مرحبا الزميل هيفايستوس
من الصعب تحديد التاريخ الزمنى للرثاء الحسينى بشكل عام و اما بالنسبة للرثاء الحسينى العراقى فللاسف لا افيدك من هذه الناحية .
بمجرد استشهاد الامام الحسين عليه السلام فان العرب القاطنين بالقرب من كربلاء سارعوا لرثاء الامام الحسين عليه السلام الى المدينة و ضجت المدينة بالبكاء و النحيب و قد اوصلوا الخبر اليهم بابيات من الشعر اعتقد انها هى بداية الرثاء الحسينى .
طبعا بعد مقتل الامام الحسين عليه السلام و سبى الهاشميات الى محضر يزيد الملعون فان الامويين منعوا رثاء الحسين عليه السلام فقل ما وصلنا من هذا الرثاء و لكن القوة و الارهاب لم يستطيعا ان يخرسا الشعراء الذين الهبت مشاعرهم و قلوبهم الحادثة العظيمة
ففى اليوم الثالث من مقتل الامام و ابنائه و اصحابه من شيعته المخلصين مر بكربلاء سليمان بن قته العدوي التيمي فنظر إلى مصارع الشهداء فبكى حتى كاد أن يموت، ثم قال هذه الأبيات :
مــــررت عـــلـى أبــيـات آل مـحـمــــد فــــلــم أرهـــــا أمـثـالــهــا يـوم حــلت
ألـــم تــر أن الـشـمس أضحت مريضة لـقـتـــل حــســين و الـبــلاد اقـشـعرت
وكـــانــوا رجــاء ثـم أضــحـــوا رزيـة لــقـد عـظـمـت تـلـك الـرزايــا وجـلــت
و ايضا من الابيات التى رثى بها قوله :
وإن قـتــيـــل الـطـف مـن آل هــاشــــم أذل رقـــــاب الـمـسـلـمـيـــن فــذلــــت
وقـــد أعــولــت تـبـكـي الـسـماء لفقده وأنـجـمـهـــا نــاحــت عـلـيـه وصـــلت
و هناك اقوال اخرى و لكنى ارجح هذه الرواية .
و لكن ابداع الشعراء فى الرثاء الحسينى انطلق و ظهر للعلن فى العصر العباسى و قد اسسه له ائمة الشيعة و حثوا الشعراء على احياء امر اهل البيت و شجعوا على اثارة و الهاب عواطف الناس
فمما يروى مثلا :
حكى دعبل الخزاعي
قال : دخلت على سيدي ومولاي علي بن موسى الرضا عليه السلام في مثل هذه الأيام فرأيته جالسا جلسة الحزين الكئيب ، وأصحابه من حوله ، فلما رآني مقبلا قال لي : مرحبا بك يا دعبل مرحبا بناصرنا بيده ولسانه ، ثم إنه وسع لي في مجلسه وأجلسني إلى جانبه .
ثم قال لي : يا دعبل احب أن تنشدني شعرا فان هذه الأيام أيام حزن كانت علينا أهل البيت ، وأيام سرور كانت على أعدائنا خصوصا بني أمية ، يا دعبل من بكى وأبكى على مصابنا ولو واحدا كان أجره على الله يا دعبل من ذرفت عيناه على مصابنا وبكى لما أصابنا من أعدائنا حشره الله معنا في زمرتنا ، يا دعبل من بكى على مصاب جدي الحسين غفر الله له ذنوبه البتة .
ثم إنه عليه السلام نهض ، وضرب سترا بيننا وبين حرمه ، وأجلس أهل بيته من وراء الستر ليبكوا على مصاب جدهم الحسين عليه السلام ثم التفت إلي وقال لي
أفاطمُ لو خلت الحسين مجدّلاً== وقد ماتَ عطشاناً بشطِّ فرات
إذاً للطمت الخدّ فاطم عنده== وأجريتِ دمع العين في الوجنات
أفاطم قومي ياابنة الخير واندبي== نجوم سماوات بأرضِ فلاة
قبورٌ بكوفان واُخرى بطيبة== واُخرى بفخٍّ نالها صلواتي
قبور ببطن النهر من جنب كربلاء== معرسهم فيها بشطّ فرات
توافوا عطاشا بالعراء فليتني== توفيت فيهم قبل حين وفاتي
إلى الله أشكو لوعةً عند ذِكرهم== سقتني بكأس الثكل والفضعات
إذا فخروا يوماً أتوا بمحمّد== وجبرئيل والقرآن والسورات
وعدوا عليّاً ذا المناقب والعُلا== وفاطمة الزهراء خير بنات
وحمزة والعبّاس ذا الدِّين والتُّقى== وجعفرها الطيّار في الحجبات
أولئك مشئومون هنداً وحربها== سميّة من نوكى ومن قذرات
هم منعوا الآباء من أخذ حقّهم== وهم تركوا الأبناء رهن شتات
سأبكيهم ما حجّ لله راكب وما ناح قمري على الشجرات
فيا عين ابكيهم وجودي بعبرة== فقد آن للتسكاب والهملات
بنات زياد في القصور مصونةً== وآل رسول الله منهتكات
وآل زياد في الحصون منيعةً== وآل رسول الله في الفلوات
ديار رسول الله أصبحن بلقعا== وآل زياد تسكن الحجرات
وآل رسول الله نحفٌ جسومهم== وآل زياد غلّظ القصرات
وآل رسول الله تُدمى نحورهم== وآل زياد ربّة الحجلات
وآل رسول الله تُسبى حريمهم== وآل زياد آمنوا السربات
إذا وتروا مدّوا إلى واتريهم== أكفّاً من الأوتارِ منقبضات
سأبكيهم ما ذرّ في الأرض شارق== ونادى منادي الخير للصلوات
وما طلعت شمسٌ وحان غروبها== وبالليل أبكيهم والغدوات
و مازالت هذه الابيات تلقى فى الرثاء الحسينى و اليك هذا المثال :
http://www.youtube.com/watch?v=ACqAQORqXPg
و استمر احياء امر اهل البيت على هذا الشكل .
بالطبع الواقعة بحد ذاتها بكل ما تحمله من شجاعة و صلابة على المبدا و الاباء فان الواقعة تنطوى على عاطفة جياشة و شاملة لارقى الاحاسيس و المشاعر الانسانية و تلقى الضوء على مواقف متعددة شاملة لكل الاصناف المختلفة للناس :
ففى هذه الواقعة موقف الابن من الاب و العكس , موقف الاخت من الاخ و العكس , موقف الاصحاب المخلصين , موقف الابنة القلقة على ابيها , موقف الزوجة من الزوج و العكس , موقف انقلاب العدو الى صديق , موقف المريض , مواقف العزة و الاباء , موقف العدو و فظاعته , الموقف الروحانى , موقف العم من ابناء الاخ و العكس , موقف الغير مسلم , موقف المتخاذل , موقف المخذول , موقف العطشان , موقف الغريب .... الخ الخ
فالواقعة غنية جدا بما يجعلها موقعا خصبا للشعراء الذين تتهيج عواطفهم لهذه المواقف الرائعة .
و مما اغنى هذه المرثيات ان الشعراء الشيعة ركزوا على الجانب الانسانى بشكل خاص و ليس فقط الجانب الدينى مما اثار اهتمام و عاطفة غير الشيعى و حتى غير المسلم .
كما ان هذه المرثيات تحتوى على وقائع مروية لها اساس فى المذهب و ليس شعرا من الخيال
بالنسبة للرادود اخى الفاضل
فاننى معجب بالرادود البحرينى الشيخ (حسين الاكرف )
و الرادود العراقى الرائع (باسم الكربلائى)
بالنسبة للشيخ حسين الاكرف فمن اكثر مرثياته التى تؤثر بى كثيرا هى مرثيته للابن الاكبر للامام الحسين عليه السلام و اسمه (على الاكبر )
فى كربلاء خرج للمبارزة و انتصر على خصمه , فهاجمته مجموعة اخرى غدرا
ولم يزل يقاتل حتى قتل تمام المائتين، فضربه مرّة بن منقذ العبدي ضربةً صرعته، وضربه الناس بأسيافهم فاعتنق فرسه فاحتمله الفرس إلى معسكر الأعداء فقطّعوه بسيوفهم إرباً إرباً, و طبعا الفرس عادة تعود بالفارس الى اهله و لكن الفرس من خوفه انطلق الى معسكر الاعداء، فلما بلغت روحه التراقي نادى رافعاً صوته: أبه هذا جدّي رسول الله قد سقاني بكأسه الأوفى شربةً لا أظمأ بعدها أبداً، وهو يقول: العجل العجل فإن لك كأساً مذخورة تشربها الساعة.
فرجع الفرس الى الامام الحسين دون الفارس مطاطئا راسه يلهث و على الفرس اثار الدم
فجاءه الحسين ورفع صوته بالبكاء ولم يسمع أحد إلى ذلك الزمان صوت الحسين بالبكاء، فقال: قتل الله قوماً قتلوك، ما أجراهم على الرحمان وعلى انتهاك حرمة الرسول، أما أنت يا بني فقد استرحت من هم الدنيا وغمومها، وسرت إلى روح وريحان وجنّة ورضوان وبقي أبوك لهمّها وغمّها، فما أسرع لحوقه بك، ولدي علي ّعلى الدنيا بعدك العفا.
فقدم الشيخ حسين الاكرف هذا الموقف بهذه الندبية على شكل خطاب يعتذر فيه الفرس من خطئه و حمله الفارس الى معسكر الاعداء
http://www.youtube.com/watch?v=z4BnanVmEZk
و هذا موقع فيه كم هائل من المراثى لكل رادود
http://shiavoice.com/
و ان شاء الله اضع فى هذا الموضوع روابط للندبيات التى تعجبنى و ادعو اخوانى الشيعة ان يفعلوا كذلك
اللهم صل على محمد و ال محمد
لا فتى الا على و لا سيف الا ذو الفقار