عنوان الفتوى الزواج المبكر.. رؤية شرعية
تاريخ الإجابة 17/09/2003
موضوع الفتوى النكاح والخطبة
بلد الفتوى - فرنسا
نص السؤال شاع هذه الأيام ارتفاع صيحة من ينادي بتأخير سن الزواج وظهر من قال لا للزواج المبكر فما قولكم في ذلك ؟
اسم المفتي د.حسام الدين بن موسى عفانة
بسم الله، والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد..
لا
يجوز شرعاً سن قانون يحظر الزواج قبل الثامنة عشرة لما يترتب على ذلك من مفاسد كثيرة، ولم تحدد الشريعة سنا معينا للزواج، و تسمية من تتزوج قبل الثامنة عشرة بأنه زواج مبكر فهذا لا يستند إلى قاعدة علمية أو قاعدة شرعية، وقد أوكل الله أولياء الأمور بتحديد مصالح بناتهم،
بل شرع زواج الصغار وفق ضوابط نص عليها أهل العلم، ورغَّب في الإسراع بالزواج متى كان الرجل والمرأة أهل لتحمل المسئولية.
يقول فضيلة الدكتور حسام عفانة ـ بتصرف أستاذ الفقه وأصوله بجامعة القدس بفلسطين- :
لقد كثُر الكلام حول قضية الزواج المبكر وكثر اللغط حول تأخير سن الزواج في هذه الأيام وأقدم قبل الجواب عن السؤال كلاماً موجزاً حول الزواج المبكر وأذكر بعض النصوص الشرعية التي تحض على الزواج : قال تعالى :( وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ) سورة النور 32 . وقال تعالى :( فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ) سورة النساء الآية 3 .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج،ر ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) رواه البخاري .
وقال صلى الله عليه وسلم :( وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني ) رواه البخاري. وقال صلى الله عليه وسلم :( الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة ) رواه مسلم. ويجب أن يعلم أن الشريعة الإسلامية لم تحدد سناً معيناً بالسنوات لعقد الزواج، ب
ل أجاز جمهور الفقهاء المتقدمين زواج الصغير والصغيرة أي: دون البلوغ
أطفال في عمر الزهور وجدن أنفسهن في مواجهة مع العلاقة الزوجية مبكراً .... شاء الكبار ان تكون سجنا ذهبيا لتطلعات لم تشب عن الطوق بعد ... تبادلوا هم التهاني وعلقوا الزينات واقاموا مائدة غداء واهازيج أفراح لاتخص سواهم ... وبعد نهار صاخب ... انصرفوا تاركين تلك الطفله التى اقتادوها مرغمه من بين العابها لتواجه مشواراً طويلاً مع كهل تفوق الشعيرات البيضاء في رأسه سنوات عمرها الغض ... لتكتسح أمواج الشيخوخة المبكرة مساحات الطفوله التى لم تعشها بعد.
بهذا الصدد تحدث الدكتور/ حسيب اليوسفي- طبيب متخصص في امراض النساء والولادة الحديثة - عن هذه الظاهرة في قسمها الاول " زواج الانثى المبكر " ملخصا الاضرار الجسدية والنفسية التى يمكن ان تلحق بأطراف هذه العلاقة غير المتكافئة قائلا : " هي ظاهرة موجودة بلا شك ... طفلة يزوجها أهلها وعمرها لم يتعد الثالثة او الثانية عشرة ... ويكون الزوج انسانا كبيرا في السن- يعنى فارق جيلين أو ثلاثة على الاقل - والاضرار يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
ـ تمز
ق غشاء البكارة للزوجة في مثل هذا السن وبهذه الملابسات منالتفاوت الكبير في السن مع الطرف الاخروهو الزوج يصاحبة عادة الكثير منالعوارض الجسدية المؤلمة والنفسية والصحية .
ـ تجاوب عاطفي غير آمن : يت
كون في الاحساس الداخلي للزوجة محطة ارق قد تلازمها طوال حياتها ففجوة التفاعل الجنسى والنفسي بين الطرفين تظل سببا لفجوة زوجية وهو ما يؤدي مستقبلا الى انهيار العلاقة من اساسها.
ـ تم
يل مشاعر الزوجة للإحساس بزوجها كوالد أو أب فتختلط مشاعر الأبوة بالمشاعر الزوجية الطبيعية وتقع حالة من الانفصام العاطفي .... فالتفاوت في السن يجعل الزوج - اقرب في خيال الزوجة الصغيرة - لصورة الاب الذي هجرت بيته مبكرا بسبب زواجها وبالتالي حجم التجاوب العاطفي يكون في مستوى غيرآمن لعلاقة زوجية يفترض أن تستمر.
- المسئولية التى تترتب عليها حياة الزوجة في بيت زوجها ففي هذه السن تكون مقترنه بمساحات رغبة في الانطلاق في عالم الطفولة وهو ما قد يحد منه الزوج الذي عادة ما يحيط نفسه في مثل هذا السن بحالة من الرزانه والتحفظ تجاه تصرفات الطرف الاخر بغية رسم ملامح انقياد معينة وهو مايولد بالضرورة حالة من التوقف او الاسقاطات النفسية عند الزوجة الطفلة والتى تؤدي بها الى العيش داخل قوقعه من الانطواء
خطر الوفاة
تفقت د / أمل بهنس - وهي باحثة مصرية في جامعة عين شمس ومتخصصة في الدراسات النفسية - مع اعراض زواج المرأة المبكر التى ذهب اليها د/ حسيب ، إلا انها اشارت الى جانب أخر من التأثيرات السلبية لمثل هذا النوع من الارتباط غير المتكافىء بقولها: " هناك نتائج خطيرة قد تتولد بعد عام أو عامين من الزواج الذي يقوم على اختيار الاهل لزوج كبير في السن لطفلة قاصرة وهو اختيار تفرضة حيثيات المجتمع التقليدي والموروثات المعروفة في هذا الصدد واهم هذه النتائج:
- قد
تواجه الطفلة المتزوجة خطرا محدقا بحياتها في حالات الحمل المبكر نتيجة صغر سنها وعدم تكون الملامح الكاملة للرحم وهو ما يؤدي الى ولادة متعسرة جدا وكثيرا من هذه الولادات قد تنتهي بالوفاه للام.
بيانات لمنظمات دولية
وبالعودة الى دراسات متخصصة وبيانات لمنظمات دولية تعنى بشئون المرأة والطفولة تبين لنا ان اليمن والتى تحتل ذيل القائمة في معدلات الدول الاكثر عرضة لظاهرة وفاة الامهات في اليمن
نتيجة الحمل المبكر وتقدر بـ ((5000)) حالة وفاة في العام الواحد وهو رقم مفزع جدا ونتيجة للتحسن النوعى والنسبي في حجم الخدمات الصحية فقد انخفض هذاالرقم ليصل بين الاعوام ( 2000-2001م ) إلى 1400 حالة وفاة في العام الواحد وهو رقم جعل اليمن على رأس قائمة دول العالم التى تموت فيه الامهات في سن مبكر ونتيجة لزواج مبكر جدا وحمل مبكر أيضا.
واخيرا وقد استعرضنا مع هذا التحقيق ظاهرة زواج الانثى في سن مبكر ... يبقى ان نؤكد ان ارتفاع وعي الاسرة بخطورة الاقدام على تكرار مثل هذه الظاهرة هو الضمان الوحيد للتخفيف من تلك الاثار المفزعة التى تترتب على ذلك.