قبل أيام كتبتُ مقالا بعنوان "في عالم الكمبيوتر الحقيقة تسبق الخيال" تحدثت فيه عن حالة القفز والتضاعف في هذه التقنية لدرجة لم يتخيلها أحد قبل عشر سنوات مضت.. وتأكيدا لكلامي ضربت مثلا بثلاثة من رواد التقنية نفسها (وأدرى الناس بأسرارها) تنبأوا بمستقبلها بطريقة خاطئة وأقل بكثير مما تم انجازه لاحقا :

فمجلة بوبلرمشين المتخصصة مثلا قالت عام 1949 :

"سينخفض وزن الكمبيوترات بالتدريج بحيث لن يزيد وزنها مستقبلا عن 1,5 طن" ... ونعرف اليوم أن وزنها انخفض لدرجة تعليقها على الكتف أو وضعها في الجيب !!!

أما بيل غيتس (مؤسس شركة ميكروسوفت وبرامج ويندوز) فقال عام 1981 :

"أعتقد أن ذاكرة قدرها 640 كيلوبايت ستكون كافية للجميع" ... ونعرف اليوم أن ذاكرات الكمبيوترات الشخصية تجاوزت "شوية" ملايين !!

أما توماس واتسون رئيس شركة IBM الرائدة في عالم الكمبيوتر فقال عام 1943 :

"أعتقد بأن أسواق العالم لن تتسع مستقبلا لأكثر من خمس أو ست كمبيوترات" ... ونعرف اليوم أنها أصبحت بعدد البشر على كوكب الأرض !!

... وبعد انتهائي من كتابة المقال تذكرك نبوءات كثيرة مشابهة من تخصصات علمية مختلفة سبقت زمانها وقدرة الناس على تخيلها .. فكثيرا ما يسبق المخترع أو العبقري زمانه ويحقق إبداعا لم يتصور حتى زملاؤه امكانية تحقيقه أو نجاحه بل ويظل بعضهم في حالة تشكيك حتى بعد ظهوره...

فحين اخترع الاخوان رايت اول طائرة حقيقية عام 1903 تجاهلت الصحف انجازهما لمدة خمس سنوات .. أما المجلة العلمية الرصينة ساينتفك اميركان فوصفت التجربة بأنها "خدعة" وقالت ان تحليق (جسم اثقل من الهواء) مستحيل عمليا !!

ونفس المعارضة واجهها جون بيرد حين اخترع التلفزيون ، وتشالز بارسونز حين اخترع التوربين ، وجون فرانكلين حين اخترع مانعة الصواعق …

حتى اكاديمية العلوم الانجليزية أنكرت مبدأ توليد الكهرباء الذي اكتشفه مايكل فارادي . وحين ادعى ان الكهرباء تتولد بادارة سلك معدني داخل فجوة مغناطيسية بدأ أعضاء الاكاديمية في الضحك والتهامس!

وفي عام 1902 اعلن فون زيبلن انه صمم اول بالون يمكن استغلاله تجاريا . الا ان هذا الادعاء لم يرق لجمعية المهندسين الالمان فأصدرت بيانا علميا تعارض فيه زيبلن (وماهي إلا اشهر حتى سير رحلات منتظمة عبر المحيط الاطلسي الى امريكا) !!

وفي عام 1668 اخترع ليونهوك الميكروسكوب ورأى بواسطته الجراثيم . ولكن الجميع نعته بالجنون حين ادعى انه شاهد بواسطته مخلوقات لاترى بالعين المجردة .. الغريب ان أحدا لم يكلف نفسه عناء التأكد مما قال لمدة مئتي عام !!

وحين اخبر اديسون مكتب براءات الاختراع في واشنطن انه يعمل على اختراع مصباح كهربائي يبدد ظلام الليل نصحه المكتب بعدم الاستمرار في مشروع كهذا بل كتب صراحة "بانها فكرة حمقاء تخالف إرادة الله" !!

أما القس النمساوي مندل فقد أسس علم الوراثة بعد سنوات طويلة من تهجين نباتات البازلاء . وحين ارسل نتائج عمله إلى احد العلماء المشهورين رد عليه قائلا: لم اصادف في حياتي شخصا ضيع عمره في عمل تافه كهذا!

أما مخترع الهاتف الكسندر بيل فقد عرض اختراعه على شركة وسترن يونيون للتلغراف فلم يلق قبولا .. ثم عرضه على مكتب البريد في لندن فرد عليه المكتب بقوله "تكتفي انجلترا حاليا بامتلاك عدد كبير من الأولاد العاملين في توزيع البريد"!!

... كل هذه المواقف أيها السادة تثبت ميلنا الفطري لنقد الأفكار الجديدة (لمجرد أنها مختلفة) وتسرعنا في معارضة كل مالا نعرفه أو نألفه منذ مدة طويلة .. فإلانسان بطبعه "عدو ما يجهل" وحين يُخير بين المعروف والمجهول يميل للأول دون تردد .. وكما ينسحب هذا الطبع على المجتمع بأكمله ينسحب حتى على الأوساط العلمية المتخصصة التي سرعان مايغلب عليها طابع الخمول والتقليدية ولا تتوقع إنجازات رائدة من علماء (لم تنبت لحاهم بعد) ...

http://www.alriyadh.com/2009/11/03/article471469.html

---

"أما المجلة العلمية الرصينة ساينتفك اميركان فوصفت التجربة بأنها "خدعة" وقالت ان تحليق (جسم اثقل من الهواء) مستحيل عمليا !!"

كلام منطقي وخطأ في نفس الوقت

أذكر انني شاهدت برنامج وثائقي عن دكتور ألماني قبل عصر الاخوان رايت عمل بحث أثبت فيه بالدليل العلمي القاطع أن فكرة الطيران بمحرك فكرة مستحيلة ، وأن كل أبحاث الطيران مجرد مضيعة للجهد والمال وأن الرجل حصل على جزائز وجاب في الدول وتم الاحتفاء ببحثه

في الوقت الحالي هناك من يسخر من فكرة اندماج الذكاء الطبيعي والصناعي ويعتبر أن خلق وسائل التواصل والاتصال بين العالم الرقمي والدماغ البشري مجرد ضرب من ضروب العبث والهذيان وأنه لا يمكن عمل copy paste للمعلومات بين جهاز كومبيوتر وعقل إنساني من خلال تغذية المعلومات في الدماغ أو من خلال تغذية المعلومات لرقائق إلكترونية مزروعة في الدماغ الإنساني.

وأن وسائل التعليم في المستقبل ستبقى هي هي وان الإنسان يجب عليه حضور المحاضرات والقراءة من الكتب لسنين عديدة حتى يتعلم. وأن وسائل التعلم ستظل تعتمد على السمع والبصر فحسب.

نعم ياعزيزي Thunder

يبدو أن المنطق عائق أمام التفكير الحر .. لأنه يبني على معلومات موجودة ويتجاهل أننا لانملك كل المعطيات .. فحقيقة أن الأخف وزناً دائماً في الأعلى تناقض فكرة الطيران التي آتت بناء على معلومات ومعطيات جديدة.

(11-03-2009, 01:36 PM)Mr.M كتب:  نعم ياعزيزي Thunder

يبدو أن المنطق عائق أمام التفكير الحر .. لأنه يبني على معلومات موجودة ويتجاهل أننا لانملك كل المعطيات .. فحقيقة أن الأخف وزناً دائماً في الأعلى تناقض فكرة الطيران التي آتت بناء على معلومات ومعطيات جديدة.

والأستنتاج هو " المنطق وحش "

شوف يا مستر أم , لا دخل للمنطق من قريب او بعيد بالعلوم الطبيعية - لأن دى قائمة على الملاحظة والأكتشاف وصياغة قوانين لتشابه ظواهر عامة وتأخذ صياغة معينة " زى الجاذبية " فلا تخلط بين الأثنين أكرمك المولاى !
فضلا عن ان الحكمة او الحكم بأثر رجعى على مجموعة من الأحداث , لا تجعل من الكاتب حكيم - بل مجرد مشاهد لبعد انتهاء التجربة وتحقيق نتائجها . بينما المنطق يقف قبل هذا كله , فيحاول ان يدرس جميع الأحتمالات ويتخذ القرار الأكثر رجحة ..

لكن فى منطقة العلوم الطبيعية , دى منطقة ممنوع الاقتراب او التصوير - الا لمن يملك حجة علمية , ولهذا يقولون ان المؤمنين لا يملكون منطقا جيدا لنقضهم لنظرية التطور لأنهم لم يشاركوا فى أى حفرية او حتى يملكوا دليل واحد من أكتشافهم فى نقد النظرية ..

لا تخلط عباس , بأبن فرناس

(11-03-2009, 03:27 PM)بهاء كتب:  شوف يا مستر أم , لا دخل للمنطق من قريب او بعيد بالعلوم الطبيعية - لأن دى قائمة على الملاحظة والأكتشاف وصياغة قوانين لتشابه ظواهر عامة وتأخذ صياغة معينة " زى الجاذبية " فلا تخلط بين الأثنين أكرمك المولاى !

على العكس .. المنطق هو أبو العلوم ..... لكن لايجب التسليم به 100% فهو وسيلة للوصول إلى العلم - كالتجربه إلى آخره من الوسائل - لكنه ليس العلم نفسه .. لذلك لو وجدنا أن شيء منطقي هذا لايعني أنه حقيقة .. وإذا وجدنا أن شيئاً ما غير منطقي فلا يعني أنه خطأ.

وهذا جزء مما أقول في مداخلتك:

(11-03-2009, 03:27 PM)بهاء كتب:  بينما المنطق يقف قبل هذا كله , فيحاول ان يدرس جميع الأحتمالات ويتخذ القرار الأكثر رجحة

(11-03-2009, 09:25 AM)Mr.M كتب:  ... كل هذه المواقف أيها السادة تثبت ميلنا الفطري لنقد الأفكار الجديدة (لمجرد أنها مختلفة) وتسرعنا في معارضة كل مالا نعرفه أو نألفه منذ مدة طويلة .. فإلانسان بطبعه "عدو ما يجهل" وحين يُخير بين المعروف والمجهول يميل للأول دون تردد

الانسان عدو ما يجهل , هذا صحيح .
وليس في هذا اي اثبات ان المنطق قد يكون خطأ ,في المقال السابق خلط رهيب بين الحقائق لأثبات شئ علي هوي المؤلف ورغبته .

العلم لا يرفض نظريه علميه الا بطريقه ومنهج علمي . وليس كما ظهر في المقال , وليس معني ان بعض العلماء رفضوا اختراع علمي ان " العلم " ذاته خطأ

العلماء اعلاه تجردوا من صفتهم العلميه وابقوا علي كونهم بشرا فقط , وبناء علي معلومه ان الانسان عدو ما يجهل " كصفه غالبه علي الجنس البشري " فإن العلماء في وقتها كانوا بشرا عاديين وليسوا علماء . البشر يحب ويكره بدوافع غريزيه او محفزات مختلفه . لكن العالم لابد ان يكون حيادي في المقام الاول , وهذا ما يفرق بين العالم ورجل الدين مثلا ,او بين العالم والانسان العادي .

وفي النهايه المنطق هو العلم الذي يقوم علي اساسه فرضيات العلم , والفرضيه بالضروره قد تصيب وقد تخيب , لكن المبدأ نفسه يبق علي صواب .

أنت ربما تقصد المقارنة بين التفكير الإبداعي و التفكير المنطقي ؟ ,و ترجح كفة التفكير الإبداعي الذي لا يعتمد على المنطق ..
لكن هذا لا يجعلنا لا نثق بالمنطق أو حتى التفكير المنطقي .!

بصراحة لم أفهم المقصد جيداً .

العبارات تخلو من التفكير المنطقي لانها تفترض مقدمات خاطئة يعيبها الاستناد الى محدودية المستقبل

اقتباس:"سينخفض وزن الكمبيوترات بالتدريج بحيث لن يزيد وزنها مستقبلا عن 1,5 طن"

أو محدودية القدرات العقلية الانسانية

اقتباس:وحين ادعى ان الكهرباء تتولد بادارة سلك معدني داخل فجوة مغناطيسية بدأ أعضاء الاكاديمية في الضحك والتهامس!

أو محدودية الحاجة الانسانية

اقتباس:"أعتقد أن ذاكرة قدرها 640 كيلوبايت ستكون كافية للجميع" .

أو الى أوهام الكهف الشخصي الذاتية

و هكذا

بالتالي

التفكير المنطقي غائب عن هذه العبارات فكيف نقرر أن نثق بالمنطق هنا أو لا نثق.

عزيزي المشكلة ليست في المنطق، عليك ان تعرف اولاً ما هو المنطق وبعدها سوف تعلم جيداً لماذا موضوعك هذا صحيح وخطأ في نفس الوقت

بالمناسبة هناك بحث قيم للفيلسوف البريطاني برتراند راسل في كتابه (مبادئ الرياضيات) ربما عليك اخذ نظرة على الكتاب لتستمتع قليلاً بقراءة افكار من عرفوا المنطق حقاً، ولا تنزعج كثيراً فراسل عالم رياضيات ويعتبر احد رواد المنطق في العصر الحديث

اذا كنت لا تفضل قراءة كتاب كامل فعليك فقط بقراءة بعض المقالات التي تستطيع الحصول عليها من خلال Google سوف تفيدك في تشكيل افكار اوضح لطرحك هذا

لنكن دقيقين فبالفعل الكثير من الأشياء بدت أنها غير منطقية حتى أصبحت منطقية بالعلم والتجربة فالمنطقى مثلا أن لون السماء ازرق والغير منطقى أن لونها اسود فاحم ولكن الاستنتاج الأول كانت آلياته العيون العادية ولكن الاستنتاج الثانى كان آلياته الصعود عاليا للفضاء

لهذا يا أعزائى فإن العلم لا يعترف بالانطباعات بل يعترف بــــــ ((((( الأرقام ))))) والأرقام لا تعرف المنطق من عدم المنطق ولا الإنسان من الحيوان فالأرقام بكماء صماء صارمة لا تأخذها فى الله لومة لائم

من الخطأ كذلك عدم الوثوق بالمنطق فأنا مثلا عندما يأمرنى أحدهم بأن اقفز من الدور الحادى والتسعين فالمنطق يجبرنى أن ارفض بشده أما اذا أعطانى مظلة لاسقط بها فالمنطق يلين موقفى قليلا ولكن إذا كنت لا استطيع استعمالها فيظل المنطق مع الرفض حتى إذا تعلمتها فيمكن حينها ان اقفز .. وأنا فى كل هذا استعمل المنطق وتغير موقفى مع تغير معلوماتى وكل المواقف سليمة صائبة حسب المعلومات ساعتها

نحن لا نملك إلا أن نثق فى المنطق حتى يوصلنا الى منطق أوضح وأثبت

باختصار :
الاستنتاج المنطقى لا ينقضه إلا استنتاج أكثر منه منطقية