في البداية احب ان اشكر الاخ خالد على تصحيح الايات القرانيه فالحقيقة اني لا املك جهاز كومبيوتر وقد كتب هذا الموضوع بسرعه يوم الخميس من غرفة المدير في العمل قبل ان ياتي لهذا فقد اخطأت بسرد الايات القرانيه .. تحياتي لك اخ خالد .
------------
اقتباس: ziohausam كتب/كتبت
والأهم .. متى كانت أول نسخة مترجمة بالعربية من الكتاب المقدس؟
أجب على هذا السؤال يا عزيزي...
وصلى اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
بالنسبة للاخ ziohausam احب ان اوضح على الاقل هذا الامر وللجميع ايضا للذين ليس عندهم ادنى معرفه به :
جاء في صحيح البخارى أن القس ورقة كان يكتب الكتاب العبراني فيكتب من الانجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب صحيح البخارى بشرح الكرماني 1 : 38 – 39
وجاء في صحيح مسلم أن القس ورقة كان يكتب الكتاب العربي ويكتب من الانجيل بالعربية ما شاء الله أن يكتب صحيح مسلم 1 : 78 – 79
وجاء في أبي فرج الأصفهاني أن ورقة كان امرأ تنصر في الجاهلية و كان يكتب الكتاب العبراني فيكتب من الانجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب ابن كثير السيرة النبوية 1 : 386
لئن كان الخلاف بين هذه الروايات ظاهرا ولكن بينها من حيث المعنى والمدلول وفاقا وكلها تشير إلى أن القس ورقة كان ينقل الانجيل من العبرانية إلى العربية وهذا الانجيل معروف في الكنيسة بالانجيل العبراني أو الانجيل بحسب العبرانيين وتشير لمعرفة القس ورقة للغة العبرانية التي كان ينقل منها إلى جانب لغته العربية
لم يعـــــرف في كتب السير والتاريخ عن القس ورقة مهمة غير هذه وهي نقل الانجيل العبراني وهذه المهمة مع تتبعه الكتب أكسبته صفة العلم حتى غدا من أهله ومن الراسخين في العلم وقد يكون النقل من لغة إلى لغة من أهم المهام للذين يوصفون بالعلم لذلك لم يعرف في زمن النبي وبحسب كتب السير والأخبار النبوية غير القس ورقة يعمل بالنقل والترجمة مما يدل على تفرده بهذا العمل الجليل
والكتاب الذي كان يعكف القس ورقة على نقله وتعريبه هو الانجيل العبراني المعروف لدى أباء الكنيسة والواسع الانتشار في الأوساط النصرانية
والقديس جيروم وجده في حلب ونقله من الآرامية إلى اللاتينية واليونانية واستشهد به أغناطيوس الأنطاكي وقرأه أوريجانوس في الأسكندرية وكليمندوس الأسكندري و أبيفان في قبرص والقديس أريناوس في آسيا الصغرى
ونقله القس ورقة في مكة إلى العربية البخاري 1 : 38 مسلم 1 : 78 الأصفهاني 3 : 114 ابن كثير 1 : 386
ومما يدل على أنه هو نفسه كان بين يدي القس تلك الصلة القريبة جدا بين تعاليمه وتعاليم القرآن العربي الذي ظهر في فترة زمنية واحدة أضف إلى ذلك اعتباره انجيلا خاصا بالشيعة الابيونية التى تأكد لنا انتماء القس إليها
ويبدو أن الانجيل العبراني هذا كان وحده دون سواه من الاناجيل بين يدي القس ورقة بدليل ذكره دون غيره في كتب السيرة والحديث وبدليل ذكر القرآن لانجيل واحد معرف بالألف واللام لا ترد فيه صيغة الجمع اطلاقا في حين أنه كان هناك أناجيل متعددة معروفة منذ العصر الأول للمسيحية
إن في رواياتها القانونية الأربع أو في رواياتها المنحولة ومنذ أوائل المسيحية كان المسيحيون يعرفون انجيل متى ومرقس ولوقا ويوحنا ومنذ العصر الثاني كان النصارى يعرفون انجيل بطرس وانجيل الرسل الإثنى عشر وانجيل النصارى وانجيل الطفولة وانجيل العبرانيين وغيرها
وذكر القرآن العربي لانجيل واحد دون غيره يثبت أن الانجيل العبراني هو وحده الذي كان معروفا لاسيما ونحن نجد فيه وفي القرآن وفاقا تاما في العقيدة والفروض والعبادات و أحوال الميعاد الأخير مما سنراه مفصلا في الفصل الأخير
أضف إلى ذلك اعتبار القرآن العربي الانجيل منزلا من عند الله على عيسى ابن مريم : وأنزل التوراة والانجيل القرآن 3 : 3 وقفينا بعيسى ابن مريم وآتيناه الانجيل 57 : 27 ويستشهد ببعض أمثاله في قوله : ومثلهم في الانجيل كزرع أخرج شطأه .... 48 : 29
ويستشهد به على صحة دعوة النبي : الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل 7 : 157
ويدعو أهله لأن يحكموا على صدق ما في القرآن : وليحكم أهل الانجيل بما أنزل الله فيه أى في القرآن 5 : 47 ويعتبره أخيرا هدى ونور 3 : 3 5 : 46
هذه الأدلة الخطيرة حقا تجيز لنا القول فعلا أن القرآن العربي عرف عن كثب الانجيل الذي كان القس ورقة بن نوفل ينقله إلى العربية وهو الانجيل العبراني الذي يأخذ الابيونيون بتعاليمه وفرائضه
في حين أننا لا ننكر وجود تعاليم نصرانية أخرى كانت تطوف في أجواء القس والنبي ومردها إلى اناجيل أخرى وكتب نصرانية أخرى وجدت بين شيع نصرانية عرفنا بوجودها في مكة
الأبيونيــــــــة
وهي فئة من اليهود المتنصرين التحقوا بالمسيح ورأوا فيه نبيا عظيما من الأنبياء لا يعترفون بلاهوته ولا ببنوته لله بل يقولون أنه رجل كسائر الرجال جاءه الوحي بعد معموديته على يد يوحنا المعمدان أو بالحري أن المسيح المبدأ الأزلي دخل يسوع يوم عماده وفارقه يوم استشهاده تقوم رسالته على التعليم والتبشير دون الفداء والخلاص ويقبل الابيونيون انجيل متى وحده ويسمونه الانجيل حسب العبرانيين وهو نفسه انجيل متى الآرامي ولكنه ناقص ومحرف ومزيف كما يشهد ابيفانوس أما فروضهم فترتكز علىالإغتسال الدائم بالماء للوضوء والتطهير وعلى تحريم الذبائح ويشددون على أعمال البر و الاهتمام باليتامى و العناية بالفقراء و المساكين و ابناء السبيل و يوصون بإعالة المحتاجين و اطعام الجياع
و إقراء الضيوف و الغرباء ... و أسمهم يدل على ذلك وهو من قول الميسح : طوبى للفقراء و بالعبرانية طوبى للابيونيون ذكرهم أريناوس ضد البدع و أوريجانوس في كتابه ضد سلسوس و أبيفانوس في كتابه الشامل في الهرطقات
دخل في شيعتهم معظم رهبان قمران بعد خراب هيكل أورشليم فهاجروا إلى الحجاز وانتمى إليهم بعض قبائل العرب
القيرنثيـــــــــة
نسبة إلى مؤسسها قيرنث تتميز بقولها أن ملكوت المسيح السماوي هو على المثال الأرضي و أن دور المسيح يقوم على تحرير شعبه من الحكم الروماني و الأجنبي وان مهمته هي سياسية واجتماعية
وتقول بأن الجنة السماوية هي متاع الجسد وشهوته يذكر أوسابيوس قيرنث في قوله : بما أنه هو نفسه يحب جسده وكان شهوانيا فهو يحلم أن هذا الملكوت يقوم على الأشياء التي يشتهيها أى الطعام والشراب ولذة الجسد
الكســـــــــــائية
نسبة إلى الكسائي تذهب في الغنوص إلى أبعد حد وتسمي أنصارها أهل العلم وتعلم في المسيح أنه بشر كسائر البشر و أن المسيح فارق يسوع قبل استشهاده وأن الروح القدس تارة هو أم المسيح فهو بالتالي مؤنث وطورا هو الملاك جبرائيل فهو مذكر
ويدعي الكسائي بأن ملاكا دفع إليه بالكتاب من السماء كان محفوظا في لوح مقدس نزله عليه جبرائيل وعلمه أسرار الحكمة والغيب
هذه هي شهادات التاريخ الكنسي على بعض الشيع النصرانية
وهي على ما يظهر تتفق مع شهادات القرآن العربي أقله في الأمور الأساسية مثل إنكار لاهوت المسيح وإعتباره نبيا عظيما والشبه الواقع على صلبه ومثل إقامة أحكام التوراة والانجيل والأهتمام بالمساكين ووصف الجنة السماوية ... وغيرها
ويكفي منها شهادة وجودها في مكة وتعرف القرآن العربي عليها إلا أن الجانب الأبيوني كان واضحا أكثر من سواه في حياة القس ورقة وممارساته الروحية وتحنثه في حراه
إن ما ظهر من أبيونية القس ورقة في حياته وممارساته الروحية وتعاليمه يدل على انتمائه الأكيد إليها فعدا عن تعاليمه التى ترى لها أثرا واضحا في القرآن عند كلامنا على ذلك في الفصل الآخير نتوقف الآن على ما عرف عنه في تحنثه في غار حراء مع عبد المطلب وعثمان بن الحويرث وعبيد الله بن جحش و أبي أمية بن المغيرة وغيرهم السيرة الحلبية 1 - 260 والتحنث هو التحنف والتبرر والتعبد الليالي الطوال وإقامة أعمال البر والاحسان سيرة ابن هشام 1 - 218 و 222
وذلك يقوم على الصيام شهرا كاملا في السنة وعلى إطعام الجياع والرأفة بالمساكين وعلى التخلي عن الناس والانقطاع إلى الله والتفكر فيه الأصفهاني في الأغاني 3 113
ويقوم أيضا على اعتزال عبادة الأوثان والامتناع عن أكل الذبائح المقربة إليهم وقراءة الكتب المقدسة والتأمل في قصصها طبقات ابن سعد 1 85
والأخذ بالختان والحج إلى البيت والغسل من الجنابة وتحريم الخمرة وما اهل لغير الله لسان العرب 10 - 402 الكشاف 1 - 178 الطبرسي 1 - 467 تفسير الرازي 13 - 57 و 14 - 10 و 17 - 171 تفسير الطبري 3 - 104 تاج العروس 6 - 77 لفظة حنف القرطبي 4 - 109 القاموس 3 - 130 ابن خلدون 2 - 707 وغيرهم
بهذه الصفات وصف القس ورقة ومن ذكرته كتب السير والأخبار مثل أبي بكر الصديق ورباب البراء و أسعد بن كريب الحميري وقس ابن ساعدة الآيادي وأبي قبيس ابن صرمة وغيرهم المسعودي في مروج الذهب 1 - 77
ولم تكن هذه العبادات بعيدة عن النبي فهو أيضا كالقس ورقة ومعه تحنث في غار حراء ومارس هذه الفرائض
لقد قيل عن القس ورقة أنه كلن على دين موسى ثم صار على دين عيسى عليهما الصلاة والسلام أى كان يهوديا ثم صار نصرانيا ( سيرة ابن هشام 1- 203 وقيل أيضا أنه كان نصرانيا ابن هشام 1- 175 و أيضا كان أمرأ قد تنصر في الجاهلية البخارى باب بدء الوحي 1- 3 ) هذا القول يعنى أن ورقة كان يأخذ بتعاليم موسى وعيسى معا .
آي كان يقيم التوراة والانجيل معا بحسب تحديد القرآن : يا أهل الكتاب لسنم على شئ حتى تقيموا التوراة والانجيل
( القرآن 5 – 68 )
ويعنى ثانيا أن ورقة كان مقتصدا في عقيدته لا يغلو في نظرته إلى المسيح . كوفد نجران المسيحي القائل بألوهية المسيح و لا يقتصر على موسى كاليهود الذين ينكرون على عيسى نبوته . فورقة إذن يكون من اليهود – المتنصرين أى من اليهود الذين تنصروا و اعتقدوا في المسيح نبيا أتي يكمل ناموس موسى دون أن يكون إلها أو إبنا لله ويعنى أخيرا أن بعضا من العرب قد إستجاب لبشارة المبشرين من النصارى ولم تبق النصرانية وقفا على الغرباء عنهم .
وشهد التاريخ الإسلامي على تنصر أحياء كثيرة من العرب ودل خاصة على دخول النصرانية بعض قبائل مكة والحجاز . وأشار بوضوح ألى اعتناق بعض بطون قريش لها . و أخصها فرع عبد العزي بن قصي .
قال اليعقوبي في تاريخه : و أما من تنصر من أحياء العرب فقوم من قريش من بني أسد بن عبد العزي . منهم عثمان بن الحويرث بن أسد بن عبد العزي و ورقة بن نوفل بن أسد ... ( تاريخ اليعقوبي 1- 157 )
و أشار أيضا إلى تدين قبيلة قريش كلها في قوله وكانت العرب في أديانهم على صنفين :
ألحمس و الحلة فأما الحمس فقريش كلها ( المرجع نفسه 1- 256 ابن هشام 1 –184 الحمس : التشدد حتى التزهد والتأله حاشية 2 الطبقات 1 – 72 ) وأوضح معنى هذا التدين قائلا: كانت قريش و عامة ولد معد بن عدنان على بعض دين إبراهيم يحجون البيت ويقيمون المناسك ويقرون الضيت و يعظمون الأشهر الحرم وينكرون الفواحش والتقاطع والتظالم و يعاقبون على الجرائم فلم يزالوا على ذلك ما كانوا ولاة البيت ( تاريخ اليعقوبي 1- 154 )
ويذكر ابن هشام أن كنانة وخزاعة قد دخلوا معهم في ذلك أى مع قريش في ألحمس أنظر طبقات 1- 72
و يؤكد الأزرقي في آثار مكة نصرانية قريش وتدينها في قوله وجعلوا في دعائمها صور الأنبياء وصور الشجر وصور الملائكة . فكان فيها صورة إبراهيم الخليل شيخ يستقسم بالأ زلام وصورة عيسى ابن مريم أمه وصور الملائكة .
ولما كان يوم فتح مكة دخل رسول الله البيت وأرسل الفضل بن العباس بن عبد المطلب فجاء بماء زمزم ثم أمر بثوب فبل بالماء و أمر بطمس تلك الصور . فطمست وقال ووضع كفيه على صورة عيس ابن مريم و أمه عليهما السلام وقال : أمحوا جميع الصور إلا ما تحت يدي فرفع يديه عن صورة بن مريم وأمه ( أخبار مكة وما جاء فيها من آثار للأزرقي 1- 165 )
أما الكلام على تنصر الكثير من أحياء العرب وقبائلهم فيشهد له المؤرخون و أهل السير عامة . يقول ابن قتيبة : أن النصرانية كانت في ربيعة وغسان وبعض قضاعة ( المعارف لأبن قتيبة الدينوري ص 621 )
ويقول اليعقوبي في تنصر تميم وربيعة وبني تغلب وطيء ومذحج وبهراء وسليخ وتنوخ ولخم ( تاريخ اليعقوبي 1- 257 )
ويشهد الجاحظ بقوله : كانت النصرانية قد وجدت سبيلها بين تغلب وشيبان وعبد القيس وقضاعة وسليخ والعباد وتنوخ ولخم وعاملة وجزام وكثير بن بلحارث بن كعب ( كتاب الحيوان للجاحظ 7- 216 )
هذه الشهادات وغيرها في كتب السير والأخبار تدل على وجود نصراني واسع في مكة والحجاز وسائر أنحاء الجزيرة العربية وبلاد الشام . وتدل على تغلغل النصرانية إلى شبه الجزيرة العربية وأعتناق الكثيرين لها
وهو ما يبرر وجود فس عليها يدير شؤونها الروحية و يرعى أمورها الزمانية و الاجتماعية وهو القس ورقة بن نوفل قس مكة و قبيلة قريش
و الجدير بالذكر أن كتاب السير و الاخبار شهدت على نصرانية فرع عبد العزي بن قصى ولاذت بالصمت
حيال فرع عبد مناف ولا ندرى إذا كان الصمت جهلا أو تنكرا
وكلا الإثنين لا يجوز : فالجهل مردود على أصحابه لأن معرفتهم تعدت إلى فرع لا أهمية له بالنسبة إلى سيرة النبي وهو فرع عبد العزي والتنكر هو تزوير للتاريخ .
والنصرانية غزت فرع عبد مناف كما غزت فرع عبد العزي من قريش ويثبت ذلك تأرجح كتاب السير بين أن يصوروا لنا أجداد النبي على الإيمان والهداية وبين أن يكونوا على الوثنية والشرك ويميل المسعودي إلى الرجيحة الأولى مروج الذهب للمسعودي 2 - 108
أما نصرانية القس ورقة فكانت تقوم على ما كانت تقوم عليه النصرانية في تاريخ الكنيسة وقيل عن ذلك أن القس ورقة كان أحد من اعتزل عبادة الأوثان في الجاهلية وطلب الدين و قرأ الكتب و امتنع عن أكل ذبائح الأوثان الأصفهاني في الأغاني 3 – 113
وقيل أيضا أنه كان رابع أربعة تركوا الأوثان والميتة وما يذبح للأوثان طبقات ابن سعد 1 - 162 الســـيرة المكية 1 – 110 ابن هشام 1 : 204 – 215
وهم عبيد الله بن جحش بن أميمة بنت عبد المطلب عمة النبي وقد مات نصرانيا في أرض الحبشة تاركا امرأته أم حبيبة التي تزوجها الرسول من بعده سيرة بن هشام 1 - 206
وعثمان بن الحويرث ابن عم ورقة بن نوفل وخديجة بنت خويلد زوجة محمد تنصر بأرض الروم وحسنت منزلته عند القيصر وكان يقال له البطريق لا عقب له مات بالشام مسموما سيرة بن هشام 1 - 206 في حاشية 1
وزيد بن عمرو بن نفيل الذي قال فيه النبي : أنه يُبعث أمة وحده سيرة بن هشام 1 – 208 وهو ابن أخي الخطاب اشتهر عنه انه نهى عن قتل الموءودة سيرة ابن هشام يقول للرجل إذا أراد أن يقتل أبنته لا تقتلها انا أكفيكها مؤونتها فيأخذها .... صحيح البخاري 5 – 51
هؤلاء الأربعة من فرعى عبد العزي وعبد مناف على السواء اشتهروا بتنصرهم وفق الواجبات و الفروض النصرانية المتبعة في الكنيسة المعروفة في مقررات مجمع أورشليم الرسولي المعقود 49 م وهى تقوم على الامتناع عن نجاسات الأصنام والفحشاء والمخنوق والدم أعمال الرسل 15 : 20 – 29 كما تقوم على الأخذ بناموس موسي و انجيل عيسى على السواء وعلى الختان والمعمودية معا .....
إلا أن نصرانية القس ورقة وندمائه الثلاثة الآخرين تختلف على ما يبدو عن نصرانية مقررات مجمع أورشليم المنسوب ليعقوب الرسول – لأن نصرانية يعقوب تؤمن بألوهية المسيح و بنوته لله وتحتكم بتعليم الانجيل و تعتقد بصلب عيسى و قيامته من بين الأموات
في حين أن نصرانية القس ورقة و زملائه تنكر ألوهية المسيح و بنوته إلى الله إنكارا مباشرا وترفض صلبه وقيامته رفضا قاطعا وذلك على ما يظهر تبعا لشيعة في النصرانية معينة انتمى إليها القس و معظم قبيلة قريش واعتنقوها و أقاموا فروضها وواجباتها وهي الشيعة الابيونية
قيل في القس ورقة أنه كان نصرانيا قد تتبع الكتب وعلم من علم الناس سيرة ابن هشام 1/175 سيرة ابن كثير 1/167
تاريخ الطبري 2/244. وقبل فيه أيضا انه استحكم في النصرانية واتبع الكتب من أهلها حتى علم علما من أهل الكتاب ( المرجع نفسه 1/205 . وقيل كان قد تنصر واتبع الكتب ( المرجع نفسه 1/ 145 السير الحلبية 1/263 . ... هذه الأقوال في وعيه هذا العلم . فهو يأخذ من أهل الكتاب أي من التوراة و الانجيل ومن علماْء النصارى الموصوفين في القرآن بالراسخين في العلم 4/ 162 3/7 وبأولى العلم 3/ 18 و بالذين جاءهم العلم 3/19 10/ 93 و بمن عنده علم الكتاب 13 – 43 27/40 وبالذين أوتوا العلم 58 - 11 47/16 30 - 56 29/49 28/80 27/42 22/54 17/107
وكان محمد بن اسحق صاحب السيرة يعتمد على أهل الكتاب ويسميهم أهل العلم الأول قال : حد ثنى بعض أهل العلم من أهل الكتاب الهمدانى الاكليل 1/ 13 أنظر الفهرست لابن النديم ص 176
و للعلم في القرآن و السيرة كما لأهله مكان مرموق كالمكان الذي يحتله عند أهل الغنوص والمعرفة في الشيعة الكسائية من النصارى هؤلاء تناط بهم معرفة الحق ولكثرة ما يعرفون عن الحق تراهم خاشعين متعبدين يفيض الدمع من عيونهم . وعبر القرآن عن حالهم بقوله عنهم : ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق 5 – 83
ويقوم علمهم على معرفة الكتاب بتمامه وكماله فهم الذين أتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم 2 – 146 و 6 – 20
وما أصحاب الأعراف إلا رجال يعرفون الناس بوجوههم ويدركون عنهم كل خفي مكنون على الأعراف رجال يعرفون كلا بسيماءهم 7 – 46
هؤلاء العالمون يرفعهم الله إليه كما يرفع المؤمنون به يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات 58 – 11
وهم يفرحون بما لديهم من العلم فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم 40 – 83
لأنهم يرون أن كل ما نزل من الله حق هو ويرى الذين أوتوا العلم الذي نزل إليك من ربك هو الحق 34 –6 وهم يلبثون في كتاب الله متأملين فيه دون سواه من الكتب وقال الذين أوتوا العلم والايمان لقد لبثتم في كتاب الله 30 – 56 لأن كتاب الله هو لأصحاب العلم آيات بينات : بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم 29 – 49
أصحاب العلم هؤلاء يحق لهم أن يشهدوا مع الله وملائكته على صحة الإسلام وعلى رسالة محمد : شهد الله ... والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط .... أن الدين عند الله الإسلام 3 – 18
وتكفي شهادتهم : قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب 13 – 43
أهل العلم هم في القرآن النصارى المسلمون قبل المسلمين : وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين 27 – 42
والذين أمنوا بالقرآن قبل سواهم الراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا 3- 7
الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك 4 – 162
صفة العلم هذه ليست غريبة على القسيسين والرهبان خاصة فخطب القس ابن ساعدة شهيرة في كتب الأدب وشهرة الراهب بحيرا الذي تعرف عليه النبي في أسفاره إلى الشام بعيد الأثر في نفوس أهل قريش وقد قيل عنهم انتهى إليه علم النصرانية سيرة ابن هشام 1 –165 السيرة الحلبية 1 – 130 تاريخ الطبري 2 –277
والراهب عداس النينوي كان يرقي محمدا بما يعرفه من الكتب السيرة الحلبية 1 – 267 السيرة المكية 1 – 173
وراهب آخر من الشام يدعى عيصا أتاه الله علما كثيرا السيرة الحلبية 1- 78
وآخر في عكاظ كان على علم في الطب ذهب إليه محمد برفقة جده عبد المطلب يطلبمنه شفاء عينيه من رمد أصابهما المرجع نفسه 1 –135 .... وغيرهم و غيرهم
ولا يستبعد بل يستغرب حقا ألا يكون القس ورقة كأحد الغنوصيين الكسائيين المتبحرين في الكتب حتى غدا عالما بها عارفا بقصصها مفسرا لها شارحا بيناتها مبشرا بتعاليمها ممارسا فرائضها قائما على عبادتها مفصلا أسرارها كأنه الخبير الحكيم الذي قصده القرآن العربي في قوله : ألر : كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير 11- 1
ألر . و ألم وغيرها من الحروف السرية الواردة في أوائل السور ... يقول فيها المفسرون : الله أعلم بمراده ألر ترد هكذا خمسة مرات و ألم ترد ستة مرات وتبتدئ الآيات بعدها بأمر إلهي في أهمية الكتاب ووحيه الألهي مثل ألر تلك آيات الكتاب و ألر كتاب أحكمت آياته و ألم تنزيل الكتاب وقد تعني ما كان يرد عادة على لسان الأنبياء : قال لي الرب وفي الآرامية أمر لي مرهو و الاختصار = أ . ل . م وذلك للدلالة على مصدر الكتاب الإلهي
القراءة العربية للكتاب العبراني
القرآن لغة يعني قراءة وهو مصدر آرامي للفعل قرو نقري قريونو ويعني قراءة أو تلاوة نص مكتوب وقد ورد معرفا بالألف واللام 58 مرة وفي صيغة النكرة 12 مرة والجدير بالذكر أن صفة عربي تتبع صيغة النكرة وهي ضرورية للدلالة على أن القرآن في ترجمته العربية هو منزل أيضا كما في أصله : أ أعجمي وعربي ! قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء القرآن 41 : 44
ألا أنه وضع بلسان عربي ليعقله العرب : وأنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون 12 : 2 وإنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون وأنه في أم الكتاب لدينا 43 : 3 - 4 وليتبينوا تفاصيله : كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون 41 : 3 ويتعرفوا على أخباره وقصصه : نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن 12 : 3 ويهتدوا به من كل عوج وضلال : وقرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون القرآن 79 : 28
أعطي في اللغة العربية ليتمكن محمد من قراءته وحده دون الاتكال على سواه : اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا 17 : 14 وليتمكن أيضا من أن يبشر به مكة وسائر القرى وينذرها ويبلغها رسالة ربه :
أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى وما حولها 42 : 7 ولو حصل العرب عليه بلغته الأعجمية لما أدركوا تفاصيله وأخباره ولكانوا قد تمنوا نقله إلى لغتهم : ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته 41 : 44 وبالعكس أيضا : لو حصل عليه العجم بلغة عربية لما آمنوا به : ولو نزلناه على بعض الأعجميين فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين 26 : 199
نستنتج : أن القرآن العربي هو قراءة عربية للكتاب الأعجمي نقلت أخباره وفصلت بلسان عربي مبين ليدركها العرب ويؤمنوا بها
القراءة المفصلة للكتاب الأعجمي
التفصيل بحسب مفهوم القرآن يعني أمرين أولهما يعني تعريبا ونقلا من لغة إلى لغة ليدرك السامعون مضمونه ويعملوا بموجبه وقد تمنى المكيون أن يعرب لهم الكتاب فلبى محمد ( ؟ ) أمنيتهم وبقوله القاطع : ولو جعلناه قرآنا أعجميا ( كما هو عليه الكتاب العبراني ) لقالوا لولا فصلت آياته 41 : 44
أى لولا ترجمت آياته إلى لغتهم ! وأكد لهم أن الكتاب الأعجمي نقل إلى العربية بواسطة خبير حكيم نقل آيات الكتاب الأعجمي إلى لغة عربية بينة : كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا 41 : 3 كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير 11 : 1
والأمر الثاني يعني تفريق آيات الكتاب وتبويبها وجعلها فصلا فصلا وسورة سورة وتقديمها للناس بحسب مقتضي الأحداث والمناسبات ولأجل حفظها بسهولة وتذكرها بيسر وسرعة وقد ردد محمد ( ؟ ) قصده هذا مرارا وقال : وكذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون أنظر القرآن 7 : 32 9 : 11 30 : 28 10 : 5 وغيرها
وهو الذي أنزل عليكم الكتاب مفصلا 6 : 114 ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم 7 : 52 وقد فصلنا الآيات لقوم يذكرون 6 : 126 وكل شئ فصلناه تفصيلا 17 : 12
وهذا يعني أن الكتاب العربي تصرف بآيات الكتاب العبراني تيسيرا للذكر : ولقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا 17 : 41 ولقد صرفناه بينهم ليذكروا 25 : 50 ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن من كل مثل 17 : 89
وأنزلناه قرآنا عربيا وصرفنا فيه أنظر أيضا 20 : 113 18 : 154 46 : 27 6 : 46 6 : 65 6 : 105
نستنتج أن القرآن العربي هو تفصيل الكتاب ( العبراني ) لا ريب فيه 10 : 37
القراءة المصدقة للكتاب العبراني
لئن تصرف القرآن العربي بتفصيل آيات الكتاب الأعجمي بحسب مقتضى الظروف والأحوال : أنظر كيف نصرف الآيات 6 : 46 فأنه يبقى مصدقا للكتاب الأصل
ولئن غير فيه التفصيل بعض الشئ لكن تعليمه يبقى أيضا مصدقا لتعليم الكتاب الأصل وقد ردد محمد ( ؟ ) هاجسه هذا مرارا ليبرهن للناس صدق ما ينقل إليهم من الكتاب الذي بين يديه وليشهد لهم أن كتابه العربي إنما هو بالفعل تصديق للكتاب العبراني وهو الحق مصدقا لما بين يديه 3 : 3
فلنسمع ولو كان فيما نسمع ترداد وتكرار قال : هذا كتاب مصدق لسانا عربيا 46 : 12 هذا كتاب أنزلناه مبارك ومصدق الذي بين يديه 6 : 92 نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه 3 : 3
أنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه 2 : 97 ومصدقا لما بين يدي من التوراة 3 :50 5 : 46 إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة 61 : 6 والسامعون يعرفون ذلك تمام المعرفة خاصة الكتابيين منهم : لما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم .... 2 : 89
يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما أنزلنا مصدقا لما معكم 4 : 47 يكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقا لما معهم 2 : 91
نستنتج أن التوراة والانجيل أو بعضا منها كان بين يدي محمد ( ؟ ) يفصلها بالحق ويتصرف بها لتيسير الذكر وينقلها بالصدق ولم يكن هذا الكتاب العربي لمحمد حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه 12 : 111
القراءة الميسرة للكتاب العبراني
من مميزات القراءة العربية للكتاب العبراني أنها ميسرة أى أنها تدرك بسهولة وتفهم بسهولة وتحفظ بسهولة وهي ميسرة لمحمد ولجماعته معا يسرها الله له ليقوم برسالته على أكمل وجه ويسرها لجماعته بلسان عربي مبين ليفهموا تعاليمه ويتذكروها ويرتلوها وهذا قصد محمد ( ؟ ) وقد أعلنه مرارا فلنسمع ولو في السمع تكرار وسأم
وقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مذكر 54 : 17 ويسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون 44 : 58 ويسرناه بلسانك لتبشر به المتقين وتنذر به قوما 19 : 97
وعلى المتقين أن يقرأوا ما تيسر لهم من الآيات فدعاهم بقوله : إقرأوا ما تيسر من القرآن 73 : 20 وقد يساعد الترتيل على تيسر القرآن فيكون أسهل حفظا وأقرب منالا وأيسر تذكرا
فطلب الله ( ؟ ) من نبيه أن يقوم بالترتيل : رتل القرآن ترتيلا 73 : 4 وطلب ( ؟ ) إليه أيضا أن يقوم بتلاوة الآيات ليعرف الذين عندهم الكتاب _ الأصل إذا ما تلي عليهم القرآن أنه من عند الله فيخرون ساجدين : والذين أوتوا العلم من قبله إذ يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا 17 : 107
أن فضل القراءة العربية على الكتاب الأعجمي أنها أصبحت ميسرة بلسان عربي مبين يفهمها العرب ويحفظونها بسهولة ولا غرابة في الأمر فالله لا يرسل رسولا إلا بلسان قومه ليتبين لهم الحق واضحا :
وما أرسلتا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم 14 : 4 ولا مبرر للناس ألا يفهموا إذ لو بقي الكتاب أعجميا لرفعت عنهم وعن صاحبه كل كلفة : لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين 16 : 103
نستنتج أن محمدا ( ؟ ) رغب في أن يكون للعرب كتاب بلسانهم ليتبينوا تعاليمه ويؤمنوا بآياته وبذلك زالت الحجة عنهم عندما تيسر لهم بلغتهم كل شئ
القرآن العربي تذكرة للكتاب العبراني
التذكرة بحسب مفهوم القرآن تعني أمرين : الأول خلاصة أخبار الأنبياء السابقين وقصصهم وتعاليمهم وأمثالهم والثاني يعني تذكيرا لما ورد في التوراة والانجيل
بالنسبة إلى المعنى الأول نقول لم يكن هم محمد ( ؟ ) أن ينقل إلى المتقين من العرب الذين تجاوبوا مع دعوته كل أسفار العهدين القديم والجديد بل بعضا منها ما يناسب حالهم وعقيدتهم ومقدرتهم وأكد ذلك بقوله المتكرر كلا أنه تذكرة 74 : 54 وكلا أنها تذكرة 80 : 11 وأنه تذكرة للمتقين 69 : 48
أما الذين أوتوا العلم والراسخون فيه فليسوا بحاجة إلى تذكرة لأنهم يعرفون كل الكتاب بآياته المحكمات كما بآياته المتشابهات 3 : 7 في حين أنه تذكرة كافية للعرب ليحصلوا على الخلاص : أن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا 73 : 19 لآن العرب لم يؤتوا من العلم إلا قليلا 17 : 85 ولا يؤمنون إلا قليلا 2 : 88 4 : 46
كما لا يذكرون الله إلا قليلا 4 : 142 7 : 3 27 : 62 40 : 58
ولبساطته وسهولة تعاليمه وقصصه حفظه النبي دون تعب ولا عناء : وما أنزلنا عليك القرآن لتشقى ألا تذكرة لمن يخشى 20 : 2- 3
ينتج عن هذا المعنى أن القرآن العربي هو ملخص سهل أو خلاصة كافية للتذكير بالتوراة والانجيل وقد أعطيت هذه الخلاصة للعرب دون سواهم من أهل العلم قصد التخفيف عليهم : وذلك تخفيف من ربكم ورحمة 2 : 178
والمقصود هو هذا التخفيف : يريد الله أن يخفف عنكم 4 : 28 الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا 8 : 66
لأن العلم الكثير لمن لا يتمكن منه يؤدي إلى القنوط : وما أوتيتم من العلم إلا قليلا 17 : 85 ومن أعرض عن هذه التذكرة لا يكون بغير لوم : فما لهم عن التذكرة معرضين ؟ 74 : 49
أما بالنسبة للمعنى الثاني فأن دور محمد ( ؟ ) يقوم على أن يذكر الناس بأنبياء الله وتعاليمهم : ذكر إنما أنت مذكر 88 : 21 وراح محمد يذكر : وأذكر في الكتاب ابراهيم 19 : 54 وأذكر في الكتاب موسى 19 : 51 وأذكر في الكتاب إسماعيل 19 : 54 وادريس 19 : 56 وعبدنا ايوب 38 : 41 وأليشع وذا الكفل وكل من الأحبار 38 : 48 وابراهيم واسحاق ويعقوب 38 : 45 وأذكر أخا عاد 46 : 21 وأذكر في الكتاب مريم 19 : 16
أذكر ... لعل الذكرى تنفع : ذكر إن الذكرى تنفع المؤمنين 51 : 55 وغلب على القرآن العربي اسم الذكر الحكيم وردت كلمة ذكر بمعنى القرآن للدلالة عليه أكثر من 60 مرة
وكم كان يوجه محمد ( ؟ ) لومه إلى الذين لا يتذكرون وكان يعاتبهم : أ فلا تتذكرون 6 : 80 32 : 4 وغيرها
الأمران يعنيان أن القرآن العربي هو ذكر لكتاب سابق يعتمد محمد عليه في كل حين وكلاهما يعني أن مضمون الكتاب العربي هو نفسه مضمون الكتاب السابق عليه وقد استوحى منه محمدا كل شئ
والكتاب السابق على ما رأينا في كتب السير وعلى ما سيتضح أمره هو ذاك الكتاب الذي كان بين يدي القس ورقة يعمل على نقله وتفصيله وقد كان محمد يحضر نقله طوال 44 عاما
الحقيقة تقضي أن نقول : أن محمدا لم يكن يعرف أية لغة أجنبية وأظن أن المذهولين يقبلون ذلك دون صعوبة لأنهم يذهبون إلى أبعد من ذلك ويحكمون بجهل محمد القراءة نفسها
هذا يعني إذا صح أن ليس محمد هو الذي فصل الكتاب العبراني وليس هو من بين آياته وليس هو من يسره بلسان عربي مبين جل ما كان لمحمد أن يصنعه هو أن يكون للعرب نذيرا ولجماعته بشيرا وللكتاب مبلغا
جاء في القرآن : وما أرسلناك إلا بشيرا ونذيرا 25 : 56 34 : 28 17 : 105 وتردد هذا القول : إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا 2 : 119 33 : 45 35 : 24 48 : 8 يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك 5 : 67
وهل على الرسل إلا البلاغ 16 : 35 5 : 92 13 : 40 24 : 54 29 :18 36 : 17 42 : 48 وغيرها
فما ينسب إلى محمد إذن هو بالحقيقة إلى القس ورقة الذي فصل آيات الكتاب ويسرها بلسان عربي ولخص مضمون الكتاب والحكمة لتستطع جماعة مكة النصرانية العربية أن تكون على مستوى اليهود _ المتنصرين ولقد حقق القس العظيم نجاحا باهرا لما وقع اختياره على محمد التلميذ البالغ الذكاء
ومع هذا ما نزال نسأل : أين هو هذا الكتاب السابق الذي اعتمده القس والنبي ؟ وما هو هذا الكتاب ؟ وما هي تعاليمه ؟ أهو التوراة والانجيل معا ؟ وأى توراة وأى انجيل ؟
ونحن نعلم أن هناك كتبا كثيرة في التوراة وحول التوراة منها ما هو رسمي ومنها ما هو منحول ونعلم أيضا أن نسخا كثيرة من الانجيل وعن الانجيل منها ما هو رسمي ومنها ما هو منحول
إلا أن القرآن العربي يذكر الانجيل كأنه واحد لا غير يذكره معرفا بالألف واللام 12 مرة وأن كتب السيرة تذكره أيضا بيت يدي القس ورقة وتسميه انجيل العبرانيين والقرآن العربي يأخذ مجمل تعاليمه منه
ولكننا نجد في القرآن العربي ما لا نجده في الانجيل العبراني ؟ فما الحجة إذن ؟ الحقيقة أننا نخطأ في الجزم إن قلنا أن قس مكة كان يعتمد الانجيل العبراني وحسب دون التوراة وسائر الاناجيل والتعاليم النصرانية اللاهوتية المقتبسة من التقليد الشفهي والتراث الكنسي العام
الواقع أن القرآن جمع معلومات متعددة ومن مصادر كثيرة ولابد لنا من التريث إلى أن تنجلي الحقيقة كاملة لأن الشيع النصرانية في مكة تتعدى ما في الانجيل إلى التوراة والحكمة والتقليد والتلمود وغير ذلك ...
اعتقد لغاية هنا اصبح الامر واضح للكل ...
سنعود بعد حين للرد على ردودكم ..