مهرجان للرقص يثير خلافات فلسطينية..إدارة المهرجان :حركة حماس تريد أن تفرض إرادتها على المجتمع
غزة-دنيا الوطن
بعد انقطاع 5 سنوات تجري حاليًا فعاليات مهرجان فلسطين الدولي للموسيقى والرقص بمدن رام الله وبيت لحم ونابلس والخليل وطولكرم بالضفة الغربية.
لكن المهرجان الذي يرفع شعار "عدنا لأن حلمنا أقوى"، وكان من المقرر أن ينتقل أيضًا إلى قلقيلية ألغي في هذه المدينة إثر اعتراض المجلس البلدي للمدينة الذي تسيطر عليه حركة حماس.
وثارت هذه الخلافات بعد قرار بلدية قلقيلية حظر تنظيم أي فعاليات للمهرجان في الملعب البلدي الذي يتبعها إداريًّا؛ وهو ما اعتبرته إدارة المهرجان "الكارثة التي تشبه عراقيل الاحتلال"، وبأن حركة حماس التي تهيمن على البلدية تريد أن تفرض إرادتها على المجتمع.
وفي تصريح لـ"إسلام أون لاين.نت" الإثنين 4-7-2005 قال مصطفى صبري -المتحدث باسم المجلس البلدي لمدينة قلقيلية-: "الباعث الرئيس لحظر احتفالات الرقص والموسيقى هو المحافظة على النسيج الاجتماعي ومنظومة القيم". وأضاف: "لا يمكن أن تقبل بلدية قلقيلية باحتفالات مختلطة بين الجنسين تؤدي إلى السفور وتزعزع قيم المجتمع".
وكانت قائمة التغيير والإصلاح التابعة لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" قد فازت بكافة مقاعد المجلس البلدي لمدينة قلقيلية في المرحلة الثانية من انتخابات البلدية الفلسطينية التي جرت الخميس 5-5-2005.
ونفى صبري التهم القائلة بأن حماس تريد بسط نفوذها الجديد الذي حققته خلال انتخابات المجالس البلدية للدفع بتطبيق آرائها الاجتماعية. وقال: "المسألة لا تتعلق بحماس أو غيرها، بل تكمن في المحافظة على القيم".
وأضاف مستنكرًا: "حماس انتخبت بواسطة 112 ألف صوت من أصل 189 ألفًا، وهذه الشريحة عندما انتخبت قائمة التغيير والإصلاح كانت تعلم برنامجها وأفكارها؛ ولهذا السبب رشحتها؛ فأهالي المدينة يريدون المحافظة على قيمهم وأخلاقهم".
ودلّل على أن مواطني قلقيلية هم من يرغبون بعدم إقامة مثل هذا النوع من الاحتفالات بقوله: "عام 1997 في عهد السلطة الفلسطينية لم تكن حماس موجودة في البلديات ولا في غيرها، ورفض أهالي المدينة إقامة مهرجان فني مختلط".
وذكر صبري أن أهالي المدينة رحبوا بفكرة الحظر، وأوضح أنه يتحدى وجود نسبة تتجاوز 10% تقبل بإقامة المهرجان، وإن وُجدت فإن البلدية مع إقامة الاحتفال.
وأشار إلى أن وفدًا من بلدية قلقيلية يضم مجموعة من القضاة وعلماء الدين والأهالي سيتوجهون لمحافظ المدينة "لتوضيح رفض البلدية للاحتفال، والضغط باتجاه منع إقامة أي احتفالات تخل بنسيج المبادئ والأخلاق".
"انتصار" على الحصار
وعن موقف بلدية قلقيلية قالت إيمان الحموري مديرة مركز الفن الشعبي التي تشرف على تنظيم المهرجان: "قدمنا شكوى في هذا الخصوص إلى وزارة الحكم المحلي، ونطلب من المجلس التشريعي فتح تحقيق مع البلدية بخصوص رفض تنظيم مهرجان ثقافي وطني، الاحتلال عدوه الأول... كارثة أن تقوم مؤسسات محلية بوضع عراقيل لم نعتد عليها إلا من سلطات الاحتلال".
من جانبه يرى خالد فراج المنسق الإعلامي لإدارة المهرجان أن عودة المهرجان بعد انقطاع استمر 5 سنوات يُعَدّ "انتصارًا على الحصار المرفوض وكسرا لحواجز الاحتلال"، معتبرًا أن "الثقافة والفن أداة في غاية الأهمية لكسر الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني".
لكن فراج استنكر موقف بلدية قلقيلية، وقال لـ"إسلام أون لاين.نت": "نحن نأسف لهذا الحظر؛ فهناك الكثير من أهالي المدينة متعطشين إلى أي نشاط يكفل لهم الخروج من دائرة الظروف الخانقة التي نعيشها ويجعلهم يشعرون بالفرح".
وعن تعارض المهرجان مع قيم المجتمع الفلسطيني، قال فراج مستنكرًا: "من قال بأننا لا نعبّر عن واقعنا؟! لقد عرضنا مسرحية تتحدث عن الحاجز، وغنت فرقة الفنون الشعبية لفلسطين". واستدرك: "طبعًا لن نغير اسم المهرجان بسبب أنه لا يروق للبعض، وسنواصل إقامة مثل هذه المهرجانات".
حل الإشكالية
من جانبه استهجن أستاذ الإعلام بجامعة النجاح الوطنية في نابلس الدكتور فريد أبو ضهير ما صاحب مهرجان فلسطين الدولي من "شعارات ودعايات تروج لأن الاحتفال انتصار على الاحتلال وكسر لحواجزه".
وتساءل: "هل انتصرنا؟ هذه بحد ذاتها تحتاج إلى وقفة. ولنفترض أننا انتصرنا فهل نرقص ونغني؟! لا يجوز أن ننسى جراحنا... لماذا الرقص والغناء المستورد؟".
وقال: "هناك فن وتراث فلسطيني إذا أردنا أن نحل الإشكالية... فلسطين بحاجة إلى أن يتم التعبير عنها من خلال الفن الهادف والتركيز على حقيقة ومعاناة الشعب الفلسطيني من خلال فن مرسوم بالألم والأمل".
ورفض أستاذ الإعلام استخدام شعار "الجمهور يريد ذلك" شماعة للترويج لحفلات الرقص والغناء، وقال: "إن الجمهور بوصلة للحركة الإعلامية.. الإعلام الراقي يثقف ويربي ويوجه، والأهم أن يؤثر بإيجابية".
يُذكر أنه مع بداية انتفاضة الأقصى 2000 انقطعت مثل هذه الفعاليات الفنية التي كانت تحتضنها الأراضي الفلسطينية منذ عام 1993، وعادت في ظل الحديث عن التهدئة وأجواء الهدوء النسبي.
"نضال حقيقي"
وبرسالة تلفزيونية مصورة للفنان اللبناني "مارسيل خليفة" انطلقت الخميس 30-6-2005 في قصر رام الله الثقافي فعاليات المهرجان الذي يستمر حتى التاسع من يوليو الجاري.
وقال خليفة مخاطبًا جمهور المهرجان في رام الله: "تنظيمكم لهذا المهرجان، وحضوركم هذا نضال حقيقي ضد الاحتلال، ورد على الإرهاب الإسرائيلي بالموسيقى والغناء والقصيدة والحياة والحب".
وقدمت عدة فرق فلسطينية فقرات مميزة، في حفل الافتتاح، ومنها فرقة سرية رام الله الأولى في مقاطع من عرضها "ع الحاجز"، وفرقة الفنون الشعبية الفلسطينية، وفرقة وشاح، إضافة إلى فرقتي براعم إبداع الدهيشة، ومعهد إدوارد سعيد للموسيقى.
وفي ثاني أيام المهرجان قدمت فرقة "موال" النصراوية للرقص الشعبي والحديث "أوبريت" غنائيًّا راقصًا من أشعار سميح القاسم، بعنوان "البيت"، قدمت فيه الفرقة عدة لوحات راقصة بأكثر من أسلوب، وأكثر من خلفية موسيقية، وأكثر من قضية. وتنوعت مواضيع اللوحات الغنائية الراقصة بين الوطن، والهوية، والحب، متكئة على بعض أساطير المنطقة، والحكايات الفلسطينية الشعبية.
http://www.alwatanvoice.com/articles.php?g...ticles&id=24631