في السابع من ايار 2008، يوم استخدم «حزب الله»، مدعوماً من حركة «أمل» والأحزاب الحليفة لهما، السلاح في بيروت والجبل لمواجهة قوى 14 آذار، ومنها الحزب التقدمي الاشتراكي وجمهوره الدرزي. ومنذ اللحظات الأولى للمواجهة المسلحة، ادرك جنبلاط انه لا يستطيع تحمل اعباء مواجهة عسكرية مع «حزب الله»، ليس فقط للخلل الكبير في الإمكانات فحسب، وإنما ايضاً لأن «حزب الله» لن يتردد في توظيف هذا الخلل وتقليص ما تبقى من مساحة لنفوذ الزعيم الدرزي وجمهوره. وبات هاجسه، منذ اللحظات الأولى للمواجهة، وقف المواجهة والسعي الى صيغة تمنع تكرارها بين الحزبين الشيعيين وبين الحزب الدرزي، وإلى اعادة تجميع الدروز في صيغة تتجاوز الانقسام في لبنان.
وعمل جنبلاط
الذي فجر ازمة السابع من ايار بتهديده اسقاط حكومة السنيورة ما لم تقر المرسومين الشهيرين اللذين رد عليهما «حزب الله» وحلفاؤه بالسلاح، منذ ذلك الوقت على خطين. ومع احتفاظه بعلاقة مع زعيم تيار المستقبل سعد الحريري، راح يتقرب من حركة «امل» وزعيمها رئيس المجلس نبيه بري وصولاً الى «حزب الله» والاجتماع مع امينه العام السيد حسن نصرالله، في اطار نقد المرحلة السابقة وتحديد خلاصة هذا النقد باعتماد الخطوط الكبرى لمواقف قوى 8 آذار. وفي الوقت نفسه التقرب من خصمه الدرزي التقليدي النائب طلال ارسلان ومن ثم خصمه الدرزي الآخر الوزير السابق وئام وهاب، وذلك من اجل نزع اي فتيل انفجار داخل الطائفة، وتوحيدها على الأساس السياسي الذي شكل حواره مع «حزب الله».
وعندما اعلن جنبلاط ازدراءه المذهبية والطائفية وكره الآخر موحياً انها من نتاج 14 آذار، في خطابه امام الجمعية العامة الاستثنائية لحزبه الأحد الماضي، كان اكمل عملية تحصين جماعته الدرزية من «الخطر» المفترض من التوسع الشيعي الذي كثيراً ما ندد به في السابق. حتى لو كان ذلك على حساب تحالفه التقليدي مع آل الحريري وما يمثلونه من امتداد سني. وما الشريط المُسجل الذي حمل فيه على المسيحيين والموارنة خصوصاً، والذي سُرب بعناية، الا مقدمة للحملة على حلفائه السابقين في 14 آذار والتنصل منهم، خصوصاً الرئيس السابق امين الجميل المرتبط اسمه باتفاق 17 ايار مع اسرائيل وسمير جعجع المرتبط اسمه بالحرب الأهلية وحرب الجبل خلالها.
بذلك تكتمل حلقة «الحماية» الطائفية للدروز، من خلال التقارب مع القوى الشيعية النامية والبعد عن خصومها الذي تجمعوا في 14 آذار. ويفقد نقد الطائفية والمذهبية معناه في اطار مشروع الدولة الحاضنة للجميع وحاميتهم، وتتحول مشاعر الخوف على الذات حسابات طائفية تتساوى مع الطائفية المشكو منها، إن لم تكن اسوأ.
ولا بأس بتمويه هذه الحسابات بالكلام عن العروبة وفلسطين والمقاومة والرجعية العربية، لعل صدى النقد الذاتي يصل بعيداً الى حيث مكان الحماية الفعلية والتأثير في الأطراف اللبنانية مصدر الخوف.
اما حديث اليسار وقواه الحالية التي طالما ازدراها جنبلاط واعتبرها اداة في النزاع السياسي، وليست تعبيراً عن نضال نقابي ومطلبي، فهو حجة على جميع القوى في لبنان وليس 14 آذار فقط. لأن كل القوى تعاملت مع المسألة الاجتماعية كامتداد سياسي للنزاع وللهواجس والهيمنة الطائفية. وسيظل الأمر كذلك ما دام الانقسام في البلد طائفياً.
ومع الانسحاب السياسي من 14 آذار يظل الدفاع عن الانضمام الى رئيس الجمهورية أكثر يسراً وحفاظاً على خط الرجعة من الانضمام الى 8 آذار.
بري يعتبر أن تأليف الحكومة حاصل وفق الصيغة المتفق عليها
جنبلاط: مواقفي إنطلقت من الوضع الدرزي ولا زيارة لدمشق
GMT 8:30:00 2009 الأربعاء 5 أغسطس
مصادر مختلفة
--------------------------------------------------------------------------------
بيروت، مصادر مختلفة: نفى رئيس "اللقاء الديمقراطي" في لبنان النائب وليد جنبلاط شائعات سادت عن زيارة "قريبة جدا" يقوم بها الى العاصمة السورية، قائلاً إنه سيعلن عن زيارته مسبقًا إذا ما قرر القيام بها، واشار في تصريحات صحافية إلى أن "مواقفه الأخيرة انطلقت من الوضع الدرزي ووضع الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يرأسه"، مشيرًا الى أن "دم (الرئيس رفيق) الحريري أخرج الجيش السوري من لبنان، وأن الحوار الوطني أعطى ثماره اتفاقًا على العلاقات الديبلوماسية التي أصبحت حقيقة وتبقى قضية السلاح للحوار".
وفي سياق آخر، أكد جنبلاط لصحيفة "النهار" ان اي اتصالات لم تحصل معه، وقال "بما ان العنوان هو حكومة وفاق وطني وكلنا ضمن هذا الوفاق وان الرئيس سليمان يشكل الضمان، فنضم صوتنا الى صوت الرئيس في الضمان". وأضاف ان موقفه "هو التمايز عن قوى 14 آذار، واريد ان اكون حالة مستقلة".
لكنه استدرك بأنه "لم يقدم طلب انتساب الى قوى 8 آذار بل يطلب الانتساب الى نفسه اذ يعود وينتسب الى تراثه وهذا الامر لا يتعارض مع اقتناعاتي"، معربًا عن اعتقاده بان موقفه "لن يغيّر الصيغة الحكومية"، مشددًا على "استعداده لتسهيل تأليف الحكومة". واكد ان "الاكثرية ستبقى اكثرية"، لافتاً الى ان النواب الحزبيين في "اللقاء" من حصته هم خمسة، مبديًا استعداده لتسمية شخصيات درزية غير حزبية في الحكومة.
قال: "افكر بهدوء، ولن اقوم بأي رد فعل. ما ادليت به يوم الاحد كلام للتاريخ على طريق اعادة تموضع الحزب تاريخياً، ونحن ندرك الجهود الوفاقية التي تبذل محلياً وعربياً من اجل الحكومة، لذلك فإن هذا الكلام لم يكن لتعطيلها بل نأخذ في الاعتبار هذه الجهود التي كنا وما زلنا جزءاً اساسياً منها لتسهيل مهمة الرئيس المكلّف سعد الحريري الذي، بغض النظر عن التباين السياسي في بعض الامور، لا نزال الى جانبه في رئاسة الحكومة ومستعدين لتسهيل مهمته".
وردّ جنبلاط على سؤال لصحيفة "الأخبار" له عن إمكان خروج بعض نواب اللقاء الديموقراطي منه، بالقول "إن كلّ شيء ممكن، وأنا لا أجبر أعضاء اللقاء على أن يمشوا معي، وأنا أقول قناعاتي". وكشف أنه ما زال ينتظر توضيحًا من تيّار المستقبل للبيان الذي أصدره أول من أمس. ومساءً.
من جهة أخرى، أوضح جنبلاط لـ"السفير" إن موقفه السياسي المتمايز عن 14 آذار "لا يعني التسبّب في تعطيل تشكيل الحكومة"، مشيرًا الى حرصه على نجاح الجهود التي يبذلها رئيسا الجمهورية والحكومة من أجل الإسراع في تأليف الحكومة.
وأضاف جنبلاط: "همي الأساسي هو متابعة معالجة رواسب 7 أيار على الصعد كافة، ولا سيما داخل "الحزب التقدمي الاشتراكي"، وداخل بعض الأوساط الدرزية خارج الحزب". وقال: "في ذكرى مصالحة الجبل، أؤكد أن المصالحة يجب أن تشمل الجميع من دون استثناء".
وحول كيفية تموضع وزراء "اللقاء الديموقراطي" الثلاثة، داخل الحكومة المقبلة بعد التحول الذي حصل في موقعه السياسي، أوضح جنبلاط لـ"السفير" إن وزراءه في الحكومة "ستكون لهم حيثية خاصة"، من دون أن يكونوا محسوبين على هذا الطرف أو ذاك.
وكشف ان رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان والرئيس المكلف سعد الحريري والرئيس نبيه بري وقيادة "حزب الله" اتفقوا، كما فهمت، على أن تخضع المواضيع السياسية وغير السياسية الأساسية، ومنها التعيينات الأمنية وغيرها، إلى التوافق قبل اتخاذ أي قرار بشأنها، في مجلس الوزراء، على أن يكون رئيس الجمهورية هو الضامن للجميع. وشدد جنبلاط اخيرا لـ"السفير" أنه ما زال عند موقفه لجهة انه سيزور سوريا بعد زيارة الرئيس سعد الحريري لها وليس قبل ذلك أبداً.
فتفت: تصالح جنبلاط مع دمشق ليس على حساب الشعب
بدوره أكد عضو كتلة "المستقبل" النائب أحمد فتفت أن "لا سبب ليعتذر رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري عن وهو ليس محرجا من تشكيل الحكومة انما هناك بعض المعطيات الجديدة التي تحتاج الى الابتعاد عن التشنجات والمهاترات". "، معتبرا أن "البيان جاء واضحا ولا يحتاج إلى أي تويح إضافي".
وفي حديث إلى "صوت لبنان"، عبر عن تفهمه "لمواقف جنبلاط لسعيه للتصالح مع الشيعة ولكن لا يجب أن يكون ذلك على حساب من كان وفيا له، ولسعية للتصالح مع دمشق ولكن لا يجب أن يكون ذلك على حساب الشعب اللبناني والناخب اللبناني". ورفض تصنيف زيارة وزيرة الإعلام السوري في خانة التطورات السياسية الراهنة "فالوزير خوجة مطلع على الأحداث في لبنان ومن الطبيعي أن يقوم بزيارة".
الاهرام: جنبلاط إنقلب بعد إستغلاله علاقات الحريري
وفي السياق عينه اشارت صحيفة "الاهرام" المصرية الى انه لم تكن خطوة جنبلاط بالمفاجئة عندما اعلن انه كان مضطرا للتحالف مع قوى ما يسمي بـ14 آذار في لبنان، وان الوقت قد حان للمراجعة والابتعاد وتصحيح الاخطاء الجسام التي وقع فيها. ولفتت الى ان المؤشرات التي سبقت الاعلان كانت كافية بأن يتفهم الجميع ان جنبلاط تهيأ جيدا لكي يقلب الصفحة مع قوي الأكثرية، وينوي ان يلحق بقطار المعارضة الذي سيدخل به الشام من بوابة آمنة. ولم يكتف بذلك بل بالغ في المزايدة علي القضايا الوطنية والعربية من فلسطين إلي العراق، وكأنه سيصبح في يوم وليلة القائد الثوري الملهم. ومنذ أن أعلن كلامه الجديد والتكهنات حول مستقبل الحكومة الجديدة في حال انضمامه للمعارضة وتغيير موازين المعادلة الانتخابية، وهو أمر قد يفكر فيه طويلا قبل ان يقدم عليه بشكل نهائي.
واضافت: "قد تكون هناك تحفظات جوهرية لدي جنبلاط علي أداء قوي الأكثرية وتحديدا علي النهج الذي يتبعه الطرف المسيحي داخل الاكثرية خصوصًا سمير جعجع رئيس الهيئة التنفيذية للقوات اللبنانية حيث هناك تباعد بينه وبين جنبلاط، كما أنه يشكو جهارًا من مستوى الفريق المعاون للنائب سعد الحريري، وكثيرًا ما تهكم علي مستشاريه، لكن بكل تأكيد لا ترقى كل هذه التحفظات للدرجة التي تدفعه إلى التخلي عن كل ثوابته طيلة اربع سنوات، والتحول في المواقف، واعتبار رفاق الأمس القريب اعداء، ووضع خصوم الامس في مرتبة الاصدقاء. دوافعه معروفة هي الاستقواء بسوريا وحزب الله، والتحالف مع حركة أمل والطيران إليى طهران التي غاب عنها طويلا. وترى المعارضة اللبنانية انه من الطبيعي ان ينتقد وليد جنبلاط كل الشعارات التي رفعتها ثورة الارز لانها كانت مرتبطة بخدمة المشروع الأميركي الداعم للمشروع الصهيوني، مشيدًا بالخلفية الوطنية المخزونة عند وليد جنبلاط.
وقالت: "قد يكون هذا الرجل أذكى سياسي في لبنان كما يعتقد هو، وقد يكون قادرًا على صف أنصار حزبه وطائفته، لكن الأمر المؤكد أنه لا يراعي ان سعد الحريري يثق به ويمنحه عجلة القيادة في احلك الظروف ومن يدري ربما يكون الحريري تورط وربما يكون استغله جنبلاط اسوأ استغلال من خلال شبكة العلاقات التي يتمتع بها الحريري في محيطه العربي، فالزيارات التي يقوم بها جنبلاط إلى السعودية وإلى دول عربية اخرى يدعمها الحريري بكل ما تعني الكلمة، والآن قد لا يكون جنبلاط في حاجة إلى المزيد من الدعم فما جمعه قد يكفي.
بري: التأليف حاصل وفق الصيغة المتفق عليها
وفي آخر تطورات تشكيل الحكومة أكد رئيس المجلس النيابي نبيه بري عبر "السفير" أن التأليف حاصل، ومهما دارت الأمور، ستعود في النهاية وترسو على الصيغة التي اتفقنا عليها، مهما تغيرت الأرقام والأكثريات أو الأقليات ومهما قيل من هنا أو هناك. من جهة ثانية أجاب رئيس المجلس النيابي على سؤال لصحيفة "النهار" عن زيارة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري لفرنسا وتأثيرها على تاليف الحكومة: "سجلوا أنه مهما دارت الامور والايام فان الحكومة ستؤلف وسترسو في النهاية على الصيغة التي اتفق عليها سائر الافرقاء". وأكد أن "الحكومة لن يتعدى تأليفها الأيام القليلة". من جهة ثانية، اعتبرت مصادر بري ان "ما حدث زوبعة وأزمة، لكننا سنتجاوزهما"، لافتة إلى أن "الأمور لم تصل الى حائط مسدود وعملية ولادة الحكومة لن تطول كثيرًا.
الاشتراكيون لا يضيّعون البوصلة: حيث يكون البيك نكون
غسان سعود
لا مشكلة في الحزب التقدمي الاشتراكي:
إذا صرخ النائب وليد جنبلاط «الموت لأمريكا» يصرخ الإشتراكيون فليسقط أوباما. وإذا نادى زعيم المختارة تحيا أميركا يجدهم وراءه يهتفون لا إله إلا الله محور الشر عدو الله
. لكن لأن ادعاء التقدمية يواكَب عادة مع ادعاء الديموقراطية، كان لا بد من بعض «النقاش الديموقراطي» خلال الجمعية العموميّة التنظيميّة الاستثنائيّة للحزب التقدمي في فندق البوريفاج.
هذا النقاش، بحسب أحد المشاركين في اللقاء، انطلق بعد إعلان جنبلاط موقفه لا قبله كما تقتضي الأصول
. وهو دار بين مجموعتين: واحدة تتمسك بالعودة إلى ماضي الحزب الاشتراكي ونبش أرشيف كمال جنبلاط ليستلهم الوليد منه، وأخرى شُغلت بتوضيح ما قصده جنبلاط مردّدة ما مفاده أن انتفاضة 14 آذار انحرفت عن مجراها والوليد يقوّم سبيلها. وفي النتيجة، يقول شاهد آخر على اللقاء: نفض وليد بيك قميصه، استند إلى ركبته ووقف مغادراً.
هل يعاتب الاشتراكيون زعيمهم؟
يجيب أحد المسؤولين في الحزب الاشتراكي قائلاً إن في الحزب، بغياب وليد بيك، أسوداً ونموراً وفهوداً وفيلة وحمائم. أما في وجوده فلا يسمع إلا الهديل.
ويذهب المسؤول التقدمي أبعد شارحاً أن النفوذ اللامحدود لجنبلاط جعله يقنع الاشتراكيين بوضع صورة الرئيس الشهيد رفيق الحريري بجانب صورة كمال جنبلاط ـــــ المعلم بالنسبة إلى بعضهم وشبه الإله لدى بعضهم الآخر. ويشير المصدر نفسه إلى أن المسؤولين في الحزب يعرفون جيداً، بحكم التجربة، أن القطار الاشتراكي سيكمل سيره معهم أو من دونهم. ولدى وليد بيك القدرة على استبدال أهم حزبي بأسوأ حزبي خلال فترة قياسية دون أن يؤثر ذلك في حال الحزب. ويقول المصدر إن عصام الصايغ وفادي غريزي وصلاح أبو الحسن وغانم طربيه وغيرهم من قيادات الوسط في الحزب الاشتراكي كانوا قريبين من السوريين ولديهم صداقات اشتاقوا إليها، وهؤلاء كفيلون بإسكات بعض الأصوات إذا ارتفعت معترضة.
ماذا عن النائب مروان حمادة؟ منذ بدايات وليد ومروان، يقول أحد نواب اللقاء الديموقراطي، يتمايز كل منهما عن الآخر. لكن التمايز لم ولن يصل أبداً إلى حدّ الافتراق، لأن حمادة يعرف أن استقلاله عملياً عن زعيم المختارة يعني افتقاده مبرّر وجوده السياسي. وجنبلاط يعلم أن توزيع الأدوار الضروري ولعبة الأمم تفرض إبقاء قدم في مكان وأخرى في المكان الآخر.
الاشتراكيون أمس كانوا حائرين لكن غير ضائعين لأن البوصلة هي جنبلاط وحيث يكون هو يكونون هم . هكذا، حرص هؤلاء أمس في حوارات متفرقة معهم على نبش المبررات ليدافعوا عن قرار زعيمهم: هنا أحدهم يقول إن القوات اللبنانية والكتائب بدلاً من التركيز على الأخذ من شعبيّة العماد ميشال عون صاروا يريدون مشاركة وليد جنبلاط بكل ما يملكه وهم يأخذون ولا يعطون في المقابل. وهناك آخر يشرح أن الرئيس المكلف صار يريد معاملة جنبلاط بصفته زعيماً درزياً محدِّداً حصة الدروز بوزارة المهجرين ووزارة دولة. ويشرح أحدهم أن «البيك» اكتشف فجأة أنه تحوّل من قارئ ذكي للتحولات الدولية ومواكب لها إلى جليس يومي يتسلى برؤى سمير فرنجية وفارس سعيد ونوفل ضو. ولا شيء يزعج الاشتراكيين هذه الأيام أكثر من تحاليل بعض الأكثريين التي تشير إلى أن جنبلاط يقول كل ما يقوله لخشيته على نفسه أمنياً ونتيجة أحداث 7 أيار، كأن زعيم الدروز لقمة سائغة أو كأن سعد الحريري وباسم الشاب وأحمد فتفت أجرأ منه وأكثر شجاعة.
أحد المسؤولين الاشتراكيين يؤكد أن أبو تيمور يدرس خطواته جيداً، وهو أراد أن يفعل فعلته الأخيرة في فندق البوريفاج تحديداً، وتحت عنوان الحزب الاشتراكي. وفي الوقت نفسه، يؤكد أحد نواب «اللقاء الديموقراطي» أن نواب اللقاء، كلهم من دون استثناء، لم يطلعوا مسبقاً على النيات الجنبلاطية ولم يحصلوا بعد على أيّ تفسيرات (علماً بأن جنبلاط كثف أمس اجتماعاته مع نواب اللقاء الديموقراطي ومسؤولين في الحزب الاشتراكي ليشرح لهم ظروف التموضع الجديد، كما ينوي تكثيف إطلالاته الإعلامية ليشرح لمن لا تتسع لهم الصالونات حقيقة ما يفعله). [size=x-large]
الأكيد أن الاشتراكيين لم يسمعوا ترداد بعض الآذاريين أن القاعدة الجنبلاطية ستهجر زعيم المختارة وترفع رايات الأمانة العامة لقوى ميشال معوّض وميشال مكتف والياس الزغبي، والأكيد أيضاً أن فارس سعيد وزملاءه في الأمانة العامة لم يسمعوا وليد بيك يسخر من ديموقراطية اللقاء الديموقراطي يوم تسمية النائب سعد الحريري لتأليف الحكومة.
عدد الثلاثاء ٤ آب ٢٠٠٩