...........:افتح عينك يا شحرور!
فتح شحرور عينيه على خلق عظيم جالسين فى جامع كبير يتسع لمئات المُصلين.
شحرور:
...........::المسجد الكبير بدمشق فى عهد الصالح إسماعيل
شحرور:
...........:
:الله يفتح عليك يا شحرور الى عدا عدا يا عم
شحرور:
...........:انا هسيبك وانت عيش حياتك يا قمر.. سلام
شحرور::طيب..سلام يا حُبى!
بدا من عدد المتواجدين انها خُطبة جُمعة...
أخذ شحرور يتفرس فى وجوه الناس من حوله وهُم مُنشغلون بين ذكر وقرأة القُرآن ....بدت الوجوه مألوفة , ثُم تذكر أنهم شوام من أهل دمشق.
جلس شحرور فى فُرجة وسط الحُضور ليستمع للخُطبة مثله مثل باقى المُصلين والناس يوسعون له فى ود وحُب فى الله قلما تجد مِثله.
وبعد قليل دخل شيخ مهيب من الباب الخاص بالخطيب فرقى المنبر فتطلعت إليه العيون واشرأبت إليه الأعناق, وساد الحاضرين صمتُ عميق كأنما على رءوسِهم الطير!
فحمد الله وأثنى عليه, وصلّى على نبيه عليه الصلاةُ والسلام , ثُم ذكر الجهاد وفضائله وكيف كان النبى وأصحابه يجاهدون المُشركين حتّى علت كلمةُ الله , وبلغت دعوة الإسلام إلى المَشرًق والمَغرب وأورث الله المُسلمين البلاد ,وجعلهم خُلفاء الأرض ما قاموا بالدين واستقاموا على طريقته ,فلمّا غيروا ما بأنفُسهِم غَيّر اللهُ عليهِم فَسلّط الأعداء على بَلادِهم يَنتَقصون أطرافها ,ويستأثرون بخيراتِها ,ويسومون أهلها الخَسفَ والهوان ويُذيقونهُم ألوان العذاب ,ابتلاءً من الله
(
لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ }الأنفال42
وأنّ آخر هذهِ الأُمّة لا يَصلُح إلا بِما صَلحَ بِهِ أولُها ,ولم يُصلح أولُها إلا بالجهاد فى سبيل الله ,ثُم ذكَر ما أَوجَب الله على أولى الأمر منهم ,ليستقيم بَهم امر معاشِهم ومعادِهم ,وما أوجَب على أولى الأمر من النُّصح للإسلام وأهلِه ,والقيام بِحماية بلادِهم وَسَدّ ثُغُورِهم حتى يأمنوا على دينهم ,وأعراضهم وأنفُسهم وأموالَهُم,فأيُّما سُلطان أو ملك أو أمير فَرَّطَ فى حِفظ بلاد المُسلِمين ,وعَرّضَها للوقوع فى أَيدى الكافرين ,فَقد أبرأ ذِمة الله والمُسلِمين منه ,وَخَلَعَ بِيَدِهِ طاعَتَهُ عليهِم ,وظَلمَ نفسه ,وعلى المُسلمين أن يَنصُروه ظالمِاً كما يَنصُرونهُ لو كان مَظلوماً. ونَصرُ الظالِم دَفعهُ عن ظُلمِه والحيلولةَ بينَهُ وبين ما أراد من تضييع بِلادِهِم ,وكِسرَ شَوكَتِهِم ,وتحكيم الأعداء فى رِقابِهم , وتمكين هؤلاءِ الأعداء من القَضاءِ على ما فى قُلوبِهم مِن عزَّة الدين ونِخوةِ الإسلام.
ثُم تلا قوله تعالى :
{
وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ }الأنفال60
وبَيّنَ ما فَرضَ اللهُ على المُسلمين من إعداد الأسلحة وآلات القِتال ورِباطِ الخيلِ, واتخاذِ الأساطيل فى البَحر , وسائِر وَسائل القُّوَّة , ليَكونوا شُهداء على الناسِ , ويُحققوا مِصداق قولِهِ تعالى : {
وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ }المنافقون8
ثُم خَلَصَ مِن هذا فذكَرَ تحريم بيع السِلاح للعدوِّ تحريماً باتاً لا رُخصة فيه ولا استثناءَ.
وندّد بِعُلماءِ السُّوء الذين يُفتون الناسَ بالباطِل ,ويُحرِّفون الكَلِمَ عَن مواضعِه , ويشترُون بآياتِ الله ثَمناً قَليلاً , ويَجبنُوُن عن الجَهر بكلمةِ الحقَّ , ويَخافون المُلوك ولا يخافُون مَلِكَ المُلوكِ ,
وقال : "أيُّما مُسلِم باع للعدوِّ سِلاحاً أو أَعان على بَيعهِ لَهُم فقد خَانَ اللهَ ورسوله وخانَ المُسلمينَ). وتلا قولَهُ تعالى :
وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُم
وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُم
وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُم
ردّدها ثلاثاً ثُم قَعدَ!
وَلَمّا أخذ فى الخُطبة الثَّانية جعَل يدعُو الله أن يُعِزَّ الإسلامَ وأهلَه , وأن ينصُر مَن فى بقائِه صلاحُ المُسلمين. وكان يدعو فى آخر خُطبته (للصالح إسماعيل) , فقطَعَ الدُعاء له فى هذه الخُطبة و دعا بِهذا الدُعاء :
اللهُم أَبرِم لهذِه الأُمة أمرا رشدا تَعزُ فيه وليك وتذل فيه عدوك ويعمل فيه بطاعتك وينهى فيه عن معصيتك..
والناس يبتهلون بالتأمين والدعاء للمسلمين والنصر على أعداء الله الملحدين
وفرغ الشيخ من خُطبته ,وأُُقيمت الصلاة , وشحرور ينظُر حوله ليرى رد فِعل الناس فكانوا لا يُصدقون ما سَمعوه من (الشيخ) فى خُطبَتِه , لِشدة ما حمل على الصالح الفاسد إسماعيل , ونَنّد بِفِعلتِه فى كلماتٍ واضِحة صريحةٍ لا غُموضَ فيها ولا إبهام. ولولا سماعهُم صوتَ الشيخ فى الصلاةِ وهو يقرأ الفاتِحة بِصوتٍ ثابت , لا أثَرَ فيه من اختلاف أو اضطرابٍ , كأنَهُ لَم يَقُل شيئاً جللاً على المنبَر , لظَنوا أن رأسهُ قد طار عن جَسَدِه,
واللهُ يعلم وحدهُ ما كان يجول فى نفوس أولئك المُصلين من , ويضطربُ فى قُلوبِهم من الخواطِرِ , بَعد أن سَمعوا تِلك الخُطبة العظيمة الهائلة , تُدوى كالرعد القاصِف فى أرجاء المسجِد الكبير!
انتهت الصلاة وخرج شحرور من المسجد مع الناس , ولا حَديثَ لَهُم إلا خطبةُ الشيخ (ابن عبد السلام) يَفخر من سَمعَها على من لَم يسمَعها , ويودُّ مَن لم يسمعها لو أنهُ خَسَرَ شطراً من عُمرِه ,وسمعها,واتفق السامعون على الإعجاب بِها , واختلفوا فى أوجُه الإعجاب فمَن مُعجب ببلاغة الشيخ , ومن مُعجب بقوةِ حُجّته ,مَن مُعجَب باطرادِ بيانه وَتَسلسُله , ومن مُعجب بِشجاعته ورباطة جَأشِه
كان شحرور يسمع أحاديث الناس بعد الصلاة..
وسمعهم يتفقون على الإشفاق على مَصير العز بن عبد السلام ,ولَكنهُم اختلفوا فى تقدير ما ينالُه من عُقوبة (الصالح إسماعيل) ,فمِن قاطع انه سَيَقتلهُ , ومِن ذاهب إلى أنه سيحبسُه , ومن مُرجّح لأنه سيًنفيه ويُصادرُ أملاكَه , وآخر يرى أنه سيَعزلُه عن الخطابة , ويُشتِّت شَملَ أنصارِه , على أنّهُم جميعاً آسفون , لأنهم لَن يسمعوه يخطُب على مِنبر جامعهُم بعدَ ذلك اليوم.
.................................................. ...............
...........:زعلان؟؟؟!!!
شحرور:
........... عارف أيه بقى يا علّامة عصرك؟!
شحرور::بصراحة مش فاكر الى حصل بالظبط بعد كدة بس أنا مُتأكد أن العز بن عبد السلام أعزه الله كثيراً بعد اليوم ده والمحن الى اتعرض لها بسبب الخُطبة الى خطبها!
...........:
مممم .يلا بينا نشوف الى هيحصل؟ ولا كفاية كدة عليك؟
شحرور:
...........:
شحرور:
...........:ههههههه ماشى يا شحرور
شحرور:
...........:طيب متزُقِش ..يلا بينا
و...إن غداً لناظره قريب