بقلم سومر سلمان
قرأت في صحيفة "الثورة" الدمشقية ان حافلة سورية تعرضت للرشق بالحجارة بالقرب من طرابلس. واضاف الخبر ان ذلك يأتي في اطار الاعتداءات المتكررة على العمال والحافلات... طبعا لن ادافع ولن يدافع احد عن راشقي الحجارة. سواء اكانوا اطفالا او شبانا. واعتقد انهم لم يتسببوا بالايذاء لكنني اتساءل هل هذه هي الاعتداءات التي نتعرض لها كعمال سوريين في لبنان. واذا كانت كذلك فمن السبب؟
انا اعمل في لبنان منذ اكثر من خمس سنوات. واذهب الى سوريا كل شهر او اكثر قليلا تقريبا. وتأتي زوجتي واطفالي في العطل والاعياد لقضاء بضعة ايام في لبنان. ويستغرب ابني الذي لم يتجاوز الثامنة كيف ان اللبنانيين في مدينة الملاهي ببيروت يعاملوننا بحب ومودة رغم ما يسمع عنهم في سوريا.
ان الاحداث المؤلمة التي مرت بلبنان. وحساسية العلاقة مع سوريا والسوريين، التي تسببت بها مافيات العسكر والمخابرات في هذا البلد الصغير الذي تحمّل بؤسنا وفقرنا، لم تلغ ان حقيقة معاناتنا كسوريين هي معاملة السوريين لنا حين نصل الى النقاط الحدودية.
لم يحدث لي شخصيا ان طلب مني شرطي لبناني خلال خمس سنوات اوراقا ثبوتية او حتى رخصة قيادة السيارة او دفتر السيارة، انا لا احلم ان اركب سيارة في سوريا ولو من موديل السبعينات. ورجل الامن اللبناني يعاملنا على الحدود كأننا سفراء بلدنا وليس عمالا في بلده.
واتساءل لماذا يعاملنا العسكر على اختلاف مهماتهم في النقاط الحدودية السورية، سواء اكانوا جمارك او شرطة او مخابرات، كأننا قطيع من الاغنام ليس لنا الحد الادنى من الكرامة. وابسط كلمة يقولها عناصر الحاجز للسائق "هات اوراقك يا حمار"، وللركاب "نزيل ولك، شو ما بتفهم؟"، "وشو معك يا حيوان؟" اغنام افضل، اليس كذلك.
هل سأكتب كل كلمة يستقبلوننا بها حين ندخل الى الوطن. صدقني اصبحنا نكره العودة الى بلدنا. ان الوطن الحقيقي حيث نجد كرامتنا. لماذا يعاملنا ابناء بلدنا كأنهم جيش احتلال. كأننا مجرمون غير مرغوب بنا؟ لماذا نعمل في بلد مجاور في ظروف ليست جيدة لكنها توفر لعائلاتنا العيش الكريم، ولو بالحد الادنى، ونعود كأننا مهربون او لصوص؟
حين اعود لاولادي بعد شهر او اكثر، يقوم قاطعو الطريق باسم القانون بأخذ هدايا اولادي بحجة الممنوع. هل الكعك والخبز ممنوعات؟ ام لعبة صغيرة لأبني ممنوعة؟ او بعض علب البسكويت وكيس الشيبس؟ واذا كانت هذه ممنوعة فعلا فلماذا يأخذونها هم لاولادهم، وانا الذي بذلت شهرا من عمري وعرقي وصحتي وبعض كرامتي لشرائها؟ لماذا لا يتم ترسيم هذه الممنوعات الخطيرة او على الاقل مصادرتها رسميا وليس "تشليحا"؟
اذا كانت هذه اجراءات رد الفعل ضد من تظاهروا لخروج سوريا عسكريا من لبنان، فلماذا تتم هذه الاجراءات ضد العمال السوريين؟
ايها السادة. نحن لسنا احرارا ولا شجعانا ولا نريد ان نتظاهر ضد احد، فقط نريد ان نأتي للعمل في لبنان. وان نعود لاطفالنا بما يسد رمقهم.
ونعدكم بأننا لن نتعلم من اللبنانيين كيف ننزل الى الشارع، ولن نتعلم معنى الحرية والكرامة والسيادة!
فقط اتركوا لنا شيئا يربطنا بهذا الجزء من العالم الذي لا يبتسم لنا ابدا والذي نسميه الوطن.
http://www.annaharonline.com/htd/SEYA050907-13.HTM
العمال السوريين والسيارات والباصات السورية تملأ لبنان ولا أحد يقترب منهم وهذه شهادة وصرخة من عامل سوري