اقتباس:صار الطريق إلى "تسويق الخراب"، مفروشا بالنوايا الطيبة.
لطالما ظن اتباع امريكا و مناصريها من عرب (الاعتدال) انهم حركة جديدة انبثقت في التاريخ و لتكشف لنا و الحمد لله عن خطر (المغامرين) و (الفوضويين) و (المقامرين) و (الاستبداديين) الداهم على مستقبلنا كعرب.....
و الحقيقة ان تاريخ الصراعات و الثورات مليئ بأمثالهم من اتباع المحتلين و الاقوياء و المستعمرين....
من اين ابدأ؟ الم يكن من بين العبيد من كان ينظر لفوائد العيش في كنف الاسياد براحة وامن و هدوء بدل الثورة و شظف العيش و المعارك... ألم يكن مثلا سبارتاكوس -من هذا المنظور- مجرد احمق جلب الخراب على نفسه و على اتباعه بدل ان كان عبدا رومانيا هانئا؟
الى اين اذهب؟ الى فييتنام؟ الم يكن هناك من سياسيين و منظرين و اعلاميين في سايغون من كان يهزء بالفييتكونغ العراة و انفاقهم النتنة و مشاريعهم الشيوعية و عمالتهم للصين و السوفييت و ينظّر ببراعة للحرية الامريكية و رغد العيش الرأسمالي في كنف امريكا الحنون؟
الم يكن للاستعمار البريطاني في مصر اتباع و مناصرين و اذناب؟ الم يكن منطقهم هو (اهداف بريطانيا العظمى النبيلة في مساعدة الشعوب -كما كان يقال؟) , و بمنطقهم هذا الم تكن ثورة عرابي مثلا مجرد حماقة قام بها أبله متخلف؟
ام ذلك البدوي النتن عمر المختار, ام القائد الاحمق يوسف العظمة؟ حمقى متخلفين -بنفس المنطق- اصحاب مشاريع رجعية مشبوهة في وجه الحضارة و التنور الغربي......
أعراب الاعتدال يأخذون على حزب الله انه حزب ديني, و كأنهم لعمري كانوا ليرتموا بأجسادهم العارية امام الدبابات الاسرائيلية المتوغلة في محاولة لايقافها...فقط لو لم يكن حزب الله موجودا ... يا له من حظ عاثر!!!!
و كأن اعراب امريكا كانوا طوال عمرهم فدائيين و مناضلين تقدميين تحرريين قبل ان يأتي حزب الله و يسحبهم بالقوة من خط المواجهة فيتشبثون بأظافرهم بالتراب الجنوبي, و هم ما زالوا يتحرقون شوقا للعودة اليه!!!!!!!!!
و كأنهم (اعراب الاعتدال) هم انفسهم علمانيين حقيقيين متنورين... لكي يكرهوا اي حزب ديني كحزب الله و حماس ... رغم انهم يتحالفون مع ابشع الانظمة الدينية النفطية الديكتاتورية المدعومة امريكيا (للمفارقة) بل و يعملون احيانا كموظفين لديها (مكرهين طبعا)....
و كأنهم لم ينجّروا قط الخوازيق للمشاريع القومية و الوحدوية و طالما جعروا بالمديح و التنظير للمشاريع الامريكية (و قبلها البريطانية الاستعمارية و قبلها البرتغالية و قبلها التركية و قبلها الرومانية و قبلها الفارسية و قبلها الرومانية و قبلها الهيلينية و قبلها الاشورية..... لا ادري ما كان موقفهم ايام انسان النيندرتال حيث لم يكن من تاريخ مكتوب.... لكن الامر متوقع بطبيعة الحال....
اه تذكرت, الم تكن ايضا زنوبيا مجرد شرموطة تجرأت على روما العظيمة؟ الم تنخرط القبائل الاعرابية يومها ضمن الجيش الروماني المجيد ضدها؟ الم يكن لدى تلك القبائل يومها اسبابا وجيهة مطابقة تماما لافكار قبائل عربان الاعتدال اليوم؟
ثم نأتي للمحصلة.....
مالذي جناه الاعراب من اللهاث الدائم (باستثناء فترات قصيرة من تاريخهم ) وراء روما وصولا الى بوش؟ غير الخوازيق و البعبصات و الاحتلالات و التقسيمات و الديكتاتوريات و الفتن و السرقات ؟
تذكرت الان لورنس العرب

!!!!!!! هو و لباسه العربي التقليدي على الجمل... يا له من بطل ثائر!!!! فقط هو من بين كل الثوار يستحق المديح!!!
يتناسى الجميع الان حقيقة ان جمال باشا (الوحش المرعب السفاح لانه فقط اعدم اقل من 30 تعاملوا -و ان بنية صافية-- مع الاعداء اما البطل اللنبي مثلا الذي استلم القدس و سلمها لليهود فله الشوارع و الجادات باسمه)...ما علينا... جمال باشا اذاع بنود اتفاقية سايكس بيكو على قبائل العربان ليحذرهم من المخططات البوشية -عفوا البريطانية-الفرنسية فلم يكترثوا..... و بعد البعصة العربية الكبرى, استمروا في النوم في الحضن البريطاني الذي اسس لهم ممالك و مشيخات محمية استمرت ليومنا هذا....
تاريخ مليئ بالتبعية و الانهزامية و الركون و التسليم بالقوة و عبادة الغرب و السلطة ايا كان مستلمها......
ليس امرا جديدا ابدا.... لا في منطقتنا و لا لدى اي شعب من شعوب العالم... لكن الفارق هو ان الانهزاميين هم الاستثناء في تاريخ الشعوب, اما عندنا فان الانهزامية هي السائدة و الثوار و (المغامرين) هم الاستثناء ..... و ذلك شرف اضافي لهم.....