{myadvertisements[zone_1]}
الأناجيل الأبوكريفية ؛ ما هي مصادرها ؟ ومن هم كتابها ؟ ولماذا رفضتها الكنيسة ?
الراعي غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 637
الانضمام: Feb 2004
مشاركة: #24
الأناجيل الأبوكريفية ؛ ما هي مصادرها ؟ ومن هم كتابها ؟ ولماذا رفضتها الكنيسة ?
2 - إنجيل يعقوب التمهيدي:
أو إنجيل البداية ليعقوب

اسمه الحقيقي " ولادة مريم ". أُسمى " التمهيدي " أو البداية لأنه يُخبر عن أحداث لم تذكر في الإنجيل للقديس متى أو الإنجيل للقديس لوقا اللذان سجلا ميلاد المسيح .
كثيرة الأناجيل المنحولة التي تصف طفولة يسوع، بينما لا تحتوى الأناجيل الرسمية سوى بعض ملاحظات مختصرة جداً في هذا الموضوع. ويبدو أنها مستمدّة كلّها من إنجيل يعقوب التمهيدي، ومن إنجيل توما الخاص بالطفولة. وأصلها، حسب ب. بيترز(P.Peeters)، مصدر سريانى فريد مكتوب قبل العام 400م. ربما ضم كتابات مرجعها شرقي وحتى بوذي. إلا أن ج. ميخل (J.Michl) يعتقد بوجود ممكن لكتيَّب خاص بالطفولة الإلهية من القرن الثانى م. عنوان هذا الإنجيل مأخوذ من ترجمته اللاتينية على يد الراهب اليسوعي الفرنسي غيّوم بوستيل (Guillaume postel) (1552). ويبدو أنه كتُب نحو العام 150م. ويؤكد وجوده يوستنيانوس، أُوريجانوس وإقليموس الإسكندري. رفضه البابا جيلازيوس بقرار. يقدّم المؤلف نفسه، وقد يكون يهودياً متنصَّراَّ من الشتات، شقيقَ يسوع من زواج أول ليوسف. ويضم أقدم بيان في طفولة مريم وتقديمها للهيكل، وولادة يسوع البتولية. احتُفظ بهذا النص في أصله اليونانى، وفي ترجمات سريانية، وأرمنية، وقبطية، وسلافونية، وعربية، ولاتينية... مع تغيرات متعددة.
هذا الإنجيل كان مصدراً لإلهامات رسّامين عدّة.
1- خروج يواكيم إلى الصحراء
نقرأ في أخبار أسباط إسرائيل الاثنى عشر أن يواكيم كان غنيّاً جداً ويقدَّم لله قرابين مضاعفة، قائلا في قلبه: "لتكن خيراتي للشعب كلّه، من أجل مغفرة خطاياي لدن الله، ليُشفق الربّ عليَّ." وحلَّ عيد الربّ الكبير وكان أبناء إسرائيل يأتون بقرابينهم، فاحتجَّ روبين على يواكيم، قائلاَّ: "انك لا تملك الحقّ بتقديم قربانك، لأنك لم تحظَ بذرية في إسرائيل."
فاستولى على يواكيم حزن عظيم، ومضى يراجع سلاسل انساب الأسباط الاثنى عشر، قائلاً في سرَّه: "سوف أرى إنْ كنت الوحيد في أسباط إسرائيل الذي كان لم يحظَ بذرية في إسرائيل." وبتفحُّص الماضي، رأى أن الأبرار كلهم خلَّفوا عقباَّ، لأنه تذكَّر إبراهيم الأب الذي رزقه الله، في أيامه الأخيرة، إسحق ابناً. إذاك لم يشأ يواكيم، مُغتمّاَّ لهذه الذكرى، الظهور ثانية أمام امرأته؛ فمضى إلى الصحراء، ونصب فيها خيمته، وصام أربعين يوماً وأربعين ليلة، قائلا في قلبه: "لن أتناول طعاماً ولا شراباً؛ وصلاتي ستكون طعامي الوحيد."
2- حنة حزينة :
وكانت امرأته حنة تعانى حزناً مضاعفاً، وكانت فريسة ألم مضاعف، وقائلة: "انني ارثي لترمّلي وعقمي." إلا أن عيد الربّ الكبير حلّ، فقالت يهوديت خادمة حنة، لها: "إلى متى سوف تستسلمين للحزن؟ ليس مسموحاً لك بالبكاء، فهو هو يوم العيد الكبير. خذي إذاً هذا الرداء وزيَّني رأسك. وكما أنا خادمتك، كذلك سوف تشبهين ملكة." فأجابت حنة: " ابتعدي عنى، لا أريد أن أفعل شيئاً من ذلك. إن الله أذلَّني بشدة. أخشى أن يعاقبني الله بسبب خطيئتك." فأجابت الخادمة يهوديت: "ماذا أقول لك، طالما أنك لا تريدين سماع صوتى؟ ان الله أغلق بحقًّ بطنك لئلا تُرزقى طفلاً لإسرائيل." وحزنت حنة جداً وخعلت ثياب حدادها؛ وزيَّنت رأسها وارتدت ملابس عرس. ونزلت، نحو الساعة التاسعة، إلى الحديقة لتتنزَّه، وإذ رأت شجرة الغار، جلست تحتها، ووجَّهت صلواتها إلى الربّ، قائلة: "يا إله آبائى، باركنى واستجبْ صلاتى، كما باركت احشاء سارة ورزقتها إسحق إبناً."
3- صيحة ألم :
ورأت على شجرة الغار، وهى ترفع عينَيها إلى السماء، عشَّ دوري، فصاحت بألم: "وا أسفي! بماذا يمكنني ان أقارن؟ لمَنْ أدين بالحياة لأكون ملعونة هكذا في حضور أبناء إسرائيل؟ انهم يسخرون منى ويحقَّرونني وقد طردوني من هيكل الربّ. وا أسفي! ماذا أُشبه؟ أيمكننى أن أُقارن بطيور السماء؟ لكن الطيور ولَود امامك، ياربّ. أيمكننى ان أُقارَن بحيوانات الأرض؟ لكنها وَلود.لا، لا يمكنني ان أُقارن بالبحر، لأنه مسكون بأسماك، ولا بالأرض، لأنها تعطى ثماراً في أوانها، وتبارك الربّ."
4- بشارة الملاك :
وإذا بملاك الربّ طار نحوها وقال لها: "يا حنة، ان الله سمع صلاتك؛ سوف تحبلين وتلدين، ويكون نسلك مشهوراً في العالم بأسره." فقالت حنة: "ليحىَ الربّ، إلهى؛ سواء كان صبيّا أم بنتاً ما ألدُه فسوف أُقدمه للربّ، وسوف يكرَّس حياته للخدمة ألإلهية." وإذا بملاكَين أتيا، قائلين لها: "هوذا، يواكيم، زوجك، يصل مع قطعانه." ونزل ملاك الربّ نحوه، قائلاً: "يا يواكيم، يا يواكيم، ان الله سمع صلاتك، وستحبل امرأتك حنة." ونزل يواكيم ونادى رعاته، قائلاً: "هاتوني بعشر نعاج سليمة وبلا عيب، وسانذرها للربّ إلهى. وقودوا إلىَّ اثنى عشر عجلاً بلا عيب، وسوف أقدّمها للكهنة وشيوخ بيت إسرائيل، وائتونى بمئة كبش، وهذه الأكباش كلّها ستكون للشعب كلّه." وإذا بيواكيم جاء مع قطعانه، وكانت حنة عند باب منزلها، فلمحت يواكيم آتياً مع قطعانه؛ فركضت وارتمت على عنقه، قائلةً: "اعرف الآن ان الرب إلهى باركنى، لأننى كنت أرملة ولم أعُدْ كذلك؛ وكنت عاقراً وحبلت." وارتاح يواكيم في اليوم نفسه في منزله.
5- حنة تحبل وتلد :
وفي الغد، قدَّم قرابينه وقال في قلبه: "إذا كان الربّ قد باركنى، فلتكن لي على ذلك علامة ظاهرة على رُقاقة حُلَّة الكاهن الأعظم." وقدَّم يواكيم هباته، ونظر إلى الرقُّاقة أو البفْوال، حين قُبلَ على المذبح الله، ولم يرَ خطيئة فيه. فقال يواكيم: "اعلم الآن ان الربّ استجابني وغفر لي كلّ خطاياي." ونزل مؤيَّداً من بيت الربّ وأقبل إلى منزله. وحبلت حنة، وفي الشهر التاسع ولدت وقالت لقابلتها: "ماذا ولدت؟" فأجابت الأخرى: "بنتاً." فقالت حنة: "نفسي ابتهجت هذه الساعة." وأرضعت حنة طفلتها وأسمتها مريم.
6- وليمة الفرح بمريم:
وتقوّت الطلفة من يوم إلى يوم. وعندما بلغت من العمر ستة أشهر، وضعتها أُمها أرضاً لترى إنْ كانت ستقف. فقامت بسبع خطوات سائرة وجاءت ترتمى في ذراعَي أُمها. فقالت حنة: "ليحَي الربّ إلهى؛ لن تسيري على الأرض حتى أُقدَّمك في هيكل الربّ." وطهَّرتها في سريرها، وكلّ ما كان مُنَجَّساً، كانت تبعده عنها، لأجلها.
ونادت بناتاً يهوديات بلا عيب للاعتناء بالطلفة. وعندما أتمَّت عامها الأول، أقام يواكيم وليمة كبرى، ودعا أُمراء الكهنة والكتبة ومجلس الشيوخ كلَه وكلَ شعب إسرائيل. وقدَّم هدايا لاُمراء الكهنة، فباركوها قائلين: "يا إله آباننا، بارك هذه الطلفة واعطها إسماً يُعظَّم في كلّ الأجيال." وقال الشعب كلّه: "آمين، ليكن كذلك." وقدَّمها أبواها للكهنة فباركوها، قائلين: "ياإله المجد، أخفضْ انظارك على هذه الطلفة وامنحها بركةً لا تعرف أي انقطاع." وحملتها أُمها وارضعتها، وأنشدت نشيداً، قائلةً: "سأنشد مدائح الربّ إلهى، لأنه زارني وخلَّصنى من إهانات أعدائى. وأعطانى الربّ إلهى ثمرة عدل مضاعفة في حضرته. مَنْ يُعلن لأبناء روبين ان لحنة طفلاً؟ إسمعي كلّك، يا أسباط إسرائيل الاثني عشر، اعلمى ان حنة تُرضع." ووضعت الطلفة في المكان الذي طهَّرته، وخرجت، وخدمت المدعوين، وحين انتهت الوليمة خرجوا ملؤهم الفرح وأسموها مريم، وهم يمجَّدون إله إسرائيل.
7 - مريم تدخل الهيكل :
عندما بلغت مربم الثانية من عمرها، قال يواكيم لحنة، زوجته: "لنقُدْها إلى هيكل الله، ولنتمَّم النذر الذي أقسمنا عليه، خشية أن يغضب الله علينا وينتزع منا هذه الطلفة." فقالت حنة: "لننتظر العام الثالث، خوفاً من أن تعاود أبيها وأمها." فقال يواكيم: "لننتظر." وبلغت الطلفة عامها الثالث، فقال يواكيم: " نادوا عذارى العبرانيين البلا عيب، وليحملن مصابيح ويُشعلْنها، وعلى الطلفة ألا تلتفت إلى الوراء وعلى ذهنها ألا يبتعد عن بيت الله." وصنعت العذارى كما أمر به ، ودخلن الهيكل. واستقبل أمير الكهنة الطلفة وقبَّلها وقال: "يا مريم، ان الرب اعطى اسمك عَظَمةً في كل الأجيال، وفي آخر الأيام، سيُظهر الله فيك ثمن خلاص أبناء إسرائيل." ووضعها على درجة المذبح الثالثة، فسكب الله نعمته عليها، فارتعشت فرحاً وهي ترقص برجليها وكلّ بيت إسرائيل أحبَّها.
8 - إستدعاء الأرامل:
ونزل أبواها معجَبَين، شاكرَين الله ومسبَّحينه على ان الطلفة لم تلتفت نحوهما. وكانت مريم مربَّا كحمامة في هيكل الربّ وكانت تتلقّى طعاماً من يد الملائكة.
وعندما بلغت الثانية عشرة من عمرها، اجتمع الكهنة في هيكل الربّ وقالوا: "ها هي مريم أمضت عشرة أعوام في الهيكل؛ فماذا سنفعل في شأنها، خوفاً من ان تعاني قداسة هيكل الربّ إلهنا دنساً ما؟" وقال الكهنة لأمير الكهنة: "إذْهَبْ إلى أمام هيكل الربّ وصلَّ من أجلها، وما يُظهرُه الله لك، نمتثل له." فدخل أمير الكهنة إذاً قدس الأقداس، وقد لبس رداءه الكهنوتي المزيَّن باثنى عشر جُريَساً، وصلى من أجل مريم. وإّذا بملاك الربّ بدا له وقال: "يا زكريا، يا زكريا، أُخْرُجْ واستدع مَنْ هم أرامل وسط الشعب، وليأت كلّ واحد بقلم، ومَنْ يختاره الله بعلامة يكون الزوج الُمعطى لمريم ليحفظها."ومضى بُشَراءُ إذاً في كل بلاد اليهودية، ودوَّى بوق الربّ وهرع الجميع.
9 - يوسف يتخَّوف ثم يقبل :
وأتى يوسف كالآخرين، وقد تخلَّى عن فأسه، وإذ اجتمعوا، مضَوا نحو الكاهن الأعظم، بعدما تسلَّموا أقلاماً. فأخذ الكاهن قلم كلّ واحد، ودخل الهيكل وصلى وخرج بعد ذلك وأعاد إلى كلّ واحد القلم الذي جاء به، فلم تظهر أي علامة؛ لكنه عندما أعاد إلى يوسف قلمه، خرجت منه حمامة، حطّت على رأس يوسف. فقال الكاهن الأعظم ليوسف: "لقد عُيَّنت باختيار الله لتقبُّل عذراء الربّ هذه وحفظها قربك." فقَّدم يوسف اعتراضات قائلا: "لى أولاد وأنا شيخ، بينما هي فتية جداً؛ وأخشى ان أكون عرضة للسخرية بالنسبة إلى أبناء إسرائيل." فأجاب الكاهن الأعظم يوسف: "إخشَ الربّ إلهك وتذكَّر كيف عاقب الله عصيان داتان، وأبيرون وقارح، وكيف انفتحت الأرض وابتعلتهم، لأنهم تجرأوا على اعتراض أوامر الله. إخش إذاً، يا يوسف ان يحصل كذلك لبيتك." فتقبَّل يوسف مريم مرتعباً وقال لها: "اننى أتقبَّلك من هيكل الربّ وأترك لك المسكن، وأذهب لأزوال مهنتي نجاراً وأعود إليك. وليحفظك الله كلّ الأيام."
10 - لمريم الأُرجوان والقرمز:
وعُقد اجتماع للكهنة وقالوا: "لنصنع حجاباً أو بساطاً لهيكل الربّ." فقال أمير الكهنة: "هاتوا إليَّ عذارى سبط داوود البلا عيب." ووُجدت سبع من تلك العذارى. ورأى أمير الكهنة أمامه مريم التى كانت من سبط داوود وكانت بلا عيب أمام الله. فقال: "اقترعوا على مَنْ تغزل خيط ذهب ونارىّ وكتان رفيع وحرير وبرتقالي مُحْمَرّ وقرمزي." وحصلت مريم بالقرعة على الأُرجوان الخالص والقرمز، وإذ تسلَّمتهما، ذهبت إلى بيتها. وفي الوقت نفسه، أصبح زكريا أبكم، وحلَّ صموئيل محلَّه. إلى ان يخاطبك زكريا ثانيةً، يا مريم. وأخذت مريم تغزل، وقد تسلَّمت الأرجوان والقرمز.
11 - البشارة بابن الله:
ومضت تستقى ماءَّ، وقد تناولت جرَّةً، فإذا بها تسمع وصوتاً يقول: "السلام عليك، يا مريم، يا مملؤة نعمة، الربّ معك: مباركة أنت بين كلّ النساء." وكانت مريم تنظر يمنةً ويسرةً لتعرف من أين يأتى ذلك الصوت. وعادت إلى بيتها، وقد ارتعبت، ووضعت الجرَّة، وإذ تناولت الأُرجوان، جلست على مقعدها لتعمل. وإذا بملاك الربّ يظهر في حضرتها، قائلا: "لا تخشي شيئاً، يا مريم؛ لقد وجدت حظوةً لدن الربّ." وكانت مريم تقول في نفسها، وقد سمعته: "هل أحبل من الله وأضع كما تلد الأُخريات؟" فقال لها ملاك الربّ: "لن يكون الأمر كذلك يا مريم، لأن قوة الله تظلَّلك، والقدوس يولد منك، ويُدعى ابن الله. وتُسمينه يسوع؛ وسوف يكفَّر عن شعبه الخطايا التي ارتكبها. وها ان نسيبتك أليصابات حبلت بابن في شيخوختها، والتى كانت تُدعى عاقراً هي في شهرها السادس، فما من مستحيل على الله؟" فقالت له مريم: "إننى أمَة الربّ؛ ليكن لي بحسب كلامك."
12- مريم تزور أَليصابات:
وإذ أنهت الأرجوان والقرمز، حملتهما إلى الكاهن الأعظم. فباركها، وقال: "يامريم، ان اسمك ممجَّد وستكونين مباركة في كلّ الأرض." ومضت مريم، وقد شعرت بحبور عظيم، إلى عند أَّليصابات،نسيبتها، وقرعت بابها. فركضت أَّليصابات إلى بابها، وقد سمعتها، وإذ لمحت مريم قالت: "من أين لى ان تبادر أٌم ربى لزيارتى؟ ان الذى في اختلج وراركك." والحال ان الأسرار التى اعلنها رئيس الملائكة جبرائيل لمريم كانت محجوبة عنها. وقالت، رافعةً عينيها إلى السماء: "مَنْ أنا إذاً لتدعونى كلّ الأجيال مغبوطة؟" وكان بطنها يكبر يوماً فيوماً، فانزوت مريم في منزلها، تأسرها الخشية، واختبأت عن أنظار ابناء إسرائيل. وكانت في السادسة عشرة من العمر عندما حصل ذلك.
13- يوسف في حزن عميق:
وإذ حلَّ الشهر السادس من حبلها، إذا بيوسف يعود من عمله نجاراً، فرأى وهو داخلّ البيت ان مريم كانت حبلى، فانطرح أرضاً، خاقضاً الرأس، واستسلم لحزن عميق، قائلاً: "كيف أٌبرَّر نفسى أمام الله؟ كيف أٌصلى من أجل هذه المرأة؟ لقد تقبَّلتها عذراء من هيكل الربّ الإله، ولم أحفظها. مَنْ هو الذى ارتكب هذا الفعل الردىء في بيتى ومَنْ أغوى العذراء؟ ألَمْ تتجدَّد قصة آدم من أجلى؟ ففي وقت مجده، دخلت الحيَّة، ووجدت حواء وحيدة، وخدعتها؛ ولقد حدث لى الأمر نفسه حقاً." ونهض يوسف من فوق الكيس الذى انطرح عليه، وقال لمريم: "أنت التى كنت صاحبة قيمة فائقة في عينى الربّ، لماذا تصرفت على هذا النحو، ولماذا نسيت الربّ إلهك، أنت التى ربيت في قدس الأقداس؟ انت التى كنت تتلقّين الطعام من يد الملائكة، لمَ اخلَّيت هكذا بواجباتك؟" وكانت مريم تبكى بمرارة كبيرة، وأجابت: "أنا طاهرة، ولم أعرف رجلاً." وقال لها يوسف: "ومن أين السبب إذاً في أنك حبلى؟" فأجابت مريم: "ليحىَ الربّ إلهى؛ اننى أٌشهدَّه على اننى لا أعلم كيف ان الامر هكذا."
14- وكان يوسف يقول في نفسه، يصعقه الذهول:
"ماذا أفعل بها؟" وقال: "إذا أخفيتُ خطيئتها، فسوف أُعتبر مذنباً بحسب شريعة الربّ؛ وإذا اتهمتها وإذا أحلتها إلى أمام ابناء إسرائيل، فأخشى ألا يكون ذلك عادلاً وان أُسلَّم الدم البرىء لحكم الموت؟ ماذا سأفعل بها إذاً؟ سوف أتركها سرّاً." وكان منشغلاً بهذه الأفكار خلال الليل. وإذا بملاك الربّ يظهر له أثناء نومه، ويقول له: "لاتخشَ الاحتفاظ بهذه المرأة؛ فمَنْ سيولد منها هو من عمل الروح القدس، وسوف تسميَّه يسوع؛ انه سيكفَّر عن خطايا شعبه." فنهض يوسف ومجَّد إله إسرائيل.
15- حنانيا يشى بمريم:
والحال هذه، قَدمَ الكاتبُ إلى يوسف وقال له: "لمَ لم تأت إلى المحفل؟" فأجابه يوسف: "كنت متعباً من الدرب التى قطعتها، وأردت ان أرتاح في اليوم الأول." وإذ التفت الكاتب، رأى ان مريم كانت حبلى، فمضى مسرعاً نحو الكاهن الأعظم، وقال له: "ان يوسف، الذى تثق به، اخطأ في شكل خطير." فقال الكاهن الأعظم: "ماذا فعل؟" فأجاب الكاتب: "لقد دنَّس العذراء التى تلقاها من هيكل الربّ، وتحايل على قانون الزواج، واختبأ من ابناء إسرائيل." وأجاب أمير الكهنة: "أهو يوسف؟ أورَتكب هذه الجريمة؟" فقال الكاتب حنانيا: "أرسلْ كهنة، وسوف يرَون ان مريم حبلى." ومضى الكهنة، ووجدوا ان الكاتب قال الحقيقة. فقادوا مريم ويوسف ليُحاكما، وقال الكاهن الأعظم: "يا مريم، كيف تصرَّفت هكذا، ولمَ خسرت نفسك، أنت التى ربيت في قدس الاقداس، وتلقَّيت الطعام من يد الملائكة، وسمعت أسرار الربّ واغتبطت في حضرته؟" وكانت تبكى بمرارة كبيرة، وأجابت: "ليحىَ الربّ إلهى، اننى طاهرة في حضرة الربّ، ولم أعرف رجلاً." فقال الكاهن الأعظم ليوسف: "لمَ تصرَّفت هكذا؟" فقال يوسف: "ليحىَ الربّ الإله وليحىَ مسيحه؛ اننى اشهدَّها على اننى طاهر من كلّ علاقة بها."وأجاب الكاهن الأعظم: "لا تُدْل بشهادة زور، بل قُل الحقيقة؛ لقد تزوَّجتها سرّاً وأخفيتها عن ابناء إسرائيل، ولم تحن رأسك تحت يد العلىّ القدير، ليكون نسلك مباركاً."
16- إمتحان يوسف ومريم:
وقال الكاهن الأعظم ايضاًُ: "أعدْ هذه العذراء التى تقبَّلتها من هيكل الربّ." وكان يوسف يذرف دموعاً كثيرة، فقال له الكاهن الأعظم: "سوف أسقيك ماء إدانة الربّ، وسوف تظهر خطيئتك لعينيك." وإذ اخذ الماء سقى الكاهن الأعظم منه يوسف، وأرسله إلى الأماكن العالية، فعاد يوسف منها في صحة تامة. وشربت مريم منه أيضاً، ومضت إلى الجبال، وعادت من دون ان تعانى أىَّ ألم. وصُعقَ الشعب كله دهشةً من عدم ظهور خطيئة فيهما. وقال الكاهن الأعظم: "ان الله لم يُظهر خطيئتكما، وأنا بن أدينكما." وصرفهما مغفوراً لهما. وأخذ يوسف مريم، وأعادها إلى بيته، ملؤه الفرح وممجَّداً إله إسرائيل.
17- حزن مريم وفرحها:
وأصدر الإمبراطور أُوغسطوس قراراً بأن على كلّ الذين ولدوا في بيت لحم ان يتسجَّلوا. فقال يوسف: "سوف أُسجَّل إبنَىَّ، إنما ماذا أفعل حيال هذه المرأة؟ بأى صفة أُقيَّدها؟ أبصفتها زوجة؟ انها ليست زوجتى، ولقد تقبَّلتها بالأمانة من هيكل الربّ. أأقول انها ابنتى؟ لكن كلّ أبناء إسرائيل يعلمون انها ليست ابنتى. ماذا أفعل إذاً حيالها؟" وأسرج يوسف أتاناً أركب مريم عليها. وكان يوسف وسمعان يتبعان على بعد ثلاثة أميال. وإذ التفت يوسف، رأى ان مريم كانت حزينة، فقال لنفسه: "ربما ما فيها يكدَّرها." وإذ التفت مجدداً، رأى انها تضحك، فقال لها: "يا مريم من اين السبب في ان وجهك تارةً حزين وتارةً فَرح؟" فقالت مريم ليوسف: "هذا لاننى أرى شعبَين أمام عينَى؛ واحد يبكى وينوح والآخر يضحك ويستسلم للفرح." وقالت له مريم، وقد وصلوا إلى منتصف الدرب: "أنزلنى عن أتانى، لان ما في يضغط علىَّ للغاية، وأنزلها يوسف من فوق الأتان وقال لها: "اين أقودك، فهذا المكان قفر؟".
18- رؤيا يوسف:
وإذ وجد في ذلك الموضع مغارة، أدخل مريم إليها، وترك ابنه ليحرسها، ماضياً بنفسه إلى بيت لحم ليأتى بقابلة. وحين كان سائراً، رأى القطب حيث السماء كانت جامدة، والهواء مظلماً، والطيور متو وسط طيرانها. وإذ نظر إلى الأرض، رأى وعاءً مليئاً لحماً مُحضَّراً، وعماَّلاً متمدَّدين وايديهم في الوعاء. ولحظة الأكل لم يكونوا يأكلون، ومَنْ كانوا يمدُّون اليد لم يكونوا يتناولون شيئاً، ومَنْ كانوا يريدون إيصال شىء ما إلى فمهم، لم يكونوا يوصلون شيئاً، وكلهم كانوا يحافظون على أنظارهم مرتفعةً إلى فوق. وكانت النعاج مشتَّتة، ولم تكن تسير، بل كانت لابثةً جامدة. والراعى الرافع يده ليضربها بعصاه، كانت يده باقية من دون انخفاض. وإذ نظر من ناحية نهر، رأى كباشاً يلامس فمها الماء، لكنها لم تكن تشرب، فكلّ الأشياء كانت في تلك اللحظة جامدة.
19- نور من نور:
وإذا بامرأة نازلة من الجبال قالت له: "أسألك إلى أين تذهب؟" فأجاب يوسف: "اننى أبحث عن قابلة من نسل العبرانيين." فقالت له: "أَأنت من نسل إسرائيل؟" فردَّ بنعم. إذاك قالت: "مَنْ هى تلك المرأة التى تلد في هذه المغارة؟" فأجاب: "انها المخطوبة لى." وقالت: "أليست زوجتك؟" فقال يوسف: "انها ليست زوجتى، بل هى مريم التى ربيت في هيكل الربّ وحبلت من الروح القدس." وقالت له القابلة: "أهذا ممكن؟" فقال: "تعالى انظرى ذلك." ومضت القابلة معه. وتوقفت حين اصبحت أمام المغارة. وإذا بسحابة مضيئة تغطى تلك المغارة. وقالت القابلة: "ان نفسى تجمَّدت اليوم، لأن عينَىَّ رأتا معجزات." وفجأة امتلأت المغارة ضياءاً حاداً بحيث ان العين لم تكن تستطيع تأمُّله، وحين تبدَّد ذلك النور قليلاً، رُؤى الطفل. وكانت أمه مريم تُرضعه. فصاحت القابلة: "هذا يوم عظيم بالنسبة إلىَّ، لأننى رأيت منظراً بهياً." وخرجت من المغارة، وكانت صالومة قبالتها. فقالت القابلة لصالومة: "لدَّى معجزات عظمى أرويها لك: "ان عذراء ولدت ولا تزال عذراء." وقالت صالومة: "ليحىَ الربّ، إلهى؛ إذا لم أتاكد بنفسى، فلن أُصدَّقك."
20- سالومة تحمل الطفل:
وقالت القابلة لمريم، وقد دخلت المغارة: "نامى، لأن صراعاً عظيماً ينتظرك." وإذ لمستها صالومة، خرجت وهى تقول: "الويل لى، أنا الخائنة والكافرة، لأننى جرَّبت الله الحى. وان يدى التى تحرقها نار آكلة تسقط وتنفصل عن ذراعى." وسجدت أمام الله، وقالت: "يا إله آبائنا، تذكَّرنى، لأننى من نسل إبراهيم، وإسحق، ويعقوب، ولا تَخزنى أمام ابناء إسرائيل، بل أعدْنى إلى أهلى. انت تعلم، يا ربّ، اننى باسمك كنت أُنجز معالجاتى وشفاءاتى كلها، غير طامحة إلى مكافأة إلا منك." فظهر لها ملاك الربّ وقال لها: "يا صالومة، يا صالومة، ان الربّ سمعك؛ مدَّى يدك إلى الطفل، واحمليه؛ فسيكون لك الخلاص والفرح." ودنت صالومة من الطفل وحملته في ذراعيها، وهى تقول: "سوف أسجد لكَ، لأن ملكاً عظيماً وُلد في إسرائيل." وشفيت على الفور، وخرجت من المغارة مُبَرَّأة. وسُمع صوت قربها وقال لها: "لا تُعلنى المعجزات التى رأيتها، إلى ان يكون الطفل قد دخل أُورشليم."
21- وصول المجوس:
وإذا بيوسف يستعدّ للذهاب إلى اليهودية. وعلا صَخَبً عظيم في بيت لحم، لأن المجوس كانوا قد وصلوا، قائلين: " اين هو الذى وُلد ملكا"ً لليهود؟ لقد رأينا نجمه في الشرق، وجئنا لنعبده." فاضطرب هيرودس، وقد سمع ذلك، وبعث برُسل إلى المجوس.واستدعى أُمراء الكهنة، واستجوبهم، قائلاً: "ماذا ترون مكتوباً عن المسيح؟ أين يجب ان يولد؟" فقالوا: "في بيت لحم اليهودية، فهذا ما هو مكتوب." فصرفهم هيرودس، واستجوب المجوس قائلاً: "أعملوني أين رأيتم العلامة التى تشير إلى الملك الوليد؟" فقال المجوس: "لقد ارتفع نجمه ساطعاً، وفاق بضيائه نجوم السماء الأخرى إلى حد اننا ما عدنا رأيناها. وعرفنا هكذا ان ملكاً عظيماً وُلد في إسرائيل وجئنا نسجد له." فقال لهم هيرودس: "هيّا، واستعلموا عنه، وإذا وجدتموه، تعالوا أعملونى بذلك لأذهب وأسجد له." ومضى المجوس، وإذا بالنجم الذي رأَوه في الشرق يرشدهم إلى ان بلغوا المغارة، وتوقَّف فوق مدخل المغارة. ورأى المجوس طفلاً مع مريم أُمه، فسجدوا له. وإذ اخرجوا تقدمات من خزائنهم، أهدَوه ذهباً، وبخوراً ومرّاً. وإذ اعلمهم الملاك بأن عليهم ألا يعودوا إلى هيرودس، سلكوا درباً أخرى للعودة إلى بلادهم
22 - الخوف من هيرودس:
واستولى الحنق على هيرودس، وقد رأى ان المجوس خدعوه، فأرسل أتباعاً ليقتلوا كلّ الأطفال الذين كانوا في بيت لحم، من عمر سنتين وأدنى. وامتلات مريم خشيةً، وقد عملت انهم يقتلون الأطفال؛ فأخذت الطفل، وإذ لفَّته بأقمطة، اضجعته في مذود الثيران. وهربت أَليصابات إلى الجبال، وقد أُعلمت بانهم يبحثون عن يوحنا، وكانت تنظر حولها لترى اين يمكنها إخفاؤه ولم تكن تجد أي موضع مناسب. فقالت بصوت عال وهى تنوح: "يا جبل الله، تقبَّل الأُم مع ابنها. وانفرج على الفور الجبل الذي لم تكن تسطيع تسلُّقه وتقبَّلها. وكان يضيئهما نور عجائبي، وملاك الربّ معهما ويحرسهما.
23 - مقتل زكريا:
خلال ذلك الوقت، كان هيردوس يبحث عن يوحنا، وأرسل بعض ضباطه إلى أبيه زكريا، قائلين: "أين خبَّأت ابنك؟" فأجاب: "أنا الكاهن العامل في خدمة الله، وأقف اهتماماتي على هيكل الربّ؛ لا أعلم أين ابنى." وخرج المبعوثون ونقلوا ذلك إلى هيرودس. فقال بغضب: "انه ابنه مَنْ سيملك على بنى إسرائيل." وأرسلهم مجدداً إلى زكريا قائلين: "تكلَّم بصدق، اين ابنك؟ ألا تعلم ان دمك في متناول يدي؟" وعندما نقل الرسل إلى زكريا كلام الملك، قال: "اننى أُشهَّد الله على انني أجهل أين هو ابنى. أهرقْ دمي. إذا شئت؛ إن الله يتقبَّل روحي، لأنك تكون قد أرقت دم الدم البرئ."وقُتل زكريا في رواق هيكل الربّ، قرب حاجز المذبح.
24 - الأسباط تبكى زكريا:
ومضى الكهنة إلى الهيكل في موعد السلام. ولم يكن زكريا في استقبالهم لنحهم البركة، وفقاً للعادة. وإذ لم يظهر لهم، لم يجرأوا على الدخول. وولج أحدهم الهيكل، وكان أكثر إقداماً من الآخرين، وعاد يُنبئ الكهنة بأن زكريا قُتل. ودخلوا إذاك، ورأوا ما صنُع؛ وكانت كسوات الهيكل تُطلق عويلاً، وكانت مشقوقة من أعلى إلى أسفل. إنما لم يُعثَر على جسده، لكن دمه كان يُشكَّل، في رواق الهيكل، كتلةً شبيهةً بصخر. وخرجوا مذعورين، وأعلنوا للشعب ان زكريا قُتل. وبكته أسباط الشعب ثلاثة أيام وثلاث ليال. وبعد تلك الأيام الثلاثة، اجتمع الكهنة لينتخبوا واحداً مكانه. وحلَّت القرعة على سمعان. وأُنبئ بواسطة الروح القدس بأنه لم يموت قبل أن يعاين المسيح.
25 - يعقوب يلجأ إلى الصحراء :
أنا، يعقوب، الذى كتب هذه القصة، لجأت إلى الصحراء، إبان تمرُّد أثاره في أُرشليم المدعو هيرودس، ولم أعُدْ إلا بعدما هدأت البلبة. اننى أحمد الله الذى منحنى مهمة كتابة هذه القصة. لتكن النعمة مع الذين يخشَون سيَّدنا يسوع المسيح، الذي له المجد والقوة مع الآب الأبدى والروح القدس المحيي، الآن، ودائماً، وإلى أبد الآبدين. آمين.

تحياتي

الراعي / عمانوئيل


09-13-2005, 07:13 PM
زيارة موقع العضو عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
الأناجيل الأبوكريفية ؛ ما هي مصادرها ؟ ومن هم كتابها ؟ ولماذا رفضتها الكنيسة ? - بواسطة الراعي - 09-13-2005, 07:13 PM

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  البابا شنودة اخر بطريرك عالارض .. وهيسلم الكنيسة للمسيح على نور الله 17 4,787 11-02-2011, 12:00 PM
آخر رد: عبدالله بن محمد بن ابراهيم
  الكنيسة الكاثوليكية تطرد أم و أطباء طفلة مغتصبة تم اجهاض حملها Logikal 14 3,276 06-10-2011, 03:49 PM
آخر رد: observer
  الخلل في حرمان رجال الكنيسة من متع الدنيا.. خبر وتعليق فارس آخر العصور 81 22,003 12-14-2010, 05:55 PM
آخر رد: ABDELMESSIH67
  متى ؟ ولماذا ؟ وكيف ؟ IMMORTAL 9 2,586 12-09-2010, 03:46 PM
آخر رد: أحب-البشرية
  من الأناجيل: يسوع لم يكن يهوديا ..بل كان سامريا مستر كامل 27 5,639 11-05-2010, 03:47 PM
آخر رد: الفكر الحر

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS