ملخص قضية النقاب .
في هذه المداخلة أعرض ملخصا لمقالات القمني عن النقاب ، و هي بالطبع لا تغني عن قراءة المقالات الرئيسية .
1. هل الحجاب و النقاب فرض ديني و تكليف شرعي كالصلاة و الصوم و الشهادتين يكفر تاركه و مُنكره أم هو ظاهرة اجتماعية تظهر لتختفي ثم تعود ثم تذهب ؟. إن كان النقاب فرضاً دينياً فلماذا يتركه المسلمون زمناً ليعودون إليه في زمن آخر ؟ و هو الأمر الذي لا يحدث مع فروض و أركان الإسلام الأخرى الثابتة ثبات الدين !، و بالتالي فالواقعي أن نقر بأن الحجاب و النقاب ظاهرة إجتماعية .
2. نظرآ لطبيعة العمل في الحقل ظلت الفلاحة المصرية سافرة سواء قبل الغزو العربي أو بعده حتى اليوم ، أما نساء الطبقة العليا فقد عرفن أنواعا من الحجاب بعد الغزو العربي كشكل للوجاهة و علو المكانة .
3. مع ثورة 1919 قرر المجتمع المصري أن يعلن المساواة بين مواطنيه ، فخلعت المرأة المصرية الحجاب الطبقي و تبعتها في ذلك معظم الدول العربية و الإسلامية ، نلاحظ أن خلع الحجاب و النقاب قد ترافق مع عصر النهضة و التنوير، بينما ترافقت العودة إليه مع إنحطاط الأمة التمامي في زمن الهزائم و الخيبات .
4. خلال الفترة من ثورة 1919 و حتى نهاية الستينات ، نعم الشارع المصري بالأمان الأخلاقي دون شعارات وهابية ، احترم طرفا المجتمع بعضهما و اعترف كل منهما بحقوق الآخر ، و احترموا المشترك الاجتماعي بينهم كالحريات الشخصية ، لذلك كانت المصرية المسلمة و المسيحية و اليهودية و بنات الخواجات يسرن في مصر بلا حجاب و لا نقاب ، آمنات على عفتهن ، و لم نر من السافرات فُجراً إلا بالنسب الضئيلة المسموح بها في أي مجتمع سليم . و لو قلنا أنهن كن فاجرات لسفورهن فكأننا نطعن في شرف المجتمع كله .
5. ارتبطت الصحوة الإسلامية و رمزها الحجاب و النقاب بالطفرة البترولية ، هذه الطفرة كان ثمنها ألوف الشهداء المصريين ، عبر قتال استمر من 1967 و حتى 1973.
6. مع الصحوة الإسلامية ، عاد الحجاب معبقاً برائحة النفط القاسية ، و خلال السنوات الأخيرة بدأت النقلة من الحجاب إلى النقاب ، لكنه ليس كنقاب البيشة و اليشمك ، إنما نقاباً وهابياً ، هو و ما يوضع على عيني الدابة الدواره موديلاً واحداً لا غير .
7. الملحوظة الأهم هو مدى السهولة التى ينتقل بها الشعب المصري من حال إلى حال ، و من زي متعارف عليه اجتماعياً إلى زي سبق له استخدامه و تركه بإرادته . إن شعباً يخلع زيه و معه ثقافة بكاملها و منهج حياة بكليته ، و يعود ليلبس ما كان سبق و خلعه ، و يعود مرتكساً إلى ثقافات أقدم في التطور ، هو شعب مضطرب متردد يخسر أى إنجاز ممكن أو محتمل .
8. شعب الصحوة الإسلامية المصري شعب مسلوب الإرادة ، خاضع للأوامر الفقهية التي لا تحمل إقناعاً و لا دليلاً على جدواها لأمنه و سلامته و تقدمه . أسوأ ما في الأمر كله هو أن شعبا بحجم الشعب المصري يقبل بالخضوع و الخنوع و الإنزلاق إلى حفرة العصور الوسطى المظلمة ، دون أن تحميه مناعته التاريخية التي كانت درعاً واقياً له عبر تاريخه الطويل.
9. نحن نعلم أن وراء خلع النقاب كانت هناك ثورة شعبية 1919 ،و برنامج علماني في دولة مدنية أساسه المتين هو قدسية الوطن . و كان هدف الشعب هو اقتباس النظام الغربي المتفوق ليتفوق مثلهم . و لكن ماذا وراء ظاهرة كالحجاب و النقاب ، هناك بالقطع إرادة مقتدرة تقف وراء هذا البرنامج و لها أهدافها ، و من ثم سيكون السؤال : من هو صاحب هذه الإرادة المقتدرة ، و ما هي أهدافه مما يعمل ؟.
10. المطالع لشعارات الشوارع سيعلم أن العودة إلى النقاب تسوق كعودة إلى صحيح الدين ، لنرضى ربنا فيرضى عنا و ينصرنا على القوم الكافرين !. و بالطبع هذا هو الإفلاس الكامل .
11. إننا جربنا الحجاب و النقاب زمن السلاجقة و العثمانلية و المماليك و لم يصنع تقدماً و لا أدى لحضارة و لا صنع رقياً قيمياً ، بل أدى إلى انهيار كارثي بما صاحبه من سلوكيات من لزوم ما لا يلزم ، و انتهى بضعف الوطن كله مما سمح باستعمار البلاد من الصليبيين مرة و من الاستعمار الحديث مرة.
12. بلغ ما صرفته السعودية لتصدير وهابيتها و صحوتها منذ هزيمتنا في 1967 و حتى عام 2000 أي خلال ثلاثين عاماً فقط زهاء سبعين مليار دولار.
13. تم استثمار تدين الشعب المصري الفطري لترويج الوهابية السعودية و إسلامها النصي الظاهري بحسبانه الإسلام الوحيد الحقيقي ، و أن إسلامنا السابق كان انحرافاً عن جادة هذا الصحيح.
14. لقد تم اختراق مفاصل الدولة المصرية العريقة و مؤسساتها و نخرها بالسوس الوهابي منذ قرر الرئيس السادات أن يكون الرئيس المؤمن ، فأطلقهم علينا فكافؤه بنحره يوم عيد نصره تقرباً لرب الوهابية بكبش عظيم كما جاء في أدبياتهم .
15. في انتهازية رخيصة لا تليق لا بعروبة و لا بإسلام انتهزت الصحوة الوهابية جرح الشقيقة الكبرى و ضعفها و هزيمتها في 1967 لتحول المجتمع المصري من مجتمع مؤسسات قانونية تراتبية بيروقراطية وظيفية ، إلى مجتمع منفلت فوضوي غير منتج و لا منجز.
16. إن أي زي هو بالأصل ظاهرة اجتماعية تفرضها البيئة لذلك تختلف باختلاف البيئات و المجتمعات ، و أن الحجاب أو النقاب لو كان ديناً ما فرط فيه المصريون و بقية العرب و المسلمين معهم مع ثورة 1919.
17. لا يمكن لأحد أن يقول أن النقاب هو من الفروض أو من شئون العبادة ، و لا هو حتى قاعدة في المعاملات ، و لا يترتب على ارتدائه أو خلعه أية حدود شرعية في ديننا.
18. ظل ثأر الدرعية ( نتيجة تدميرها على يد محمد علي ) ناراً لا تهدأ بالقلب الوهابي ، لنصل إلى الزمن الناصري و الحرب المصرية السعودية في اليمن ، و نقرأ الآن معاً نص رسالة الملك فيصل بن عبد العزيز ملك السعودية إلى الرئيس الأمريكي ليندون جونسون ، و التي حملت تاريخ 27 ديسمبر 1966 م الموافق 15 رمضان 1386 هـ ، و ترد بوثائق مجلس الوزراء السعودي تحت رقم 342 ، ( نقلا عن د. وليد البياتى ، ومصدرة : حمدان حمدان : عقود من الخيبات1 دار بيسان ص 489 - 491) و هي رسالة و و ثيقة أدت إلى تغييرمجري تاريخ المنظقة و العالم كله بعدها
يقول جلالته لأخية الرئيس الأمريكى جونسون : " .. مما تقدم يا صاحب الفخامة ، و مما عرضناه ، تبين لكم أن مصر هي العدو الأكبر لنا جميعاً و أن هذا العدو إن تُرك يُحرض و يدعم الأعداء عسكرياً و إعلامياً ، فلن يأتي عام 1970 – كما قال الخبير في إدارتكم السيد كيرميت روزفلت – و عرشنا و مصالحنا في الوجود . لذلك فإني أُبارك ما سبق للخبراء الامريكان في مملكتنا أن اقترحوه ، و أتقدم بالاقتراحات التالية : أن تقوم أمريكا بدعم إسرائيل بهجوم خاطف على مصر تستولى به على أهم الأماكن حيوية في مصر ، لتضطرها بذلك لا إلى سحب جيشها صاغرة من اليمن فقط ، بل لإشغال مصر باسرائيل عنا مُدة طويلة ، لن يرفع بعدها مصري رأسه خلف القناة ، ليحاول إعادة مطامع محمد علي و عبد الناصر ، و بذلك نعطي لأنفسنا مهلة لتصفية أجسام المبادئ الهدامة ، لا في مملكتنا فحسب بل و في البلاد العربية ، و من ثم بعدها لا مانع لدينا من إعطاء المعونات لمصر و شبيهاتها من الدول العربية ، اقتداء بالقول : ارحموا شرير قوم ذلّ " .
19. هكذا وصل ثأر الدرعية إلى عملية إبادة جماعية للوعي المصري ، و احتلال عقله بقضايا الإسلام ، مع احتلال احلالي يحل فيه الوهابيون محل الإسلام البكر ، كما سبق و احتلوا وطنه زمن الفتح احتلالاً استيطانياً ،ليمتلىء الشارع المصرى لحى و حجاباً و نقاباً و خراباً كاملاً في الذمم و الضمائر.
20. لو حاولنا تعريف العفة سنقول إنها ذلك الدافع الداخلي للإنسان ، الذي يمنعه عن طاعة غريزته الجنسية ، إلا بما يقره المجتمع و يرضي عنه ، و يختلف معنى العفة باختلاف الثقافات .
21. يجري تفعيل معنى العفة تربوياً في الأسرة و المدرسة و دار العبادة لزرع وازع داخلي ، لتصبح العفة أحد مكونات الضمير صداً لأي إغواء شهوي بمناعة هذا الضمير.
22. في المجتمعات الضعيفة أو التي يضعف فيها تربية الضمير ، يفقد الذكر الثقة في نفسه ، لذلك يسعى لفرض العفة على أنثاه بالتدخل الخارجي القسري ، من هذا القبيل الختان الجائر للفتيات في مصر بنزع البظر مع الشفرين الأصغرين لكبح الشهوة للحفاظ على العفة ، و تكون النتيجة أن المختونة لن تصل إلى الشبع مهما حاول الزوج ، فبدلاً من أن يصون الختان العفة ، فإنه يترك المرأة في حالة تهيج جنسي مستمر بسبب العلاقة الزوجية التي لا تنتهي بالأورجازم ، فتظل الشهوة مستعرة تطلب الإشباع دون أن تخمد .
23. إذا كان لابد من استخدام أداة خارجية لصون العفة ، فستكون خياطة الفرج هي الأنجح و ربما كان حزام العفة هو الأكثر نجاعة ، لأن النقاب يسمح للمرأة بالرؤية و الاشتهاء ، بل ربما يصبح الحل الأمثل هو خزق عيون النساء و إصابتهن بالعمى ، و ربما يستحسن البدء بإجراء تلك الجراحة الهامة مبكراً في سن الطفولة مع عملية الختان في يوم واحد ، أو أن يحتجب الرجال بدورهم تحقيقاً للعفة في الطرفين . أو أن نطلب من صديقتنا الصين التي تتفهم مواقفنا و تصنع قفلاً إسلامياً بأرقام سرية ، و ليكن الشعار الجديد هو ( قفل العفة ضمان و امان ) .
24. عندما تكون العفة قيمة ذاتية تربى عليها الفرد في طفولته ، فإنها ستصبح إلزاماً لصاحبها ذكراً كان أم أنثى ، و لكن الواضح أن المجتمع المسلم ( المصري ) قد اختار الحجاب و النقاب كوسيلة خارجية لصون عفة نسائه ، خاصة تحت تأثير الزيادة المنفلتة في عدد السكان و بالتالي الفقر و تربية الشوارع و انعدام الضمير .
25. النقاب الذي يرفعون له شعار ( النقاب عفة ) لا يصنع للمرأة أي عفة ، هو يعف الرجل لأنه لا يرى منها شيئاً يثير شهواته ، لكنه أبداً لا يصنع للمرأة عفة ، حبس المرأة خلف النقاب لن يمنعها من كسر العفة ، إن لم تكن ضمن مكوناتها التربوية من الطفولة المبكرة ، و ستطلب الجنس و لو مع نفايات البشر.
26. يخرج المتأسلمون في التلفاز لتفسير ظاهرة التحرش و الاغتصاب ، بأن لبس البنات السافر هو ما يدفع الشباب إلى هذا الهوس الجنسي ، بحسبان العفة تكون من المرأة وحدها ، أما الرجل فله حق الفُجر العلني دون أي قلق يصيب هذا المجتمع المتأسلم .
27. ختان الذكور يؤدي إلى سهولة الإستثارة و بلوغ الأورجازم بسرعة قياسية، بينما الختان يجعل الأنثى صعبة الإشباع . و بدلاً من اللجوء إلى الحلول العلمية وقفاً لمزيد من التمزق الأُسري الحادث ، يلجأ الرجل المهزوم سياسياً و إنسانياً و جنسياً إلى الحلول القديمة التي لم تحل شيئاً بقدر ما زادت من المشاكل ، فيحجب المرأة أو ينقبها أو يحبسها في البيت.
28. إن النتائج المترتبة على تنقيب المرأة هي على عكس المراد منه بالمرة ، لأنه أوسع الأبواب للمرأة لكسر قيمة العفة و كل ما يرتبط بها من قيم ، النقاب هو الباب السحري إلى الرذيلة العلنية.
29. عندما يقول أحدهم اليوم أن الحجاب عفة فإنه يكون أول طاعن في الدين ، لأنه يصور ديننا غير قادر بذاته و ممكناته البرهانية على خلق عفة داخلية لدى المؤمنين ، هو كمن يقول أن قرآنه و حديثه و كل إيمانه غير قادر على خلق عفة للمؤمنات.
30. رغم أن الفلاحة المصرية تعمل بين الرجال ، و المعلمة المصرية كانت تقف في الأسواق ، عرفن كلهن بالعفة ، بينما المنتقبة في قصور الحريم ظلت في الحكي الشعبي ، رمزاً لإنعدام العفة في سعيها لاشباع شهواتها مع أي إنسان حتى لو كان من عبيدها بل يصل المدى إلى معاشرة الحيوان .
31. صاحب الصحوة و حجابها و نقابها ألوان من الزواج غريبة مشروعة بفتاوي مشايخنا ، رغم أنها لا تنشئ أسرة و هي الهدف من الزواج ، و ذلك مثل الزواج العرفي و الهبة و المؤقت و السياحي و المصياف و المسيار و الفريند ، و هي ألوان لم تعهدها مصر قبل الصحوة ، و ما كانت الواحدة من أمهاتنا أو جداتنا السافرات تقبل عرضاً بزواج كهذا ، لأنه كان يعني الإهانة الكاملة للعرض و الشرف .
32. يقوم الزواج الإسلامي على مبدأ المتعة و الاستمتاع بالأنثى ، لذلك يقال عنها متاع ، و يقال أيضاً للأريكة و الحمار و الفرس متاع ، و يقال عنها هي الفراش ، فهي ليست طرفاً له أي دور في الموضوع ، هي محل متعة الرجل أما إنسانيتها و كرامتها و حالتها النفسية و صحتها الجنسية كل هذا غير موجود في موضوع الزواج بالذات ، لكنه موجود في حالة الزنى حيث بإمكانها أن تقبل أو ترفض!.
33. كان يهود زمن البطاركة الأوائل لديهم عرفاً مسنوناً بعدم كشف وجه الداعرة المنتقبة حتى لا يعرفها أحد ستراًً لها ، فكانت المنتقبة تعلن بنقابها عن الرغبة فى لفاء جنسى سريع ومؤقت وينتهى دون أن يعرف الذكر من كانت شريكتة فى الفعل ، أما العفيفات فكُن هن السافرات .
34. نجد أن ما يصون عفة نساءنا المسلمات المهاجرات إلى بلاد الغرب العاري ، ليس الحجاب و لا النقاب ، إنما يصونها الوازع الأخلاقي الذي تربي عليه الشارع الأوروبي ، أماالرجل المسلم فلا يجرؤ أن يعتدي عليهن و لا يتجرأ على التحرش بهن و لو لفظاَ كما يفعل مع بنات وطنه ، لأن المجتمع حوله سيتدخل فوراً ناهيك عن الردع القانوني المُغلظ .
35. مسلموا المهجر لا هم اندمجوا في ثقافته و لا هم علموهم ثقافتنا ، و مع ذلك يصرون هناك على إثبات الزي الإسلامي الموحد ، تمييزاً طائفياً للإشارة إلى التميز بالإسلام ، لأنه ليس لديه ما يفخر به من إنجاز يديه ، فيفخر بدينه الذي لم يختره و ربما لا يعرفه.
36. لا يعتدي الرجل الغربي على المسلمة حتى لو سارت في الطريق العام ملط زلط ،فحضارة الغرب آمنة بالوازع الأخلاقي الضميري ، و الأوروبي لن يترك فاتنات قومه ليغازل نساءنا ( عافاك الله ؟ !! ) ، و المعنى أن الزوج المسلم لن يخشى على زوجته أن يلتهمها الرجال الأوروبيون ، بل العكس هو الممكن حدوثه ، أن تلتهم المسلمة الأوروبي المليح كما حاولت امرأة العزيز. لذلك فإن الحجاب و النقاب في أوروبا هو شعار سياسي تمييزي طائفي طبقي بدائي ، لا يحقق عفة و لا يصنع طهارة كما يقول الإعلان الترويجي الكاذب و الشرير .
37. إذا كنا نعلم بالإحصاءات المعلنة في بلادنا حجم حوادث الشرف ، سنجد أن الحجاب أو النقاب لم يخلق عفة في بلادنا ، فهل بإمكانه أن يخلقها للأوروبيات ؟.