لطالما اعتقدت أن المعارضة تبقى وطنية حتى تخرج خارج الوطن لتصبح – طوعا أو كرها – ورقة في يد الآخر .
رأي كهذا ، لم أكن أعتقد يوما أنه يمكن أن يقضي على أحلام كثيرة وقصور كنت يوما بنيتها لأكتشف أنها قصور من ملح ، لكن كونه كان بداية النهاية في دفع ثمن باهظ ، فإن الأمر ليس " سفسطة " ورأي تنظيري ، بل هو حقيقة .
مشكلة المعارضة السورية الأساسية أنها " سورية " .. فبكثير من التجرد والموضوعية ، فإنها ما كانت لتستطيع أن تمارس برامجها من الداخل إلا في عفن الأقبية والزنازين الإنفرادية ، أو في صمت القبور .. وكلاهما جزء من الثقب الأسود وليس من الواقع بأي حال .
أيضا ، لم يكن بمقدورها أن تمارس برامجها من حدود لصيقة .. فالمعارضة السورية في بلدان الجوار كعراق صدام مثلا لم تكن أكثر من " وديعة " أسدية في يد صدام تماما كما كانت المعارضة العراقية وديعة صدامية في يد الأسد .. والتقول بأن صدام حسين كان يدعم المعارضة السورية لسواد عيناها كان كالتقول بأن حافظ الأسد دعم المعارضة العراقية لذات السبب .. لوهلة كنت أتخيل أن كلاهما يسجن معارضة الآخر لديه لأسباب أكبر من المعارضات ، وأكبر من الأنظمة حتى .
تلك معادلة مستحيلة الحل .. لا معارضة في الداخل ، ومعارضة الخارج معطلة الحواس والإرادة معا ..
إذا ما الذي يمكن أن تفعله المعارضة داخل الشارع ؟
يبدو .. لا شئ ، وما فعلته لجان الدفاع عن الحريات وإحياء المجتمع المدني في سنوات قليلة كان كافية لإحداث حالة الحراك المجتمعي لو استمرت أكثر بكثير مما فعلته سنوات من الهجرة الحزبية السورية القسرية ومعارضة ما وراء الحدود .. ما وراء الحدود تماما !!.
إلا أنها الإنترنت ..
بعيدا عن الساحات الحوارية الحزبية جدا ، فقد كان منتدى اللجنة السورية لحقوق الإنسان الساحة الأرحب لاستيعاب الكل ، وكم كان رائعا أن هناك من كان يكتب من داخل سوريا وهي حالة ما كانت لتحدث لولا الإنترنت .
هذا الإختراق لقلاع الثابت العربي السلطوي والإجتماعي وحتى الديني والأخلاقي ماكان ليحدث لولا أن قرر " الكبار " إجبار الهيكليات السلطوية القبلية حول العالم على فتح هذه النافذة في جدران خيمهم إن بالترغيب أو الترهيب كما حدث قبل سنوات في مؤتمر الثمانية الصناعيون الكبار في اليابان عندما قرر هؤلاء " منح " الدول الفقيرة تسهيلات مالية لتحديث بناها الإتصالية التحتية في سبيل نشر " ثقافة الإنترنت " في تلك الدول .
هذا الخطر القادم من السماء ، حاولت بعض الدول العربية مقاومته طويلا والتضييق عليه كثيرا ، فهو غزو غربي لمفاهيمنا الإجتماعية تارة ، وهو " حرام " تارة أخرى ، ودخل علماء السلطان على الخط – كالعادة – لكبح جماح تلك الثورة .
لذا فإن سوريا كبلد يسبح خارج منظومة التاريخ الحديث ، كانت من أواخر الدول العربية التي سمحت بدخول هذا الذي سيدخل معه – رغما عنها – رياح التغيير .. أو لنقل : رياح التفكير .. حقيقة نحن بحاجة للتفكير قبل التغيير ، وإلا فما حاجة الصحراء القاحلة للمطر الغزير ؟!
بالنسبة لغير هؤلاء الذين وجدوا في الإنترنت " غرفة متعة " ، فقد أدت الإنترنت دورا وظيفيا هاما في برامج الإصلاحيين والتخريبيين على حد سواء .. المعركة انتقلت إلى الفضاء ولحقتها عيون وأفئدة وعقول ، وكلاب بوليسية أيضا .
كانت التهمة الأولى لمنتدى اللجنة السورية *أنه منتدى " إخواني " طائفي وهذا لم يكن صحيحا على الإطلاق ، فاللجنة السورية لحقوق الإنسان منظمة حقوقية غير نفعية ولا حزبية ولا حتى سياسية معارضة ، بل هي منظمة " مجتمعية " لا تختلف عن منظمات ظهرت في سوريا تؤدي ذات الغرض ، وربما فإن ما كان يعيبها في نظر هؤلاء أنها تنطلق من بلد غربي معادي لسوريا .. من بريطانيا .. لكن وهل للإنترنت وطن ؟؟!!
ما قد يوحي لمن لا يريد ولا يهمه أساسا أن يتعامل مع الأمر بموضوعية أنه منتدى إخواني ، أن الطيف الإخواني كان هو الطاغي على المنتدى بحكم نظرية النسبة والتناسب لا أكثر ، شيئا فشيئا وجدت الأحزاب الكردية طريقا إليه وعلا الصوت الكردي المعارض فوق جميع الأصوات ، ومن منتدى اللجنة انطلقت أصوات كردية إلى أحضان حزب الإصلاح السوري الذي أنشأته أمريكا لفريد غادري .. وهذه ليست بأي حال منقصة بالمنتدى بقدر ما كانت موضوعية بيضاء سمحت للكل دون استثناء أن يعبر عن وجهات نظره من خلاله .
والحديث عن منتدى صنع شيئا أو كاد .. أو حاول على الأقل ، حديث يطول ..
لذا ..
سيتبع
(f)
العزيز إيبلا .. وكيف للجدول أن يعود إلى النهر في الأساس ، ناهيك أن يقود جدولا آخر إليه ؟!
محبتي لك
(f)
*
http://forum.shrc.org/arabic/cgi/Ultimate....passCookie=true