الله.. ما أروعها شهادةً
أن يوجدَ الإنسانُ في عصرِ عبدِ الناصرِ..
(01-17-2010, 01:39 AM)خالد كتب: ...............
عزيزي عاشق،
..........................
عزيزي، مر في تاريخ هذه الأمة بضعة رجال أصابوها في مقاتل ابتداء بمعاوية وكان عبدالناصر آخرهم، حاول صدام أن يكون التالي له فلم ينجح!
حسب وجهة نظري فالأمر الأبرز الذي يجعل العالمانيين والليبراليين والتقدميين وما شابه أن يغضوا النظر عن مصابنا الأليم باقتعاد عبدالناصر سدة الحكم هو عداء عبدالناصر الشديد لكل ما هو إسلاموي، فقد قاتلوا كرها بعلي لا حبا بمعاوية.
طبعا أدعوك أن تقرأ خصوم الرجل، من غير الإخوان المسلمين إذ أن ما قرأته هناك فيه شطط قد يكون حقيقة فيكون الرجل شيطانا مريدا فعلا، أو افتراء نعوذ بالله منه. فلعل الأصوب أن تقرأ من خصومه بعيدا عن شيطنتهم ورميهم بكل نقيصة لا سيما العمالة والرجعية والانبطاحية والانهزامية وما شابه.
إن جمال عبد الناصر أصبح تجربة تاريخية تملكها أمته العربية ،وهي وحدها التي حكمت له . لن يمكن لزميلنا خالد أن يضيف شيئا لأكوام المقالات و الكتب التي تحاول إدانة عبد الناصر ،و التي يدفعنا معظمها إلى مزيد من التقدير للرجل! .
إن الحقيقة متعددة الوجوه ، و شخصية تاريخية مثل عبد الناصر لابد أن تختلف حولها الآراء و تتصارع الأفكار . نعم هناك حملة مستمرة من الإسلاميين ضد تجربة عبد الناصر لقتله ميتا بعد أن حاولوا اغتياله حيا ، و كان عبد الناصر دائما عصيا على التغييب .
لا أحد هنا باليقين يؤله عبد الناصر أو يراه مجردآ من الأخطاء بل ربما الخطايا ،و لكن التجربة هي حساب ختامي مثل حساب البنوك ، و حساب عبد الناصر كما نراه هو حساب دائن ،و رصيده الأساسي هو النموذج و الغاية و الروح التي قادت تجربة عبد الناصر . إن عبد الناصر يعني لنا بالأساس انبعاث الروح القومية و عنفوانها ، الانحياز للشعب في جموعه ، رفض الهيمنة الأجنبية ، الطهارة الثورية و التجرد في الخدمة العامة ، الإحساس بالعزة و الكرامة ، التجربة الوطنية الموحية و المميزة ، الأمل في مكان تحت الشمس .
من الجدير بالملاحظة أن عبد الناصر الذي يراه السيد خالد مدانا من الجميع ، هو ذاته الذي سجلت مكتبة جامعة أوكسفورد من 12 سنة أنه كُتب عن عبد الناصر ما يزيد على الثلاثة آلاف كتاب بلغات مختلفة، هذا بخلاف الدراسات والندوات والرسائل الجامعية والمحاضرات والأحاديث في الفضائيات المرئية والمسموعة مما يصعب حصره عملياً.
كتب ستيفنز: “لقد كان ناصر أهم رجل أنجبته الصحوة العربية، وكان أحد أقطاب الثورة ضد الاستعمار وهي إحدى الحركات الكبرى في القرن العشرين”.
- وكتب ويلتون وين: “لقد أصبح ناصر زعيماً لكل العرب لأنه يمثل شعورهم اليوم أصدق تمثيل”.
- ووصفه السفير “هنري بايرود” سفير أمريكا في القاهرة خلال الخمسينات “بأنه القائد الوحيد في العالم العربي الذي يمثل الاتجاه الجديد، والذي يمكن لدبلوماسي غربي أن يجري معه مناقشات مفيدة متزنة”.
- وقال: “لا أعرف إذا كان ناصر على حق أم على باطل، لكني أعرف أنه لا بد منه. لو حدث انتخاب حقيقي في سوريا أو الأردن أو العراق لفاز ناصر بنسبة كاسحة”.
بل حتى عدو له مثل نيكسون يقول : “إنه سريع الغضب والاشتعال، نافد الصبر، ديكتاتور، تمتلكه المصالح الحمقاء التي سارت به إلى الأبد في طريق المزيد من حاجات شعبه الدنيوية قليلة الشأن”. ويقول: “رأيت الشباب والشيوخ أغنياء وفقراء ينصتون لصوته بنظرات يعلوها الابتهاج الغامر”.
- وعن الوحدة العربية يقول: “لقد أعطى ناصر للمرة الأولى خلال قرون من الزمن لشعبه حكومة من أبناء مصر وسعى في الوقت نفسه لتوحيدها مع أشقائها العرب، وكانت تلك فكرة ثورية تامة مع انها تجذب إلى حد كبير لكنها غير مجدية ولا عملية”. ثم يقول: “بنى ناصر دعوته القومية على أساسين، أولهما: العداء ل “إسرائيل”، والثاني: عدم الثقة بالغرب، وكلاهما عاملان هدامان بدلاً من أن يكونا عاملين بناءين”.
- “كان ناصر قائداً عاطفياً قادراً على الرؤية داخل قلوب شعبه.. وقد سبّب موته المفاجئ نار الأسى ومظاهر الحزن التي لم يشهد العالم لها مثيلاً”.
- و”مايلز كوبلاند” يقول عن عبد الناصر: “إنه لا يتصرف بداعٍ من الحقد أو الهوى أو غير ذلك من الدوافع الدنيا. إنه من أكثر الزعماء جرأة، لا يقبل الرشوة، لكنه لا يؤمن بعلم الأخلاق. متعصّب للمبادئ على طريقته الخاصة، لكنه ميّال للخير العام والإصلاح الاجتماعي، وما أظن أنني التقيت من الزعماء من يفوقه في ذلك”.
وعن الوحدة العربية يقول: “إن ناصر أراد من الوحدة العربية إذلال كل من أذلّ العرب وسعى حثيثاً لتقوية أسطورة الوحدة العربية ليحاصر الحكام العرب ويضعهم تحت نفوذه”.
يقول السفير بايرود أيضا : إن معظم رجال السياسة الأمريكيين الذين أتيح لهم الاحتكاك بناصر كانوا يوقنون أنه لا يطمح في حكم العالم العربي أو الإسلامي. وأن ناصر يعتقد منذ البدء أنه لا يمكن حمل أي فرد أو مجموعة أو أمة على فعل شيء باتباع أساليب الترغيب والترهيب، وإنما بخلق ظروف معينة تحمل الموجود في خضمها على أن يطالب بفعل ذلك، فرغبات الجماهير ومتطلباتها هي التي تحفز على التحرك وليست رغبات قائدها أو حاجاته. إننا لن نواجه أي متاعب مع ناصر لو أنه يهتم بشؤون بلاده فقط ويقلع عن التدخل في أمور الدول الأخرى”.
ويقول: “إن من أهم أسباب غضب العرب اعتقادهم أننا كنا نساعد الصهيونية -وهذا صحيح مهما كان المبرر لذلك- ومن ثم “إسرائيل” بشكل مفضوح لا تحرج فيه، حيث موقفنا المؤيد للصهيونية لا مفر منه”.
وقال: “لقد أدركنا استحالة قيام انقلاب يجعل منه سوكارنو آخر.. فناصر لن يسقط بتذمر أو شكوى، ولن يتقوّض نظامه وينهار إلا بضربة عنيفة مدوية”.
وقال: “مجتمع الكفاية والعدل مجتمع الكل للفرد، والفرد للكل لا وجود له إلا في جزيرة الأحلام”.
وكتب يقول: “إن العرب يرفضون المنطق والقيم الغربية رغم تأخرهم وحرمانهم وعدم امتلاكهم أحسن منها للتمسك بها..”.
أما “ستيفنز” فقد كتب يقول: “إن ناصر لا يلقي اهتماماً بأية وحدة عربية إلا في إطار الحاجة إلى سياسة موحدة ضد الغرب”. وقال عن عبد الناصر: “لقد كان ناصر أهم رجل أنجبته الصحوة العربية، وكان أحد أقطاب الثورة ضد الاستعمار وهي الحركات الكبرى في القرن العشرين”.
وقال: “إن علاقة ناصر مع الاتحاد السوفييتي يحكمها صراعه مع “إسرائيل””.
وقال بعد ذلك: “ربما كان أهم تراث خلّفه ناصر للعرب هو الثقة في القدرة على مواجهة العالم المعاصر، والسير نحو الهدف لتحقيق المجتمع الذي كان يحلم به..”.
وكتب يقول: “لقد كان ناصر دائماً في الوسط بين روسيا وأمريكا، بين اليمين واليسار، الوطنيين المصريين والقوميين العرب.. واستطاع أن يوازن بين الجميع”.
ويقول إيفلاند: “لا بد من منح مساعدات مالية كبيرة حالاً لعملائنا في لبنان والشرق الأوسط، لأننا لا نستطيع أن نتصدى لشعارات ناصر القومية من دون صرف مبالغ كبيرة. لقد تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية في سوريا، إنما بصورة مفضوحة مضحكة تدل على حماقة متناهية لمنع قيام الجمهورية العربية المتحدة، وتأكدت أن كيم روزفلت حاول أن يقوم بانقلاب جديد..”.
وعن شخصية جمال عبد الناصر يقول السفير بادو: “إنه كان رجلاً تشعر على الفور وبمجرد جلوسك إليه بقدراته القيادية غير العادية، وقد كانت أفكاره واضحة لا غموض فيها، كان دائماً واثقاً في نفسه وهو يتعامل مع قوة عظمى مثل الولايات المتحدة الأمريكية، لا يخالجه أدنى شك في عدالة قضيته”.
ويقول حول الأزمات التي مرّت بمصر مثل الانفصال السوري وحرب اليمن، إن عبد الناصر لم يكن في أي وقت من تلك الأوقات متوتراً أو عصبياً أو منفعلاً، وإنما كان يبدو هادئاً رصيناً يختار كلماته الإنجليزية بعناية، ولا يفوته أن يظهر الودّ لمحدّثه. وقال بوضوح وصراحة: إن الصورة التي كان يحلو لأعداء عبد الناصر أن يرسموها له كانت صورة زائفة تماماً.
انتهى الاقتباس .
لن أدحض كل ما يقوله الأخ خالد و غيره من أعداء عبد الناصر فهذا هين جدا ، و لكني أرى ذلك كله لا يليق بذكرى عبد الناصر ، الرجل الذي لا يفوق نقدي له سوى حبي له ، و الذي لا أذكره إلا و تبتل عيناي ، هل حقا عشت زمن عبد الناصر و هل حقا صافحته معزيا في والده ، و هل حقا كان هناك إنسان مصري بهذا السمو ؟.
رسالة إلى جمال عبد الناصر
والدُنا جمالَ عبدَ الناصرْ:
عندي خطابٌ عاجلٌ إليكْ..
من أرضِ مصرَ الطيبهْ
من ليلها المشغولِ بالفيروزِ والجواهرِ
ومن مقاهي سيّدي الحسين، من حدائقِ القناطرِ
ومن تُرعِ النيلِ التي تركتَها..
حزينةَ الضفائرِ..
عندي خطابٌ عاجلٌ إليكْ
من الملايينِ التي قد أدمنتْ هواكْ
من الملايين التي تريدُ أن تراكْ
عندي خطابٌ كلّهُ أشجانْ
لكنّني..
لكنّني يا سيّدي
لا أعرفُ العنوانْ…
2
والدُنا جمالَ عبدَ الناصرْ
الزرعُ في الغيطان، والأولادُ في البلدْ
ومولدُ النبيِّ، والمآذنُ الزرقاءُ..
والأجراسُ في يومِ الأحدْ..
وهذهِ القاهرةُ التي غفَتْ..
كزهرةٍ بيضاءَ.. في شعرِ الأبَدْ..
يسلّمونَ كلّهم عليكْ
يقبّلونَ كلّهم يديكْ..
ويسألونَ عنكَ كلَّ قادمٍ إلى البلدْ
متى تعودُ للبلدْ؟…
3
حمائمُ الأزهرِ يا حبيبَنا.. تُهدي لكَ السلامْ
مُعدّياتُ النيلِ يا حبيبَنا.. تّهدي لكَ السلامْ..
والقطنُ في الحقولِ، والنخيلُ، والغمامُ..
جميعُها.. جميعُها.. تُهدي لكَ السلامْ..
كرسيُّكَ المهجورُ في منشيّةِ البكريِّ..
يبكي فارسَ الأحلامْ..
والصبرُ لا صبرَ لهُ.. والنومُ لا ينامْ
وساعةُ الجدارِ.. من ذهولِها..
ضيّعتِ الأيّامْ..
يا مَن سكنتَ الوقتَ والأيامْ
عندي خطابٌ عاجلٌ إليكَ..
لكنّني…
لكنّني يا سيّدي.. لا أجدُ الكلامْ
لا أجدُ الكلامْ..
4
والدُنا جمالَ عبدَ الناصرْ:
الحزنُ مرسومٌ على الغيومِ، والأشجارِ، والستائرِ
وأنتَ سافرتَ ولم تسافرِ..
فأنتَ في رائحةِ الأرضِ، وفي تفتُّحِ الأزاهرِ..
في صوتِ كلِّ موجةٍ، وصوتِ كلِّ طائرِ
في كتبِ الأطفالِ، في الحروفِ، والدفاترِ
في خضرةِ العيونِ، وارتعاشةِ الأساورِ..
في صدرِ كلِّ مؤمنٍ، وسيفِ كلِّ ثائرِ..
عندي خطابٌ عاجلٌ إليكْ..
لكنّني..
لكنّني يا سيّدي..
تسحقُني مشاعري..
5
يا أيُها المعلّمُ الكبيرْ
كم حزنُنا كبيرْ..
كم جرحُنا كبيرْ..
لكنّنا
نقسمُ باللهِ العليِّ القديرْ
أن نحبسَ الدموعَ في الأحداقْ..
ونخنقَ العبرهْ..
نقسمُ باللهِ العليِّ القديرْ..
أن نحفظَ الميثاقْ..
ونحفظَ الثورهْ..
وعندما يسألُنا أولادُنا
من أنتمُ؟
في أيِّ عصرٍ عشتمُ..؟
في عصرِ أيِّ مُلهمِ؟
في عصرِ أيِّ ساحرِ؟
نجيبُهم: في عصرِ عبدِ الناصرِ..
الله.. ما أروعها شهادةً
أن يوجدَ الإنسانُ في عصرِ عبدِ الناصرِ..