براءة نظرية المؤامرة من دم وزير الثقافة على عتبة اليونسكو!
الخميس، 1 أكتوبر 2009 - 13:18
فاروق حسنى
كتب محمد الدسوقى رشدى - تصوير محمد مسعد
نقلاً عن العدد الأسبوعى
الكذابون وحدهم فقط هم أصحاب شائعة عودة فاروق حسنى من معركة اليونسكو بصفر جديد يضاف لأصفار مصر التاريخية، الحاقدون وحدهم فقط هم الذين يرفضون الاعتراف بأن فاروق حسنى وزير الثقافة المصرى خسر معركته على أرض اليونسكو بشرف، ربما لأن الوزير أحرجهم بنجاحه فى البقاء داخل صورة المنافسة حتى اللحظة الأخيرة والخسارة بفارق أربعة أصوات فقط، أو ربما لأن رهانهم على عودة فاروق حسنى لمصر بعد الجولة الأولى خاب وخسر وكشف النقاب عن وجوه كثيرة قبيحة لا يعرف الخجل طريقاً لملامحها وهى تدعو لأن يخسر فاروق حسنى معركة اليونسكو دون أن تعى أن خسارة فاروق حسنى هى فى الأصل خسارة لوطن تعلو قامته بمنصب دولى هنا وتواجد قوى هناك.
هؤلاء هم الحاقدون الذين غفلوا عمداً عن مهمة فاروق حسنى القومية وهزموه قبل أن يرحل من مصر بكتاباتهم ودعواتهم التى تلقتها صحف وشركات المنافسين بكل ترحاب، كما يهدى القتلة المأجورين رؤوس الضحايا لمنافسيهم.. هؤلاء هم الحاقدون، أما المخادعون فهم أولئك الذين رافقوا الوزير فى رحلته، والذين انتظروه على سلم الطائرة لتطييب خاطره بكلمتين، وكتبة صحف الحكومة الذين رفضوا وصف معركة شارك فيها الرئيس وتحمس لها بالخاسرة، وجاءوا بشماعة نظرية المؤامرة وعلقوا عليها عودة فاروق حسنى إلى أرض الوطن بدون لقب مدير عام منظمة اليونسكو.
ضربوا المعركة فى خلاط أوهام نظرية المؤامرة لإنكار هزيمة جاءت عبر معركة خضناها بقوة وخسرناها بشرف، وكان الأولى أن نجلس لنقيمها إنها لعبة مسكنات غير مجدية كان من الأشرف والأفضل للوزير فاروق حسنى والسيد نصار وباقى رجال الدولة وصحفييها أن نعترف فقط بالهزيمة، وأن نقول إن فاروق حسنى خسر معركته بشرف ونبحث معا عن الأسباب الحقيقية لتلك الخسارة، لا أن نروج لنظرية قديمة وبايخة اسمها «نظرية المؤامرة» التى أصبحت شماعة نعلق عليها كل فشل، حتى وإن كان مجرد خسارة فى «ماتش بلى» أو خروج مهين من تصفيات كأس العالم، لم يكن بالشىء الجيد أن يخرج الرجل الذى كان لتوه منافسا شرساً فى انتخابات منظمة الحضارة والثقافة ليقول لصحف مصر إن الغرب عنصرى، وإنه تعرض لمؤامرة كونية، وكأن العالم كله كان يخشى قدوم فاروق حسنى، لم يكن بالشىء الجيد أن يناقض الوزير فاروق حسنى تصريحاته عن السماحة وتقبل الآخر ويصرح فى حواره لمصطفى بكرى قائلاً: لا يزالون عند أفكارهم البالية بأن الشمال هو الذى حكم الجنوب، وأن الجنوب يجب أن يبقى خاضعاً للشمال، لقد كانوا يرتعدون خوفاً من نجاح مرشح عربى مسلم جنوبى يتولى هذا المنصب المهم).
كان من الأولى بالوزير فاروق حسنى ألا يسقط فى هذا الفخ، وهو الذى صدع أدمغتنا بالكلام عن الاستنارة والحرية، وكان من الأولى أن يختار تعبيرات يمكن أن يصدقها الجميع لكى يساند نظرية المؤامرة التى ينشرها، لأنه من الصعب على العالم -وعلينا نحن أيضاً- أن نصدق أن ما حدث مع فاروق حسنى كان مؤامرة ضد العالم الإسلامى وجنوب الكرة الأرضية، لأن الحقائق تقول إن هناك من تولى منصب مدير عام منظمة اليونسكو من قبل، وهو مسلم أفريقى سنغالى هو أحمد مختار أمبو الذى تولى المنصب لدورتين متتاليتين وكاد أن يبقى فى مكانه لولا الرغبة فى التغيير التى تلح على الغرب ولا نعرف لها نحن طريقا.
كان واضحاً أن كلام الوزير عن وجود مؤامرة عالمية وكونية لإسقاطه خط عام تم الاتفاق عليه فى طريق العودة، بل تم الاتفاق عليه قبل أن تبدأ الانتخابات بدليل تصريحات حسام نصار المرافق له وعضو حملته، والذى أكد أن دولا كبرى تآمرت على حسنى ولم تكن تريده فى هذا المنصب دون أن يقدم لنا دليلاً واحداً يجعل هذه الدول تخاف من وزير الثقافة إلى هذا الحد الذى يجعلها ترشى وتهدد وتقاطع كما يقول، المفاجأة الكبرى لم تكن فى كلام الوزير ولا وفده المراقب حول تآمر الدول الكبرى عليه بل كانت فى اندهاش السيد الوزير ومن معه من أن الانتخابات مسيسة وأن الدول تلعب لمصالحها، فهل لم يكن يعرف الوزير العتيق الذى قضى عمرا فى المضمار السياسى المصرى أن الانتخابات مجرد لعبة سياسية؟ هل الوزير الفنان لم يكن يعرف أن الانتخابات لعبة تكتلات وأوراق ضغط من يملك منها الكثير يربح؟
لماذا اندهش الوزير من التدخلات السياسية ضده فى الانتخابات ولم يندهش حينما تدخل الرئيس مبارك لصالحه لدرجة وصلت إلى الضغط على دول عربية لإبعاد مرشحيها من طريق فاروق حسنى؟ هل سيادة الوزير وصحفيو الحكومة الذين روجوا لنظرية المؤامرة لم يكن أحدهم على علم بأن الانتخابات تربيطات ولعبة مصالح أم أنهم تخيلوا أن الأمر يشبه الانتخابات عندنا حيث الكل مجبر على انتخاب المرشح الفلانى طالما أن الرئيس هو الذى اختاره أو أن الحزب هو الذى رشحه؟
كان الأولى بنا وبالوزير أن نبحث عن الأسباب التى جعلتنا لا نملك كروت الضغط التى تلعب بها دول مثل أمريكا وفرنسا وألمانيا، كان الأولى بالسادة الذين يروجون لنظرية المؤامرة أن يسألوا أنفسهم ويسألوا القيادة السياسية فى البلد لماذا لا نمتلك وزارة خارجية قوية، ولماذا نتخيل أن وزارة الخارجية التى تفشل فى حل أزمة مواطن بسيط فى دولة عربية شقيقة قادرة على أن تقنع كبريات الدول فى العالم بترشيح فاروق حسنى؟ كان الأولى بجامعة الدولة العربية وبرفقاء الوزير الذين اتهموا دولاً أفريقية بالتخاذل وتلقى رشوة للعمل ضد فاروق حسنى فى الانتخابات أن يسألوا أنفسهم لماذا غفلت مصر عن أفريقيا وأسقطتها من حساباتها وتريد منها الآن المساندة والعون؟
الغريب فى الأمر أن الأخ الذى أقنع الوزير فاروق حسنى باللعب على وتر نظرية المؤامرة اختار المتآمرين جيداً، وركز كثيراً على إسرائيل وأمريكا حتى بات طبيعياً لدى كل محلل لخسارة وزير الثقافة الانتخابات أن تحالفاً أمريكياً إسرائيلياً كان وراء سقوط الوزير الفنان على اعتبار أن الفطرة المصرية ستمنح الوزير كل تعاطفها بسبب كرهها لكل ما هو أمريكى وإسرائيلى، وهو ما ظهر جلياً فى تلك المطالب التى خرجت لتدعو إلى مقاطعة السفارة الأمريكية، وكأن بيننا وبين أمريكا وإسرائيل عقوداً قانونية تلزمهما باختيار مرشحينا فى المحافل الدولية، وإذا كان السادة الذين طالبوا بمقاطعة السفارة غيورين أوى على خسارة حسنى للانتخابات فإن الأولى بهم أن يطالبوا بمقاطعة مجلس الشعب أيضاً لأن نوابه دقوا مسمار الفشل الأول فى نعش فاروق حسنى حينما بعثوا موضوع الكتب اليهودية إلى الحياة، واتهموا الوزير بالعنصرية ضد المحجبات وبالفشل فى إدارة وزارته، وبالتالى مقاطعة المثقفين المصريين الذين تآمروا على الوزير بالاتهامات التى نشرتها الصحف الأجنبية أثناء فترة الانتخابات كدليل على عدم صلاحيته للمنصب.
الأمر الأخير فى شماعة نظرية المؤامرة التى علق عليها الجميع خسارة فاروق حسنى لانتخابات اليونسكو هو أن فشل المرشح المصرى فى الحصول على منصب المدير العام لم يكن ذريعاً أو مهيناً كما اعتدنا أن يحدث فى مرات سابقة، وفى نفس الوقت لم تكن المؤامرة الكونية التى تروج لها صحف مصر أحد أسبابه، لأن الواقع يقول إن الوزير ومن معه فشلوا على مدار 20 عاماً فى مخاطبة الداخل وإقناع الناس بهم، وبالتالى كان طبيعياً ومنطقياً جداً أن يفشلوا فى إقناع العالم الخارجى بإمكاناتهم فى عدة أشهر، وهو ما ظهر جلياً فى الانتقادات التى وجهت لفاروق حسنى فى صحف العالم وكان على رأسها عمره الذى تجاوز السبعين ولن يسمح له بممارسة مهامه بالشكل الجيد، وقضاء عدد ساعات العمل الأسبوعى التى يتطلبها المنصب الجديد، هذا بالإضافة إلى أن تصريحات الوزير لصحف الغرب عن استعداداته للمنصب والتى جاءت كلها معتمدة على أمثلة من تحركاته داخل وزارة الثقافة المصرية، وهو ما اعتبره البعض قلة وعى من وزير الثقافة بالمنصب الدولى وعدم القدرة على تحديد الفارق بينه وبين منصب وزير الثقافة فى بلده، وبالطبع لم تجد فى الأمر ما يؤهل السيد فاروق حسنى لمنصب وزير ثقافة العالم.
لمعلوماتك...
◄16 نوفمبر 1945 ولدت منظمة الأمم المتحدة للتربية والتعليم والثقافة »اليونسكو«.
◄27 رمضان كان اليوم الأول لانتخابات اليونسكو
بروتوكول نشر التعليقات
http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=141175