1-

في مساء يوم الاثنين 8 يونيو 1992 امتدت يد الغدر لتقتل علما من أعلام مصر ، فعند الساعة السابعة إلا ربع ، و بتحريض من مجموعة من المشايخ المتأسلمين ، قام شابان من تنظيم الجهاد بإطلاق دفعات متتالية من بندقية آلية على جسم المفكر فرج فوده ، و بعد ثمان ساعات من المحاولات المستميتة بقيادة كبير أطباء مصر حمدي السيد ، صعدت روح فرج فوده إلى سماء مصر التي أحبها ، فقد آن للفكر و التنوير أن يكون له شهداؤه . وهكذا تمت في منتصف عام 1992 أول حادثة اغتيال بارزة لمفكر مصري . تحولت جنازة فرج فوده يوم الأربعاء 10/6/1992 ، إلى مظاهرة شعبية مصرية تندد بالإرهاب و ترفع شعار الوحدة الوطنية الخالد ( الدين لله والوطن للجميع ) .
أراد لي الله أن أشرف بصداقة هذا الرجل الشجاع ، كما أكرمني الله أن أعادي قتلته المتنطعين و ألعنهم ، طيور الظلام سواء من حرض أو نفذ أو برر أو تشفى كأنه لن يموت .. لعنهم الله جميعا ، إذا جاز لعن الذئاب !!.
سيكون فرج فوده موضوعي في ذكراه العاشرة ، تقدست روحه في ملكوت مصر السرمدي !!.

من هو فرج علي فرج فوده .
1- ولد فرج علي فوده في مدينة الزرقا محافظة دمياط ، في 2/8/1945 . انتقل للحياة في مدينة شربين/ دقهلية حيث حصل على الثانوية العامة عام 1961 ، ثم حصل على بكالوريوس الزراعة عام 1967 ، من جامعة عين شمس .و أخيرا حصل على الدكتوراه في الزراعة عام 1981 من جامعة عين شمس أيضا .
2- عمل معيدا في كلية زراعة عين شمس ، ثم عمل فترة في اليمن خبيرا زراعيا ثم عمل في جامعة بغداد مدرسا ،و عاد ليفتتح مجموعة فودا لدراسات الجدوى الاقتصادية .و هو العمل الذي ظل يمارسه حتى اغتياله .
3- تزوج عام 1970 من زميلة له ، و أنجب ولدين و ابنتين .
4- انضم لحزب الأحرار ، ثم تركه لحزب الوفد الذي أصبح أحد قادته الشباب ، و لكنه ترك حزب الوفد احتجاجا على تحالفه مع الإخوان في انتخابات عام 1984 ، ثم تقدم بطلب تأسيس حزب جديد هو حزب المستقبل الذي رفضته لجنة الأحزاب ،و استشهد فرج فوده قبل البت في طلب جديد تقدم به لتأسيس نفس الحزب .
5- شارك في العديد من اللجان الخاصة بحقوق الإنسان و الوحدة الوطنية ، كما ساهم في الكثير من الندوات و المحاضرات و المناظرات التي تتصل بالصراع الفكري بين التيار التقدمي و التنويري و التيار المتأسلم الرجعي المتطرف .و أصبح فرج فوده بشجاعته و شعبيته و ذكائه رمزا معترفا به للاتجاه الأول . وكان من أهم أنشطته المناظرة التي عقدت ضمن أنشطة معرض القاهرة للكتاب يناير 1992 .وكان آخرها مؤتمر المنظمة العربية لحقوق الإنسان في مايو من نفس العام .
6- أصدر فرج فوده مجموعة من الكتب أهمها الوفد و المستقبل – قبل السقوط – الحقيقة الغائبة – حوار حول العلمانية – الملعوب – النذير – الإرهاب – نكون أو لا نكون . وقد صادر الأزهر الكتابين الأخيرين . كما كان فرج فوده صديقا لجميع قادة التنوير و رموزه في مصر ، و قد جمعته صداقة حميمة و رائعة بالعديد من الأصدقاء على اختلاف مشاربهم .

للموضوع تتمة

أكمل أنا متابع ومهتم جدا
بعد أن قرأت كتابه الحقيقة الغائبة شعرت بالأسى الشديد لأننا فقدنا مفكرا و ناقدا للفكر الظلامي لا يعوض.

أخي العزيز .
قرأت توقيعك فوجدت أنه ينطبق تماما على أئمة الضلال من المتأسلمين قتلة فرج فوده .

أسعدني اهتمامك و سأستمر .

فرج فوده صديق شخصي لأكثر من 30 سنة .

عزيزي بهجت الام ستظل خفافيش الظلام ترتــع و تصفق باجنحتها الجرابية فوق سماء مصر ، تنشر ارهابهــا و فكرها الغيبي في هواء شعب مصر الطيب !

لن تكون لهم الغلبة . و سنحاربهم يوميا ، و اينما كانوا ، حتى ولو على صفحات الانترنت .

ففرج فودة لم ولن يكون الوحيد الذي يرش المبيدات فوق جحورهم الفكرية . كلنا فرج فــودة .

استمر ، و شكرا لك .




مع تحياتي .

شكراً للانامل المعطاء، يا عزيزي بهجت.

اذا شئنا ان نتكلم عن كل مغدوري الرأي في عالمنا المظلم لاحتجنا لناد خاص بذلك.

بدءاً بعلي بن ابي طالب، مروراً بالحلاج وحسن البنا وانتهاءاً بالمعاصرين امثال فرج فوده ومهدي عامل وحسين مروه.

احتراماً لجرأتهم.
وليس من الضروري ان نوافق على آرائهم.

ودفاعاً عن حق البشر بالكلمة وتقديساً لحرية الانسان.

انصت اليك عبر الكلمات.

فرج فودة

كم يثير هذا الاسم الغصة, حين أدرك:
تردد طيور الظلام المقولة الاسلامية عن اليهود بأنهم "قتلة الأنبياء"

و أردف: أما آن لنا أن نتخلص من الاثنين معا:
قتلة الأنبياء.....




وقتلة









الملائكة ؟!!









::::::::::::::::


مودتي

الزملاء .
صديقي أوارفي ..نعم كلنا فرج فوده ، فالرصاصة التي أطلقها فرج فوده ستظل تدور في الشرق العربي حتى تصيب من أولئك الأوباش و فكرهم المتعفن مقتلا يوما ما .

الرفيق جيفارا ..كم هو جميل و مؤثر ( قتلة الملائكة ) و لست أدري أيهما أشد قسوة قتلة الأنبياء أو قتلة الملائكة ، ما أدريه هو أنهما معا جديرين باللعن .

الزميل المحترم قروي الجبل .. أننا لا نرثي النجوم بل نستمد منها الضياء ، رحم الله شهداء الرأي و الموقف جميعا ،و لعن قاتليهم .قتلة الملائكة .

فرج فوده كما عرفته .
قبل التعرض لفكر فرج فوده سوف أقدم شهادة شخصية أرجو أن يتسع لها صدركم .
إنني أعلن شهادتي الشخصية في هذا الموضوع..و يعلم الله أني حاولت أن أكون منصفا ، بصرف النظر عن رأيي الخاص. و ليس هدفي هنا الدخول في مناظرة حول المرحوم د / فرج ..و هو صديق أزعم أني أعرفه جيدا .. و لكنها شهادة أقدمها لكم ، أحاول فيها إن أكون مخلصا للحقيقة دون سواها ..و أستعيد قول أفلاطون ( إن حبي لسقراط كبير ..و لكن حبي للحقيقة أكبر ) ..

1- فرج الإنسان .. زاملت د / فرج لمدة 30 عاما أو تزيد ، و على فترات متباعدة من حياتي، رغم ذلك التباعد كنت أعده أقرب أصدقائي إلى قلبي ، و أكثرهم احتراما .. خلال تلك الرحلة اتفقنا في أشياء و اختلفنا في البعض . و لكنه ظل دائما صديقي الأثير ، كان فرج مثالا لعفة اللسان ، و قوة المنطق ، و فوق كل شيء الوطنية الصادقة .. كنت أراه أكثر المثقفين شجاعة في التعبير عن أفكاره ، و امتلاكا لناصية اللغة ، و كان دائما مقداما يتحدى إعصار طاغ ، و يواجه منفردا مارد التعصب المقيت ، الذي خرج من قمقمه يدمر كل شيء على وجه مصر بادئا بالمقامر الذي فك تميمته و أطلقه في سماء الوادي القديم ( السادات ) !.بالقطع لم يكن فرج فارس العصر القديم ، و لكنه رجل شجاع في صمت ، كريم في تواضع ، شديد الاعتزاز بنفسه و قدراته ، يحمل قلب طفل بريء ، و حماس عاشق أبدي ، لم يكن يؤمن فقط أن الإنسان مواقف ، بل سعى بكل طاقته لتحقيق ذلك !. حاولت قوى الظلام بشتى الطرق إسكات فرج فوده ، ليس بالمنطق و الحجة ، بل بالترهيب ، الذي وصل لخطف نجله ، و الترغيب فقد عرض عليه الشريف ( أحد رموز الإخوان الاقتصادية ) أن يدعم الإخوان أعماله ، و لكن بدون جدوى . وأدى موقف د/ فرج فوده إلى تعثر أعمال مكتبه الذي كان مزدهرا ..

2- فرج فوده المفكر . يرى البعض خاصة من حاسديه أن فوده كان عاشقا للشهرة باحثا عن الإثارة . ولكن هل هناك عاقل يريد أن يكون على قائمة الإرهابيين ؟ ناهيك إن يكون على رأس القائمة ، ولو كانت كل تلك التهديدات التي أعلن فوده أنه تلقاها محض دعاية ، فكيف نبرر أن هؤلاء الإرهابيون قتلوه بالفعل ؟.و هناك من يردد أن فوده قتل نفسه بأسلوبه الاستفزازي !. فهل نجا د/ فؤاد زكريا أو د / وحيد رأفت أو المستشار سعيد العشماوي أو د/ حسين أمين و غيرهم من محبذي النقاش الهادئ من قوائم الاغتيال الإرهابية ؟؟. إن الفرق بين د/ فرج و بينهم أنهم رجال فكر و هو رجل سياسة .. و لكل أسلوبه .. كما كان فرج أكثر جرأة و حماسا ، وأعتقد أن د / فرج بالغ في إضفاء مسحة ساخرة في كتاباته أحيانا ، كما بالغ في تبسيط أفكاره كثيرا ، مما جعل كتاباته تفتقد في بعض الأحيان الرصانة الفكرية ، و تصبح أشبه بالمحاضرات الشعبية ..و لكن هذا الأسلوب معروف و ناجح للغاية في السياسة ، و ليس في الفكر بالطبع ..و فرج فوده سياسي و ليس رجل فكر بالمعني العلمي الدقيق . و هذه حقيقة غابت عن الكثيرين .. ومن يعرف د / فرج جيدا يعلم أنه لم يحفل كثيرا بالثقافة المجردة .. بل هو دائما سياسي يبحث عن الدور المناسب !!!. و بسبب جاذبيتها و شعبيتها ، أعيد نشر الكثير من كتبه و مقالاته في معظم دول المغرب العربي و أيضا في بعض الدول العربية المشرقية و بعضها ترجم ، و بدون أي موافقة منه غالبا أو عائد مادي . و كان سعيدا للغاية بهذا الذيوع ، خاصة في الإعلام الغربي الذي جعل منه ( سوبر ستار ) صغير .. و لا أعتقد إن أحد يرفض النجاح .

يسعدني جداً أن يكون بيننا من تعرف على هذا "المفكر الجميل" وصادقه ورافقه .. وتهمني "شهادته" .... فلقد عرفت الدكتور الراحل من خلال كتبه، وأعجبت باسلوبه السهل اليسير وحججه الدامغة البسيطة التي يقذفها في وجه "الخفافيش من طيور الظلام" ....

قد يفتقد "فرج فوده" للرصانة الفكرية، ولكن مثل الدكتور الراحل مهم جداً في الدخول إلى عقول الطبقات البسيطة التي لم تنل حظاً كبيراً من الثقافة وما زالت تسكر من هذا "القات الفكري" الذي ما فتئت تبثه "طيور الظلام" على أعتاب المساجد وأماكن العبادة.

مهم جداً أن نتنبه إلى أن الناس العاديين بحاجة إلى منطق يسير بسيط نصفه شعاراتي، تماماً كجملة "الاسلام هو الحل" التي لا تقول شيئاً ولا تفصح عن أي محتوى ومع هذا ترى جميع "المغرر بهم" يرددونها مع يقين يثير الإعجاب ....

عظمة "فرج فوده" هو أنه "مفكر شعبي" يدخل إلى القلب بدون استئذان، وفي أحيان كثيرة أفضله على "نصر حامد أبو زيد" و"غالي شكري" رغم رصانتهما وتمكنهما من مواضيعهما ...

واسلموا لي
العلماني

3- فرج فوده السياسي ..أسس د/ فرج حزب المستقبل ( الخاص !!) و دخل الانتخابات مسقلا .. رشح فرج نفسه في دائرة شبرا التي سكنها طالبا ،و في ذلك عارضته أيضا ، حيث لا فرصة حقيقية له في الفوز ، لأنه بلا أي خبرة انتخابية ولا عزوة محلية ،كما لا يستطيع منافسة مرشحي الحزب الوطني . و كان رأي فرج فوده هو أنه يريد الانتخابات منبرا لإبداء رأيه خاصة في محاربة الفتنة الطائفة ، وكان شعاره ( الدين له و الوطن للجميع ) و ( الوحدة الوطنية هي الحل ) . كانت المعركة غير متكافئة .. فرد و حيد يواجه أشرس معركة في تاريخ مصر المعاصر .فالنظام الذي أطلق مارد التعصب و الإرهاب من قمقمه في عهد السادات و قف عاجزا في عهد مبارك و هو يراقبه يحصد الرؤوس ، و يحكم الصعيد . .كان الموقف يتجاوز أي منطق أو عقل .و كان هناك المشفقون على د / فرج بصرف النظر عن الخلافات في الرؤى و الفكر . حاولنا إثناء الرجل عن الاستمرار في معركة يخوضها بالنيابة عن النظام و عن أمة أخذت تنظر بلا مبالاة لمستقبلها تتقاذفها الرياح السوداء ..و لكنه أبى .. كان يتجه إلى مصيره بقوى قاهرة تتجاوز العقل و المنطق ..


4- فرج فوده مناضلا .. كان د / فرج حادا و قاطعا في مسألة العلمانية . كان يراها الحل الأوحد لمشكلة مصر .. و كان رفضه واضحا أيضا لتطبيق الشريعة الإسلامية بالصورة التي يدعوا إليها الاتجاه الإسلامي .. و عبر عن ذلك في الصحف كلها دون خشية . في حين كان النظام يتحايل على هذا الموضوع الشائك ، و لا يواجهه . فهناك من يقول إن مصر تطبق فعلا الشريعة الإسلامية ، و لا ينقصها سوى القليل لتطبيق الشريعة 100 % .. نعم هكذا!.و هناك من يطلب مزيدا من الوقت فقط . بينما التزم الرئيس الصمت الرهيب !. وجدنا أحزابا و قوى يسارية مثل التجمع و الناصريين و الشيوعيين إما مطالبين بتطبيق الشريعة ، أو مراوغين في الإجابة . و عندما ناقشت أحدهم كيف تنادي بالتطبيق الفوري للفقه الإسلامي ، و أنت ماركسي ؟ .. أجابني ، لو كان ماركس في مصر اليوم لنادى بتطبيق الشريعة!.كان هذا المناظر الماركسي يكتب في إحدى الصحف الممولة من السعودية ، و كان ملتزما بالسيناريو بدقة .بل و جدنا الرفيق الدكتور محمد عمارة يتحول إلى الداعية الإسلامي الكبير . و هي الصفة التي يجول و يصول بها الآن .!! . أصبح د / فرج فوده العدو الأول للجماعات الإرهابية في طول مصر و عرضها ، و تبرع بعض المشايخ مثل الشيخ صلاح أبو إسماعيل ، ثم الشيخ الغزالي بإباحة دمه . وهكذا تبلور موقفه الذي تفرد به في مواجهة الإرهاب في مصر . و خاض في سبيل ذلك معارك متوالية ، أبرزها معاركه مع الشيخ صلاح أبو إسماعيل ، و فهمي هويدي ، و الصحفي محمد الحيوان ، و غيرهم . و كانت قوائم الاغتيالات التي تضبطها قوات الأمن مع التنظيمات الإرهابية تبدأ عادة بفرج فوده .. و في المقابل سعت الحكومة إلى حمايته ، و لكن بشكل قاصر جدا . حيث و ضعت لحمايته جندي شرطة متقاعد !!!.

5- فرج فوده و الحكومة ..كان فرج فوده رجلا مستقلا فكريا لا يتبع سوى مبادئه ، و لهذا قام بالنشر في مختلف الصحف و المجلات الحكومية و المعارضة على السواء ، و حاول أعداؤه استغلال نشره في بعض الصحف الحكومية ، في التشكيك في موقفه كمعارض !. و تلك أيضا كذبة إيمانية معتادة من الأفواه المتأسلمة .
أ - ففي الوقت الذي كان ينشر مقالاته في صحف و مجلات ( قومية ) رفضت لجنة الأحزاب الحكومية تأسيس حزبه ( المستقبل ) ، و أجبرت بعض العمال الذين أسسوا معه الحزب على سحب التوكيل نتيجة التهديد !..
ب- هناك من ينسى أن د/ فرج كان وفديا متعصبا ، و قدم للمحاكمة بسبب تبنيه لعودة علم مصر القديم ( الأخضر بنجوم ثلاث ) و توزيعه على أصدقائه خاصة الوفديين ، و رغم انفصاله عن حزب الوفد عند المحاكمة ، فقد حضرناها جميعا كوفديين ، و شهدت قاعة المحكمة نموذجا من المرافعات الوطنية العظيمة حيث جال فيها رجال مثل الأستاذ إبراهيم طلعت ، ومازالت أذكره و قد دمعت عيناه و هو يقول ( إن هذا الشعار المريب كما تدعون استشهد من أجله أفضل شباب مصر .. هذا الشعار حمله سعد زغلول و ثوار 1919 ) . مازال هذا العلم بين أوراقي يذكرني بعصر كالحلم جميل و رجل عظيم اختلفت معه أحيانا و احترمته دائما .