إمبريالية أمريكية
----------------
الامبريالية الأمريكية هو مصطلح يستخدم للإشارة إلى موقف حكومة الولايات المتحدة في ممارسة الهيمنة على دول اخرى من خلال القوة العسكرية، الاقتصادية و السياسية. البعض ينكر وجود امبريالية، و البعض الآخر يعتقد أنها دات طابع جيد حسنة النية ، و البعض الآخر يرى فيها تدهور للدول المتضررة.
التوسع
النشأة
بدأ تكوين ما يسمى اليوم بالولايات المتحدة الأمريكية عبر حرب ضد الهنود الحمر، تم من خلالها تدمير المنازل والتهجير الجماعي وحرق المحاصيل، بل وصل الأمر إلى قتل ما يقرب من 18 مليون شخص من الهنود.
وما أن تم تشييد المجتمع الأمريكي الحديث حتى ظهرت الميول الاستعمارية وتم البدء بدول الجوار في الأمريكتين. ففي عام 1833 تم غزو نيكارجوا وتبعها غزو بيرو عام 1835 لفرض أراء سياسية بالقوة على تلك البلاد. وفي عام 1846 تم شن عملية عسكرية كبرى على المكسيك انتهت باحتلال مساحات من الأراضي المكسيكية فيم يطلق عليه اليوم ولايات تكساس وكاليفورنيا ونيو مكسيكو الأمريكية. وفي عام 1855 شنت عمليتين عسكريتين الأولى استهدفت غزو أراجواي والثانية السيطرة على قناة بنما. وعلى مدار الربع قرن الأخير من القرن الـ 19 تم غزو كولومبيا عدة مرات، تلاها هايتي عام 1888، ثم شيلي 1891، ومرة أخرى إعادة اجتياح نيكارجوا عام 1894، ثم اختتم القرن بغزو كوبا على مدار ثلاث سنوات انتهت باستيلاء أمريكا عام 1901 على أراضي جزيرة جوانتانامو التي تضم الآن أشهر معسكر اعتقال في العالم يضم العديد من الأسرى من معظم دول العالم.[1]
القرن العشرين
بدأ القرن العشرين بإحكام السيطرة على جزيرة جوانتانامو تلاها مباشرة في نفس العام العديد من العمليات العسكرية في كولومبيا، وفي العام التالي عملية أخرى في هندراوس. وفي العام 1914 قامت قوات المارينز بغزو هايتي والاستيلاء على البنك المركزي لتحصيل ديون هايتي لأمريكا بالقوة، وفي العام التالي تم احتلال هايتي لمدة 19 عام.
وفي الحرب العالمية الأولى دخلت أمريكا حليفاً لبريطانيا وفرنسا في حرب إعادة اقتسام المستعمرات في العالم. في نفس الوقت قامت بشن حملة عسكرية في عام 1916 على جمهورية الدومينكان لفرض سيطرتها وتعيين حكومة عسكرية استمرت ثمان سنوات، بدلا من الحكومة الثورية التي قامت بإسقاطها. وفي عام 1932 شنت القوات الأمريكية عمليات عسكرية بهدف غزو السلفادور.
اشتركت أمريكا في الحرب العالمية الثانية التي أنهتها بإلقاء قنبلتين ذريتين هيروشيما وناجازاكي لتقتل ما يقرب من 200 ألف وتصيب وتشوه مئات الآلاف من المدنيين. وفي عام 1954 أطاحت أمريكا بحكومة جواتيمالا. وفي عام 1961 فشلت أمريكا في عميلة إنزال لقواتها بكوبا فيما عرف بعملية خليج الخنازير. وفي عام 1967 دعمت المخابرات الأمريكية الحكومة العسكرية في بوليفيا لمحاربة الثوار بزعامة جيفارا. وفي نهاية الستينات وإلى بداية السبعينيات حاولت أمريكا غزو فيتنام وبالرغم من هزيمتها إلا أنها خلفت ورائها ما قد يصل إلى ثلاثة مليون قتيل من الشعب الفيتنامي. وفي عام 1973 ساهمت أمريكا في إنهاء حكم سلفادور إيندي في شيلي ونجاح اليمين في إقامة حكومة ديكتاتورية عسكرية.[1]
في عام 1982 دخلت أمريكا بقوات في لبنان لمطاردة عناصر المقاومة الفلسطينية ولدعم إسرائيل في غزوها للبنان تحت ستار قوات حفظ السلام الدولية واضطرت للانسحاب في عام 1983 بعد قتل 241 جندي من المارينز في عملية واحدة. في عام 1986 غارت الطائرات الأمريكية على الأراضي الليبية بحجة تورط ليبيا في عمل إرهابي ضد أمريكا، أسفرت الغارات عن قتل وإصابة العشرات. وفي عام 1989 تم اجتياح بنما لعزل الديكتاتور نورييجا الذي كانت قد نصبته للحكم من قبل، وأسفر الغزو عن قتل عشرة آلاف بنمي والسيطرة على قناة بنما الهدف الوحيد من الغزو. وفي عام 1992 حصلت أمريكا على تفويض من الأمم المتحدة بقيادة تحالف لاحتلال الصومال، قتل فيها عشرة آلاف صومالي، بحجة إعادة الاستقرار إليه بعد حرب أهلية طاحنة.
في عام 1991 دخلت أمريكا على رأس تحالف دولي في حرب مع الجيش العراقي فيما سمي بعملية تحرير الكويت، أسفرت عن إلقاء 880 ألف طن من القنابل ليتم قتل ما يقرب من 200 ألف عراقي وإصابة ما يزيد على نصف مليون آخرين علاوة على عشرات الآلاف الذين أصيبوا بالسرطان على أثر ضرب الأراضي العراقية بقنابل اليوارنيوم المخضب.
قصفت الطائرات الأمريكية ملجأ العامرية. مما أدى إلى قتل 400 مدني وجرح أكثر من 1.500 آخرين، العديد منهم من النساء والأطفال.
تم قتل عشرات الآلاف من الجنود العراقيين العزل عند نهاية حرب الخليج الثانية.
تم فرض حصار وعقوبات شاملة ضد العراق، الذي عانا من جرّائه الجماهير العراقية لعملية نقص في الغداء. فبسبب العقوبات مات نصف مليون طفل عراقي خلال عقد التسعينات فقط، ومات أكثر من مليون عراقي آخرين.
في عام 1999 أمطرت قوات التحالف الأمريكي ـ البريطاني العراق بوابل من القنابل والصواريخ أدى إلى سقوط مئات الضحايا وآلاف المصابين علاوة على تدمير العديد من منشئات البنية الأساسية والمنازل وخسائر جمة في مخازن السلع. وذلك لإجبار صدام على دخول المفتشين الدوليين للعراق.
الحرب على الإرهاب
أتاحت "الحرب ضد الإرهاب" للولايات المتحدة الأمريكية إقامة مجموعة قواعد عسكرية في آسيا الوسطى- وهي منطقة جديدة بالنسبة لها، وإرسال قواتها من جديد إلى الفليبين التي ُسحبت منها خلال سنوات 1990. ليس الحفاظ على السيطرة العسكرية الأمريكية الهدف الوحيد للاستراتيجية الكبيرة لادارة بوش. إنها تسعى أيضا إلى فرض النموذج الانجلو-أمريكي من الرأسمالية اللبرالية على العالم برمته. يؤكد بوش في تقديمه لوثيقة الاستراتيجية القومية للأمن:" انتهت الصراعات الكبرى للقرن العشرين بين الحرية والتوتاليتارية بنصر حاسم لقوى الحرية وبنموذج مستديم وحيد لنجاح أمة: الحرية والديمقراطية والسوق الحرة." إنه بالفعل نمط خاص جدا من النزعة الأممية التي تترك للشعوب حرية اختيار "النموذج الوحيد المستديم"، الرأسمالية الليبرالية. بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 قررت أمريكا اجتياح أفغانستان لإسقاط حكم طالبان ومطاردة بن لادن ضمن عملية كبيرة استهدفت القضاء على ما سمته بالإرهاب. أسفرت عن قتل ما يزيد عن خمسة آلاف شخص وتشريد وتجويع ملايين الأفغان لينتقلوا من وضع سيئ لوضع أكثر سوءاً.
المسلمون و الإمبريالية الأمريكية
حسب بعض المؤيدين لفكرة "المؤامرة الطائفية" (بالإنجليزية: sectarian conspiracy) فإن ما يشهده العراق حالياً هو جزء من خطة واسعة يمكن أن ندعوها - صناعة أمريكية- لتقسيم وتشتيت شعب العراق، بخاصة، والعالم العربي- الإسلامي، بعامة. فحسب فكرة المؤامرة الطائفية، فأن مئات آلاف المسلمين قُتلوا عندما دفعت الولايات المتحدة نحو إشعال الحرب العراقية-الإيرانية مع استمرارها تزويد الطرفين بآلة الدمار بغية إنهاك الدولتين و بذر عوامل الكراهية والشقاق والاحتراب بين المذهبين الإسلاميين. كذلك قُتل مئات آلاف أخرى عندما قررت الولايات المتحدة التخلص من النظام العراقي السابق. [2] [3]
النظام السياسي
الوضع الأمريكي الجديد قائم على القوة القطبية الواحدة، حيت تم التحول إلى الولوج في القرن الأمريكي الجديد (بالإنجليزية: The New American Century)؛ وهو ما يعني تغيير الأدوات والإستراتيجيات المؤدية إلى ذلك وفقًا لمتطلبات هذه المرحلة، وبالتالي التحول عن سياسة الاحتواء المزدوج التي فشلت في التعامل مع العراق على مدار أكثر من عقد إلى اتباع سياسة الاقتلاع من الجذور وفق الحكمة الشهيرة "الوقاية خير من العلاج" أو حسب المنهج الوقائي الأمريكي الجديد Preemptive. فالولايات المتحدة تمسك حاليًا بناصية العوامل المؤهلة للعب دور إمبراطوري بشكل نادر الحدوث؛ فهي تمتلك القوة العسكرية والأرضية الاقتصادية القوية، وكذلك القوة العلمية والتكنولوجية، كما تمتلك أيضًا القوة الناعمة "Soft Power"، ويقصد بها القوة الثقافية -وليست الروحية- التي تبدأ من سيجار المارلبورو، ومرورًا بأفلام هوليود، وانتهاء بالسيارة "الجاجوار". هذه القدرات لم تجتمع أبدًا في قوة عالمية مثلما اجتمعت في الولايات المتحدة.
يعتقد بعض المحللين أن وجود القانون الدولي وهيئة الأمم المتحدة شكل عقبة أمام أمريكا، لذلك عمدت إلى تجاوز الأمم المتحدة ومحاولة إلغائها، وسيطرت على مجلس الأمن وجعلته لعبة بين يديها ودائرة من دوائرها وصاغت قراراته كما تريد.[4]
النظرة الجيوسياسية التي تهيمن على فكر الإدارة الأمريكية تجاه العراق، والتي تنبع من الرغبة في بسط الهيمنة العالمية، لا تقتصر فقط على الاحتفاظ بقواعد عسكرية حول العالم في أي وقت تريده، ولكنها أيضًا ترى ضرورة التحكم في مختلف مصادر الموارد الطبيعية المؤكدة والمحتملة، والتي يأتي على رأسها النفط، وخاصة نفط الخليج.[5]
الرأسمالية الأمريكية
الرغبة الأمريكية في السيطرة على النفط الخليجي لا تنبع من حجم مساهمته في الاحتياجات النفطية الأمريكية، بقدر ما هو السبيل لجعل الولايات المتحدة تحتفظ بمفاتيح الطاقة العالمية في يدها، وما يعنيه ذلك من التحكم في حركة منافسيها العالميين. بسط الهيمنة على واحد من أهم مصادر الطاقة في العالم كي تكتمل مقومات الإمبراطورية الأمريكية المزمع بناؤها، وليس أدل على ذلك مما ورد في إستراتيجية الطاقة القومية (بالإنجليزية: National Energy Policy) أو ما يعرف بـ"تقرير تشيني Cheney Report " الذي يشير إلى ضرورة أن يكون هناك قواعد عسكرية على رأس جميع منافذ النفط في العالم بدءا من كازاخستان، وانتهاء بأنجولا في أفريقيا.
كما تشير تلك الوثيقة أيضًا إلى أنه بحلول عام 2020 فإن النفط الخليجي سيساهم بما يتراوح بين 54 و67% من معروض النفط العالمي الخام "... وهو ما يجعل هذا الإقليم حيويًّا بالنسبة لمصالح الولايات المتحدة..." هكذا يقول التقرير حرفيًّا، كما تشير بعض التقديرات إلى أن السعودية التي تصل طاقتها الإنتاجية حاليًا إلى نحو 10.5 ملايين برميل يوميًّا، والعراق بنحو 2.5 مليون برميل يوميًّا، سوف ترتفع طاقتاهما الإنتاجيتان كي تصل إلى نحو 22.1 و10 ملايين برميل يوميًّا لكل منهما على التوالي، وذلك خلال الـ17 عامًا القادمة. [5]
مراجع
1.^ أ ب الإمبريالية الأمريكية.. تاريخ من القتل والتآمر والاستعمار راية الاشتراكية، تاريخ الولوج 09/08/2009
2.^ المسلمون ضحايا مؤامرة الإمبريالية الأمريكية التجديد العربي، تاريخ الولوج 09/08/2009
3.^ Muslims pay for the U.S. imperialistic game, By: Ahmed Abdulla, Aljazeera.com-March,26,2007.
4.^ الإمبريالية الأمريكية وأحلام السيطرة على العالمجريدة النور، تاريخ الولوج 09/08/2009
5.^ أ ب النفط وقود إمبريالية أمريكاإسلام أن لاين، تاريخ الولوج 09/08/
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A5%D9%8...9%8A%D8%A9
أمريكا من الرأسمالية إلى الإمبريالية
مازن كم الماز
mazen2190@gmail.com
الحوار المتمدن - العدد: 2557 - 2009 / 2 / 14
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
راسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع
بعد أن تتحول الحقيقة إلى أسطورة تفقد الحقيقة قيمتها لصالح الأسطورة , هذا ما حدث عندما انتقلت الرأسمالية في أمريكا إلى الإمبريالية فالإمبراطورية , اختفت الحقيقة التاريخية لصالح الأسطورة , أسطورة الحلم الأمريكي , ما تريده هذه السطور هو استعادة الحقيقة , حقيقة أن الحرب و ليست المبادرة الفردية التي تزعم البرجوازية أنها تخدمها لصالح كل البشر هي وراء هذا التحول من الرأسمالية إلى الإمبريالية فالإمبراطورية..المذبحتان الأكبر في تاريخ البشرية هي التي خلقت الإمبريالية الأمريكية , و الحرب الباردة هي التي خلقت الإمبراطورية , ليس في هذه السطور إيديولوجيا , هنا فقط تاريخ دموي غيبته الأسطورة لصالح أسياد العالم الجدد...
"كان البلد قد تعرض إلى أزمة ركود في عام 1914 لكن بفضل المذبحة الجارية في أوروبا بدأت الصناعة الأمريكية في الازدهار كما لم يحدث منذ الحرب الأهلية" ( جون ستيل جوردون , إمبراطورية الثروة , التاريخ الملحمي للقوة الاقتصادية الأمريكية , مكتبة الشروق الدولية , الطبعة الأولى , يناير 2008 , ص 315 ).."و سرعان ما أحس وول ستريت بأثر هذا النمو المفاجئ و حقق متوسط مؤشر داو جونز الصناعي أكبر نسبة مئوية سنوية من المكاسب في تاريخه و هي 86 % في عام 1915" ( ص 316 )..كانت شركة جنرال موتورز ثاني أكبر شركة أمريكية لصناعة السيارات قد انهارت أسهمها بنسبة 39 % في آخر يوم للتعاملات قبل إغلاق بورصة نيويورك للأسهم أبوابها في الأول من أغسطس آب , لتسجل أسهمها ارتفاعا هائلا وصل إلى 81,5 % مع نهاية العام ( ص 316 )..احتاج الجنود الذين انخرطوا في أكبر مذبحة إنسانية حتى ذلك التاريخ إلى كل شيء , البنادق و المدافع و الذخائر , الخيول و السيارات و من ثم الدبابات و الطائرات , و كان ذلك كله يحتاج إلى المال..بدأت الحكومات بالاقتراض لتوفر كل ما يلزم لاستمرار المجزرة , كانت أول صفقة عقدتها بريطانيا مع أمريكا بقيمة 12 مليون دولار من الخيول التي اشتدت الحاجة إليها لنقل قطع المدفعية و المؤن و الذخائر للجبهة ( الأسعار الغالية جدا للخيول في سنوات الحرب كانت وراء إحلال المحراث الميكانيكي محلها على عجل في المزارع الأمريكية في ذلك الوقت )..توقع اللورد كتشنر وزير الحرب البريطاني عند بداية الحرب أن مشتريات الحلفاء من أمريكا لن تتجاوز 50 مليون دولار , لكنها بلغت في نهايتها ما يزيد عن 3 مليارات دولار أي أكثر من إيرادات الحكومة الفيدرالية الأمريكية عام 1916 بأربعة أضعاف , و مع ارتفاع الإنفاق الحربي البريطاني إلى 5 ملايين جنيه يوميا أصبحت قضية تمويل الحرب معضلة للحكومة البريطانية , و انتهت الأمور بها إلى أن طلبت أول قرض من بنك مورغان الأمريكي بقيمة 500 مليون دولار و هو أضخم قرض بنكي حتى تاريخه , لكن تبين أن هذا كان مجرد البداية فقط , فحتى دخول أمريكا الحرب كان بنك مورغان قد دبر قروضا لبريطانيا تساوي 1,5 مليار دولار و أكثر من ذلك لفرنسا , و مع دخولها الحرب أصبحت الحكومة الأمريكية هي المقرض الرئيسي للحلفاء..أقرضت الحكومة الأمريكية الحلفاء 9,6 مليار دولار ما يعادل 8 مرات الدين القومي الأمريكي برمته عام 1916..بقيت أمريكا و رئيسها ويلسون فعليا خارج الحرب حتى 1917 , كان الشيء الذي غير المزاج الرافض للانخراط في الحرب في واشنطن و وول ستريت و وسائل الإعلام هو ما سمي بتلغراف تسيمرمان , الذي زعم أن الألمان قد وعدوا المكسيكيين بأن يعيدوا إليهم مقاطعاتهم المسلوبة نتيجة حروبهم مع أمريكا مقابل إعلان المكسيك الحرب على الولايات المتحدة إذا نشبت الحرب بين أمريكا و ألمانيا , إذن لم تكن رغبة ويلسون المزعومة في فرض حق تقرير المصير لكل الشعوب ( كما تقول الأسطورة ) , و خاصة حق سكان المقاطعات الأمريكية الجنوبية التي انتزعتها أمريكا بقوة السلاح من جارتها الجنوبية..كيف كانت عليه الحال بعد توقف قعقعة السلاح ؟ قبل الحرب في عام 1914 كانت أمريكا أكبر أمة مدينة في العالم , فقد بلغت قيمة استثماراتها في الخارج 3,5 مليار دولار بينما كانت قيمة الاستثمارات الأوروبية في أمريكا 7,2 مليار دولار , انقلب الوضع مع نهاية الحرب , أصبح الأجانب يملكون 3,3 مليار دولار من الأوراق المالية الأمريكية , فيم بلغت قيمة الاستثمارات الأجنبية التي امتلكها الأمريكان 7 مليارات دولار , و كانت بريطانيا و فرنسا مدينة للحكومة الأمريكية ب 9,6 مليار دولار , أي أن أمريكا تحولت من دولة مدينة بمبلغ 3,7 مليار دولار إلى دائن بمبلغ 12,6 مليار دولار..لم تعد أمريكا فقط قوة صناعية بارزة في العالم بل و أصبحت قوة مالية كبرى أيضا اليوم , وحدها أمريكا خرجت من هذه المذبحة منتصرة فعليا بينما ضعفت بريطانيا و فرنسا لدرجة كبيرة و إن لم تكن نهائية بعد..كان للحرب العالمية الثانية دورا أكبر في تحفيز الاقتصاد الأمريكي , خاصة و أنه كان بالكاد يحاول التغلب على آثار أكبر كساد تعرض له في أوائل الثلاثينيات , في ذروة تلك الأزمة كان الوضع بائسا بشكل غير مسبوق , وصل حجم العجز في ميزانية الحكومة عام 1932 إلى 2,7 مليار دولار , و كان هذا أسوأ معدل للعجز في وقت السلم في كل التاريخ الأمريكي حتى ذلك اليوم , كان الناتج القومي عام 1932 يمثل فقط 56 % مما كان عليه قبل 3 سنوات , و استقرت البطالة عند مستوى غير مسبوق و هو 23,6 % رغم أن هذا المعدل لا يقدم صورة فعلية عن حقيقة الأزمة , فقد كان ملايين آخرين يعملون فقط لبعض الوقت أو بأجور منخفضة جدا , و بلغ عدد البنوك التي أعلنت إفلاسها 5096 بنكا..في 14 فبراير شباط 1933 أمر حاكم ميتشيغان كل بنوك الولاية بإغلاق أبوابها ل 8 أيام لمنع الذعر المنتشر من تدمير ما تبقى من نظام البنوك بالولاية , حاصر المودعون الغاضبون البنوك في كل مكان و أخذوا يصيحون مطالبين بأموالهم , و بحلول 4 مارس كانت كافة البنوك في 32 ولاية قد أغلقت أبوابها تماما و أغلقت تقريبا في 6 ولايات أخرى فيم قلص حكام الولايات العشر التي ما زالت بنوكها تعمل بشدة ما يمكن سحبه , في تكساس مثلا كان لا يمكن سحب أكثر من 10 دولارات يوميا..كان على الرئيس القادم , روزفلت , أن يتحرك بسرعة , قام بعرض مشروع قرار البنوك على مجلس النواب عند الساعة 1 بعد ظهر الخميس 9 مارس الذي أقره دون أن يقرأه بعد 38 دقيقة فقط , و أقره مجلس الشيوخ في وجه معارضة 7 أصوات فقط و وقع عليه الرئيس ليصير قانونا في الساعة 8,36 تلك الليلة..كانت هذه بداية العقد الجديد كما سمي فيما بعد , لكن التعافي كان بطيئا مؤلما , و قد نسب أساسا لهذا العقد الجديد أو لسياسة التدخل المباشر الحكومية في الاقتصاد ( كما تقول الأسطورة , و كما يحاول أوباما أن يفعل اليوم و كما فعل بوش في أواخر أيامه )..في ديسمبر كانون الأول 1941 هاجم اليابانيون بيرل هاربر و كان هذا يعني انضمام أمريكا الفوري للحرب , أعلن الكونغرس الحرب على اليابان في اليوم التالي و في يوم 11 ديسمبر أعلنت ألمانيا و إيطاليا الحرب على أمريكا..في الأشهر الستة الأولى من عام 1942 منحت الحكومة الأمريكية عطاءات عسكرية بأكثر من 100 مليار دولار أي أكثر من أجمالي الناتج القومي عام 1940..أنتجت شركة فورد وحدها عتادا حربيا أكبر من حجم الاقتصاد الإيطالي برمته..في عام 1940 كان الناتج القومي 99,7 مليار دولار , و قفز في عام 1945 إلى 211,9 مليار دولار , و في غضون ذلك صارت البطالة غير موجودة فعلا..و بغرض تمويل الحرب و تلك العطاءات جرت مراجعة السياسة الضريبية عام 1942 , و خفض الحد اللازم لدفع ضريبة الدخل...قبل عام 1942 ( عام إصدار قانون العائدات ) لم يدفع ضريبة الدخل إلا 4 ملايين أمريكي , و عندما خفض القانون حد الإعفاء الضريبي من 1231 دولار إلى 624 دولار بلغ العدد 17 مليون و في نهاية الحرب كان 42,6 مليون أمريكي يدفعون تلك الضريبة , هكذا جرى الاستفادة من كل ما في جيوب الأمريكيين العاديين لشراء المزيد من أدوات القتل لتدفع في نهاية المطاف لأصحاب تلك الشركات التي تصنعها..ما الثمن الذي دفع لتبلغ الرأسمالية الأمريكية مركزها الجديد ؟ لا توجد بعد قائمة كاملة لضحايا الحرب العالمية الثانية , لم تكن الرأسمالية الأمريكية المجرم الوحيد يومها , رغم أنها حاولت أن تزعم أنها كانت تقاتل دفاعا عن الحرية أمام عدو همجي – النازية , الذي كان خصما محترما أو حليفا محتملا حتى قبل فترة قصيرة جدا من نشوب الحرب , قبل أن يتحول إلى عدو "همجي" , تماما كما حدث مع العدوين التاليين : الستالينية و الأصولية الإسلامية فيما بعد...هنا سأكتفي بأن أذكر ما قاله الجنرال باتون لقواته قبل أن يتم إنزالها على الشواطئ الإيطالية "حين ننزل على الشاطئ سنجد أمامنا جنودا إيطاليين و ألمانا , ستكون مهاجمتهم و إبادتهم شرفا و امتيازا لنا . ثمة كثيرون بيننا يسيل في عروقهم دم ألماني أو إيطالي , فليتذكر هؤلاء أن أسلافهم أحبوا الحرية حتى تركوا أوطانهم و أرضهم , و اجتازوا المحيط كي يجدوها هناك . إن أسلاف الناس الذين سنقتلهم الآن , افتقروا إلى شجاعة الإقدام على تضحية كهذه , فواصلوا العيش عبيدا" ( رحمتك يا الله ! صفحات مجهولة من تاريخ أمريكا , يواخيم فرناو , تعريب ميشيل كيلو , شركة الحوار الثقافي , لبنان , الطبعة الأولى 2003 , ص 311 )..انتهت الحرب العالمية الثانية و الاقتصاد الأمريكي قد أصبح الأول في العالم , كانت أمريكا قد دخلت مرحلة الإمبريالية الكبرى....لنعد إلى الثلاثينيات , ما قبل الحرب العالمية الثانية , شهد عام 1937 أزمة جديدة , عادت البطالة لترتفع إلى 19 % و انخفض الناتج القومي بنسبة 6,3 % , بدأ الانتعاش ثانية عام 1938 , لكن البطالة ظلت مرتفعة بعناد , بلغت نسبتها 14,6 % أواخر 1940 , "و في نهاية المطاف لم يكن العقد الجديد هو الذي شفى الاقتصاد الأمريكي العليل . كانت الحرب" ( غوردون , إمبراطورية الثروة , ص 375 ).....
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=162809
الإمبريالية الأمريكية وأحلام السيطرة على العالم
بقلم: النور
عندما خرج العالم من أتون الحرب العالمية الثانية كانت الإمبريالية الأمريكية في أوج نهوضها, وفي حين خرجت دول الاستعمار القديم من الحرب منهكة القوى وخرج الاتحاد السوفييتي مثقل الجراح يحمل على عاتقه أعباء الحرب الثقيلة وضريبة الانتصار على النازية, حصدت أمريكا كل النتائج السياسية والاقتصادية للحرب, الأمر الذي مهد لها الطريق لتكون بلا منازع زعيمة الرأسمالية العالمية وكانت كفتها هي الأرجح في خضم الحرب الباردة التي استمرت زهاء نصف قرن من الزمن.
وفي هذه المرحلة وما سبقها حاولت دولة العم سام أن تلبس ثوب الرهبان وأن تظهر مع حرية الشعوب ومبدأ حق تقرير المصير، وأنها تلعب دوراً ثقافياً وحضارياً في التاريخ. لكن الحقيقة على الأرض كانت تقول غير ذلك، فالسياسة الأمريكية عملت على احتلال كل مواقع الاستعمار القديم بطرق جديدة بما سمي بالاستعمار الجديد أو الاستعمار الاقتصادي، وقد عبرت عن ذلك مشاريعها كمشروع أيزنهاور، والأحلاف التي أقامتها كحلف بغداد وحلف الناتو، والانقلابات العسكرية التي خططت لها ودعمتها في مختلف بلدان العالم مثل الانقلاب العسكري على حكومة الدكتور مصدق في إيران، هذا مع استمرارها في تسعير نار الحرب الباردة ضد الاتحاد السوفييتي.
وبانتهاء الحرب الباردة وغياب القطب الاشتراكي عن الساحة الدولية وجد العالم نفسه أمام قطب واحد يملك أكبر قوة اقتصادية وعسكرية على الأرض ويحمل أبشع مظاهر الغطرسة والاستهتار بالبشرية وتاريخها.
لقد أثار هذا الوضع الناشئ شهية الإمبريالية الأمريكية بالسيطرة على العالم ورغبتها في أن يسير التاريخ وفق إرادتها، وهذه الرغبة ليست جديدة, إنها رغبة قديمة عند الولايات المتحدة عبَّر عنها جون فوستر دالاس عام 1953 عندما وضع في غرفة مكتبه كرة أرضية مضيئة يستعرض فيها أحلامه في السيطرة على العالم وإقامة الأحلاف العسكرية والحكومات الموالية لأمريكا في مغارب الأرض ومشارقها لتحقيق هذا الحلم.
إن فكرة السيطرة على العالم لم تغب لحظة عن بال الأمريكيين، لكنها بعد انفرادها بأعتى قوة عسكرية وأكبر تجمع رأسمالي في العالم حثت الخطا لتحقيق هدفها ووضعت الخطط والمشاريع واتبعت جميع السبل اللا مشروعة واللا أخلاقية والتآمرية لوضع خططها موضع التنفيذ.
1- إلغاء القانون الدولي
إن وجود القانون الدولي وهيئة الأمم المتحدة شكل عقبة أمام أمريكا لذلك عمدت إلى تجاوز الأمم المتحدة ومحاولة إلغائها ونسفها من الجذور، وضربت عرض الحائط بكل الأعراف والقوانين الدولية التي كانت من أهم ثمار نضال البشرية منذ فجر التاريخ حتى اليوم. وإذ لم تفلح في شطب الأمم المتحدة سيطرت على مجلس الأمن وجعلته لعبة بين يديها ودائرة من دوائرها وصاغت قراراته كما تريد مستهترة بالحلفاء والأعداء على السواء.
2- الحرب الاستباقية
نقلت العالم من حالة السلم والاستقرار النسبي التي استمرت أكثر من نصف قرن في ظل الحرب الباردة شهد فيها العالم تقدماً رائعاً في مختلف مجالات العلم والثقافة والحضارة والتقدم في العلاقات الدولية، ورغم أجواء الحرب الباردة أصبح الحفاظ على السلم العالمي قضية الشعوب بأكملها.
لكن ما إن انهار القطب الاشتراكي حتى أسفرت الولايات المتحدة عن وجهها القبيح، فشن حلف الناتو بإرادة وإدارة وأسلحة أمريكية أبشع حرب همجية على يوغسلافيا فهدمت المصانع والمدارس والجسور والمشافي ودمرت جميع جوانب الحياة وأثارت النزاعات العرقية والدينية والطائفية، وكانت المذابح التي شهدتها شعوب يوغسلافيا تفوق بوحشيتها مذابح القرون الوسطى، وتم تقسيم يوغسلافيا الدولة القوية التي لعبت دوراً إيجابياً كبيراً في تأسيس كتلة عدم الانحياز ونشاطها إلى دول عرقية ودينية متحاربة.
كما أنها قامت باحتلال العراق رغم أنف المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومجلس الأمن، تحت ذريعة البحث عن أسلحة الدمار الشامل. ومنذ عام 2003 وجيوشها وعملاؤها من الموساد والإرهابيين يعملون فتكاً وتمزيقاً وقتلاً بالشعب العراقي ونهب ثرواته المادية والتراثية، ويجري الآن التوقيع على الاتفاقية الأمنية التي سوف تكرس احتلال العراق نهائياً.
3- الإرهاب
إن معظم التحليلات السياسية تقاطعت حول أن الطغمة الحاكمة في واشنطن ومن خلفها المجمع الصناعي الحربي واللوبي الصهيوني هي التي صنعت أحداث 11 أيلول الدامية كمبرر لإطلاق العنان لسياستها العدوانية الرعناء تحت راية مكافحة الإرهاب.
إن أمريكا هي الراعية الأولى للإرهاب في العالم، فهي التي أطلقت أساطيلها لتهدد أمن الدول وترهب حكامها، وهي التي دعمت كل أنظمة الحكم الفردية والقمعية في العالم، وهي التي شكلت وغذت التيارات الأصولية والسلفية تحت راية مكافحة الإلحاد والشيوعية.
وكانت مخابراتها وراء نشر الفساد في العالم عامة وفي البلدان الاشتراكية خاصة.
إن هدف الإمبريالية الأمريكية من نشر أفكار الفساد والإرهاب والاستبداد هو تغيير مجرى الصراع التاريخي بين الرأسمالية والاشتراكية وتحويله إلى صراع جانبي مثل صراع الحضارات يساهم في تمزيق الشعوب وإنهاكها وقتل الروح النضالية لديها.
4- المتاجرة بالديمقراطية
استغلت الولايات المتحدة نزوع الشعوب إلى الديمقراطية فركبت هذه الموجة ورفعت شعار الحرب من أجل الديمقراطية كذباً ورياء. إن الديمقراطية لا تفرض بقوة السلاح ولا بشن الحروب على الشعوب, إنها مهمة نضالية منتصبة أمام الشعوب المعنية فحسب.
إن تجنيب بلدان العالم ومنها بلداننا العربية ويل المؤامرات الأمريكية وسياستها الوحشية يتطلب من القوى الديمقراطية الطامحة إلى بناء مجتمع عادل وديمقراطي أن لا تقع فريسة للادعاءات الأمريكية، كما يتطلب من الحكومات المعنية أن تعيد النظر في علاقاتها مع شعوبها وتعمل على تحصين جبهاتها الداخلية سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.
5- تشويه وجه العولمة الحضاري
العولمة ليست اختراعاً واكتشافاً أمريكياً، إنها حركة الإنسان على الأرض عبر التاريخ, إنها حضارة الشعوب بأكملها وإن كل ما طرحه وقدمه الفلاسفة والأنبياء والمصلحين والعلماء والمخترعين عالمي في نشأته وفي مغزاه وفوائده.
وهي لا تعني بأي حال من الأحوال إزالة الحدود الوطنية وسحق الهوية القومية للدول والشعوب.
لقد استغلت الولايات المتحدة الأمريكية التطور الهائل في ثورة الاتصالات والتجارة العالمية والتقدم العلمي وطرحت مشاريعها العولمية كمشروع الشرق الأوسط الكبير، وشرعت في تنفيذه بقوة السلاح وبوحشية غير مسبوقة في التاريخ.
إن الأزمة المالية التي تعصف بالرأسمالية العالمية وبالاقتصاد العالمي هي أيضاً من نتائج سياسة الإمبريالية الأمريكية التي استقطبت معظم السيولة النقدية العالمية على شكل ودائع ومشاريع ربوية، ومنعت قيام صناعات وطنية وتوظيف رساميل في القطاعات الإنتاجية. ثم قامت بإيعاز من إدارة بوش بضخ ملايين المليارات في داخل الولايات المتحدة على شكل قروض عقارية كبيرة دون ضمانات حقيقية، وحققت رفاهية وبذخاً لفئات واسعة من الشعب الأمريكي، وهي الآن وبعد التهام الودائع وفائض النقد العالمي الموظف في مصارفها تستخدم نفوذها السياسي وهيمنتها على الاقتصاد العالمي وقدراتها العسكرية لتحميل شعوب العالم نتائج سياستها الليبرالية المتوحشة.
الفشل الذريع
لقد أقلقت هذه السياسة شعوب العالم بأسره فقررت مواجهتها بحزم وقوة، وقد مثَّل صمود كوبا الاشتراكية وإعادة انتخاب شافيز في فنزويلا والتطورات الديمقراطية اللاحقة في دول أمريكا اللاتينية الفشل الأول للسياسة الأمريكية.
ولحقه الفشل الثاني الكبير على أيدي المقاومة الوطنية في لبنان وسورية والعراق وأفغانستان وفلسطين وإيران، وشكلت حرب تموز عام 2006 الضربة القاضية في فشل المشروع الأمريكي (الشرق الأوسط الكبير), ثم أتى فشل السياسة الأمريكية في جورجيا وفي النهوض الجديد لروسيا.
ويأتي الآن الفشل الاقتصادي الكبير الذي يكاد يعصف بالنظام الرأسمالي برمته لينهي إلى الأبد حلم السياسة الأمريكية بالسيطرة على العالم
إن السياسة الأمريكية والأزمة المالية للرأسمالية العالمية قد وضعت البشرية أمام مهمتين رئيسيتين:
1- ضرورة نهوض دولي يشمل أوربا والصين وروسيا لنشوء عالم متعدد الأقطاب، وانتزاع زمام المبادرة من أمريكا ومنعها من استخدام القوة والبطش بالشعوب المناضلة.
2- أن يعيد العالم، وخاصة الشعوب وأحزابها الوطنية والتقدمية واليسارية، قراءة التاريخ من جديد والبحث عن نظام اقتصادي عادل قوامه العدالة الاجتماعية وطريقه الديمقراطية، مستفيداً من التجربة الاشتراكية السابقة يجنب البشرية ويلات الجوع والحرب والإرهاب وبشاعة الفساد وقسوة الاستبداد.
نجدت الخطيب
النور- 371 (7/1/2009)
http://www.an-nour.com/index.php?option=com_content&task=view&id=7020&Itemid=33
الإمبريالية الأمريكية.. تاريخ من القتل والتآمر والاستعمار
1 مايو 2003
الاصدار: راية الاشتراكية
بالتأكيد لن تخدعنا الدعاية الأمريكية، التي تنضح بوقاحة غير مسبوقة، عن الأهداف الحقيقية لحربها وهي: "تحرير العراق وضمان أن يحيا الشعب العراقي في عالم جديد أساسه هو الديمقراطية بعد إسقاط الطاغية". لن تخدعنا تلك الرطانات ونحن نشاهد يومياً مئات الجثث ملقاة في الشوارع. لن تخدعنا ونحن نعرف السجل الإرهابي لأمريكا وحلفائها في قتل مئات الآلاف من فقراء هذا العالم في حروب أقل ما توصف به هو الهمجية والبربرية.
تعالوا معاً نتذكر هذا السجل الذي ينضح بدماء ليس لها أي ذنب اقترفته في أن تعيش وتموت في عالم تحكمه شرائع القتل والتدمير من أجل الهيمنة والربح.
· ـ بدأ تكوين ما يسمى اليوم بالولايات المتحدة الأمريكية عبر عملية إبادة جماعية للسكان الأصليين. فقد اعتمد الاحتلال "الأنجلو ـ ساكسوني" على تدمير كل ما يتعلق بتاريخ هذا المكان لتشييد مجتمعه "الحديث" فلم يكتف الاحتلال بتدمير المنازل والتهجير الجماعي وحرق المحاصيل، بل وصل الأمر إلى قتل ما يقرب من 18 مليون شخص من الهنود الحُمر بالذبح والحروب الجرثومية. لقد وصف تيودور روزفلت أحد رؤساء أمريكا تلك المذابح "بأنها كانت عملاً أخلاقياً ومفيداً لأن إبادة الأعراق المنحطة حتمية لا مفر منها".
· ـ وما أن تم تشييد المجتمع الوحشي الحديث حتى ظهرت الميول الاستعمارية وتم البدء بدول الجوار في الأمريكتين. ففي عام 1833 تم غزو نيكارجوا وتبعها غزو بيرو عام 1835 لفرض أراء سياسية بالقوة على تلك البلاد. وفي عام 1846 تم شن عملية عسكرية كبرى على المكسيك انتهت باحتلال مساحات من الأراضي المكسيكية فيم يطلق عليه اليوم ولايات تكساس وكاليفورنيا ونيو مكسيكو الأمريكية. وفي عام 1855 شنت عمليتين عسكريتين الأولى استهدفت غزو أرجواي والثانية السيطرة على قناة بنما. وعلى مدار الربع قرن الأخير من القرن الـ 19 تم غزو كولومبيا عدة مرات، تلاها هايتي عام 1888، ثم شيلي 1891، ومرة أخرى إعادة اجتياح نيكارجوا عام 1894، ثم اختتم القرن بغزو كوبا على مدار ثلاث سنوات انتهت باستيلاء أمريكا عام 1901 على أراضي جزيرة جوانتانامو التي تضم الآن أشهر معسكر اعتقال في العالم يضم العديد من الأسرى من معظم دول العالم.
· ـ بدأ القرن العشرين بإحكام السيطرة على جزيرة جوانتانامو تلاها مباشرة في نفس العام العديد من العمليات العسكرية في كولومبيا، وفي العام التالي عملية أخرى في هندراوس. وفي العام 1914 قامت قوات المارينز بغزو هايتي والاستيلاء على البنك المركزي لتحصيل ديون هايتي لأمريكا بالقوة، وفي العام التالي تم احتلال هايتي لمدة 19 عام.
· ـ وفي الحرب العالمية الأولى دخلت أمريكا حليفاً لبريطانيا وفرنسا في حرب إعادة اقتسام المستعمرات في العالم. في نفس الوقت قامت بشن حملة عسكرية في عام 1916 على جمهورية الدومينكان لفرض سيطرتها وتعيين حكومة عسكرية استمرت ثمان سنوات، بدلا من الحكومة الثورية التي قامت بإسقاطها. وفي عام 1932 شنت القوات الأمريكية عمليات عسكرية بهدف غزو السلفادور.
· ـ اشتركت أمريكا في الحرب العالمية الثانية التي أنهتها بإلقاء قنبلتين ذريتين هيروشيما وناجازاكي لتقتل ما يقرب من 200 ألف وتصيب وتشوه مئات الآلاف من المدنيين. وفي عام 1954 أطاحت أمريكا بحكومة جواتيمالا. وفي عام 1961 فشلت أمريكا في عميلة إنزال لقواتها بكوبا فيما عرف بعملية خليج الخنازير. وفي عام 1967 دعمت المخابرات الأمريكية الحكومة العسكرية في بوليفيا لمحاربة الثوار بزعامة جيفارا. وفي نهاية الستينات وإلى بداية السبعينيات حاولت أمريكا غزو فيتنام وبالرغم من هزيمتها إلا أنها خلفت ورائها ما قد يصل إلى ثلاثة مليون قتيل من أبناء الشعب الفيتنامي الصامد. وفي عام 1973 ساهمت أمريكا في إنهاء حكم سلفادور إيندي في شيلي ونجاح اليمين في إقامة حكومة ديكتاتورية عسكرية.
· ـ في عام 1982 دخلت أمريكا بقوات في لبنان لمطاردة عناصر المقاومة الفلسطينية ولدعم إسرائيل في غزوها للبنان تحت ستار قوات حفظ السلام الدولية واضطرت للانسحاب في عام 1983 بعد قتل 241 جندي من المارينز في عملية واحدة. في عام 1986 غارت الطائرات الأمريكية على الأراضي الليبية بحجة تورط ليبيا في عمل "إرهابي" ضد أمريكا، أسفرت الغارات عن قتل وإصابة العشرات. وفي عام 1989 تم اجتياح بنما لعزل الديكتاتور نورييجا الذي كانت قد نصبته للحكم من قبل، وأسفر الغزو عن قتل عشرة آلاف بنمي والسيطرة على قناة بنما الهدف الوحيد من الغزو. وفي عام 1992 حصلت أمريكا على تفويض من الأمم المتحدة بقيادة تحالف لاحتلال الصومال الفقير ليتم إبادة عشرة آلاف صومالي، بحجة إعادة الاستقرار إليه بعد حرب أهلية طاحنة.
· ـ في عام 1991 دخلت أمريكا على رأس تحالف دولي في حرب مع الجيش العراقي فيما سمي بعملية تحرير الكويت، أسفرت عن إلقاء 880 ألف طن من القنابل ليتم قتل ما يقرب من 200 ألف عراقي وإصابة ما يزيد على نصف مليون آخرين علاوة على عشرات الآلاف الذين أصيبوا بالسرطان على أثر ضرب الأراضي العراقية بقنابل اليوارنيوم المخضب.
ـ قصفت الطائرات الأمريكية ملجأ العامرية. مما أدى إلى قتل 400 مدني وجرح أكثر من 1.500 آخرين، العديد منهم من النساء والأطفال.
ـ تم ذبح عشرات الآلاف من الجنود العراقيين العزل، الذين تم إبادتهم " مثل الحشرات" كما صرح أحد العسكريين الأمريكيين عند نهاية حرب الخليج الثانية.
ـ تم فرض حصار وعقوبات شاملة ضد العراق الذي تتعرض من جرّائه الجماهير العراقية لعملية إبادة منظمة علي مدار اثني عشر عاماً. فبسبب العقوبات مات نصف مليون طفل عراقي خلال عقد التسعينات فقط، ومات أكثر من مليون عراقي آخرين.
· ـ في عام 1999 أمطرت قوات التحالف الأمريكي ـ البريطاني العراق بوابل من القنابل والصواريخ أدى إلى سقوط مئات الضحايا وآلاف المصابين علاوة على تدمير العديد من منشئات البنية الأساسية والمنازل وخسائر جمة في مخازن السلع. وذلك لإجبار صدام على دخول المفتشين الدوليين للعراق.
· ـ في حرب الخليج الثالثة: قتل 2350 جنديا عراقي، 1400 مدني عراقي. وتم أسر 9000 آلاف من الجيش العراقي. وأصيب 5200 بين المدنيين العراقيين. 10 صحافيين قتلوا، اثنان مفقودان، ثلاثة صحافيين مختطفون.
ـ30 ألف طلعة جوية تمت فوق العراق. 15 ألف دولار الكلفة الإجمالية لكل قذيفة أطلقت علي العراق من الجو. 450 مليون دولار هي كلفة قصف العراق حتى الآن. 750 صاروخ أطلقت علي العراق حتى الآن. 750 مليون هي كلفة الصواريخ حتى الآن. حتى الآن كلفت الحرب 25.3 مليار، كلفة اليوم الواحد 1 .1 مليار دولار.
ـ 55 مليار دولار أمريكي هي ميزانية أمريكا للعملية العسكرية. 275 مليون كبرنامج مساعدة للعراق. 3 مليارات خصصتها المالية البريطانية للقوات المشاركة في العدوان على العراق 240 مليون خصصتها بريطانيا للمساعدات الإنسانية.
ـ 2، 2 مليار يحتاج لجمعها منها: 1.3 مليار دولار لبرنامج الغذاء العالمي (390مليون تم جمعها لحد الآن)..100 مليار دولار المبلغ الذي قد ينفق لإعادة إعمار العراق. 130 مليار دولار حجم الدين العراقي.
· ـ في عام 1994 دخلت القوات الأمريكية على رأس قوات بمباركة الأمم المتحدة إلى هايتي بدعوى استعادة الديمقراطية. وفي 1994 قرر حلف الناتو بقيادة أمريكا شن هجمات بالطائرات على صربيا، وفي عام 1999 تم التدخل لتصفية الصراع الدموي بين أقاليم يوغسلافيا القديمة، ولإجبار الصرب على الانسحاب من كوسوفو، ونتج عن ذلك قتل الآلاف من المدنيين علاوة على إصابات متعددة بالسرطان. وفي عام 1998 شنت الطائرات الأمريكية هجوماً مكثفاً على أهداف مدنية بالسودان وأفغانستان بحجة تورطهما في عملية تفجير سفارتي أمريكا في تنزانيا وكينيا.
· وبعد أحداث 11 سبتمبر 2001 قررت أمريكا اجتياح أفغانستان لإسقاط حكم طالبان ومطاردة بن لادن ضمن عملية كبيرة استهدفت القضاء على ما سمته بالإرهاب. أسفرت عن قتل ما يزيد عن خمسة آلاف شخص وتشريد وتجويع ملايين الأفغان لينتقلوا من وضع سيئ لوضع أكثر سوءاً وبشاعة.
لم تتوانى أمريكا لحظة عن التدخل في شئون البلاد، أو تقديم كل الدعم لقوى الاحتلال الصهيوني والأنظمة الرجعية التابعة لها. بالتأكيد لم تنجح في كل المرات من بسط نفوذها وهيمنتها وتحقيق أطماعها، بل كانت تجد مقاومة عنيفة في أغلب الحالات مثلما حدث في فيتنام ولبنان. وسيظل الكاوبوي الأمريكي في فرض هيمنته ونفوذه بشكل وحشي، حتى يتسنى لحركة جماهيرية عالمية قوية في أن توقف زحفه البربري وتسقطه للأبد. حركة الجماهير ضد الرأسمالية والعولمة منذ سياتل حتى بورتو اليجري، وحركة مناهضة الحرب على العراق، والتي تنتقل الآن لمحطة جديدة لإيقاف الاحتلال تعد بداية قوية لحفر قبر الإمبريالية.
http://www.e-socialists.net/node/3512