اقتباس: المغربي كتب
إسماعيل أحمد
أشم في كلامك رائحة ظلامية ولا شك أنك إسلامي، وربما كنت واحدا من الذين أرسلوا لي رسائل تهديد.
ولعلمك، أنا لا أتمسّح بالأوربيين ولوني أبيض وأجدادي أمازيغيين ووندالا جرمانيين وكانوا يصطادون الأفارقة الزنوج بالشباك ويتاجرون فيهم ويبيعونهم لأصدقائهم الأوربيين وأحيانا للعرب في الشرق لأن العرب في الشرق معروفون بحبهم للعبودية والرّق.
وإذا كنت اتخذت توقيعا عبارة عن رأس حافظ الأسد الممرّغ في التراب، فكن على يقين أنني أحتقر توقيعك لأنك فقط تريد الإنتقام. وإذا كان لك إلاه تؤمن به، فأنا لا أومن به، لك دين وليّ دين.
أما رسائل التهديد التي أرسلت إليك كما تزعم فاحتفظ بها وشد حفاضك على قفاك جيدا...! أخشى عليك من كوابيس العتمة يا شمام الروائح الظلامية:lol:
أما أجدادك البرابرة فيكفيهم ما أكرمهم الإسلام به إذ حولهم من قبائل بربرية لا يؤبه لها، فأعزهم الله بهذا الدين وجعل من أحد مواليهم قائدا عظيما وفاتحا تاريخيا يفتخر به كل مسلم...
حين تعود لذلك التاريخ الذي تتنصل منه يا صاحبي المنور عدو الظلام فستجد أن القانون الروماني القديم يفصل بين قانون للرومان وقانون للــبرابرة وهو قانون يشرع حق روما في استرقاق أسرى الحرب واستخدامهم كعبيد للعمل اليدوي الشاق!!
وكما قيل فقد استلهمت روما من اليونان القدامى تجربتهم مع طروادة لفرض (سلام) مع قرطاجنة بعد تدميرها دمارا شاملا ، ولم يكتمل سلامها إلا بعد أن بدأ من تبقى على قيد الحياة من أهل قرطاجنة ينطقون باللغة الرومانية وفقدوا لغتهم وذاكرتهم تماما مثلما حدث مع أهل طروادة من قبلهم ، حيث لم يكتمل سلام أسبارطة مع من بقي حيا في طروادة إلا بعد أن صاروا يتحدثون باليونانية ويحفظون أشعار هوميروس .
منذ ذلك الوقت كانت عقدة الاستعلاء والتفوق العرقي على "الآخر" تضاعف إنتاج مرضياتها وتشوهاتها الذاتية ، مثلما كانت تنتج مرضيات وعقد وتشوهات لدى الآخر إما من قبيل التماهي بالمنتصر ومحو الذاكرة الذاتية – الفردية والجمعية – و إما من قبيل العزلة والانغلاق على الذات ورفض الآخر رفضا أصوليا تاما .
من هنا عليك أن تعي بأن أصل كلمة برابرة جاء من اللغة اليونانية ، حيث استخدم اليونانيون القدامى ذلك المصطلح قبل الرومان للدلالة على الشعوب الأخرى ، فتسمية اليونانيين للمتحدثين الغرباء بكلمة بربر "Barbario" ، ومنها اشتقت الكلمة الانجليزية (Barbarian) أي الناس الذين يتحدثون دون فهم!!!
وهذه التسمية قد تكون ذات دلالة على موقفهم ، إذ ليس لدينا دليل على وجود اهتمام جدي لدى اليونانيين باللغات الأخرى
إن هذا المدلول لكلمة البرابرة (أي الذين يتكلمون دون فهم ) سينتقل إلى اللغة الرومانية ثم إلى كل اللغات الأوروبية للدلالة على الهمجية والتخلف ، علما بأن الأصل في استخدامها هو وصف (المتحدثين الغرباء) الذين كان اليونان ثم الرومان يجهلون لغاتهم . وهذا الجهل بالآخرين وبلغاتهم كان سببا كافيا لوصفهم بالبربرية.
وفي غمرة التقليد الأعمى والاستلاب للغربيين غزا مفهوم البربرة منطقتنا، وأصبحت شعوبنا ترى في بني ملتهم من البرابرة همجا متخلفين يهمهمون بما لايعقله البشر!!
وبعد استعمار المنطقة، بدأ المستعمر يعزف على نغمة الأقليات العرقية والدينية، وفجأة نسي الغربيون أنهم كانوا أول من اسس للعنصرية، فإذا بمن أطلق لفظ Barbarian يزعم أنه حريص على البربرية والتراث الأمازيغي، وبدأت دعوات مشبوهة بل منابر علمية لها وزنها تتبنى إحياء الأمازيغية! وإذا عنصريو الأمس يغدون المدافعين ذوي القدح المعلى في محاربة التمييز والعنصرية! وإذا نخاسو الأمس يتهجمون على غيرهم باتهامات الاسترقاق والاستعباد! وإذا الوحيد الذي يستخدم سلاحا نوويا في حربه مع أعدائه يطارد أنظمة العالم بتهمة تهديد السلم العالمي وامتلاك أسلحة الدمار الشامل! وإذا العنصريون الذين يكرهون كل الجويم ويؤدلجون كراهيتهم، يتظلمون أمام سمع وبصر العالم مما يسمونه كراهية السامية، والعالم يستجيب لهم!!
وإذا بالقطيع من المستغربين في منطقتنا يصدقون ابتسامة الليث ودموع التماسيح وحيل الثعلب، حتى يغدو شارون أقرب لبارازاني من أشقائه العرب المسلمين في العراق، وحتى تؤسس محاكم التفتيش لديمقراطية يحق لبعض المغفلين كزميلنا المغربي أن يروا عبرها كرامة وتنويرا أسبانيا لا تزال تنعم بعض أراضي المغرب تحت نيره -وربما نوره في نظرهم!-
المهم لغة الأرقام تتحدث
ويقينا ليس كل المغاربة الذين في المغرب (الكبير) اليوم من بقايا ما يسميه الأشقياء بالاحتلال العربي!
بل إن أكثر المغاربة من أهل البلاد الأصليين، ومع ذلك فهم جميعا قد اختاروا الهوية الإسلامية الحضارية عنوانا برغم أنف هذه النكرات التي تتحرك كالقطيع على أنغام الراعي الفرنسي الأسباني، ويوما ما سيكتشف الثور الأبيض (الأمازيغي المستغرب)أنه اكل يوم أكل أخوه العربي المسلم، وان من رأوه عنوانا للهمجية والتخلف يوما لم يكونوا أكثر من متلهين يعبثون به ليناوؤوا عبره وبدعمه عدوهم الأول ثم سيتفرغون له، ولن يكلفهم سقوطه أكثر من ان يكشفوا عنه دعمهم المؤقت، لولا أن السواد الأعظم من المغاربة أوفياء لهويتهم، واعون بما يتهددهم، ولهذا فقد حسموا خيارهم، وقد رأيناهم في الجزائر أكبر دول المغرب ينحازون بوضوح لخيار الأمة قبل أن يقطع عنهم المستغربون ما قطعوا، ويلبسوا البلاد ثوبا من الفتنة لم ينزع عنها حتى يومنا هذا...
في المغرب الصغير كانت تجربة العدالة والتنمية اليوم شاهدة على انحياز غالبية الأمة إلى خيار الهوية والانتماء لا لغيره مهما باض هؤلاء المستغربون وفرخت شياطينهم!!
وسيأتي يوم ينكشف الدعم عن هؤلاء فيعرفون مقدارهم الحقيقي على المحك، فيرغم أنفهم أو يعودوا إلى أمتهم كما يعود العبد الآبق إلى سيده حين تضيق عليه الدنيا بما رحبت ويعز الناصر ويهرب الصديق!
واسلموا تواصلا واحتراما(f)